بيان حول مجازر الفاشر وبارا واستمرار الحرب في السودان لا شرعية للقتلة… ولا صمت على الإبادة نتابع بقلقٍ وغضبٍ بالغين ما تتعرض له مدينة الفاشر من مجازر مروّعة على يد مليشيا الدعم السريع، وما شهدته مدينة بارا من استباحة كاملة للمدنيين، في مشهد يعيد إنتاج أبشع صور الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي عرفها السودان منذ 2003 وحتى اليوم. لقد تحوّلت المستشفيات إلى ساحات إعدام، والمخيمات إلى مقابر جماعية، والطرقات إلى ممرات موت، وسط صمت دولي مخزٍ، وتواطؤ إقليمي لا يمكن تبريره. إن ما يجري في الفاشر ليس مجرد "تطور ميداني"، بل جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية، تُرتكب أمام أعين العالم، وتُدار بمنطق الإفلات من العقاب. نُدين بأشد العبارات هذه الجرائم، ونحمّل مليشيا الدعم السريع الإرهابية المسؤولية الكاملة عنها، ونؤكد أن كل من موّلها، سلّحها، أو وفّر لها غطاءً سياسيًا، هو شريك مباشر في الجريمة، وسينال نصيبه من المحاسبة. --- لا غطاء سياسي للجرائم نُحمّل أيضًا تحالف "تأسيس" المسؤولية السياسية عن هذه الجرائم، بوصفه الحاضنة المدنية لمليشيا الدعم السريع، ونرفض أي محاولة لتسويق هذا التحالف أو غيره من القوى المتواطئة كجزء من الحل السياسي. إن من يبرر القتل أو يصمت عنه لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء مستقبل السودان. --- عن انسحاب الجيش: مساءلة لا بد منها ما جرى في الفاشر ليس حادثة معزولة. لقد سبق للجيش أن انسحب من مدينة ود مدني، تاركًا المدنيين لمصيرهم تحت بطش المليشيا، وتكرر الأمر في سنجة، حيث قطعت قوات الدعم السريع عشرات الكيلومترات دون اعتراض يُذكر. وفي يناير الماضي، خرجت قوات الدعم السريع من الخرطوم محمّلة بالعتاد وممتلكات المواطنين المنهوبة، دون أن تعترضها أي قوة من الجيش. إن انسحاب الجيش أو امتناعه عن المواجهة في لحظات كان فيها التدخل ممكنًا، يطرح أسئلة خطيرة حول أولوياته، ويستدعي تحقيقًا مستقلًا وشفافًا يكشف الأسباب الحقيقية لهذه القرارات. لا يمكن القبول بأن تؤمّن القوات النظامية نفسها بينما يُترك المواطنون العزّل للتنكيل والإبادة. --- عن الدعم العسكري الخارجي: لا تواطؤ بلا مساءلة إن الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين لا يمكن فصلها عن الدعم العسكري واللوجستي الذي تتلقاه مليشيا الدعم السريع من جهات إقليمية، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي وفّرت لهذه المليشيا السلاح والتمويل والغطاء السياسي رغم توثيق انتهاكاتها المتكررة بحق المدنيين. إن هذا الدعم لا يُعد مجرد انحياز سياسي، بل مشاركة فعلية في الجريمة، ويُشكّل انتهاكًا واضحًا لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر تسليح الجماعات المسلحة. نطالب بوقف هذا الدعم فورًا، وبآليات دولية مستقلة وشفافة لرصده ومحاسبة كل من يسهّله أو يبرّره. كما نطالب بوقف أي دعم عسكري أو استخباراتي لأي طرف من أطراف الحرب في السودان دون استثناء. --- ندعو إلى: 1. تحقيق دولي مستقل وشفاف في كل الجرائم المرتكبة خلال الحرب، ومحاسبة كل من أمر أو نفّذ أو غطّى هذه الجرائم. 2. فرض حماية دولية عاجلة للمدنيين في دارفور وكردفان وسائر المناطق المتأثرة بالحرب، وفتح ممرات إنسانية آمنة تحت رقابة مستقلة. 3. وقف الدعم العسكري واللوجستي فورًا من الدول الإقليمية والدولية لأطراف الحرب، وتجريم كل من يسهم في إطالة أمدها. 4. بناء جبهة مدنية ثورية موحدة داخل السودان وخارجه، تُعيد المبادرة إلى الشارع وقواه الحية وتطرح بديلًا سياسيًا مستقلًا. 5. إطلاق حملة توثيق شعبية واسعة تشمل الشهادات، الصور، والمقاطع، لمنع طمس الجرائم وتثبيت الحق في المحاسبة. 6. دعم الجهود القانونية الدولية لرفع القضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد كل من تورط في جرائم الحرب والإبادة. --- نداء إلى السودانيين في المهاجر: ندعو كل السودانيين في المهاجر - أفرادًا وجاليات ونقابات وروابط - إلى التحرك الفوري عبر تنظيم الوقفات الاحتجاجية، مخاطبة البرلمانات والحكومات، وإطلاق حملات إعلامية وتنسيق الجهود مع حركات التضامن العالمية، من أجل فضح الجرائم ودعم الضحايا والضغط لوقف الحرب. كما ندعوهم إلى المساهمة في دعم المبادرات الإغاثية والبرامج النفسية والطبية للنازحين والمتضررين. --- رسالة إلى الضمير العالمي: إن واجب الإنسانية اليوم هو الوقوف إلى جانب شعبٍ يُقتل مرتين: مرة بالسلاح، ومرة بصمت العالم. ندعو شعوب العالم، ومنظماته الحرة، وحركات التضامن، إلى رفع أصواتها دفاعًا عن المدنيين في السودان، وتنظيم حملات تضامن واسعة مع الشعب السوداني - في الشوارع، في الجامعات، في النقابات، وفي الفضاء الرقمي - لوقف الإبادة، ودعم الضحايا، ومحاسبة الجناة. ارفعوا أصواتكم ضد الإبادة، طالبوا حكوماتكم بوقف دعم أطراف الحرب، وادفعوا باتجاه تحقيق دولي مستقل، وفرض حظر على تصدير السلاح، ومحاسبة كل من يشارك في تمويل أو تسليح المليشيات. إن التضامن ليس شعارًا، بل فعل مقاومة. وما يحتاجه شعب السودان اليوم هو جبهة تضامن أممية تُعيد الاعتبار للعدالة، وتكسر جدار الصمت، وتُمهّد الطريق نحو سلام عادل، لا تسوية مفروضة على إرادة السودانيين. --- ختامًا: نُجدّد عهدنا مع شعبنا أن الثورة مستمرة، وأننا لن نساوم على دماء الفاشر وبارا، وأننا سنظل صوتًا للعدالة، وامتدادًا حيًا للشارع الثوري، حتى تُبنى سلطة الشعب على أنقاض القهر والاستبداد، لا على دماء الضحايا. المجد للشهداء، والعار للقتلة، والنصر للثورة. تجمع السودانيين بالخارج لدعم الثورة 29 أكتوبر 2025
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة