إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-31-2009, 08:02 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟.

    نحو أفق جديد "1"

    الإنتخابات ليست هي الحل (ليست الحل النهائي)

    الإنتخابات المقبلة هل هي الحل لأزمة السودان الحالية كما يتمنى البعض منا ويعمل لها حتى لو جاءت صحيحة ومنزهة عن العيوب؟. الإجابة العاجلة من عندي: لا. الإنتخابات لا تصنع دولة غير موجودة ولا تكمل دائرة دولة ناقصة الشروط. فالسودان لم يتشكل بعد كدولة مكتملة الشروط إلا إسميآ.


    الإنتخابات ليست هي الحل لا البرلمانية منها ولا الرئاسية!


    لا توجد دولة واحدة في العالم تم صنعها عبر صندوق الإنتخاب!. لسبب بسيط وهو أن الإنتخابات آلية لتداول السلطة السياسية سلميآ لدى دولة قائمة مسبقآ في الوجود المادي ولكن الإنتخابات لا تصلح لنشوء أو تخلق دولة من العدم كما أنها لا تصلح لتتميم دائرة دولة غير مكتملة النشوء مثل حالة السودان. فالدولة كما هو ماثل في الواقع المعاش والتاريخ إما أن تصنع عبر القوة المادية المفرطة "الطاغية" أو عبر عملية وفاقية شاملة لا تستثنى أحدا. وفي الحالتين لا بد من توفر شروط لا بديل لها في الأولى "التشكل عبر العنف" لا بد من وجود جماعة مدنية ذات إرادة يتحقق لديها شرطان أساسيان الأول رؤية ذاتية للعيش المشترك "آيدولوجيا" والشرط الثاني مقدرة تفوق الجميع على إستخدام العنف المادي في سبيل فرض رؤيتها على عظام ونخاع الجماعات المدنية الأخرى. ثم لا يكون في السماء ولا الآفاق غير تلك الرؤية المفروضة بالعنف الطاغي فتسود بالكامل وعندها تكون الدولة قد تشكلت وأخذت هيأتها الأخيرة وبعد حين قد يتم الحديث عن تداول سلمي للسلطة السياسية أو لا يحدث أبدآ والأمثلة هنا لا حصر لها، فعلى سبيل المثال: الكويت، إيران، مصر، كوريا الشمالية، السعودية، ليبيا، تركيا، أرتيريا، أثيوبيا، الإتحاد السوفيتي السابق، الصين، جيبوتي، تونس والمغرب. والأمثلة الأكثر قدما تكون في معظم دول الغرب بما في ذلك بريطانيا وفرنسا.

    وفي الحالة الثانية "الوفاق الشامل" وجب أن يتوفر عنده في الحد الأدنى شرطان: وجود جماعة أو جماعات مدنية ذات إرادة وتمتلك رؤية/رؤى ذاتية للعيش المشترك وتجمعها مصالح وروابط إقتصادية مؤكدة. وفي حالة حدوث الوفاق الشامل الذي لا يستثنى أحدآ تتشكل الدولة وتأخذ هيأتها الأخيرة ثم يكون من بعد ذلك الوقت مناسبآ للحديث عن تداول سلمي للسلطة السياسية وخير مثال لذلك هو الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد العام 1787م والمانيا فيما بعد العام 1870م والهند فيما بعد العام 1947م.

    وقد تم محاولة تجريب الوسيلتين في السودان عبر حوالي ستين عامآ لكن جميع المحاولات باءت بالفشل كون الشروط الضرورية لم يقدر لها أن تكتمل فالقوة المادية كانت قاصرة عن حدود العنف "الطاغي" الضروري والعملية الوفاقية كانت قاصرة عن حدود الوفاق " الشامل" المطلوب. ولهذا حق للسودان أن يسمى "رجل أفريقيا المريض". وها نحن مشردون "بالملايين" نلقى الرعاية عند دول تشكلت "وتبقى" بالعنف المادي وحده كالسعودية ومصر وليبيا أو دول تشكلت عبر الوفاق الشامل كالولايات المتحدة الأمريكية.

    وعندي أن هناك فرصتان وحيدتان لاحتا للسودان كي يتشكل كدولة عبر العنف المادي وحده، الأولى كانت حيث كان يمكن إعلان الإمام عبد الرحمن المهدي ملكآ على السودان عبر القوة المادية المفرطة والثانية كانت إبان عهد الجنرال عبود. بعد تلك اللحظتين أصبحت موازين القوة لا تسمح لتخلق السودان كدولة عبر العنف المادي. إذ لم يكن للإنقاذ من حظ "فرصة" كونها جاءت متأخرة في سياق التاريخ ثم أن قوتها المادية والمعنوية كانت أقل من الحد الضروري الذي تشكلت على اثره المملكة العربية السعودية على سبيل المثال. ولتلك الأسباب جاء عنف الإنقاذ بنتيجة عكسية تماما.

    ولم أر أبدآ أي محاولة وفاقية شاملة منذ العام 1956 وحتى الآن!.



    يتواصل ... (نحو أفق جديد) !


    محمد جمال الدين
                  

10-31-2009, 08:08 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    نحو أفق جديد 2


    الحل (دائمآ واحد) إعادة صياغة الدولة وفق عملية وفاقية شاملة (لا يوجد بديل) ذاك أو الطوفان



    يبدو جليآ أن "السودان" لكي يكون سيحتاج حدوث شئ يشبه المعجزة!. أمر لن يصبر عليه إلا رجال ونساء من فولاذ.

    وقد قلنا من قبل "في الحلقة الأولى من هذه السلسلة" أن الإنتخابات العامة المقرر لها أن تقوم في العام المقبل لا تمثل حلآ لأزمة السودان إن لم تكن ستزيد الطين بلة. وما هي عندي بشئ سوى "قشة الغرقان". وكم هو معلوم للقاصي والداني أن جميع الإنتخابات "الديمقراطية" السابقة في السودان جاءت نزيهة وصحيحة من الناحية الفنية لكنها لم تأتي أبدآ بنظام سياسي مستقر وبالتالي كان في كل مرة يعقبها إنقلاب عسكري يجعل الوضع أكثر سوءآ مما سبق. ولا يوجد مؤشر واحد يقول بأن الإنتخابات القادمة ستأتي بإستقرار دائم حتى لو جاءت في مطلق النزاهة كون الوضع هو ذاته على الدوام (سودان اليوم هو سودان 1956). كما أن الوقت المتبقي قليل ليبقى السودان بلدآ موحدآ ومستقرآ ولا يوجد أمل في مناورة جديدة على شاكلة التاريخ القديم.

