فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأشياءٌ أُخر ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 03:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-07-2018, 11:00 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأشياءٌ أُخر ..

    10:00 AM March, 07 2018

    سودانيز اون لاين
    الطاهر الطاهر-متنقل بين (السعودية- السودان-مصر-المغرب-السويد)
    مكتبتى
    رابط مختصر

    فوضى حروف

    فوضى صنعناها بأيدينا فتشكلت كما تشاء هي .
    ليس نحن ..
    في نبضات قلب الحروف ..
    بين طيات الذاكرة ..
    تشتد الصلوات ..
    والكل في تناغم تام ..على إيقاعات عديدة .
    حتى تشكلت فوضى ..
    سُميت بعد ذلك .. فوضى حروف .




















                  

03-07-2018, 11:03 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)

    ( 1 )
    * اوليڨا .. شجرة الزيتون *
    كانت " تريزا " تتقلب في سريرها ، كان النوم يهرب منها في كل ليلة منذ أن عرفت أن ابنها "وليم " قد تزوج من تلك الفتاة الاسترالية البيضاء ذات الشعر الأشقر ..
    كانت تصدر تنهيدات محملة باليأس .. مرارات الوحدة قد أنهكت جسدها الأسمر الهزيل ..
    خلال النهار كانت تقسو على ذلك الجسد بكثرة الأعمال المنزلية ، وكأنها تعاقبه لإنجابه ذلك الولد المتمرد العاق .. !
    برغم قضائها الساعات الطوال أثناء النهار في الأعمال المنزلية الشاقة ، إلا أن ساعات الليل لم تعد سكناً وراحةً لتلك الروح وذلك الجسد المنهك .. ثمة حمل غريب كان يخدِر جسدها .. ،
    وليم تزوج بيضاء ..! ..
    كان الحدث هائلاً ، لم يتوقعه سلطان القبيلة ومن قبله المشعوذين وسحرتها الذين استشارتهم في تصرف ابنها هذا ..
    "وليم " أصبح حديث أهل القرية ..،
    لم تعد تكف عن التعجب والنحيب كما أن يداها النحيلتان لم تعد تقويان على تقليب عجينة " البفرة " في القدر .. لقد عرقل "وليم " مسيرة حياة هذه الأسرة المستقبلية ..
    مجتمع أهل القرية كغيره من المجتمعات .. فيه تحكى الشرور للأصدقاء ، ويسهل فيه البوح بالآلام ..،!
    كانت "تريزا " تقلب أمواج أفكارها بين مدٍ وجزرٍ وهي تعلم تماماً أنها ستصبح مضغاً لكل الألسنة المتمرسة بالنميمة من جراء ما فعله ابنها وليم ..
    كانت تعلم تماما أن صديقاتها وجاراتها سيأتين إليها ليأخذن نصيبهن من رمي السهام وبث الآلام بعد أن يتأكدن من "صحة الشيء " ..!
    منذ أن شاع خبر زواج ابنها "وليم" من تلك الفتاه البيضاء وجسدها الهزيل ما افتك يذوب يوماً بعد يوم ..كيف لها أن لا تنحل وقد مزقت لحمها آلاف الرماح الخفية . كما أن حنجرتها المسدودة ترفض الطعام ، فهي لم تتناول شيئاً منذ بضعة أيام سوى بعض الحليب والحساء .لقد شعرت بذلك النحول حينما أصبحت تربط أطراف تنورتها بسهولة ..
    "نِروِشْ " أخت " تريزا " هي الوحيدة التي كانت تخفف من آلامها ، كانت عند زيارتها لها تتعمد أن تعدد المصائر المأساوية لكل عائلة من عوائل أهل القرية كي تقنعها أن الحزن لابد أن يضع بصمته في كل عائلة ، بل أن ما فعله "وليم " لا يعد شيئا مقارنة بعائله "سانتينو " ، "وبيتر" وغيرهم من العوائل ..!
    "بيتر" احد أقران "وليم" ورفيق صباه وهو الابن الأصغر "لسانتينو" معلم القرية لم ينجح في المدرسة الإنجيلية وانتهى به الحال عاملا لدى تاجر من يوغندا يمتلك متجرا للأقمشة ..
    توماس أخ وليم بالطهور يتسكع بكسله المخجل في الشوارع في اغلب الأحيان سكران يترنح يخيط شوارع القرية وعندما يكون واعيا مدركا يستعمل أصابعه المرنة في النشل في سوق القرية وعند محطة البصَات السفرية ..
    حتى ذلك الولد ابن الزوجين اللذين يسكنان البيت المقابل ،ياله من ولد غريب مراهق في مقتبل عمره يرفض بعناد أن يرافق أو يلعب مع صبية من جيله ويفضل رفقة الفتيات الصغيرات
    غريب هذا المراهق الذي يقلد سلوك البنات وكلامهن المائع ومشيتهن الم تري كيف كان والده يجن من الغضب ويحمل السوط عندما يفاجئه وهو يرتدي ذلك البنطال الضيق وهو يجالس البنات التي تهوى النميمة .. ولكن غضب والده لم يجد نفعا .
    الم تري كيف كانت والدته تتعمد حلاقة شعره الكثيف في كل مرة لتجعله اكثر قبحا ولكن بلا جدوى
    كان يبدو مثل الفتيات اللواتي يعاشرهن ، يماوج عينية حين يتكلم ، ويمايل فخذيه بدناءة ..، ويدفع ردفية إلى الوراء حين يمشي .. وحينما يبتعد عن أمه كان يرتدي تنوره ويمشي متمايلا ..!
    كانت تريزا تنصت إلى أحاديث شقيقتها نِروِشْ مشفقة على حال أُُسر هؤلاء ولكن سرعان ما تدرك أن فاجعتها في وليم اشد وأقوى فتعود إلى ما كانت عليه من هم وغم ..
    وكذلك تعود نِروِشْ تسرد ، وتسرد ، .. بِلا كلل ولا ملل ..
    حتى "هارون " القذر في حي العرب ..!
    انه ولد قذر كان صديق وليام بعثوا به الى عمه في دولة غانا كي يتعلم مهنة ما فعاد من تلك البلاد بهيئة يصعب من خلالها التعرف عليه ..، ضاع عقله بين الكحول ، والمخدرات ،..
    هارون ولد قذر لايفتح عينيه إلا كي يزعج الآخرين ..!
    الجنون وحده يبرر سلوك "هارون" .. حتى عندما كان عاملا يحمل حقائب المسافرين ، كان يمزق الحقائب ويستولى على محتوياتها ثم يبيعها بسعر زهيد كي يروي عطشه الذي يزداد يوما بعد يوم ..
    من لا يتحدث عن سلوك هارون في هذه القرية ..؟
    هدأت تريزا وقالت بصوت مسموع ادخل السرور والغبطة في نفس نروش ..
    (( لا يمكن المقارنة بين هارون ووليم .. الحمد لله ..))
    شعرت نروش بشئ من الراحة وشعور بالانتصار المؤقت على أحزان شقيقتها الهزيلة ..
    في بريزبان في ولاية كوينزلاند باستراليا وفي احدى الشقق الواقعة في شارع جيورج قبالة مكاتب الولاية ، كان وليام قد فرغ لتوه من حزم حقائبه بمساعدة زوجته الاسترالية " اوليڨا " .. استعدادا للسفر لموطنه برفقة زوجته في إجازة قصيرة بعد مضي ثمانية أعوام قضاها في دراسة الطب
    تعرف وليام على "شجرة الزيتون" خلال دراسته في الجامعة فقد كانت تدرس في نفس الكلية التي كان يرتادها ..كان وليم شغوف بدراسة طب المناطق الحارة منذ التحاقه بالجامعة وحتى تخرجه منها .. وكذلك ، اوليڨا .. " شجرة الزيتون " .
    ثلاث حقائب كبيرة وحقيبتان صغيرتان هي محصلة ثماني سنوات متواصلة من الغربة بعيدا عن ارض الوطن . بالإضافة إلى حقيبة من نوع "سامسونايت" تحوي أهم حصاد غربته .. شهادة تخرجه من كبرى جامعات استراليا ، و صك زواجه من شجرة الزيتون وبضع أوراق نسجت بها حروف لذكريات أهل قريته حين وداعه قبل ثماني أعوام ...

