نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة الطيب صالح: شهادة للتاريخ وأقوال شاهد اثبات على محنة الوطن

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 02:03 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2018, 06:10 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة الطيب صالح: شهادة للتاريخ وأقوال شاهد اثبات على محنة الوطن

    05:10 AM February, 21 2018

    سودانيز اون لاين
    عمران بابكر بدري-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر

    نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة الطيب صالح: شهادة للتاريخ وأقوال شاهد اثبات على محنة الوطن الجريح في الشمال والجنوب .
    استيلا قايتانو
    ___________
    سلام بقدر ما في هذه البلاد من جمال، ورحمة بقدر ما في هذه البلاد من تعب، وبركات بقدر ما في نفوس الناس من طيبة وسماحة.

    اسمي استيلا قايتانو جنيشس.. اسمى يعني نجمة الصباح قال ابي عندما ولدت في فجر أحد الايام كانت هناك كوكبة تلمع في السماء حينها قال هذه استيلا وهو اسم ايطالي. اما هو ابي قايتانو اعتذر له لان الكثيرين ينطقون اسمه خطأ او حتى يكتب خطأ ولم يسلم حتى كتابي الاول من ذاك الخطأ.. ساعات اتحمس لتصحيحه وساعات اتركه.. على اية حال هو ليس اسمي. اما اسم جدي فهو الخطأ عينه وهو اكبر دليل على ان السودانيين لا يجيدون نطق اسمائهم ولا كتابتها، فجنيشس هذا هو في الاصل جيمس ولان الكتبة الذين يجلسون في بوابات مكاتب الجوازات والهجرة في ذاك الوقت لم يركزوا مع ابي وكتبوا اسمه دون ان يسمعوه جيدا وتحول جيمس الى جنيشس ودمغ هذا الاسم في شهادات ميلادنا وشهاداتنا السودانية والجامعية ليصبح خطأ متعمداً نرتكبه بدقة شديدة لان اي تغيير يعني التشكيك في كل اوراقنا الثبوتية.. حتى عندما عدنا للجنوب حملنا هذا الخطأ معنا كتذكار عصي على المحو من دولة السودان الام.

    الميلاد والنشأة : ولدت ونشأت في الخرطوم بحري المزاد، نشأت وترعرعت في الحاج يوسف بالتحديد الوحدة سوق 6، عوالم الهامش، والحاج يوسف يشبه الكثير من البيئات التي تطوق العاصمة القومية، احياء احتضنت النازحين بسبب الحروب او المتساقطين من ركب المدينة الصاروخي، او لجاذبية المدن وتوفر الخدمات فيها.

    جامعة الخرطوم : اشكر الصدفة التي ساقتني الى هذه الجامعة، هناك درست الصيدلة وقابلت اعز الاصدقاء، اصدقاء كالارض لا يخزلونك ابداً، وتعثرت بالكتاب والشعراء والنقاد والسياسيين والذين لهم الفضل في ميلاد استيلا فشكراً جميلاً لهم.

    الحالة الاجتماعية : متزوجة وام لطفلين وكتاب ومقالات ممتلئة بهذيانات مذبوحة.

    الامنية : كنت اتمنى ان اصبح فتاة طويلة.. ولكن كانت صديقتي خنساء الطيب تقول لي دائما: "يعني هسي انتي مقصرة حكمتو بالغة".

    .. اظننا نحن السودانيين نحب ان نعرف من اين ذاك الشخص بالضبط بحسن نية او سوئها، لذا رغم توهان البعض في انتمائي وصعوبة تحديد مسقط رأسي بسبب قصر القامة وتوهان الملامح وفصاحة القلم واللسان لذا كان يتم تقديمي بالكاتبة الجنوبية التي تكتب بالعربية، كنت اغتاظ جدا ولكني وجدت بان هناك الكثير من المبدعين يتعاملون مع هذه الانتماءات البسيطة بغرض التعريف ليس الا لذا تصالحت مع الامر كما تصالح مبدعونا الذين ذكرتهم سابقاً، تضيق انتماءاتهم في حين انهم يتمددون بطول قامتهم على ارض المليون ميل ومحنة، يدخلون البيوتات الحزينة بدون استئذان ويحطمون السياجات ويملأون الساحات بالجمال، يشتلون السماحة والفكرة والمحبة لخلق وجدان سليم.. لا بامر السلطات ولكن باملاء من انسانيتهم المتجاوزة للانتماءات الضيقة، بما انه كان يتم تقديمي بـ ( الكاتبة الجنوبية التي تكتب بالعربية) ولقد اصبح هذا واقعاً الان وحقيقة لا يمكن التحايل عليه كما السابق، فالكتابة باللغة العربية قد ميزتني لان في تلك الفترة لم يكن من المألوف ان يكتب كاتب ينتمي الى جنوب السودان باللغة العربية، اغلبهم يكتبون باللغة الانجليزية وفي غياب شبه تام للترجمة لم تنتشر اعمالهم في الجزء الشمالي من البلاد، لذا حاولت ان اكتب باللغة التي تجيدها الاغلبية، حتى يسهل التواصل بيني والاخرين، صفة الكتابة بالعربية كما ادهش بعض الكتاب والنقاد هنا قد استفزت احد كتاب الانجليزية في الجنوب، وذلك عندما زارنا وفد من جامعة ايوا الامريكية في جوبا وهم اساتذة يهتمون بالكتابة الابداعية لدرجة دراستها في الجامعات بعد ان عرفت نفسي اضفت باني اكتب بالعربية فقال لي احد كتاب الانجليزية الذي استفزه الامر وشعر باني مستلبة نحو العروبة: ماذا تريدين من هذه اللغة فهي ليست لغتك لتكتبي بها !؟ فقلت له اريد الشئ نفسه التي تنشده انت فانت تكتب بالانجليزية وهي ايضاً ليست لغتك؟ اعتقد باننا الكتاب يجب الا نفكر بهذه الطريقة ولكن يبدو ان السياسة نفثت سمومها على الجميع لدرجة تورط بعض المثقفين لخدمة تلك لاجندة ، ولكن اثناء العشاء اقترب مني الروائي والشاعر البروفسيور تعبان لولينق ورمى هذه الكلمات في اذني : كوني كذلك الكاتبة الجنوبية الوحيدة التي تكتب بالعربية.. هذه ميزة ولا تتخلي عنها ابدا.

    اللغة عندي هي روح النص واللغة هي التي تضيف الحياة الى نصوصنا واللغة هي التي تميز وتشخص ابداعنا وحتى تعطى انطباعها الاول، كما الانسان بالضبط، كما ان هناك اناساً تحبهم من اول وهلة او العكس، او هناك من تفرح به او يبهرك او يجبرك الى احترامه او حتى يصادقك تتساكش معه، هذه ما نصوصنا من خلال الروح اللغة التي نكتب بها، احب اللغة العربية واعشق الكتابة بها واللغة العربية هي ماعوني اللغوي الذي اريد ان اعبئ فيه قصصاً تخصني وثقافة تخصني بعيدة كل البعد عن العرب والعروبة، وكنت اعتقد باني لن استطيع التعبير بلغة اخرى غير العربية، ولكن بعد ان استقل الجنوب واصبحت الانجليزية هي اللغة الرسمية، لا ادري ماهي موجة فرض اللغات الرسمية، واجد انها كلها لا تعبر عن هويتي ولكني متصالحة معها واحب التعامل بها واتخذها اداة للتواصل والابداع وقارب اعبئ فيه ذاتي لتبحر لعوالم اخرى وشعوب اخرى تحتفي بالجمال والتنوع وتقديراً اننا اخوة في الانسانية من حقهم ان تصل لهم النصوص باللغة التي يعرفونها، ساكون سعيدة طبعاً اذا كان هناك الف روح لـ ( بحيرة بحجم ثمرة الباباي).

    بعد العودة للجنوب انقلبت الموازين لدي واصبح هناك تحدٍ بان كيف اصل الجميع حتى قراء الانجليزية، والان اعمل على محاولة تطوير نفسي لاكتب باللغتين او ترجمة اعمالي الى اللغة الانجليزية .

    كتبت عن الحرب والنزوح وثقت للفقر والعوز والخمور البلدية والسجون.. في قصة ( كل شئ هنا يغلي) بجزءيها نحت نحو الموت والسجون - ونحو الجنون، كنت قريبة جدا من اجواء هذه القصص هذا اذا لم اعترف صراحة باني كنت جزءاً منها واشارك في بعض تفاصيلها..اعرف الكشة وقسوة رجال الشرطة، اعلم الابتزاز وطلب الرشاوي من الامهات اللائي يفضلن وضع عصارة جهدهن وقوت اولادهن ورسوم مدارسهم في ايد الجنود بدل ان تؤخذ الى السجن وهذا كان صداما اجتماعياً وثقافياً بين الدولة المعروفة دستورياً بالعربية الاسلامية ومجموعة من مواطنيها الذين ليس لهم علاقة بالتوجهات الايدولوجية للدولة لذا كانت صناعة الخمور بالنسبة لهن هى مصدر رزق تسد الرمق وتوفر كسوة وتدخل عدداً لا بأس من الاطفال المدارس على سوئها ولكنها ترضي الامهات، اما نظرة الدولة فلم يكن هؤلاء المواطنون الا مجموعة من المنتهكين للحرمات الدينية لدين ليس لهم به اي التزام روحي ولا يعرفون حتى شعائره، لذا حاربت الدولة تلك الصناعة بكل ما اوتيت من قوة وللاسف من غير تقديم بدائل محسوسة لكسب العيش الكريم و.. الحلال طبعا، عندما كانت تأتي الكشات وتسكب المرائس البيضاء على الارض وتقود الامهات نحو السجون كان ضمير السلطات يرتاح لانها نهت عن المنكر بينما كان رأي سكان تلك المناطق انها اهدار لنعمة كان يمكن ان يتغذى بها الكبار والصغار وتشعرهم بالامتلاء والنشوة ليوم كامل وحبست المعيل الوحيد للاسرة، بذا ازدادت الفاقة والعجز وتراكم الغبن الاجتماعي لتصبح تلك البيئات المفرخ الاساسي للمشردين والحانقين والغاضين والمجانين الذين يبحثون عن بصيص امل للهروب.. تلك الاختلافات في القيم على بساطة تفاصيلها عبأت الناس تجاه الرحيل في اقرب فرصة وقد فعلوها ومازلنا نجتر مراراتها حتى الان ، تعايشنا مع اباء غير مسؤولين و اقصاهم المجتمع بالعطالة او التعطيل ليدخلوا في دائرة غير منتهية من السكر والعربدة والعنف الموجه الى النساء والابناء وانفسهم، دخلت امهاتنا السجون عشرات المرات من اجل اطعامنا وجبة واحدة في اليوم ومن اجل ان نشترى كراسة وقلم وكل امنياتهن الا تحبل بناتهن في سنين المراهقة الاولى والا يعاقر ابناؤهن الخمور وفي اغلب الاحيان يحدث كلاهما كنتيجة طبيعية لتلك البيئة، بيئة النزوح والعنف والانحطاط الذي هو ابن شرعي للحرب واعتبر نفسي محظوظة او باكثر امتنان ناجية عندما تفتح وعيي مبكرا واتخذت من القلم والحرف ازميلي لاحفر عميقاً لانحت ذاك الالم غير المحدود في ذاكرة كانت بعيدة ولا تنظر لتلك البيئة الا بنظرة الاتهام والخوف والازدراء والاحساس البارد بان هؤلاء ليسوا جزءاً من هنا ولابد ان يأتي يوم ويذهبوا وقد فعلوا، وكان ذهابا صادما ومؤلما فلم يستطع من اختاروا الجنوب وطنا الشفاء منه ولا بقية السودانيين الذين بقوا في الوطن الام الشفاء منه، تحدثت عن ذاك الرجل الواعي والعاجز في آن وحولته الى عين ترصد كل شئ ولكن دون ان يكون في استطاعته التغيير، كم هو مؤلم اقتران الوعي بالعجز ليصيبا البطل بذاك الالم الرهيب لدرجة الانسحاب من الحياة شيئا فشيئا..

    اكتشفت متعة التحدث عن الخاص والمحلي جدا ليصبح دهشة للآخرين لذا تعلمت ان اكتب عن نفسي ان اكتب عن امي ان اكتب عن اهلي وارضي التي كنت بعيدة عنها لان من حق الاخرين اكتشاف حيوات اخرى لا يمكن تخيلها.. فكتبت ( وليمة ما قبل المطر) وتبدأ باولير وهو بطل القصة والذي اسمه يعني العراء.. هذا الاسم هو اسم اصيل في القبيلة التي انتمي اليها قبيلة اللاتوكا من كبريات القبائل التي تسكن شرق الاستوائية من القبائل التي تعبر عن حزنها بالبكاء والرقص في آن، بكاء الجسد والروح فلم يدهشني زوربا عندما كان يرقص الما برجل واحدة في رائعة ماركيز ولكني اكتشفت بان هذه التفاصيل تكتب، برفقة الدموع والاغنيات.. عن الاسماء نقول باننا نمجد اسم القبيلة ويعتبره الاجداد والجدات بانه الاصل وما عداها هى وجهات ليس لها اي داعي.. فاي منا يحمل اكثر من اسم وقد يكون لكل جدة او جد او خال او عم اسم عزيز عليه يطلقه عليك ويجب عليك ان تفرح به وتعتز، واطلاق الاسم ليس لها علاقة بلحظة الميلاد او ما نسميه (السماية) قد تتلقى اسماء جديدة خلال عمرك وتفاعلك مع المجتمع او اكتساب صفات جسدية كالطول او القصر او سواد البشرة او القوة او حتى عاهة، كل هذه محفزات اساسية لتظفر بعدد من الاسماء واذا كانت امك من قبيلة ووالدك من اخرى فسوف تحمل ما قدر الله لك من اسماء حتى تئن ، فاسمي المعروف هو استيلا ولكن في القبيلة اسمي هو( اغاري) اي المرفوضة واحمد الله بان امي وابي من نفس القبيلة وقد سميت كذلك تيمنا باحدى الجدات.. واسم امي لوشيا ولكن اسمها (اكولنق ) اي المولودة بسرة كبيرة، ابي قايتانو وهو (اوكود اراغي) اي الطائر المقوس الجناح المستعد للطيران او الانقضاض وقد سمى نفسه اثناء فترة الشباب، اختي نجوى تدعي (ادوا ) ويعني الحصاد واخي موريس (اغالا) ويعني المولود باسنانه.. خالتي (ايميجوك) اي ذات الاذنين الصغيرة وولدي عمر اسمه ( اوقيدي) اي المولود في موسم الامطار و(اتاري) المولود ليلاً او( ايقو دو) العمياء او العمشاء و(اميدو) الفطساء الانف.. وهكذا نسمي لنوثق للحدث ولنحتفي بالجمال او للتصالح مع عاهاتنا دون اي انتهاك لحقوق الانسان. فاولير يعني الطفل المولود في العراء واوفيري الطفل المولود اثناء الحرب وايموارا الطفلة المولودة اثناء التصالح والسلام.. فقصة اولير كتبتها من الخيال البحت.. استحضرت ذاكرتي السماعية لتكثيف الصورة تحدثت عن انهار وبروق، استعنت بالتعاويز والكجوروالخرافة كمعتقدات افريقية مازالت تمارس حتى الان بايمان وخشوع تام، زينتها بالغابات والبافرا واوراق الموز، ثم عطرتها بروائح الجدات الائي يسرح القمل في تنانيرهن.. اللائي بمجرد امنية منهن قد تصيب الابناء و الاحفاد اللعنات التي لا يمكن التحرر منها بسبب الخوف او الغضب.. فخوف الجدة على حفيدها في هذه القصة حتى لا تصيبه الصاعقة كما اصابت اصدقائه الذين كانوا يلعبون تحت شجرة العرديب الضخمة لانه كان نائما، جعلتها تلعن حفيدها كي ينام كلما امطرت السماء.. لذا كان اولير ينام مع كل زخة للامطار اثناء ذلك تعود به الذاكرة الى عمر السادسة الى يوم الحادث بالتحديد اثناء سباحته في نهر هائج وانهمار الامطار وهو رجل بالغ ولكنه يتحول في احضان الطبيعة الى طفل نائم في عمر السادسة.. فيرى احتراق الشجر بالصواعق.. يسمع عويل الامهات ودوي الطبول يحس بلعاب جدته الملعون على فروة رأسه ينتحب وهو يرى قملة كبيرة تنزوي في ثنايا تنورتها، ما اريد قوله من هذه القصة هو ان الاعتقاد شئ يصعب التحرر منه وذاك ينطبق على كل الاديان السماوية والارضية وبسببه قد يحيا الفرد ويعيش على امل او يموت ملعونا وطريدا من رحمة الاله.

    بحيرة بحجم ثمرة الباباوي.. احب هذا النص كما يحبه العديد منكم ولها مكانة خاصة عندي لانها القصة التي عبرت بها من مرحلة الكتابة العادية التي تشبه كتابة الكثيرين الى مرحلة كتابة الانا الخاص والغريب عن الآخر، كتبتها في نصف ساعة، لم اراجعها ولم اغير فيها شئ، نزلت عليَ كوحي او كالهام، كتبتها وانا ارتجف من الخوف والانفعال وكانت دواخلي تصرخ او تحتفل كلحظات الميلاد، كنت خائفة من هذا النص لانه لم يكن لدي توقعات عن قبوله بكل تلك الجراءة والغرائبية التي فيها، نص به امرأة لا تشبه النساء، بها خليط من الامومة الابدية والقسوة المتجذرة لاسباب تعرفها نساء الريف والبيئات المفتوحة على المفاجآت السارة او القاتلة، اناس يجدون قراءة الطالع ويفهمون همس الشجر والحيوان والالوان والتخاطب مع البيئة ويعرفون دلالتها، هي هكذا ديانات وخرافات واسطورة هي عمود فقري للثقافات الافريقية، كيف استطيع قول هذا في زمن سيطرت الحقيقة الواحدة على كل الحقائق الاخرى وربما ساتعرض للسخرية ! هذا كان مصدر خوفي ، كتبتها بشغف وعندما انتهيت القيتها في حقيبتي الوحيدة كأني اخفي جرما. قبل ان اكتبها كنت اراقب جدتي الحقيقية وليس لها علاقة بجدتي التي في القصة.. حيث ان جدتي الحقيقية قصيرة القامة وصغيرة الجسم مثلي وجبانة نوعا ما مثلي ايضاً.. تخاف المرض والحرب والموت وعدم الانجاب وقلة ادب الابناء والحنين.. وهي التي كانت تقول عندما تضرب امي لتأدبها حين تُأنبها الجارات على ذلك قائلات : لماذا تضربينها وهي ابنتك الوحيدة ؟ كانت ترد عليهم : واذا لم اضربها هل ستنفلق الى عشر بنات ؟ تلك هي جدتي الحقيقية والتي ابتلاها الله بموت المواليد فلم تبقَ غير امي واخوها.. لذا انجبت امي 9 اطفال بدون توقف عاش منهم 7 وكلنا اناث وولد واحد فكانت تقول لنا : لقد انجبت اخوتي بنفسي وهو الشئ الذي اريد ان اعوض به امي عن موت اطفالها ! لذا تفرح جدتي بالاحفاد حد الاحتفاء، موقعي وسط بين اخواتي لذا لم يكن والداي يركزان معي كثيراً حتى تفاجأوا ذات يوم بصوري في الصحف وعلى شاشات التلفاز. كنت اراقب جدتي الصغيرة وهي تحطم بعض كتل طين جدارنا الذي تداعى اثناء خريف ما ارضا، لتحولها الى تراب نعيد بها بناء ذاك الجدار.. كانت تجلس على مقعد قصير وتغني اغنية اطلقتها لتمجيد مآثر جدي وهي اغنية لنفسها وتنجز للاسرة، نهضت وتحركت في الفناء وفعلا رايت الافق عبر ثقب اذنها.. والتمعت الفكرة في رأسي وذهبت ودونتها في نصف ساعة، استحضرت جدة اخرى رأيتها من قبل وابهرتني بطولها وقبحها ورائحتها النفاذة وغير مكترثة بمقاييس الجمال التي تهم الاخرين ويعرفها الناس فتقول عن فطاسة انفها يكفي انها تتنفس به هكذا في فلسلفة تقدير الوظائف والمهمات واداء الواجبات اكثر من الوجاهة والمظاهر.. فالانف الطويل والكبير والافطس كلها تؤدي مهمة التنفس من ما يعني الحياة فلما يركز الناس على الجمال بشكله السطحي ؟ لهذا قد نهيم بشخص دميم من الخارج ونحلق حوله عندما يكون بيننا ونفتقده عندما يغيب لان دواخله منابع تتفجر جمالاًغير محدود وايضا قد يضايقنا طلة شخص فاتن وساحر ولان دواخله مزبلة للقبح، لذا اقول رغم قبح جدتي لم اكن اتقزز منها فاني احبها.. ولذا ايضا نحب كمال وداعة وامل دنقل. اول من قرأ هذا النص هو الاستاذ الشاعر عاطف خيري في ذاك الوقت كنت طالبة ثانوي لم ادخل الجامعة بعد، كنت حينها اعمل في مركز لتصوير المستندات في جامعة الخرطوم، بعد ان اتم قراءتها القى الي بالوريقات وهرول خارجا، خفت، بعد حين عاد وقال : هذه القصة سوف تصبح عدوتك يوما ما، مالم تكتبي بهذا القدر من الجمال باستمرار، وبذلك تولدت داخلي رهبة الجمهور الذي لا يرحم ويريد المزيد وبنفس المستوى.




















                  

02-22-2018, 10:37 AM

معاوية الزبير
<aمعاوية الزبير
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 7893

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    بالرغم من العكار الشديد الذي تعانيه استيلا في دواخلها
    إلا أنها استطاعت -بمعاناة فائقة- أن تظهر للناس في كل الأحوال
    بهذا الصفاء البادي على محياها


    التحية لها ولزوجها (الشمالي) عادل عطية وهما يسخران
    من مهزلة الانفصال التآمري الذي فرق بينهما.. إلى حين

    شكرا يا عمران
                  

02-22-2018, 11:58 AM

الصادق عبدالله الحسن
<aالصادق عبدالله الحسن
تاريخ التسجيل: 02-26-2013
مجموع المشاركات: 3244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: معاوية الزبير)

    =

    Quote: اعرف الكشة وقسوة رجال الشرطة
    اعلم الابتزاز وطلب الرشاوي من الامهات
    اللائي يفضلن وضع عصارة جهدهن وقوت اولادهن
    ورسوم مدارسهم في ايد الجنود بدل ان تؤخذ الى السجن
    وهذا كان صداما اجتماعياً وثقافياً بين الدولة المعروفة دستورياً بالعربية الاسلامية
    ومجموعة من مواطنيها الذين ليس لهم علاقة بالتوجهات الايدولوجية للدولة
    لذا كانت صناعة الخمور بالنسبة لهن هى مصدر رزق تسد الرمق
    وتوفر كسوة وتدخل عدداً لا بأس من الاطفال المدارس على سوئها ولكنها ترضي الامهات
    كتابة شيقة وصريحة ومؤلمة وشفيفة
    مِن شقيقة صادقة وشريفة ينزح وينزف قلبها
    ويترحّل قلمها الرشيق بين الجنوب والشمال كما رفيف الفراش.

    شكراً شقيقتنا استيلا ومعذرة– بعد فوات الأوان وبعد أن
    كال الرماد حمّاد – اننا كشماليين أجرمنا في حق ذواتنا قبل أن نُجرم في حقك
    وأننا أخطأنا في حق أنفسنا قبل أن نخُطي استخفافاً بكتابة
    ونطق حروف اسمك التي هي بحق ( جمال الفال، وراحة البال، وهجعة زول بعد ترحال)
    مع أملنا أن يتواصل توهجك ويأتلق عِقد رواياتك
    منضوماً بخيط النور برغم النظام الجائر الذي مزّق البلاد وافقرها وأشعلها حرائق
    وما يزال يحاول بث الضغائن وبتر ما بقي رابطاً من حبل سُرى،
    والذي ومن فرط لؤمه لا يود أن يُبقي حتى شَعَـرة معاوية.



    شكراً عمران .. وتحية لك ولمعاوية
    ...
    ..
    .
                  

02-22-2018, 12:03 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10914

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: الصادق عبدالله الحسن)


    شكرا الأخ عمران لتقديم هذه القطة الأدبية الرائعة لنا....

    في الحقيقة هذه أول مرة أقرأ لاستيلا بتركيز…‏

    هذه الإنسانة تحمل روح إنسان فنان مرهف المشار و شفاف الروح و الوجدان و المشاعر..‏

    بالجد انبهرت بلغتها الرصينة و تعبيراتها العميقو المتوازنة…و برؤيتها العميقة و تحليلاتها الذكية..‏

    و هنا اسجل إعجابي الكامل بها…‏و بما تكتبه....و سأحاول قراءة ما تكتبه ..

    .......فبغض النظر عما تكون قد كتبته من قبل إلا أنها من الواضح أنها تملك قلم مبدع يمكن أن يحصل على جوائز خارج ‏نطاق المحلية.........

    ........ خاصة أنها تعبّر عن فضاء و عن أناس يمتلكون خصوصية لم يتم بعد نقلها للخارج.‏
                  

02-22-2018, 12:39 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اختصرها الاستاذ عاطف خيري في بلاعة ليس لها بديل وهو يصف كتاباتها:

    هذه القصة سوف تصبح عدوتك يوما ما، مالم تكتبي بهذا القدر من الجمال باستمرار، وبذلك تولدت داخلي رهبة الجمهور الذي لا يرحم ويريد المزيد وبنفس المستوى.
    عندما يكتبُ الكاتبُ بهذه التلقائية تجد نفسك كقارئ منحاز إليه
    ولا يسعدك ان ينتهي المقال
    فهذه ربما تسمى بعبقرية العفوية والتنفس الطبيعي من منخار وصفته الكاتبة بأن طويل افطس عند مقدمته ولكنه يملأ رئة القارئ بهواء صحي يدفع الدم في العروق لترتقي للقلب والعقل معساً فتجد نفسك منسجماً ومنحازاً لمواصلة المقال وكأن القلم ما زال بيدك أنت القارئ ولم تكمل المقال بعد
                  

02-22-2018, 03:05 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: Ali Alkanzi)

    منقول من داخلتي لود الاصيل في طرح آخر
    عاد الاصيل المنتظر عاد عاد
    اهلاً بعلامتك المسجلة
    وقبل أن قول معلقاً عن معاوية وعلي
    والكلب الذي وفوى وأوفى
    ليتك تذهب لما اتحفنا به عمران بابكر بدري
    برواية عنه عن جائزة الطيب صالح وهو يقدم لنا اصيل آخر بلون آخر يعطى هذا المنبر عنبراً وعطراً عله يطرد كل قول فاحش كاذب يخرج من السنة واقلام اكرمنا الله بأننا لم نر كتابها ولا نشتاق إليهم
    واليك مدخل الرواية في صحيح منتدى سودانيزاونلاين
    نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة الطيب صالح: شهادة للتاريخ وأقوال شاهد اثبات على محنة الوطن الجريح في الشمال والجنوب .
    استيلا قايتانو
    Quote: green]نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة الطيب صالح: شهادة للتاريخ وأقوال شاهد اثبات على محنة الوطن الجريح في الشمال والجنوب .
    استيلا قايتانو

    ثم اليك الرابط لترى إن من البيان لسحراً
    خاصة إن كان هذا سحر اللون الاسود وهو أعلى درجات الحرارة ولكن هنا استيلا أن دنوت منها فثق إنها لا تحرقك بل ستدفئك وتخدرك وتجري لك جراحة ماهرة لكل قلب مشوه لا ير أن الانسان قد خلق في احسن تقويم حتى ولو كان انفه طويل افطس من الامام
    ولي عودة معك
                  

02-22-2018, 03:52 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12483

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: Ali Alkanzi)

    شكراً حبيبنا عمران .. أول مرة أقرأ لهذه ا لمبدعة
    شكراً إستيلا .. بل وأسمع بها ..
    أكثر عبارة وقفت عندها هي حديثها عن الانف
    عندما لخصت مسألة الانف التي هي عقدة العقد في مقاييس الجمال والتصنيف
    بأن فلسفة الانف ( أفطس أو طويل ) للتنفس فقط ..
    وقفت كثيراً عند هذه النقطة ..
    وهي تقول : الشيء بوظيفته ودوره وليس بشكله أو منظره

    يا سلام رائعة هذه الشابة
    ..
    سوف أرجع مرة للقراءة

    شكراً كثير حبيبنا عمران .. لقد جلبت لنا الجميل الرائع

                  

02-22-2018, 09:43 PM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    سلامات و شكراً يا عمران ياخ
    و خالص المحبة لاستيلا و عادل و أطفالهم.
                  

02-23-2018, 10:59 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48834

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: سفيان بشير نابرى)

    سلام عمران والجميع
    وشكرا لهذه الكتابة الممتعة والتحية لإستيلا قايتانو

    بروق الحنين فيلم توثيقي جميل أهديه للأخ العزيز علي عبد الوهاب عثمان لأنه لم يسمع بـ إستيلا قايتانو من قبل، ولأن لي علاقة خاصة بالجنوب فقد عملت ثلاث سنوات من أجمل سنين عمري هناك في جوبا بين 1979 و 1982.



                  

02-23-2018, 02:54 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: Yasir Elsharif)

    يا لك من امراة كلها جمال
    واجمل ما فيها انسانيتها
    التي هي الانسان السودني بصدقه وعفويته وكرمه وحضوره للقيام باي شئ نجدة للغير
    واليك ما قالته صوتاً وصورة:
                  

02-24-2018, 03:53 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: Ali Alkanzi)

    شكرا كل الضيوف الكرام

    انتم اهل بيت



    اهداء : الى روح د. جون قرنق دي مبيور
    والى الارواح التي صعدت في ذاك اليوم
    والى الماسكين بحلم الوطن الجميل.
    (غرق هذا الوطن مازال في خيال كاتبة تتمنى رؤية واقع افضل للجميع ) .
    ضوء خافت داخل مركبة عامة ، انتهى عمرها الافتراضي ، وتاهت معالمها لانها تحمل كل معالم المركبات الارتجالية التي تنجبها المنطقة الصناعية . من الخارج اشبه بشاحنة متوسطة الحجم من الداخل بص بمقاعد مرتجلة وضيقة ، السائق معزول في كبينة القيادة مما يجعلها اقرب الى شاحنة نقل صغيرة . شخير ماكينة تنذر بعطب مفاجئ ، دخان اسود يخرج هزيلا ثم يتكثف مثل ذيل سنجاب .
    السائق يظهر جزء من وجهه خلال نافذة صغيرة لا يرون منه سوى وجهه المدبوغ وشعيرات ناتئة بيضاء تتوزع متفرقة على ذقنه وجنبات وجهه اشبه باشواك الصبار ، كاملة الاستعداد للقفز نحو لحم حي .
    آخر المركبات تحمل آخر الاتون ليلاً ، اجمل الاوقات يقضونها وهم في طريقهم الى البيوت ، والمركبة تزدحم بهم وروائحهم وعبق مهنهم .
    ابكر يتصبب عرقاً وزيت وتفوح منه رائحة البنزين والجازولين تشعر وانت قربه بصعوبة في التنفس ، يلتصق بجسده بالطو فقد الطريق الى لونه بعد ان وقفت البقع السوداء البترولية بينه والنصاعة ، يعول اماً ثرثارة واخوة مشاغبون .
    حاجة آمنة والتي لم تحج ابداً ، ثقيلة الانفاس والجسد ، تفوح منها رائحة الكسرة الرهيفة والحلومر والويكة وبقايا اطمعة لم تبعها فتشتم رائحة الفسيخ والتقلية والخدرة المفروكة وملاح الروب الابيض ، مخترقة تماما ً برائحة الشطوط الخضراء والكول وبقايا عصائد الدخن والفتريتة ، قفتها التي تعاني الانقراض ولا تستطيع الصمود امام غزو رقع جوالات السكر البلاستيكية الى جسدها النباتي ، حاجة آمنة تدعي معرفتها بكل شئ وكثيراً ما تفتكر وتعتقد وتكثر من على ما أظن في ابسط الامور عندما ينتابها نوبة التثاقف ، لان روادها الاساسين من الموظفين الحانقين والمثقفين المحبطين والطلبة الغاضبين والشماسة الذين تسميهم اولادها وذلك عندما انقذوها ذات كشة من مصادرة العسكر لاوانيها حيث حمل اي واحد منهم آنية الاطعمة والقفة العجوز واختفوا في ازقة المدينة ، عندما وصل العسكر كانت تجلس على بنبرها العتيق مثل ملكة قديمة ، وبعد ان اجهزو على ستات الشاي والباعة المتجولين وذهبوا ، حينها اتى الشماسة الواحد تلو الآخر يعيد إليها اوانيها بكامل محتوياتها فكافئتهم بوليمة حقيقية بدل الفتات التي يتركها الزبائن بعد الامتلاء ، وليمة لم يحلموا بها يوما ، أكلوا المرارة بالعتي والشطة واستلذو تماما بالتقلية بالعصيدة .
    حاجة آمنة رغم ادعائها الثقافة والكلام المهذب ، لكنها سرعان ما تتم حديثها بانتصاب اصبعها الاوسط في وجه الجميع وملحقة اياه بكلمة ( طز او انلعن ابو كدا ) هذا الختام هو ما يجعلها تحس انها حقاً انتقمت من احدهم اكثر من كلمات المثقفين وجمل الطلبة التي يجعلها تحس بالضعف وابتلاع الغضب ، مميزة بشلوخها الثلاثة الطويلة والعريضة مصبغة بلون ادكن قليلاً من لون بشرتها على صفحة كل خد وشفاه بلون القطران القديم ، عندما يتجمع العرق في حوض عينيها تنساب باحدى تلك الاخاديد لتتميز بدموع صيفية دائمة لاتنضب ولا تشير الى حزن ، كانت تطلق ضحكات معدية بعيونها لتهزم المأساة في عقر وجهها .
    نافوني ، تفوح منها رائحة فول سوداني مسحون (الكايموت او الدكوة ) ولحوم الصيد المجففة على نار هادئة والاسماك الجافة المملحة التي يرسل لها من الجنوب فتملأ الانوف برائحة العفونة العتيقة واللذيذة فتشهي الكجيك وملاح الكايموت واللوبا بالعصيدة الساخنة .. تربط راسها بمنديل صغير وتترك اذنيها خارجاً مثل الاجنحة ، ذات لثة داكنة تجعلها لؤلؤية الضحكات وعندما تفرح ولؤلؤية الشتائم عندما تستفز ، يدها دائمة الانشغال بنسج شراشف الطرابيز واغطية الكراسي والملاءات وتشكيلات السكسك الجميلة والملونة ، مستعدة للمشاركة في المعارض لبيع انسجتها اذا ما اتيحت لها فرضة .
    تيًة .. قصير ومفتول العضلات تفوح منه رائحة السنابل المحصودة تواً ، كثير الحركة والمرح لا يكف عن الغناء لذنوبة حبيبته التاريخية ، اصبحت ربابته تشغل حيزاً في الحافلة لا يستغنى عنها ، عندما يلمس تيًه وترها الوحيد اليتيم تقشعر وتتغنى باجمل الانغام وكم ساهمت في تقريب المسافات وابتلاع المرارات عندما ينطلق تيًه على صهوة وتر ويهز رأسه المتوج بالقش والالياف والاتربة طرباً ومن ثم يغرق في ضحك بصوت عالي وعميق حتى تدمع عيناهو عندما تحاول حاجة آمنة ارتجال رقصة (كرنق) ممسوخة فتتبدو اقرب الى قفزات قرد مذعور عندما تجهز آلام المفاصل وثقل جسدها وسنين عمرها على الحركات الاساسية للرقصة ، حينها تحبط وتجلس ورقصتئذن يتحرك نحوها تية مشجعاً ويرقصا معاً ضاربين صفائح المركبة الهرمة في تناسق بديع وينسجم الجميع في تصفيق وضحك خفيف وشفيف غير مفخخ بالازمات إلا السائق الذي يوقف البص ويشتكي دوما من ازعاجهم ويوصفهم بالسكارى والحيارى وعندما يتلفت لقيادته ينتصب اصبع حاجة آمنة الاوسط خلف اذنيه كالرمح .
    سميرة.. صغيرة ولعوب ، تطقطق لعة لزجة باستفزاز وتحرك شفتيها في غنج معلنة عن انوثتها الفطيرة التي اكتشفتها ساعة انتهاك احد ما على طفولتها عندما كانت تعمل خادمة نظافة في احد البيوت ، فظنت انها امرأة كاملة ، ذات صوت حاد اقرب الى الضجة ، لا تحترم احد ولا تخاف من احد الا الله كما تقول ، الكل يخشى غضبها او اثارتها لانها حينها تتحول الى عاصفة من الغضب تضرب وتشتم وتبكي الى ان يغشى عليها متشنجة . وجهها الدامي ساحة معركة عنيفة بين لونها الاسمر الداكن ومساحيق تبييض البشرة الرخيصة والفاسدة فضاعت ملامحها بحثاً عن نموذج الجمال الابيض الذي تراه على التلفاز ووجوه الفنانات الائي تتحولن الى بضات وبيضاوات بعد اغنيتين وحفلة ونصف اعلان سخيف لكريمات التفتيح .. تفوح منها رائحة التسالي وحلاة فولية وسمسية والحلويات المحلية الصنع ، نارية الالوان وشديدة الحلاوة .. وبالطبع رائحة رجل او رجلين .
    دانيال بشلوخ عظيمة على جبينه يحملها كتاج منذ يوم تنصيبه رجلاً من رجال القبيلة الاشداء ، وصديقاه رحمة وسعيد .. اللذان لم يرحم شبابهم احد ، تفوح منهما رائحة الاسمنت والرطوبة الخفيف فتخالهم غيمات متعطرات بالدعاش ، شذى التقاء الماء بالارض تلك الرائحة التي تفتح شهوتك لحب الطين ، لقد انهكهما تماماً بناء المدينة وتسلق البنايات العالية وفي خواطرهم اسئلة مثل متى تصبح قراهم المدكوكة بالحروب والمحتضرة بالنزوح والامراض والمجاعات والاهمال ، الغارقة في الظلم والظلمات مثل هذه المدينة الساحرة اللامعة بالاضواء والنعيم والتي لا توجع رأسها وضميرها بالسؤال عن من هم على بعد ساعة من قلبها الاسمنتي المتحجر ؟؟ .
    رامبو الصغير هو لقب اختاره لنفسه لانه معجب ببطل في فلم ما يحمل بنادق ويطلق رصاصات وينقذ الضعفاء.. هو كمساري البص الخرب ، عباء طفولته في زورق من ورق ورماه في بحر المعيشة الصعبة عندما اجبر على ان يكون ناضجاً وهو لم يبرح ازقة الطفولة بعد ، يحكي: بان الكفار في الجنوب اسرو والده سنين طويلة وفي يوم هرب منهم ولمن وصل ، كتلوهو ناس الديش قايلنو متمرد لكن بعد داك قالوا شهيد وحيدخلنا الجنة كلنا .
    هكذا هو طفل يحكي مأساة بلغة الاطفال ، لا تفارق القبعة رأسه الذي تزاحم في فروته دوائر قاحلة بسبب القوباء آكلة الشعر .
    رمضان مشهور بالافندي ، لانه دائما يعبر عن نفسه بلغة لا يفهون كيف يرًكبها ولكنها جميلة ومشبعة ومترعة بالامل ، مفرط في الاناقة والنظافة رغم احتضار هندامه بفعل الشموس والصابون والعرق ، مرعوب من فكرة ان يموت بالكوليرا والملاريا والعرقي الفاسد ، لا تخلو يده من ورقة او كتاب وقلم بغطاء ازرق على جيب قميصه ، في الاغلب الاحيان يتشاجر مع رامبو بسبب انه لا يملك نقود ، يضطر في النهاية على استدانة حلاوة فولية او سمسمية من سميرة لاسكاته ، دائم التحدث عن زمن لا يأتي وعن وطن لا يظلم فيه احد ، وطن يحترم فيه ابنائه بعضهم البعض ، وطن موعود بقادة رحمين وموعود بخيرات كثيرة ، تفوح منه رائحة الجرائد والحبر والصعوط .
    الدرويش معروف بالفقير .. جالس هناك في ركن قصي ، يرتدي الالوان .. هائماً في فلوات ساشعة ، زاهداً في دنيا تتعذب بالاسئلة ، كان متوازناً اكثر من الجميع رغم مظاهر الجنون التي تظهر عليه ، يحمل ابريقاً ومسبحة طويلة من الخرز ، عندما يغرق الجميع في الاحباط والتبرم كان يغرق في الذكر والغياب السماوي .
    ضوء خافت وحياة ضاجة بالداخل ، معركة روائح التي ليس فيها مكاسب او هزائم رائحة اناس كادحين وراوئح بقايا تجارة غير مربحة ، روائح لا تلغي بعضها البعض انما تتماهى وتتحد لتصبح رائحة واحدة ، رائحة البص . البص الذي يترنح بهم في الطرقات كأنه يهدهد الجميع ، ولكنهم يقاومون النعاس حتى لا تفوتهم الحوارات الساخنة والمحطات ، صخب وغناء جماعي وإظهار البطولة رغم هزيمة الوطن الفادح لهم .
    البص الآن يحبو اعلى الجسر ، الجسر الذي يفصل بينهم والمدينة .. يفصل بين الطين والاسمنت .. بين النور والظلام .. بين الجهل والعلم .. بين الرفاهية والحرمان وبين الصحة والمرض ، حينها يشهر تًيه ربابته ذات الوتر الواحد في وجه الجميع ويعزف النشيد الوطني ويشاركه الجميع في صوت يبدأ ضعيفاً ثم يقوى ويقوى والكل يستعرض مفرداته ولكن حاجة آمنة دائماً بالمرصاد تحاول ترميم الكلمات التي لوت عنقها اللسن ذوي اللغات المحلية وعندما يفشل صوتها التصحيحي في دحر هدير الاصوات القوية ، تقذف اصبعها الاوسط في وجه الجميع ،وتضيع بذائتها سدى وسط تصفيق حار حول رأسها ذات المسائر المتشربة بزيت الكركار المعتق ، مطعم بعطر الصندل والقرنفل وقشر البرتقال وشحوم الضأن .
    البص يودع المدينة ويرحل عميقاً في الظلام حيث يسكنون .
    ذات يوم سمعوا بموت الزعيم المفاجئ ، قالوا ان طائرة كانت تقله اصطدمت بالجبال اثناء عاصفة رعدية ، كان البص يضمهم بحنو كأنه يواسيهم ، كان يلفهم صمت قاسي وغضب يعتمل بالدواخل وكل واحد منهم كان يستمع الى صوت الزعيم المحبوب يتردد في الفراغ وهو يحمل لهم وعوداً بيضاء بلون الروح والضوء ، وآمالاً ضخت فيهم الحياة والاستمرار في الكفاح بعد ان اصبحو انصاف نيام وانصاف اموات وكل واحد منهم يعتقد بانه وحده من اختص باعطاء الحقوق وتحقيق الاحلام كأنه يقول لكم جئت للاحرركم من كل هذا لانكم تستحقون . . هكذا شرعوا في الحلم دون كابح ، احلام واحلام هكذا ترتطم وتتحطم بجبال واقع ثلجي حزين ، ليغرق الجميع في احراج امام الوطن .
    السائق غارق في القيادة يسوق احلام الجميع واحزانهم وغضبهم . كان البص قد فقد اعضاء اساسين لا يعلمون ما مصيرهم هل هم احياء ام موتى بعد احداث الخراب الذي تلا موت الزعيم ، حتى الحزن عليه كان مختلفاً ، صعدت ارواح كثيرة تسابق روحه نحو السماء ، موت غريب وجرائم غريبة ، قتل وضرب وخراب واغتصاب وانقسام بين الناس وحريق ، الشوارع مدججة بالسلاح والغاضبين .
    الحافلة الآن تحبو نحو قمة الجسر في وجوم ، كان اطول يوم وابعد مسافة.. وتجارة لم يبيعوا منها شئ ، مد تيًه يده في تكاسل نحو ربابته ذات الوتر اليتيم وعزف النشيد الوطني بداء الجميع بوهن وكانت الاصوات تزداد وهناً وفتور الى ان انتهى بالنشيج والدموع طالما قاوم الجميع اخفائه وبكاء جماعي على امل خطفه الموت بقتة ، الكل غارق في مأتمه الخاص ، ينثر رماد آماله على صفحة النيل الساكن ، ويتسلل يده في الظلام بحثاً عن مواساة في كف الجالس قربه .. ثم صمت وهدير مركبة هرمة انتهى عمرها الافتراضي ويجرح هذا السكون شخشخة قلم الافندي على الورق ، كان يكتب بشراسة وكأنه يبكي عبر حبر قلمه ، كان يستدعي الجميع عبر خياله ويسمعهم وهم يملوه آمالهم ليخط رسالة طويلة لا يدري لمن يجب ان ترسل ولكنها رسالة وكفى ، القى نظرة الى حاجة آمنة كانت ضحكتها مهزومة تماماً امام جحافل الدمع المعرًق كان يسمعها تقول : لما الرحيل ونحن من ظننا اننا على اعتاب احلامنا ، كنت اريد مفارقة قفتي العجوز وافارق الشقاء واقضي بعض الايام قرب اولادي بعد ان انشغلت بالمعيشة الطاحنة اتركهم نيام واعود واجدهم نياماً اتفاجأ باطوالهم الزائدة في اسرتهم وعلاقتي بهم مثل علاقتي بالاشجار اسقيها واترك لها الباقي فاتفاجأ بظلها ، كل خوفي ان اكتشف يوماً انها لا تثمر ، واتمنى حج بيت الله حتى اصبح بحق حاجة آمنة ، هل هذا حلم يستدعي الفجيعة ؟ .
    نافوني .. على صهوة خياله باذنيها الطائرتين خارج عصبة رأسها ، اختفت اسنانها اللؤلؤية في زمة ممدودة واثار دمع مالح على الخدود ، تنسج شكلاً غير مفهوم بابرة الكروشي بعصبية وافكارها تتعقد مثل الخيوط التي بين يديها وتسأل باتهام : لما قتل ؟ تمنت فتح مشغل لتعلم النسوة بعض حرف النسيج والتطريز وصبغ الملابس ، عندما انتهى من حلمها كان النسيج الذي في يدها قد تحول الى بندقية دون فوهة .
    استدعاه رامبو الصغير بفرقعة من اصابعه الصغيرة ، حلم بالعودة الى المدرسة وعلاج آكلة شعره واستعادة زورق طفولته الذي ضاع في مراسم تنصيبه عائلاً للاسرة .
    استدعى الشباب .. رحمة ودانيال وسعيد الذين يحملون بمدن مضيئة ونظيفة فيها كل ما يحتاجه الانسان ليعيش بكرامة في قراهم .
    استدعى سميرة التي امنيتها ان تصبح بيضاء وست شاي ماهرة في احدى المحطات الكبيرة ، وربما تتعلم الكتابة والقراءة ، لتقراء عن كيفية ان تصبح بيضاء لتصبح اكثر جمالاً .
    نظر الى الدرويش ووجد ذقنه تشرب من دموع عينيه ويتمتم باسماء الله .
    وهكذا استمر في الكتابة بشراسة ، الى ان اصبح البص يترنح بهم يمنى ويسرى ، وهم لا يعلمون بان قلب السائق قد مات وتوقف في آخر محطات حياته قبل قليل بنوبة قلبية مفاجئة ، واصبح البص يجري وحده دون سائق فعلي ، الى ان قفز بهم من فوق الجسر نحو صفحة المياه الهادئة تماماً إلا من ضجيج موتهم الجماعي .
    وفي اليوم التالي .. تجمهر المتفرجون على الجسر ، ودائماً لا بد من وجود متفرجون ، انظارهم مثبة على صفحة الماء ، قفة حاجة آمنة المنكفئة و اواني الاطعمة ، منديل راس نافوني يسبح وحيداً دون اجنحة ، وقبعة رامبوا الصغير وعلبة مسحوق سميرة التي لم يمهلها الموت المزيد من الوقت لتشويه وجهها ، ابريق الدرويش ومسبحته ، قلم الافندي ورسالته غير المكتملة ، كانت اشيائهم تسبح متراقصة وتبتعد عن الجسر رويدا رويداً بفعل الموجات الخجولة الناعمة كأنها تزفهم نحو العدم .
    الشمس قوية تلعن انبلاج فجر جديد وتضرب سطح الماء ليتبخر ويصنع طبقة رقيقة من الضباب فيبدو النيل كأنه طبق حساء ضخم ساخن ينذر بالغليان ، اعتدته الاقدار على نار هادئة وقودها وطن باكمله ومكوناته آمال وشعب وعبق مهن .


    ستيلا قايتانو
                  

02-24-2018, 03:55 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    جنوبيو الشمال رحلة شاقة من مواطن درجة ثانية الى اجنبي درجة اولى

    استيلا قايتانو

    الكثير من الكتابات والكلام الجميل والذي في مجمله تغلب عليه عاطفة عدم استيعاب مسألة الجنوبي الذي اصبح اجنبي ، فتسمع كلام من على شاكلة لا تذهبوا ، ابقوا معنا او انتو والله ما اجانب انتوا اسياد بلد تقعدوا غصبا عن عين اي زول وهكذا.
    او عندما نجد الكتاب ينتقدون تصريحات المسؤولين الحكوميين العدائية في الشمال من حقنة كمال عبيد الى دفار الرئيس الذي سوف يرحل فيه الجنوبين الذين لا يوفقون اوضاعهم القانونية بعد التاسع من يوليو، التي القت الرعب في قلوب حتى تلامذة المدارس الذين يسألون ذويهم عن هل سيتم تسجيلهم هذا العام ام لا ؟؟ .
    نقدر جدا تلك المشاعر النبيلة من انسان الشمال القلق والذي من سؤاله يريد ان يعرف ما سيؤل اليه مصير جنوبيي الشمال ، وعندما يجد الحيرة والتردد والخوف على البعض منا يقارن بيننا وبقية الاجانب على شاكلة هو الحبش والمصرين وباكستانين الى اخر قائمة الاجانب قاعدين مالين البلد يبقى انتو الكنتو مواطنين يقولوا ليكم امشو ؟ وهنا المربط ( الكنتو ) هذه .
    نعم كان الجنوبيون مواطنين اما الان فلا فهم اجانب لاننا لم نحظى بتقسيم الناس على اساس المواطنة وانما على اساس عرقي ، و بحكم نتيجة التصويت 98% ودقداق والذي ادهش الجنوبين انفسهم واستفزت الحكومة الشمالية واحبطت واحزنت شعب السودان الشمالي ، المندهشون فرحون ، والسودانين تجاوزوا احباطهم وحزنهم وباركو للجنوبين استقلالهم ، اما المستفز والغاضب فلن ولم يتجاوز بعد يشعر بان الانفصال ذلك مسألة كرامة سوف يظل يرعب في الناس بان القادم اسوأ ولا بد ان يدفع احد الثمن ولابد ان يحس الانسان الجنوبي بالندم على فعلته باختيار الانفصال وان ما كان ، كان ارحم .
    ما اريد ان اقوله هو ان نتعلم مسالة التجاوز هذه ، لابد من ان يتجاوز الجنوبيون مسألة انهم ينتمون الى هنا ولابد ان يتجاوز الشماليون حكاية ان يظل الجنوبيين جزء من هنا بشكل غير قانوني وذلك سوف يعرضهم للمضايقة و الشعور بالمذلة .
    فالجار والصديق او حتى الاقارب بسبب المصاهرة او حتى عوام الناس في الاسواق والمركبات العامة قد تضمنهم بانهم لن يأذوك ولكن كيف تضمن المؤتمر الوطني ومهاويس العرق ؟ لذا بدل ان نصب جام غضبنا على تصريحات قادة المؤتمر الوطني علينا ان نحث حكومة الجنوب في الشروع فورا في استخراج الاوراق الثبوتية لرعاياها في الدول المجاورة ومنهم الشمال ، لماذا تنتظر حتى بعد 9/7 ؟؟؟؟؟.
    ان حكومة الشمال الان تشرع في السجل المدني والذي سيكون خاليا من الجنوبيين بالطبع وبهذا يتم التعرف على من هو السوداني من غير السوداني كما صرحوا ، على الحركة الشعبية ان تشرع في ذات الشئ فهو عين العقل حصر المواطنيين وتسليمهم اوراقهم الثبوتية ويبقوا جاهزين للطيران الى اي مكان بدل ان يشكل جنوبيو الشمال ورقة ضغط على حكومة الجنوب دون مبرر ، وقد يصبح تعرضهم لاي انتهاك هنا مهدد لاي شمالي موجود هناك ، لذا من يستطيع العودة عليه الاسراع بذلك ، ومن يربطه شئ اي شئ بالشمال وليس من حقنا ان نقلل من اسباب بقاء الناس في البقعة التي يريدون البقاء فيها ، ولا يستطيع المغادرة يجب ان يعطى حق استخراج اورقه وتوفيق اوضاعه ، نرجو فتح مكاتب او على الاقل ان يسافر الى الجنوب لاستخراج اوراقه ليصبح وجوده كاجنبي مقنن قانونيا .
    لقد كان الجنوبي مواطنا سودانيا ولكن ذات ظلم وتهميش احس بانه مواطن درجة ثانية ، واعطتت اتفاقية نيفاشا الفرصة لتصحيح هذا الشعور ولكن جاءت النتائج عكسية فاختار الانفصال ما يجعلنا عاطفيين هو ان هذا الجنوبي الاجنبي كان سودانيا وهذا ما يجعلنا ان نفكر فيه او نبحث له عن وضع مختلف كاجنبي درجة اولى مثلا .
    طبعا سوف يقفز علينا من يقول القاعدين ليها شنو اصلا في الشمال ما ترجعوا بلدكم وهذا ليس بالضروري ان يكون شماليا ، وانما اي واحد من القوميين الجدد الذين يرون اقامة الجنوبي في الشمال نوع من الخيانة لدولة الجنوب وتريد ان تتمسح بالشمالين ، او الحقارة لدولة الشمال اخترت الانفصال وكمان داير تقعد لينا هنا ؟ "حلات لكلك" دايرنك تمشي سريع ولو سمعوا خبر سيئ عنك اذا ذهبت او بقيت تكون قد اكتملت دائرة فرحتهم ، تلك الفئتين ضيقو الافق هم الذين حددوا مصيرنا الان ولن يكتفو من ان يأذوك بلسانهم او عيونهم او أياديهم .
                  

02-24-2018, 03:57 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    رنة الناس

    استيلا قايتانو

    القال ليك منو يا فايز ؟ا

    لم نهرب ولن نفكر في الهرب يوما ولكن في نوبة جنون السياسة تصدع الارض تحتنا فوجدنا انفسنا بيهناك وانتو بيجاي ولكن ما بيننا دائما اقوى من التصدع والترحال . وكما يقول صديقي الشاعر انس مصطفى في قصدته إنصات :

    كم مُوجِعُ

    مُوجِعُ حد الصرخة

    ألا نكون معاً .

    ولكنه السودان الذي اصبح مثل الزمان يفرقنا ويجمعنا بطريقة ما . هي رفق الاسماء اذن يا صديقي في احايين قسوة الاوطان انظر كيف صار بنا الحال حتى تعزينا الاسماء التى لم تكن في حياتنا من قبل ، ولكن سيد الرايحة يبحث في خشم البقرة . لقد انتهينا من هذا الالم وصرنا نشق طرقا مختلفة ولكنا دوما نلتقي في الدروب المؤدية الى الحنين والوجدان السوداني والذي هو الاصل.

    كيف سننسى بانكم وقفتم معنا في كل المحن وكيف سننسى اقلامكم التي دافعت عن الحق والحرية وعرت المظالم، وكيف ننسى المقرن ومسجد النيلين وقصر الشباب والاطفال وشارع النيل والخرطوم بالليل، وابوجنزير واتنيه وحليوة ، كيف سننسى كوبري الحرية الذي يؤدي الى السجانة ، كيف سننسى شارع النيل وجامعة الخرطوم والريحة الكعبة الجنب اركويت، وكيف ستنسون السوق الافرنجي واولاد السوق الجنوبيين الذين يبعون الاحذية والملابس الغالياااااااااااا حد الخرافة ولكنها جميلة لن تجد مثلها في بقية الاسواق ، كيف ستنسون كمبوني مجانين رغم ازالته عن خارطة الخرطوم فكيف سيزيلونه عن الذاكرة ، كيف ستنسون جبرونا وطردونا وراس شيطان ، وعرقي البلح والمريسة البيضاء والاسماء التي لا تجيدون نطقها ولا حتى كتابتها ، بالمناسبة دي عندنا اسم جدي سموهو لينا ناس الجنسية وليس اسم جدي الحقيقي ولم يتنبه له ابي كرجل امي الى ان اتنبهنا له نحن عندما فتحنا ولكن كان قد فات الاوان فحملت اهم الشهادات الاسم واصبح صعب تغيرهو ، كيف يسمون زول جنيسش.. الكثير من الناس يسألوني يعني شنو جنيسش فاقول ما يعني اي حاجة دا اسم ادونا ليه ناس الجنسية كتر خيرهم وبارك الله فيهم بدل اسم جيمس عليك الله يا فايز الاسهل ياتو؟ فهذا الاسم الذي اعطوه لنا ناس الجنسية اصعب نطقا وكتابة بالنسبة لنا ، شيكتم لي الله ناس الجنسية ، وهذا اسم لن ننساهو وكم هو جميل الان ضمن الاشياء الجميلة التي لن ننساها ابدا ، نحن ايضا لا نستطيع نطق الكثير من اسمائكم فمحمد هو معمد او مهمد وندلعكم بهمادة او امادة ، ياهو دي السودان اظنه الدولة الوحيدة التي لا يستطيع سكانها نطق اسمائهم بصورة صحيحة اليس هذا دليل على الثراء ؟.

    وسوف اصر في الجنسية الجديدة عليه كخطاء متعمد حتى لا نستطيع الهرب وحتى نتورط عمدا في ذكريات تجمعنا بالشمال الحبيب ( مافي زول قبل كدا قال الشمال الحبيب دي صاح حتى الشماليين ذاتم ؟؟ إلا استيلا على قول استاذي الدكتور عبد الله على ابراهيم... يديك العافية ) .

    الغريبة في السودانيين انهم يتشبثون بكل ماهو قديم حتى الاسماء قبلا تشبثو بالجنيه رغم ان العملة كانت دينار فيقولون خمسمية جنيه رغم انها خمسون دينار ، حتى عودة الجنيه مرة اخرى معززا مكرما رغم ذلك لا يقولون جنيه بل الف جنيه انها سكرة العملة واشتباك حابل الجنيه بنابل الدينار ، وظلت كوبر كوبر رغم اسم عمر المختار الجديد، وكرتون كسلا كرتون كسلا رغم اسم حي البركة الجديد، اذن ليس غريباً التشبث باسم السودان بنكهة الجنوبي نشبث بالقديم حتى يكون لنا جديد ونخشى نسيان القديم خوفا من التوهان وحتى لا نقع في حرج الجنسيات او نحس بمرارة فجاء عندما ندندن اثناء الاستحمام :

    انا سوداني انا

    انا سوداني انا

    وسنحمل ذلك التشوه الوطني الجميل ما حيينا ، ستظل انت ذلك الشنوبي الذي فرح مع اهلي بالسماية واظل انا الجمالية التي حزنت مع اهلك على انقسام الوطن متمثلة في مبادرة لا لقهر النساء تلك النسوة القويات وحزنهن النبيل ، تخيل ان تلبس امرأة سودانية الاسود القاتم او الابيض الناصع حزنا ولا تضع الحناء اوالكحل متحديات حرج السؤال : ما لك يا ختي غبشة كدا ؟؟ وابتلاع وجع السخرية منهن عندما تجبن : نحن حادات على انفصال الجنوب . وما بين هنا وهناك سوف نظل انا وانت واخرون متشائلين لحين اشعار اخر اما وحدة قادمة على اسس جديدة او انفصال على ورق مع الحفاظ على الوطن القديم بدون دماء او دموع.

    و ردي على سؤال وين ح نهرب منو ؟؟ هو كيف سنهرب منو ونحن نحتاج الى بعضنا بشدة شديدة ؟؟؟ ايضا رد على السؤال بالسؤال هو تشوه سوداني مشترك .
                  

02-24-2018, 03:59 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    01-21-2011 12:34 PM

    حبوكانة

    استيلا قايتانو

    الحب هو كلمة سحرية من حرفين ولكنه يعمل عمايل ومن عمايلو الكتيرة استحق ان يقيم له الناس عيدا . في احيان كثيرة احس كأنه انسان خفي تلاشى ذات يوم ليسهل لنفسه مهمة الدخول في قلوب وعقول الناس ويثير تلك البلبلة والكبكبة ،
    صفة التخفي هي الصفة الوحيدة التي تميزه عن الانسان اما بقية الصفات يتشاركون فيها . فهو معقد كما الانسان في احايين كثيرة يحتاج الى الكثير من التجارب والكبوات لينضج ويكبر ، احيانا او غالبا يكون معاقا فهو اعمى ، واحيانا تتعدد اسمائه مثل البشر والحب واحد ، اقدسها حب الله ورسله ، اسماها هو الحب العذري ، واقصاها حب من طرف واحد ، واسرعها حب من اول لحظة ، وانبلها حب الاصدقاء ، واصدقها حب الابناء ، واكثرها إثارة للجدل حب الاقارب ، ابيخ ميزة في الحب انه يفضح صاحبه ويعريه رغم محاولاته المستميتة في النكران والذوغان وحالته تبقى بس ذي العريان ولابس سديري.

    ايضا هناك الحب الذي يقع في العبودية والتهميش والقتل عديل كدا هو الحب المكبل بأطر اجتماعية واقتصادية وعرقية ودينية دا بقى حب بودي التونج ، إذ على المصابين به اذا اختارو الاستمرار عليهم ان يخمو ويصرو اذ لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار ، مرات الحب كضاب وبتاع حركات يعني حب ودوران وممكن يغشك ولكن في اول مواجهه يخليك واقف ويقوم صوف او يذوب ذي حلاوة قطن لمن تحتار وما تعرف هل الكنت فيه دا حالة حب ولا اعجاب ولا انا مالي يا الله ؟ .

    الحب ايضا ذي الطاقة بتحول من شكل لي شكل ومرات ما بدينا فرصة عشان نستوعب مراحل تحولاتو يعني حب البنشات وفترات الخطوبة يمكن يكون في شكل ضوء مشع كدا ومفهرد وواااضح ، بعد يخش البيوت يمكن يتحول الى صوت ويتمثل في النقة الكتيرة والكلام البايخ والواجبات والالتزامات لغاية تشك في روحك ومرات تصارح نفسك وتقول فلان دا والله بقيت اكجنو كجين رغم دا تكون ما قادر تخلي بيتك وترمي بكل الاشياء الجميلة والغير جميلة بعرض الحائط عارف المقعدك شنو هو الحب ، يا ابن الكاااالب .

    مرات الحب بتعرض لامراض نفسية ممكن يجن عديل كدا ويحجز صينية جنب التجاني الماحي وممكن تجيهو حالة انفصام يعني تكجن الزول الصباح وتحبو بالليل تصحى الصباح تاني تكجنو وهكذا ، اطرف انواع الحب، الحب السكران لط ، تلقاه واقف لمبة يخلي سيدو يشحن اسكراتش ويدور المسجل ويضرب للمحبوب ويسمعو غنية تعبر عنه مثلا يشغل ليها \" سال من شعرها الذهب وتدلى وما انسكب\" وهو عارف انو شعرها قرقدي ما محصل الاضان لكن بحبها ، لان الحب شفاف وما بهتم في كتير من الاحوال بالفريم الخارجي للناس . اليوميين ديل ظهر الحب العندو كرامة وممكن يحرد ومهما يحصل اصلوا ما يقبل ورا ولو سيدو دا يتمردق في الواطة مرديق على شاكلة لو قلبي اتقطع وراك اصلي ما بنذلا ليك ( بس عنيد عنادة ) .
    في الايام دي ظهر الحب \" الشفت \" وغير اسمو لحبوكانة وطايح في خلق الله شواكيش وممكن يخلي القلب استاد يحب فريق في كل كابتن يحب حاجة في دي العيون وفي دي الطول ودي الخضرة ، الخضرة الكملت كسرتنا وفي ديك الطيبة وفي ديك الحنية وتطول اللستة ، لان بكل بساطة داير ليهو زول كامل ومافي طريقة الا يعملو في جزارة الغراميات ، رغم كل دا الحب ضروري لكل كائن لانه هو الوقود البخلي الكائنات ديل تستمر في الحياة والعطاء اتخيل انو مافي زول بحبك اصلو ما تقدر تقول على كيفهم وانا ذاتي ما حاحبهم ، حتتحول لي وحش .

    ونقول لكل البحبو في عيد الحب القادم وعصر الحبوكانة هابي فلنتاين داي وخلو الحب حقيقي بيناتكم وهو ذاتو داير يحبو ومحتاج للرعاية والسقاية ومحتاج لزول يفهمو لمن يتحول من صورة لصورة وزهجان جدا من الشفوت والشفتات البحاولو يبتزلو معانيه السمحة في جزارة الغراميات .

    حوار خاتمي مابين شفت وبتاع الهدايا ـ

    قال: لو سمحت عندك بطاقات معايدة .
    بتاع المكتبة : ايوة انت ديرو لياتو مناسبة .
    قال : عيد الحب . ياحبذا لو مكتوب عليها الى حبيبي الوحيد .
    بتاع المكتبة : ايوه موجود مش المكتوب عليها الى حبيبي الوحيد ؟
    قال وهو يتلفت : ينصر دينك اديني منهم خمستاشر
                  

02-24-2018, 04:00 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    01-17-2011 06:02 PM

    شنوبية وجمالية

    استيلا قايتانو

    لا بد ان صدمة انقسام الوطن من اعظم الصدمات التي تعرضنا لها على الاطلاق مما تسببت في هزة نفسية وذهنية عنيفة، ادت الى ان تصاب الاسئلة بالخرس والاجوبة بالتأتأة .. هناك اناس كثيرون يقعون في منتصف هذه الاشياء كلها على المستوى الجغرافي، منهم من هم في منتصف الحدود بين الدولتين وهؤلاء بالذات لهم الكلمة والفعل فيما هي اتية من احداث بين الدولتين الشمالية والجنوبية، وهناك من هم في منتصف الشعور وهي تلك الاحاسيس التي تعتمل في دواخل الفرد منا، اعلم هناك من هو فرح فرحة عارمة ولا يشوبه اي شائبة حزن.. وهؤلاء موجودون في الدولة الوليدة وايضاَ هناك من هو حزين حزنا نبيلا على تفتت البلاد حزنا لا تضاهيه اي احزان من قبل، هؤلاء يمكنهم ان يعبروا عن شعورهم دون خوف او جهجهة ولكن هناك من هم في منتصف كل هذا، منتصف الاسئلة ومنتصف الاجوبة ومنتصف الشعور، وايضا في منتصف اللغة، كثيرأ ما يقولون خير الامور اوسطها، الا هذا الوسط، فهو وسط متطرف ويعذب صاحبه، فشعوري انا الشخصي الان بالضبط من مسألة الانفصال هذه هو في الوسط عندما تأتيني مكالمات عبر الاثير ورؤية قومي فرحين لما حققوه من انجاز يعد من اهم الانجازات في تاريخ الانسان الجنوبي، وارى دموع الفرح والتصريحات الملهمة افرح، ولكن سرعان ما تنهض تلك الشخصية في داخلي التي عاشت على انها سودانية، تلك الشخصية التي ربيتها بصرامة على السودانية ليس إلا ويجب ان تعامل الاخرين على اساس انهم سودانيين ليس إلا ومن ظواهر هذه التربية القاسية ألا اسأل احد ابداً عن ما هي قبيلته حتى اترك الانسانية تجرى في مجراها الطبيعي بدون اي اكسسورات عرقية، هذه الشخصية التي تمسخ علي الفرحة مع الاخوة الجنوبيين (حلوة الاخوة) باستقلاهم هذه الشخصية التي تضبطني متلبسة بابتسامة فرحة كبيرة بعد ان يكاويني صديقي الانفصالي دينق قونج بان الوحدة خسرت خسارة فادحة امام الانفصال، وان اصوات الانفصال تكاد تكون مية في المية لو لا بعض اصوات جماعتك الوحدويين، فاقول له : اصوات جماعتي الوحدويين لازم تكون في على الاقل عشان تكف العين انت داير يسحروكم ولا شنو؟.

    نعود الى الشخصية السودانية التي تشدني من اذني وتذكرني بما انا فيه من تعقيد في العلاقات الانسانية والاجتماعية، وكل ما لي به صلة في الشمال حزين ومكتئب بالاضافة الى الجرح الوطني العميق فاقع في حزن بعيد القرار وخجلااااانة، حينها تختفي الشخصية السودانية التي اشعرتني بالخيانة الوطنية العظمى من مجرد ابتسامة صغيرة (آآآدي كدا) هو مع جماعة والله حبايبي بهموني دايرين يموتو من الفرح لتظهر لي الشخصية التي تنتمي الى الجنوب وتفلق رأسي بعربي جوبا : بالله شوف بنية دي ات قايل نفسك يعني كلاص فاهم اكتر من ناس تا هناك دي ، انا اسي كان اسالو ات ، ات قي قيني ايني لحدي اسا لسونو، ناس كلو روا وكل جنوبين دايرين انفصال الا ات ياو قال راس تاكي ياو قوي توك توك ذي دليب، اوع تقول سودان ولا سودان كدي روا اناك بكلام تاكي المسيك ذي مويو دي سودان تاكي دي اعملو لي انا سونو؟ ، كدي اينو ناس اناك فرحانيين وقي ارقص تلتين صباح الا ات ياو داير موتو ايني ورا سودان تاك الما معروف قي روا لوين دي، اكير ليك فرح مضمون ولا حزن مجهجه.

    فأحاول لملمة بكاي مثل طفل اجبر على السكات بالقوة بعد ان كاد يصرخ بكل قوته فيئن متظاهرا السكوت خانقا عبراته، فأحاول الفرح وافتعل الغبطة فيأتيني تلفون او رسالة من احدى الاخوات شاكية باكية من حال البلد، فأجد نفسي هناك صغيرة مثل السمسة بين شخصيتين عملاقتين احداهما تحرم علي الفرح والاخرى تحلل على الحزن، وعلى غفلة منهما افرح لط بعد العشاء ثم اول ما اصحو في الصباحات الباردة على الواقع وتفك مني الفرحة احزن لدرجة الاهمال، حزنا ابدي لا تفكها حتى المرارة، اقصد مرارة ما تعرض له شعب الجنوب خلال كل الحقب التاريخية ( وليس المرارة بالعتي) والذي جعلهم يختارون الانفصال.

    هنا اقف في منتصف الاشياء والناس والبلد، وتصبح كل تلك الاسئلة التي لا تحتمل سوى الاجابة بالا او نعم لتصير اجابتي : لعم.

    وعندما اسأل عن جنسيتي غير المعروفة وبدل عن سودانية التي كانت تريحني قد تكون اجابتي : شنوبية او جمالية .

    واذا سألتني عن الحزن والفرح قد اكون : فحزانة فحز شديد خلاص.

    ولو سألتني هل الحكومة الحالية هي السبب في انفصال الجنوب تكون اجابتي : لاي .

    اعذروني فاني مصابة بإنشخاص في الفصمية.
                  

02-24-2018, 04:01 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    01-15-2011 03:34 PM

    السودان مدرسة المشاغبين

    استيلا قايتانو

    احدى قريباتنا لم يوفقها الله في مسألة القراية ولا حتى بالدق، وكانت دائما تأتي يا طيش الفصل وفي احسن نباغتها تأتي نائب طيش ايام كان في طيش ، وهكذا هي في منافسة دائما بالا تاتي طيش باي طريقة، يوم جات حزينة ومقلقة قلق شديد سألوها مالك : قالت الطيش (تاينا) نقلو مدرسة تاني؟ في حين انفجر كل من في البيت بالضحك لانهم يعرفون بانها سوف تصبح الاطيش دون منازع ، انفجرت هي بالبكاء رافضة للمنصب الذي خلا لها وحدها، كيف لا وقد افتقدت المنافس الوحيد وباي حال من الاحوال ارحم نائب الطيش والاطيش ذاتو.

    استحضرت هذه القصة من حزن احدى البنات التى تعمل مع جارتي وهي من جبال النوبة بعد ان تقضي عملها تأتي وتتمحن وتقول هسي يا استيلا اهلك ديل دايرين ينفصلو وتمشو تخلونا برانا ؟ كلام دا بجي كيف ؟ اقول ليها نعمل شنو دا حكم القدر والايام ؟ ولا يشفي اجابتي غليلها تأتي تاني يوم وتسأل نفس السؤال.
    يبدو ان الوجود الجنوبي في المشهد السوداني كان يدعم الكثيرين والآن بما انه قرر ان يذهب مدرسة اخرى يجرب حظه فيها فالكل خائف من النواب الكثيرين الذين سيحلون محله، حتى في الشمال فالشعب يخشى ان ينفرد به المؤتمر الوطني ويعملو فيهم عمايل اكثر ألماً من العمايل الفائتة كلها وقد بدأ فعلاً ، والاثنيات الافريقية الاخرى والذين كانوا يحسون بالجنوبيين بانهم رفقاء الدرب في الذل والمهانة ! كيف سيتركهم الجنوب هكذا في الصقيعة ويذهبوا للبحث عن سقف في مكان آخر بعيد حظيرة الوطن؟.

    هذا المشهد اوحى لي بان البلاد اشبه بمدرسة المشاغبين ولكن المشاغب ليس الطالب وانما الاساتذة، اساتذة الفعل السياسي الذين تسببوا في فشل المدرسة السودانية المختلطة وبعدم القدرة على ادارة هذه المدرسة وكان الاهتمام دائما يصب على طالب واحد وهو المركز مما جعله يتميز بالنجابة والشطارة والفهلوة في ابتلاع حقوق الاخرين ، ويا ويل الاستاذ الذي لا يدعه في اولى اهتماماته، وهكذا نما شعور لدى باقي الطلبة بانهم ليسو مركز اهتمام وربما بالجد هم في غاية البلادة، المزري في هذه المدرسة ان اساتذتها لم يحاولوا تغيير نمط التدريس ولا المناهج التي يحفظها الطالب النجيب المركز الملظلظ عن ظهر قلب، وربما لو غيرو منهج ونمط التدريس لاكتشفوا نجابة باقي الطلبة وربما حولوها الى مدرسة نموذجية بدون منافس ولكن متى ؟؟ بعد ما فات الاوان !!.
    ومن الحاجات المؤسفة اول ما عرف احد الطلبة مفاتيح الدخول الى قلب وعقل الاستاذ والسيطرة على المذكرات الاساسية لبلوغ النجاح واول ما نجح وجاء الاول خلى باقي الطيشة ولملم كتبو وشال شنيطو وقال باي باي .

    وخلى باقي الطلبة المهمشين لذات الاساتذة المشاغبين وخشمن ملح ملح وهم الذين كانوا في انتظار الكثير منه خاصة وانهم كانوا شركاء له في كل شئ حتى وصل ما وصل اليه وهاهو يذهب وربما سيفتح مدرسة جديدة باسمه ونتمنى ان يقبل فيها من يأتوا مستجيرين به من سعير التبليد والاهمال، وها هم يرمقونه وهو يمرح خارج الاسوار وبعد خروجه مباشرة تعرضو لعقوبة دراسية قاسية وبدل ان كانوا يضعون لهم الامتحانات كل حسب عربيته التي يتفاصح بها مع اهله وليس له صله بالفصاحة مع العرب الاقحاح ، شي بعربي جوبا وشي بعربي بجا وشي بعربي الجزيرة وعربي الدناقلة والمحس وعربي الغرابة فقد هددوا بان الامتحانات ستكون باللغة العربية الفصحى على شاكلة (انتحت العتاريت) حتى لا تفهموا حاجة ، فقط ستقولون بلى بلى ثم بلاء يخمكم بعد ان يتخارج الاستاذ من الحصة.

    رفعوا اياديهم بالدعاء لزمليهم الاول لاول مرة بان اذهب القشة ما تعتر ليك وكان هناك شيئا بائنا من المرارة والاحساس بالتخلى لانهم كانو يريدونه ان يمسك بايدهم ويرفعهم معه من مرتبة الشتارة والبلادة المقصودة الى مرتبة الشرف المنشودة وكان يمكن ان يغيرو معا المدرسة والمدرسين والمناهج ذاتها ولكن !!! مما حدا ان يدعو الاخرين سرا دعاً يتمنون عكسه على شاكلة ان شاء الله تجي الاول طوالي.

    من قوانين هذه المدرسة اولاً الا يترك الاستاذ المدرسة عشان طالب حاسي انو مقصود في مسألة انو اخر زول دي، والما عاجبو قطر عجيب يودي وما بجيب ثانياً الاستاذ ياكل ويفطر في المكتب قبل الطلبة وبعد داك يجيب قُعرة العيش ويقول للطلبة تعال نعمل فتة وبعد داك يخرتم في ما لذ وطاب من الفتة لهط لهط ويخلي لهم القُعرة يكدكدو فيها.

    كان العشم انو الاول دا يصبر شوية لكن اظنو كان قايل روحو انه آخر الطيشة، لو انو اتمهل شوية كان حيكتشف انو في ناس ما دخلوا مدرسة من اساسو، خليك بعد داك يطلع الاول ولا الطيش بدل نظرية كل زول ياكل نارو دي ما تتخيلوها حارة كيفن.

    هامش :

    قصة (انتحت العتاريت) دي سمعتها من دكتور عمرمحمود خالد في احدى حلقاته الصحية الجيدة في برنامج صحة وعافية عندما قال لاحد الاطباء بان يتكلم بلغة بسيطة خالية من المصطلحات العلمية حتى يفهم المشاهد، قال كان في واحد من العرب الزمان بيتكلم عربي مافي اي زول بيفهمو الا الخادم بتاعو ، مرة صحا من النوم وسأل الخادم : انتحت العتاريت ؟ الخادم ما فهم حاجة لكن جاوب قال : حبظلم. الراجل قام قال للخادم : يعني شنو حبظلم ؟ الخادم قام قال ليهو يعني شنو انتحت العتاريت ؟ الراجل قال : لقد قلت لك اصاحت الديكة ؟ الخادم قام قليهو : وانا قلت ليك : بلى ) .

    آخر رنة

    هنيئاً لكم شعب تونس لقد اردتم الحياة فانظروا كيف استجاب القدر؟
                  

02-24-2018, 04:02 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    وطن الكتروني
    01-06-2011 04:01 PM

    وطن الكتروني

    استيلا قايتانو

    بعد ان تحول الوطن من خرم ابرة لا يسع سوى اناس بعينهم الى سن ابرة يوخز كل من يقترب منه او من مشاكله وخزة الم لا تنسى في اكثر الامكنة حساسية، وما بين خرم الابرة وسنة الابرة مشاوير يقطعها الشباب يوميا، تخش خرم الابرة تنجم حبة ثم تخرج لتأخذ وخزة ثم نطة.

    وما بين الالم والنطة والضيق هرب جيل اليوم الى عوالم اخرى ليس فيها حدود جغرافية كي ترسم ولا ثروة كي تقسم مع اصطحاب ان الكثيرين منهم لديهم احساس قاطع بان ما يحدث اليوم في السودان ليس لهم يد فيه ولكن بطريقة مباشرة او غير مباشرة تقع العقوبات فوق روؤسهم ، لذا هربوا الى عالم الفيس بوك .

    حتى وقت قريب لم يكن لي اي ارتباط بعوالم الفيس بوك لاني اقول : ما دام الواحد ما قادر يلاقي الناس اخير من الشحتفة بعد ان ورطنا الوطن في ماريثون المعيشة دون تحديد الكليومترات التي يجب ان نجتازها، ولا حتى تحديد من سيكون الفائز في النهاية، اذا كانت هناك نهاية، على ما اظن الفائز هو الذي يموت من الجري من غير اي فرفرة.
    اي واحد تسألو وين ياخ مختفي ؟ يقول ليك والله جري بس ، وادخلنا في طاحونة المعيشة التي تجعجع دون طحين وعندما تجرد حسابك اخر الشهر عن ماذا فعلت تجد انك لم تخرج عن ثلاثة نتائج شفافة ونزيهة اكل كعب، نوم بتعب، شغل صعب.

    الى ان ورطتتني صديقة في هذا الامر ومن ثم عينك ما تشوف الا النور كمية من الاصدقاء والصديقات من الكلية وغيرها يطلبون الصداقة كل يوم اجد اكثر من خمسين طلب صداقة اناس اعرفهم واخرون اعرفهم نص نص واخرون احتاج الى التذكر حتى يركو لي وايييييييك .
    فقلت لصديقتي التي ورطتني : دا الكنت خايفة منو هسي الناس ديل اعمل ليهم شنو لو قبلتهم ما حاقدر اتواصل معاهم، قالت لي اتجاهلي وحدين، قلت كيف تتجاهلي زول قال داير يصاحبك؟
    ومسكت الجماعة اصحبك اصحبك وبالذات مع موضوع الانفصال دا بقيت كأني شغالة بنظرية الحشاش يملأ شبكتو، وبنهم تحصلت على اصحابي واصحاب اصحابي واصحاب اصحاب اصحابي وكل يوم كنت اقول في سري : ينصر دين الخواجات ! كأنهم كانو عارفين بحكاية الانفصال دي بالله شوف دي عليك الله ما هدية من ربنا للشباب السوداني المتورط في العقوبات التاريخية الما ليهو ذنب فيها اتخيلو انو كان مافي تلفون ومافي انترنت ومافي فيس بوك كان الوضع حيكون عامل كيف؟ نحي التكنولوجيا التي ستمسح كلمة الوداع من قاموس العلاقات الانسانية بتجاوزها للزمان والمكان والاحداث. يعني الناس البخصوك ممكن تتكلم معاهم وتتونس وتقطع وتقيل معاهم عديل وتتابع اخبارهم على رأس كله دقيقة وتشوفهم وتفرح معاهم وتحزن معاههم وكل شي تاني اكتر من كدا داير شنو عشان يكون معاك بعضمو ولحمو الا كان داير تأكلو ؟!!

    في تلاتة قعدات في المدعو فيس بوك عملت خمسين صاحب كما قالت صديقتي لانهم اصلا ناسي من زمان بس فرقتنا الايام وافاعيل القدر ومجرد ما اقعد في الكمبيوتر اكون شغالة حي يا فلان وكليك في كلمة ( كونفيرم) يعني خلاص قبلتك صاحب وكمية من الكونفيرمات دي لقيتم ايييييك شعب كامل من الاصحاب البتحبهم والبحبوك كدا ساكت لله في لله ، بيناتكم قواسم مشتركة من الاصحاب والاحباب والميول والاهتمامات اخر الامر قلت لنفسي : الله يجازيك يا استيلا بتعرفي الناس ديل كلهم .. ولسه هناك الكثير في الانتظار هذا (الكونفيرم) واكيد بتعريفيهم ، كيف لم اجري تعدادا لاصدقائي من قبل؟ اذا لم يسطتع وطن بمليون ميل مربع ان يسع كل هؤلاء ، كيف لقلبك الواجف من الفقد ؟ تستاهلين خمسين جلدة في ميدان عام انت واصدقائك بتهمة اللمة الفاضحة على اعتاب فرقة الاوطان وانتم تفتحون بيوت للصداقة في غرف القلب الاربعة بعيدا عن اعين عسس العنصرية ومتوهمي نقاء الهوية الذين يجيدون النعيق في الديار الخالية .

    هنيئا لكم وطنكم الالكتروني وانتم تثبتون لهم ان لاحدود بين الانسان وانسان كي ترسم وان الوطن الالكتروني يخفف علينا فواجع وطن من تراب وماء وشجر يذوب مثل البسكويت بحجة فشل جعل وطن بمليون ميل مربع جاذبا واطول انهار العالم لا يجد كل من يركع فوقه وجهه معكوسا فيه، ويشكك فيه او ترتاب في وجود وجهك، اما انه لا يصلح كمرآة او ان ليس لك وجه من اساسه.
                  

02-24-2018, 04:03 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    01-04-2011 02:57 PM

    كان يا ما كان

    استيلا قايتانو

    *كان يا ما كان في قديم الزمان في عصر صمت الابناء :
    ان تنازعن امرأتان على طفل كل واحدة منهن تدعي انه طفلها ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحدة على اثبات انه طفلها فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة والفطنة فامر بان يقسم الطفل بينهما قبلت الاولى اما الاخرى فجزعت ورفضت بان يقطع اوصال الطفل بينهما ووافقت بان تأخذها تلك حينها عرف القاضي الام الحقيقية وهى تلك المجزوعة التي رفضت تقطيع الطفل واثرت آلام الفقد مقابل حياة طفلها فقال صيحيح قلب الام على وليدها فامر باعطائها الطفل وكانت العدالة في صفها.
    * كان ياما كان في حديث الزمان في عصر صمت الامهات : ان تنازع ابنان على ام ، كل واحد يحاول اثبات انها امه ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحد انها امه رغم الاختلاف الكبير بينهما ، كان الاول يبدو عليه انه يستأثر بكل شي فبدا عليه الرضا، كان الاخر معدم ويبدو عليه الحرمان، رغم ذلك كان كل واحد منهما متشدد في ان تلك الام امه، فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة القديمة التي انقذته في زمن من الازمان والفطنة ذاتها معتمدا كل الاعتماد على ان الحقيقة ستظهر بجلاء كما ظهرت حقيقة الامومة، وابتسم في اسارير نفسه وهو يصدر الحكم فامر بان تقسم الام بينهما ، فصمت الابنان ، شرع القاضي في التنفيذ وامر السياف بان يقطعها الى نصفين احدهما يأخذ النصف الاعلى والاخر النصف الاسفل ، صرخ الابنان في نفس الوقت : لا .... لن اخذ النصف ناقص وتشاجرا .... قال الذي يبدو عليه الرضا : خذ الجزء الاسفل بها ساقين فانت تجيد المشاوير والتشرد لذا فهذا النصف هو الذي يناسبك. قال الذي يبدو عليه الحرمان : لا لن ادعك تستأثر بكل شئ سوف ااخذ الجزء الاعلى فلم انعم بعقلها او قلبها ودفء حضنها من قبل لذا لك النصف الاسفل ، واحتدم النزاع وكادت تقود الى قتال ، واصبح القاضي اكثر حيرة وحرج كيف لا وهو الذي لم تخنه الحكمة من قبل ولم تتلاعب به الفطنة ، صحيح ان قلب الابناء على حجر فاوقف الحكم لحين ان يهدأ الشقيقان ويتشاور هو مع حليفتيه الحكمة والفطنة . قالت الفطنة : اقسمها الى نصفين ولكن بالطول هذه المرة . اضافت الحكمة : هذا عين الصواب حتى لا يظلم احد ، سوف ياخذ كل منهما نصف جثة كاملة دون نقصان وبه كل انصاف كاملة ، ولا ندري كيف يتسق كلمة كاملة مع انصاف الاشياء . اعجب القاضي بالفكرة طالما انها ستبرئ ذمته امام القضاء وامام الله وهو لا يدرى ان حتى الحكمة والفطنة لها زمانها ومكانها , فامر بشطر الام الى نصفين بالطول فوافق الابنان عندما لم يجدا ما يختلفان عليه ، الذي يبدو عليه الرضا غير مبال حسبما ما اوحى اليه دلاله والمعدم ينازع نفسه حسبما املى اليه غضبه . نفذ الحكم وكان السياف يعمل بسيفه جيئة وذهابا شاطرا الام الى نصفين .. نصف ام وامة .. نصف عقل وعلم .. نصف بصر وبصيرة .. نصف حنان و حنين .. نصف ذكرى وذاكرة .. نصف قلب وفؤاد .. نصف فرح وحزن .. نصف ضحكة وابتسامة .. نصف دمع وعرق .. نصف دفء وحضن .. نصف لحم ودم .. نصف احشاء وعظم .. نصف رحم وامومة ...نصف ...و....نصف ...نصف...ونصف الى نصفُ نصفِ ونصف ولكن كان وحده يقف هناك .. الالم في كامل حضوره ، يقف بين نصفي جثة . اخذ كل واحد منهما نصف جثته فرحا ولكن الى حين ، وجد الذي يبدو عليه الرضا نصف جثته كاملا ولكن ليس به قلب ووجد الذي يبدو عليه الحرمان نصف جثته كاملة ولكن ليس به كبد وحمل كل واحد منهما سلاحه واتجه صوب الاخر كل مطالبا ما يفتقده بالقوة وانشغلا بحرب طويلة ونسي كل واحد منهما دفن نصف جثته، الى ان سممت الرائح الكريهة الاجواء وفرض عليهم جيرانهم الحصار ومنعوا من ان يتحاربا بمنطق ان حاربهم الجميع ، حينها عاد كل منهما لنصف جثته الناقصة لدفنها واثناء ذلك اكتشف كل منهما بان في احشاء جثته طفل صغير اهملوه اثناء حرب على نصف جثة ميتة ليضيع منهم امل حياة كاملة، فخرجت منهما صرخة داوية تردد صداها في سماء المكان ليستيقظوا في ساعات الاشراق الاولى من كابوس مجنون ملأ اذنيهما بالعويل والانين ورائحة جثث محترقة ، فلم يتمالكا نفسيهما ولم يشفع لهم الصحيان بان ذلك كان مجرد كابوس مزعج ، اخذا يهرولا في بيتهما الكبير بحثاً عن امهما فوجداها هناك جالسة في الشرفة مستقبلة الاضواء والنسيم ، تلاعب حفيديها اللذان ناما مبتسمين بين ذراعيها التفتت منزعجة على ضجيج جري في المكان وهمها راحة حفيديها وقبل ان تسألهما منزعجة عما بهما ؟ اجاباها بابتسامة كبيرة فقط كأنهما يحمدان الله على ان ذاك كله كان مجرد كابوس و تصادما بكتفيهما في حميمية وحمل كل منهما طفله الى غرفته يغني له اغنية مشبعة باماني الغد ومآلات اليوم وذاكرة الامس ، وتركت هي لتستريح قليلا بعد ان انهكها تشاكسهما في الماضي فلن يتركاها وحدها لتعاني مرة اخرى من مشاكسة حفيديها دون مساعدة منهما ، شعرت بالرضا والامتنان وفي جلستها تلك اخذتها غفوة القيلولة وحلمت بالحقول الخضراء والمواسم الغنية التي لا توحي بالانتهاء يرتع فيها ذريتها ، فعبرت ابتسامة مضيئة سماء وجهها تحاكي تلك العلامة التي تدل على الصواب عندما يرسمها المعلم في كراسة التاريخ .
                  

02-24-2018, 04:04 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    01-04-2011 02:57 PM

    كان يا ما كان

    استيلا قايتانو

    *كان يا ما كان في قديم الزمان في عصر صمت الابناء :
    ان تنازعن امرأتان على طفل كل واحدة منهن تدعي انه طفلها ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحدة على اثبات انه طفلها فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة والفطنة فامر بان يقسم الطفل بينهما قبلت الاولى اما الاخرى فجزعت ورفضت بان يقطع اوصال الطفل بينهما ووافقت بان تأخذها تلك حينها عرف القاضي الام الحقيقية وهى تلك المجزوعة التي رفضت تقطيع الطفل واثرت آلام الفقد مقابل حياة طفلها فقال صيحيح قلب الام على وليدها فامر باعطائها الطفل وكانت العدالة في صفها.
    * كان ياما كان في حديث الزمان في عصر صمت الامهات : ان تنازع ابنان على ام ، كل واحد يحاول اثبات انها امه ، احتار القاضي في امرهما واصرار كل واحد انها امه رغم الاختلاف الكبير بينهما ، كان الاول يبدو عليه انه يستأثر بكل شي فبدا عليه الرضا، كان الاخر معدم ويبدو عليه الحرمان، رغم ذلك كان كل واحد منهما متشدد في ان تلك الام امه، فخشي الظلم وديدنه ان يحكم بالعدل فعمل بالحكمة القديمة التي انقذته في زمن من الازمان والفطنة ذاتها معتمدا كل الاعتماد على ان الحقيقة ستظهر بجلاء كما ظهرت حقيقة الامومة، وابتسم في اسارير نفسه وهو يصدر الحكم فامر بان تقسم الام بينهما ، فصمت الابنان ، شرع القاضي في التنفيذ وامر السياف بان يقطعها الى نصفين احدهما يأخذ النصف الاعلى والاخر النصف الاسفل ، صرخ الابنان في نفس الوقت : لا .... لن اخذ النصف ناقص وتشاجرا .... قال الذي يبدو عليه الرضا : خذ الجزء الاسفل بها ساقين فانت تجيد المشاوير والتشرد لذا فهذا النصف هو الذي يناسبك. قال الذي يبدو عليه الحرمان : لا لن ادعك تستأثر بكل شئ سوف ااخذ الجزء الاعلى فلم انعم بعقلها او قلبها ودفء حضنها من قبل لذا لك النصف الاسفل ، واحتدم النزاع وكادت تقود الى قتال ، واصبح القاضي اكثر حيرة وحرج كيف لا وهو الذي لم تخنه الحكمة من قبل ولم تتلاعب به الفطنة ، صحيح ان قلب الابناء على حجر فاوقف الحكم لحين ان يهدأ الشقيقان ويتشاور هو مع حليفتيه الحكمة والفطنة . قالت الفطنة : اقسمها الى نصفين ولكن بالطول هذه المرة . اضافت الحكمة : هذا عين الصواب حتى لا يظلم احد ، سوف ياخذ كل منهما نصف جثة كاملة دون نقصان وبه كل انصاف كاملة ، ولا ندري كيف يتسق كلمة كاملة مع انصاف الاشياء . اعجب القاضي بالفكرة طالما انها ستبرئ ذمته امام القضاء وامام الله وهو لا يدرى ان حتى الحكمة والفطنة لها زمانها ومكانها , فامر بشطر الام الى نصفين بالطول فوافق الابنان عندما لم يجدا ما يختلفان عليه ، الذي يبدو عليه الرضا غير مبال حسبما ما اوحى اليه دلاله والمعدم ينازع نفسه حسبما املى اليه غضبه . نفذ الحكم وكان السياف يعمل بسيفه جيئة وذهابا شاطرا الام الى نصفين .. نصف ام وامة .. نصف عقل وعلم .. نصف بصر وبصيرة .. نصف حنان و حنين .. نصف ذكرى وذاكرة .. نصف قلب وفؤاد .. نصف فرح وحزن .. نصف ضحكة وابتسامة .. نصف دمع وعرق .. نصف دفء وحضن .. نصف لحم ودم .. نصف احشاء وعظم .. نصف رحم وامومة ...نصف ...و....نصف ...نصف...ونصف الى نصفُ نصفِ ونصف ولكن كان وحده يقف هناك .. الالم في كامل حضوره ، يقف بين نصفي جثة . اخذ كل واحد منهما نصف جثته فرحا ولكن الى حين ، وجد الذي يبدو عليه الرضا نصف جثته كاملا ولكن ليس به قلب ووجد الذي يبدو عليه الحرمان نصف جثته كاملة ولكن ليس به كبد وحمل كل واحد منهما سلاحه واتجه صوب الاخر كل مطالبا ما يفتقده بالقوة وانشغلا بحرب طويلة ونسي كل واحد منهما دفن نصف جثته، الى ان سممت الرائح الكريهة الاجواء وفرض عليهم جيرانهم الحصار ومنعوا من ان يتحاربا بمنطق ان حاربهم الجميع ، حينها عاد كل منهما لنصف جثته الناقصة لدفنها واثناء ذلك اكتشف كل منهما بان في احشاء جثته طفل صغير اهملوه اثناء حرب على نصف جثة ميتة ليضيع منهم امل حياة كاملة، فخرجت منهما صرخة داوية تردد صداها في سماء المكان ليستيقظوا في ساعات الاشراق الاولى من كابوس مجنون ملأ اذنيهما بالعويل والانين ورائحة جثث محترقة ، فلم يتمالكا نفسيهما ولم يشفع لهم الصحيان بان ذلك كان مجرد كابوس مزعج ، اخذا يهرولا في بيتهما الكبير بحثاً عن امهما فوجداها هناك جالسة في الشرفة مستقبلة الاضواء والنسيم ، تلاعب حفيديها اللذان ناما مبتسمين بين ذراعيها التفتت منزعجة على ضجيج جري في المكان وهمها راحة حفيديها وقبل ان تسألهما منزعجة عما بهما ؟ اجاباها بابتسامة كبيرة فقط كأنهما يحمدان الله على ان ذاك كله كان مجرد كابوس و تصادما بكتفيهما في حميمية وحمل كل منهما طفله الى غرفته يغني له اغنية مشبعة باماني الغد ومآلات اليوم وذاكرة الامس ، وتركت هي لتستريح قليلا بعد ان انهكها تشاكسهما في الماضي فلن يتركاها وحدها لتعاني مرة اخرى من مشاكسة حفيديها دون مساعدة منهما ، شعرت بالرضا والامتنان وفي جلستها تلك اخذتها غفوة القيلولة وحلمت بالحقول الخضراء والمواسم الغنية التي لا توحي بالانتهاء يرتع فيها ذريتها ، فعبرت ابتسامة مضيئة سماء وجهها تحاكي تلك العلامة التي تدل على الصواب عندما يرسمها المعلم في كراسة التاريخ .
                  

02-24-2018, 04:05 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    12-31-2010 01:30 PM

    لو كنت اوبرا

    استيلا قايتانو

    بما انني لست اوبرا وينفري بت عم ابو الجعافر كما يحب ان يشير اليها دائما، بحجة قرابة لون البشرة حتى استطيع ان اوثر في الرأي الشعبي والرسمي وذلك حين رفضت ذكر اسم مرشحها ابان الانتخابات الامريكية التي فاز بها الرئيس اوباما، بدافع تقول انه اخلاقي وذلك حتى لا تؤثر في الرأي العام الامريكي في اختيار الرئيس المناسب له حسب اراداته الحرة، بعيدا عن سحر اوبرا التي يحبها الكل في امريكا دون منازع وينقادون الى ما تقول حتى ولو على سبيل المزاح، فهي تلك الاعلامية الامريكية من اصول افريقية التي لها سحر ضخ الكثير من الطاقات الايجابية في الناس وديدنها في الحياة هو خلق فرق في حياة الناس على كل الاصعدة مادية كانت او معنوية، وترتقي بمشاهديها الى اعلى درجات السعادة، فاوبرا تستطيع ان تجعلك نجما في سموات العالم او تخسف بك تحت الارض حتى بدون قصد. قالوا ان طبيب استضافته وتحدث عن الاضرار التي يمكن ان تنجم عن تناول اللحم فقالت على سبيل المزاح: (لن أكل البيرقر مرة اخرى)، وتاني يوم طوالي من ما قالت الكلام.. البيرقر بار في السوق، مما ادت الى ان تقاضيها شركة من الشركات بدعوى انها تضررت من تصريحات اوبرا.

    ما جعلني افكر الشأن السوداني كله بان المشكلة في الاخلاق دي، ففي بلادي يخرج روؤس الدولة ويقولوا رأيهم في شأن الوحدة والانفصال مبيتين النية بان ينقاد الشعب خلف رأيه، إلا لماذا يأتي الشعور العام بانو الشعب الجنوبي مغشوش سوى من سيصوتون للوحدة او من سيصوتون للانفصال، لماذا يغلب ذلك الاحساس بان ليست هناك ارادة حقيقية لشعب جنوب السودان ؟؟؟؟ ببساطة لانو مافي اخلاق.

    عدم الاخلاق يأتي من ان هناك دعوة عامة للخيارين مع الاصرار على اخفاء كل الحقائق السلبية لتلك الخيارات. يعني لو ناس المؤتمر الوطني ديل قالوا نحن اي والله دايرين وحدة وحكاية التنمية دي مقدور عليها كان الليلة ولابكرة لكن حكاية العلمانية والتعددية والديمقراطية والسودان الجديد ما راكبة لينا هو السودان القديم مالو ماذي الفل ياهو مقضي غرضنا لا فيهو شق ولا طق دايرين تجددو لي شنو وليه البزار دا؟ وبصراحة الكلام حق الفرنجا دا بدينا احساس (كُفر كُفر) كدا عشان كدا اعفونا منها كان بتقدرو!؟ وناس الحركة الشعبية قالوا ليهم نحن والله مقدرين صراحتكم والله دي شروطنا وكنا حنستغرب لو وافقتوا عليها والله ضكرانين، لكن للاسف دي شروطنا ما دايرين غير كدا، يفتح الله ويستر الله، خلاص كانت نيفاشا حتبقى مجرد اتفاقية لوقف اطلاق النار والخمسة سنين كانت حتبقى هدنة تتم فيها كل الحاجات المذرورين فيها الليلة، وكان حتكون تلاتة لجان كبيرة فقط واحدة لابيي والتانية لترسيم الحدود التالتة لترتيبات ما بعد الانفصال، وكان ادوا روحهم فرصة سنة لابيي قول سنتين، وسنة لترسيم الحدود، سنة لترتيبات ما بعد الانفصال، وخلال دا كولو تتم العودة الطوعية في سلاسة ومن غير عذاب والستة شهور الدايرين يخرتونا فيهم ديل يخلونا نودع بعض بمهلة.

    والله لو حصل كدا كان اخير لا وحدة جاذبة وطاردة، والقرار من الاول يكون معروف الانفصال والاموال المشت للبطاقات والصناديق حقت الاستفتاء دي يستفيدو منها في حاجات تانية . بكدا نكون طلعنا باقل الخسائر يعنى مش اخير يكون انفصال مجان ومتفق عليه بدل ما يكون انفصال تستهلك كل الطاقات البشرية والمادية للوصول لنفس النتيجة؟ تاني حتقولو لي ارادة شعب الجنوب ، شعب الجنوب مارق من حرب مطلعة عينو مريض وفقران وجاهل وعشمان في حبيبة اولادو المتعلمين ديل، لذا ارادتها هي ارادة قادتها فنحن لسنا في سويسرا حيث لا يوجد متعلمين الا حديثي الولادة.
    فانسان الجنوب البيسط الذي لا يتحدث سوى لغته الخاصة، المزارع منه والراعي وصائد الاسماك يضع ثقته في ابنائه الذين يتمتعون بسحر التعليم لكي يفعلوا احسن ما عندهم لتفيدوه واذا لم تتوفر هذه الفائدة في الوقت الراهن على الاقل لا تضروه، فهو لايريد بطولات اذا كان ما ياتي هو القرار الافضل او تزجو به في تحمل المسؤلية الكاملة في حالة اسوأ السيناريوهات بحجة ان تلك كانت ارادته. وبما انني لست اوبرا لاني مفلسة ومحبطة ولا استطيع صنع فرق ولو على المستوى الشخصي.
    فوحدة الانقاديين ما سمحة والانفصال العدائي قبيح والطيور على اشكالها دعوها تقع وتكسر رقبتها كمان، في قليلات الايام الاتية ابحثو لنا عن وحدة جميلة وارجو الا تكون مستحيلة او انفصال وجيه .

    القرار بارادتكم .
                  

02-24-2018, 04:08 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    12-24-2010 01:34 PM

    عام وخاص

    استيلا قايتانو

    في لحظات الضعف تلك عندما تتكالب عليك الهزائم وكل ما حولك يحسسك بي ثقالتك وانك الان في هذه اللحظة لست ذات جدوى شئ اقرب الي انسان منتهي الصلاحية ويسسطر عليك احساس انك رقم ولكن لا يمر بك قطار العد تنازليا او تصاعديا او بتعبير دقيق صفر كبير على الشمال خاصة عندما تجد نفسك في معركة مجانية مابين الغرق في بحر هموم الخاص ثم هناك عميقا تجد نفسك واقع في براثن هموم العام ولا تستطيع التخلص من مصائد اختلاط الحابل بالنابل , وانت (مجدوع) هكذا ومستمتع باحساس الشفقة على الذات اذا بالموبايل يرن بتلك النغمة الهادئة ولكنها مزعجة في احاين كثيرة اتحرك اليه في تكاسل منقطع النظير انظر الى الشاشة هي صديقتي , ارد

    - الو ... ايوة ازيك يابت
    هي : ما اكون صحيتك من النوم .
    انا : لا ابدا صااااااحية .
    هي : ومالو صوتك دا عامل كدا .
    انا : بس طولت ما اتكلمت عشان كدا صوتي مصدي شوية كدا .

    لم تضحك كعادتها ،
    هي : انتي هسي وين وقاعدة تعملي شنو ؟ ومالك ما قاعدة تكتبي ؟
    انا بعد ان اتذريت زيييين : انا في البيت , والله ما عارفة ...
    مرات بتجيني حالة عدم قدرة على الكتابة يوم يوميين والحكاية تطول وتتعقد وبعد انازع نفسي ما بين الخجل من القراء ام الاحتجاب ام اغش نفسي والناس واكتب اي حاجة والسلام علما بانني في الكتابة بالذات لا اؤمن بنظرية الكحة ولا صمة الخشم ، اصلا ما دام الواحد عندو كحة بس اخير صمة الخشم اصح للناس وليهو .
    هي : انا هسي زهجانة ومغبونة للدرجة الانتحار ؟
    انا في قلق : مالك يا زولة كفانا الشر ؟
    هي : هسي قدامي جنب الكلية (الصيدلة جامعة الخرطوم) حصل موقف عجيب جدا ياخي في عساكر تلاتة كارين ليهم مره بالواطة يجرجرو فيها بطريقة عجيبة , الناس الماشة في الشارع كلها زعلها الموقف لكن طبعا مافي زول قادر يتكلم او يتدخل ، انا الموقف استفزاني وطبعا ما سكت مشيت وقلت ليهم يا خي ما ممكن اصلها عملت شنو المره دي عشان تعاملوها بالطريقة دي ، مش ممكن بطريقة احسن من كدا تسوقوها .
    بعد هذه الجملة استبد بي القلق عليها وقلت اكيد هي ذاتها اترفعت في البوكس بفكرة هي قايلة روحها منو عشان تتكلم .
    بعدها واصلت :
    بعد داك جا واحد اتكلم معاها براحة لامن مشت ركبت البوكس .
    اطمنت من الجملة انها لم تركب معها البوكس رغم السلبية التي امامها كشاهدة للحدث انا عبر الاثير احسست ببعض الايجابية لانو ناس البوليس سمعوها حتى النهاية وعدلو الصورة الما كريمة العاملو بيها المره .
    بعدها واصلت صديقتي زفراتها الحرى
    - عليك الله دي بلد يقعدوا فيها ؟
    انا والله لو ما خايفة يتلتلوني بهناك (الآخرة) تكون دي اللحظة المناسبة الزول ينهي فيها حياتو ويرتاح .
    احسست عميقا بانها ايضا تمر بلحظة من لحظات الضعف تلك عدم القدرة وعدم الرغبة في الحياة ولاقى بارود خاصها نار العامة لتنفجر بقرارات غير مريحة البتة .
    لم استطع ان اواسيها او اخفف عنها ولكنها كانت موصلة جيدة للآلام تصيب الناس في الشارع مخفية الامها الخاصة لتكتمل لوحة المأساة لتستقر داخل القلب محرضا على البكاء ولكن دون صوت او دموع .
    واصلت هي : ياخي مهما عملت وانا ما شفت غير انها شحادة ، افرض انها كانت اسواء من كدا باي حق تتكركر بالواطة ؟ هم ذاتهم عملو ليها شنو عشان ما تشحد او تبيع روحا عديل كدا ؟
    انا في الاتجاه الاخر الوك الصمت واحس بصوتي اكثر صدءاً من قبل حتى احسست برائحة المعادن في فمي قلت بعد عملية (تسليكة) صغيرة لمخارج الحروف
    -اي حاجة ممكن تحصل في البلد دي .
    اكتشف بعد جملتي تلك التي كنت اعتقدها تصلح للمواساة بانها كانت بمثابة ( نار وزادو حطب ) كان اخير اسكت بدل الكحة الصعبة دي ، لكن كان خلاص بعد فوات الاوان .
    هي : انا شخصيا بطني طمت وراجعة البيت ، وحافكر جادة اطلع برة البلد دي لانو الظاهر مافي امل .
    -قلت ماعندك حاجة تكتبي عنها اها دا موضوع كان يفيد مع السلامة .
    -انا ( بمسكنة) : مع السلامة .

    انتهت المكالمة ولكن ليست على خير كما هو ظاهر.
    بعدها تحمست واستفزت تماما ولكنها كانت انذار خاطئ لانني لم استطع لان الموضوع لم يكن مجرد موضوع ووقع في شرك قلمي واوراقي رغم انني دائما افتخر باننيي لا اصاب بالدهشة في هذا البلد المسكين اهلها والظالم حكامها ولكن الامر شلني تماما رغم البعد الجغرافي عن مكان الحدث وتسائلت بيني ونفسي : عن ماذا اكتب الان ؟ عن معاملة الشرطة مع مواطنة بالطريقة الغير كريمة تلك ( سوً ووط ) هو في مواطن من عامة الشعب حاسي انو كريم بيعاملو بكرامة ؟ والناس اتكلمو كتير عن الموضوع دا والرد دائما بانو دي تصرفات فردية . ونحن في انتظار حسم هذه التصرفات الفردية التي تؤثر على شكل العلاقة بين رجل الشرطة والمواطن وان لا يخلط بين الامور والا يبدا العقوبة النفسية والجسدية قبل النطق بالحكم من الجهات المختصة . ام اكتب عن لحظة التقاء نقاط ضعفنا تلك واختلاط العام بالخاص مما جعل عزيزتي تفكر في الانتحار ولكنها خايفة ( تخش النار) وقررت السعي الجاد في البحث عن اوطان تحترم انسانها وتحفظ كرامته .
    كيف تغفر انظمة لنفسها بانها انتجت اجيال محبطة تفكر في الانتحار مع العلم بان هناك من لا (يخاف ان يخش النار) لانها ترى في الواقع جحيما لايرحم احد ، او تفكر في اللجوء ؟ اذا غفرت لنفسها وتناست فنحن لا .
                  

02-24-2018, 04:09 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    12-17-2010 01:15 PM

    أسماء في هوامشنا

    استيلا قايتانو

    اذا كان من مهمة الاسم غير الدلالة والمعاني هو التميز بين الأشياء والأحياء وسائر مخاليق الله قد يتسع الى إحتواء قصة او طرفة بعيداً عن ذهن الكثيرين ، فالأسماء التي يطلقها أهل هامش المدن على أحيائهم ومساكنهم أرى فيه نوع من الإبداع في كيفية إطلاق اسم يحمل كل الدلالات والمعاني والقصص ليتم تلخيصها في أسم ساخر وقبيح ولكنه معبر ، فاسماء الاماكن مثل طردونا وزقلونا وجبرونا وغيرها تلخص أقصى سنوات النزوح وفعل الترحيل القسري والتكسير بدافع التخطيط رغم ان مسألة ان يعيشوا في مساكن مخططة في ذاك الزمان كان عبارة عن رفاهية لا تفكر فيها إلا الدولة لأنهم كانوا مهمومين بمسالة كيفية الحصول على الغذاء والماء .
    على كل كانت أسمائهم التي يطلقونها تصمد في وجه الزمن والحكومات رغم محاولتها (الحكومة) في تبديل الاسم بأسم آخر حضاري وأقل عري وأكثر تستراً للفضيحة وعار الحروب الأهلية. فكان الأسماء التي يطلقونها بمثابة مؤرخ لتاريخ ملئ بالانتهاكات لإنسانيتهم وكرامتهم.
    بنفس قدر توثيقهم للأحداث المحلية لا يفوتهم التوثيق للأحداث العالمية المشابه لحالتهم فوثقوا لدولة كوسوفو أيام الأحداث في الصرب كدولة إسلامية في قلب اوروبا ومعاناة إنسانها الذي يعد من الأقلية فسمو كوسوفو وهو سوق ومحطة وحي في الحاج يوسف ، شرق سوق ستة موثقين بذلك لأشد حالات الإختلاف ، كما سمو قندهار التي تزامنت مع ما يحدث في أفغانستان ، وهو مكان لشراب الخمور البلدية عبارة عن حفر في الفيافي إتقاء شر الكشات التي تعاني من الوصول السريع في الوقت المناسب للقبض عليهم متلبسين في حالة سكر ومعروضات عندما تهاجهم الكشة فلا ترى سوى الجري الصوف صوب الأحياء تاركين ورائهم كل شئ ، فلا تسمع سوى القرقراب المتقطع عندما يقع أحدهم متدردقاً في حفرة من الحفر.
    كما وثقوا الأحداث والأمكنة وثقو أيضاً للمواعين مثل الكيس المخطط الذي سمي (أبكر أرح ) تنديداً بالنزوح السريع بسبب الحرب التي إشتعلت في دارفور ولم يمهلهم القتل والحريق مهلة لملمة حوائجهم المهمة بس خت اي حاجة حتى لو في كيس وقوم طاير ، ووثقوا للاتفاقيات مثل أبوجا وهو ذي يُلبس ومثل نيفاشا وهو نوع من المشاط ربما ذي القاشرة بيهو أنا في الصورة دي ، لم تسلم التقنيات الحديثة من أسمائهم التي يعتزون بها فسمو الموبايلات بأسماء القادة فهناك هواتف نقالة سميت بسلفاكير وآخر بريبيكا زوجة الزعيم جون قرنق .
    وجون قرنق نفسه لم يسلم من أن يسمى عليه شئ ومنذ ان قمنا ونحن نُرسل الى الأسواق الشعبية في الأطراف وإلى الزرائب خاصة عندما يكون هناك نفير في البيت لصنع راكوبة جديدة أو تجديد راكوبة قديمة كسرت ظهرها الكتاحة ، فتقول أمي
    - روا تاكن جيبو حبل جون قرنق من سوق بي الفين عشان جا روبوتو بيهو كاسب تا راكوبة دي .
    وهو حبل صنع من إطارات السيارات القديمة ( الترتار ) وهو قوي وأسود ولا يتأثر بالزمن والحرارة حبل صبوووووور وروحو سلبة ويستاهل ان يسمى عليه فقيد الأمة السودانية والوطن.
    كما أن لهم تقارباتهم ونقاطهم الخاصة التي يوصلون بها الأشياء ببعضها من أجل أن يجيبوا على الأسئلة التي تقف في وجوهم مثل صنفور المحطة ، مثلا تؤكد حبوبة جيرانا الدرافورية بان كونداليزا رايس هي أصلاً من دارفور وتواصل : وأشهد الله كانت صغيرة ومعصصة ذي الاونكوليب ياهو عصعيصا دا من زمان ، وتحوم في الحلة مع جهلاتنا ومخاخيتا جاريات ، وأصلا إسمها قنقليزا بت الريس اها ودوها هناك أمريكا ما بعرفوا كيفن وسموها الداهية إسمها الهسي الصعب دا ، ثم تنظر لمن يشكك في قصتها نظرة ذَرة ما شيفتيها مهتمة بمشكلتنا ككيف . فلا تملك غير ان ترد : أيا شيفتها
                  

02-24-2018, 04:10 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    12-03-2010 01:35 PM

    (نحو الموت والسجون)

    استيلا قايتانو

    المكان : حي شعبي أو بالأدق عشوائي
    الموقع : بعيد عن العاصمة بعد الصالحين عن الجحيم
    الزمن : زمن النزوح – زمن الحرب .. الحرب التي ضدك أو ضدك
    السكان : غُبش
    الرائحة : البراز والخمر
    الشوارع مثل ثعابين قصيرة تنتهي بطرق مسدودة دائماً ، أهلها أدرى بشعابها ، إذا كنت تتجول في هذه الشوارع لأول مرة ، وأنت تنساب بآلية في طريق طويل فيه كل مقومات الشارع قد ينتهي بكل بغرفة نوم أحدهم.

    أنت تعيش هنا بعد أن فقدت كل شئ هناك ، وتحلم بالعودة قريباً لذا تفعل كل أشياءك بصورة مؤقتة ، من أجل هذا فأنت تصارع كل يوم من أجل المأكل والمشرب .. والملبس لا يهمك أمره كثيراً ، حتى صُرعت أخيراً ، صُرعت وأنت تعول أسرة ، أنت الآن راقد وواع تماماً بعجزك ، ترقد والسل يدب في أحشائك دبيب السوس في العود ، تحولت كلماتك إلى سعال وصديد ، عظامك البارزة مواسير تنساب فيها الحمى ، هناك أيضاً تقرحات على ظهرك من كثرة الإستلقاء ، هذا بيني وبينك لأن لا أحد يعلم عنها شئ حتى الآن ، لا شئ تفعله سوى النظر ، النظر فيما حولك ، صرت عيناً ... ترصد كل الأشياء حتى الأصوات. الآن أنت متكوم في غرفتك الخاصة .. الغرفة الوحيدة التي تخصك وتخص أفراد أسرتك زوجتك وتوأميك ولكنك ترى كل ما يحدث في شارع حيّك العشوائي أو بتسمية أكثر لباقة \"معسكر النازحين\" ترى الأطفال عراة وحفاة وهم يتمرغون في القذارة يقضون وقتهم في اللعب ومطاردة الكلاب في فوضى ، الأمهات والآباء بتجهون حثيثاً نحو الموت والسجون والجنون .. ترصد هذه الحلقات كل يوم من موقعك هذا ، حلقات كثيرة من الناس ، حلقات صراع ، حلقات شجار بالآلات الحادة وحلقات رقص التي تكون في العادة أكثر من بقية الحلقات ، رقص لأن أحدهم تزوج ، رقص لأن أحدم تمت ترقيته ، ورقص لأن أحداهما أنجبت طفلاً ، ورقص لأن أحدهم مات.

    يصلك كل ما في الشارع من أحداث لأنك تقريباً تسكن في الشارع ، الآن يصلك صوت تبول أحد السكاري على جدار غرفتك ، وتقيوء ذاك أما بابك وتدحرج ذاك مقاوماً للدوار ، تري النسوة في نشاطهن اليومي ينقلن الخمور من مكان لآخر متنافسات على الخامة الجيدة ونظافة مجلس الزبائن ، فالشعار المرفوع هنا \" بيتك للكل ، لأن الكل في بيتك ، لأن بيتك في الشارع والشارع من تراب\".

    زوجتك واحدة من النسوة ، تعمل في نشاط غريب ، تقوم بدورك ودورها في البيت ، فأنت محبط ومريض ومثخن بجراحات لا تندمل ، لم تستطيع أن تقي جسدك وعقلك ومعنوياتك من هذا الدمار الذي حل بك ، أنت صورة لكثيرين لكنهم فقط يندسون خلف زجاجات الخمر حتي لا يطحنهم هذا الحاضر المرير. عينك بؤرة تلتقي فيها كل الأشعة المرتدة من حيّك ، حيّك الذي يمتد يوماً بعد يوم إلى أقصى الأقاصي مستقبلاً النازحين والمتساقطين من ركب المدينة الصاروخي ، ليعيشوا هذه الحياة ، حياة لا مجال فيها للتساؤلات لأن كل الأسئلة لها إجابة واحدة ومعروفة للك \" لا خيار \".

    ومن منطلق هذه الإجابة يتعامل الكل دون حسرة أو ذكريات جميلة قد تقطع عليهم مجرى حياتهم ، فزوجتك الآن تعمل بنشاط النمل ، لا تعلم متى تنام فأنت ترصد إستيقاظها ليلاً ونهاراً ، ليلاً تسهر معك لتخفيف عنك الألم والحمى ، في ذات الوقت تصنع الخمر ، فهي مثل عمال المناجم ، تتصبب عرقاً ودموعاً ، تدك الأرض لإخفاء الآثار حذراً من الكشة ، فهي تنقل الخامة من حفرة إلى النار ومن النار إلى حفرة أخرى ، ثم حفرة ثالثة لتبتلع الفضلات المتبقية. فيجب إخفاء تلك الآثار جيداً حتى لا تكتشفها \"الكشة\" غداً. وفي النهار تنساب بين الزبائن ملبية طلباتهم ، وتوفير أدوات الشواء لهم ، لقد أعتدت على هذه الفوضى حتى صارت جزء منك ، كل هذا الضجيج يتم حول رأسك.. أنت مغتاظ لدرجة الموت من السكارى الذين يحيطونك من حين لآخر ، واصفين لك وصفات مذهلة للعلاج ، ورائحتهم التي تفوح شواء وخمر وبصل تجعلك تكاد تتقيأ أحشائك ، كل هذا وأنت عبارة عن عين ترصد فقط ، يحيرك نشاط زوجتك المفرط ، هي تحس بأنها إذا توقفت ستقف معها أشياء كثيرة منها قلبك ، وإذا نامت قد تفقدك وتفقد توأميها.

    تحيرك أيضاً إبتسامتها المفرطة رغم نزيفها الداخلي لأن السكاري سيظنون أن أخلاقها ضيقة فأنهم لا يحبذون ذوات الأخلاق الضيقة ، ها هي قادمة نحول نحيفة تتلاعب داخل ثوبها مثل ملعقة داخل كوب ، تستطيع بكل يسر أن تتابع عروقها وتفرعاتها من المنبع إلى المصب والعكس ، ترفع الوسادة التي تحت رأسك واضعة النقود تفعل هذا الشئ في كل دقيقة تقريباً تجرى حساباتها وتضعها دون اعتبار لأي رأس ملقي هناك كأنك والوسادة شئ واحد ، ولعلك تختلف قليلاً لأنك تسعل فالوسادات لا تسعل ، عندما تفعل ذلك يكاد رأسك ينفجر من الألم يتبعها سعالك فتنتبه لوجودك وتسندك بيد وتمسك العلبة التي تحوي بعض التراب لتبصق فيها لعابك الصديدي المريض باليد الأخرى، يتم ذلك خلال مخاطبتها مع أحدهم ومناقشتها له، ثم تسقيك بعض الماء وتذهب لتلبية الطلبات بعد قليل تأتي وتلقمك بعض الطعام وتسقيك الحليب ، ليس بينكم لغة فهي تتحاشي النظر إلى عينيك التي ترصد كل شئء حتى تفكيرها تفعل كل هذه الأشياء بآلية فيخيل إليك أنها تفعل أشياء كثيرة في آن واحد.

    حضر الصغيران ووقفا بعيداً ، كأنه ليس بيتهما ، فهو بيتهما في الليل فقط عند النوم ، لا يقتربان من الزبائن ، لأنهما يذكران ذلك اليوم الذي ضربتهما الأم ضرباً مبرحاً ، عندما دلفا وتلقفهما السكاري وصاروا يتحدثون معهم ، وكل واحد منهم يحس بمسؤلية تجاههما فيحشر اللحم في أفواههما ويدس بعض العملات في أيديهما لشراء الحلوى ، كانت الأم ترمقهما بنظرة تأديبية حارقة حتى لا يأخذا النقود ، ولكن السكاري أصروا عليهما، لأنهم كانوا في عالم آخر ، عالم الإفراط في كل شئ فكانوا يقولون بأن الأب أخيهم ، وآخر يلعن المرض ، وآخر يحضنهما باكياً مع توالي الأكل على أفواههما والنقود في أيديهما ، لم تستطع الأم أن تخرجهم من التراجيديا المفرطة تلك فذهبت وإنتزعتهما من وسطهم وأخذتهما خلف الغرفة الوحيدة وضربتهما ضرباً مبرحاً وهددتهما بأنهما إذا فعلا ذلك مرة أخرى فأنها ستذبحهما ذبحاً قائلة: أأنتم أفضل من هؤلاء الأطفال الذين يلعبون في الشارع. منذ ذاك اليوم إذا ارادا شيئاً وقفا هناك إلى أن تبصرهم فتأتي وفي أحايين أخرى لا تبصرهم فيعودان إلى مطاردة الكلاب والتبرز في العراء والعلب الفارغة، متناسين الجوع والعطش حتى المساء.

    أنت الآن تسمعها وهي تقول لجارتها بأنها أدخرت النقود الكافية لتأخذك غداً إلى المستشفى، لأنك إذا مت فأنها لن تغفر لنفسها أبداً، فتتكور أنت ألماً.

    تعلم جيداً هذه الفوضى التي تسود المكان ، السكارى هاربون، النسوة مهرولات يخبئن الخمور وأخريات يغلقت أبواب غرفهن في زعر فالفرار .. الفرار .. والفرار وتصلك تلك الأصوات الطفولية هاتفه: الكشة .. الكشة .. الكشة. تماماً هي نفس النغمة عندما يهتفون: الأغاثة .. الأغاثة .. الأغاثة، هم كذلك لا يفرقون بين المصيبة والمصيبة.

    يلي هذا الهاتف إقتحام تلك الكتائب المسلحة لحفظ النظام العام ومحاربة الرذيلة والحرام والترويض أيضاً، يتفرقون في كل البيوت ويسكبون السوائل على الأرض حتى الماء الذي تم الحصول عليه بعد شقاء مرير ، ويدحرجون البراميل على الأرض، فيقبضون على ذلك وتلك، ويضربون آخر وفي أقل من القليل تمتلئ عرباتهم بالسكارى والنسوة والأواني وتتحرك إلى حيث أتت ، ركض الأطفال خلف الشاحنات باكين منادين على أمهاتهم ، أباءهم ويضيع بكائهم وسط شخير عربات البوليس، ويتلاشى صراخهم وسط الغبار والعادم، كان طفلاك معهم لأن زوجتك لم تنجو هذه المرة، كنت تراقبها عندما نبش ذاك الأرض ووجد مكان مخبئها وأخرج الخمور وسكبها على أرضية الغرفة، كانت تتمتم وعيناها ذاهلتان: فقط لو أتوا في الأسبوع القادم .. كانت تكرر هذه الجملة ، وهي تقف هناك ويديها إلى الخلف كانت تتمايل أماماً وخلفاً كأنها تهديد طفلاً، وتتحاشى النظر إليك كأنها تخشى إلا تجدك، جرها ذاك أمامه بقسوة، كنت تعلم أنها كانت تريد أن تقول شيئاً ولكن...!!؟؟ أختفت العربات في الأفق وعاد الصغار منهكين من البكاء ودموعهم قد تركت أثراً مالحاً على تلك الخدود الجافة عادوا كما كانوا متناسين ما حدث هنا ، عادوا لمطاردة الكلاب والتبرز في العراء والعلب الفارغة محافظين على طفولتهم التي في أحضان اللامعقول.

    عاد صغيراك إلى البيت ووجدا فوضى من الأواني المبعثرة والأسّرة المقلوبة رأساً على عقب والخمور المهدرة على الأرض، بيتك صورة مصغرة للحيّ كله، بذل الصغيران جهدهما لوضع الأمور في نصابها أنت متكور عبارة عن قطعة من الألم ، تحس بتهتكات في صدرك، والحمى تسري في عظامك أكثر ما يؤلمك أنك تحولت إلى عين، عينك ستة على ستة تنظر فقط لا غير، ترى طفلتك التي تحسب بأنها في هذه الأثناء يجب أن تحل محل الأم فصار حازمة، وذامة شفتيها فتبدو أكبر من سنينها القليلة بعشرات المرات، طفلك لا يفارق الضحك شفتيه فهو مصر على إظهار تلك الفراغات في لثته.

    عندما تسعل يهرولان نحوك تشد هي من ذراعيك ويسندك هو من ظهرك لتبصق لعابك الصديدي في العلبة ، لقد ذهبت الأم إلى السجن، الطفلان يعلمان أنها ستعود، وأنت تعلم أيضاً، ولكن بأكثر دقة .. تعلم أنها ستعود ولكن ليس قريباً .. ربما لن تجدك وتعلم أيضاً بأن ألمها أكبر من آلامك لأنها تعلم بغيرها لن تكون الأشياء هنا.

    ساد ضجيج آخر ولكنه يختلف وصاح الأطفال: الأغاثة .. الأغاثة .. الأغاثة .. كل من في الحيّ يحمل صفيحاً وأكياساً فارغة وعلباً لتقلي الأغاثة ، فعل طفلاك مثلما فعلوا، وأمتدت الصفوف، كباراً وصغاراً ونساء ورجالاً وكثرت الشجارات وبكاء الأطفال طمعاً في حفنة دقيق أو قطرة زت، الشمس تشرق وتغيب على الرؤوس، يوم واحد لا يكفي، وتنظر أنت .. أنت العين تنظر إلى تلك الجوالات وعلب الزيت وقد كتب فيها بالخط العريض باللون الأزرق U.S.A وواحدة عليها نجمة حمراء علب الزيت U.S.A لبن البدرة (المشهور بين الأهالي بـ for dogs ) U.S.A جوالات الدقيق U.S.A وتفوّه ... لعابك الصديد .. ولكن ليس في العلبة هذه المرة ، بل على وسادتك .. لأن الأطفال كانوا هناك في الصفوف الأخيرة.

    الصغيرة كانت تصنع لكما الطعام .. طعام لا طعم لا ولا رائحة ولكن لا مفرد من أكله وإلا ستموت جوعاً .. وأنه لفضيحة أن يموت الإنسان جوعاً في بلد هو سلة غذاء العالم.

    لقد نفذت النقود التي تركتها زوجتك تحت الوسادة .. فقط لولا الإغاثة ...

