|
Re: وسيتخطّفنا بُغاث الطير (Re: ابو جهينة)
|
سِفْر من الأحزان و الحسرات غزلنا خيوط بُسَاطِه من دم أبطالٍ لو رضعوا من ثدى أرضٍ غير الأرض و أظلتهم سماء غير السماء و دبَتْ أقدامهم على غير أديم هذه الفانية ، لَسطروا تاريخا لا يحتاج إلى قاموسٍ لترجمة مفرداته و إن كُتبتْ بأعجمية موغلة في القدم كرسوم أهل الكهوف و إنسانها الأول في زمانه الحجري .. و لزلزلوا أركان الدنيا بالأخمصَيْن .. ضوامر الخيل و بطونهم التي صامت طوعا و كرها فأسكتوا جوعها بشِقِ تمرة و جاهروا بالحمد يتردد صداه بين جنبات العتامير و السهول .. و أضمروا الصبر الجميل ..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: وسيتخطّفنا بُغاث الطير (Re: ابو جهينة)
|
قبح الله تاريخا لم يدخله مَن قدمناه كبش فداء في محرقة إعتلاج أرواحنا المرهقة في رحلة أن نكون أو لا نكون .. أن نبقى أو لا نبقى .. قبح الله تاريخا نحاكم فيه مَن طرَزوا سجاد سيرته السمحة بخيوط من حرير .. ونحاكمهم بفرمانات الجلادين و أمزجة صعاليك دهاليز الحكم و السنن المشتقة من أضابير مَن لعنتهم أرحام أمهاتهم قبل أن يرمي بهم التاريخ في مزبلته المتخمة. فليجف نيلنا الأزرق .. و ليغيض ماء نيلنا الأبيض .. و لتتبخر مياه كل أنهارنا سحبا تمطر حيث يشاء لها.. و لنرسل البصر كرتين إن كان ذاك النهر سيجري شمالا دون روافده .. أبْتَراً بلا ساقين و مستنزفا بلا شرايين .. فلن يرتد البصر إلينا خاسئا و هو كسيف .. بل سنقف كما نحن الآن عُمْي بُكْم نتخبط طريقا هو أوضح ما يكون .. مبصرين لا نرى أبْعَد من أصابع يدنا تلقمنا اللقمة .. أو فليرتد تيار الماء على عقبيه ليحاول الرجوع معاندا نواميس الكون إلى منبعه شرقا و منبعه جنوبا ..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: وسيتخطّفنا بُغاث الطير (Re: ابو جهينة)
|
أو ليس هذا زمان العجائب .. فليختلط أجاج البحر مع فرات النيل ليجعله ملحا غير سائغ للشاربين ..
الرجل الصالح الذي قابل سيدنا موسى كليم الله عند الصخرة على البحر بأمر الله و تدبيره سبحانه .. كان من ضمن الدروس التي أعطاها لموسى أن أقام جدارا كان على وشك السقوط و الإنهيار .. و عاتبه موسى لأنه لم يتخذ على إصلاحه أجرا يقتاتون به .. فجاءه جواب الذي أمده الله بالعلم : بأن الجدار لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما رحمة من ربك ..
ألا ترون بأننا من طينة هذين الغلامين ؟ و أننا بالفعل أيتام في هذه الدنيا ( ليس لدينا وجيع ) رغم أننا في كنف الأهل و العشيرة ؟ ألم يكن آباؤنا من الصالحين مثل والد هذين الغلامين ؟ فالعبر و العظات يكررها الله في خلقه أنَى شاء و كيفما أراد. فمن يتعظ ؟ ألا ترون أن جدارنا قد مال و أوشك على السقوط ؟ و من ذا الذي سيقيمه بحكمة كحكمة الرجل الصالح ؟ فإن إنتهى زمن الصالحين .. أين حكماء الأمة و أجاويدها ؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: وسيتخطّفنا بُغاث الطير (Re: ابو جهينة)
|
و يبقى السؤال : هل بلغنا أشدنا ؟ هل بلغنا سن الرشد ؟ و إن لم نكن قد بلغنا سن الرشد فمن سيكون الوصي علينا ؟ من الملزم بتصريف شئوننا حتى ذلك الحين ..؟ الإجابة على هذه التساؤلات أصعب ما يكون في ظل هذه الإرهاصات .. في ظل هذه العتامة و القتامة والضبابية .. و في ظل تجاذبٍ ظل أهلنا يعرفون كل خيوطه المتشابكة و مَن يقف عند نهاية كل خيط و من الذي يشد و متى.. و من الذي يرخي و كيف.. ليبدأ الشد من جديد و هلم شدا و رخْيَا. ثم عن طيب خاطر .. نلملم ما تشابك من خيوط و نفك عنها تشابكها و نسلمها لنفس الأصابع .. إذن فلننتظر رحمة ربنا كما قال الرجل الصالح لسيدنا موسى .. و حتى ذلك الحين .. سنكون بين أجنحة ملائكة الرحمة و قبيلة إبليس تهيم أرواحنا مع الموتى و نحن أحياء عند ربنا نرزق .. و سيتخطفنا بغاث الطير في الدنيا ..
| |
 
|
|
|
|
|
|
|