    " فوضى حُروف "

    (عدل بواسطة الطاهر الطاهر on 03-07-2018, 11:53 AM)

                  

03-07-2018, 11:15 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)

    ( 2 )

    * ترانيم المعبد *

    اخرج " ستيفاني " ما تبقى من حقائب عائلة " آل بوربون " ثم قام بوضعها داخل عربة السيد " جان دي لافالي" التي كانت تقف أمام البوابة في باحة المنزل الخارجية .
    في غرفة في الطابق العلوي انشغلت السيدة " فيونيكا " بترتيب حقيبتها الصغيرة بمساعدة ابنتها " ميلاندا " .
    في هذه الأثناء كان السيد "جان دي لافالي" منهمكا في إعادة ترتيب أوراق داخل ظرف يبدو انه يحوي الأوراق الخاصة بانتدابه إلى إحدى الدول الإفريقية .
    ولما كان السيد "جان دي لافالي " من القلائل الذين تمتعوا بخبرة واسعة في مجال عمله كان لابد للشركة التي يعمل بها من أن تقوم بانتدابه مرارا ٌوتكراراٌ .
    غير أن وجهته هذه المرة ستكون إلى عالم أفريقيا المجهول ..!
    لم يسبق للسيد "جان " من قبل أن زار هذه القارة السمراء . ولكن بعض الكتب التي قرأها كانت كافية لترسم في مخيلته صورة لا بأس بها عن واقع تلك الدولة التي ينوي المكوث بها برفقة أسرته المكونة من زوجته " فيونكا " وابنته ذات الستة عشر عاما " ميلاندا " .
    سبعة أشهر هي فترة انتدابه ..! أو هكذا ما اخبروه في مقر عمله ..!
    في الطابق السفلي كان السائق " ستيفاني " يقف بانتظارهم بعد أن أنهى وضع الحقائب داخل العربة .
    مرت بضع دقائق حتى سمع صوت خطوات السيد "جان دي لافالي" بصحبة زوجته وهم ينزلون من الطابق العلوي عبر الدرج ، ثم تلتهم "ميلاندا " وقد اعتادت أن تنزل الأدراج بسرعة ، كانت نضرة ومعطرة مفعمة حيوية ونشاط , أشواقها تسابق خطواتها ، حيث أنها المرة الأولى التي تسافر فيها بصحبة والديها .
    يبدوا أن ساعة المغادرة إلى المطار قد آنت .!
    أسرع " ستيفاني" في التوجه نحو ألسيده " فيونكا" ثم قام بتناول حقيبتها وبينما كان يهم بالتقاط حقيبة السيد "جان دي "
    جاءه أمر منه بان لا داعي ..!
    فقد اعتاد السيد "جان " بان يحمل حقيبته الشخصية بنفسه في جميع رحلاته وخلال أوقات عمله وإثناء اجتماعاته .!
    أسرع السائق بوضع حقيبة السيدة "فيونكا " بجانب الحقائب داخل ألعربه . وقفت السيدة "فيونيكا" برهة من الوقت ترمق المنزل وتتفحصه بنظرات أخيرة قبل مغادرته .
    أدار "ستيفاني" محرك العربه ثم انطلق متوجها بهم ناحية شارع " افينو فوتش " .
    كان الوقت مبكرا جدا حيث لم تكن قد آنت ساعة الذروة وازدحام العربات ، مما أعطى "ستيفاني" مزيداُ من الحرية في أن يزيد من سرعة محرك العربة وما هي إلا بضع دقائق حتى أوصلهم إلى مطار "شارل ديغول " .
    في صالة القدوم بمطار " ليوبولد سيدار سنغور" وقف "ساديوماني" وقد اتخذ موقعا مناسبا يمكنه من رؤية الركاب القادمون عن كثب حاملاُ ورقة كتب عليها بخط اليد اسم " جان دي لافالي "
    كان هذا الشهر الثاني منذ أن باشر "ساديو ماني" وظيفته كسائق في هذه الشركة الفرنسية .
    يبدو أن إجادته للفرنسية بطلاقة هو السبب الرئيسي لمستر "براون " مدير الشركة بان يوكل إليه مهمة استقبال السيد جان وعائلته من المطار وأخذهم إلى مقر إقامتهم في تلك المدينة .
    نظر" ساديو" إلى ساعته وقد أشارت عقاربها إلى تمام الرابعة عصراً، انه وقت وصول طائرة السيد جان
    كان يعلم أن ستة ساعات تقريباً هو الوقت الذي تأخذه الرحلة من فرنسا إلى موطنه السنغال ، كان "ساديو " شاباً شغوفاً مولعاً بالقراءة والموسيقى ، فمنذ أن تخرج من الجامعة أصبح حلم السفر إلى أوروبا هاجساً يؤرق منامه غير أن ظروفه المادية والفقر المدقع الذي تعيشه عائلته ما اجبره للالتحاق بالعمل في هذه الشركة بوظيفة سائق .!
    ازدحمت صالة القدوم في هذه اللحظات ، وبدأ بعض الركاب يخرجون من باب الصالة ، يبدو أنها الطائرة القادمة من باريس ، معظم الركاب من ذوي البشرة البيضاء طويلي القامة .! نعم هم الفرنسيون بلا شك ..!
    بدأت الصالة ترتجف من تأثر الركاب القادمين ، وكانت مجادلات البعض منهم مع موظفي خدمات تسجيل الحقائب والتدقيق الجمركي والمفاوضات مع الحمالين تزيد الجو صخبا .
    بدا "ساديو" بالتلويح بتلك الورقة التي يحملها ، تارة يرفعها عاليا وتارة يضعها بشكل مقلوب وسرعان ما يدرك ذلك فيعيدها لوضعها الصحيح .
    مرَت نصف ساعة وبضع دقائق على هذه الحالة حتى بدأ الملل والقلق يسيطران عليه . غير أن الأجواء المحيطة به من مناظر قدوم المسافرين وهم يحملون حقائبهم ، وأصوات أزيز الطائرات جعله يسرح بخياله ..!
    تذكر "ساديو " عندما كان طفلا صغيرا يلعب في حيه الشعبي ، كانت أمه تأدبه كثيرا ليبتعد من النفايات حيث كان ينقَب عن أغراض سخيفة : معلبات ، خيوط ، قطع بلاستيكيه ، يحولها خيال الطفل إلى العاب فريدة من نوعها ..
    تذكر يوم أن مرض بالملاريا وكيف تحلقن حوله جاراته في الحي ، البعض منهن أتين بالطلاسم والأسفار كي تخلصه من أياد ساحرة خفيه .
    تذكر حينها كيف كان يشعر بضربات في صدغه وبرجفة وهلوسة الحمى ، حينها كان يستمع بقلق إلى لائحة الوصفات وطرق استعمال الوصفات العلاجية المكونة من الأعشاب البرية . لم ينسى ابدآ كلمات خالته وهي تطمْن أمه :
    " هذا الولد الشقي سيتعافى ، ويكبر، ويسافر بعيدا ،ويتزوج ، وينجب أطفال أشقياء مثله " .
    وبينما كان "ساديو" مجتهدا في تبديد ذكريات الطفولة لم يشعر باقتراب السيد "جان ديلافالي" وأسرته حتى وضع يده في كتفه وخاطبة باللغة الانجليزية قائلا :
    أنا السيد "جان ديلافالي " .!
    ارتبك "ساديو" قليلا ولكن سرعان ما استدرك الموقف فرد عليه بلغة فرنسية واضحة :
    " مرحبا بكم سيد جان وأهلاَ بك أنت وأسرتك الكريمة في بلدكم الثاني ".
    شعر" جان " بارتياح كبير لسماعه هذه الكلمات باللغة الفرنسية وادر ك أن سائقهم الجديد يجيد لغتهم .!
    " هذا جيد .. انك تتحدث الفرنسية .! " قال جان متحدثا بالفرنسية .
    هز "ساديو" رأسه بشيْ من الحياء وأجابه قائلا :
    " نعم سيدي .. لا تنسى أن " السنغال " كانت مستعمرة من مستعمراتكم .! "
    قال كلماته هذه وهو يهم بتناول العربة المحملة بالحقائب من يدي السيد "جان دي" ولم ينسى أن يلقي التحية على السيدة " " فيونيكا "..
    كانت "ميلاندا " كعادتها متباطئة في مشيتها تشع بهجة ً بثوبها الأزرق الذي يغطي بشرتها اللبنية اللون ، وشعرها الأشقر خلف قبعتها المقَوًرة ، وشفتيها المحمرتين ، وفي عينيها قطرة بحر البؤبؤ .!
    كانت تجول بنظراتها صالة المطار والأجواء المحيطة بها ، وتتفحص جموع المسافرين وقد اكتست السمرة اغلب ملامحهم .
    توجه الجميع نحو مخرج الصالة باتجاه المواقف حيث كان "ساديو " يركن سيارة من نوع "لاندرو فر" صممت للتعايش مع الطرق الوعرة ذات الطبيعة المطرية وكأن إطاراتها العريضة خصصت لخوض محيط من الأراضي الطينية الموحلة ..!
    أدار " ساديو " محرك العربة بعد أن ركب الجميع بداخلها متوجها بهم في طريق يمتد دون اكتراث بالمسافرين كشريطين ضيقين على الجهتين ، الأراضي العارية تحدها في بعض الأمكنة أسيجة نحيلة وبضع قرى الضواحي وبعض من الأحياء السكنية .
    كانت السيارة تهتز على الاسفلت المحدودب ، وتقفز بهم في بعض الأحيان اثر سوء الطريق وكان يبدو واضحاً أن الطريق المؤدي إلى المطار لم تتم صيانته منذ أمد بعيد .!
    في طريقه ساديو كان يتحاشا ان يمر بالاحياء الفقيرة ذات البيوت المصنوعة من القش والصفائح ، حتى يعطي انطباعا جيدا ويعكس صورة جميلة لضيوفه ، ولكن حي " كولوباني " العريق يأبى الا ان يقف في طريقه سداً منيعاً يتحدى كل عوامل العولمة ،
    حيث ان الطريق المؤدي الى منزل ضيافة عائلة السيد جان لابد ان يمر به ، ولما كانت العربة تشق طريقها وسط ذلك الحي الذي كانت تفوح منه روائح السمك المجفف ومناظر الباعة المتجولون يجوبون ازقته الضيقه ، توقف ساديو اثر اشارة من رجل شرطة كان يقف بجانب الطريق...

    " فوضى حروف "


                  

03-07-2018, 12:08 PM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)

    ( 3 )

    * ملف سِرِي بإسم الزير *

    داخل مباني مقر جهاز الامن وخلف جدران تلك الغرفة المحكمة الاقفال وبين ادراجها يقبع ملف خُتم عليه عبارة " سري جداً " تليه عبارة " الزير "
    ملف ضخم تحتوي صفحاته العديد من الصور وبعض من رؤس خيوط ظنها افراد الجهاز انها ستقودهم للغوص لفك طلاسم اسرار شخصية غامضة اقلقت منامهم لسنين عددا يعتقد انها تتبع لاحدى اجهزة المخابرات لاحدى الدول المجاورة وتعمل في التجسس لصالح تلك الدولة ..!
    كل المعلومات التي كانت تأتيهم انه شبح متخفي في هيئة رجل يحب النساء ..!
    حب الشهوات من النساء في عُرف " صاحبنا الزير " امر مباح وانهن لم يخلقن الا ليحركن في الناس عبادة الحب والجمال والغرائز والشهوات !!
    حينما تشكلت تلك الفرقة بقيادة " الرائد " حسان عبد المجيد لتقتفي اثار صاحبنا الزير وضعوا نصب اعينهم عبارات سعادة الرائد حينما خاطبهم في احد الاجتماعات السرية بان صاحبنا الزير ما هو الا عبد من عبيد الحياة ..!
    وعلل لهم ذلك بقوله بان عبيد الحياة تقودهم الافراح والملذات والاحلام والشهوات الى اشراك ذهبيه لامعه تنصبها لهم الحياة لتقودهم بها عبيدا مسخرين الى غايتها البعيده الغامضه ..!
    تلك الكلمات اربكت البعض في تسمية الملف ..!منهم من اقترح تسميته " عبد الحياة " ..!والبعض الاخر وهم من كانت لهم الغلبة ا سمو الملف ب " الزير " ..!
    عقارب الساعة اشارت للعاشرة مساء ، شوارع المدينة تكاد تكون خاوية تماماً الا من بعض المتسكعين القادمين الى ذلك الملهى الليلي الواقع في الشارع رقم (25) ..!
    لم يحبذ سكان هذه المدينة تسمية شوارعهم بأسماء ، واكتفوا بترقيمها حتى يسهل على الجميع ذكرها سواء كانوا ضيوفا عابرين سائلين او سكانا مقيمين ..!
    على عكس المباني والبيوت والتي كانت تذكر باسماء اصحابها ..!
    في منزل السيد " ختمي " المجاور لمقر مكاتب جهاز الامن وفي طابقه السفلي كان يقطن مستأجر ..!شاب في العقد الثالث من عمره ، طويل القامة ، انيق في مظهره تننحدر سلالته من اسرة قبطية كانت تستوطن المدينة في ما مضى ، غير ان الظروف الاقتصادية وتدهور الاحوال المعيشية في هذه المدينة وتدني مستوى الخدمات فيها هو ما جعلهم يهجرونها الى مدينة اخري حفاظاً على مستواهم الطبقي ..!
    في مقر جهاز الامن جلس الرائد حسان خلف مكتبه وطاولته المزدحمة بالاوراق المبعثرة ،
    في هذه اللحظات سمع طرقا خفيفا على باب مكتبه .!صرخ بصوت عالي
    " ادخل " ..!
    انفتح الباب ..دخل عليه الملازم " سامي " وجلس في الكرسي المقابل للرائد بعد ان ادى التحية وبعد ان رد عليه الرائد حسان ودعاه للجلوس قباله ..!
    ابتدر الملازم " سامي " الحديث بالسؤال عن احوال الرائد " حسان " وظلوا يتجاذبون اطراف الحديث لبرهة من الزمن ..حتى جاء الحديث عن " الزير" ..!
    بدأ الملازم " سامي " ينقل للرائد " حسان " امتعاض ومشاعر احباط افراد التيم عن انعدام فرص حل قضية " الزير" وخصوصا ان كل الخيوط التي بحوزتهم لم تدلهم على القاء القبض على ذلك الشبح ..!
    فرك حسان عينيه بيديه واتكا على كرسية الدوار معتدلا في جلسته وقال مخاطباً سعادة الملازم سامي :
    اسمع ياسامي ان اردنا ان نحل هذه القضية لابد ان نركز على اشياء ضرورية واهمها معرفة صفات هذه الشخصية واردف قائلا :كثير منا لا يعرف ما هي صفات زير النساء ..!
    زير النساء هو ذلك الشخص الذي يتقن فنّ إغواء المرأة بامتياز ، هو الذي يشعلها بنظراته, يحرقها بلمساته, يوقظ فيها أنوثتها بقبلاته, يوصلها إلى ذروة الإثارة..!
    وانت تعلم ياسامي ان العديد من النساء في هذه المدينه يشعرن بالوحدة خصوصاً ان معظم رجال هذه المدينة قد ماتوا في تلك الحرب التي اندلعت ابان حكم الرئيس السابق للدولة المجاورة لنا ..!
    والبعض الاخر قد هاجروا طلباً لحياة افضل ..!ليست فقط هذه الصفات التي ذكرتها والتي ايقن تماما انها لن تقودنا للقبض على صاحبنا الزير ..! وانما فات عليكم ان تبحثوا في الجانب الاخر من صفات زير النساء ..!
    وما هي تلك الصفات يا سعادتك ؟
    سامي مقاطعا ً ..
    قد فاتكم ان تبحثوا في اوساط النساء ..!
    سامي : كيف يعني ذلك يا سعادتك ؟
    يرد الرائد حسان قائلا :
    انظر يا سامي ان زير النساء برغم الصفات التي ذكرتها لك سابقاً يمتاز باسائة معاملاتهن ، قد نجده يكذب على المرأه , ويخونها ، ولا يكتفي بواحدة والا لما سمي بزير نساء ..!
    وانت تعرف طبع المرأة ..! كلهن يرفضن الشراكة ..!
    اغلبهن يتصفن بالغيرة ..!
    وقل ما تجد فيهن من تعلم بان عشيقها يذهب لغيرها ، وتظل ساكنه دون ان يكون لها رد فعل واضح ..!ورغم ذلك ترفض الرجل اللطيف, المحترم, الرقيق, وتركض وراء خنّاقها, وكأنّها فراشةً تحوم حول الضوء حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة وتصبح في خبر كان. .!
    وهذا هو المفتاح الذي سيفتح لكم بوابة ستقودكم لصاحبنا ..!
    كثفوا البحث عن نساء احترقن بافعال صاحبنا ..!
    واعلموا تماماً ان ذلك الشبح هو شخصية شريرة تبحث عنه المرأة ممن تشتهيه, قبل ان يبحث هو عنها ..!
    فكلما حامت النساء حول رجل, كلما رغبت به الفتيات الاخريات أكثر, فهن يعتقدن ان امتلاك قلب زير نساء, يظهرهن اكثر جمالاً وذكاءً .!ركزوا بحثكم حول كل شخصية ينجذب لها الجنس الناعم..!ابحثوا عن رجل واثق بنفسه, ذو كاريزما ، يجيد فنّ الكلام, وسلس اللسان..!
    ابحثوا عن من يجيد فن مداعبة المرأة من دون حتى الإقتراب منها.
    واعلموا ان زير النساء اكثر خبرة من الرجل العادي والمخلص. فهو خبير بكل صغيرة وكبيرة, يعرف ما الذي يعجب المراهقة, والناضجة, والعزباء, والمطلّقة, والأرملة..!
    ابتسم الملازم " سامي " ورد قائلا :
    حاضر سعادتك ..
    نهض من كرسيه محيياً مستاذناً ويبدو ان كلمات سعادة الرائد " حسان " قد اشعلته حيوية ونشاط ..!توجه نحو باب المكتب وخرج مسرعاً بعد ان اغلق الباب من خلفه
    أسدل الظلام أستاره ، وبدأت نسمات رياح الشمال الباردة تلطف ذلك المساء في ليلة الأربعاء من شهر شباط ..
    ازدحمت طاولات مرقص " قلنسوة " بالزبائن ، وعم الضجيج جميع أركان الملهى ، سكارى يترنحون بالقرب من الطاولات ، نساء يرتدين التنورات القصيرة يجبن الصالة
    أصوات الموسيقى المنبعثة من مكبرات الصوت تكاد ان تخرق جدران الملهى ..
    أنوار الملهى الحمراء الخافتة تزيد من جرأت بعض الزبائن من الرجال العابثين والفتيات وتعطيهم إحساس بالأمان من النظرات المتطفلة ، فلا تكاد تخلو طاولة من منظر فتاه نصف عارية تجلس على أرجل شاب مخمور اجتمعن حوله بعض الفتيات من بائعات الهوى وجميعهم متحلقين في طاولة قد تزينت بجميع أنواع الشراب ..
    منظر الدخان المنتشر بواسطة عشاق التبغ من المدخنين يجعل الملهى أشبه بقطار حديدي يعمل بالأخشاب صنع إبان الحرب العالمية الأولى .
    هناك وفي ركن من أركان الملهى ، كان يجلس شاب في العقد الثالث من عمره ،يرتدي معطف اسود وقبعة أشبه بقبعات الفرقة الثامنة في الجيش الألماني والتي كانوا يرتدونها أثناء عملية " بارباروسا" ..
    كانت تبدو عليه سمات الهدوء فقد انزوى بنفسه بعيدا عن ضوضاء المكان ، وجعل يغازل بأصابعه سيجار من نوع " كوهيبا إسبلينديدو " ..
    " لورا " وصديقاتها من ساقيات هذا الملهى لطالما نشبت بينهن الخلافات بشأن هذا الزبون المتميز ، فكل واحدة تمني نفسها بخدمته ، خصوصا انه من ذلك النوع من الزبائن النادرين الذين يكرمون النادلين بالباكشيش ..
    خلافهن وشجارهن الدائم دعا صاحب المقهى للتدخل في حسم هذه المشكلة وانتهى الأمر بان تتولى" لورا " خدمة هذا الزبون وذلك بأمر رسمي من صاحب المقهى ..
    وكعادتها " لورا " بدت متغنجة في مشيتها متجهة نحو طاولة ذلك الشاب وقد أبدت جزء كبير من صدرها عاري ، في محاولة أخرى جديدة منها لإغواء زبونها الشخصي ،الذي لطالما تمنت أن تمتلكه ..
    وقفت لورا قبالة الشاب وانحنت نحوه بشكل يمنحه زاوية جيدة للنظر بحيث تبدو جميع أجزاء صدرها بائنة ، وبابتسامتها المعهودة تسال :
    سيدي هل ترغب في شي ..؟
    ينفث الشاب دخان سيجارته ، ويبادلها الابتسامة ويجيبها :
    "لورا " أريدك أن تكفي عن محاولة إغوائي فقد حدثتك من قبل أني لست من عشاق النساء . ولكني لا أنكر انك تملكين صدر مكتنز جميل ، ولو كنت ممن يعشقون النساء لكنت أنتي أول من اهتم بها .
    حسنا سيدي ولكني ودتت أن أقول لك أني بت أخشى أن يصيبك مكروه فأنت تعلم أن ثمن سيجارة من هذا النوع من السيكار الكوبي الذي تدخنه قد تتسبب بمقتلك لا سمح الله ، فالمدينة لم تعد مثل قبل ، فقد كثر اللصوص فيها . ودخلوها الأغراب .
    عفواً لا أقصدك أنت ..
    ضحك الشاب ضحكة خفيفة ثم بدأ ينفض أعقاب التبغ المحترق داخل قنينة الصودا الموضوعة أمامه
    استدارت لورا في مكانها ويبدو أن ثقتها بنفسها وإصرارها ما جعلاها تتعمد في هز إردافها والتفنن في إبراز مؤخرتها كمحاولة أخيرة لها وهي في طريق العودة ناحية الركن الآخر من الملهى ، ولم تنسى أن تلتفت لترمقه بنظرة خاطفة لترى ردت فعل زبونها العنيد .
    لاحظت لورا أن ثمة نمط معين في سلوك هذا الشاب . فكلما أرادت أن تحاوره وتتجاذب أطراف الحديث، كان يتحاشاها فيجول بنظراته متفحصاً وجوه الجموع من مرتادي الملهى غير مكترث لشانها ، وكأنه يبحث عن شخص معين ، وكان هذا التصرف المهين يشعرها بالرغبة في اقتلاع عينيه بأظافرها الطويلة غير أن شيء بداخلها لم يستجيب لتلك الرغبة ،
    طاولة السيد ." حكيم " من أكثر طاولات الملهى التي تعج بالنساء والرجال وأكثرهن ضجيجاً ، حيث انه ضابط متقاعد يبلغ من العمر 72 عاما قضى معظمها متنقلا في وحدات الجيش .
    لم يكن يحب النساء بقدر حبه للشرب ،وسرد قصصه البطولية في المعارك ، مما جعل طاولته تعج بالمتسكعين من قدامى المحاربين والشبان والنساء محبي القصص المثيرة .
    في الجزء الشرقي من الملهى وبالقرب من مدخله اعتادت السيدة " صوفيا " أن تحجز لها ولصديقاتها طاولة بمبلغ زهيد جدا حيث يقومن بتصيد الشبان اليافعين ممن لم يتجاوز أعمارهم بضع وعشرون ، لخبرتها بان هذا النوع من الشبان هم وحدهم القادرون على إطفاء نيران الرغبات الجنسية لدى سيدة أربعينية ممتلئة الجسم ، بعكس بقية مرتادي الحانة من الرجال والتي ضاجعت معظمهم .
    عقارب الساعة دقت في تمام الرابعة صباحا معلنة انقضاء ليلة من ليالي الملهى ومعها أطفأت الأنوار وتوقفت الموسيقى وعم المكان نوع من السكون وبدا من تبقى بمغادرة المكان مترنحين سكارى ، أما عشاق النساء فقد غادروا في الساعات الأولى
