كل شئ هادي ب"الميدان الغربي"، جامعة الخرطوم...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-01-2025, 04:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-30-2015, 08:44 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كل شئ هادي ب"الميدان الغربي"، جامعة الخرطوم...

    07:44 PM Dec, 30 2015

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني كرم الله-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    .
    .
    يوم القراءة، جامعة الخرطوم!!

    كل شئ هادئ في الميدان الغربي
    على النجيلة جلسنا!!
    بقلم: عبدالغني كرم الله


    ***


    أتتعامل معه كحشرة؟ أم إنسان؟ أتقضي عليه بالبف باف، ام تمد يد المساعدة له؟ هذا ما خطر على بالي، وأنا اشاهد هذه الطالبة، بالعلوم الصحية، تتقرفص كيوجي صارم، على نجيلة الميدان الغربي لجامعة الخرطوم العريقة، في يوم القراءة، وبين يديها كتاب (المسخ).

    اعتمل ذلك في ذهني، وأنا سعيد برؤية زحام جميل، يوم القراءة، في الميدان الغربي بالجامعة، عله تلكم الاستغراب، ان الفقرات الاولى من رواية المسخ، للذكي كافكا، تقول ان هناك بائع متجول، وجد نفسه حشرة، مقلوبة على ظهرها، تقاوم بشدة، وهي ترفس بأرجلها الكثر، كي تستقيم، وتمضئ في شئونها، فكيف تتعامل هذه الطالبة الجادة الملامح، مع هذه الحكاية؟ أتؤمن بالخيال والشعر؟ أم كلفة بالعلوم؟ والتشخيص؟ فهل السيد "جريجور ساما"، حشرة؟ أم إنسان في بالها؟.

    من الخيانة، أن يترك، الطالب للتخصص "صنع نملة همها القوت الحسي"، ويملأ قلبه وعقله النجيب بالعلوم، أن يصب بصرامة قوانين الطبيعة، لا محال، سيكون لقمة سائغة، للتحجر، أو لسلطة مستبدة، توظف مهارته وموهبته، في صنع قنبلة، أو سجن، أو خيال مريض، لمحاربة الخصوم والحياة، ولو لم تستغله السلطة، لكان الطالب المجيد، محدود الخيال، يصنع بلا كلف، ويعيش كترس، مسرنم بحاجات الحياة الدنيا، (مفصلا كنخلة إيليا، ظله على جسده)، ويهدر أعظم طاقة فيه "طاقة الحب، والحياة، والخيال"، فما العلم، كله، إلا وسيلة إليها، الحياة الخصبة الخلاقة، المحبة.

    هنا يكمن سر، وقدرة، ومعجزة، وثراء القراءة، في سقي الطالب "أيا تخصصه"، بنور الحب، والفهم والعمق، وبأنه رسول حياة، ناسك في معبدها الكبير، وعازف في اوكسترا، يساهم فيها الجميع، ومناط به، نخف الروح، والخيال، والحياة في عمله، وعلمه، وحرفته، حين تتلقح بالشعر، والأدب، والفنون، والفلسفة، كل العلوم أشقاء، كلها، من حواء قلب وعقل، (ألا يؤثر حبو الغيوم الرزين، في النفس؟ وهي كمياء حرارة وتبخر؟)، ويقعشر الجسم حسا "وما القشعريرة ، سوا كمياء هي الأخرى في عصبونات الأعصاب)، تبادل منافع بين الكمياء والشعور، هذه بتلك، وحينها سيبتكر، (حتى في تخصصه، وقد مد يديه لسر ونبع الحياة)، بمهارته، بما لا يطاله الخيال، في بناء دار كعش، أو طريق كشريان، أو معالجة مريض بالحب والبندول، في عرس العلم بالفن.

    صارت الذكاءات المتعددة، (في أزمة التبلد العام، الكوني وريث التخصص الصارم)، صارت هاجس البشرية، ذكاء الحس، والعقل، والعاطفة، والخيال، في جرم بني آدم، الذي لم تكتشف حاجاته، وطاقاته، وقدراته إلا قطرة، إلى محيط، أن قراءة الشعر شفاء، فكل الامراض العضوية، تداع "نفوس كئيبة"، يقشعر لها البدن، مرضا، وكآبة، إن أصل البلوى "روح متعب، من ثقل الحياة، تنشد السكينة، والاتكاءة، في ظلال الشعر، والرؤى، من الكبد اليومي، وتصبح "القراءة"، أرض الميعاد لكل بني آدم في حضارتنا العجولة، كثور ناطح، يطارد الجميع في طريق ضيق، مسدود الختام، فلابد من الرجوع لمفترق الطرق، وسلوك درب الحب والفهم والعمق.

    من العجائب، الجميلة، جرى يوم القراءة في كليات الهندسة "وليس الأداب والفلسفة"، كأن الشعر كهرباء، حين يتلى بصدق، يشعل شمعة الجسم، وينير العاطفة، وكمياء، يقعشر لها معمل البدن، وعصبوناته، وفيزياء جاذبية لرؤى وحدس في ضمير الشاعر والمتلقي، أي الجسد معملا، للحياة والهضم والتمثل والخيال والارتعاش والدهشة، وللحق هو ملاذ، لأكثر من ذلك، للانفعالات الحسان في تاريخ الحس، لو توفر له الخيال والقراءة والحرية والفكر، لصار جنة "أي الجسد"، بل كأس خمر ".

    حضر للميدان الغربي، زوار اثاروا العجب في نفوس الطلاب، هيئات وسحنات عجيبة، من عصور غابرة، وأمكنة قاصية، ومشارب مختلفة، جان فالجان، مصطفى سعيد، احمد عبدالجواد، وميرسو، وسانتياغو، ابطال كتب البؤساء وموسم الهجرة والثلاثية والغريب والعجوز والبحر، ومن عجب برفقة فيكتور هوجو، والطيب صالح ونجيب محفوظ والبير كامو وهمنجواي، كلهم تفرفصوا بأدب جم "كعادة الكتاب العظام"، بين الطلاب والطالبات، وهناك ابن بطوطة بقلنسوته، والحلاج سارحا، "والزين يقرص هذه، ويصرخ "انا مكتول في الميدان الغربي".

    كان أعجبهم سيدة هادئة الطبع، جاءت لميدان القراءة بمختبرها، فمن منكم، بمقدوره، أن يصف أسارير مدام كوري، (ولو كان شاعرا، أو عازف)، وهي تشد إحدي عينيها، تحت عين المجهر الالكتروني، في معبدها "محراب مختبرها"، منحنية عليه، بطفولة وهمة، كأنها عين سحرية، لرؤية الغيب، أو الماضي المندثر.

    بغته، تصرخ فرحة، ملء قلبها (والميدان)، لنفسها، "ما اجمله، ما اعظمه، نبع ضوء، ونفث نور بلوري مشع، وتمنت أن تعلقه على صدرها"، كانت تتحدث عن مجرد قطعة "فحمة سوداء"، ليس إلا، تحت مجهرها، الفحم مشع كالماس، حقيقة لا مجاز، بل كل عنصر مشع، ولكن من يرفع عن العيون حجاب العادية، كيف نندهش؟ ونتعجب؟ مثلها؟ فإن لم يكن بعين الراس، فليكن بعين الخيال، طالما ثبت أن الواقع اغرب من الخيال، ولكن حواسنها هي المحدودة الحس والفهم والذوق والرؤية والشم، في رؤية سحره، حتى نعى مفكر غار حراء، ورسول الجمال، حدود بصرنا، حين قال "اللهم أرني الأشياء كما هي"، وليس كما يتراءى لنا، وحينها يحق لمدام كوري أن تلبس عقد من فحم، وسنراه يلمع، بصورة أعظم وأرق مما لمع تحت مجهرها الإلكتروني.

    لم كل هذا الحضور الجميل؟ من أجل القراءة؟ من أجل الحكايات، من أجل ابطال من وهم الخيال والذاكرة، وسرح بالي في الكتاب وأبطاله:
    ( ما أنبل صنيعه، البطل ينتظرني، في ذات المكان الذي تركته فيه، ما أوفى الحكايات، التي في الكتب، رغم اني تركته قرب الباب، يود طرقه، في عز ظهيرة حارقة، ولكن لا اثر لعرق على جبينه، ما أعجب ذلك، هل غاب مثلي؟ ولكن أين غاب؟ كما يغيب وجهي عن المرآة حين ابعد عنها، ويظهر حين أعود؟ أبطلي كوجوه المرآة؟ كوجهي؟ ما أعجب سكر القراءة، حين تشرع القراءة، بعد غياب "طال أو قل)، يطرق الباب، ويدخل، أنتظرني بأدب جم، رغم تأخري ساعة ونصف، بلا إعياء أو عتاب، أهناك اوفى من "أبطال الحكايات؟" تغلق الكتاب لسبب واهن، ومع هذا ينتظرونك في ذات الصحفة والموقف أيا كان، ولو غبت مائة عام، حب أسطوري للقارئ ، كأم وحبية، واخت وأكثر).
    هنا... يكمن سر ونبل القراءة.


    الخرطوم
    ........
                  

12-30-2015, 10:15 PM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامعة ا (Re: عبدالغني كرم الله)

    قلم يستحق القراءة
    شكرا كرم الله
                  

12-31-2015, 04:12 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: doma)

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

                  

12-31-2015, 05:40 AM

معاوية الزبير
<aمعاوية الزبير
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 7893

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: عبدالغني كرم الله)

    ربما هؤلاء يمثلون الشباب الناجين من الحرب في رواية الألماني إريك ماريا ريمارك (كل شئ هادئ في الميدان الغربي)
    الناجين من الحروب العبثية التي يشنها تنظيم الإنقاذ، وكان ولا يزال وقودها شباب مثلهم.

    اشتقنالك يا عبد الغني ولروحانياتك. لم تعد الدوحة أبداً كما كانت وأنت بها
    على الأقل بالنسبة لي،
    أفتقد دائما من أزوره -بسلام- في العصريات في البيت أو المقهى أو أرافقه لمعارض الكتاب
    لكني أتابع أنشطتك في الخرطوم
                  

12-31-2015, 06:08 AM

MOHAMMED ELSHEIKH
<aMOHAMMED ELSHEIKH
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 11854

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: معاوية الزبير)

    اين انت يا قريبي
    المنبريفتقدك كثيرا
    بعد ان سعد بيك الفيس
                  

12-31-2015, 07:19 AM

هاشم احمد ادم
<aهاشم احمد ادم
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 260

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: MOHAMMED ELSHEIKH)



    "كل شيء هادئ في الميدان الغربي " ..
    رواية سحق الانسانية"

    أريك ماريا ريماك

    بقلم
    زيد الشهيد

    ... وتبقى الأعمالُ الصادقةُ خالدةً تحفرُ وجودًها الحي على قرطاسِ التأريخ الموغِل في العمقِ بينما يتطاير الهشيم المفتعل فتذروه رياح الزمن العاتية ، ويظلُّ ما هو قادم من روابي الصراحة التي لا تبتعد عن التعبير الدقيق لا يمسسه غبار المبالغة ولا تغمرة وحول التزييف .. أسوق رؤيتي هذه وأنا انتهي من قراءةِ عملٍ متقنٍ رصينِ يحمل مبررات ديمومته واستمرار تأثيره في النفس ، ونفاذه إلى مساحات الذاكرة المتأججة ، التي لا يغطيها غبار النسيان كونَه عملاً حملَ جذوة الانفعال الحقيقي في خطاه وصيرورته وتأجَّج بلا مغالاةٍ في دواخله وهو يظهر إلى الوجود ليسير على جادة ذائقة القراء التي جديرة بتلقّي مثل هكذا أعمال ..(كل شيء هادئ في الميدان الغربي ) ، العمل الروائي المكتوب عام 1929 حيث الإحساس بقراءته يوحي كأنَّ أحداثه تدور الآن في هذا الزمن وعلى ارض تحمل خصائصها وسماتها كل بقعة نشبت فيها افتعالات السبب أو مسببّات الفعل ،، اقصد موضوعة الحرب .
    ينقلنا ـ اريك ماريا ريمارك ـ على جناح الكلمات إلى زمن الحرب العالمية الأولى.. والى واحدة من الجبهات التي فتحتها الأطماع الألمانية للتوسع والاستحواذ كي يصوّر لنا بشاعة الحرب ، وهوس تجارها في إطالة وتوسيع أمدها غير عابئين بأنياب المآسي وحراب الدمار التي تنغرز في أجساد الأمم فتمزق أحلامها الخضر، وتطفئ جذوة الحياة المبتغاة في عيون الساعين إلى اقتطاف لحظة سلام واحدة تتمم لهم حلو العيش الرغيد .. تأتي قوة العمل الروائي فيها وصدقه من كون الكاتب ألمانيّاً خرج من بين جموع المخدوعين بعظمة أمته وسموها فوق الأمم ، فجاءت الرواية ألمانيّة بأبطالها .. أبطال ألتهمتهم محرقة الحرب ، وأفجعتهم بأحداثها المتهافتة فلم تترك لهم جرَّ الأنفاس لعظم هولها وبشاعة دقائقها وتفاقم المرارة والندم اللذين كانا يتناميان في نفوس شخوصها .
    يتحدّث ( بول ) بلسان جمعي عن أجواء المعسكر حيث ولجه ورفاقه متطوعين .. ستة من زملاء الدراسة ؛ شبّان لم يبلغوا التاسعة عشرة ؛ مبهورون ببريق الدولة العظمى ؛ مهووسون بحمَّى الانتصار والتفوّق تشحذهم خيلاء الملابس العسكرية فيزيدهم غطرسةً واستعلاء . لهذا تراهم يتحملون قسوة التدريب وعنفه ؛ لكنهم يخرجون بمحصلة تثير فيهم الشك واضعة إيّاهم على أعتاب موقف جديد : " أمضينا في الجيش عشرة أسابيع للتدريب اكتسبنا في هذه المدّة ما لم نكتسبه بدراسة عشر سنوات في المدرسة . عرفنا أنَّ زرّاً لامعاً في البذلة هو أكثر قيمة من أربعة مجلدات من فلسفة شوبنهاور . وفهمنا أنَّ ما يهم ليس هو العقل بل طلاء الحذاء ، وليس هو الذكاء بل النظام ، وليست الحرية بل التدريب العسكري . " ص33


    وكلّما توغلنا في دروب الرواية وتعددت الصفحات اكتشفنا _ نحن القراء _ مثلما اكتشف ( بول ) ورفاقه أنهم لم يعرفوا من الحياة غير الخوف واليأس والأحزان والموت ، فراحوا يتساقطون مضرَّجي الدماء ، مبتوري الأعضاء ، ممزَّقي الأحلام تحت سماء ، ويعلو مفازاتها الدخان ، ويمزّق سكونها دوي المدافع وانفلاق القنابل ، تشيع في مسامات هوائها لوامس الموت المندفعة من ثقوب الغازات السامة التي تُبَث لتحصد مخلوقات بشرية ربيعية يفترض أن تعيش ألق الشباب ومتعته ، فيسقط الرفيق الأول مهشَّم الساق . ينقل إلى المستشفى ؛ وهناك : " دنونا من فراشه . رأيته فارق الحياة . كان محيّاه لم يزل مبللاً بدموعه وعيناه نصف مفتوحتين . " . ويتبعه ( ديستوس ) في معركة أخرى فيموت بسبب جرح في ظهره يمزّق رئتيه ويقطع عليه أنفاسه فيما يموت ( جادن ) و ( موللر ) و تبتر ساق ( ألبرت كروب ) من فخذه ويموت آخر الأمر ... وأخيراً يحمل الراوي رفيقاً له على ظهره جريحاً إلى مستشفى الميدان ، وهناك يكتشف أنّه إنّما كان يحمل جثَّةً هامدة .
    هكذا راحوا يموتون في معارك متلاحقة تتخللَّها تداعيات مُرّة وذكريات تعود بهم القهقرى إلى الطفولة ، ففي يوم زار ( بول ) أهله في أجازة قصيرة ؛ وفي واحد من المواقف المؤثّرة تجلس أمُّه عند فراشه تسأله : " هل تخاف كثيراً ؟ " فيجيبها : " لا يا أمّي " . وينسحب إلى الداخل :" أوّاه يا أمي . لا أزال في نظركِ طفلاً . فلِمَ لا أدسُّ راسي في حجركِ وأبكي ؟ ماذا يحملني على التجلّد والتشدد ؟ كم أود أن أبكي لوعتي ؛ فإني في الحق لم أتجاوز دور الطفولة كثيراً . ولم يزل بنطلوني القصير معلقاً بين ملابسي في غرفتي . ما أقرب العهد ذاك بهذه الأيام ؟ لِمَ ذهبت وانطوت ؟ لِمَ لا أضحك ، يا أمي بين ذراعيك ونموت معاً ؟! "
    وتتخلل الرواية حوارات عديدة ساخنة بمواقفها . مواقف لا حول للمقاتلين ولا اقتدار على اتخاذ القرار بشأنها .. يقول ( كات ) :
    _ لا بدَّ من وجود أناس معينين يفيدون من الحرب . فيجيبه ( جادن ) :
    _ لا يمكن أن يكون الإمبراطور لأنّهه يملك كل ما يشتهي .. فيرد ( كات ) :
    _ لا بَّد لكل إمبراطور عظيم من حرب واحدة في الأقل تنشب في عهده ، و إلاّ خمل ذكره ولم يذع صيته .ارجعوا إلى كتبكم . ص123
    ونقف عند حوار آخر يدور حول مصائرهم ، يقول ( بول ) :
    _ كلّما فكّرت يا ألبرت في زمن السلم الذي نتحدث عنه صوَّرت لي نفسي أن أقوم بعمل لا يتصوّره العقل . عمل يوازي هذه الكارثة التي بتنا بها . لكنني عاجز عن تصوّر ما أفعل .
    وساور هذا الإحساس ( كروب ) فقال :
    _ سنعاني أزمة شنيعة ؛ لكن ما من أحد يفكّر في أمرنا . ان سنتين تحت أهوال القنابل والمدافع أمر لا يسهل نسيانه . ان الحرب قد دمرتنا ولم نعد نصلح لشيء .ص68
    ولطالما تحاور المقاتلون في كل حربٍ ، وعلى أية بقعة من هذا العالم بهذا الحوار المحرق . يتحاورون ؛ وتغلّف حواراتهم السخرية والألم من خديعة مريرة وجدوا أنفسهم مُقادين في دروبها :
    " _ ربّما كان الحق في جانب الطرفين .. يستطرد ألبرت
    _ لكن مدرسينا وقساوستنا وصحفنا يقولون أن الحق في جانبنا وحدنا ، وهو ما نرجو أن يكون صحيحاً . لكن المدرسين الفرنسيين وقساوستهم وصحفهم يقولون أن، الحق في جانبهم هم ؛ فما رأيك في هذا ؟
    _ لا جواب عندي . لكن أينما كان الحق فالحقيقة الواقعة أنَّ الحرب دائرة . "
    وتدور الحرب . يستعر أوراها فتضم إليها دولاً أخرى وتزداد أعداد القتلى ؛ تدمَّر المدن ؛ تُحرق البيوت ؛ يكثر المشردون . ويصبح " ( كل شيء في الحياة عبثا وخداعا ـ هكذا يؤول الراوي بروايته إلى نهايتها _ إذا كانت حضارة آلاف السنوات لا تستطيع أن توقف سيل الدماء التي تتدفَّق مدراراً ؛ ولا أن تحول دون هذه الجروح المروِّعة التي تكتظ بها غرف العذاب في المستشفيات فكيف يكون المصير . إنَّ المستشفى وحده يبيّن ما هي الحرب ؛ ويصوّرها تصويراً مجرداً ) .
    وتخلو الرواية من قصص الحب التي نجدها كالعادة في روايات أخرى ، وتظهر الحرب كمعادلٍ موضوعي سلبي لعواطف الأبطال وخيالاتهم . لقد أنستهم الحرب فيوض الحب ورياضه ِ ؛ وجعلتهم لا يبصرون غير الخنادق والأسلاك الشائكة تتعلّق بشفراتها الأعضاء البشرية الممزقة وخرق الأقمشة الملوثة بالدماء . ولا يشمّون غير رائحة البارود المخدِّشة لخياشيمهم ونتانة زيوت الأسلحة المُقرفة . ولا يخلو يوم من منظر فئران الخنادق التي تجابههم بحربٍ أخرى غير معلنة : " الحق أن الجرذان هنا بشعة ممقوتة ، فهي مفرطة السمنة ؛ من النوع الذي يسمى بآكلة الجثث ؛ ولها وجوه مروعة شنيعة عارية ، ومنظر أذيالها الطويلة المجردة من الشعر يثير أشد الاشمئزاز . " ص74
    هي الحرب تتكرس ، فتأكل ستة رفاق من مجموع سبعة . أي بحساب النسبة المئوية 85% كانوا حطباً لنار سعير أشعلها الحمقى والمستبدّون كي ما يحصدوا أوسمة البطولة الملطّخة بسخام الخزي القاتم .
    إنَّ ما يميّز هذا العمل الإبداعي الجميل هو صدقه الفائق ، والتعبير عنه بأحاسيس خلت من المبالغة والتهويل ، فتلاحقت فصول الرواية الاثنتا عشرة وتسارعت أحداثها صُعَّداً نحو خيبة الأمل الذي وجد الراوي نفسه وحيداً على أعتابها . ولكي يربك خالق الرواية ذهن القارئ ويصعقه أضاف خاتمةً صغيرة ـ أسطرا معدودة ـ جاءت بلسان الصوت الثالث لتعمّق خيبة الأمل ، ففي أكتوبر من عام 1918 وكما ورد في الخاتمة ـ حيث الحرب وضعت أحمالها ، وثاب الكبار إلى رشدهم ـ بعد جنون طويل ـ سقط بطل الرواية قتيلاً ، ولكن في ذلك اليوم لم يُذكَر خبر استشهاده كي لا يعكِّر صفو الهدنة .. وكُتبَ في التقرير اليومي أن : " كل شيء هادئ في الميدان الغربي " .