    بعد عدة أيام ظهرت جرارات من على البعد ، هتف الأطفال: الكشة .. الكشة تصادمت النسوة مع السكارى في الطرقات بحثاً عن مكان لتخبئة تجارتهن وتمرغ السكارى على الأرض في طريق الفرا .. ولكن بعد قليل لم يكن الأمر كذلك .. فهتفوا مرة أخرى مستبشرين: الأغاثة .. الأغاثة ، وتدفقوا في الشوارع وفي أياديهم الأكياس والعلب الفارغة .. أيضاً لم يكن الأمر كذلك فسبهم الكبار ورشقوهم بالحجارة ، أبتعدوا عن الحيّ كانوا يعلمون بأن هناك شئ ولكن لا يعلمون كنهه ، وأنت .. العين كنت تعلم ولكن لا تستطيع الهتاف ، اقتربت تلك المعاول التي تسير على أربع أكثر، تم هدم كل البيوت التي كانت قائمة على الشوارع الرئيسية كما قالوا ومناطق الخدمات ومجرى السيل، وبهذه الأسباب أصبحت البيوت الواقفة هنا وهناك مثل أسنان في فهم عجوز خرف ، حتى غرفتك الوحيدة ذابت تحت وطأة الجرارات. اليوم التالي، شمس حارقة، تحول الحيّ الطيني إلى خرق عالقة في الهواء لتقي رؤوس الرضع من الهجير، تنتفض مع الرياح وتتلوى في كل الإتجاهات، والبقية في إنتظار المساء ليجود لهم بالظل، أنت هناك متكوم تحت ظل الغرفة الوحيدة التي قربك، واثاثك من حولك، الحمي الآن تسرى في عظامك سريان السم في الأوردة، لا تعلم شئ عن زوجتك، طفلاك شبحان يظهران ويختفيان، رفعت عينك إلى السماء تتمنى شيئاً، ربما الموت، ولكن الطبيعة باغتتك بمفاجآتها، كانت هناك عاصفة ترابية تتجمع في الأفق ومن خلفها سحب داكنة تصنع كائنات عملاقة ولكنها سرعان ما تغير شكلها قبل أن تحدد ماهية الأشكال، ساد إضطراب فيما حولك، الكل يبحث عن ما يأويه من ثورة الطبيعة تلك، حيث لا مأوى، غطت الأمهات أطفالهن بالمشمعات والملاءات مع تجمع كل أفراد الاسرة في مكان واحد ليقي كل الآخر بجسده.

    سعلت كثيراً أثناء العاصفة الترابية حتى كدت تفقد وعيّك لولا تلك القطرات المائية التي لامست وجهك، حضر صغيراك وتلفتا يمنى ويسرى .. أنت من تهمهم في هذه الأثناء، بحثا عن مشمع لتغطيتك، أمسكت هي الطرفين الأماميين وأمسك هو بالطرفين الخلفيين، وصنعا لك سقف ليقيك من المطر، إنحدرت منك دمعة تغلي، وأنت تراهما تحت المطر، يصارعان الرياح التي أخذت تعصف بهما وأحياناً تنزع من أيديهما السقف ويهرولان لجلبه بسرعة قبل أن تبتل أنت, هو يضحك مظهراً فراغات لثته، الأمر بالنسبة إليه لعبة .. لكنها سخيفة بعض الشئ ، وهي ذامة شفتيها لتبدو أكبر من أعوامها بعشرات المرات وتنظر إلى الأفق كأنها في إنتظار شئ ما ، كنت تراهما من تحت المشمع وهما يحاولان جاهدين بألا تمسك قطرة، ألتمعت تلك القطرات التي كانت عالقة بنهايات إذنيهما مثل البلور فلاح لك أمل هناك .. أمل بعيد .. بعيد جداً.

    توقفت الأمطار، هما الآن يخلعان أثوابهما الرطبة ويندسان تحت فراشك من البرد والرطوبة، كنت مصدر دفء لهما، عظامك الساخنة تغلى، وصدرك يغلى بالسعال، نام ذاك وهو يحلم بعودة الأم واللعب في ماء المطر وإصطياد الأسماك الضآلة التي إنجرفت مع الماء من الترعة القريبة، وترى تلك وعيناها مثبتة في الأفق كأنها في إنتظار شئ ما ، أما أنت فكنت تتسلل من الحياة شيئاً فشيئاً حتى لا ينتبها لغيابك.
                  

02-24-2018, 04:11 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    11-12-2010 02:09 PM

    رحيـــــل

    استيلا قايتانو

    قرر أن ينبذ اليأس الذي عشعش في داخله عناكب في غرفة مهجورة ، وأن يدفن حزنه حياً بين طيات جروحه ، رمى بكل آلامه في غياهب الذاكرة.
    خرج ليبدأ حياة جديدة في وحل الذكريات المنسية ، إستقل سيارة عامة وهو يرسم على وجهه إبتسامة تعبر عما في داخله من فرح ، فرح لإنتصار على كل ما يؤلم أو ما يوُقظ الأشجان ، ناسياً وفاة زوجته الشابة ، وغرق إبنه الذي لم يتعدى العام في بالوعة المنزل نتيجة إهماله ، فُصل من العمل لإصابته بحالة نفسية عصبية.

    جلس على المقعد مواجهاً الركاب ، أخذ يبحث بين خلجاتهم عن الأمل والفرحة ولكن إزداد فرحاً ، لأنه يختلف عن كل الجالسين ، أتت إمرأة أبنوسية اللون زنجية التقاطيع ، وإستوائية الملامح ، ذات شلوخ في شكل نجمة كثيرة التفرعات تزّين خدودها الذابلة تحمل رضيعاًَ لا يقل عنها نحولاً وهزالاً .

    نهض من مقعده أسندها حتى جلست ، يداها خشنتان ، عمل فيهما الشقاء ما عمل ، أحس بأنه يريد توزيع تلك الغبطة التي يشعر بها على كل الركاب ، أعاد النظر إليها ، شفاة جافة حزن أصفر معتلياً عرش وجهها ، عيون منكسرة ، قرار آخر أراد معرفة أسباب حزنها وإسعادها مهما كلفه ذلك. حدّس أن الطفل مريض ولابد أنها ذاهبة به إلى المستشفى ، ولا تملك نقود كافية .

    في تلك اللحظة تحسس جيبه ليطمئن على نقوده ، قال بينه وبين نفسه : سوف أكون معها حتى تعالج الطفل ، وسوف يتغذى جيداً ، وسوف تعود صحته وعافيته ، لابد أنه طفل جميل ذو خدود مثل ثمرة الطماطم ، سوف أقبله كثيراً حينها ، وأدغدغه كثيراً لأسمع ضحكة طفل متقطعة ذات شهققات صارخة.

    رقصت أساريره عندما مرت هذه الأفكار برأسه ، توقفت العربة لإنزال أحد الركاب ، أتى بائع متجول يحمل أنواع شتى من الحلويات ينادي بمشترياته حتى إنزعج الركاب ، هو الوحيد الذي أطربه البائع ، أخرج فئة مالية وإشترى مجموعة كبيرة من الحلوى ذات ألوان كثيرة أصفر وأحمر ، أخضر ، وأشكال بيضاوية ودائرية. تحركت السيارة ومروحة سعادته تزداد إضطراباً ، قدم لها الحلوى وهو يخاطبها بطريقة ذات ركاكة مفعمة بالرجاء: خذي هذا من أجل الطفل ، كان مبتسماً إبتسامة مضطربة خوفاً من الرفض ، قالت بلغة أكثر ركاكة: جنا دي موتو كلاص .. (لقد توفى هذا الطفل) ، رشحت طفلها بنظرات تحمل كل الأسى ، ثم دموع ساخنة تنهمر نحو الجثة الصغيرة كأنها تريد إغتساله ..

    دارت الدنيا أمام عينيه وأظلمت ، أصبح يرى كل شئ عبارة عن أشباح تسبح في دموعه التي أستقرت على مقلتيه دون إنحدار ، نزل عن العربة وأخذ يسير في خطى متعثرة هائماً على وجهه في شوارع العاصمة المزدحمة والمليئة بأبواب السيارات القادمة كالأصداء من بعيد .. بعيد جداً. ساقته قدماه إلى شاطئ النيل ، وقف يحدق في الماء ، أمواج تولد فجأة وتموت منتحرة تحت قدميه ، صور لطيور رسمت على صفحة النيل فاردة أجنحتها مرفرفة معلنة بالرحيل ، أسماك تضرب أحشاء النيل بزعانفها سابحة نحو الرحيل ، شمس منحنية في الأفق تجمع أشعتها عن وجه الدنيا إرهاصاً بإنتهاء يوم لتحبل بيوم جديد.
    إجتاحه حزن ذا جذور ضربت في أعماقه لهذا اليوم الراحل ، شعر أن أصابعه قد إلتحقت ببعضها البعض ، فتح كفه فإذا بالحلوى ما زالت هناك ، كان مطبقاً عليها بقوة عجيبة ، حتى عرقت كفه وذابت ألوانها وأختلطت أصفر في أحمر ، أخضر في أزرق ، أحمر في أخضر ، أقامت الحلوى مأتماً بدموعها الملونة على كفه ، قال من خلال إبتسامة ساخرة يائسة تحتضر في جانب ثغره ، هذه أيضاً حلوى لطفل رحل.
                  

02-24-2018, 04:11 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    11-05-2010 01:44 PM

    قراية الجرايد شماعة

    استيلا قايتانو

    السودان بلاد المفارقات اليومية لدرجة أن حواجبنا فترت من الارتفاع دهشة، وشلت كفوفنا من ضرب بعضها حتى جملة : والله لكن.. مبالغة!! تأبى أن تخرج.
    من الحاجات العجيبة أنو تجي ماشي وتلقى الناس ملمومة مندقرة تحت ومربطة يدينا ورا ضهرا وهم ساكين بعض محترمين بعض في القراية الصامتة أم شماعة دي.

    أول مرة أشوف المنظر دا قلت احتمال في زول واقع عيان أو مشحوذ بقلب الأسراتشات دولار أبو صلعة أو خطبة شعواء من أحد الدعا.. لكن اكتشفت أنو الناس دي بتقرأ في الجرايد واقفة وبتاع الجرايد فارش الجرايد في الواطة وقاعد ليه في طوبة وأظن مهنضب الجماعة بانو ممنوع الاقتراب أكثر من مستوى طولك يعني كل ما كنت قصير دا طوالي بهدد موقفه لأنو حتقراء أي حاجة في النهاية ما حتشتري الجريدة، في الغالب الواقفين ديل مافي زول فيهم بشتري الجريدة بالذات بعد ما بقت بجنيه.

    الشيء الدايرة أنبه ليه إنو خطورة قراية المنشيتات والإكتفاء به لأنو وظيفة المنشيت الأساسية إصطياد القاريء ولفت انتباه لقراءة الموضوع ، بالبلدي كدا المانشيت وظيفتو الأساسية أنو يرفع مستوى شمارك إلى مية في المية ويخليك تشتري الجريدة بكامل قواك العقلية بعد داك يا بقى الخبر قدر المانشيت يا المانشيت كان أحسن من الخبر بألف مرة وبعد داك تبقى ليك ميتة وخراب ديار، لأنو قراية المانشيت فقط قد يعطيك جزء من الخبر وليس كلو أو قد يضخم الحدث ويعمل من الحبة قبة فقط للعب دور موية السكر البنعلموا للحمام عشان يرحلوا من برج الجيران لبرجنا.

    نحذر من قراية الجرايد عموماً لانو يؤدي إلى الاكتئاب وفي جرايد تجننك عديل وفي جرايد تعمل انفصام وفي جرايد اسكت ساكت خلي ، ونقف بصلابة أمام الإكتفاء بقراية المانشيتات ونشجب وندين الأخبار المبتورة والمضخمة التي قد تؤدي إلى قطع رقاب.

    اقتراح:

    حقو بتاع الجرايد دا بس يشتري ليه كم نسخة من كل جريدة ويعمل ليه بنابر كدا ذي حقت ستات الشاي ويعمل ليه لافتة صغيرة.. أبدأ يومك بالصحيفة التي تحب.. وفش شمارك العالي من القلب (الجريدة بعشرة قروش فقط)..

    أها شفت الأخيرة دي ذي المانشيت كل الناس تجي بعد داك يكتشفوا إنو القراية محلي وليس سفري وبمواعيد محددة، تقرأ الجريدة بعشرة قروش وفي عشرة دقائق انتهيت ما انتهيت دي ما شغلتو.. طوالي يصفر ليك ويقول ليك .. الزمن إنتهى.. ولو اتلايقت يتلائق كمان.. ويقول شنو هو.. دايرين يمتحنوك فيهو..!!؟

    التحية لكل المهتمين باخبار البلد.. ونعلم تماماً بأنكم تصارعون أنفسكم ألف مرة في اليوم ما بين شراء جريدة بجنيه او كيس عيش أو رطل اللبن، طبعاً طوالي حأقول ليك أقرأ شماعة وشد الجرايد من الجنبك في الحافلة وفش غليلك حتى لو كان زهجان منك.. واصلاً حيكون سوداني زيك متمردق في الصبر مرديق وما حيقول بغم.. ولا يهمكم. كما أن الأشجار تموت واقفة.. يستطيع الإنسان أن يقرأ واقفاً..

    ربنا يوقف حال الوقفوا حالنا.. ويشمع بيهم دنيا وآخرة..
                  

02-24-2018, 04:13 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    10-29-2010 01:29 PM

    الدولة والركشة وموية الفول ضد سعادة الانسان السوداني

    إستيلا قايتانو

    في دراسة بثتها احدى القنوات كانت الدراسة تتحدث عن اسباب سعادة الفرد وربطت سعادة الفرد بسبعة أشياء أنا اختصرها بلغة العساكر بان اهم سبعة اشياء في سعادة الانسان هي خمسة ، التغذية السليمة (يتمثل في الغذاء الصحي) والرياضة وهدوء البال وهذا الثلاثي يؤدون الى الاربعة الباقية، وهو النوم سبعة ساعات على الاقل وتاني البسهرك شنو اذا كان بالك هادي. والحب والمقدرة على المحبة والاحساس بحب الاخر ودي طبعاً يتوفر بتوفر الاكتفاء من الاشياء الضرورية والاساسية والاحساس بانو مافي زول ذاريك ويهدد استقرار جيبك المادي، والكل مبسوط منك لانو قادر نوفر التزاماتك ناحيتهم ومبسوط من روحك لانك قايم بواجباتك تمام بدون ما تحس بانو الحاجات فوق طاقتك.

    الثلاثة الفوق في العنوان ديل مهددات رئيسية لسعادة الانسان السوداني ، الدولة القاعدة مركلسة ونحن بنصرف عليها ، هو نحن قادرين نصرف على رقبتنا - وبعد دا كلو نقناقة وكلامها كتير ومشاكلها اكثر من صوف راس كل السودانيين حتى المصلعين منهم ده ، غير نكد الشريكين الليلة اتصالحو وبكرة اطلقوا وجهجهة قلب الطلقوها لا يصيب سواء الانسان السوداني المسكين الذي يفكر من يوم بكرة وياربي حيكون كيف!

    ثانياً الركشة غير ازعاجها طررررر النهار كلو خلت الناس ما تتمشي وتمارس الرياضة المشي البقوموا بيها كل السودانيين ساي بعفو الخاطر لانو المشوار الكان بسيط وبتمشي بقت الركشة تقوم بدور التوصيل زمان ما كنتو بتمشو المشاوير دي اهو منها رياضة وتواصل اجتماعي لانو المشيوير دا تلاقي كم واحد نسلم عليهو ونسأل من احوالو ، لكن الركشات دي جات وادتها الاحساس ببعد المسافات وراكمت الشحوم وزادت الكلوسترول في الدم بالذات اخواتنا ناس بري ، والله بعيدين ياود جيب ركشة او يضربوا لبتاع الركشة الزبون المعتمد ، يا اخونا امشوا المشي مفيد مادام مافي رياضية بتمارسوها والفين الركشة دي بالقديمة طبعاً اشتري بيها خضار وفواكه لأنها بتمنع السرطان يعني تشيلي برتكانة تقشريها وانتي ماشة افضل لصحتك الف مرة من الازعاج وضياع القريشات.

    موية الفول نوع واحد للغذاء وجبة واحدة في اليوم ليس صحي باي حال من الاحوال اذن يدخل بجدارة الى مثلث عدم سعادة الانسان السوداني .

    وبعد عدم الحاجات دي كلها نتمنى السعادة والصحة للجميع.
                  

02-24-2018, 04:14 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    10-22-2010 01:15 PM

    كل شئ هنا يغلى ( نحو الجنون )

    استيلا قايتانو

    مازال صرير بوابة السجن الكبير يزن فى أذنيها عندما لفظها السجن من جحيمه الى جحيم المدينة ، إختلط الصرير بشخير البص القديم الذى يئن تحت وطأة السنين والشوارع الخربة .
    أيقظ فيها أنين البص ذكريات كانت غرقى فى ثبات عذابات أخرى ، هى تحاول فى تلك اللحظة بتر ذكرى عمرها ثلاثه أشهر ، نمت كعضو زائد فى جسد حياتها ليس منه فائدة غير التشوه. كانت تحاول بترها أو إذا كان بالامكان جمعها وصرها ثم إخفاءها بين المستجدات التى سوف تطرأ.

    السجن الكبير (حوش البقر) كما يطلق على المكان الذى كن مسجونات فيه .. ثم الزنازين فى حالة العصيان وعنبر أمهات الاطفال والمراحيض الطافحه دوماً .. حموضة قراصة الفتريتة التى تفجر اللعاب وتخدر الاسنان ، دخان الاخشاب الرطبة التى اضعفت الابصار والتى يستعملنها عند طهى القراصة الحامضة ، ليالى لم تنمها عندما تجهش النفس بالفجيعة، صباحات بواكر أيقظت بصفير التمام وسياط المجندات، ذاكرة مزدحمة بصداقات وشجارات ، أغنيات ونحيب جماعى .. امنيات وحكايا عن السجينات اللائي جئن من المدن وأرياف المدن ، قاتلات وداعرات ، مشردات وستات شاى ، متظاهرات وصحفيات وخادمات متهمات بالسرقة وبائعات خمور ..
    كانت تقسم ان ليست هنالك إمراة خارج الأسوار من كثرتهن . يقتلن الوقت فى صنع القهوة و(المشاط) والرقص – كل قبيلة تطبل وترقص والأقليات يتفرجن ويعلقن ضاحكات حتى المجندات كن يرقص معهن أحياناً وكما كن ينسجن الشائعات حول السجينات، شائعات بوجود الجن والأرواح والثعابين ، شائعات بأن هنالك فتيات فقدن عذريتهن داخل السجن ويأشرن همساً إلى ذاك او ذاك . الآن تسكنها الأسماء بشدة .. من شدة تكرارها عند مواعيد الزيارة .. اشول دينق .. ميرى جون .. برونيكا وانى .. ناجق .. روزة .. أكيج .. حليمة سهريج .. فطينة .. ميمونة .. كلتوم طبنجة .. كيجى لينو .. فونى .. كاتور .. عواطف كهرباء .. أسماء وأسماء عشعشت فى الذاكرة بنفس طريقة خروجها كسيحة الحروف من ألسنة المناديات. يهز كيانها لقاءات مجنونة بين أخوان وبين أمهات وبناتهن وأطفال يولدون وآخرون يموتون . قساوسة طالبى الاعتراف ليعطوا الغفران فى أيام الآحاد .. مسؤولين حكوميين يحملون لهم وعوداً فقاعة مليئة بالحاءات بإصلاح الحال فقط ان تركوا تجارة الخمور وكانوا لا يجودون بشئ سوى (الكشات) وتحطيم الطين الذى بنوه بدافع التخطيط. أنتزعتها طرقعة أصابع (الكمسارى) من غياهب ذكرياتها نظرت إليه فى بلاهة .. طرقع مرة أخرى .. انتبهت بأنه يطالبها بالنقود .. تذكرت بأنها منذ ثلاثة أشهر لم ترى نقوداً ولم تمسها .. ثلاثة أشهر ملئ بعسكر وصفير التمام ودموع ، حاولت ان تجازف معه اللغة كى تعتذر بأنها لا تملك وأنها خارجة من السجن للتو .
    فتكسرت اللغة على لسانها ، غضب (الكمسارى) وتمتم فى خفوت وإستياء .. إستاءت هى ايضاً. كل من فى البص ينظرون إلى السجينة الطازجة الخارجة الآن .. منهم من تعاطف ومنهم من سخط. كانت تعد خفقات قلبها .. عندما تتذكر الزوج الذى تركته غارقاً فى السل ويصارع الهزيان والتوأم والغرفة الوحيدة .
    وصلت المدينة الكبيرة التى كانت تمور ببشرها الكثر .. عمال .. وموظفون .. عسكر .. وعاطلون .. مشردون .. طلبة مدارس .. عرباتها الفارهة التى يجرى خلفها الاطفال المتسولون .. عمارات تحتها مليون مأزوم ومجزوم معطرون برائحة بالوعات المدينة التى تتقيأ على الشوارع . اتجهت الى بص آخر وقبل ان تستقله استأذنت (الكمسارى) حتى لا يفعل ما فعله ذاك ، تعاطف وأركبها ، جلست تنفست الصعداء .. تحركت العربة نحو ضواحى المدينة .. تاركة إياها تمور بمشرديها وجنودها ومجانينها. فى الطريق استدرجت ذاكرتها مرة أخرى تتذكر ذلك اليوم الذى انفجرت فيه باكية ونادبة والسجينات لايعرفن ماتحس به فى تلك اللحظة .. لقد احست بأنها فقدته .. ولكنها توطأت مع نفسها وانكرت احساسها ومازالت تتوطا حتى هذه اللحظة .. لذا كان قلبها يخفق بشدة كلما اخذت فى الاقتراب . وصلت المحطة الاخيرة التى كانت بداية محطات اخرى نحو اطراف الضواحى .. كانت تضج بالحمير وهى تجر عربتها (الكاروهات) يسوقها اطفال مراهقون بالاضافة الى عربات (البوكس) استاذنت الصبى الذى وافق بسرعة ركب معها عدد من مواطنون تلك تالاطراف ، وبدأ اللقاء قريباً ، كانت تسمع دقات قلبها ولاتستطيع السيطرة على اضطراب اعضائها ومنلوجها الداخلى صار واضحاً وواضعاً بصماته فى شكل استفهامات أخذت تنمو . كيف ستجدهم andamp;#8252; كيف سيكون استقبالها ..andamp;#8252; هل فكروا فى زيارتها يوماً ولم يستطيعوا andamp;#8252; كيف جاراتها ..andamp;#8252;؟.

    عندما اخذوا فى الاقتراب والدخول الى الحى والعربة تهدهدهم مثل الاطفال .. لاحظت التغير لقد اختفت الشوارع القصيرة الضيقة مثل الثعابين ، بيوت جزت لتصبح امكانها جرداء .. بئر ارتوازى يرتفع بشموخ فى مكان الطاحونة المائية .. هنا وهنالك تنمو وتتهدم ، ماذا جرى ؟ كارثة ؟ كبرت الاسئلة إزداد القلق والاضطراب ، سألت قالوا إنه التكسير لاعادة التخطيط ، تنهدت واخرجت لهيباً حاراً من انفاسها .. قفز سؤال يفضح تواطئها مع نفسها ، ماذا لو لم تجدهم andamp;#8252;؟؟ قد يكون هنالك سوق او مدرسة او ميدان قد حل محل الغرفة ..
    وصلت .. نزلت واخذت فى الهرولة وجسمها النحيف يتلاعب به الريح ، لم تجد شئ .. وقد بنيت فى مكان غرفتها زريبة لتجار يبيعون البلح والحطب والخميرة بهتت ، وابصرتها وهى تقف امام الزريبة هرولت اليها تعانقها باكية ومهزية .. عزتها فى زوجها قفز الاحساس مكتملاً احساس الفقد الذى انكرته من قبل ، إذن فقد مات ولم ينتظرها , مات فى ظل المطر والطفلان يتدفيان بحمته والغرفة كانت كانت ضحية التخطيط والتوام لا احد يعرف اين هما ؟ دمدمت مثل السماء وبرقت عينيها صرخت صراخا\" لم الحى كله وايقظه من سكرته وغيابه وبكت وولولت بكل اللغات التى تعرفها .. ناحت وانت كل خلية فيها طفرت دموع جرفت حزن العالم كله وغضب الدم وغبن القلب . تلملم الناس كانوا ياتون ببطء مثل اشباح قامت من الموت ويحيطونها .. جوعى وسكارى , اطفال عراة ذوى دموع مالحة جفت على الخدود النحيفة , نسوه هدهن دك الارض والرشاوى والسجون واحزان تتجدد , منهم من جلس ومنهم من وقف كانت هى تقف فى الوسط ترتجف من الفجيعة بكت معها النسوة فى حرقة ثم أخذت تسب وتلعن .. سبت الشماليون وسبت الجنوبيين , ثم كورت كفها وامسكت معصمها فى حركة بذيئة وسبت مؤخرة أم حرب .. وسقطت مغشى عليها . فى لاوعيها اتاها زوجها\" ..باهتا\" مثل الرماد يحمل صديده وينفض عن جسده الدود .. واساها واعتذر لغيابه المبكر ولكن روحه لم تتحمل البقاء فى جسد فانى ومتعفن .. فخرجت ولم اترك للتوأم سوى دفء ودمعتين . ثم امرها بالنهوض والبحث عن التوام ودعها ثم اختفى للابد . عندما استيقظت من غيبوبتها ..سبت نفسها ثم حزمت ثوبها فى وسطها وسألت عن قبره , الكل يتلفت الى الذين حوله دون إجابة .. سالت عن الطفلين فاخذت الاسماء تقفز فى الهواء منهم من رآهم فى طردونا ومنهم من رآهم فى جبرونا وتتالت الاسماء . طردونا ... جبرونا ..راس الشيطان .. كوشة الجبل مندلا .. انقولا .. كرتون كسلا .. و.. و... دارت راسها كادت تفقد الوعى للمرة الثانية من اين تبدأ ؟؟

    وضعت يديها متصالبة على راسها وذهبت .. اعطت ظهرها لهؤلاء .. الذين كانوا ينتظرون اليها باعين تقتلها الحسرة والقهر . بدأت رحلة البحث عن توام وقبر من طرف مدينة الى اطراف اخرى تمر بمحطات نهايتها بداية اخريات متشابهه فى كل شىء الحمير التى تجر العربات سائقيها اطفال ومراهقون , بيوت طينية بنيت فى زحمة الاحتماء من الهجير والمطر شوارع قصيرة مرتجلة تنتهى بطرق مسدودة دائما\" .. روائح الخمر والبراز الجاف مدارس كنسية هنا وهنا يتسرب منها الاطفال نحو علب الورنيش وعربات الحمير لنقل البشر والماء ومراكز صحية تشبه بيوتهم توزع الكلور كوين والتتراسايكلين رغم ان المرض هو الفقر والنزوح والحرب. ابار ارتوازية تضخ مياه مالحة ودافئة بطعم الدم . اسواق من خرق معلقة تبيع إمعاء الحيونات واللحوم الميته مراحيض مكشوفة تحمل اسماء مثل ( فضيحة مافى ) لرفع الحرج . زرائب أخذت تنتشر لبيع البلح والحطب والخميرة .. تشابه غريب فى كل شىء حتى الاطفال يتشابهون والبيوت الاقرب الى الجحور التى تتحدى المعاول وتنمو باصرار مثل الطحالب , حتى الاغاثة والكشات كانت متشابه . كانت تحرك شفتيها لان منلوجها الداخلى بدأ يغلى ويخرج بخارا\" .. كانت تسأل وتعلن وترحل من الاقاصى الى الاقاصى , تنادى صغيريها بكل جوارحها .ز ولكن دون جدوى .. تنام أينما يدركها النوم ثم تبدأ الرحلة مرة اخرى . وهكذا كبر المونولوج وانفجر اخذت تحكى الماساة باعلى صوتها وتذرف دموعا\" وعرقا\" ودما\" يحترق وجسد يذوب .. تضرب أو تحتضن طفلين وهميين .. تهرب من اشباح العسكر .. حفيت .. اخذت تتعرى .. غارت العيون ليسكنها الجنون .. كانت تشتهى الرحيل على قدميها التى تشققت واصبحت تنزف وتتورم مضت ايام وليالى وهى تسأل وتلعن وترحل وعندما خرج لها طفلاها ذات يوم من بركة التشرد تصادفوا انكمشا منها وهربت هى منهما , وكانت تعض على أصابعها ولعابها يسيل فى غزارة دموعها .. هربت وهى تعرج فاصبحت مشيتها قردية وتغطيها بعض الخرق ركضا خلفها ولكنها هربت تبكى حينا\" وتضحك حينا\" يئسا وعادا متدحرجين الى بركتهما وغابا .. كما غابت هى فى طريق البحث وضاعت ولكن فى غيابها كانت دوما\" تلعن وترحل وتسأل عن : قبر وبيت وطفلين يتيمين .
                  

02-24-2018, 04:14 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    10-21-2010 12:46 PM

    عشان تاني!!

    استيلا قايتانو

    جملة للشماتة والتشفي، تقال دائماً للزول الراسو قوي وعنيد، ويا رأيو أو الطوفان، زي دا لمن يغلط الناس تكون متكيفة جداً جداً، ولسان حالهم يقول عجبني ليهو عشان تاني!
    في هذه الأشهر الأخيرة قبل الاستفتاء لنقول للمواطنين هذا قراركم أو قبل الانفصال لنقول لأنفسنا تحت تحت الموضوع محسوم. ينتابني دائماً احساس أنه مع نهاية العام عندما ينفصل الجنوب سوف تقول الحركة الشعبية لمؤتمر الوطني الشمال: عشان تاني. أها اتمحركت في تنفيذ الاتفاقية لحدي ما الجنوب انفصل، وفي كل محركة بركة، وسوف نقول لأحزاب الشمال وشعب الشمال: عشان تخلو ناس المؤتمر الوطني في الحكم لحدي ما فصلوا البلد والجايات أكثر. وبعد الانفصال اذا ساءت الامور في الجنوب وصدقت المخاوف والجنوبيين ديل عجنوا بعض بالصراعات القبلية وماتوا من الكوليرا والمجاعات؛ حينها سوف تتكيف حكومة الخرطوم وبعض الشماليين الذين يحسون حالياً بأن كرامتهم اتهانت لمجرد أن هناك أصوات تنادي بالانفصال بالجنوب فارغو وازبدوا وأطلقوا ما أرادوا من شطط الكلام والتهديدات، لترهيب جنوبي الشمال من مغبة التصويت للانفصال للتشويش على ارادته.. نقول الكلام دا ما بيمشي على زول فنحن في عصر القوانين والاتفاقيات، والجنوبيون في الشمال اذا صوتوا للوحدة فذلك من منطق ايمانهم بأن الوحدة هي شفاء، ولو طال الزمن أو قصر وليس من أجل سواد عيون أحد، أو كانت الوحدة جاذبة، كما أنهم لو صوتوا للانفصال أيضاً يكون ذلك ضمن ايمانهم بأن في ذلك الخلاص.. الحجة في شنو؟! في الوقت الراهن لن يفيد أن نتهم بعضنا البعض بانفصاليين أو وحدويين انما الوقت يجبرنا أن نكون واقعيين. ياخ أخوك الفي البيت معاك لو يوم \"\"كجنك\"\" وقال راحل يعيش براهو، على الأقل ستستف معاهو شنطو فذلك قد يخفف من صدى التوتر، وربما ينمي احساس بالرضا على الأقل لو ما غير رايو قعد يمكن ياخدك في حضن جامد، وهو يقول: الوداع.. وربما ينزل دمعتين تلاتة ويكرر\" ما تنقطع عليك الله أدينا أخبارك أول بأول؛ لأنو العشرة ما هينة.. وقد يصيبه الحنين ويعود يوماً ما اذا غيرت أخلاقك دي. ولكن لو جدعت ليه هدوموا في الشارع وقلت ليهو: لابيني ولا بينك. يتم الفراق في جو مؤلم ومليء بالحقد والكراهية. وبالجد قد لا تراه مرة أخرى ولو في الدول المجاورة وبدل كلمات الوداع يقول: بركة الجات منك. دعوة لكل سوداني أصيل.. اجعلوا ما هو آتٍ محتملاً ولن يتم ذلك سوى بالهدوء والتفكير بروية والرضا التام بالواقع والتصالح معه، فالخوف والغضب عدوا التفكير السليم. كل أمنياتي الا تتحقق ولادة دولتين ضعيفتين، هلا نتبنى هذه الفكرة!؟ كيتاً في أي زول منتظر يقول عشان تاني.. والا يتم الانفصال بشكل مؤلم رحمة بمواطنينا!! فلا يكفي قول أننا نحترم خيار الجنوبيين اذا اختاروا الانفصال بل يجب الحاقه بجملة مهمة: وسوف ندعمهم حتى يقفوا على أرجلهم سنبني معهم دولتهم الجديدة كما بنى أبناؤهم أغلب عمارات الخرطوم في الحقبة الفائتة أيام رفع قدح المونة على الأكتاف وطلوع السلالم وليس بالرافعات والمضخات والخلاطات الحديثة، ونرسخ معهم المؤسسات المهمة.. أعلم أن يوتوبيا أفكاري قد تأخذني بعيداً ولكنه مجرد حلم أرجو تحقيقه وتبنيه. لأن ولادة دولة غير مستقرة يؤثر على الجيع وقد نقدم نموذجاً لانفصال غير مؤلم يدعم أطرافه بعضه بعضا، بدءاً بأحراق كروت الشماتة. قالوا في عزابة ساكنين مع بعض، بعدين جاهم واحدج سكن معاهم والظاهر كانوا شامنو شمة شديدة.. فبقوا يضايقوه عشان يرحل، يوم يجدعوا هدوموا ويوم يدسوا منو الشاي. كل يوم حيل جديدة، لكن عمك ولا شغال بيهم ولا سألم، في يوم من الأيام الله هداهم وندموا على عمايلهم مع الراجل المسالم، ومشوا اعتذروا ليه قالوا نحن آسفين وانت بقيت مننا وفينا ونعدك انو تاني ما نضايقك أصلو. قام الراجل قال: ما في مشكلة انا ذاتي تاني ما ببول ليكم في الزير. العداء يولد العداوة والمبالغة فيه تولد الانتقام.
                  

02-24-2018, 04:15 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    10-20-2010 12:43 PM

    لعنة الشمال

    استيلا قايتانو

    إذا جاز لنا تقسيم جنوبيي السودان بعد اندلاع جحيم الحرب فيها كمدنيين إلى عدة أقسام قد نخلص إلى عدة فئات؛ فئة مكثت في مناطقها متشبثة بأراضيها متحملة كل مخاطر الحرب، وكل ما يحيط بها من انتهاكات للإنسانية والانسانية، قاومت الموت الذي يحيط بها من كل ناحية.. ذاقت مرارة فقد الاقارب والأحبة أمام عينيه دون ان يتمكن حتى من دفنهم, وفئة لجأت إلى الدول المجاورة مثل يوغندا، والفئة الأكبر هي التي نزحت شمالاً؛ فمنهم من استقر في الشمال ومنهم من لجأ إلى مصر حيث هناك اصطدموا بالعنصرية الحقيقية من عامة الشعب المصري, يسخرون منهم عياناً بياناً من لونهم وشكلهم وشلوخهم دون استحياء أو خوف حيث أنهم ينادونهم باسم (بونقا بونقا) ويعني القرد هكذا وسط ضحكاتهم المتهكمة دون أن يقول أحدهم (بغم) لأن قول بغم وسط العرب الحقيقيين هؤلاء يعني أنك تدخل معركة خاسرة لانهم في لحظة سوف (يخمسونك) ويشرّطون ملابسك ويجعلونك أضحوكة لليسوي واللي ما يسواش، مما جعل جنوبيي السودان في مصر يفهموا حاجة عن العنصرية الحقة وكيف أنّ السودان رحمة.

    جنوبيو السودان الذين نزحوا إلى الشمال هم من أكثر الجنوبيين المثيرين للجدل خاصة هذه الأيام، فهم يشكلون كروتاً تتلون في أيدي الساسة تارة خضراء بأنّهم من ضحدوا فكرة أنّ الحرب الأهلية ليس بين شعبي الجنوب وشعبي الشمال وإنّما هي حرب بين الحكومة المركزية حركات مسلحة تنادي بحقوق معينة لإنسان الجنوب وتنادي برفع الظلم السياسي والاقتصادي والتنموي وربما الاجتماعي عنه تارة تصبحون كروتاً صفراء الكل يحذر منها فحكومة الجنوب التي كفرت باستحالة الوحدة الجاذبة تخشى أن يخيب هؤلاء أملهم بالتصويت للوحدة مما قد يقلب موازين الأصوات، وأيضاً حكومة الخرطوم تتمنى أن يصوتوا للانفصال لأنهم يعتمدون عليهم في قلب الطاولة على دعاة الانفصال مع العلم بأن عددهم الحقيقي هو الفيصل، وحتى هذا العدد أصبح هو ايضاً كرتاً في أيدي الساسة ينقص ويزيد حسب ما تقتضيه المصالح السياسية تارة يصبحون كروتاً حمراء مهددين بالطرد والتعرّض إلى العنف بعد إعلان الانفصال إذا ما زالوا متمسّكين بالشمال ولم يقنعوا بمسألة العودة إلى الجنوب.

    غير أنّ الصراع السياسي حوله قد ينظر إليه نظرة لا تخلو من اتهامه بأنّه تربية جلابة أو الجلابة اشتروا راسو أو أنه يتعرّض لتشويش وعيه عبر وسائل الإعلام فهو ضحية من الساهل أن يقع في شرك المؤتمر الوطني بأبسط طعم كل هذا يدور في معزل عن القياس الحقيقي لإنسان جنوب السودان الموجود في الشمال قد لا يكون لديه بطولات يحكيها ولكن ذلك لا ينفي أنّ له تجاربه التي صقلته وجعلته واعياً كفاية بمشاكله ومشاكل البلاد، يكفي أنه انتشر في بقاع السودان وعرف أنّ الظلم واقع على الجميع، ويكفي أنّ الحرب عندما اندلعت كانت الحكومات مستعدة للحرب، ولكنّها غير مستعدة للضحايا خاصة النازحين منهم، ويكفي انهم وخلال العشرين عاماً ونيفاً صارعوا وتغلبوا على ما يُسمى مشاكل عدم التكيف البيئي والثقافي والمجتمعي، وانتجوا أجيالا لا يحملون الحقد والكراهية على أحد وواعين تماماً بأهمية الاختلاف والمختلف.

    ويتحملون مسؤولية أخطائهم وعرفوا أن وقوع الظلم يحتاج لقطبين جبروت ظالم وضعف ضحية، فلم يرضوا به حتى فرضوا احترامهم على الآخرين بالعطاء والأخلاق والصبر؛ حتى نجحوا في تجاوز آثار الحرب وتصالحوا مع واقعهم ولم يستسلموا للعب دور الضحية طوال سنوات النزوح، فوقفوا على أرجلهم وعلموا أولادهم وامتلكوا أراضي ووظائف وأيضاً أولادهم فعلوا ذلك حتى ولو كانت هذه الأراضي في أبعد الأراضين ولكن بيته عزيز عليه لأنه لم يمتلكه بأخوي وأخوك، فكم من تكسير وتعويض حتى استقر أخيراً وكوّن علاقته الاجتماعية بناءً على متطلبات إنسانية بحتة. فكانت هناك علاقات مثل الصداقات القوية والجيرة الطيبة، وربما قد تصل إلى التزاوج وأحفاد يحملون جينات سودانية قد يكونون في رأي البعض أنهم مزيج ملعون ولكن دا الحاصل. ما أريد قوله هو ألا يتم التعامل مع جنوبيي الشمال على هذا النحو الظالم لا غين بكل سهولة ما مرّ به خلال عقدين من الزمان فهو مجرب وليس طبيب، لذا يجب سؤاله فقد جرب الحرب والنزوح والبداية من الصفر، وجرب العودة الطوعية والعودة العكسية ولكل أسبابه، وهم أعلم.. فنرجو أن تعطوهم الأمان والضمان لمشروع العودة الطوعية الثانية هذه وليس (كلفت كلفت).. وكأن الحرب قامت أول امبارح والجنوبون جو امبارح والليلة بسهولة يقوموا بشيلوا بقجهم ويرجعوا, م واعين تماماً لحساسية الموقف ولحاجة مسقط رأسهم لهم، وواعين بأن وجودهم هنا حتى إعلان نتيجة الاستفتاء قد يشكل خطورة على حياتهم وممتلكاتهم حسب تهديد البعض، وإذا ذهبوا إلى الجنوب مطرودين من الشمال فلن يسلموا من ألسنة وعيون البعض والذين سيقولون سراً ما قلتوا جلابة؟

    يرى البعض أن جنوبيي الشمال أصبحوا مدللين وضاربين الضللة وما عايزين يتعبوا حبة!

    نقول لهم لقد تعبوا مافيه الكفاية ولا شيء يساوي الاستقرار والإحساس بالأمان، ويبدو أن لأي فعل سياسي في هذا البلد قربان، فكان هناك قربان للحرب ما يقارب مليوني نفس بشرية، وكان هناك قربان السلام يوم وفاة د. جون قرنق ما يقارب العشرات رغم عدم وجود احصاءات، ويبدو أنه سيكون هناك قربان ليقدم لحضرة المدعو الاستفتاء، ونرجو ألا يفوق عددهم ما فات من ضحايا.

    ويبدو من هذه القراءة أن جنوبيي الشمال مصابون بما يسمى لعنة النزوح شمالاً ليحملوا وصمة عار كل من أخطأ وأخفق في حق الناس والوطن، فالذين لجأوا إلى امريكا واستراليا وكندا فهؤلاء قد كتب الله سلامتهم، ومن لجأوا إلى يوغندا وكينيا هؤلاء ما في مشكلة كأنهم في الجنوب، أما هؤلاء الذين اتجهوا شمالاً فقال الله بقولهم. يجب عليهم حسم معركة التجاذب بين ترك الوظيفة وانتزاع الأولاد من المدارس وترك الأرض والناس الحبايب والعودة للبداية من الصفر مرة أخرى أو أن يترك أمره لله ويمكث بفكره أنه سيدافع عن أسرته إذا نفذ المهددون تهديداتهم وهوجموا حتى يسقطوا قرباناً للاستفتاء. ولكن ماهو تصنيفهم بعد ذلك كضحايا هل هم فطايس لانفصال مؤلم أم شرفاء لوحدة غير مشروطة وشهداء رفضوا ان يُقسموا كما تقاسموا السلطة والثروة والأرض؟
                  

02-24-2018, 08:40 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)


    قصة قصيرة ...
    إستيلا قايتانو .. دولة جنوب السودان ..

    في ليلة قمرية

    عهدتها وارفة الظلال ، متينة الجذع ، كثيفة الأغصان، فارعة الطول ، وهي تقف في منتصف بلدتنا تتوسط القطاطي في حنية صادقة. كانت تلك الشجرة مقرا لمهمات وهزليات البلدة ، كانت مجلسا للسلاطين وكبار رجال البلدة ،وكانت منتدى للشباب والصبيان ، يرقصون قربها في الليالي القمرية على أنغام الطبول الشجية ، تلك الأنغام التي تنبعث بالرهبة والرغبة ، ولم لا وهي وليدة الاستوائية وابنة الأدغال؟ ذلك العالم المغلق .. العالم الذي إذا اقتحمته أعطاك الخير والشربذات القدر ، يمنحك الخوف والأمان ، الموت والحياة وكل التناقضات. كانت مقر التائه، واستراحة المتعب ، ومنزل المسافر ، أصبحت معلماً بارزاً في قريتنا ، وفي آخر ليلة قمرية تهيأنا لنعد العدة للرقص والأغاني الزنجية .

    الفتيات تجمعن بأجسادهن السوداء ، تزينهن سلاسل مرتبة في الطول والقصر حول أعناقهن وأساور عريضة من العاج تحيط بالمعاصم وخلاخل في الأرجل تصدر أصواتاً رتيبة وتنورة تغطي الجزء الأسفل من الجسد ، بدأ الرقص اهتزت الأجسام متناغمة مع الطبيعة الصارخة وأشعة القمر تصطدم بالجلود السوداء ، اللامعة لترتد إلى مصدرها الأول . فجأة حدث شجار قوي بين مجموعة من الشباب ، الفتيات صرخن في فوضى ، أمرهن أحدهم : اذهبن إلى بيوتكن ، هرولن في رعب، كان الصراع بين ثلاثة شباب من القرية المجاورة فتصدى لهم ثلاثة شباب من قريتنا لأنه ليس من الشرف والرجولة أن نصارعهم جميعنا .. انتهى الصراع كما ينتهي أي صراع كل يوم ، لا يحمل أحد منهم حقداً أو كراهية . في الليل سطع ضوء قوي وسط القرية وأخذت ظلال القطاطي تتراقص في جنون ، خرجت القرية في لحظة ، وأخذت تنظر في حزن ،اشتعلت الشجرة في حريق هائل ، شلت حركتهم ، كأن أجسادهم هي التي تحترق ، حاول بعضهم إطفاء النار ، ولكن دون جدوى لأن النيران كانت قد وصلت القمم ، وأخذت تلتهم الأوراق في شراهة ، كانوا يحسون بها كأنها تنتفض وتصرخ : أنقذوني .. أنقذوني ولكن من ينقذها؟ من ينقذ الأم الحنون ؟ من يستطيع تسلق شجرة من نار .. من ؟ وفي قمة هذه الأسئلةتلبدت السماء ، تجمعت السحب الداكنة وانفجر الرعد في غضب ثائر ، أمطرت السماء في غزارة الأمطار الاستوائية المفاجئة ، كانوا يقفون في أماكنهم غير مبالين بالأمطار فقط كان همهم أن تنطفئ النار .. وانطفأت .. توقفت السماء عن البكاء وكثرت الأسئلة ،من أحرق الشجرة ؟ وكثرت الإشاعات .. أصبحت سوداء كئيبة مثل شبح يريد التهام القرية، وكثرت أسئلة عشاقها ، هل ستخضر الشجرة مرة أخرى بعد أن فقدت أوراقها ؟ وهل ستعودلها الحياة بعد رسم الموت آثاره عليها؟ .

    وفي يوم كنا نجلس تحتها نتذكرالأيام الحلوة التي قضيناها قربها ونلعن الشبان الثلاثة ، لابد أن لهم يدا في الحريق ، ورفعت رأسي أنظر إليها ، كأني أريد إعادة الحياة لها ، فتخيلت ، بل لمحت هناك فرعاً صغيراً أخضر بين الفروع المتفحمة لا يكاد يرى ، نهضت من مكاني كأنني أريد الطيران ، كأن شيئاً لسعني ، فتسلقتها دون أن أرد على أسئلة أصدقائي المقلقة ،حتى وصلته ، نعم انها مخضرة ، انها حية ، الشجرة لم تمت ، صرخت بهذه الكلمات دون وعي ، والدموع تسيل على خدي ، احتضنت الفرع كأني احتضن جزءاً مني واحتضن أصدقائي الجذع كأنهم يحتضنون أماً عادت بعد غياب .
                  

02-24-2018, 08:42 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)


    الموقع : بعيد عن العاصمة بعد الصالحين عن الجحيم
    الزمن : زمن النزوح – زمن الحرب .. الحرب التي ضدك أو ضدك
    السكان : غُبش
    الرائحة : البراز والخمر
    الشوارع مثل ثعابين قصيرة تنتهي بطرق مسدودة دائماً ، أهلها أدرى بشعابها ، إذا كنت تتجول في هذه الشوارع لأول مرة ، وأنت تنساب بآلية في طريق طويل فيه كل مقومات الشارع قد ينتهي بكل بغرفة نوم أحدهم.

    أنت تعيش هنا بعد أن فقدت كل شئ هناك ، وتحلم بالعودة قريباً لذا تفعل كل أشياءك بصورة مؤقتة ، من أجل هذا فأنت تصارع كل يوم من أجل المأكل والمشرب .. والملبس لا يهمك أمره كثيراً ، حتى صُرعت أخيراً ، صُرعت وأنت تعول أسرة ، أنت الآن راقد وواع تماماً بعجزك ، ترقد والسل يدب في أحشائك دبيب السوس في العود ، تحولت كلماتك إلى سعال وصديد ، عظامك البارزة مواسير تنساب فيها الحمى ، هناك أيضاً تقرحات على ظهرك من كثرة الإستلقاء ، هذا بيني وبينك لأن لا أحد يعلم عنها شئ حتى الآن ، لا شئ تفعله سوى النظر ، النظر فيما حولك ، صرت عيناً … ترصد كل الأشياء حتى الأصوات. الآن أنت متكوم في غرفتك الخاصة .. الغرفة الوحيدة التي تخصك وتخص أفراد أسرتك زوجتك وتوأميك ولكنك ترى كل ما يحدث في شارع حيّك العشوائي أو بتسمية أكثر لباقة \”معسكر النازحين\” ترى الأطفال عراة وحفاة وهم يتمرغون في القذارة يقضون وقتهم في اللعب ومطاردة الكلاب في فوضى ، الأمهات والآباء بتجهون حثيثاً نحو الموت والسجون والجنون .. ترصد هذه الحلقات كل يوم من موقعك هذا ، حلقات كثيرة من الناس ، حلقات صراع ، حلقات شجار بالآلات الحادة وحلقات رقص التي تكون في العادة أكثر من بقية الحلقات ، رقص لأن أحدهم تزوج ، رقص لأن أحدم تمت ترقيته ، ورقص لأن أحداهما أنجبت طفلاً ، ورقص لأن أحدهم مات.

    يصلك كل ما في الشارع من أحداث لأنك تقريباً تسكن في الشارع ، الآن يصلك صوت تبول أحد السكاري على جدار غرفتك ، وتقيوء ذاك أما بابك وتدحرج ذاك مقاوماً للدوار ، تري النسوة في نشاطهن اليومي ينقلن الخمور من مكان لآخر متنافسات على الخامة الجيدة ونظافة مجلس الزبائن ، فالشعار المرفوع هنا \” بيتك للكل ، لأن الكل في بيتك ، لأن بيتك في الشارع والشارع من تراب\”.

    زوجتك واحدة من النسوة ، تعمل في نشاط غريب ، تقوم بدورك ودورها في البيت ، فأنت محبط ومريض ومثخن بجراحات لا تندمل ، لم تستطيع أن تقي جسدك وعقلك ومعنوياتك من هذا الدمار الذي حل بك ، أنت صورة لكثيرين لكنهم فقط يندسون خلف زجاجات الخمر حتي لا يطحنهم هذا الحاضر المرير. عينك بؤرة تلتقي فيها كل الأشعة المرتدة من حيّك ، حيّك الذي يمتد يوماً بعد يوم إلى أقصى الأقاصي مستقبلاً النازحين والمتساقطين من ركب المدينة الصاروخي ، ليعيشوا هذه الحياة ، حياة لا مجال فيها للتساؤلات لأن كل الأسئلة لها إجابة واحدة ومعروفة للك \” لا خيار \”.

    ومن منطلق هذه الإجابة يتعامل الكل دون حسرة أو ذكريات جميلة قد تقطع عليهم مجرى حياتهم ، فزوجتك الآن تعمل بنشاط النمل ، لا تعلم متى تنام فأنت ترصد إستيقاظها ليلاً ونهاراً ، ليلاً تسهر معك لتخفيف عنك الألم والحمى ، في ذات الوقت تصنع الخمر ، فهي مثل عمال المناجم ، تتصبب عرقاً ودموعاً ، تدك الأرض لإخفاء الآثار حذراً من الكشة ، فهي تنقل الخامة من حفرة إلى النار ومن النار إلى حفرة أخرى ، ثم حفرة ثالثة لتبتلع الفضلات المتبقية. فيجب إخفاء تلك الآثار جيداً حتى لا تكتشفها \”الكشة\” غداً. وفي النهار تنساب بين الزبائن ملبية طلباتهم ، وتوفير أدوات الشواء لهم ، لقد أعتدت على هذه الفوضى حتى صارت جزء منك ، كل هذا الضجيج يتم حول رأسك.. أنت مغتاظ لدرجة الموت من السكارى الذين يحيطونك من حين لآخر ، واصفين لك وصفات مذهلة للعلاج ، ورائحتهم التي تفوح شواء وخمر وبصل تجعلك تكاد تتقيأ أحشائك ، كل هذا وأنت عبارة عن عين ترصد فقط ، يحيرك نشاط زوجتك المفرط ، هي تحس بأنها إذا توقفت ستقف معها أشياء كثيرة منها قلبك ، وإذا نامت قد تفقدك وتفقد توأميها.

    تحيرك أيضاً إبتسامتها المفرطة رغم نزيفها الداخلي لأن السكاري سيظنون أن أخلاقها ضيقة فأنهم لا يحبذون ذوات الأخلاق الضيقة ، ها هي قادمة نحول نحيفة تتلاعب داخل ثوبها مثل ملعقة داخل كوب ، تستطيع بكل يسر أن تتابع عروقها وتفرعاتها من المنبع إلى المصب والعكس ، ترفع الوسادة التي تحت رأسك واضعة النقود تفعل هذا الشئ في كل دقيقة تقريباً تجرى حساباتها وتضعها دون اعتبار لأي رأس ملقي هناك كأنك والوسادة شئ واحد ، ولعلك تختلف قليلاً لأنك تسعل فالوسادات لا تسعل ، عندما تفعل ذلك يكاد رأسك ينفجر من الألم يتبعها سعالك فتنتبه لوجودك وتسندك بيد وتمسك العلبة التي تحوي بعض التراب لتبصق فيها لعابك الصديدي المريض باليد الأخرى، يتم ذلك خلال مخاطبتها مع أحدهم ومناقشتها له، ثم تسقيك بعض الماء وتذهب لتلبية الطلبات بعد قليل تأتي وتلقمك بعض الطعام وتسقيك الحليب ، ليس بينكم لغة فهي تتحاشي النظر إلى عينيك التي ترصد كل شئء حتى تفكيرها تفعل كل هذه الأشياء بآلية فيخيل إليك أنها تفعل أشياء كثيرة في آن واحد.

    حضر الصغيران ووقفا بعيداً ، كأنه ليس بيتهما ، فهو بيتهما في الليل فقط عند النوم ، لا يقتربان من الزبائن ، لأنهما يذكران ذلك اليوم الذي ضربتهما الأم ضرباً مبرحاً ، عندما دلفا وتلقفهما السكاري وصاروا يتحدثون معهم ، وكل واحد منهم يحس بمسؤلية تجاههما فيحشر اللحم في أفواههما ويدس بعض العملات في أيديهما لشراء الحلوى ، كانت الأم ترمقهما بنظرة تأديبية حارقة حتى لا يأخذا النقود ، ولكن السكاري أصروا عليهما، لأنهم كانوا في عالم آخر ، عالم الإفراط في كل شئ فكانوا يقولون بأن الأب أخيهم ، وآخر يلعن المرض ، وآخر يحضنهما باكياً مع توالي الأكل على أفواههما والنقود في أيديهما ، لم تستطع الأم أن تخرجهم من التراجيديا المفرطة تلك فذهبت وإنتزعتهما من وسطهم وأخذتهما خلف الغرفة الوحيدة وضربتهما ضرباً مبرحاً وهددتهما بأنهما إذا فعلا ذلك مرة أخرى فأنها ستذبحهما ذبحاً قائلة: أأنتم أفضل من هؤلاء الأطفال الذين يلعبون في الشارع. منذ ذاك اليوم إذا ارادا شيئاً وقفا هناك إلى أن تبصرهم فتأتي وفي أحايين أخرى لا تبصرهم فيعودان إلى مطاردة الكلاب والتبرز في العراء والعلب الفارغة، متناسين الجوع والعطش حتى المساء.

    أنت الآن تسمعها وهي تقول لجارتها بأنها أدخرت النقود الكافية لتأخذك غداً إلى المستشفى، لأنك إذا مت فأنها لن تغفر لنفسها أبداً، فتتكور أنت ألماً.

    تعلم جيداً هذه الفوضى التي تسود المكان ، السكارى هاربون، النسوة مهرولات يخبئن الخمور وأخريات يغلقت أبواب غرفهن في زعر فالفرار .. الفرار .. والفرار وتصلك تلك الأصوات الطفولية هاتفه: الكشة .. الكشة .. الكشة. تماماً هي نفس النغمة عندما يهتفون: الأغاثة .. الأغاثة .. الأغاثة، هم كذلك لا يفرقون بين المصيبة والمصيبة.

    يلي هذا الهاتف إقتحام تلك الكتائب المسلحة لحفظ النظام العام ومحاربة الرذيلة والحرام والترويض أيضاً، يتفرقون في كل البيوت ويسكبون السوائل على الأرض حتى الماء الذي تم الحصول عليه بعد شقاء مرير ، ويدحرجون البراميل على الأرض، فيقبضون على ذلك وتلك، ويضربون آخر وفي أقل من القليل تمتلئ عرباتهم بالسكارى والنسوة والأواني وتتحرك إلى حيث أتت ، ركض الأطفال خلف الشاحنات باكين منادين على أمهاتهم ، أباءهم ويضيع بكائهم وسط شخير عربات البوليس، ويتلاشى صراخهم وسط الغبار والعادم، كان طفلاك معهم لأن زوجتك لم تنجو هذه المرة، كنت تراقبها عندما نبش ذاك الأرض ووجد مكان مخبئها وأخرج الخمور وسكبها على أرضية الغرفة، كانت تتمتم وعيناها ذاهلتان: فقط لو أتوا في الأسبوع القادم .. كانت تكرر هذه الجملة ، وهي تقف هناك ويديها إلى الخلف كانت تتمايل أماماً وخلفاً كأنها تهديد طفلاً، وتتحاشى النظر إليك كأنها تخشى إلا تجدك، جرها ذاك أمامه بقسوة، كنت تعلم أنها كانت تريد أن تقول شيئاً ولكن…!!؟؟ أختفت العربات في الأفق وعاد الصغار منهكين من البكاء ودموعهم قد تركت أثراً مالحاً على تلك الخدود الجافة عادوا كما كانوا متناسين ما حدث هنا ، عادوا لمطاردة الكلاب والتبرز في العراء والعلب الفارغة محافظين على طفولتهم التي في أحضان اللامعقول.

    عاد صغيراك إلى البيت ووجدا فوضى من الأواني المبعثرة والأسّرة المقلوبة رأساً على عقب والخمور المهدرة على الأرض، بيتك صورة مصغرة للحيّ كله، بذل الصغيران جهدهما لوضع الأمور في نصابها أنت متكور عبارة عن قطعة من الألم ، تحس بتهتكات في صدرك، والحمى تسري في عظامك أكثر ما يؤلمك أنك تحولت إلى عين، عينك ستة على ستة تنظر فقط لا غير، ترى طفلتك التي تحسب بأنها في هذه الأثناء يجب أن تحل محل الأم فصار حازمة، وذامة شفتيها فتبدو أكبر من سنينها القليلة بعشرات المرات، طفلك لا يفارق الضحك شفتيه فهو مصر على إظهار تلك الفراغات في لثته.

    عندما تسعل يهرولان نحوك تشد هي من ذراعيك ويسندك هو من ظهرك لتبصق لعابك الصديدي في العلبة ، لقد ذهبت الأم إلى السجن، الطفلان يعلمان أنها ستعود، وأنت تعلم أيضاً، ولكن بأكثر دقة .. تعلم أنها ستعود ولكن ليس قريباً .. ربما لن تجدك وتعلم أيضاً بأن ألمها أكبر من آلامك لأنها تعلم بغيرها لن تكون الأشياء هنا.

    ساد ضجيج آخر ولكنه يختلف وصاح الأطفال: الأغاثة .. الأغاثة .. الأغاثة .. كل من في الحيّ يحمل صفيحاً وأكياساً فارغة وعلباً لتقلي الأغاثة ، فعل طفلاك مثلما فعلوا، وأمتدت الصفوف، كباراً وصغاراً ونساء ورجالاً وكثرت الشجارات وبكاء الأطفال طمعاً في حفنة دقيق أو قطرة زت، الشمس تشرق وتغيب على الرؤوس، يوم واحد لا يكفي، وتنظر أنت .. أنت العين تنظر إلى تلك الجوالات وعلب الزيت وقد كتب فيها بالخط العريض باللون الأزرق U.S.A وواحدة عليها نجمة حمراء علب الزيت U.S.A لبن البدرة (المشهور بين الأهالي بـ for dogs ) U.S.A جوالات الدقيق U.S.A وتفوّه … لعابك الصديد .. ولكن ليس في العلبة هذه المرة ، بل على وسادتك .. لأن الأطفال كانوا هناك في الصفوف الأخيرة.

    الصغيرة كانت تصنع لكما الطعام .. طعام لا طعم لا ولا رائحة ولكن لا مفرد من أكله وإلا ستموت جوعاً .. وأنه لفضيحة أن يموت الإنسان جوعاً في بلد هو سلة غذاء العالم.

    لقد نفذت النقود التي تركتها زوجتك تحت الوسادة .. فقط لولا الإغاثة …

    بعد عدة أيام ظهرت جرارات من على البعد ، هتف الأطفال: الكشة .. الكشة تصادمت النسوة مع السكارى في الطرقات بحثاً عن مكان لتخبئة تجارتهن وتمرغ السكارى على الأرض في طريق الفرا .. ولكن بعد قليل لم يكن الأمر كذلك .. فهتفوا مرة أخرى مستبشرين: الأغاثة .. الأغاثة ، وتدفقوا في الشوارع وفي أياديهم الأكياس والعلب الفارغة .. أيضاً لم يكن الأمر كذلك فسبهم الكبار ورشقوهم بالحجارة ، أبتعدوا عن الحيّ كانوا يعلمون بأن هناك شئ ولكن لا يعلمون كنهه ، وأنت .. العين كنت تعلم ولكن لا تستطيع الهتاف ، اقتربت تلك المعاول التي تسير على أربع أكثر، تم هدم كل البيوت التي كانت قائمة على الشوارع الرئيسية كما قالوا ومناطق الخدمات ومجرى السيل، وبهذه الأسباب أصبحت البيوت الواقفة هنا وهناك مثل أسنان في فهم عجوز خرف ، حتى غرفتك الوحيدة ذابت تحت وطأة الجرارات. اليوم التالي، شمس حارقة، تحول الحيّ الطيني إلى خرق عالقة في الهواء لتقي رؤوس الرضع من الهجير، تنتفض مع الرياح وتتلوى في كل الإتجاهات، والبقية في إنتظار المساء ليجود لهم بالظل، أنت هناك متكوم تحت ظل الغرفة الوحيدة التي قربك، واثاثك من حولك، الحمي الآن تسرى في عظامك سريان السم في الأوردة، لا تعلم شئ عن زوجتك، طفلاك شبحان يظهران ويختفيان، رفعت عينك إلى السماء تتمنى شيئاً، ربما الموت، ولكن الطبيعة باغتتك بمفاجآتها، كانت هناك عاصفة ترابية تتجمع في الأفق ومن خلفها سحب داكنة تصنع كائنات عملاقة ولكنها سرعان ما تغير شكلها قبل أن تحدد ماهية الأشكال، ساد إضطراب فيما حولك، الكل يبحث عن ما يأويه من ثورة الطبيعة تلك، حيث لا مأوى، غطت الأمهات أطفالهن بالمشمعات والملاءات مع تجمع كل أفراد الاسرة في مكان واحد ليقي كل الآخر بجسده.

    سعلت كثيراً أثناء العاصفة الترابية حتى كدت تفقد وعيّك لولا تلك القطرات المائية التي لامست وجهك، حضر صغيراك وتلفتا يمنى ويسرى .. أنت من تهمهم في هذه الأثناء، بحثا عن مشمع لتغطيتك، أمسكت هي الطرفين الأماميين وأمسك هو بالطرفين الخلفيين، وصنعا لك سقف ليقيك من المطر، إنحدرت منك دمعة تغلي، وأنت تراهما تحت المطر، يصارعان الرياح التي أخذت تعصف بهما وأحياناً تنزع من أيديهما السقف ويهرولان لجلبه بسرعة قبل أن تبتل أنت, هو يضحك مظهراً فراغات لثته، الأمر بالنسبة إليه لعبة .. لكنها سخيفة بعض الشئ ، وهي ذامة شفتيها لتبدو أكبر من أعوامها بعشرات المرات وتنظر إلى الأفق كأنها في إنتظار شئ ما ، كنت تراهما من تحت المشمع وهما يحاولان جاهدين بألا تمسك قطرة، ألتمعت تلك القطرات التي كانت عالقة بنهايات إذنيهما مثل البلور فلاح لك أمل هناك .. أمل بعيد .. بعيد جداً.

    توقفت الأمطار، هما الآن يخلعان أثوابهما الرطبة ويندسان تحت فراشك من البرد والرطوبة، كنت مصدر دفء لهما، عظامك الساخنة تغلى، وصدرك يغلى بالسعال، نام ذاك وهو يحلم بعودة الأم واللعب في ماء المطر وإصطياد الأسماك الضآلة التي إنجرفت مع الماء من الترعة القريبة، وترى تلك وعيناها مثبتة في الأفق كأنها في إنتظار شئ ما ، أما أنت فكنت تتسلل من الحياة شيئاً فشيئاً حتى لا ينتبها لغيابك.
                  

02-24-2018, 05:52 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)

    كلما تقرا لاستيلا تتضخم فجيعة الانفصال ككرة ثلجيةاو قل في بداياتها كانت كقمة جبل الجليد كل يوم تتعاظم
    وكان البعض يظنها مثل المصيبة تتضاءل بمرور الأيام.
    عندما أقرا لاستيلا يقفز من بين السطور صوت الأبنوسي شول منوت الشجي وعندما استمع الي شول منوت تضيء احرف الفراشة استيلا كنجمة صباحية مثل اسمها
    ويتماهي الاثنان ليجسدا فجيعة أيقونة الوحدة دكتور قرنق
    نيازك شديدة الضياء قصيرة العمر جون بالرحيل الابدي واستيلا بالرحيل المر محتقبة جزءا من الوطن وشول منوت العليل بين الحضور والغياب

    اعتقد ان ملمة استيلا سمعتها قبل عدة سنوات !
    جني
                  

02-25-2018, 06:57 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: jini)

    ستيلا قايتانو.. أيقونة الكتابة القصصية بجنوب السودان

    حملت معها ذاكرة المنشأ ومعاناة الصراع والتكيف مع الأوضاع القسرية التي وجدت فيها، لتحمل قلمها معولا تعبر به عن الواقع الأليم للنازحين المهمشين في شتى المدن السودانية.

    إنها الأديبة الجنوب سودانية، استيلا قايتانو، التي استطاعت عبر قصصها أن ترسم صورة تعكس ظروف نشأتها ونزوح أسرتها قبل أن ترى النور من إقليم جنوب السودان (قبل الاستقلال في 2011) والذي شهد أطول حرب في القارة الإفريقية من (1983-2005).

    وتعتبر استيلا، الطبيبة الصيدلانية وكاتبة القصة القصيرة في جنوب السودان المولودة في العام 1978 في العاصمة السودانية الخرطوم ، إحدى رائدات الكتابة القصصية باللغة العربية في جنوب السودان التي عادت إليه طواعية عقب الاستقلال تاركة وراؤها سنوات من الذكريات عاشتها في الخرطوم.

    انعكست ذاكرة المنشأ ومعاناة الصراع على قلم استيلا، فكانت جميع شخوصها في الكتابة تتحرك في فضاء الاستبعاد السياسي والثقافي والاجتماعي، وجاءت بأبطال قصصها ممن يعيشون في المساكن العشوائية في أطراف المدن وفي أماكن تفتقر لأبسط مقومات الخدمات، أو ممن يعانون من التفكك بعد أن لجأوا إلى الخرطوم كموطن بديل لمناطقهم التي فروا منها بسبب الحرب.

    أعمال الأديبة جنوب السودانية، مثلت المرآة التي تعكس واقع الحياة التي تعيشها الكاتبة كممثلة لمجتمعها الثقافي في ظل صراع سياسي وحرب تستهدف منطقتها (جنوب السودان) الذي ظل مسرحا للمواجهات العسكرية بين الجيش الحكومي ومتمردي الحركة الشعبية.

    وتعد استيلا كاتبة من الجيل الثاني في تاريخ الكتابة القصصية والإبداعية في جنوب السودان، فهناك رواد ومؤسسين سبقوها في هذا المجال مع اختلاف لغة الكتابة، حيث ظهرت أعمال فرانسيس دينق الروائية (طائر الشؤم وبذرة الخلاص) في وقت مبكر في ثمانينات القرن الماضي بالإنجليزية ترجمت فيما بعد الي العربية.

    بجانب كتابات جونسون ميان، في القصة القصيرة، واقنس لاكو فوني، التي نشرت أعمالها القصصية في مجلة "سودان ناو الانجليزية" في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت معظمها كتابات تحكي عن تجارب الحرب وتبني فضائها السردي من أحداثها ومفارقاتها.

    المنوال نفسه سارت عليه استيلا قايتانو، وكذلك أرثر قبريال ياك، في مجموعته القصصية الصادرة بالقاهرة بعنوان (لا يهم فأنت من هناك) بعد أن اختارا اللغة العربية كوسيط للكتابة نسبة لظروف نشأتهما ودراستهما في الخرطوم والقاهرة، فاختلفت موضوعات تناولهما عن الجيل الأول، في الزمان والمكان مع الحفاظ علي وحدة الموضوع الذي هو الحرب و النزوح.

    تم التعرف علي كتابات استيلا من خلال كتاب "دروب جديدة" في عام 2002، والذي أصدره نادي القصة السوداني واشترك فيه كثير من الكتاُب الشباب، وهو كتاب يتضمن مجموعة من القصص تناولت مواضيع مختلفة.

    ومن أشهر قصص الكاتبة هي "بحيرة بحجم شجرة الباباي"، وتتحدث القصة عن علاقة بين جدة وحفيدتها وهذه العلاقة حميمة وقامت الجدة برعاية الحفيدة واحتضانها حين مات أبواها وهي صغيرة وختمت القصة الأسطورية بتجسيد الكاتبة للاعتقاد بأن الإنسان الجنوبي لا يؤمن بالموت بل بالانتقال من حياة إلي حياة أخرى.

    صدرت لاستيلا أولي مجموعاتها القصصية تحت عنوان (زهور زابلة) في العام 2004، عن "دار عزة" للنشر الخاصة بالخرطوم، لتعود بعد عشرة أعوام لتدشين كتابها الثاني بجوبا عن "دار رفيقي" للنشر تحت عنوان "العودة".

    وعن هذا الكتاب، تقول استيلا في حديث لوكالة الأناضول إنها كتبته بعد تعرضها لهزات كبيرة كانقسام الوطن السودان، وقيام الحرب في جنوب السودان، وبصمودها وصبرها استطاعت أن تدون مجموعتها الجديدة "العودة".

    وتقع مجموعة العودة في كتاب من القطع الصغير المتوسط ، ضم ثماني أعمال قصصية للكاتبة، من سبعة أعمال غير منشورة ، لكن جزء منها رأي النور في عدد من الصحف السيارة في السودان وجنوب السودان.

    وتبدأ المجموعة بقصة "عبق مهن" التي تعتمد في حبكتها الرئيسية علي حادثة رحيل جون قرنق، زعيم ومؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان في حادث تحطم طائرة في العام 2005، ووقعها علي المحرومين الذين بنوا آمالا كبيرة علي ما يمكن أن يحدثه من تغيير كبير ينتصر لحقوقهم الرئيسية في الكرامة الانسانية.

    تليها قصة "أمي أنا خائفة" المستوحاة من جرائم السطو الليلي الذي ضاعت معه أبسط معاني الحياة الإنسانية والنخوة في مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، و"اقتل نفسي واحتفي"، "بحيرة بحجم ثمرة الباباي" ،"العودة"، "الهروب من الراتب" و "كوستي".

    ويقول الكاتب السوداني كمال الجزولي في تقديمه لمجموعة العودة القصصية: "لقد اختارت ستيلا السَّرد عموماً، والقصَّة القصيرة تحديداً، كجنس أدبي تُجلي، من خلاله، طاقتها الإبداعيَّة، وكشكل فني تفرغ فيه تصوُّراتها الثقافيَّة والجَّماليَّة إلى الحدِّ الذي لا يتجاوز الواقع إلا بالقدر الذي يفسح للتخيل".

    وعن بداية تجربتها في كتابة القصة القصيرة تقول استيلا، للأناضول: "بدأت الكتابة عندي بصورة لا استطيع أن اسميها صدفة، ولكن بصورة ما وجدت نفسي اكتب، مسكت بالقلم وظللت مستمرة في الكتابة وهي كتابة غير منتظمة وغير مرتبة ولا تستند على أي خلفية عن ماذا أريد أن اكتب؟ وماذا أريد أن أعالج من خلال كتابتي هذه؟".

    وتضيف: "أنا اكتب فقط، بعد ذلك من الممكن القول إن المسألة دخل فيها بعض النضج في الكتابة وهذا كان في نهاية مرحلة الدراسة الثانوية، وبدأت بالكتابة على الكراسات مع نية أنني أريد أن اكتب مثلاً رواية، أما ما هو موضوع هذه الرواية فهذه الأشياء لم أحددها بشكل قاطع".

    وتتابع: "في بدايات المرحلة الجامعيَّة، بدأت مرحلة أخرى من التنظيم والترتيب، بعد ما قمت بعرض ما كتبته على أناس أنا أثق بهم وهم من قالوا إن أملك بذرة كتابة جيدة".

    مثيانق شريلو، ناقد من جنوب السودان يقول للأناضول: "الملامح العامة لهذه المجموعة تؤكد أن استيلا امتلكت كافة تفاصيل الكتابة المعرفية والقص، والتي دفعتها في أغلب القصص الواردة في المجموعة إلى إبراز أحداث القصص في صور مذهلة لما يدور على ساحة الواقع".
                  

02-28-2018, 06:40 AM

عمران بابكر بدري
<aعمران بابكر بدري
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 1267

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص كلمة استيلا قايتانو أمام احتفال جائزة � (Re: عمران بابكر بدري)


    إلا إستيلا قايتانو يا جماعة!! ...
    بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
    الثلاثاء, 04 كانون2/يناير 2011
    اجتمعنا في هيئة التدريس بجامعة الخرطوم بعد هزيمة حرب 1967 وقررنامقاطعة واردات الغرب. وأخذ الاجتماع "بريك" رحنا نتصور فيه ما سنستبدل به كل واردة غربية. سنستبدل قماش المناطيل بقنج شندي. وهكذا. ثم بدا الأمر يصعب حين سأل أحدهم ماذا سنقدم للمسافرين على خطوطنا الجوية. وأشمأز أكثرنا من فكرة كسرة بملاح ويكة وأنت بين طيات السحاب. ثم بدا لنا رويداً رويداً أن تمريننا في الإحلال والإبدال عبث لاستحالة أن يقاطع الأفندي الغرب. فمقاطع نفسه إبليس. وبلغنا الذروة من ذلك حين سأل الدكتور فيصل أيوشامة عن ما سنستبدل به معجون الأسنان. وأظنه فكر ثم قدر ولم يرتح لفكرة مسواك الأراك البديلة. فصاح فينا:
    -الكلينوس! إلا الكلينوس يا جماعة.
    وفكرت قبل أيام في ما سافقده بانفصال الجنوب. فوجدت الإحلال والابدال سهلاً. سيحل المؤتمر الوطني محل الحركة الشعبية، ونافع وآخرون محل باقان، وصديق عبد الرحيم محل منقو زمبيري . وإذا رحلت عنا "للغابات ورا تركاكا" فحمداً لله أنه سيبقى معنا من "من نخلاتك يا حلفا". وإذا ذهب "العرايا في الجنوب" فسيبقى معنا "الحزانى في الشمال والعطشى في الغرب والجوعي في الشرق". وإذا هجرنا ملوال الجنوب فسيبقى معنا محمد الشمال وأدروب الشرق وإساغة الغرب، حتى إشعار آخر. وإذا رحلت عن مناهجنا اتفاقية أديس أبابا (1972) فسنعوض عنها بإتفافية البقط. وإذا حنثنا بعهد مؤتمر جوبا (1947) فسنحنث بوعود مؤتمرات قادمات بلا حصر. ما مشكلة! وأما ياسر سعيد عرمان فهو الكل يوم معانا لا يقبل إحلالاً ولا إبدالاً. ثم تذكرت استيلا قايتانو فصحت: إلا استيلا قايتانو: الكاتبة الجنوبية النجيضة الفصيحة.
    كنت نوهت بمقال لها قبل نحو سنة حول وجوب أن يجلس شباب الجنوبيين إلى ما اسمته طاولة النفس. فدعتهم ليفيقوا من "سكرة الحرية" وأن يستردوا أنفسهم من المغيبات من سكر ومخدرات وعصابات عنف. وسألتهم أن يواصلوا المسيرة من حيث وقف آباؤهم. فمن غير المعقول أن تكون "العصابة" هي أول ما يخطر على بالهم متى تمتعوا بحرية التنظيم والتعبير. وزادت بأن هذا الوقفة مع الذات هي حرب أخرى من الأسئلة المقلقة ستقتضي الإجابة عليها نضالاً وجلوساً "مع النفس في طاولة مفاوضات جادة" حتى نصل إلى اتفاق سلام شامل مع أنفسنا قبل الآخرين. اعجبني هذا التشبيك المجازي بين اتفاق نيفاشا وبين اتفاق آخر ينتظر الجنوبيين عقده مع أنفسهم. وككل كاتب فاستيلا مهندسة نفس بشرية. فلا مهرب لها إذاً من استنفار "النفس اللوامة".
    وقرأت لها منذ ايام كلمة غاية في الطرافة حاولت بها بلع غصص الانفصال الوشيك. فقالت إنها ستتفاصح ضد الشماليين لأنها ستكون المرة ألأخيرة تتمتع فيها بهذا الحق بعد أن صار الانفصال قاب قوسين. فمتى انفصلت كضمت مثل كل الأجانب في الشمال. وقالت: هل سمعت ابداً هنديا قال "زنكي نهي" احتجاجاً على الشماليين. وقالت إن من فضل السودان القديم عليها أنها "ستغترب" بعد الانفصال إغتراب لم تركب له طائرة، خدمة منزلية، في مكانها، حيث هي، بينما ظلت تحلم بالاغتراب طويلاً. بل ربما تصجو بالانفصال صباح العاشر من يناير وأنت متزوج بأجنبية أو أجنبي. وقالت إنها افتقدت عبارة "الإخوة الجنوبيون" و"الجنوب الحبيب" في خطاب الشماليين بعد عزم الجنوب على الانفصال. واستبدلوا ذلك ب"الأخوة الدارفوريون" و"دارفور الحبيبة". فواضح أن العبارات مجرد حقن لاحتمال التهميش والصبر عليه. ثم استعجبت للخبر الذي قال إن ولاية الوحدة تدعو للانفصال وشبهت الولاية ب"مدرسة النجاح التي لم ينجح منها أحد".
    إستيلا الكتّابة! إلا إستيلا يا جماعة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de