    بدأت " لورا " وزميلاتها بتنظيف المكان ، وأثناء تنظيفها لإحدى الطاولات اقترب منها طفل متشرد كان اعتاد أن ينام في نفس الشارع (25) بالقرب من مبنى البلدية .
    اقترب منها ودون أن تشعر قام برمي ورقة صغيرة نحوها وركض مسرعا خارج الملهى ، تناولت " لورا " الورقة وفتحتها فإذا قد كُتب عليها :
    " منزل السيد " ختمي " الشقة الأرضية ..!
    لم تهتم كثيراً بل قامت بتمزيق الورقة ورميها وتابعت عملها وهي تلعن هذا العمل الشاق ..
    بينما كان ضابط مخابرات برتبة رفيعة يجلس وراء مكتبه الفاره ، في مقر مخابرات تلك الدولة، يدخل عليه احد العساكر من شعبة الاتصالات وبعد أن يؤدي التحية العسكرية وقبل أن يبدأ بالحديث يبادره الضابط ملقياً عليه أمرا برفع درجة حرارة التكييف المركزي ..!
    سيدي هناك إشارة متقطعة ، غير واضحة سأعمل على تنقيتها ، يبدو انه عملينا هناك يحاول أن يخبرنا شي ..!
    حاول أن تنقي الاتصال ..
    حاضر سيدي ..
    أخشى أن يكون قد أصابه مكروه .. حاول الانتقال إلى موجة أخرى ..!
    يبدو أن سوء الأحوال الجوية هي وراء تقطع الاتصال ..
    نهض الضابط من مكتبه وأزال الستار المغطي للنافذة بيده ، فإذا بمنظر الشمس قد توارت بعيدًا خلف جبل من السحاب القائم فأضفت علي المكان رهبة من مجهول قادم .
    تنهد الضابط مهمهماً بعبارات استياء ، لم يفهم منها العسكري غير عبارة ..
    " يوم آخر من الأمطار اللعينة .. "
    عاد الضابط إلى كرسيه ، وانشغل بإدارة مفتاح أباجورة فرنسية أنيقة لمع ضوئها في عدستي نظاره طبية كان يرتديها بينما خرج العسكري مسرعاً .
    عم المكتب شيء من الصمت قطعه دوي رعد ، وبدأت بعده الأمطار في الانهمار بغزارة وكان لديها رغبة عارمة في إغراق كل شيء..
    في الوقت نفسه ، كانت " لورا " تتحضر ليوم جديد في ملهى " قلنسوة " ارتدت بنطالاً صنع من قماش " الكتان " وتنوره مزهرةً وضعت عليها قليلا من عطر " الرومبا "
    تناولت علبة المساحيق ، ثم ألقت بها في احد الأدراج والتفتت ناحية المرآة المعلقة في جدار غرفتها ، رمقتها بنظرة سريعة ثم خرجت متجهة نحو الممر المؤدي إلى الشارع بعد أن أوصدت باب غرفتها الصغيرة الواقعة خلف الملهى في شارع (26) واتجهت نحو تقاطع شارع (25) حيث يقع الملهى ..
    في مقر جهاز الأمن جلس الرائد "حسان " في مكتبه وجعل يتفحص صفحات ملف الزير ويقلبها بأصابعه وبينما هو منهمك في القراءة ، يطرق الباب احد أفراد الأمن برتبة عريف كان يلقب ب " بوفولو " ..!
    كان ضخم البنية اسمر اللون لطالما كان مهاباً ومعروفاً بين زملائه بفظاظته وسلوكه الوحشي في تعامله مع المتهمين ومعتادي الإجرام ..!
    ألقى التحية العسكرية بصوته الأجش ، وجلس في الكرسي قبالة سعادة الرائد حسان وبدأ حديثه قائلاً :
    ياسعادتك أصبح الوضع لا يطاق ..!
    وكأننا نبحث عن إبرة في كومة قش ..!
    لم تتوفر لدينا أي معلومات ولا حتى مجرد اسم يدلنا على "الزير" ..
    تعددت اساميه ..!!
    كل المعلومات التي تردنا باسامي مختلفة ، باتت لدينا عدة أسامي لشخص واحد ..!
    وصلت " لورا " مقر عملها كان الوقت مازال باكرا على توافد الزبائن ،اجتمعت بصديقتها " سونيا " داخل الصالة حيث كانت الأخيرة تجلس خلف طاولة بالقرب من المكان المخصصة لبيع المشروبات الروحية ، ألقت عليها التحية وسرعان ما تناولت كأس من الـ " بِرنو " ..! لسبب ما كانت " لورا " تفضل الفودكا الفرنسية " برنو " من بين جميع المشروبات ، والتي كانوا يطلقون عليها أيضا تسمية " باستيس بعد ذلك تحدثتا ما يقرب من نصف الساعة تطرقتا فيها لعدة مواضيع واغلب حديثهن كان حول الموضوعات النسائية العامة وبعض من شؤون زبائن الملهى .
    في منزل السيد " ختمي " الشقة الأرضية كان ذلك الشاب مستلقيا على الفراش في غرفته هادئا مفعماً حيويةً ونشاطاً منهمكاً في قراءة إحدى الروايات حملت اسم "ملف داخل كمبيوتر محمول" للكاتب والروائي السوداني "عبد الحميد البرنس " ، جعل يقلب في صفحاتها ثم توقف و راح يفرك عينيه لأراحتهما من القراءة ..
    وضع الكتاب جانباً ونهض من فراشه ونظر لتك الساعة الحائطية وقد أشارت إلى تمام التاسعة مساء ..
    في هذه الأثناء سمع أصوات خطوات متخذة طريقها عبر السلالم العليا المؤدية إلى الطابق الثاني ..!
    يبدو ان السيد ختمي صاحب المنزل قد عاد لتوه من العمل ..!
    السيد ختمي رجل عجوز يمتلك متجرا للخردوات في وسط المدينة يخرج في الصباح الباكر ويعود منهكا آخر الليل يدخل شقته ولا يخرج منها إلا اليوم الثاني ، توفيت زوجته بالسرطان ، له ثلاثة أبناء أكبرهم توفي في الحرب وهاجر الاثنان الآخران إلى دول أوروبية .!
    اكتظ ملهى "قلنسوة " بالزبائن وامتلأت طاولاته كالعادة ،..
    في الخارج كان الجو معتدلا بعكس ليلة الأمس حيث انخفضت درجة الحرارة لتسجل أدنى مستوى لها منذ دخول شهر شباط لهذا العام ..
    وفي ركن الملهى وكعادته جلس الشاب في طاولته يحتسي كأسا من الويسكي ، وبينما هو جالس إذ برجل كان يجلس في طاولة السيد " حكيم " ينهض من كرسيه ويسير في اتجاهه بخطوات مترنحة ويبدو أن آثار الكحول قد أفقدته توازنه ..!
    يقف الرجل قبالة الشاب ثم ينحني وينظر فيه ملياً ثم يخاطبه قائلاً :
