|
كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً
|
درست مع محجوب شريف أنا وامحمد طه القدال والخاتم عدلان في مدرسة واحدة هي مدرسة المدينة عرب الوسطى ذات الراسين .هكذا كانوا يسمونها. الخاتم لم نره في المدرسة أنا والقدال لكن وجدنا سمعته كأحد تلاميذ المدرسة الاذكياء النجباء.محجوب كان في السنة الرابعة ولذا فقد درس مع الخاتم لعدة سنوات قبل أن ينتقل الخاتم لمدني الثانوية. محجوب شريف كان طالباً خارجياًُ يسكن في القرية وبه بسطة في الجسم ويبدو أنه أكبر قليلاً بسنة تقريباً عن بقية الطلاب ولا ادري من اكتشف فيه خاصية حامي الحمى فقد شهدنا محجوباً يتلقى الشكاوى من طلاب الفصول الدنيا ضد من يشاجرهم او يتحرش بهم من بعض تلاميذ رابعة وثالثة فيقوم محجوب بدور الفتوة فيضرب علناً ا التلميذ الذي تقدم ضده شكوى من تلميذ قاصر .كم شهدنا هجمات محجوب الصباحية تلك .في إحداها شهدت شخصياً أن أحدهم ضربه محجوب حتى سال دمه من فمه.ومن عجب أن من يتلقى ضربات محجوب يتلقاها بخوف باد حتى اصبح محجوب بطلاً كما ابو زيد الهلالي وسط تلاميذ المدرسة. كان حقانياً فلايعتدي على أحد لم تقدم ضده شكوى.لابد أن المدارس وقتها كان ينقصها المشرفون على الداخليات.. عندما تعرف علي مججوب كنت في السنة الثانية والقدال كان في السنة الأولى .أقول تعرف علي محجوب لأنه جاءني بقصيدة عامودية من تأليفه لألقيها نيابة عنه في احتفال يقام بميدان المدينة عرب القرية المركز التي تجتمع إليها عدة قرى. مناسبة الاحتفال كانت أعياد الإستقلال التي بعد ثورة اكتوبر مباشرة وبذا فتاريخ إلقاء القصيدة كان يناير 65 م .كان محجوب وقتها في السادسة عشرة من عمره فهو من مواليد 48م لماذا أنا بالذات؟ كنت قد فزت بجائزة الإلقاء العربي في السنة الاولى بمساعدة الأستاذ أحمد الريح الذي دربني على فن الإلقاء. وضع محجوب هذا في حسبانه عندما جاءني بقصيدته فحفظتها قبل المناسبة .لاحظ محجوب أن هندامي لم يكن وفق ما هو مطلوب فطلب من الطالب صديق النو أن يمدني بجلابية وعمامة .كان ذلك هو زي التلاميذ وقتها قبل ان يتحول في نفس سني دراستنا للأردية. ارتديت لأول مرة في حياتي جلابية سكروتة.وعمامة فاخرة كبيرة فذهبت بهذا المنظر المهيب للساحة حيث يقام الاحتفال وجاءت جماهير غفيرة وبدات ألقي ا قصيدة محجوب بصوت مبحوح و كانت كلماتها تقول : صدح الكنار وغردا وجرى الغدير مرددا وتفتحت ازهار روضْ بالامس كفنها الردى وأطلت الشمس الضحوك حسناء ترسل عسجدا فتمزق الليل البهيم وتزيح ستراً أسودا فإذا الجمال مصفق يغري ويهدي الملحدا وغذا الحياة بهيجة الدنيا راقت مشهدا وإذا بلندن تنثني ويعود ######ها مجهدا القصيدة طويلة ولم أحفظ منها الآن إلا هذه الأبيات .ومن عجب أن القدال حفظ منها بيتاً ذكره لي عام 2013م وذكره في مارس الماضي . حفظه ساعة إلقاء القصيدة عام 65م وعبثاً حاولت الإتصال عليه وأنا بقرب محجوب ليلة الثلاثاء 18 مارس الماضي فلم يستجب هاتفه أما محجوب فلم يعد يذكر من تلك القصيدة شيئاً ويا للحسرة غاب محجوب عنا دون البيت الذي في ذاكرة القدال. في تلك الليلة سهرت قرب محجوب نجتر ذكريات المدينة الوسطى (أواصل )
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: jini)
|
قاد محجوب وبعض زملائه اذكر منهم المهندس حالياً محمد الأمين الجاك ثورة أكتوبر بالمدرسة طفنا بأحياء الموظفين والمجلس الريفي إلى أن وصلناإلى سوق القرية.وهناك أمرنا الأستاذمصطفى محمد نور بأن ننزل النعش ثم قال لنا بصوت جهير احرقوا النعش ففعلنا .اضرمنا النار في نعش كالتابوت .كان ذلك تعبير مدرستنا بالثورة أما المعلمون الذين شاركوا فأذكر منهم بالإضافة إلى مصطفى محمدنور الأستاذين الراحل عبداللطيف شريف محمد من أهالي كسلا وعبدالله تاج الدين جميل من ودربيعة بالجزيرة. أذكر أن استاذاً متمكناً من مادته حيث كان يدرس اللغة العربية خذل تلاميذه بعدم مشاركته في التظاهرات واحداث الثورة بالمدرسة .شاهدنا عبر شبابيك الفصل الدراسي الرابع كيف أن التلاميذ أصبحوا يلومونه وهو يعتذر.كان من بينهم ممحجوب ولولم يكن من بينهم لاخترع التلاميذ من بقية الفصول القصة! يضحك محجوب ونحن نجتر هذه الذكريات ة في ليلة الثلاثاء 18 مارس الماضي قبل رحيله بقرابة اسبوعين فيقول إننا لم نكن مسيسين لانعرف سياسة ولا أحزاب لكن توصلنا لرؤانا تلك في الدفاع عما نراه حقاً هكذا بحسنا الداخلي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: بدر الدين عوض الكريم)
|
استاذنا بشرى من خلال معرفتي الشخصية لقدراتك النقدية المتميزة وقدرتك الفذة في القاء الضوء على ابداع المبدعين وتبيان ما يشكل علينا وعلى امثالنا كنت اتوقع منك ان تتناول عبقرية محجوب شريف العلامة الفارقة فى التاريخ الانساني لشاعر احب شعبه ووطنه وعشق ترابه ولم تتزعزع ثقته فى شعبه حتى اخر لحظة من حياته انا شخصيا يسحرني شعر العامية و اطلعت على الكثير من انتاج شعراء الدول الاخرى للحقيقة- وليس لانني سوداني- فانني ارى ان محجوب ليس له ند او تنين او مثيل او حتى وصيف بين شعراء الدول الاخرى فى مجال الشعر الوطني وكما قلت في مكان اخر كلما فقدت الثقة في نفسي بسبب تجبر عصبة الانقاذ وداهمني الياس فى اى تغيير هرعت الى شعر محجوب وصوت وردى لاستعيد الثقة فاستعيدها واكثر. هذه الاضاءة فى سنين محجوب الباكرة اعتفد انها تتوفر لدى الكثيرين وللحق اقول انها صورة سالبة فانا محجوب عندى نصير للقوى والضعيف فهو نصير للحق اطمح ان تتناول باضاءة اكثر لشعره وقيمه للتى عاش من اجلها والصور الشعرية المذهلة لشاعر السهل الممتنع وبذات الصورة الرائعة التى تناولت بها الراحل ابوذكرى وتحياتي لك استاذي بشرى جني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: jini)