    هل هناك أمل؟.

    عندي أن الأمل موجود. لكنه يحتاج تضحيات جسيمة. وهو شئ طبيعي فالتاريخ علمنا أن الأمم العظيمة لا تصنع إلا على جسد التضحيات العظيمة. وبقدر عظم التضحية يكون عظم الشأن.

    كل أزمة السودان الممتدة على طول تاريخه الحديث وضاقت حلقاتها مؤخرآ تكمن في أن السودان كما هو بدهي لم يصنعه بنيه وبناته لا عسفآ ولا تراضيآ من حيث الرقعة الجغرافية وإنما هو صنيعة أقدار خارجية فكان أول ما كان بيد الغزو التركي/المصري عام 1821 فقبلها كان جماعات وسلطنات مستقلة تتصالح وتتحارب وفق الضرورات الحتمية. وعندما جاءت المهدية عام 1885 ورثت ما صنعته يدا محمد علي باشا فحاولت الحفاظ على ذات المساحة الجغرافية "تعسفيآ" وهو نفس الشيء الذي فعله الإنجليز بمنتهى الدقة بعد غزوهم للسودان عام 1899 . وعندما رحل الإنجليز عام 1956 لم يتم البت في أمر جوهري كان وجب أن يتم البت فيه و بدأ كمسلمة وما هو كذلك وذاك أن السودان مليون ميل مربع. هو ليس كذلك إلا تعسفيآ. وحدث أن الصفوة التي إستولت على مقاليد السلطة السياسية وحازت على سنام الدولة في السودان منذ العام 1956 لم يكن لديها الأفق لتعيد صياغة البلاد على أسس جديدة من الوفاق الشامل كما حدث في بلدان مثل أمريكا والمانيا والهند كما انه في الوقت نفسه لم تكن لديها القوة المادية الكافية التي تمكنها من الحفاظ على إستقرار الرقعة الجغرافية عبر العسف المادي وحده كما حدث ويحدث لدى بلدان مثل السعودية ومصر وتركيا. فورثنا هذه الأزمة المستفحلة جيلآ بعد جيل. ولا أفق جديد!.

    وما تزال الأزمة قائمة مع تراكم أكبر ثقلآ في كل مرة وما يزال الحل واحد لا غيره "على الدوام" وهو إعادة صياغة الدولة من جديد على أساس من الوفاق الشامل الشئ الذي لم يحدث حتى الآن. ولا بديل له.

    إعادة صياغة الدولة بحيث يتم تشكيلها على أسس جديدة من حيث الرؤية والهياكل عبر عملية وفاقية لا تستثنى أحدآ يمكن ترجمتها عمليآ عبر مؤتمر دستوري جامع أو ما شابهه تسبقه وتتخلله وتتبعه عملية تنوير وتنزيل أرى أن الصفوة السودانية المثقفة قادرة عليها بحيث يكون محتواها "نجاحي هو نجاحك ومصلحتك هي مصلحتي" في طريق سودان حر ومستقل وموحد ومستقر. ثم يتبع هذه العملية الجوهرية والمصيرية تجديد الجهازين التنفيذي والتشريعي عبر إنتخابات عامة تنبنى على أسس ومبادي تلك العملية الوفاقية. وبذاك يكون السودان "برقعته الجغرافية الراهنة" لأول مرة في تاريخه الممتد منذ العام 1821 قد تأسس على قاعدة من الرضا بصنع أهله لا الأقدار وعليه يتم تجاوز الثقوب السوداء التى وسمت تاريخ السودان الحديث. وهذه العملية الوفاقية المعنية يمكن أن تستصحب إتفاقية "نيفاشا" وجميع الإتفاقيات الوفاقية "الجزئية" الأخرى الممكنة دون مساس بجوهرها. وحتى لو تحتم حدوث أسوأ الإحتمالات بإنفصال الشمال عن الجنوب على هدى "نيفاشا" قبل أو بعد أو أثناء هذه العملية الوفاقية المعنية فسيبقى بعد تأسيس بقية البلاد على أساس من الوفاق الشامل ما يزال أمرآ حتميآ لا بديل له من أجل الإستقرار الدائم. فمثلآ قضية دارفور يمكن أن تحسم بسهولة ضمن عملية الوفاق الشامل تلك بحيث يضمن حلها في الدستور الدائم للبلاد في إطار النظام الكلي المتفق عليه بواسطة الشعب برمته في لحظة تاريخية حاسمة بدلآ من إتفاقات ثنائية قابلة للإختراق في أي لحظة.


    ما المانع؟.

    إن كان ذاك هو وحده الحل، ولا أجدني أرى غيره. فما هي الموانع؟. وهل يمكن تجاوزها؟.

    أرى أن هناك عدة عقبات تكمن في عاملين "ذاتي وخارجي" تقف في مواجهة وفاق وطني شامل. الذاتي هو الحكومة الحالية وما يلازمها من صفوة قد ترى في إستمرار الوضع الحالي ضمان لمصالحها وإمتيازاتها المادية والمعنوية والعامل الخارجي هو أن بعض الدول المتنفذة "أقليميآ وعالميآ" قد لا تحبذ نشوء سودان قوى وموحد أي أنها ترى مصالحها الإقتصادية والإستراتيجية في سودان ضعيف أو مجزأ.

    العامل الذاتي "الداخلي" عندي هو الأكثر تعقيدآ كون العامل الخارجي يمكن تجاوزه بقليل من الإرادة والتضامن. فما يسمى ب "المجتمع الدولي" ليس وحدة صماء وإنما شتات من القوى المتناطحة شرقآ وغربآ وقد أثبتت التجارب المشهودة بأن أثر العالم الخارجي لا يكون نافذآ بشكل فعال إلا في حالة وجود شروخ مستفحلة في جسد الضحية. وعندي أن لحظة إنطلاقة وفاق سوداني شامل كفيل بإبطال مفعول العامل الخارجي أيآ كان.
    وأما العامل الداخلي فيمكن أبطال مفعوله السالب عبر المواجهة والمكاشفة والمصارحة و"التضحية" مترجمة في خطوات عملية "نعم نستطيع" ونخطوا إلى الأمام واثقون كون الوفاق الشامل ضمان لمصلحة الجميع بما فيهم الصفوة الحاكمة والمتحكمة ذاتها وما عداه خسارة للجميع بما فيهم تلك الصفوة المعنية بالحكم والتحكم. وإلا فلن يكون هناك سودان وتلقائيآ تسقط و تختفي الصفوة بحكمها وسوء حكمتها، تلحقها لعنات التاريخ.

    وأما "مثلث حمدي" المعني به دولة مستقلة عند الوسط النيلي و المبنى في أسه على العرق "العربي" ما هو سوى وهم جلبته الهزيمة وقلة الحيلة إلى خواطر من صاغوه. كون هذا المثلث في حالة إنفضاض السودان لن يجوز له إستقرار من ناحية ومن الناحية الأخرى فإن مكانته الدولية وإمكاناته الإقتصادية ستبقى إما عادية أو متردية. كما أنه سيكون جزيرة صغيرة محاطة بقدر من الدويلات المتأهبة لحربه على الدوام كون "المثلث" وحده سيكون النشاز. رقعة صغيرة محاطة بالبجا من الشرق والنوبة من الغرب والنوبيون من الشمال والفونج من الجنوب الشرقي والفولاني والهوسا وقوميات أخرى في الوسط هذا من الناحية الدمغرافية. أما من الناحيتين الجغرافية والإستراتجية فالأمر أظنه واضح فالمثلث لن يكون بوابة العرب على أفريقيا كما كان السودان "القديم" ومياه النيل ستمر أولآ عبر جغرافيات أخرى قبله تبقى أكثر تحكمآ في مجرى ومنسوب المياه أضافة إلى ضعف الموارد الأخرى وسوء الطبيعة والمناخ مع توقع وجود كثافة سكانية عالية. وأخيرآ وليس آخرآ فأن الصفوة الحاكمة بالقوة العسكرية في الوقت الراهن ستتحمل المسئولية عمليآ وأخلاقيآ في حالة إنفضاض السودان برقعته الحالية. وعليه فلن يدوم لها هناء. وخلاصة القول فإن مثلث حمدي الذي "سمعنا" أن البعض من الصفوة الحاكمة يأمل في فردوسه هربآ من بعض التضحية من أجل سودان "كبير" وموحد فهو بدوره وهم ستزروه الرياح بمجرد إنفضاض قدر من أرجاء السودان الحالي، وستتخلق معادلات جديدة يصعب التكهن بها.

    فهل نجد معادلة لإنطلاقة عملية وفاقية شاملة يتأسس عليها السودان " من جديد" على أسس من التراضي والوفاق. بحيث تكون ثورة نفرح بها جميعنا بعد أن طال بنا الحزن و تسعد بها الأجيال القادمة وينشدون الشعر من أجلها كما يفعل الفرنسيون حيال ثورتهم ويفخرون بسودانهم وسودانيتهم و آبائهم وجدودهم؟. أم قضي الأمر؟.


    يتواصل ... (نحو أفق جديد) !

    محمد جمال الدين
                  

10-31-2009, 08:11 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    نحو أفق جديد "3"

    الإنتخابات؟.

    ليس من رأيي أن الأنتخابات ما تقوم ان شاء لها أن تقوم "كما فهم البعض من حديثي" ولمسته من الآراء القيمة التي وصلتني من أصدقاء وقراء أعزاء كرد فعل على مساهمتي المتواضعة هذي.

    وإنما أسعى إلى إثارة الوعي بحقيقة أن الإنتخابات لا تشكل الحد المطلوب لحل نهائي لأزمة البلاد. الإنتخابات يمكن النظر إليها في معية المثل السوداني القائل ب"القحة ولا صمة الخشم". الإنتخابات آلية لا بديل لها في العصر الراهن لتداول السلطة سلميآ كما هو مسلم به. تداول السلطة "سلميآ" في دولة قائمة في حيز الوجود بحدودها الجغرافية وأجهزتها الرسمية وهياكلها الإدارية وسيادتها التامة على أراضيها. وفي حالة السودان هناك إتفاق يقول بحق تقرير المصير للجنوب وهناك نزاع مسلح في دارفور وهناك إتفاقات مصيرية مع الحكومة وحزبها الحاكم يلفها الغموض وهناك جدل حول بعض هياكل الدولة الجوهرية ممثلة في المؤسسة العسكرية وتحديدآ جهاز الأمن والقوانين والقواعد التي تؤسس له وما يتبع ذلك ويلازمه من عوامل تتأسس عليها العملية الإنتخابية ذاتها في سبيل تداول سلمي للسلطة السياسية. وهذا طبعآ سبب الإرتباك الحاصل في الساحة السياسية هذه الأيام متجليآ في إنسحاب كتلتي الحركة الشعبية والتجمع من البرلمان. فالسلطة نفسها التي يتم الحديث عن تداولها سلميآ فيها "كلام". كما أن السلطة المعنية بالتداول السلمي تتمثل في هيكلين فقط من هياكل الدولة وهما الجهازين التنفيذي "الحكومة" والتشريعي "البرلمان". ولكن الدولة بالإضافة إلى ذينك الجهازين " التنفيذي والتشريعي" تنطوى على مكونات أخرى بدورها جوهرية وربما تتخطى الجهازين التنفيذي والتشريعي من حيث الأهمية، وهي: الجهاز القضائي والمؤسسة العسكرية (الجيش والبوليس والامن) و الخدمية المدنية والقطاع العام.

    كما أن الدولة في سودان اليوم تتمظهر لا هيكليآ في شكل مرموزات ثقافية وقيمية ودينية بالإضافة إلى تمظهرات هيكلية "تبدو لا رسمية" من قبيل: مليشيات ودور عبادة. كون الإنقاذ كدولة لا تمثل رؤية موحدة للعيش المشترك وإنما تنطوى على آيدولوجي جماعة مدنية واحدة "مفردة" في مواجهة المجتمع المدني السوداني في كلياته.

    فإن كانت الحكومة هي "حكومة الوحدة الوطنية" من الناحية الرسمية بحسب "نيفاشا" فإن الدولة يجوز أن ننظر إليها كدولة هي دولة الإنقاذ. فعندي أن الإنقاذ دولة وليست حكومة و برلمان فحسب حتى يستطيع الناس تداولهما سلميآ. ولهذا تسعى الإنقاذ جاهدة إلى تداول السلطة سلميآ في إطار دولتها أي البت فقط في الجهازين التنفيذي والتشريعي دون المساس مبدءآ بأجهزة الدولة الأخرى وذلك أيضآ وفق معادلة يكون عندها "الحزب الحاكم" هو الأقوى والأقدر على الإحتفاظ بسيطرته على ذينك الجهازين موضع المنافسة "غير المتكافئة" هنا. وإلا ربما إستخدمت الإنقاذ القوة العسكرية من جديد لإستعادة سلطتها المعتدى عليها بواسطة الشعب في حالة حدوث معجرة بفوز المعارضة الحالية على الإنقاذ. وهنا نجد تفسيرآ لإصرار الحكومة والحزب الحاكم على إحتفاظ جهاز الأمن بصلاحياته كما هي كمكون من مكونات المؤسسة العسكرية بل و إعطاءه صلاحيات أكبر من ذي قبل، والناس على مشارف بدء العملية الإنتخابية. والمفارقة هنا أن تقوية جهاز الأمن كأحد أجهزة الدولة "الحتمية" أمر ضروري في الأحوال الطبيعية غير أن خوف الناس نابع من أن الجهاز غير محايد في عمله كونه عندهم ما هو سوى زراع قمعي لدي حكومة الأمر الواقع.
    وليس ذلك فحسب بل أن الناس في غربتها عن الدولة لا تود لها أن تبقى قوية كون قوة الدولة تبقى خصمآ على عيشهم وأمنهم وسلامتهم لدرجة أن الكثير من الناس يحزنه أن يسمع خبرآ جيدآ عن السودان ك"دولة" كون الدولة عندهم لا تمثل مصالهم فحسب بل هي في مكان العدو الذي يهدد حياتهم ومستقبلهم. ولدي هنا مثال صغير تتجلى عنده تلك المفارقة المؤلمة في أسطع صورها وذاك أن هذه الأيام تجرى فعاليات ثقافية في عدة مدن من هولندا إبتدءآ من نهاية شهر سبتمبر المنصرم وستستمر كما يقول منظموها حتى منتصف نوفمبر المقبل. هذه الفعاليات الثقافية تجي تحت عنوان "السودان الآخر" بمعنى الوجه الآخر الجميل وغير المرئي بالكامل للناس والمقصود "الغرب" هنا. السودان كخبر بلا حرب ولا مجاعة. السودان كفن وثقافة وأدب وعلم وحضارة. وهي في الأساس فكرة ناشطة هولندية تدعى "ميكا كولك" لديها علائق جيدة بالسودانيين بكل أطيافهم بما فيهم السفارة السودانية بلاهاي. فماذا حدث؟. لقد قاطع القدر الأعظم من السودانيين المقيمين بهولندا "حتى الآن" معظم فعاليات ذلك المهرجان الثقافي المهيب كونه عندهم يعطى فكرة زائفة عن السودان "القبيح". وذاك عندي أمر تتكشف عنده الأزمة في أوضح تجلياتها "أزمة غربة الإنسان عن دولته". الدولة بما هي رؤية موحدة للعيش المشترك أو كما يجب.

    مجددآ لا أقول أن العملية الإنتخابية لا يجب أن تقوم " ذاك ليس منتهى وجهة نظري هنا" وإنما أقول وجب إعادة صياغة الدولة من الأساس وفق عملية توافقية شاملة في سبيل إستقرار دائم سوءآ قامت إنتخابات أو لم تقم. فأي أنتخابات "من وجهة نظري" مهما كانت محصلتها لن تؤدي إلى حل جذري لمشكلة السودان والتاريخ يؤكد ذلك بجلاء وسطوع بدءآ بإنتخابات الجمعية التشريعية عام 1948 وإلى آخر إنتخابات برلمانية جرت عام 1986. وددت فقط أن أؤشر إلى تلك الحقائق أو كما أراها.


    يتواصل ... (نحو أفق جديد) !

    محمد جمال الدين
                  

10-31-2009, 08:16 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    نحو أفق جديد "4"

    نظرة في الأزمة من الداخل


    الإنتخابات مهمة..لكن... لن يكون في الإنتخابات المقبلة الحل النهائي والشامل لأزمة البلاد الممتدة على طول تاريخ السودان الحديث!. والسبب عندي هو أن البنيات المدنية الفوقية "الآيدولوجيات" القائمة لا تعبر ولا تمثل بشكل جدي إرادة و "مصالح" البنيات المدنية الأصيلة المشكلة لموزايك المجتمع المدني السوداني "أعني المجتمع المدني وفق فهمي له هنا، أنظر الخلاصة أدناه" وبالتالي فإن محصلة الإنتخابات وفق هذه الرؤية لا تفضي إلى رؤية موحدة للعيش المشترك. تلك الرؤية "الوطنية" الموحدة للعيش المشترك هي المحك في طريق الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والسلم الإجتماعي. ولدينا تجربة إنتخابية ثرة في السودان ممتدة بين إنتخابات الجمعية التشريعية عام 1948 وإنتخابات الإنتفاضة عام 1986 هي خير مثال على تأكيد مزاعمي هنا.

    كيف؟.

    قبل الإسترسال في الإجابة على السؤال الهام : كيف؟. أرجو لطفآ أن تصبروا معي قليلآ على قراءة فهمي لماهية الآيدولوجيا التي أعني وهي عندي الرؤية الذاتية للعيش المشترك في مقابل الرؤية الموحدة للعيش المشترك "الدولة". يلي ذلك سردآ للخلاصة التي توصلت إليها في تعريف "المجتمع المدني" في السودان. ثم نواصل لاحقآ. عل ذلك يجعل التواصل سلسآ بيني والقارئ.

    الآيدولوجيا تتمثل في البنيات الفوقية للمجتمع المدني

    سأضرب بعض الأمثلة وسأستعين مبدءآ بمثال عارض لكنه في غاية الأهمية عندي لكارل ماركس في طريق محاولة مقاربة معنى "منظومة القيم" ومصطلح "آيدولوجيا".

    حاول ماركس في مرة من المرات أن يقول للناس ما يعنيه بكلمة آيديولوجيا من خلال ضرب الأمثال. فقد استخدم تشبيه قلب الصورة في غرفة سوداء، وهي العملية الإبتدائية لفن التصوير. وعليه فإن الوظيفة الأساسية للآيديولوجيا هي: إستنساخ صورة معكوسة للواقع (إنتهى تشبيه ماركس).

    ويجوز عندي مبدءآ أن يفهم المرء أن هدف إستنساخ تلك الصورة المعكوسة للواقع، هو: محاولة فهم الواقع نظريآ. ومن ثمة العمل على إستيعابه أو/و تطويعه أو/و ترويده أو/و تحويره أو/و تزييفه في صحنه الموضوعي أو ميدانه المادي. غير أن ذاك الهدف "الأولي" ما هو إلا الجزء التقني أو الفني من الصورة.

    فالهدف النهائي للآيدولوجيا بما هي آلية منتجة عمدآ بقصد إستيعاب أو/و تطويع أو/و ترويد أو/و تحوير أو/و تزييف الواقع، هو "أي الهدف النهائي" هو: إضفاء قدر أكبر من المشروعية لفعل مجموعة "منظمة" إجتماعية محددة في إطار المجتمع المدني الكلي وفي مقابل الدولة. وزيادة على ذلك محاولة إدماج الكل في الجزء بوسائل في الغالب ما تكون تعسفية.

    وان صح هذا الإعتقاد، تكون الآيدولوجيا هي الخاصية الجوهرية للبنيات الإجتماعية المدنية الفوقية "الجماعات و الأحزاب السياسية" لا البنيات المدنية الأصيلة (أي أحداث ومنظمات المجتمع المدني). كون وظيفة الآيدويولوجا الأولية هي إنتاج صورة معكوسة للبنيات الإجتماعية المدنية الأصيلة في سبيل الهدف الذي سقناه آنفآ. وبلغة أخرى فوظيفة الآيديولوجيا في الأساس هي الربط الواعي للمجتمع المدني "ببنياته الأصيلة" مع الدولة. كما أن الآيدولوجيا في البدء تكون بمثابة "سديم" الدولة.

    وبهذا المعني تكون الآيدولوجيا هي الجناح المضاد "المشوش والمزيف والمنغز والمعكر" لأي منظومة قيم تقف خلف تمظهرات المجتمع المدني الأصيلة. ولهذا يشعر كثير من الناس بعدم الإرتياح حينما يسمعون كلمة "آيدولوجيا" أو ما يقابلها في كل اللغات. وكان نابليون بونبارت أول من إتهم الآيديولوجيين بكونهم يمثلون تهديدآ جديآ للنظام الاجتماعي في بلاده. ويعني طبعآ منظومة "القيم" السائدة.

    )بل وجدنا آباءنا على امة وأنا على آثارهم مقتدون). الزخرف 23.

    (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا، أو لو كان آباؤهم لايعلمون شيئا ولايهتدون) . المائدة 104.

    وذلك هو بشكل أدق تعارض الآيدولوجي Social change ( هذه المرة) مع البنيات الأصيلة للمجتمع المدني. وهو مثال آخر سابق لمقولة "نابليون" بمئات السنين. إذ يكون نابليون بمثابة "أبو لهب" في هذا المكان. كما أن الثورة المهدية في السودان "نهاية القرن التاسع عشر" تقدم أمثلة أخرى حية في هذا الشأن.
    والدولة ليست بشئ غير رؤية موحدة للعيش المشترك "الوطنية".

    الإنسان والمجتمع والدولة في السودان - نحو أفق جديد


    خلاصة (جهدي الخاص في النظر إلى ماهية المجتمع المدني)



    تعريف المجتمع المدني في السودان (مفهوميآ وعمليآ) وفي مقابل الدولة





    1- مدني" في عبارة "المجتمع المدني" تعني لا "رسمي"، لا غير.

    كلمة "مدني" في عبارة: المجتمع المدني تقوم ضد الرسمي "الدولة" على وجه الإطلاق.

    المدني هو المجتمع اللا رسمي والدولة هي المجتمع اللا مدني.

    مدني في مقابل رسمي.

    وبهذا النحو فإن "مدني" في عبارة "المجتمع المدني" لا تحيل إلى أي معنى آخر من معاني التميز والإمتياز من قبيل مدنية بمعنى حضر أو حضارة أو حداثة أو علمانية. كما ان الكلمة "مدني" لا تحيل الى أي معنى من معاني الإلتزام الأخلاقي أو الأدبي أو الآيدولوجي. وإنما تعني فقط لا غير: غير رسمي (كل شيء أو شخص خارج إطار منظومة الدولة). فالمجتمع المدني بهذا المعنى يكون هو محصلة حراك الناس "الهيكلي واللا هيكلي" خارج منظومة الرسمي "الدولة". وبغض النظر عن مغزى وشكل ذاك الحراك. ولا يهم ان وصف بأنه حديث أو تقليدي، تقدمي أو رجعي. كما لا يهم مكان حدوثه في الريف أو المدينة. وبغض النظر عن زمان حدوثه. فهو في كل الأحوال والأماكن والأزمان فعل "مدني": مجتمع مدني.


    2- جوهر "المجتمع المدني" في مظهره، إذ لا ذات قائمة بذاتها للمجتمع المدني .. كما ان المجتمع المدني يتمظهر هيكليآ في ذات الوقت الذي يتمظهر فيه لا هيكليآ ودائمآ بطرق منوعة ومتمايزة.

    فإن جاز تشبيه المجتمع المدني بالبحر فان موج البحر هو تمظهره. وإذا تحقق أن نرى البحر في سكونه بأعيننا ونسبح فيه بأجسادنا، فالمجتمع المدني عكس ذلك تماما فهو لا يرى ولا يحس الا حينما يتمظهر. لأن لا ذات للمجتمع المدني قائمة بذاتها. لا يوجد جوهر للمجتمع المدني. فجوهر "المجتمع المدني" هو مظهره هو "تمظهراته" ليس إلا. المجتمع المدني مجرد خط بياني متصور الغرض منه قياس الحالة، ليس إلا. ولهذا لا تتحدث الناس عن المجتمع المدني والا تطابق حديثهم مع تمظهراته أي هياكله وأحداثه. كما لا يوجد مجتمع مدني واحد يحمل نفس الصفات والمواصفات ويتمظهر بنفس النسق والمنوال. كل تمظهر مدني عنده خصائصه المتفردة وفقآ للأسباب الواقفة خلف كل تمظهر من التمظهرات.

    3- تمظهرات المجتمع المدني الأفقية والرأسية:
    يتمظهر المجتمع المدني أفقيآ كما رأسيا. أفقيآ في صورة أحداث وهياكل (هيكليآ ولا هيكليآ). كما يتمظهر رأسيآ (في نسخته الهيكلية) في صورتين 1- "أصيلة" = "تحتية" و2- فوقية (مولدة عن الأصيلة). النسخة المدنية الأصلية تستند على منظومة قيم إجتماعية تنقسم الى ثلاثة أنماط: 1- جسدانية "فروسية" 2- روحانية "غيبية" و 3- عقلانية "موضوعية". بينما يستند التمظهر الفوقي "المولد" إلى منظومة آيدولوجية "رؤيوية".

    أ- أحداث "لا هياكل" المجتمع المدني:
    يتمظهر المجتمع المدني لا هيكليآ في شكل أحداث متكررة وراتبة من خلفها قيم وعندها أهداف وأعراف وسوابق راسخة في العقل الجمعي. مثال ذلك الألعاب الشعبية ومراسم الزواج وشعائر الجنازة والفزعة والنفير و"الظار" والمبارزة و "البطان" والحكاوي الشعبية و"القعدات" بأشكالها المختلفة كجلسات القهوة "الجبنة" و الشاي والخمر ولعب الورق "الكتشينة".

    ب- منظمات "هياكل" المجتمع المدني:
    يتمظهر المجتمع المدني هيكليآ في شكل تجمعات مجتمعية طويلة الأمد، وتسمى بأسماء مختلفة غير أن أكثر إسم شائع في الوقت الراهن هو: منظمة، وتجمع منظمات. والمنظمة هنا تشمل في الأساس القبيلة والعشيرة والطائفة وتمظهرات القطاع الخاص كما أشكال النقابة المختلفة (النقابة = المدني المديني).
    فالمجتمع المدني بمثل ما يتمظهر "لا هيكليآ" في شكل أحداث فإنه أيضآ يتمظهر "هيكليآ" في شكل منظمات عندها أعضاء مسجلون أو غير مسجلين على الورق بغرض انجاز أهداف محدده وفق نظم وقيم ولوائح محددة مكتوبة أو غير مكتوبة على الورق. وقد تختلف المنظمات في أهدافها وسبب طبيعة تمظهرها أي نشأتها من منظمة الى أخرى. مثل منظمات حقوق الانسان، الاتحادات، الاندية الرياضية والثقافية و النقابات و المنظمات الإثنية "القبائل والعشائر" و منظمات الروحانية "الطرق الصوفية والطوائف والمسيد والمسجد والكجور والكنائس" كما مصانع القطاع الخاص...إلخ.

    ج- شروط تمظهرات المجتمع المدني:
    لا يستطيع المجتمع المدني أن يتمظهر هيكليآ أو لا هيكليآ "على مستوى بنياته الأصيلة" إلا في حالة تحقق ثلاثة شروط في نفس الآن ودون نقصان: 1- هدف 2- منظومة قيم و 3- لائحة .. وقد تكون تلك الشروط اللازمة موضوعة على الورق "مكتوبة" في حالة النقابة مثلآ أو مرسومة في العقل الجمعي للجماعة المحددة "غير مكتوبة" في حالة "العشيرة" أو "شعائر الجنازة" مثلآ.

    د- كل حراك جمعي هيكلي أو لا هيكلي هو مجتمع مدني وعلى وجه الإطلاق:
    كل حراك مدني هيكلي هو منظمة مجتمع مدني بغض النظر عن أهدافه وشكل عضويته ومكان وزمان وقوعه وبغض النظر عن إعتراف الرسمي به أو لا، يكون منظمة مجتمع مدني حتى لو كانت عصابة إجرامية (بل هذا صحيح جدآ ومنطقي عند وجهة النظر هذه). كما أنه بنفس القدر كل حدث جمعي غير هيكلي يقوم على أساس هدف محدد وقيم محددة وأعراف وسوابق متعارف عليها هو حدث مدني أي مجتمع مدني، مثال ذلك الألعاب الشعبية ومراسم الزواج وشعائر الجنازة والفزعة والنفير و"الظار" والمبارزة و "البطان" والحكاوي الشعبية و"القعدات" بأشكالها المختلفة كجلسات القهوة "الجبنة" و الشاي والخمر ولعب الورق "الكتشينة".

    ه- التمظهرات المدنية الهيكلية واللا هيكلية تمثل التمظهرات الأصيلة للمجتمع المدني والتي بدورها قد تتمظهر في أشكال أخرى "فوقية" بهدف الجدل مع الدولة = تمظهر مولد عن الأصيل ( جماعات وأحزاب سياسية "رؤيوية موضوعية" أي آيدولوجية).

    و- الأحزاب السياسية لا تكون إلا كتمظهر فوقي لتمظهر مدني أصيل.

    ز- البنية المدنية الفوقية هي مكان الرؤى الشتيتة = "آيدولوجيات متصارعة" في سبيل الفوز بأكبر قد من التاُثير في عملية بناء وسيرورة رؤية موحدة للعيش المشترك، بينما تكون الدولة هي مكان الرؤية الموحدة للعيش المشترك = "عقد إجتماعي".

    4- المنظومات القيمية:

    نستطيع أن نلاحظ أن هناك ثلاث منظومات قيمية رئيسية تقف خلف مجمل تمظهرات المجتمع المدني في السودان. وتمثل سببآ جوهريآ في تنوع تمظهرات المجتمع المدني وتمايزها عن بعضها البعض، وهي:
    1- منظومة قيم الجسدانية "الفروسية" 2- منظومة قيم الروحانية "الغيب" و 3- منظومة قيم العقلانية "الموضوعية".

    أ- تقف منظومة قيم الجسدانية "الفروسية" خلف جل التمظهرات المدنية الإثنية "العرقية" وأهمها القبيلة والعشيرة. و"الجسدانية" تكون في إعمال طاقة الجسد في سبيل سيطرتها على العقل والروح في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف هو: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته. وأهم قيم "الجسدانية" هي: الرجولة والشجاعة والأمانة والكرامة والشرف والمروءة والشهامة والكرم. وهي قيم "نحن". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من الفرسان "أولى القربى = وشائج الدم".
    ورمز مكانها المادي هو "السرج" ورمز فعلها هو "السيف". وأسمى معانيها "التضحية" وأسوأ مثالبها "الإنحيازية العمياء".

    ب- تقف منظومة قيم الروحانية "الغيب" خلف جل التمظهرات المدنية الدينية "بالمعنى الواسع للكلمة" وأهمها الطريقة الصوفية والطائفة والمسيد والمسجد والكنيسة والكجورية. و"الروحانية" تكون في إعمال طاقة الروح في سبيل سيطرتها على الجسد والعقل في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف دائمآ واحد: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته. ومن أهم قيم الروحانية: الزهد والتواضع والإتكال والإيمان بالغيب. وهي بدورها قيم "نحن". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من المؤمنين ب"الغيب" = "عالم ما فوق الطبيعة". ورمز مكانها المادي هو "السجادة" بمعناها الصوفي ورمز فعلها هو "الفزعة" بالمعنى الغيبي للكلمة. وأسمى معانيها "النزاهة" وأسوأ مثالبها "العبثية" كما "الإتكالية المفرطة".

    ج- تقف منظومة قيم العقلانية "الموضوعية" خلف جل التمظهرات المدنية "المدينية" ومثالها النقابة والمصنع. و"العقلانية" تكون في إعمال طاقة العقل في سبيل سيطرتها على الروح والجسد في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف دائمآ واحد: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته . ومن ضمن قيم "العقلانية": الإستنارة والتجربة والإنسانية والنظافة والنظام والإدخار. وهي قيم "أنا". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من الأفندية "الوطنيين" والمثقفين والمتعلمين بالمعنى الحديث للكلمة. ورمز مكانها المادي هو "المكتب" ورمز فعلها هو "القلم". وأسمى معانيها " الموضوعية" وأسوأ مثالبها "الإستغلالية" كما "الأنانية".

    د- "القيمة" تقوم من جسد الجماعة بمثابة الشفرة الجينية DNA من جسد الفرد. هي محور إالتقاء "تلاحم" الجماعة وإعادة إنتاجها "نسخها" كل مرة مع جعلها متمايزة عن الجماعات الأخرى ك"وحدة إجتماعية واحدة ذات خصائص متفردة". كما أن "القيم" هي القوة الخفية الدافعة الى الفعل الموجب في سبيل تحقيق الهدف الكلي والنهائي للجماعة وهو على الدوام (البقاء والمعاش والأمن والرفاهية) وبهذا المعني تمثل القيمة أيضآ معيار الجماعة للتفريق بين ما هو خير وما هو شر بالإحالة الى نجاعة الفعل من عدمه في نزوعه الى تحقيق "الهدف".

    5- وظائف وأدوار البنيات المدنية الأصيلة و الفوقية:
    وظيفة البنية المدنية الأصيلة في الأساس تنحصر حول إنجاز هدف الجماعة الكلى أو الجزئي من (البقاء أو/و المعاش أو/و الأمن أو/و الرفاهية) للجماعة المدنية المحددة في مواجهة الطبيعة والآخر على وجه الإطلاق. إذ ليس من أهداف البنيات المدنية الأصيلة الجدل المباشر مع الدولة إلا في الحالات غير الطبيعية. تلك مهمة البنيات الفوقية لا الأصيلة.
    مرة ثانية ليس من وظائف أو أدوار البنيات المدنية "الأصيلة" الجدل المباشر مع الدولة. كما ليس من مصلحة الدولة في شيء الجدل المباشر مع تلك البنيات المدنية الأصيلة. بل ذاك إن حدث من البنيات المدنية الأصيلة أو من الدولة سيؤدي على المستوى البعيد إلى التـأثير السالب من حيث المبدأ على وجودهما المادي على حد سواء، كون إذن منظومات القيم المثالية "المدني" ستصطدم بمبدأ المصلحة "المنفعة" المجردة = "الدولة". وهما حقلان وجبا أن يكونا متوازيان على الدوام لا يتقاطعان أبدآ وتقوم في الفضاء الفاصل بينهما البنيات الفوقية = الآيدولوجيات. وإلا هناك مشكلة دائمآ ما تتجسد في فساد الرؤية الموحدة للعيش المشترك.

    6- المجتمع المدني كمصطلح تقني:
    المجتمع المدني يجوز أن ننظر إليه كمصطلح تقني بحت (لا قيمي و لا أخلاقي) لا يتعرف بالخير ولا الشر ولا الحداثة أو التقليدية ولا التقدم أو التخلف ولا العلمانية أو الدينية. تلك الفاظ قيمة تتعرف وفق منظوماتها القيمية المحددة ولا يجب أن تحيل بحال من الأحوال الى "المدني". فالمجتمع المدني يكون بمثابة الميدان المادي للصراع القيمي والآيدولوجي لكنه هو ليس ذاته الصراع. إنه الفضاء فحسب. الفضاء الذي تحلق فيه العصافير الملونة "الجميلة" والبريئة والصقور الجارحة والبعوض والحشرات العديدة. هو الفضاء فحسب، هو ليس العصافير الجميلة البريئة ولا الصقور الجارحة. إنه الفضاء الشاسع القابع في سلبيته. فضاء للخير بقدر ما هو فضاء للشر، فضاء للباطل والحق وللقبح والجمال.


    7- جدلية الخير والشر "أ":
    يتعرف المجتمع المدني بخيره من شره القائم أو المحتمل لا ببنياته قديمة أو حديثة وإنما بحسب أفعاله الصالحة أو الطالحة من مجالات الفعل الموجب والتي يمكن رؤيتها في: 1- التنمية 2- السلام 3- الحكم الرشيد 4- الحقوق 5- الإبداع و6- المجال المفتوح(Socio-cultural ِArena). وذلك بقياس المسافة بين الصفة الخيرة ونقيضها، من مثل: التنمية مقابل الدمار والسلام مقابل الحرب والرشد مقابل الطغيان والحق مقابل الباطل والإبداع مقابل التحجر و المفتوح مقابل المغلق.

    8- جدلية الخير والشر "ب":
    في جميع الاحوال وفي كل الأوقات فإن الفعل في سياق المجتمع المدني هيكليآ أو لا هيكليآ يقود الى منفعة محددة تجد تعبيرها في مساهمة مادية نقدية أو عينية كما بذل الجهد المجاني أو مدفوع الأجر بهدف جلب الخير او درء الاذى، في فضاء خارج الرسمي "الدولة" وفق منظومة قيمية أو رؤيوية محددة ربما يكون نتاجها شرآ في نظر الآخر.


    9- جدلية المدني و الرسمي:
    لا يكون "المدني" الا في مقابل "الرسمي" والعكس صحيح، وبإنتفاء أيآ منهما ينتفي الآخر بالضرورة، فلا مجتمع مدني بلا دولة ولا دولة بلا مجتمع مدني. فعلى سبيل المثال فإن أي منظمة تقوم خارج السودان "بحدوده كدولة" لا تمثل "مجتمع مدني" لأنها ببساطة لا تقوم في مقابل الدولة. والأصح (أي ربما يجوز) أنها تمثل مجتمع مدني فقط بالنسبة للدولة التي نشأت بها. وبالتالي فإن تسمية "منظمات مجتمع مدني" بالنسبة للمنظمات "الموصوفة بالمدنية" التي ينشأها السودانيون بالخارج لا تصح إلا كمجاز. إلا إذا حتم واقعها الموضوعي أن تكون فروعآ مرحلية لكيانات مدنية أصيلة أو فوقية تقوم بداخل البلاد وإستنادآ عليه تكون أهدافها ورؤيتها ورسالتها، وهو ما نلمسه في الواقع المعاش في حالة كثير من الأحزاب السياسية السودانية.

    10- التمظهرات الهيكلية للمجتمع المدني:
    يتمظهر "المجتمع المدني" في السودان عمليآ ويبدو للعيان بشكل "هيكلي" في أربع أنماط رئيسية:
    1- تمظهرات عقلانية موضوعية "الشكل الحديث" ورمزها النقابة 2- تمظهرات جسدانية إثنية "القبيلة والعشيرة" 3- تمظهرات روحانية غيبية (الطرق الصوفية والمسيد والمسجد والكجور والكنائس) وأخيرآ 4- تمظهرات القطاع الخاص (بدورها عقلانية).

    11- التمظهرات الهيكلية للدولة:
    تتمظهر الدولة على وجه العموم في ستة أشكال رئيسية هي: 1-الجهاز التنفيذي (الحكومة) 2-الجهاز التشريعي "البرلمان" 3-الجهاز القضائي 4-المؤسسة العسكرية (الجيش والبوليس والأمن) 5-الخدمية المدنية و6- القطاع العام.

    12- فرضية أخيرة: المجتمع المدني هو الاصل كما هو سديم الدولة:

    الأصل في الإجتماع البشري هو "المجتمع المدني" ببنياته الأصيلة ثم تأتي البنى الفوقية ومن ثمة تتشكل الدولة. فالمجتمع المدني هو بذرة الدولة. الدولة بكل بساطة هي: نقطة تلاقي المصالح/تعارضها. أي نقطة تلاقي/تعارض مصالح البنيات المدنية الأصيلة في حيز زماني وجغرافي محدد وما يقتضي ذلك بالضرورة من نظام لا مفر منه يسمى في شموله: الدولة. وإذ يقوم المجتمع المدني على "القيمي" في تمظهره الأصيل وعلى "الآيدولوجي" في تمظهره الفوقي تقوم الدولة على نظام "المنفعة = المصلحة" مجردة بلا قيم ولا آيدولوجيا في نسختها المثالية. وإلا ستتعارض الدولة وتتصادم بإستمرار مع كثير من البنيات الإجتماعية الأصيلة مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إحتمالين لا ثالث لهما: موت "فناء" الدولة بشكل نهائي وبالتالي موت المجتمع المدني "موت القيم السائدة" أو إعادة تشكل الدولة في صيغة جديدة وبالتالي تمظهر المجتمع المدني في لباس جديد "قيم جديدة".



    ملاحظة:

    الهدف الأساس "مركب من عدة اهداف جزئية" من هذه الكتابة هو:
    محاولة تقصي المجتمع المدني السوداني في مقابل الدولة، على النحو التالي:

    - تعريف المجتمع المدني مفهوميآ (أن نحيط به معنويآ(
    - التعرف عليه عمليآ (أن نحيط به ماديآ(
    - تلمس الخطوط الفاصلة بين المجتمع المدني والدولة "الواقع وما يجب"
    - دور المجتمع المدني في مقابل دور الدولة (دور ووظيفة البنية المدنية المحددة أو عدد من البنيات متشابكة/متضامنة في مقابل دور ووظيفة الدولة بحيث تكون الدولة لا شيء غير إتحاد البنيات المدنية مجتمعة في زمان ومكان محددين " زمكان" محدد).
    ثم مكانة الفرد من المدني والدولة ... السعي في نهاية المطاف إلى الوعي الفردي "الموضوعي" باللحظات المختلفة للمدني والدولة كحوجة وضرورة وكحالة ذهنية وشعورية وأخلاقية. وأستطيع أن أقول بشكل مبدئي أن هناك ثلاث إشراقات يمكن أن يعبرها الناس في الواقع وعلينا الوعي بها موضوعيآ، وهي: حالة الإنتماء للبنية المدنية الأصيلة المفردة، حالة الإنتماء للبنية المدنية الفوقية المفردة وحالة الإنتماء للدولة = إتحاد البنيات المدنية مجتمعة في "زمكان" محدد. وهي بدورها تعتمل ثلاث حالات للهوية أو تمثل ثلاث مستويات للهوية، في الأولي هوية قيمية من قبيل "أنا جعلي أو دينكاوي أي أنا فارس أو أنا تجاني أي أنا زاهد/نزيه أو أنا عضوء الجمعية السودانية لحماية البيئة أي أنا إنساني/مستنير" وهي هوية غالبآ ما تكون بالإصالة وفي الثانية هوية موضوعية من قبيل " أنا شيوعي أو إتحادي ديمقراطي أي أنا أملك رؤية ذاتية للعيش المشترك" وهي هوية غالبآ ما تكون بالإكتساب وفي الثالثة هوية "زمكانية" أي وطنية من قبيل "أنا سوداني أي أنا أنتمي إلى رؤية موحدة للعيش المشترك" أو "جدودنا زمان.. وصونا على الوطن .. على التراب الغالي الما ليه ثمن" وهي هوية تاريخية غالبآ ما تكون أصيلة ومكتسبة في نفس الأوان. وذلك ما يسميه جعفر محمد على بخيت بالولاءات!. ويمكن للفرد أن يشعر بشكل تلقائي أو يحدد لنفسه بشكل واعي قدر لا حد له من الهويات "الولاءات" الذاتية في مقابل الهوية الكلية "الدولة" أي الوطن والتي قد تتأتي "أي الوطنية" تامة أو ناقصة أو منعدمة بحسب الفاعلية الموجبة أو السالبة للدولة على هوية/هويات الفرد الذاتية = إنتماءات الفرد لبنيات مدنية مختلفة في مقابل إنتماء تام أو ناقص أو منعدم للدولة "الوطن" = إتحاد البنيات المدنية المختلفة في "زمكان" محدد هو السودان هذه المرة.



    يتواصل..... (نحو أفق جديد) !


    محمد جمال الدين
                  

11-01-2009, 01:03 AM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    تلك كانت بداية المحصلة لبعض الأعمال التي سبق نشرها في غضون الأيام القليلة الفائتة في بعض وسائل الإعلام حول الأزمة موضع الشأن هنا...

    وودت لو إطلع عليها أكبر قدر من الناس المهمومة والمهتمة. وبالطبع في رجاء تفاعلكم الموجب كلما أمكن.

    مع أخلص معاني الإحترام...

    محمد جمال الدين
                  

11-02-2009, 03:24 AM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    It will be continued....
                  

11-02-2009, 08:44 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إشكالية الوطن والوطنية (نظرة للأزمة من الداخل) هل الإنتخابات هي الحل؟. (Re: Ahmad Sanad)

    again
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de