لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار!...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-03-2016, 12:31 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار!...

    11:31 AM June, 03 2016

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني كرم الله-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    .
    .
    من هو الروائي:
    لم كتبت (آلام ظهر حادة)؟!
    حوار مع مهند الدابي:
    من هو الروائي؟
    (الجزء الثالث من الحوار).
    .
    .
    (أنا زوج حذاء رجالي، مقاس 42. مشكلتي بدأت مساء الأحد الموافق الأول من ابريل1987 أي قبل ثلاثة أعوام، كنت قبل هذا التاريخ، ممتلئ الوجنات، ولين البطن والظهر، وتمشط شعري سيور جميلة، واقطن فترينة هادئة، في شارع الجمهورية، يحرسني زجاج قوي مصقول من فضول بني آدم وتوقهم لاسترقاقي، ولمس جسمي الناعم) ...
    .
    تلك، كانت الفقرة الاولى من حكاية
    آلام ظهر حادة

    ***
    .
    .
    أحكي لكم "المختصر المفيد، بعضا من وقائع الحكايةة:
    .
    كان يما كان، هناك حذاء غال، ونفيس، مسجون في فترينة، يحكي بصغية الماضي، فلاشك باك، ويعود ويتقهقر، بين الماضي والمستقبل المجهول، كما يريد، حر فيما يقول ويحكي، بعد، أن رأى الظلم يقع عليه، منذ أول خطوة لبني البشر، وهو تحته..
    .
    لا يعرف لم خلق، ومن اختار مقاسه 42، وهل لهذا الطول أثر في حياته؟ لو نقص أو زاد؟ هل ستختلف حياته؟

    كان يبحلق في الناس، حوله، في متجر في شارع الجمهورية، وكاشفة تجهر وجهه، وقربه كتب بخط كبير (السعر 250 ألف)، ولكنه للاسف، لم يجد حذاء يوضع على الرأس، لا أحد يحمل حذاء في يديه، أو يضعه على كتفه؟ وبغته كاد يغمي عليه، حين رأى حذاء قديم يئن، تحت أقدام رجل أسمن من فيل، وأدرك أن مصير الحذاء أن يوطأ، تعرق جلده داخل الفترينة، من مصيره البائس، ومن الحبس، هربت كل احلامه الجميله، من خلال زجاج الفترينة، ولا أثر لثقب، وتبقى حلم وحيد، (بعد أن أدرك قدره)، ان يشتريه رجل نحيف، أنحف من مسواك، او خيط بخور، حلم حتمي، "حتى الحلم؟!..

    في المساء، اغلق المتجر، وأظلم المكان، فسرح يفكر في طفولته، قبل أن تنغرس فيه شوكة، أو مسمار، كان جلدا، لبقرة سمينة، سعيدة، ترعى في حقول الانقسنا الطيبة، كانت هناك قرون تحرسه، وذيل ذكي، يضرب أي ذبابه، أو باعوضة تهدده، كما كان يحس ويشقشعر ويقف صوفه، حين تشرب أمه، أو تأكل، أو تداعبه بلسانها الطويل الاحمر.

    كان سعيدا بالتجوال بين الحقول والغابات والنهر، أربع ارجل قوية، تمضي به، هنا، وهناك، مزخرف بصوف جميل، ابيض واسود واحمر، وخوار يرن كالموسيقى، في أذن أكبر من الموزة، ولكن ما ينقص فرحي كان صراع الألوان بين الأبقار، أنا اجمل منك، تقول السوداء، فترد الحمراء بل أنا، فتتناطح حتى تدمي جلدنا.

    بعد سبع سنوات ثمان، ضربت البلاد موجه من قحط، فساق الراعي البقرة، لسوق أمضبان، وتم بيعها، وذبحها، وسلخ جلدي من أمي، وأرسلنا قطعة بلا حركة، أو حس، لمدبغة الجديد الثورة، وحك ظهري، فصرت أملس من خد طفل، وتغير لوني من اسود واحمر وابيض، للون بني، صرت أضحك في سري من لوني، والأن صارت لي هوية أخرى؟ وقبيلة أخرى، قبيلة الجلود المدبوغة، أكل حقبه لي هوية؟.

    في المصنع، تم قطعنا، لقطع صغيرة، كثيرة، كان المقص يقص أشكال وملامح، وأطوال غريبة، لم نعي ما يقصد بها، مصيري أن كنت حذاء، والمزعة قربي كانت حقيبة جلدية نسائية، وأخرى كتاين ساعات، أو أحزمة، المقص يتحكم في مصائرنا؟ ومسراتنا وآلامنا؟ ولكن أهو المقص؟ أم اليد التي تمسكه؟ واليد أهي حرة؟ أم ملل النفس خلق كرة قدم من نفس جلد أمي؟ وخوف الشوك، خلقني؟ وحفظ المقتنيات والجمال خلقي "حقيبة اليد"؟، أين أجد العلة الأولى؟..

    في الصبح، أشعل نور المتجر، تلفت الحذاء حوله، فوجد أحذية جديدة، مختلفة الألوان والاشكال، سمع لغط مشكلة قربه، بين حذاء بنفسجي، وأخر أحمر "أنا أجمل منك"، بل آنا، قال الأحمر، سخر من نفسه، ومنهم، لونهما الآن، عمره شهور، سبقه لون أخر، حين كانا في البقرة، ثم لون ثان في المدبغة، وثالث الآن، متى تكف هذه العنصرية؟

    بعد شهور من الحبس "في الفترينة"، تم شراء الحذاء، من قبل فتاة، أهدته لحبيبها، وعاش الحذاء في بيت كبيبر، ناعم، رغم معاناته تحت الارجل، تحت الأقدام، وعرف اسرار البيت، وعوالمه وجنون العشاق، وتعجب "حين يقابل حذاء نسائ ضامر، وتتلاقص وجوههم معا، يحس بخفة الرجل، كأنها ضوء، أهناك جاذبية سماوية في هذه الحالة؟ تمنى دوام ذلك، وواعد "هو أيضا"، الحذاء النسائي على موعد قريب، ولكن اجاب الحذاء النسائي، "وهو يشير للأعلى"، هم من يحدد اللقاء، (للأعلى)، من يصيغ الأقدار..

    حتى دخل الدار لصا، وسرقه، وقايض به حداد، سمكر له عجلته، ومع الحداد بدأت أحزان، وآلام الحذاء، مع الامتطاء اليومي، وشرر اللحام، وبدال (الدراجة/العجلة)، التي كانت دون بلاستيك، فتسبب في آلام ظهر حادة له.

    جرى لقاء أخوي، بين الحذاء، بطل الحكاية، وساردها، وبين أخته، وشقيقته من ذات البقرة، وكان اللقاء في قلب ملعب كرة قدم، وكانت شقيقته "كرة قدم"، مكورة، لا تشبهه من بعيد ولا قري، رغم (آدمهم واحد)، ولكن اختلفت الرسالة والدور والحس، والشعور والحياة.

    كانت شقيقة، من ذات الأم "البقرة" لا تشبهه على الإطلاق، لا في الشكل، ولا الدور، ولا نمط المعيشة؟ مسكين يبحث عن سر علاقته بها، ولا يجده، يحن لأصل مشترك قديم، وذكريات طفولة، حين كان جلدا يشعر ويحس، ولكن صارت الأخت "كرة قدم، وهو حذاء، وألتقى بها في ميدان كورة، وجرى حوار ما، بالحدس، ولكن ظلت الفوارق بعيدة، بل جرى عداء بغته "حين شات فاول"، ولطم أخته في خدها الجلدي، وهو لم يكن صاحب الخصام، بل "القدم البشرية"، أهي من تصيغ عدواتنا بمكر؟ بما يسمى قناع الغرائز؟ لا إجابة لي، الحذاء هو من يحكي، وهو لايزال في الكتاب كما هو، أما انا فقد مرت مياه ومياه، في شريان خواطري، ومن الصعب ان أعود لذلك المقام، مقام ما بعد الجامعة، ولكل مقام مقال (وهناك أشجع على الكتابة)، فكل مرحلة لها انفعالها، وخواطرها، (فالطفل يحب الحلوى، والشاب البنات"، والعجوز الفكر، والكهل التأمل"، لكل مرحلة، هم، وخواطر، ورؤى، ولا يزال الحج الكوني، يسعى، وفي المنتهى شد الرحال، فماذا يعجب أهل القبور؟ ألم يقل "خلوة القبر، أفضل الخلوات"، أحسها وقد تخلص الجسم من التنفس، والجاذبية، والقوت، سيتحرر كثيرا، كثيرا، في خلوة القبر، فأكتبوا، أكتبوا، فالكتابة توحيد بنية الجسد، في مقام، له مقال، كل حين.

    تعجب الناس من طيفور "في تلكم المباراة"، فهو لاعب عادي، ولكنه في تكلم المباراة، كان فارسها الجوال، وهدافها، لأن الكرة كانت سعيدة بالحذاء، ولم تود مفارقته، ابدا، رغم اختلاف اللغة، هناك حدس مشترك، يفوق تعبير اللغة، ولغة الجسد، " اللغة الغائبة، الكاملة".

    الحكاية طويلة، فقد تعرض "الحذاء"، للسكر، فقد انكسرت زجاجة "عرقي"، وانغرس الحذاء فيها، وحكى ما حكى، مما يعرفه عن سيرة وسريرة بني آدم، وكم رثى لحياتهم، أكاذيب، بطولات سيرة، وجبن سريرة.

    كما شاهد الحذاء حمامات النساء، وخلق "عشة"، قبل ميلادها بعد تسعة اشهر، فحكى لها ميلادها "الأول"، وليس الثاني، بيد القابلة، هي ولدت بعد عام او بعض عام في بطن أمها، ولدت كبيرة، وعاشت احلى أيامها هناك، بلا هم وزرق، وكبد وجوع "لم تعرف الجوع؟ ما الجوع؟ حين جاعت، "خارج الرحم"، وكانت اللذة مصدر خلقها "بل لذة تفوق الخيال، هي من استل ملامح عشة من ألف تجربة، ومليار عاطفة، نسجت بمهمل على تقلب الاصلاب "شكرا للماضي، كله"، شكرا.

    اتعجب، الآن، كانت مجرد فكرة، مجرد فقرة في بالي، حذاء ما، ثم سطرت عنه حكاية، ثم صارت رواية، ومن عجب صارت مسرحية، إخراج طارق البحر، كيف تنمو الاشياء والوقائع فينا، كشجرة؟ فأين جذرها؟ ومن أي طين فينا تنمو وتنمو، حتى بلا علمنا "(للعقل الباطن شأن في الكتابة)، ما اعجب عوالم الكتابة فعلا، لم اكن اعلم باني سوف ازيد عن اسطر، أو على الأكثر عدة صفحات، ولكن لم يجري ببالي ان يصبح حكاية، ما اعجب الخيال فينا، نتفرج عليه، وهو ينسل من الخاطر، كسينما شخصية، لها شاشة واحدة، ومتفرج واحد، ومن عجب المتفرج، والشاشة، والفيلم، كلها في قلب رجل واحد، عجبي، للذات البشرية، أن تجلس في كرسي داخلك، وتشاهد شاشة داخلك، ومخرج داخلك، وتشاهد خيالك، وذكرياتك مخلوطة معا، بمزيج رائع من الفكر والشعور والوقائع، تلكم هي سنة (الأخيلة)، وبركاتها الاسطورية، بيدك، لا بيد جوليا روبتسن أو الفريد هتشكوك، أو جاد الله جبارة.

    ويظل الخيال "معنى"، يبحث عن تجسيد، ويظل دوما يسوق الذاكرة "وهل تسبق الغزالة قرنيها"، يسوقها إلى حيث لا حيث، ولا ختام، بل رحلة سرمدية..

    يظل سؤال من هو الروائي بلا إجابة مقنعة، كشأن الحياة، وتعريفها، كل وقت، أو قرن، لها إجابة تفند الأولى، وتفندها التالية، محو، وإثبات، ومحو، وإثبات، بلا أنتهاء كشأن الدهر، يمحو ويثبت، ويمحو، بلا انتهاء.

    ما أجمل ذلك، ما اغرب ذلك، ما أعمق ذلك.


    (حوار مع مهند الدابي، الجزء الثالث، جريدة التيار)...
                  

06-03-2016, 03:22 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عبدالغني كرم الله)

    عمل بديع....سرد منساب...حديقة من الكلمات..هذه قراءة اولى فقط واتمنى ان ترفع عنوان رائيس
    عايزين رمضان ثقافي في البورد ان شاء الله
    images15.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    سلامي يا عبدالغني كرم الله
    رقم كبير في الجبهة الثقافية في البورد واتمنى ان تنشر بعض من ادب الاطفال في االبورد
                  

06-04-2016, 11:56 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: adil amin)

    رسالة قديمة: 12 سبتمر 2009



    بسم الله..


    أخي، وصديقي /دكتور حيدر بدوي.. المحترم

    محبتي، وعظيم شوقي!!

    سأحكي لك حكاية كتابة هذه القصة، أن قيض للأنسان أن يعرف دوافع الكتابة عنده، فقد يعرف طرف، وتغيب عنه أطراف، وهي الأهم، والأغلى...

    تأمل، بعد الجامعة، تشعر بأنك قد ضللت الطريق، وأن ليس هذا شأنك، ولم يكن هذا الإحساس، بمرارة الفقد في الروضة، أو حتى الثانوي، كي تتدارك الأمر، لذا يحتم عليك أن ترجع لبدء الطريق، تصور؟ ترجع للوراء، كي تكتشف نفسك من جديد، وتعيد بناء نفسك، بعد أن شوهتك التربية، والمناهج، بل والوراثة، المجبولة في جرمك، وجسدك (ورثت بعض حساسية مفرطة من والدي)، وتقف وحيدا، أمام تركة عظيمة فيك، خلقتها التجارب الخاطئة، والناجحة، والعفوية، كي تمد يدك، هنااااك، تحتها، لجذرك الباهت الضامر، المدفون تحت ركام هذه الإخطاء العريقة، المتمرسة في لبوس نجاح باهت، وتسأل "من أنا؟ من أين جئت، وإلى أين أمضئ" أي تستل جذرك من عمق ألف فكرة، وخاطرة، وانفعال خاطئ، ترسب بينك وبينها.

    أن ترجع لطفولتك، ولوحدك، في غاب من النسيان، كي تبحث عن ذلك الألق الذي طمس هناك، في ضباب الطفولة، ضباب الوقائع التي حالت دون طفولتك، ذلك النبع الأعظم للحياة الأولى، فبدل أن يفهم المجتمع تلكم الطفولة، ويضع لها منهج وأسلوب تربية، وتعليم، يمدها مدا، صنع لها قبور مناهج، وسجن تربية، حتى تبددت أيدي سبا، ولم تعد تتعرف، بعد مرورو السنين، على نفسك، وما جبلت عليه، وما قد فيك من كامن الوهب، والمزايا، والتي ماكان ينبغي أن يذبح قلبها الغض، "أي الطفولة" وتجف بذرتها، وما كمن فيك من غريزة إبداعية "أسميها غريزة، فهي بنت مخاضات قديمة، وتقلب في الأصلاب، من أزل، وتجري بك الحياة، وتنسى نفسك، وتصير صنم لعرف وتقاليد بالية، وتنسى فردوس عظيم، تتلاطم امواجه في سواحل غائرة فيك، وحينا بعد حين، ترخي سمعك (للأنا الغائب فيك)، وتنكر نفسك، وتحن لها، في آن، وهي نائمة، كحورية ساحرة، في أعمق أعماقك..

    بلى، تحس وأنت خارج من سور الجامعة، وبيدك شهادة كاذبة، بأنك ضللت الطريق، لنفسك، وليس لمثل هذا اليوم ساهرت، وتعبت كل تلك السنوات، وبأن اللذين اضلوك هم أهلك، وأضلوك عن طيب خاطر مشوه، وعن محبة، كي تكون "طبيبا، أو مهندسا، أو ضابط"، هذا الثالوث المؤذي لأطفال العالم الثالث، حيث تصب طاقاتها كلها، في هذا القوالب، حيث سعة الحياة، (في دول العالم الثالث)، تقوم على احترام هذه المهن، (ما أعجب ذلك)، فلا ا لرسام، ولا المفكر، ولا حتى العلماء، بقادر أن يقتات في ظل تلكم الأخطاء الكبيرة، من تمجيد تلك المهن، المحظوظة، فيتم صبك فيها، شئت، أم أبيت، كي تجني الأسرة، بعدها، ثمار الرواتب العالية، (وان تبدلت الحال اليوم عن تلك المهن، وحال بينها وبين الحياة السعيدة، أحوال هي الأخرى)، فما أعجب بلادي، تقتل الأطفال، حين لا تسبر ما قد فيهم، من طاقات، وما جبلوا عليه، من مواهب.. ..

    المهم، تم صبي في تلكم الأصنام، وطمست بالداخل بذرة هواية ما، صبابة ما، ظلت تعتمل، وتشكو، وتمتعض بطرقها المباشرة، وغير المباشرة، بداخلي، حتى بعد الجامعة، ولا أزال أبحث عن هويتي، "من أكون"، ولأن التخريب تم بفعل فاعل، وبشكل منظم، كأن تبحث عن ضوء داخل بطن الحوت، استعصى الأمر علي، ولم أعرف نفسي، ولكني أحس بأنين داخلي، لشئ أو كائن يود الخروج، بنت؟ ولد؟ ملاك، لست أدري، ولكن كائن يريد التعبير عن نفسه، كما هو، وليس كم يراد له؟ (ليتنا نعرف ما قدت عليه جوارج الأطفال)، وتكون المنهاج مجرد عامل مساعد، لتفجير طاقاتها، الملونة، كملامحهم، ولكن؟..

    المهم.. شعرت بأني أريد أن اثور على عالم يشوه الإنسان قبل ميلاده (حتى اختيار الام، والأب يتم بطرق لاتزال مشوهة)، ثم يصب الانسان في قوالب تعليم، وتربية، وأعراف، حتى تصير غريبا عن نفسك، كل الغربة، وهذا ما جرى لي.


    كنت متوترا، في كرسي حديد قديم، مثل كراسي سينماء النيل الازرق، وكلزيوم ، ضالا، جاهلا، ابحث عن معنى، عن مغزى، لوجودي، كنت عاطلا، اجلس تحت شجرة النيم، أتأمل مسرات الكون المخلوطة بالأسى، أشاهد من خلال شجيرات الدرابزين، هادية، بت الجيران، تدفق ماء الاوساخ من البالعوة، أتأمل الجسد، مسكين، يمرض ويموت، ويستحم ومع هذا يعشق، تذكرت حكاية من كليلة ودمنة، عن الرجل الذي هوى في البير، وتعلق بغصن شجرة، ووجد خلية نحل، وتحته التنين، ثالوث الحزن، والموت، والفرح، وحكمة الحياة الكامنة في التناقض،كنت أراقب السحب البيضاء الناعمة وهي تحلق كفراشات حلوة فوق سماء حي ناصر ببري، أشرب كوب ماء من زير يساري، أحسست بالبرودة حين هوت قطرات على حجري من الكوب المثقوب، أتفلسف، ماء البالوعة وماء السحب وماء الكوز، من قلب واحد، (أجاري ابن العربي في وحدته التي تنتظم الكون)، كل شئ عقد جوهر، ماء يسيل على الأرض، وآخر يحلق كسحب، وثالث يروي، معنى واحد، وثلاث مبان، مثل عنصر الكربون، يتجلى ماسا، في حين، وفي حين يهوي "لفحم"، وهما من عصنر واحد (أي الفحم والماس)، لكني أقيس بالقيمة، وأحس بأن الفحم أغلى، وما أكثر تضحياته، واللهب يحرق رأسه الافريقي الاسود، ومع هذا يحمل كفتيرة، وحلة، وقدر فول فوق رأسها المشتعل بشيب الللهب..

    الحال، لدى الكاتب، أثناء الكتابة، تضفرها، وتخلقها، أحوال، وطقوس، عصية الفهم، وعصية التذكر، منسوجة من برزخ الوعي، واللاوعي، أحوال غامضة، غائرة، كي يتمثلها العقل الحادث، ويجترها، ناهيك أن يبررها، فيأتي التحليل، ناقصا، مشوها، لحال الكتابة، فهي مثل السكر، ومثل دهش عظيم، مباغت،، تكتفي بنفسها، في التعبير عن نفسها، وكل المحاولات اللاحقة، مجرد ثرى، يحكي نضارة الثريا...

    وهي مقام، أي (مقام الكتابة)، مقام حياة، للمجرد، والملموس، حياة تنسج بمهل بين المتخيل، والمتذكر، والمنشود، والغائب، والحاضر، حتى تكون أنوار التذكر، وأضواء الخيال، كاشفة لأغوار الذات، بل مقام منها، وترضع حلاوة الأنغماس في الشأن الفردي، الشأن الذاتي، بيدك، لا بيد عمر، وهي لحظة تفلت من أقوى ملكة للتذكر، وأقوى ملكة للخيال، لذا تظل (لحظات الكتابة)، لاحقا، حين تحاول إجترارها، مجرد صدى، يشئ بالمظهر، ويترك الجوهر، ولا تعود الحال، إلا في كتابة أخرى، واستغراق آخر، يعيش لنفسه، ويترك الصدى للخيال، وللذكرى، فحال الكتابة، هي حال من يعيش الرؤى، والأحلام، لا من يكتبها، بل الكتابة، والمدون بالحروف، هو من قبيل، صدى الكتابة في ذاتها، ومن قبيل البعرة من البعير،.. فحال الكتابة، هو من يشئ للكاتب بالكتابة، وتسطير، وتدوين، لطرف من ذلكم الحلم الخلاق، الحلم الحي، في سويعات اليقظة، التي تشبه لحيظات النعاس، حين تتداخل الشكول، والرؤى، والوقائع، في تحقيق للاستحالة، كسريالية واقعية، فلا تعود للاشياء روحها القديمة، بل روحها الجماعية، مع الاشياء، والأحياء، فتعود الكتابة، أشبه بحلم يقظة، اعترى الكاتب، وهاهو يحبسه في أواني اللغة، الضيقة، مهما اتسعت، ويحس بعد قراءة المسودة الأولى، أنه خان الحال، والشعور الدافئ الذي تخلل كيانه كله، حتى سويداء القلب، يالها من خيانة، وتقصير تليد!!..

    أنها حال، لمن تكن في الأمس، ولن تكون في الغد، لحظة تشبه نفسها فقط، في محو وإثبات في ذات اللحظة، كما يولد الحاضر من مهد المستقبل،، ويموت في قبر الماضي، في ذات اللحظة، كان سلامه توديعا، في مرآة عقلك، وقد تشيخ غدا، كم تضمرت أول أمس، تلكم هي لحظات مخاض الكتابة..

    فالكتابة، مثل الغرائز، لم نجوع؟، ولم تشبه بسمة الايرلندي، بسمة الكيني، في رقتها على أسارير الوجه الأبيض والأسود والأسمر، ولم ألم الشوكة هو هو، في قدم الأميرة الناعمة، وفي قدم الغفيرة الخشنة، ولم تمتد اليد لكوب الماء؟ من عطش، أو كوب الخمر، من قلق، أو إلى القلم، من هاجس، وحنين، للتعبير، عن الحياة، بداخلك، بلى الحياة، فالقلم، واللغة، وكل أدوات التعبير الأنساني، من فنون، وأديان، هي وسائلة، تمطيها غريزة الحياة فينا، بذواتنا، كي تعبر عن نفسها، بيدها، لا بيد عمرو..

    ولكنه التقصي، والبحث عن الأنا، وليتني، أعثر، في ذاكرتي، على الاسباب كلها، والدوافع كلها، التي أملت علي الكتابة، وهيهات، وكل فتى، على قدر ما سقاه الساقي، يغني، ويبكي، ويتحسر، فأي خمر معتقة، سكبت في الجسد الأنساني، وأي روح سرت فيه، كي ينام، ويتقلب، ويعشق، ويحقد، ويتكبر، وينشد، ويموت، ويولد؟ أي سر، وأي روح تسكنه، وظل يقتفي أثارها، فيه، وفي غيره، وفي الآفاق!!..

    فالتعرف على النفس، والبيئة، يتم عبر العقل، ولك أن تتخيل أن الثعابين هي شعر النساء المتساقط، هكذا كان أجدادي يدركون، وعاشوا مئات السنين بهذا الفهم "الشاعري، السوريالي"، وبأن النسيم هو الذي يخصب النباتات، فيهللون، ويحوقلون، حين يهب النسيم الساحر، كما أن سفينة الشمس، وهي تمهر بحر السماء، كان يجرها ملايين من الحصين، والكهنة، والآلهة الكرام، وبأن النساء تحمل بدون أي دور للرجال في ذلك، بل لا علاقة لها بالعملية الجنسية التي تمت، وذلك لأن الولادة تأتي بعد أكثر من تسعة أشهر من تلك العملية، ومن يستطيع ربطها بولادة طفل شقي، وهذا الفهم كان متطورا جدا، جدا، لما سبقه من فهوم، لا تعرف حتى ان سبيب الشعر المتساقط يتطور لأفعى، وبأن الجنين، بالنسبة للمرأة، يدخل من ضوء القمر، عبر السرة، لرحم الأم الدفئ، ياله من خيال خلاق، وفطري، وساذج، وطيب!!..


    أتمرغ في احزان ذاتية، وفاة أبي المبكرة، اخاطب نفسي (ماهي الأبوة)، بلى ماهي، عشت في كنف أم، فقط، صورة أبي في ذاكرتي، مثل شلن هوى في قعر جردل، تتراقص في خاطري صورته كما الشلن، أما صوته، فلا أذكره، ولذا حين تحكي عنه أمي، أحس برجل غريب، عاش معها حينا من الدهر، وفي الثانوي العالي كنت كثير الذهاب لقبره، أجلس وأخاطبه، كأنه امامي، وحين سمعت السيرة النبوية، والتي تعكس ثراء الفرد، في رؤية الموتى، وسماع شكوى النخيل، وزيارة موتى البقيع، ثمل قلبي، وفرهدت رؤية الحياة في ناظري، فأحببت النبي، وماركس، وكافكا، وعاشة الفلاتية، وكل من خصب حياتي، في يوم من الأيام، ولو ببسمه سريعة في موقف عام، حتى الأشجار، أحبها، ليس لجمالها، وصبرها على التقرفص كل حياتها، ولكن لأن اورقها الخضراء، تصد الشمس عني، وعن بائعة الشاي، وسرب من نمل....


    أتفهم رحيل أبي مبكرا، بيد ملاك الموت الذكي، كي أغرق في أمومة خلاقة، ما أطيب القدر، يعزف جماله بفكرية الفيزياء، والكيماء والحياة، ملاين القوانين مضفورة في خلايا الكون، تعمل معا، باتساق، وصبر دؤوب، فلم العجل، أيها العقل اللحوح، فاوست باعه نفسه للشيطان، كي يحيط بكل شئ علما، وفي نهاية المسرحية، يصيح كحصان عجوز (ما أشد جهلي، أنا أكثر غباء من أجدادي)، ما أتعس عقله، أحس به، برق أيامنا في الحياة، أصغر من برق، أضيق من حياة البرق..

    كان هذا في ناصر، بري، وحين اذهب للعسيلات، كانت أمي تشم قميصي من فسحة البيارة، وكنت أحس بندم كبير، (كيف أوفر لها حياة كريمة، أين العمل؟ وكيف، ومتى؟)، ويسرح الطرف في اليقين، ماهو، والعقل القديم هل أذكره، (أيها العقل القديم هناك شاب عاطل)، أم أترك الحبل على القارب، كمريدي الشيخ الجنيد، حين سألوه عن الرزق (أن كنتم تعلمون أنه ينساكم فذكروه)، فأثرت الأدب، مثلهم، ولم أدكره بأني عاطل (هو يعلم، فلم أخبره)، والوقت أولى به، شي مقدس آخر (من شغله دكري، عن سؤالي)، أعطيته، أفضل مما اعطئ السائل..

    وجرت الأيام، ولم تمت أمي من الجوع، وغشت دواخلي مياه الهوان الجميل، وعنت الفقر، والصبر، تلكم الجنود الصديقة للبسطاء، والمخلوقة من مادة فكر، لجلاء النفوس، واختبارات العقل القديم الغامضة الذكية..