|
اً. تحدث محجوب عن مسألة أخرى شكلت وجدانه وهي علاقته بوالده وعن هذه أحكي فيما بعد. في مدرسة المدينة أصبح محجوب رئيساً لتحرير صحيفة النبراس الحائطية . ودعانا مجموعة من طلاب الفصول المختلفة للإشتراك في تحريرها بإشارف اساتذتنا عبداللطيف شريف وعلي تاج الدين جميل ومصطفى محمد نور وآخرين.كان الشاعر محيي الدين فارس مدرساً بالمدرسة وقد اشاد أكثر من مرة عبر الجمعية الادبية وغيرها بشعر محجوب.وفي حقيقة الأمر لم أكن مطلعاً على شعره كله في تلك الفترة في ليلة 18 مارس 2014 التي سهرنا فيها شخصي ود.حسن الجزولي ومريم وأميرة بالقرب من محجوب تذكر محجوب قصيدة كان كتبها في تلك الصحيفة وقرأها وهي فيما سجله حسن الجزولي من ذكريات واشعار محجوب عن تلك الفترة . من هناك من البراعم الشعرية الباكرة جاء محجوب ولعله يكون من المهم جداً تتبع هذه البدايات التي غذاها محجوب بمواقفه في الحياة لنتلمس كيف تحول لكتابة قصيدة العامية في أواخر الستينات - مطلع السبعينات.ولعل الأحداث العاصفة التي شهدتها بلادنا وقتها قد لعبت دوراً حاسماً في تحوله. لكن علينا أن نبحث عن مطالع هذا التحول في إفادات مرافقيه بمعهد مريدي بالخرطوم حيث درس محجوب وتخرج فيه معلماً.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Almokashfi)
|
عزيزي حيدر (جني)
Quote: وللحق اقول انها صورة سالبة فانا محجوب عندى نصير للقوى والضعيف فهو نصير للحق |
الصورة التي رويتها عن محجوب وهو يدافع عن تلاميذ صغار جونيرس يعتدي عليهم تلاميذ سينيرس لم تكن صورة سالبة ومحجوب وفتها لم يكن ليدافع عن القوى والضعيف بل في هذا الموقف بالتحديد يدافع عن الضعيف حين يمثل الجهة المظلومة وييقف بحزم ضد القوي حين يكون قوة شريرة.عمليات محجوب هذه اوقفت مثل تلك الاعتداءات في مدرستنا تماماً وقد استعدت هذه الوقائع لمحجوب وحكيتها أمام اسرته مرتين ولم يعترض احد ولم يعترض محجوب عليها بل أمن على صحتها و قال إنه في ذلك الوقت كان يستخدم القوة لتعبر عن القانون حسب رؤيته دفاعاً عن الحق.. كانت أيديه تعبر عن الحق .ما هو السالب هنا؟ هذا الجانب في شخصية محجوب غذاه فيما بعد إيجابياً للوقوف ضد الظلم بجسارة وشجاعة نادرة جعلت أشعاره تتسرب كالسلعلع من تحت أبواب المعتقلات .كان يجهر برأيه وهو مسحون فتخرج كلماته للشعب ويطول امد اعتقاله : مساجينك مساجينك نغرد في زنازينك عصافيراً مجرحة بي سكاكينك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Bushra Elfadil)
|
د. بشرى تحياتي .. والله يا بختك أن زاملت محجوب منذ البدايات الأول .. فقد الوطن محجوب الزين .. الشجاع (الطيب السمح المعافى الوسيم) الله يرحمو .. وأكثر ما يعجب في شجاعة محجوب شريف إنحيازها المستمر لقيم الحرية والعدل حتى آخر نفس .. (بنحب كده ونعشق تمام إلا بنكون قدر الثبات)
أقول دون رهبة أقول دون زيف أموت لا أخاف أين أو متى وكيف بغتة مستمتعا بأنجم السماء ليل صيف رصاصة في القلب طعنة من سيف أموت لا أخاف أين أو متى وكيف أموت في الظلام في الزحام تحت غفلة بساحل الطريق حريق غريق أموت في سريري زوجتي بنتاي جيرتي عشيرتي وأصدقائي قطتي راكوبتي وزيري معززا مكرما مهندما بناصع البياض موكب يحفني لمرقد أخير أموت لا أخاف كيفما يشاء لي مصيري أموت لا أخاف قدرما أخاف أن يموت لحظة ضميري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي بشرى الفاضل
أعزيك ونفسي في هذا الفقد العظيم, في زمان الفقد المتصل هذا. هنالك سعادة خافتة تحت هذا الحزن المقيم, وفي السعادة بالاتساق المستمر والأسطوري الذي نجده في شعر محجوب وأفعاله, فهو رجل ينظم فعله, ويفعل شعره في تماهي نادر. المدرسة الابتدائية والوسطى - بعد الأسرة ومحيطها - هي حلقات في بدايات التكوين, وهكذا يمكن أن نضع أيدينا على بعض من عوامل تكوين هذه الشخصية المتفردة. لدينا مشروع لدراسة تكوين هذه الشخصية الغذة, قصتك هذه يا عزيزي بشرى تصب فيه, أرجو أن تواصل لرفد هذه الدراسة, للمزيد في هذا الشأن, أرجو زيارة الرابط أدناه: فلنوثق هنا لحياة الشاعر محجوب الشريف ... فلتنبت فينا تيرابا وأشعة ضوء
وللتسهيل, هذا ما كتبت في هذا الصدد:
Quote: محجوب شريف, وباجماع سوداني غير مسبوق, عاش في حالة فريدة من انسجام الحال والمقال, أو انسجام القول-القناعات شعرا ونثرا .. والموقف-الفعل عسرا ويسرا. أمسك بجماع خيوط من المتناقضات دون أن يناقض نفسه وقناعاته, فعاش البساطة في العمق, العفة في العدم, الايثار في الخصاصة, الثقة والقوة ورفع الرأس في أقسى وأقصى لحظات الاستضعاف, الضحكة في أحلك لحظات العسر, النكتة تخرج من رحم الجد ودونما اسفاف أو ابتذال, الانطلاق والتجنيح في أعتى مؤسسات الأسر, الأمل في أمض اعتصارات الألم.
يقيني أن هناك من أبناء السودان لفيف ممن يمتلكون مثل هذه الصفات المحجوبية الشريفة, ولكن لم نتعرف عليهم ربما لأنهم ليسوا في شهرة محجوب الذي سيحزن عميقا اذا علم أن هناك من يتحدث عن فرادته ولا يربطها بنسيج شعبه, وسيحزن أعمق لو علم أن هناك من يصور هذه الفرادة وكأنها قادمة من السماء. هذه الفرادة في وليدة العيشة الحية المتفاعلة بايجابية مع واقعها.
كل هذه التجربة الزاخرة التي عاشها محجوب بوعي-فكر واحساس-شعور كاملين صبغت فعله ببساطة وعادية وسهولة صعبة التحقق لمن هو في مستوى ثقافته ومعارفه, لم يتحذلق في عبارته بما يلغي الحواجز بينه وبين عامة أفراد الشعب ممن اما لا يفهمون أو لا يستسيغون هذه الحذلقة, فارتوى شعره بعميق تجاربهم, واقتربت معانيه من عادية هذه التجارب, وهذا ما يعلل لنا جري عبارته مجرى الحديث اليومي العادي واستخدامه الكثير لأبحر مثل الرجز والخبب ومجزوءاتها. عاش هذه التجربة وتجاوب معها بصدق وجدانه الصافي فاصطبغ شعره بصبغة الصدق.
