ما يجري في مدينة الفاشر ليس مجرد حالة طارئة إنسانية، بل هو فعل مدروس وممنهج من الحرب بالتجويع. على مدار ما يقارب العامين، يعيش سكان الفاشر تحت حصار خانق تفرضه ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات، في ظل انقطاع تام عن الغذاء والدواء والمساعدات. هذا ليس أثرًا جانبياً للحرب، بل جزء من استراتيجيتها. ومع كل فشل في اقتحام المدينة عسكريًا، تعمد المليشيا إلى قصف المدنيين وتشديد الخناق على طرق الإغاثة. بينما العالم يراقب بصمت، دون جسور جوية، ودون مساءلة، ودون استعجال. الوقت للتحرك ليس غدًا، بل تأخر كثيرًا بالفعل.
ما يحدث في الفاشر حرب إبادة عابرة للحدود. في قلب هذه الكارثة تقف ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات، والتي حولت حصار المدينة إلى سلاح للتجويع. ومع ذلك، لم يعد هذا الصراع سودانياً بحتاً، فميادين القتال تغصّ بالمرتزقة الأجانب، تم تجنيدهم وتمويلهم ونقلهم بواسطة الإمارات، مما حوّل السودان إلى مركز لمشروع إبادة جماعية تقوده وتنفذه قوى خارجية.
1. مدينة تحت الحصار والجوع
الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور والإقليم بأكمله، ترزح تحت حصار إبادي قاسٍ تفرضه ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات منذ نحو عامين. انقطعت المدينة بالكامل عن الغذاء والوقود والإمدادات الطبية. الأسواق خالية، وقوافل الإغاثة إما تُمنع أو تُنهب. المرافق الصحية تعمل بأقل من طاقتها. وفي كثير من الأحياء، يمر الأطفال أيامًا دون وجبة واحدة. آليات التكيّف لدى السكان انهارت، وأي مساعدة تصل تكون عشوائية ومؤقتة وغير كافية.
2. قصف عشوائي وانعدام الملاذات الآمنة
رغم المجاعة المتفاقمة، تواصل ميليشيا الدعم السريع قصفها العشوائي للأحياء المدنية. منازل، أسواق، وعيادات تتعرض للقصف، وغالبًا خلال ساعات من إعلانات وقف إطلاق النار على المستوى الوطني أو المجتمعي. لا يوجد مكان آمن. أحياء مثل حي الوادي تعاني من قصف متكرر، يزيد من معاناة السكان ويشرد العائلات داخل مدينة محاصرة أصلًا.
3. صمت وتقاعس المجتمع الدولي
بينما تطالب وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالوصول، أخفق المجتمع الدولي في تقديم أي تحرك فعلي. لا توجد جسور جوية إنسانية مستدامة، ولا ممرات محمية إلى مدن دارفور. وعلى الرغم من عقود من التعهدات بعدم “التخلي عن السودان”، لا أحد يتحرك حين تُغلق الموانئ وتُحكم الحدود. هذا الغياب للإبداع في إيصال المساعدات يزيد من تفاقم الجوع والموت، وعلى مرأى الجميع.
4. نمط أوسع من تفريغ المدن
ليست الفاشر وحدها في هذه المعاناة. مدن مثل الأبيض وبابنوسة تخضع لذات الاستراتيجية، حيث تُحاصر وتُقصف بهدف تفريغها من سكانها وفرض واقع ديموغرافي جديد. هذا جزء من مشروع ممنهج مدعوم من الإمارات ووكلائها، لتمزيق السودان وتحويل دارفور إلى إقليم هامشي خاضع للنهب والسيطرة.
5. حكومة “تأسيس”: غطاء سياسي للاحتلال
في محاولة للتجميل، روجت ميليشيا الدعم السريع وداعموها لحكومة وهمية تسمى “تأسيس”، بقيادة حميدتي وقيادات من الحركة الشعبية (شمال)، بحجة إدارة شؤون دارفور. هذه “الحكومة” مجرد واجهة، لا تملك سيطرة حقيقية، ولا تقدم خدمات، وهدفها الوحيد هو شرعنة الاحتلال الإماراتي ونهب الذهب والبنية التحتية في المناطق الخاضعة للمليشيا.
6.المرتزقة الأجانب وعولمة الإبادة الجماعية
الحرب في السودان لا تُخاض فقط بواسطة عناصر ميليشيا الدعم السريع، بل أيضاً من خلال شبكة متزايدة من المرتزقة الأجانب الذين تم تجنيدهم وتمويلهم بواسطة دولة الإمارات لضمان هيمنة الدعم السريع. الأدلة الميدانية، واعترافات الأسرى، ومقاطع الفيديو المصورة تؤكد وجود: • مقاتلين من تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، • مجندين من بونتلاند في الصومال، • مرتزقة كولومبيين تم نقلهم عبر ليبيا، • ميليشيات ليبية تابعة لخليفة حفتر.
هؤلاء المقاتلون ليسوا خفيين. بل يظهرون في مواد الدعاية التي تنشرها ميليشيا الدعم السريع، كما أن العديد من الأسرى الذين تم القبض عليهم أكدوا جنسياتهم والعقود التي جلبتهم إلى السودان. إن نشرهم يُثبت أن هذه الحرب ليست نزاعًا داخليًا سودانيًا، بل جزء من مخطط أوسع، تنفذه الإمارات، لسحق المقاومة والسيطرة على أراضي وموارد السودان من خلال استراتيجية عسكرية إباديّة تغذّيها أطراف خارجية.
عولمة هذا الصراع تُعتبر خطًا أحمر. وهي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يحدث في السودان لم يعد مجرد أزمة داخلية، بل حرب إبادة تقودها وتُغذّيها قوى خارجية.
7. دعوة عاجلة لتحرك دولي
الوضع يتطلب استجابات فورية وصارمة: • الوصول غير المشروط للمساعدات واستئناف تدفق الإغاثة، بما في ذلك ممرات جوية تقودها الأمم المتحدة إلى الفاشر • فرض عقوبات على المسؤولين الإماراتيين وقادة الدعم السريع المتورطين في جرائم الإبادة • فتح تحقيقات دولية في جرائم الحرب والاستراتيجية الممنهجة للتجويع والحصار • التحقيق الدولي الفوري في تجنيد ونشر المرتزقة الأجانب من قِبل الإمارات لدعم عمليات ميليشيا الدعم السريع، بما في ذلك فرض عقوبات على الشركات العسكرية الخاصة والجهات الميسّرة المشاركة في هذا المشروع الحربي العابر للحدود
اتحاد دارفور في المملكة المتحدة يؤكد:
“أهل الفاشر ليسوا مجرد أرقام، بل ضحايا لمعاناة جماعية تحت آلة حرب تمولها قوى أجنبية. نطالب المجتمع الدولي: إما أن تُبدعوا في الحلول، أو أن تتحملوا مسؤولية التواطؤ. لا نريد لأطفال السودان أن يموتوا جوعًا في صمت. ولا نريد للدول الممولة أن تفر من المساءلة.”
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
اخبار سودانيزاونلاين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست