|
تُرى هل تنبأ نزار بمستقبل الدول العربية حينما كتب مسرحية(جمهورية جنونستان)؟؟
|
02:12 PM Dec, 31 2015 سودانيز اون لاين د.محمد بابكر-بحرى الشعبيه مكتبتى رابط مختصر Quote: مسرحية : جمهورية جنونستان (لبنان سابقاً ) - نزار قباني مسرحية من ثلاثة فصول ._______كتبتُ هذه المسرحية في بيروت عام 1977 في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية .وأنشرها في عام 1988 , أي : بعد أحدَ عشرَ عاماً من كتابتها , دون أي إضافة أو تعديل .فوقائع الحرب اللبنانية , بعبثيتها , ووحشيتها , وجنونها , بقيت هي . . هي . . والمسرحية بقيت هي َ . . هيَ . .نزار قباني_________الفصل الأول :ــــــــــــــــــــــالمكان : مطار ( جمهورية جنونستان ) .علمٌ عليه سَبعُ أرزات . . يرتَفِعُ فوقَ المبنى .صورةٌ كبيرةٌ جداً . . لِرئيس الدولة في صدر قاعة المكان , وفي وجهه سبعُ عُيُونْ.موظفو أمن عام , وجمارك , ومخابرات .إلى اليمين بابٌ كُتِبَ فوقه : ( باب رقم / 1 - المغادرون ) .إلى اليسار بابٌ كُتِبَ فوقه : ( باب رقم / 2 - القادمون ) .حركةٌ غير عادية عند باب المغادرة .وباب ( القادمون ) لا يدخل منه أحد .مُكبرات الصوت تُعلن عن إقلاع الطائرات إلى باريس , روما ,لندن , قبرص , أبو ظبي , جدة , الكويت , الدوحة .يستمر تدفُّق المسافرين نحو باب المغادرة . ثم تهدأ الحركة في المطار تدريجياً . وتخلو القاعة من المسافرين .يمرُّ بعضُ الوقت ثم ينفتح الباب ( رقم 2 ) ويدخل منه رجلٌ وامرأةٌ في ثياب السفر. وقد حملَ الرجل حقيبتين كبيرتين ، وحملت المرأة حقيبة تجميل , وبعض المجلاتالأجنبية .يضعُ الرجلُ الحقيبتين على الأرض , ويرتاح قليلاً . بينما تفتحُ المرأة حقيبةَالتجميل , وتبدأ بإصلاح زينتها . . .الرجل : لا تُشغِلي بالكِ يا حبيبتي . فالجميل لا يحتاجُ إلى تجميل ...ولكن المُهِمَّ أن تعثري على من يرى هذا الماكياج , أو يكونَ في المطار من يحمللكِ باقة ورد ...المرأة : (مُندَهِشة) . ماذا تقصد ؟ ألم تُبرِقْ إلى بيروت بموعد وصولنا , ليرسلواإلينا سيارة ؟ الرجل : المشكلة ليست مشكلة برقية . . ولا مشكلة العُثُور على سيارة. المشكلةُ هيالعُثُور على بيروت .المرأة : ما هذا الكلام السِريالي ؟ ألم تسمع قائدَ الطائرة وهويطلب منّا ربط الأحزمة , والتوقف عند التدخين, استعداداً للهبوط في مطار بيروت ؟الرجل : سمعتُ يا حبيبتي . ولكنَّ الطائرة نزلت في مكانٍ آخر . . رُبَّما هبطنااضطرارياً في أرض أخرى . . في كوكب آخر ..المرأة : يا حبيبي . قد يكون الضَغْطُ الجوي أَثَّرَ عليكَ قليلاً . فنحن قد هبطناهبوطاً طبيعياً . ألم تَرَ من نافذة الطائرة صَخرَةَ "الرُوشَة"..وبناية "الجيفينور".. وحدائِقَ الجامعة الأمريكية . . ورمال الأوزاعي ؟الرجل : أؤكدُ لكِ أنني لا أَهذِي , ولا أتوهَّم .. فأنا بيروتيّ ابنُ بيروتي ّ.ولكنَّ ما أراه حولي يوحي بأنّنا أخطأنا في العُنوان . .المرأة : وهل هناكَ شيءٌ غَلَط ؟الرجل : بل كُلُّ الأشياء التي أراها غَلَطْ .. هل رأيتِ العَلَمَ المرفوعفوقَ مبنى المطار ؟المرأة : رأيتُه ..الرجل : ألم تُلاحظي أن علمنا صارَ بِسَبْعِ أرْزاتِ .. في حين أننا حين تركنابيروت آخرَ مرةٍ .. كانَ العَلَمُ اللبناني بأَرْزَةٍ واحدة ...وصورةُ رئيس الدولة المعلَّقة في صدر القاعة هل تَرينها ؟( تَتطلَّع المرأة إلى الصورة , وَتَشهَقُ من المفاجأة ) .المرأة : مستحيل .. مستحيل .. هذه صورة رَجُل بِسبعِ عُيُون .يا إلهي . . أينَ نحن ؟ في أيِّ كوكبٍ عجيبٍ هبطت بنا الطائِرة ؟ ...(صوتُ غليظُ النبرَة ينبعث من مكبـِّرات الصوت في صالة المطار ) .الصوت : هُنا ( جمهورية جنونستان ) . . .هُنا ( جمهوريّة جُنُونِستَانْ ) . . .هُنا ( جمهوريّة جُنُونِستَانْ ) . . . المرأة : أينَ وضعتَ الخريطة ؟الرجل : ولِماذا تريدينَ الخريطة ؟المرأة : أريد أن أفتِشَ عن هذه الدولة التي اسمُها (جنونستان).في أيِّ قارَّةٍ تَقَع ؟ ما هيَ لُغَتها .. ما هوتاريخُها ؟ كم عدد سكانها ؟الرجل : لا تُتْعِبي نفسَكِ . فلن تعثري عليها لا في كُتُب التاريخ , ولا في أطلسالجغرافيا , ولا بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة . .إنها دولةٌ مُختَرَعة . . مَسلوقة سَلقاً . . كما تُسلق "السباغيتي" فيعشرين دقيقة . . .( الصوت الغليظ ينبعث مرةً أخرى من مكبِّرات الصوت ) .الصوت : نُرحِبُ بكم على أرض ( جمهورية جنونستان ) . أرض الشمس , والثلج , والكَرَز, والتُفاح , والحواجز الطيَّارة , والقتلِ على الهويَّة . . .نُرحِّبُ بكم في هذا المطارالمؤقَّت , ريثما يتمُّ تحرير البقية الباقية من جمهوريتنا العظيمة . . .إن ( جمهورية جنونستان) هي البديلُ الجغرافي والسياسي والتاريخي والحضاري , لماكان يُدْعى في قديم الزمان . . جمهورية لُبْنَانْ.الرجل : هل صدقتِ الآنَ أننا نزلنا في كوكب آخر؟ . . وأن صخرةَ "الروشة"التي رأيتِها من نافِذة الطائرة كانت نوعاً من خِدَاع البصر .. وأن مستشفى الجامعةالأمريكية لم يكن إلا مستشفى العصفورية ؟الصوت : لا تؤاخذونا إذا قصّرنا في واجبات الضيافة , وفي تقديم الخدمات السياحية التقليدية . ففنادقُ الدرجة الأولى كلُّها احترقت .. والمزارعُاحترقت .. والمتاجر احترقت .. والمدارس احترقت .. والمكتبات احترقت .. والشوارعمهجورة بسبب القنص .. والكهرباء مقطوعةٌ .. والمياهُ مقطوعة , والتليفونات صامتة..والبريد لا يُوزَّع .. والزبالة لا تجد من يَلُمُّها .. والجثث لا تجد من يدفنها..طبعاً كلُّ هذه المشاكل تعتبر صغيرةً جداً , أمام الإنجازات الكبيرة التي حقَّقتهاميليشياتكم الظافرة .قد تضطرونَ للوقوف في الطابور ساعاتٍ للحصولِ على رَبطة خبز . . أو علىغالون بنزين . . أو على علبة سردين . . أو على غرفة في أحد المستشفيات . . أو علىضريح في إحدى المقابر . .إن قضية العثور على قبر أو كفن ليست قضية مصيرية . فحينَ ماتَ سيدنا آدم , لميشيعهُ أحدٌ . . ولم يكفـِّنه أحدٌ . . ولم يَرثِهِ شاعرٌ بقصيدة.حتى زوجته حوَّاء لم تمشِ في جنازته , وتركت جثّتَهُ في البرية تنقرُها العصافير . . وتزوَّجتْ غيره . . لِذلكَ لا تشغلوا بالكم , ولا تفكروا كثيراً في هذا الموضوع . فالأعمارُ بيد الله.. ويد الميليشيات .لبنانُ القديم ذو الأرزةِ الواحدة انتهى أمرُه , وَدَخلَ متحف التقاليد الشعبيَّة, ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع الطوائف , جعلنا علمَ الدولة بسبعِأرزاتِ . . وانتخبنا رئيس جمهورية بِسبعِ عُيُون . .المرأة : يا سلام على الفصاحة . . يا سلام على هذه اللغة الميليشياوية الجديدة ..يا ليتهم خَطَفوا بنا الطائرة , ولم ننزل في دولة ( هيستيرياستان ) أقصد (جنونستان ) . . .الرجل : كلُّهُ واحد . .المرأة : خفِّف من سخريتكَ . . وإلا رُحنا في داهية . .(رجل مخابرات كان يسترق السمع إلى حديثهما يتقدم نحوهما . . ) رجل المخابرات : ماذا يقصد الأستاذ بكلمة ( واحد ) ؟الرجل : أقصد أن الله واحد ..رجل المخابرات : هذه نظريةسقطت من زمن بعيد . . وعلى وجه التحديد ، منذ أن قمنا بتأسيس جمهوريتنا الجديدة .هل أنت لبناني ، أم أنت غريب ؟الرجل : أنا لبناني غريب . .رجل المخابرات : لا أفهم . . الرجل : أقصد أنني خرجتُ منوطني قبل عشر سنوات ، ورجعتُ اليوم لأجده قد صار سبعة أوطان . كما أن الله الذيتركته قبل سفري واحداً . . قسمتموه على سبعة . .رجل المخابرات : يبدو لي أنكلا تعرف شيئاً عن نظرية العدل الاجتماعي .إن اقتسام الله هو الحلالعلمي الوحيد لإرضاء جميع الطوائف . .الرجل : ولكن الله غير قابلللقسمة . .رجل المخابرات : صحيح أنكغشيم ، ولا تفهم في علم اللاهوت . في ( جمهورية جنونستان ) كل شئ قابل للقسمة . .بما في ذلك المرافئ . . والضرائب . . والواردات الجمركية ، والمناهج التعليمية ،ومؤسسة الكهرباء ، ومؤسسة المياه ، والبرق والبريد والهاتف ، والإذاعة ،والتلفزيون . .ولكن يبدو أنك مواطن غير مثقف. . لا تتابع حركة التاريخ . . ولا تعرف جدول الضرب والجمع والقسمة . الرجل : أنا أحب الجمع . .وأكره القسمة . .رجل المخابرات : أنت لا تزالتعيش في حالة طفولة سياسية ، ولكنك مع الزمن سوف تتعود . . الرجل : أتعود على ماذا ؟ علىمعتقلي الجديد ؟ رجل المخابرات : بل على حريتكالجديدة .الرجل : السكنى في داخل (غيتو ) ليست حرية . إنها عودة بالإنسان إلى عصر المغارة والطوطم . رجل المخابرات : إنك لا تزالسجين رومانسيتك وأحلامك الوردية . ولا حل لك إلا بإلغاء ذاكرتك . فلبنان القديم لميعد موجوداً . . .الرجل : ما دام موجوداً فيذاكرتي . . فهو موجود .المرأة : قل لي أيها السيد .. من اختار لكم اسم ( جمهورية جنونستان ) ؟ . . رجل المخابرات : لماذا تسألينهذا السؤال ؟ ألا يعجبكِ الاسم ؟المرأة : عاشت الأسماء . إنهبالفعل اسمٌ على مُسَمَّى . ولكن . . ماذا فعلتم باسم لبنان القديم ؟ ( يهرش رجل المخابرات رأسهكمن يحاول أن يتذكر تاريخاً بعيداً ) .رجل المخابرات : لبنان . .لبنان . . لبنان . . آه . تذكرتُ الآن . إننا عرضناه في المزاد العلني ، فاشتراهتاجرٌ يهوديٌ يبتاع الثياب القديمة . .المرأة : وبكَمْ .. بعتملبنان ؟ رجل المخابرات : في الحقيقةيا مدام . . هذا قرارٌ سري اتخذه الحزب . ولا يعرف الرقم الحقيقي غير رئيسالميليشيا . . والتاجر اليهودي الذي اشتراه منه .المرأة : وهل بكى الوطن عندمابعتموه ؟ رجل المخابرات : نعم يا سيدتي. الوطن بكى . . ولكن التاجر اليهودي هو الذي ضحك . . . مكبر الصوت : يُرجَى من حضراتالركاب القادمين التوجه إلى مركز الأمن العام لإنجاز معاملاتهم . ( يحمل الرجل الحقيبتين ،ويتوجه إلى حيث يقف ضابط الأمن العام . يُخرج الرجل من جيبه جوازي سفر لبنانيين ،ويضعهما أمام الضابط . يُقلِب الضابط جوازي السفر ، ثم يرميهما بعصبية أمامه . . ).الضابط : هذه جوازات سفرتاريخية . . جوازات سفر منقرضة . . صادرة عن دولة منقرضة لا نعترف بها .الرجل : منقرضة ؟؟ . . هليمكن لدولة أن تنقرض بين عشية وضحاها . . هل يمكن لجواز سفر قانوني أن يذوب كفصالملح . . أو فقاعة الصابون ؟ يا حضرة الضابط . نحن قادمانمن باريس . ولم يقل لنا أحدٌ في مطار أورلي أن جوز سفرنا قد انقرض . . أو أن لبنانقد انقرض . . . الضابط : ألم تقرأوا في جريدة( اللوموند ) أو جريدة ( الفيغارو ) أن جمهورية جديدة قامت في بلادكم ، اسمها (جمهورية جنونستان ) ؟ .الرجل : لا يا سيدي الضابط .لم نقرأ . ثم ما هو وضعنا القانوني في مثل هذه الحال ؟ وماذا نفعل في جوازات سفرنااللبنانية ؟ الضابط : هذا ليس شغلي .ارموها في البحر . . أو خذوها إلى المتحف . . المواطن الحقيقي مفروضٌ فيه أن يعرفالقانون . وأنتم كان عليكم أن تراجعوا قنصليات ( جنونستان ) في الخارج ، لاستبدالجوازات سفركم . الرجل : ولكنكم لم تفتحوا أيقنصلية في الخارج . ثم إن قناصل لبنان الذين راجعناهم ، كانوا مثلنا مقطوعين منالأخبار . . والمرتبات . . ولا يعرفون شيئاً عن قيام ( جمهورية جنونستان ) .الضابط : ( بانفعال وغضبشديدين ) : هذا إهمال .. هذا تقصير .. هذا تخريب .. ماذا يفعل وزير خارجيتنا إذن ؟. ماذا يفعل سفراؤنا في الخارج ، غير تدخين السيجار .. وشرب الويسكي .. واقتناءالسيارات الفارهة ؟ ... سأقدم تقريراً للمكتب السياسيأطالب فيه بمحاكمة وزير خارجيتنا .. وإقالة جميع سفرائنا في الخارج .. لأنهمجميعاً أعداء الثورة .... الرجل : يا حضرة الضابط .اعمل معروف هدئ أعصابك . فقد تأخذ محاكمة وزير الخارجية وقتاً طويلاً .. فهلسننتظر أنا وزوجتي في المطار حتى تنتهي المحاكمة ؟الضابط : لا .. أنتم لستممسؤولين عن أخطاء غيركم . ولكن قبل أن أسمح لكم بمغادرة المطار ، أريد أن أستكملالتحقيق معكم .. الرجل : حاضر ... الضابط : هل هذه السيدة هيزوجتك ؟الرجل : نعم .. هي زوجتي . الضابط : ولكنكما تحملانجوازي سفر منفصلين . وتنتميان إلى طائفتين مختلفتين . والتأشيرات التي توجد علىالجوازين تشير إلى أنكما غادرتما معاً .. وعدتما معاً .. الرجل ( باسماً ) : وهل هناكشركة طيران في العالم تسأل عن دين الراكب وجنسه ، قبل أن تبيعه التذكرة ؟ إن سفينة نوح كانت أكثرتقدمية .. لأنها كانت تحمل على ظهرها الذكور والإناث دون تفريق ...الضابط : إنني أريد أجوبة لاتعليقات . هل تسمح السيدة أن تقول لي إذا كانت قد سافرت مع هذا الرجل بملء إرادتها؟ ..المرأة : طبعاً .. سافرتُبملء إرادتي ، لأنني أحبه . الضابط : تحبينه ؟؟ ولكنه مندين مختلف ..المرأة : الحب .. هو دينناالمشترك .. الضابط : وهل حصلتِ علىموافقة أهلك ؟المرأة : يا حضرة الضابط إننيامرأة في الثامنة والعشرين من عمري . وأعتقد أن بوسعي أن أتخذ قراراتي بنفسي دونالرجوع إلى رأي القبيلة ... الضابط : وهل تعتبرين المجتمعقبيلة ؟ ..المرأة : طبعاً .. إنه قبيلةكبيرة ، بكل تسلطها ، وتعصبها ، وخناجرها ، ومشانقها ، وسجونها ، وجنونها ... الضابط : ولكن القبيلة تحافظعليكِ كأنثى ، يا سيدتي .. المرأة : القبيلة لا تحافظإلا على ذكورها . الرجال هم مواطنو الدرجة الأولى .. والنساء هن مواطنات الدرجةالثانية . والدليل أنك تحقق معي في قضية شخصية جداً تتعلق برجل أحببته .. وسافرتُمعه .. الضابط : سافرتِ معه بصورةغير شرعية . أي أنك لستِ زوجته .. المرأة : وهل من الضروري أنيسافر الإنسان مع زوجته ؟ أنا حبيبته ... الضابط : كلمة ( حبيبة )تــُستعمَل في دواوين الشعر .. ولكنها لا تكفي لإثبات الشرعية . المرأة : ومن الذي يفصل فيقضية الشرعية ؟الضابط : الحكومة ... المرأة : الحكومة جهاز ٌبوليسي ، ولا علاقة لها لا بالحب ، ولا بالشِعر .. الحب هو مصدر كل الشرعيات .الضابط : على جوازي سفركماتأشيرة قديمة لدخول جزيرة قبرص . ماذا فعلتما في قبرص ؟ المرأة : وماذا تنتظر أن نفعلفي قبرص ؟ نزلنا في فندق على الشاطئ .. وسبحنا في البحر .. وأكلنا سمكاً طازجةوجبنة قبرصية بيضاء .. وشربنا نبيذاً قبرصياً جيداً .. ورقصنا .. ثم خطر ببالنا أننتزوج .. فتزوجنا ...الضابط : أي نوع من أنواعالزواج ؟ المرأة : الزواج الأبسط ..والأسهل .. والمتحرر من كل الشكليات .. كزواج العصافير .. الضابط : تقصدين الزواجالمدني ؟ المرأة : بالضبط .. الضابط : أي أنكما هربتما منالوطن .. لتتزوجا على أرض أجنبية ؟المرأة : كل مكان يجمع رأسيعاشقين هو وطن .. بل هو سيد الأوطان .. ثم إن الوطن ليس سجناً للنساء .. ولا مدرسةداخلية لا يُسمَح للفتيات فيها أن يخرجن إلا بإذن الناظرة ... إن الوطن هو مجموعة عواطف منيسكنونه .. ومجموعة أفكارهم ، ومجموعة خياراتهم .. ومجموعة حرياتهم ..وحين يقف الوطن ضد مشاعرمواطنيه ، وضد عواطفهم ، وأفكارهم ، وضد شؤونهم الصغيرة ، فإنه يتحول حينئذ إلىقاووش كبير للسجناء . الضابط : ولكنك هاربة منالوطن الذي أطعمكِ .. ورباكِ .. المرأة : الأمل ليس مشكلة....كل الحيوانات بما في ذلكالصراصير تجد ما تأكله .. الحرية هي مشكلتي . فحين يرفض الوطن أن يزوجني من الرجلالذي أحبه ، بحجة المحافظة على النظام العام ، ومصالح الطائفة ، وسُمعة الحارة ..فإن لي ملء الحق أن أرفضه بدوري .. حين يرفض وطني أن يعترفبحبيبي .. فإن حبيبي عندئذ يصبح وطناً .. الضابط : أنتِ محامية حقيقية.المرأة : بل أنا امرأة ٌحقيقية ... الضابط : حسناً .. حسناً ..لقد طال هذا الحوار كثيراً .. إلى أي قسم من بيروت تريدان أن تذهبا .. حتى توصلكماسيارة قوى الأمن ، لأن الطرق غير آمنة في هذه الساعة من ساعات الليل .. الرجل : نذهب إلى منزلنا فيبيروت الغربية .. الضابط : تذهب أنت إلى بيتأهلك .. وتذهب هي إلى بيت أهلها .. الرجل : ولكنها زوجتي ... الضابط : كونها زوجتك .. لايغير وضعها الطائفي . الرجل : ولكنني أحمل الأوراقالتي تؤكد زواجنا .. الضابط : نحن في ( جمهوريةجنونستان ) لا نعترف بقصاصات الأوراق التي أعطوكم إياها في قبرص .. المرأة : ولكن كل الزيجاتمكتوبة على قصاصات ورق . المحكمة الشرعية تعطي للمتزوجين قصاصة ورق .. والكنيسةأيضاً تعطي قصاصة ورق .. كل الزيجات في العالم بناياتٌمن ورق ... الضابط : ماذا تقصدين ؟ المرأة : أقصد أن القضية كلهاورقٌ بورق .. والمهم في الزواج ليس النص المكتوب .. وإنما جوهر العلاقة بين الرجلوالمرأة ... حين يكون اثنان في حالة حب ..فإنهما لا يحتاجان للتوقيع على أية وثيقة . إن حبهما هو شهادة التأمين التيتحميهما من الضجر .. والتكرار .. والإفلاس الروحي .. الضابط : حسناً .. لنختم هذاالحوار اللامُجْدِي . فقولي يا سيدتي إلى أين تريدين أن توصلك سيارة قوى الأمنالداخلي ؟ المرأة : يا حضرة الضابط . هلأفهم من كلامك أن عليَّ الالتحاق بقبيلتي في بيروت الشرقية ؟الضابط : نعم يا سيدتي .. هذههي التعليمات ..الرجل : وهل يعني هذا أننيسأذهب إلى ( غيتو ) المسلمين .. وزوجتي ستذهب إلى ( غيتو ) النصارى ؟ .الضابط : استنتاجك صحيح . الرجل : إذن ، هل تسمح لي ،يا حضرة الضابط ، أن أتشاور مع زوجتي ؟ .الضابط : لك ما تريد . ( يمسك الرجل بذراع زوجته ،ويذهبان إلى زاوية من زوايا المسرح . يتكلمان همساً لبضع دقائق ، ثم يعودان .. ) .الضابط : تفضلا .. فسيارةالأمن الداخلي جاهزة . الرجل : لن نحتاج إلى سيارةيا حضرة الضابط .. فقد قررنا أنا وزوجتي أن لا ندخل البيروتين .. الشرقية أوالغربية .. الضابط : وأين ستمضيانليلتكما ؟ الرجل : سنمضيها نائمين علىرصيف أحزاننا ، وفي الصباح ، سنسافر على أول طائرة مسافرة إلى قبرص .المرأة : وداعاً يا حضرةالضابط .. وإذا تصادف وعشقتَ امرأة من ( الحارة الثانية ) ولم توافق ( جمهوريةجنونستان ) على زواجك منها .. فتذكر أن لك في قبرص بيتاً مفتوحاً .. وأصدقاء منلبنان القديم مستعدين أن يقتسموا معك رغيف الخبز .. ورغيف الحب .. ( يحمل الرجل الحقيبتين ،وتتبعه المرأة ، ويخرجان من الباب رقم 1 ) .ستار |
|
|

|
|
|
|