لكل هذا وكثير غيره نال محجوب الشريف حب أهل الضمير الحي من السودانيين, ولفرط وفائه قرر "رد الجميل" لهذا الشعب السوداني النبيل الذي بادله حبا بحب. كم منا قدم له هذا الشعب – ولو على المستوى المادي العادي – ولم يفكر في رد هذا الجميل, أو أن يفكر في أنه تلقى أي جميل من هذا الشعب. لكن ليس لنا أن نستغرب من أن يرد هذا من محجوب شريف الشريف الشفيف, فمحجوب يرد جميل الحب بحب أجمل وأكبر وأعمق وأدخل في المعنى, وتنمو قصة الحب في تنامي لولبي بين أقطابه, أهذا هو الديالكتيك؟ . هذا الحب الموصول جعل محجوب الشريف يستعصى على الأعداء .. أعداء؟ نعم أعداء .. وهل من نبي لم يعادى؟ استعصى على قسوتهم وعصيهم كما استعصى على تزلفهم وجزراتهم, فاحتاروا فيه وفي طلاسمه التي لن يتأتى لهم مطقا فكها.
في حوار حزين مع الأخ مصطفى مدثر, حاولنا أن نفهم العوامل التي جعلت محجوب شريف بهذا التكوين المتفرد, وتساءلنا عن امكانية أن نرى محجوبا آخرا وبذات هذه المواصفات الفريدة أو ما يقترب منها بيننا.
من المؤكد أن ذلك ممكن, ذلك أن الانسانية – بمن فيها السودانيين - ليست عقيمة, وهنا يظهر أفق ذو خطين, كل منهما يستوجب التوثيق لحياة هذا الانسان-الانسان وشعره: الخط الأول يأتي من أهمية عكس مختلف مناحي حياته المضيئة لهذا الشعب الذي أحبه, وذلك عن طريق تقديم شهادات لمن لهم معه أية مواقف على اختلاف هذه المواقف, ونشر هذه الشهادات – بالطبع بعد الاستئذان والتشاور مع أسرته الكريمة – لتكون ملهمة لأبنائنا من الأجيال الصاعدة, وربما بعض أفراد هذا الجيل أذا ما وسعنا دائرة الطموح.
الخط الآخر هو دراسة هذه الشهادات وتحليلها, فربما تعرفنا من خلالها على عوامل ووصفة تعيننا على كيفية تكوين مثل هذه الشخصية, وفي هذا ما يعين على تربية أجيالنا القادمة على المستوى العام والخاص بما يعد بتكرار مثل هذا الرجل الجميل. |
لك التحيات بشير اسماعيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي محمد عبدالجليل نعم عاصرته ، وقتها لكن بيننا سياج الطفولة وهو كان أكثر نضجاً لكنه شاعريته ونزوعه للحقانية ونصرة المظلومين والمستطعفين برزت منذ وقته ذاك. حين اجتررنا تلك الذكريات معاً بحضور أميرة رفيقة دربه وبنتيه مريم ومي وحسن الجزولي وأستاذة جاءت من سنار لزيارتهم ضحك محمود وقال فيما معناه في تلك الفترة لم نكن نعرف سياسة ولا صراع طبقي ولا خلافه لكن توصلنا إلى ما توصلنا إليه بتقديراتنا الذاتية ونزوعنا لما نعتقد أنه حق . حسن الجزولي سجل الكثير مما قاله محجوب في تلك الليلة واتفقنا أنا وهو أن نوثق لفترة المدينة عرب بكلمات محجوب وتاكيداته عنها وحسن من افضل الموثقين السودانيين في نظري..وتصدق يا محمد من شدة فرحي بلقاء محجوب عندما فقد صوته في النصف الثاني من الليل سردت عليه رواية كاملة ظللت أغذيها لعشرين عاماً في ذهني اسمها تعيسة عن إمراة صماء بكماء يقال إنها مبدلة .عندما انتهيت من السرد وكان محجوب يتابع وهو يقظان لايستطيع النوم بسبب آلام (عرق النسا) بالإضافة إلى السكاكين التي في صدره فيما حكا للقدال واورده القدال يوم ال رفع الفراش - قال القدال إن محجوب قال له قبل مدة إنه لا يحب أن يشكو لكن هناك سكاكين بصدري- عندما انتهيت وكنت أتعمد أن أحكي بوقفات حتى لا ارهقه وهو يوميء براسه قال لي محجوب قال لي محجوب هذه ستكون رواية جميلة واقترح علي اسم لها بخلاف اسم تعيسة سافصح عنه إن شاء الله حين انشرها .وأضاء لي فرحي جوانب هامة في الوراية وأشعل في داخلي حماسة لكتابتها.ساكتبها خلال شهور غن شاء الله واهديها لذكرى محجوب ولأسرته الرائعة خلية العسل البشرية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: يوسف السماني يوسف)
|
عزيزي المكاشفي ولك نحية مثلها. محجوب إنسان متعدد في واحد. خدم قضيته بالصوت والموقف بطريقة متناغمة، كأنه كان مبرمجاً لمثل هذا الأداء الجميل لم تمنعه المعتقلات ولم يصده عسر الواقع عن مراميه.وعندما أصيب بدائه العصي على العلاج لسنوات صمد مثل جبل في مواجهته ما ان ّ يوماً ولا شكا ولا ونى.كان يعلم بأن رحيله بات وشيكاً وهنا يتبدى لنا جانب آخر من شجاعته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Bushra Elfadil)
|
أخي العزيز بشير كردفان أمس كتبت كلمة قصيرة اشيد فيها بكتابتك هذه التي قرات في ظني محجوباً قراءة صائبة وهي كتابة تنضح بالشعرية مع ذلك.كتابة في قامة مقام الشاعر الإنسان .شكراً لك عليها وصدقت في قولك بانسجام الحال والمقال والقول مع الفعل.أعتقد أن محجوب منأندر الناس في الاتصاف بما وصفت ولعل شهيد الفكر محمود محمد طه من بين هؤلاء الأشخاص الكبار النادرينأيضاً في تطابق القول والممارسة.
Quote: محجوب شريف, وباجماع سوداني غير مسبوق, عاش في حالة فريدة من انسجام الحال والمقال, أو انسجام القول-القناعات شعرا ونثرا .. والموقف-الفعل عسرا ويسرا.
أمسك بجماع خيوط من المتناقضات دون أن يناقض نفسه وقناعاته, فعاش البساطة في العمق, العفة في العدم, الايثار في الخصاصة, الثقة والقوة ورفع الرأس في أقسى وأقصى لحظات الاستضعاف, الضحكة في أحلك لحظات العسر, النكتة تخرج من رحم الجد ودونما اسفاف أو ابتذال, الانطلاق والتجنيح في أعتى مؤسسات الأسر, الأمل في أمض اعتصارات الألم.
يقيني أن هناك من أبناء السودان لفيف ممن يمتلكون مثل هذه الصفات المحجوبية الشريفة, ولكن لم نتعرف عليهم ربما لأنهم ليسوا في شهرة محجوب الذي سيحزن عميقا اذا علم أن هناك من يتحدث عن فرادته ولا يربطها بنسيج شعبه, وسيحزن أعمق لو علم أن هناك من يصور هذه الفرادة وكأنها قادمة من السماء. هذه الفرادة في وليدة العيشة الحية المتفاعلة بايجابية مع واقعها.
|
ويا سيدي بشير كردفان الشاعر المتأمل في حله وترحاله متى ننهض جميعاً ضد نذير كردفان والسودان؟تحياتي لبشائر والأبناء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: احمد الامين احمد)
|
.عزيزي متوكل التوم قرأت مداخلتك في فيس بوك ولعل حيدر يقتنع. بما قلت فالكتابة عن محجوب في تلك الفترة الباكرة تكون قريبة من الحقيقة بأعين معاصريه وليت يكون من بينهم من ينبري لذلك خصوصاً أبناء فصله - دفعته
عزيزي حيدر .الكتابة عن محجوب متعددة وكل يدلي بدلوه فيها. عندما ينتهي سيل الذكريات سأحاول تلبية طلبك لكن في الساحة نقاد مجيدون. عندك أحمد الأمين هنا فلتتوجه له بكلمتك وسأكتب خواطري النقدية عن شعر محجوب .أعدك. في هذه الأيام أحاول استكتاب الأخ الأستاذ على الوراق الذي كان بطلائع ابادماك وهو موجود معنا بالعمل .كان قد اعتقل مع محجوب بعد يوليو 71 بكوبر وشالا وهناك شهد مولد قصائد محجوب الأولى التي تسربت من السجون في تلك الفترة .قال لي هل تعرف أن محجوب كان يلحن قصائده؟ قلت له هذه جديدة علي احكي اكتب ووعد بالكتابة للبوست.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Bushra Elfadil)
|
الجديران في واحدٍ في مدح الحب الإنساني الجديد)) إلى الشاعر محجوب وأميرة حسنه قضيت في بيتهما العامر بالحب ليلة في أغسطس 2009م بالسودان ، ورأيت بعض ما رأيت هناك وهنا في القصيدة بعض من جمالهما ملتحماً بالجمال الإنساني العريض.
الجديرة بالحبِّ تلك التي حسنها تابع للجمال الأكيد للعنا من عذابات أمثالها لانسحاق الأنا لاستنارتها في منارتها، الكوكب الدريّ. الغنيّة بالحب تلك التي لا تقوم الليالي لتعبد تمثالها. والجدير به وإن كان ليس من حالها ذو جمال أكيد و يستمطر الحسن من بين فك الدمامة وشيئاً فشيئاً وعبر التناغم إذ يستعين بها فتعين وإذ يستقيم بنظرتها ولقاءاتها وامتداداته في فضاءاتها وفناء الغليظ الكثيف بروحيهما في اللطيف الشفيف ستحبوه من حسنها يتوسل فيه به خارجاً نحو شط الوسامة. الجديران بالحب أعتى جدارين سدين في وجه قحط يصوب نيرانه نحو جدول حبٍّ سرى لازدهار الحقولْ.
الحبيب الحبيب الذي يمنح الحسن بين ما يمنح ويمتََح بالشهد بين أحلى الذي يمتَح وينفحنا الوعي بين أعلى الذي ينفح.
الحبيب الحبيب هو الهو والهي في واحدٍ بنورين قمرين شمسين كونين نأياً عن الواحدِ الكلِّ مسترجلاً وعن الواحدةْ . ______________________ جدة ، السبت 2 يوليو 2011م نشر ضمن مجموعة هضلبيم عن الأنهار وضفافها عن دار مدارات ديسمبر 2013
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كان محجوب منذ حداثته شجاعاً حقانياً (Re: Bushra Elfadil)
|
محجوب الذي دعاني للمبيت عندهم عام 2009 كان شبه معافى .لم يكن يستعمل أجهزة التنفس بالاكسجين . لكنه كان كما نعلم مريضاً منذ ربما عام 2006 من الداء الذي قال غنه بعد أن سالته بإلحاح أنه طفيف بالرئة.نمنا في سريرين خارج البيت تحت شجرة النيم . في تلك الليلة علمت منه أنه ينظم الشعر بترديده المستمر بالقراءة الداخلية لوارده دون أن يكتب حرفاً منه .قال إنه لا يكتب القصيدة أول ظهور بوادرها على الورق بل يستقطرها في داخله قطرة قطرة ويظل يرددها حتى تكتمل ويكون بذلك قد حفظها.في تلك الليلة قرا لي آخر قصائده. في الصباح ودعني محجوب حتى ركبت ركشة قرب منزلهم وهو يوصي صاحب الراكشة بي. مما أحسست به في بيتهم منه ومن أميرة الجزولي كتبت بعد ذلك بسنتين القصيدة التي هنا بأعلاه . تجدونها بعنوان الثنائي في مجموعتي الشعرية "هضلبيم عن الأنهار وضفافها".
| |
|
|
|
|
|
|
|