    هل أنت من سكان هذه المدينة ..؟
    أظن أني رأيتك من قبل .. هل كنت تخدم في الجيش " الأحمر " ..!!! ؟
    ماهذا ..؟ " كوهيبا اسبلينديدو " .؟
    هذا سكار كوبي لا يوجد في هذه المدينة .. من أي أتيت به ..؟
    عفواً سيدي لم أعرفك بنفسي يبدو أني قد سكرت ..!
    اسمي " نواز " مقدم متقاعد في سلاح الجو .. أنا امهر طيار عرفته البلاد ..!
    احمل عدة نياشين ..! قمت بإسقاط 70 طائرة حربية ..!
    يدق الشاب رماد سيجارته في منفضة وضعت أمامه على الطاولة ، ويبادر بمصافحة الرجل ، ثم يدعوه للجلوس في الكرسي المقابل له .
    أولاً : تشرفت بمعرفتك سيدي ..
    اسمي " شريف " أنا لست من سكان هذه المدينة ..
    أنا لم اخدم في أي جيش لأي دولة ..! أنا تاجر أقمشة ..! ا
    أنت تعرف سيدي أن التجار يجوبون البلدان ، لقد اشتريت هذا السيجار إبان سفري إلى كوبا بغرض التجارة ..!
    لقد أقمت ثلاثة أيام في مدينة " هافانا " في كوبا ,,!
    الكوبين شعب عظيم .. وكذلك هم خبيرون في صناعة أجود أنواع التبغ ..
    تفضل ..
    يخرج الشاب علبة التبغ الفاخر من جيب معطفه ويمدها نحو " نواز " ..
    وبينما يهم "نواز "في التقاط سيجارة من العلبه .. تأتي " لورا " وقد اكتسى وجهها بالدهشة ..!
    أنها أول مرة ترى زبونها الشاب برفقته شخص في الطاولة .. !
    سيدي هل احضر لك شيْ ؟
    يلتفت نواز تجاه " لورا " وقد أشعل السيجار ..
    أوه .. " لورا " انه السيد شريف تاجر أقمشة ..!
    وهنا تزداد دهشة لورا فقد اعتادت أن تناديه من قبل باسم آخر .. ! إضافة إلى انه كان قد اخبرها من قبل انه يعمل في مطبعة ..!!
    ولكن سرعان ما جاءها صوت الشاب سائلاً "نواز " ماذا تشرب ..؟
    لا سيدي لا .. أشكرك .. فقد شربت مافيه الكفاية لهذا اليوم سأكتفي بهذه السيجارة ..
    آمل أن لا أكون قد أزعجتك ..
    لما لا تنضم إلينا في طاولة السيد "حكيم " ..؟ سأعرفك علية انه أعظم قائد عسكري عرفته بلادنا ..
    سيمتعك بقصصه البطولية انه كنز من كنوز هذه الدولة كان يجب على الحكومة ان تكرمه ..!
    وانا أيضاً ..!! كان يجب ان تكرمنا الدولة ..
    نحن خدمنا وطننا .. وماذا في الآخر .. ؟ هل يفترض أن يكون تسكعنا في مقهى " قلنسوة " مكافأة الدولة لنا ..!
    تباً ..!
    حكومة أدمنت الفشل ..!
    قال " نواز " كلماته هذه بينما يهم في مغادرة طاولة الشاب في خطوات مترنحة متجها ناحية طاولة السيد حكيم المكتظة بالنساء والرجال ..
    في هذه اللحظات يشير الشاب إلى لورا بيده أن تجلس في الكرسي ..!
    اعلم انك مندهشة ..
    واعلم أن اسأله كثيرة تدور برأسك ..!!
    سأخبرك بكل ما تريدين معرفته ولكن ليس الآن ، ولا اعتقد أن هذا المكان مناسب للحديث ..!
    " هل تقبلين دعوتي لك في منزلي للمرة الثانية ؟ "
    اندهشت لورا وقالت :
    " للمرة الثانية ..؟ إذن أنت الذي بعثت بالورقة مع ذلك الطفل المتشرد قبل يومين ؟ "
    ابتسم الشاب وأومأ برأسه :
    " نعم وكنت انتظرك منذ ذلك الوقت " .!
    ضحكت لورا ثم نهضت من كرسيها متوجهة ناحية الجزء الآخر من المقهى وهي تردد :
    " هل نسيت سيدي انك لست من عشاق النساء ؟ "
    في هذه الأثناء كان " نواز" قد التحق مجدداً بطاولة السيد "حكيم " ويبدو أن السيد "حكيم" كان يسرد عليهم إحداث معركة ( قروزفيلد ) وما لبث قليلاً حتى باتت الطاولة تعج وتصخب بالأغاني والأناشيد الحماسية وهم يرددون ويضربون الطاولة بأياديهم :
    في ليلة مولد الذئب
    خرجنا إلى الحياة وعند زئير الأسد
    في الصباح سمّونا بأسمائنا
    وفي أعشاش النسور أرضعتنا أمهاتنا
    ترم ترم ترم ترم ترم ..
    كان جميع من في الطاولة يرددون هذه الاناشيد دون توقف .
    انقضت ليلة أخرى من ليالي مرقص " قلنسوة " مخلفة ورائها أكوام من قناني الصودا والشراب الفارغة وأكوام أخرى من مخلفات العابثين .
    تحسست لورا خطواتها في عتمة الفجر وقبل أن ترسل أشعة الشمس خيوطها وهي تسير في الشارع (25) متوجهة ناحية منزل السيد "ختمي" وقد ارتدت ثوباً احمراً قصير الأكمام .
    في هذه الأثناء كان الشاب متكأً على كرسيه في غرفة نومه في الشقة السفلية في منزل السيد ختمي يحاول جاهدا أن يبدد بعض آثار الكحول التي تناولها ليلة أمس باحتساء كوباً من القهوة الساخنة كان قد أعدها من قبل .
    وبينما هو كذلك يرن جرس الباب ..!
    ينتفض من كرسيه مذعورا ..!!
    من هذا الزائر في مثل هذا الوقت ..؟
    يخرج من غرفته ناحية الصالة الخارجية ثم يقترب شيئا فشيئا ناحية الباب وينظر بالعين السحرية ..
    تنعقد حواجبه دهشة .. !
    يسرع بفتح الباب ..
    " آه .. لورا ..! "
    " ظننتك لن تأتين لزيارتي " ..
    " لماذا لم تخبريني انك آتية " ..
    " تفضلي سأجلب لك كاس من الشراب " ..
    تتقدم " لورا " بخطى ثابتة داخل الشقة وتجول بنظراتها متفحصة المكان .
    " لديك سكن جميل سيدي ..! " لورا ..
    " كفاك مناداتي سيدي ، أرجو أن تناديني باسمي .. أنا اسمي "حنَا " ..!
    " ميلاد سعيد حنَا " ..
    كان لابد ان اخفي هويتي وان لا اذكر اسمي لأي شخص يقابلني فأنت تعرفين أنني غريب في هذه البلدة ، أحيانا بعض المعلومات الصغيرة قد تجلب لنا مشاكل كبيرة ، وانا دائما ما اتحاشى المشاكل لا احب ان اكون مصدر احاديث اهل البلدة ولا انوي البقاء فيها طويلا تعلمين انني تاجر اقمشه اجوب المدن بحثا عن رزقي .
    قال ميلاد كلماته هذه وهو يناول لورا كأساً من الويسكي ..!
    ثم دعاها للتعرف على أجزاء الشقة ..
    " هذا هو المطبخ ..، وهذه صالة للزوار ..، وهذه مكتبة صغيرة بها بعض الروايات .. ، انا اعشق القراءة .. "
    اما ها هنا تكمن مملكتي وسر سعادتي ..!
    ثم اشار بيده ناحية باب غرفة نومه وبحركة سريعه يدير مقبض الباب فيتطل منظر السرير وكانه يدعوهما اليه ..!
    ارتبكت لورا قليلا ثم توقفا امام باب غرفة النوم وما لبثت قليلا حتى شعرت بيده على كتفها وكانه يدفعها داخل الغرفه وسرعان ما استجابت لذلك الدفع المعلن .. شعرت بيداه تحيطان خصرها ..
    انتفضت لورا على إحساس ألهب مشاعرها ، أياديه الناعمة كانت تلامس صدرها المكتنز وتتحسس كل جزء فيه ..
    حاولت التملص والهرب ولكن لا مفر ولا مقر..!
    اختلطت أنفاسه بأنفاسها من عند رأسها وهو يقترب من وجهها ويتحسس خدها وانفها ..
    حاولت أن تفتح عينيها ولكن الشعور بالنشوة واللذة أطبقت على أجفانها ..!
    صرخت بداخلها ولكن صوت صراخها لم يتعدى حدود عقلها وجسدها ..
    كانت تفوح منها رائحة عطر" الرومبا " الذي أشعل مشاعره ..
    في لحظه سالت نفسها :
    هل أهبه جسدي الآن ؟
    وصدع الرفض في رأسها معلنا شيئا من الغنج والتمنع ..
    الاستسلام الكامل يعني الهزيمة ، يعني الملل بعد انتصاره يعني بداية النهاية ..!
    حاولت أن تبعده بيديها ولكن سرعان ما جاءتها ردة فعل عنيفة حين قام بدفعها نحو سريره معلنناً انتصاره وهزيمة الأنوثة تحت وطأة الأحاسيس المبعثرة ..
    عادت لورا لواقعها في استسلام كامل من جديد فشعرت بأياديه تداعب أجزاء من صدرها وتجول عند خصرها وما تلبث قليلا حتى تستقر بين فخذيها .. بدا يقبلها في عنقها وفي خديها ثم بدا ينزع عنها ملابسها قطعة تلو قطه ..
    تنتفض رعشة تخرج من أعماقها ، تليها أنات خفيفة ، كانت تكتم أنفاسها وتغمض عينيها كي تحس بملمس يداه كالقطن الناعم حين تتركها تسترخي بين ساقيها .. كانت يداه ناعمتان كنغمات صوته الساحر وهو يهمس في أذنها .
    وكان هو يمد يده بلطف ثم يغلقها ، يمدها نحو هدف .!
    هدف ناعم الملمس ، فاتح اللون ، ممتلئ الشفرات رفض أن يجتاحه الشعر الملتهب انتصرت أصابعه برفق على تلك البقعة من ذلك الجسد المسجي واتكأت عليها ..
    كان الوقت يمضي سريعا هربا من منجل الشهور ، والشمس بدأت ترسل أولى خيوطها ..
    أشارت عقارب ساعة كلاسيكية كانت موضوعة على إحدى جدران الغرفة إلى تمام العاشرة صباحاً .
    كان رأس "لورا " الأشقر يتحرك بين أحضانه وأمامه ، وكان هو يداعب ذلك الجسد المسجي وبعضا ًمن الخصيلات التي تبعثرت فوقه برِقة تجاوزت الصورة حدود الضباب ..
    كان شعرها الذهبي الشفاف يهتز مع نسيمات الصباح ، ورائحة عطر "الرومبا" طغت على أجواء الغرفة ..
    عاش "ميلاد " هذه اللحظة وكأنها الأزل من شدة رغبته ومن مفاجأة الزيارة .
    نظر ميلاد إلى عيني "لورا" تم قال :
    اسمعي لورا أحياناً أشعر أنه من فرط حبنا للحياة نتركها تنسحب من بين أيدينا كحبيبات الرمل متشعنقين بشغف بين لحظتين محكوم عليهما قسراً بالموت الأكيد، اللحظة الأولى عندما نلتقي ويكون سحر الاكتشاف والإحساس بالديمومة، فيأتي اللقاء حاراً، واللحظة الثانية عندما نهم بالافتراق.
    وقعت هذه الكلمات على مسامع " لورا " وكأنها إعلان نهاية ليلة من الليالي الحمراء التي عاشتها من قبل ، غير إنها لم تكن شبيهة بغيرها ..!
    نهضت لورا بعد أن أزاحت أياديه التي كانت تحتويها من أحضانه وقالت :
    أنا لا افهم ما تقول ولكن ما افهمه انك تجيد التلاعب بمكامن الإثارة لديّ أكثر من أي شاب عرفته ..!
    ثم ضحكت وبدأت في ارتداء ملابسها ، مستأذنة بالخروج .
    تفحصها بنظرة خاطفه وهي تهم بالتقاط ملابسها المبعثر ثم رمق تلك الأرداف رمقه أخيرة و قال :
    مهلاً لورا ..!
    هل تذكرين السيد "نواز " ذلك الضابط المتقاعد الذي رأيتني معه في تلك الليلة ؟
    نعم اذكره .. ماذا به ؟
    فقط أردت أن أسألك أين يسكن ؟
    انه يستأجر منزل السيدة كريمة ، تلك العجوز الشمطاء ، قبالة دار البلدية .. لا ادري كيف استطاع السكن في ذلك المنزل المتهالك كل هذا الوقت ، كل المستأجرين الذين سكنوا هذا المنزل كانوا يشكون من معاملتها الفظَه ، برغم الوضع المذري لهذا المنزل ، إلا هذا السكير استطاع أن يتأقلم معها ..! ولكن لماذا تسال هل دعاك لزيارته في منزله .؟
    نعم لقد طلب مني زيارته في منزله لاحتساء بعض الشراب ..!
    ضحكت " لورا " ضحكة خفيفة وأردفت قائله :
    أنصحك بعدم الذهاب ، فان سلمت من نظرات تلك العجوز وسخريتها ، فلن تسلم من إدمان الشرب مع ذلك السكير ..
    قالت كلماتها هذه وهي تدير مقبض باب الصالة بينما عاد هو للاستلقاء في سريرة بعد أن طبع قبلة سريعة على خدها وهو يودعها عند باب الشقة .
    في تلك الدولة وفي مقر مخابراتها كانت قد تلقت معلومات تفيد بان ضابط متقاعد كان يعمل في سلاح الجو في من الدولة الأخرى سيقوم بمدهم بمعلومات استخباراتية هامة من خلال عميلهم السرِي ، وعلى ضوء هذه الإشارة تشكلت فرقة تضم نخبة من كبار ضباط المخابرات لمتابعة هذا الأمر ...



    " فوضى حروف "
                  

03-07-2018, 12:21 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)



    الطاهر سلام

    مزيدا من الجمال و الالق في هذا المكان المجدب

    شكرا جميلا

    هدية ليك و لزوارك


                  

03-08-2018, 11:20 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: Mustafa Mahmoud)

    عزيزي مصطفى محمود ..
    مرحبا بك فوضوياً في مساحة تعُج بالفوضى ..
                  

03-11-2018, 06:40 PM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)

    ( 4 )

    *قِنْديل الذكريات *

    1 - مدينة الجنينة

    بينما انا جالس وحدي في الغرفة الصامتة في مقر ضيافتي ، استعرض رسوم الحياة الخاليه التي تناثرت من شريط ليالي وايامي ، وذهبت بها صفوف الوجود الى اودية النسيان البعيدة النائية ، ها انا انظر الى غيابات الماضي واحدق بظلمات الابد الغامض
    ، فارى صورا كثيرة تعاقبت على نفسي كغيوم الخريف ، تاره وتحدق فيني تاره ، تتجاوزني الى عوالم اخرى ..
    كأنها تسألني مالذي اتى بك الى هذه الديار البعيده ، وتتركني غير ابهه بجوابي ..!
    كنت متكئا على كرسي بلاستيكي ارهقته سنين الحياة وظهور من جلسوا فيه ، حتى بات شكله باهتا متهالكا ،تناثرت سيوره بغير انتظامها المعهود ..
    كنت جالسا استعرض حوادث هذا اليوم وماقبله ، لعلي اجد فيها ما يستحق الذكر والتعليق ، فلا اجد شيئا يلفت النظر وانما هي حوادث سخيفه ، عاديه لاتقف عندها النفس ولا تثير الوجدان ..!
    وبينما انا على هذا الوضع انتبهت الى الساعة ، اقتربت من العاشره صباحا وقد كنت على اتفاق مع صديق على زيارة جبل السلطان والوقوف على معالم المدينة ..
    ولكن الصديق يبدو انه اخلف وعده ..!
    تركني انتظر حتى انقضى على الاجل المضروب ساعتين ونصف ، وليس يهمني اكان صادقا في عذره عن اخلافه الوعد واخلاله بكرامة الصدق ام كان كاذبا فيما انتحله من عذر ،، فاكتفيت بانه اخلف وكفى ..
    ولما اقتربت الساعة الرابعه بالتدقيق تطلعت من خلال النافذه الى الافق لارى الجو واعرف حال الغيوم واحدد هل هناك مجال للخروج ام ان السماء ستنذر بهطول امطار تجعلني حبيس تلك الغرفة اللعينه كيوم امس ..
    لم اكن خبيرا كاهل تلك الديار بمعرفتهم عن انواع السحب ، فقد اخبروني من قبل انه يوجد العديد من السحب منها المتحرك ، ومنها الساكن من يخبئ بين طياته مياه غزيره ..!
    فاما الاول فلا خوف منه في تلك المنطقه لانه قد اخذ موعدا مسبقا مع منطقة اخري هو في طريقه اليها ، واما الثاني فغالبا لايخلف موعده معهم ..!!
    ولكني تأملت ان لاشئ سيحدث ، وعزمت على الخروج ..
    لن اظل حبيس بعد هذه اللحظه فاني قد مللت ..!
    مللت كل شئ في هذه الغرفه المظلمه اللعينه ، توشحت بمعطفي الازرق ، وحملت في يدي عصاة من الخيزران عسى ان تكون رفيقتي بدل عن صديقي الذي اخلف وعده ..!
    تحركت بخطى ثابته ، شققت طريقي بين الحشائش ونبتت الفول السوداني ،،
    على بعد بضع كيلومترات يوجد جبل السلطان ، احسست بقربه ، احسست بنظراته ترمقني من بعيد .! وكانما يسألني لما التأخير .!؟
    فعادة ما يكون المحطة الاولى لكل من تطأ اقدامه تلك الديار..
    سأقدم له عذري ،، ساقول له صديقي اخلفني وعده ،، سيقبل عذري بلا شك ..
    مررت بالسوق الكبير ، اناس في كل مكان ، الكل اتخذ موضعا له ،، الجميع مشغولون .. لاتفرق بين الشاري والبائع ، فالبائع قبل ان يبيعك يشجيك بعبارات الترحيب ويتفنن في انتقاء كلماته التي تعبر عن كرمه ،وتعطيك الدافع للشراء منه
    ، والشاري ايضا يتفنن بانتقاء كلماته التي تعبر عن رضاه ..
    وكأنما عملتهم التي يتداولنها هي الطيبه ..!
    اصبحت على بعد خطوات من الجبل ، بدأت الحركه تذداد شيئا فشيئا ، هناك جموع متهافته نحو الجبل ،.!
    هل كل هؤلاء ضيوف احلو على تلك الديار ؟
    تسائلت مع نفسي .. ولكني علمت انهم سكان تلك الديار
    فقد الفو زيارة الجبل باستمرار حتى اصبحت عادتهم ، واصبح جزء من حياتهم ..
    اسرعت بخطاي نحوه ، تملكني شئ من الخوف وكثير من الارتباك .!
    ولكن سرعان ما زال كل ذلك عندما تبسم في وجهي وبلهجة ساكني تلك الديار خاطبني قائلا
    جيدا جيت .
                  

03-11-2018, 06:55 PM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)

    ( 5 )

    *قِنْديل الذكريات *

    2- الطريق الى مدينة كلبــــس

    تقلبت في سريري لحظه ثم نهضت ..
    تأملت في ذلك الصباح الصحو ، كان صباحا صحوا جميل كايام الربيع ..
    والشمس مشرقه سافره .. والسماء مجلوه صقيله تغمرها اشعة الشمس ، فتنعش النفس وتستهوي المشاعر ، وفي النفس شوق الى مناظر البريه الساحره التي طال ماحدثوني عنها..!
    تسائلت في نفسي ما الذي يصدني عن الذهاب اليها وانا بها المغرم المفتون ..؟
    هكذا حدثتني النفس والساعة تشير الى الثامنة صباحا
    تركني النقيب خالد بعد ان حثني على النهوض وتجهيز نفسي ، قبيل ساعة الافطار حيث موعد التحرك ..
    مضت قرابة الساعه والنصف اكملت فيها كل تجهيزاتي ..
    ظللت انتظره حتى جاء الاجل الذي ننتظره ، اخذت حقيبتي الصغيره واخذت في يدي عصاتي حبيبتي ..!
    بيميني اوصدت باب غرفتي ، وذهبت اليه في مكتبه كانت عقارب الساعة قد اشارت الى العاشره صباحا ..
    ، في طريقي كانت روائح البصل المحمر تنبعث من بيوت القرية معلنه قرب موعد الافطار ، منيت نفسي بافطار شهي
    وصلت اليه بالفعل وجدته قد جهز كل شي العربه التي ستقلنا ، وجموع العسكر ..، والافطار ..!
    تناولنا الافطار ، وجلست في مكتبه اشاهد العسكر يؤدون تلك الطقوس العسكرية استعدادا للتحرك ..
    وبعدها انطلقنا كانت العربه من الطراز الالماني القديم ، احسب انها مرسيدس " يونومق ..!
    كانت ممتلئه بالعسكر ، بدأت تشق طريقها بين المروج الخضراء والروابي الجميله التي تموج بالعشب الجميل وتعبق بها الرياحين البريه ..!
    ولما اصبحنا بعيدا عن المدينه وعن لاغية السابله وقرقعت العربات ، وذحمة الماره ، تراءت لي البريه الساحره الجميله ..
    والحقول الخضراء الفاتنه ولما اقتربت العربه اكثر فاكثر كانت المروج ساكنه هادئه تحلم باحلام الربيع ..
    وكان الفضاء ساجيا وادعا يشابه بحيرة هادئه تصغي لنجوى النسيم في ليلة مقمره ..!
    وفي وسط ذلك السكون الشامل المحفوف بالاحلام ، تنبعث الى سمعك من حين لاخر انشودة طائر ، او تغريده ترسلها يمامه قابعة وسط الحشائش.!
    كانت ازهار المروج المتناثره في البريه غريره باسمه تشعشعها الشمس وتحركها النسمات..
    وكانت تطرز حواشي الافق المُنير غمامات صغيره متناثره هنا وهناك ..!
    في وسط هذا المنظر الشعري البديع جلست اتوسط العسكر والعربه تسير مسرعة كانها على موعد لن تخلفه كما صديقي الذي اخلف..!!
    ظللت افكر باحلام الحياة واتأمل جمال الوجود وطافت بنفسي ذكريات كثيره متتاليه كاسراب الطيور وغصت في عالم الذكرى البعيد ..
    بدأت السماء تكتسي باللون الاحمر ، حانت ساعت مغيب الشمس ،، سرقنا الوقت ،، لم امل هذه الرحله برغم طول ساعاتها ..
    اسدلت الشمس استارها ، وحان موعد ظهور بطلنا الثاني ..!!
    ليل كما تغنى له الشعراء من قبل ..!
    بهي هادئ جميل اللون ..
    لم يكن حالك الظلام ، زينته نجوم السماء ، اصبح اشبه بلوحه فنيه جميله ..
    توقفت بنا العربه في بلدة هادئه وديعه تدثرت بسكون الليل..
    لا تسمع فيها غير صياح الديوك وبعض نباح كلاب
    اظنها كانت كُــلبس .


    " فوضى حُروفْ "


                  

03-11-2018, 07:01 PM

Dr. Ahmed Amin

تاريخ التسجيل: 02-20-2007
مجموع المشاركات: 7616

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: الطاهر الطاهر)


    تحياتي أستاذ الطاهـــر ...

    ومساؤ الخير عليكـ وعلى فوضى الحــروف ..

    ياخ والله متعة .. أعدت لي ايام حب القراءة والتي تركتها منذ زمن لتشابكات الحياة وفوضى التكنلوجيا..

    فجلست تحت هذه الشجرة الوريفة .. قارئاً ومستمتعاً

    الله يديكـ العافية
                  

03-13-2018, 09:51 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: Dr. Ahmed Amin)

    دكتور احمد امين ..
    تعظيم سلام ومحبة وتقدير مني اليك وانت تستظل تحت شجرة
    تشكلت اوراقها في فوضى ..
                  

03-13-2018, 09:51 AM

الطاهر الطاهر
<aالطاهر الطاهر
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فوضى حُروفْ غير مُكتملة .. شجرة الزيتون وأ� (Re: Dr. Ahmed Amin)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de