    منقول من موقع تحميل الرواية بالنت
                  

12-31-2015, 10:08 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: هاشم احمد ادم)

    .
    .
    المعاوية...

    يالله، ...
    طال الشوف، ولكن في الذاكرة ذات الجار، والأخ والعزيز، في فندق ماريوت، أظنه، وفي عرس سوداني لبناني، لبت العزيز محيسي، درج اللقاء، صدفة الله وعد مشتهى، وكان ما كان، كأننا جئنا على قدر كي، خط في لوح قديم، وجف الحبر، وثبت موعده، وزمنه، زغاريد سمراء، وأخرى من الشماء، وأنت مقبل من الإمارات، حديث عهد بشارع الكورنيش وام غولينا، والسد، ثم رسمت الصدف لقاء ثان بين الكتب وعباقرة الحياة في معرض الدوحة...

    يالله..
    ثم انجبر كسر الغربة، بكم، وهمهما الغريب "هب جنة الخلد اليمن"، فكنا نتسامر في شأن الفن والأدب، والروح، ببساطة آسره، نعزي النفس، بسراب وشموس، وحكايات عن البلاد، ثم جاء همك بمدينة كوستي، مثل شلقمامي، والطيب محمد الحسن، تلك المدينة التي يبكي من يفارقها "أهي أم ؟ أم حبوبة؟"، أم طفلة بضفائر، يتيمة الأم، ومع هذا تلوح من بعيد لأب غائب؟ طرقها وسكة حديدها وقهاوينها وحطيطانها بلت بعرق الحنين، وندى الشعر، كوستي تلكم الطفلة؟ ولا تزال تودع كل يوم آب، وأب، وأب، وأم، يدها تعودت على التلويح، والوداع، لا الرسم، والكتابة والحناء..

    يالله
    والله اشتاقكم؟ وكيفك؟ ويارب سعيد، ثم زيارة صلاح، وكتابة، ثم همك بنشر قصص شباب، وأصحاب لك ، ثم هم ثاني "مكتبة شعبية، وعامة"، ثم هم عاشر بجمع تراث وظرفاء كوستي، ومعالمها، ثم هديتك "خطابات بين الطيب صالح، وتوفيق صايغ، تلكم الرسائل التي عرفت بأن الموسم تم شطب "حداشر سطر منها"، بالتمام والكمال، وتلك الرسائل التي قال فيها الطيب صالح لتوفيق "سافر، عشان تغيرك الملامح"، أو بذات المعنى لا اذكرها ككلمات، ولكن المعنى في القلب، يالله أيام، كنا نغرف منكم جميل الفرح....

    سلام لأهلك "أهلك زوجتك"، في عرف قريتي، كلهم "أهلكم كيف؟ هكذا تسأل المرأة وهي تدخل عتبة الدار عن الفجر "وأبونا، تعني عندنا الزوج، كأنه أب آخر للفتاة التي تصغيره دوما "أي زوجته، كأنه ابيها، فكيفكم؟ وكيف مكتبتك؟ وهمك؟

    والله مشتاق
    انا في البلاد، نحوم ونرفع الفاتحة، ونبشر، ونمسك الشماعة في البص، أو نتوقف في محطات البنزين، ونفتح زجاج السيارة وتتونس مع الباعة الاصغر من ابناء رياض، وأخر بائع شاهدته في تقاطع شارع السكة حديد مع شارك المك نمر، طفل يبيع الحكايات للاطفال، بيده كتب جميلة صغيرة، كتب اطفا "سألته بتعرف تقرأ؟"، فقال لا؟ وشرعت في كتابة قصة عنه، خيالي جرى هناك وهناك، سأرسلها لك حال الانتهاء..

    طبعا كل اخبار قناة الجزيرة التي تمر تحت تحت، في الشريط الطوالي، كنت اراك فيها، ... فسلام لكل الاحبة هناك، ومعكم، وسلام خاص لاستاذ صديق محيسي، وليلى، وكل الاحبة، بلا فرز......

    بالحيل، من امتع الكتب التي قرأتها في الجامعة "كل شيء هادئ في الميدان الغربي"، لريمارك، وسكنني العنوان، وباغتني حين زرت الميدان الغربي، لجامعة الخرطوم..

    وشوق حار، ودمتم سعيدة
    عبدالغني كرم الله
    الخرطوم
    حي الازهري
    جنوبا...
                  

01-03-2016, 12:11 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: هاشم احمد ادم)


    تسلم هاشم....

    فعلا رواية عظيمة، تصور اهوال الحرب، قرأتها في الجامعة، ولا تزال في بالي، وبها تيمنا اخترت العنوان وخاصة بالميدان الغربي لجامعة الخرطوم...
    وهناك ترجمة أخرى لها بعنوان "لا جديد في الميدان الغربي"....

    ومن الصور الباقية في ذهني، عن الجنود في الجبهة كانوا يمقتوا القمر، وخاصة قمر "14"، في رمزية عالية لجنون وتبلد الحرب، حيث يكشف نور القمر القوي في تلكم الليلة مواقعهم المخبئة، وهكذا الحرب ضد طبيعة وفطرة الحياة كلها
                  

12-31-2015, 10:41 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كل شئ هادي بandquot;الميدان الغربيandquot;، جامع� (Re: doma)

    .
    doma الحبيب....

    عام اخضر، كله، وراحة بال، ورحابة جمال.....
    قلنا نشجع القراءة في بلادي.... ثورة وئيدة، حكيمة، .... خطوة، خطوة...
    وسرني منظر الفتيات والفتيان، على النجيلة، وسرني اكثر العيون اللماحة الذكية، حقا...
    وبلادي، فليكن هناك نورا....


    وعميق المحبة،
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de