    هل أكتب..
    أم أرسم؟؟

    أم أتأمل الكون، صرت أصحو الصبح، وأمضي للنهر، "للنيل الأزرق"، كي أحش القش)، للمعزات، في طريق أقابل ببعض هجن، واستغراب، لم عاد كراعي، بعد التعليم،؟ أكثرهن استغرابا هي (ست النفور)، كانت تتصور التعليم ينفى الرعي، وحصد العشب للبهائم، وفي شاطئ النهر، كان الطرف يسرح بعيدا لشارع مدني، وللمقابر التي ينام فيها ابي وحبوبتي خادم الله، وأخرين، عرسوا في بلاد اختار العقل القديم شكلها، وروحها، وطبيعتها، هو، لا غيره..

    يالله من منظر، الاغنام وهي تلتهم العشب الطري، الناعم، نبات السعدة، منظرها وهي تهز ذيولها الصغيرة، كأنها تلوح لملاك الحياة، بكرمه، وحسه النبيل، وبعينها الذكية الحزينة، كانت ترنو لي بشكر، يذكرني بأن مقام الشكر، أعظم مقام، حين تستعمل النعمة فيما خلقت لها، وأي نعمة من قلب جميل، يعشق سرب الحياة، ظاهرة وباطنه، كيف أرعى خراف أفكاري، وأغنام خواطري، تبدو لا إرادية، الخواطر هي اللغة الأم، حيث النفس مع النفس، من أين تنبع، أنها شكوى داخلية، أو مدح، تنسل من تلافيف العقل، ومن سويداء القلب، كلام الله، فيك، كتاب مسطور، بقلم الفكر، وحبر الحياة، شكول من خواطر، منها العجول كالبرق، ومنها اللازمن، كالروح، تمور بها النفس، وتضيق العبارة...

    ماهذا الغموض الغريب..
    توالت السنوات، وأختار العقل القديم أصدقاء تسر بهم النفس، أحمد جون، عبدالحميد الشبلي، عماد، وأمين، وجماع، ونجلا، وسيسة، وسرب آخر، منهم من نمت عنده في اركويت، أو الثورة، ومنهم من ناقشنا هل نحن مسيرين أم مخرين، ومنهم من تعلمت منه الصبر، وأخر تمعن الحياة، كلوحة، وفكرة، أحمد يونس بضحكته، وبكور بملاحظاته الدقيقة، ومحمد الربيع المتأمل الفنان. وقصي السماني بأكتشاف المفارقة في الشارع، والبيت، والمدرسة، تحس بأن كل جرم بشري، هو مدرسة، قائمة بذاتها، ثم حيدر بدوي، فنان، وكاتب، ومفكر، كنت في مدينة السد، أراقبه يصلي؟ بلى، وتستكين نفسي لهذه الجلوة التى تتبدى في محياه، وهو مقبل، ويتضوع بأنس الأنيس الوحيد، والظاهر والباطن معا، ثم ينشد، فتتمرغي النفس المعاني، التي تحج لها ببراق اللحن الحانئ، الطيب، الصادق، معاني دسمه، قاهره، تنشج اواصر فيما يتراءى متناقض، ومتنوع، ومتباين، أصحاب، أصحاب، حتى المرأة الكبير، حاجة حليمة، والتي خافت علي، وآوتني في بيتها، من الكشة، وقانون الطوارئ، تعلمت منها الحنو، على كائن من كان، وإلا أن بقلبي نكد غبشاء، ينبغي ايقاظها، كي ترتل لحن الوجود، مثل موسيقى افلاطون، التي تغمر فستان الكون، بأسره..

    ثم دالي، والنور، ذوات تفكر بألق، وتعطيك دورس في الفهم، والتواضع، أكواب تشربها من دنان بدالدرين عثمان موسى، وأخي عبدالواحد، بدر الدين الامير، عادل التجاني، سرب من اصدقاء هنا، وهناك، تحس معهم بالفرح، نادوس، وليلاه، وأستاذ صديق محيسي، ماهذه الذوات النيرة، ثم علاقات كبرى، مع عالم فسيح من خلال النت..


    )أكتب.. كي تراقب خواطرك، وتنظمها، وتعيد فهمك للحياة من خلال الحلم)، هكذا أوصاني أحمد جون، أكتب، أو (أنحت)، فالنحت يعني تطوير القدرة، والهمة، لخلق مثال، باطني في النفس، حتى تطور بداخلك (العلم، والإرادة والقدرة)..

    وكطفل، شرعت في الرسم (امامي الآن لوحة لبيت استاذ سعيد، حتى الازيار، لم تنساها ريشتي المتواضعة)، ولكن هل بمقدور الريشة ان تجعل الماء باردا في اللوحة، وطيبا، ومسكرا، (أحسست بمقام الذل)، يا لتعاسة الحواس، (كيف أعبر عن نفسي)، عن الحياة، كماهي، وليس كما يتراءى لي، وهيهات..

    في الطرابيز، في الجرايد، في ورق الجميز، اسكتشات لا تمل العودة، تطور تذوق اللون في عيني، للحق، بعد ممارسة بسيطة، ومثابرة، صرت أحب الألوان، حتى اللبن في الحلة، كنت ارى اختلاف البياض من خلية لأخرى، غباش السحب، سحر الغروب، لون الجسد، (في كرنفال جنوبي، دينكاوي، جعلي)، ما أعظم الفنان الخفي.. الغامض، ما أسحره..

    وأحسست بالفشل، وأحب الفشل لاني أتعلم منه، ولأني أريد اكتشاف نفسي، ليس أكثر ولا أقل..


    ثم شرعت في كتابة (آلام ظهر حادة)، كتبتها بصدق، طفولي، وفلسفي، لم أكن أخاطب سوى نفسي، امرؤ من الطبقة الوسطى، وجد نفسه سوداني، مسلم، نحيف، بلا حول أو قوة، وبيده اليمنى سيف كي يحارب الجنوبين، لم؟ لأن جدوده اشعلو حربا، عليه أن يدفع ثمن اخطائهم، "عجبا لجدودي، لم يكتفوا بجينات الوراثة، والحساسية من جدي"، بل حاولوا الاستيلاء على ذهني، وتحمل عبء الماضي، وقتل جنوبي، أو جنوبية، ناعمة اليد، ذكية مثل استيلا قايتانيو، أو فرانيس دينق (رغم المسرات التي غمرتني من كتاباته)، وعقل جدي كان يرى الجمال في الشلوخ، (أتفهمه كجمال مرحلي، ولكن ام جركم ما بتأكل خريفين). كان أية وقيمة جمالية، (ما أغرب صور التاريخ في المشي نحو الختام )، لم أختار العقل القديم خطوات الطين، ثم الطمي، والصلصلا، والقرود (تمثل قفزة، في سيرنا)، فإذن الشلوخ لا غبار عليها (بحكم الوقت)..

    ولكن يدي المسكينة، الغضة، التي وضعت مقبض السيف على راحتها، قرأت ماركس، وفرويد، والرسالة الثانية، وأحست بفجر غريب، دسم، تسعى له الحياة الذكية، التي شقت طريقها في الظلامات والانوار، بدفق فكري وشعوري يسجد له العقل استغرابا، وفرحا، وغموضا..

    كتبتها ولم أفكر في الحب، والجنس، كوسيلة لأستدراج قارئ بعيد، أو قريب، بل كي أفهم الحياة، كي آرى الاشياء المدفونة في قعر ذاتي، وأحس بها، كي أشعر بتلك النفس التي تتعب بمرادها الأجسام، وتشقى، وتصوم، وتدخل الفلوات، والجلوات، وتعاند، وتثابر، (لا يهمني حركات الجسد، ولكن ما يهمني ما يحركه)، مقولة لمصممة رقص ألمانية، (ما يهمني)، ما يحرك النفس، والروح، والجوع، والموت، ..

    أحسست بان الكتابة حال من العشق، والوحدة والتعدد معك، تسكن عشرات الشخوص معك، بل فيك، ووتحول الاحلام وتتكثف بداخلك، حتى تلمس أناملك رقة الأحلام، أرق من حرير الهند، ومن خواطر النساك، ومن عشق (غزال ذلك الحمى، صبري قضى فيه، هيهات يفلت قلبي من اياديه)..


    واليوم، مع ثورة الفكر، والتحليل، والاستحالة العادية..وفكرية الحياة، كيف ارفع السيف بخطأ قديم، وأقتل هذا، وذاك، في وقت يحن للسلام، والفكر، سلام يغشى حتى الأشجار، فتلوي عن خلق الشوك، وللعقرب، فتكف عن الفتك والتسميم، سلام عظيم، لا يتخيل، ولا يتصور، أبد الدهر..


    أحسست ببراح، حين كتبتها، كأني ألقيت عن ظهري، حمل ثقيل، أمانة كبيرة، ونمت قرير العين، كأني اعترفت للجميع، بحقيقتي، بجهلي، وتواضعي، ومحدوديتي الكبيرة..


    كتبتها كمسودة، كان يقرأها معي اصدقاء وزميلات، الشبلي، ومامون وصلاح، وعبدالكريم الامين، ونسرين عجبان، وبدرالدين عثمان، وسرب من الاصدقاء المقربين، ولم اهم بنشرها، كنت اراها عادية، ولليوم ارها عادية، وأحس بأني تعجلت في نشرها، وهي لاتزال خميرة في النفس، بل لا أزال احس بأني طفل يحبو، كثير العثرات، يقدم فاضلا على مفضول، ولا يسعى مع نبض الكون، كما ينبغي، يتأخر، أو يتقدم، وهنا (الزيادة كالنقصان)...


    في النفس شجون، وأحاديث، ولكن خفت الإطالة، ولكني كتبت كل ما أعلاه، بدون مراجعة، او تعديل، ولكني كتبته وأنا أحس بدفء غريب، وجميل، وكأني اعترف امام كاهن، في ضوء خافت، مسلي، يغري بالبوح، والاعتراف، والبكاء..

    والآن أحس بأني أتمرن على الكتابة، أتمرن على الوصف، والتمثل، والبحث في سوديداء الذات، كي ألمس الحياة، وأعبر عنها، هناك، في منبعها الأول، الصافي، وهيهات، هيهات، هيهات، هيهات..

    عميق شكري، استاذي الفاضل حيدر بدوي..

    ملوحظة:
    حاولت حضور البروفات، بروفات المسرحية، التي اشتقت من القصة، وحضور العرض، كي أرى الحذاء، وعوالمه حسيا، وكيف تتحول قصة لمسرحية، بيد صوصل، وطارق البحر، ولكن شاءت الأقدار، وحرمتني، ولكني أحس بأن العقل القديم، له مسرات، في لبوس الآسى..

    كتب المقال كرد على سؤال من دكتور حيدر لم كتبت آلام ظهر حادة

    مساء السبت
    12 سبتمر 2009
    الساعة العاشرة 31 دقيق
                  

06-05-2016, 04:11 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عبدالغني كرم الله)

    بعض كتابات عنه، بعد عشرة سنوات من ولادته، او ولادة فصول منه:
    .
    .
    .
    وثائقي، يحكي عنا
    (آلام ظهر حادة)
    بقلم: شاهيناز عثمان
    .
    .
    التأمل !!..
    .
    نعم التأمل بعمق هو الكلمة المفتاحية، ... ربما.. لاسرار الجاذبية المنسابة في حكايات عبد الغني كرم الله ..
    .
    رغم كونها اﻵم ظهر حادة ! التأمل بعمق بل بمحبة لكل شئ وفي كل شئ مهما تناهى في الحجم والصغر..
    .
    فهل عندما تفيض روح الكاتب بالمحبة.. تمنحه الاشياء بركة الإستماع لصوتها واﻹحساس بنبضها؟..ام على الكاتب ان يكون متفردا في البدء بملكة الحس الصوفي والمرهف حد ان.. يصغي لاصوات الاشياء ونبضها ثم يسترسل في الكتابة عنها ويمنحها بركة النبض داخل حكاياتة.؟!.
    .
    تلك الحكايات التي تجعلك حائرا.. هل هي مجموعة قصصية كتبت عن اﻵم ظهر حادة.. لحذاء..أم هي رواية قصيرة كتبت عنا نحن البشر على لسان حذاء؟! ..
    .
    بمحرد اعتقادك أن ناصية الجواب بين يديك يباغتك الكاتب بتبديل الادوار.. فأي مقدرة على المراوغة يمتلك ؟! واي مقدرة على التحليق يمنحك عندما يسترسل في كتابة نص يحاورك في كل لحظة وعبر كل فقرة يمنحك مساحة لوضع علامات الاستفهام بسلاسة وكأنك من وضعها حيث تريد وليس هو!..
    .
    ثم يواصل سرد الحكايات وإسترساله دون ان تفقد رونق ثوبها الذي نسجت منه.. حيث خامة النسيج قريبة من المتلقي.. فهي صوت احلامه وطموحاته.. آماله وخيباته..استسلامه لقدره.. محاولاته العبثية لتغيير هذا القدر..استرسال الحكايات الجميل فن يتقنه الكاتب بحرفية عالية.. إنتقاد المجتمع بهدؤ دون تشنج او إطلاق احكام بإدانات مطلقة اوتعسفية في حقه ربما هي مقدرة نابعة من إستيعابه لتنوع وثراءمكونات المجتمع نفسه وتقديره لما يلاقي انسانه ويكابد من معاناة لاحول له فيها ولاقوة. .
    .
    او ربما هي ايضا..نابعة من ذلك الحس الصوفي لدى الكاتب حيث الرفق والنظرة الثاقبة وفهم الاخر دون ان ينبس ببنت شفة!..
    .
    حتى إختياره لجلد بقرة من أبقار منطقة الانقسنا لايخلو من رمزية التوغل في جغرافية السودان..وحضارته المتجذرة وتركيبة اعراقه المتنوعة.. ثم تغير حالها من الحرية.. والحياة والانطلاق..إلى السجن كحذاء جلدي في فترينة .. الايحمل دلالات ورمزية مايمر به انسان المنطقة من ويلات وحروب وتغير من حال إلي حال؟!.. النفس البشرية ومايعتريها من كبر وغرورأحيانا..ومن سأم وقنوط وضعف.. احيانا اخري لايغفل الكاتب عن وصفها و تدوينها ..
    .
    كما لم تغفل كاميراه بعدستها اللماحة عن احوال الانسان السوداني في حارات وازقة تقطر بؤسا وبيوت سحلت فقرا.. واخري تنبض رفاهية وثراءا طبقية تلمحها عند سرقة الحذاء وإنتقاله من حي إلي اخر يظن نفسه.. حيا ..وهو مسربل بكل اسباب الموت لكنه يتشبث بالحياة ويسخر مما يجد ويحاذر بخفة ظل آسرة ..تمنحه الضحكة او الإبتسامة بعدها امل وطاقة لرحلة معاناته.
    .
    الآم ظهر حادة ..حكاية طويلة اشبه بوثائقي يحكي عنا بإبداع..وإن تقمص صوت حذاء!
    .
                  

06-05-2016, 04:55 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عبدالغني كرم الله)


    أستاذ عادل...
    الصديق، والاخ، والمبدع، سلام سلام...

    رمضان كريم، من وراء المسافات والحروف، كشأن البلاد، ورحمها الغريب الطارد، لحبل سري غريب، يرضعه اهل بلادي في فجاج الارض، وتشعرالنفس بمرارة الحلاوة، هناك، وهنا، وهو رحم كريم، ولكن قيض له نفر من حكام، لم يخلق الله مثلهم في بلادة الحس، والرغبة في الانتقام، وضعف النفوس..
    .
    اجترار هذا البوست، لكتاب قديم، ذكرني به شباب الجامعة، تصوره كتب قبيل شهور، وسعيد بذلك، قالت لي فتاة عشرينة، انه يمثل همومها وتكفراتها، فسعدت والله، من أعماق قلبي "كتبته كي ارمي حجرا في بركة ما، في قلب المبدع، ...
    .
    وسأعود بتفصيل اكثر...
    وسلام لك، ولكل من معك، وعمييييق محبتي..
                  

06-05-2016, 05:02 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عبدالغني كرم الله)

    لم كتبت (آلام ظهر حادة)،

    انا عارف بس مش

    حا ااول

    ياخي سلام ومشتاقوووون

                  

06-07-2016, 12:29 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عماد الشبلي)



    العمدة
    والله شوق عظيييييييييييييييييييييييييييم
    ما جاي قريب؟

    يارب متذكر المرأة المشينا ليها بري؟ وصورتها؟ وافادتنا الكثير؟

    وسلام للجماعة كلهم... اهل الدوحة...
                  

06-09-2016, 12:18 PM

MOHAMMED ELSHEIKH
<aMOHAMMED ELSHEIKH
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 11826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: عبدالغني كرم الله)

    ابن العم عبد الغني
    تحياتي
    وانا اسأل لماذا يستنكرون ان يخلق من الفسيخ شربات؟؟؟
                  

06-11-2016, 00:57 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم كتبت (آلام ظهر حادة)، حوار جريدة التيار! (Re: MOHAMMED ELSHEIKH)



    ود العم
    سلام سلام سلام

    اظنها خمر الكتابة، تحيل المسلمات لدهشة، وكما يقال، ان السكر، لا يغير المنظر، ولكن يغير الناظر...

    وكيفك؟ والكتابة، والأهل؟

    ورمضان كرييييم...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de