إن العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية لم تسلم من التسييس من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيون، ومن يتابع تقاريرها يدرك أن جهودها أصبحت تصب في صالح مشاريع هذه الدول، وبما أنها تعتمد في تمويلها على التبرعات، فإن هذا يجعلها عرضة لارتكاب المحظور، والعمل لصالح من يدعمها، ولذا تجدها تركز في تقاريرها على انتهاكات مزعومة لدول بعينها، وتتجاهل الانتهاكات الحقيقية لدول أخرى، وهو ما حدث في العديد من الدول الإفريقية والعربية، أين كانت هذه المنظمات تقوم بممارسة سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية فيها.
ونشرت مؤخرا صحيفة "إنترناشيونال بوليسي دايجست" الأمريكية مقالا تطرقت فيه لانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في السودان عقب الإطاحة الإطاحة بنظام البشير في 2019 والمتعلقة بسوء معاملة المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم بعد إسقاط النظام السابق وانتهاك حقوقهم في العلاج والمحاكمة والنظافة وغيرها، وكذا قضية الفصل التعسفي الذي تعرض له العديد من العمال السودانيين بدون وجه حق وبدون سبب واضح، حيث استندت عمليات الإقالة لشك السلطات المحلية بصلة هؤلاء العمال بنظام البشير، وقد حدثت هذه الإنتهاكات في ظل صمت منظمات حقوق الإنسان الدولية وتجاهلها للأمر، رغم أنها كانت قبل إسقاط نظام البشير أول المروجين في وسائل الإعلام الغربية والمحلية لفكرة أن السودان بلد تنتهك فيه حقوق الإنسان ولا تحترم فيه الحريات ولا تطبق فيه الديمقراطية، ولكن سرعان ما تجردت من ثوبها الحقيقي وسقط قناع نفاقها القائم على ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية بعد تنحية البشير من الحكم.
وقد تطرقت الصحيفة الأمريكية إلى بعض الأمثلة من المعتقلين السياسيين الذين توفوا داخل السجون السودانية بسبب سوء المعاملة التي كانوا يتعرضون لها في المعتقلات، والمتمثلة في غياب النظافة داخل المؤسسات العقابية ما أدى إلى مرض بعضهم، وعدم توفير العلاج لهم رغم وجود تقارير طبية تفيد بضرورة ذلك، إضافة إلى إطالة مدة محاكمتهم، ومن بين المعتقلين الذين ماتوا بسبب الإنتهاكات التي ذكرناها نجد شقيق الرئيس السابق عمر البشير عبد الله حسن أحمد البشير، وشريف احمد عمر بدر وزير الاستثمار ورئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية في حكومة البشير، والزبير احمد الحسن الذي تقلد العديد من المناصب السياسية في حكومة البشير، وأبو هريرة حسين وزير الشباب في حكومة البشير وغيرهم من المئات الذين ماتوا وتم التحفظ على أسمائهم من قبل الحكومة السودانية.
وتحدثت صحيفتا "الجارديان" و"الأنباء" أيضا عن سياسة ازدواجية معايير منظمات حقوق الإنسان الدولية في السودان وفي دول أخري، وتكلمت عن القضية الكردية التي تجسدت فيها بوضوح ممارسة هذه السياسة من طرف هذه المنظمات، حيث أنه مؤخرا تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا من جهة وفنلندا والسويد من جهة أخري، حيث وقفت تركيا عقبة في طريق انضمام الدولتين لحلف شمال الأطلسي وطالبتهما بتسليمها المعارضين الأكراد المتواجدين على أراضيهما مقابل قبول تركيا بضم الدولتين للحلف، وهو ما جعل هلسنكي وستوكهولم تعيدا التفكير بشأن تسليم المعارضين الأكراد لتركيا، رغم أن قانون حقوق الإنسان يقول غير ذلك.
ومن جانبه قال المحلل السياسي المهتم بالشأن السوداني هشام الدين نورين: إن هذه الأمثلة المقدمة في هذا المقال تشير إلى انتهاكات وتجاوزات تفننت فيها الدول نفسها التي شاركت في تحرير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تعد فنلندا واحدة منها، تلك الدول التي نصبت نفسها مسؤولة عن البشرية جمعاء لكن وفق وجهة نظرها ورؤيتها.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 14 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة