الدور العربي...البحث عن المصالح عند منْ؟(حذفت من صحيفة الأحداث بأمر الرقابة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-16-2009, 04:14 PM

محمد النذير الوراق

تاريخ التسجيل: 12-08-2006
مجموع المشاركات: 219

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدور العربي...البحث عن المصالح عند منْ؟(حذفت من صحيفة الأحداث بأمر الرقابة)

    حذفت هذه المادة من صحيفة الأحداث بواسطة الرقابة اليومية المفروضة علي جميع الصحف
    Quote: الدور العربي...البحث عن المصالح عند منْ؟
    البراق النذير الوراق
    فى خضم التجاذبات بين الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية برزت العديد من الأصوات التى لم يعرف لها صوتاً فى الشارع السوداني من قبل، خصوصاً من الدول العربية التى أهملت فى كثير من الأحيان مشاكل السودان الدولة التى يظنُ كثير من سكانها ومنذ عقود، أنهم نموذج جيد للعروبة ومدفع أصيل للزود عن حياضها فى المحافل المحلية والدولية، وهو ما كان مدعاة تساؤلنا فى كتابتنا هذي، فالدول العربية تعاملت مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بحسٍ فيه كثير من الشفقة لا لشئ سوى أن بعضاً من رزازه قد أصابها فى مصالحها الإقتصادية والسياسية وربما (السيادية).
    وحينما نتحدث عن دور عربي فى السودان فإننا لا نكترث (عمداً) لدول المغرب العربي التى ربما لا يعرف بعض سكانها أن السودان بلد عربي(وفقاً للجامعة العربية)، والتى بالكاد ينظر منها-اى دول المغرب العربي- الجانب الليبي لقضايا السودان، ومن زاوية المجاورة والأفريقانية ليس أكثر، وذلك تلبية لأحلام قائدها المفدى بقيادة أفريقيا تحت مظلة الولايات المتحدة الأفريقية، وكذلك نتجاهل الأردن والسلطنة ورفيقاتها فى دول الخليج لنفس الأسباب، فيما عدا قطر، والتي ربما حاولت ولوج تلك الزوبعة المسماة قضايا السودان من باب لعب الدور الموازي للسعودية ومصر اللتان أصبحتا لاعبتان أساسيتان فى تعامل العالم مع الشرق الأوسط ومشكلته التى لا تنتهى(ألغيت مباراة للكرة بين منتخبي مصر وقطر لأسباب سياسية)، فقطر لأول مرة فى تاريخها تنجح فى إصطياد إحدي مبادرات السلام التى إشتهر السودان بكثرتها وتنوعها بحسب الإتجاهات الجغرافية، فهي لم تألُ جهداً فى جذب أحد فصائل المتمردين الدارفوريين للدوحة وإجلاسهم إلى جانب الحكومة لتوقيع إتفاق إطاري مهدد هو نفسه بالإنهيار فى أي لحظة.
    ولكننا بطبيعة الحال لا يمكننا تجاوز مصر التى تربطها مع السودان مصالح إستراتيجية( ولهذا تتعدد زيارات الوفود الدبلوماسية والأمنية السامية)، تمتد من تأمين جنوب الوادي، مروراً بأماني إقتصادية تشكلها الأراضي الزراعية الشاسعة والثروة الحيوانية المتنوعة وتسويق المنتج المصري الكاسد، وصولاً إلى تنفيس الزحام السكاني الذى أتي على كل شبر من اليابسة وتعداها إلى غيرها، ولكن عدم مجاوزة مصر لا يأتى من إحتفاء ولا من تفاؤل بقيمة هذا الدور، إنما هو نتيجة للشعور بضرورته وفقاً للتشابك التاريخى للسودان، مع هذا الجار الذى طالما جار على جاره، فمنذ إتفاقية مياه نهر النيل التى أبرمت فى نهاية الخمسينات ولم تستطع الكثير من الحكومات تعديلها، كانت زراع المصريين هى الطولى فى صحن الثروات المشتركة، وجاء السد العالي ليسد كل أمل فى أن ينظر المصريين إلى إخوانهم بعين الُمرحّب لا بعين الطامع، ولا نريد أن نتحدث عن الأرض المتنازع عليها ليس إقتناعاً بما آلت إليه قضيتها، ولكن تهيباً من الرقباء وصوناً لمقالتنا التى تناقش شاناً مختلفاً.
    اما إذا أردنا الحديث عن سوريا فمن الواضح أنها تسير في علاقاتها مع الغرب فى نفس الإتجاه الذي سارت فيه ليبيا من قبل، فوجدت الأمان والإطمئنان مع وعود بتركها وشانها مع معارضيها فى الداخل ولذلك فإن وزارة خارجيتها لم تخرج عن ماهو معهود عند الإخوة العرب، فقد صرح وليد المعلم في حديث شاجب تلقفته وكالات الأنباء بما يفيد وقوفهم مع السودان وحتى هذا التصريح جاء بعد أن زار السفير السوداني سيادته بمدينة دمشق(صحيفة الثورة السورية 13/3/09)، ولم تكلف سوريا نفسها بإرسال الوفود كما كانت تفعل في السابق أو كما يفعل المصريون(أصحاب الوجعة).
    أما اللبنانيون فقد فعلوها واضحة(يا للغرابة) بإصدار بيان قوي وفي سرعة فائقة في ردة الفعل، تجاوزت الإدانات الليبية والسورية جاء في طرف منه"تعرب الوزارة عن تضامن لبنان مع السودان ودعمها الثابت لسيادته ووحدته ولخيارات شعبه وإحترام رموزه وقياداته"(صحيفة الراية القطرية 5/3/09)، فاللبنانيون كانوا قد قالوها فى الماضى واضحة عند تقديم السودان طلب إنضمام للجامعة العربية(السودان لا يستحق عضوية الجامعة وليس بلد عربي).
    ونأتى أخيراً لدور الجامعة العربية نفسها من قضية السودان فى دارفور، فمنذ تفجر المشكلة نهاية العام 2002 لم نستبين إهتماماً ولو قليل بهذه القضية من جانبها، ذلك ربما بسبب أن الجامعة نفسها لم يكن لها لا حول ولا قوة ولا دور فى مثل تلك القضايا في أى يوم من الأيام، ولم تستطع فى أي وقت من الاوقات تمثيل الدور المناط بها فى توحيد وجهة العرب والضغط عليهم لإستخدام لغة واحدة فى مواجهة الإنتهاكات التى تتعرض لها منطقتهم من جانب الغرب أو حلفائه، والبغي الذي يمارسه بعضهم على البعض الآخر، فعمرو موسى لم يظهر كمهتم بقضية دارفور إلا بعد زيارة سريعة إبان إعلان المدعي العام للمحكمة الدولية طلب مثول الرئيس السوداني أمام المحكمة فى يوليو الماضى، وخرجت بعدها الشائعات تحمل أنباء عن طرحه حلولاً توفيقية ممطوطة، دون مساندة تذكر ودون وعود بالوقوف بجانب السودان فى محنته التى إستوطنت غربه منذ 2003، فلم نسمع يوماً عن منظمات عربية ساهمت ولو بقدر قليل فى دعم النازحين فى الأقليم، مع أن هذا الدعم لم يقف عندما تعالت صيحات إخوتهم فى غزة عند حد إرسال الإغاثات والأدوية، بل تعداه إلى دفع مرتبات العاملين بالقطاع من خزائن دول البترول الخليجى، ولم يقف السودانيون مكتوفي الأيدى فى هذا الشأن بل سارعت قوات الشرطة السودانية إلى إستقطاع جزء من المرتب البسيط لنفس الأغراض هي وبعض المؤسسات السودانية(ولاية الخرطوم)، هذا خلاف الدعم الذى ناله الغزاويون من أولى الإحسان فى جميع أنحاء العالم.
    كل ما سلف يوضح اين يقف السودان فى الخارطة العربية، وكيف ينظر العرب وجامعتهم العربية للشأن السوداني، فمحاولة مصر مؤخراً لعقد مؤتمر دولي للنظر فى قضية المحكمة يوضح أنهم لا يسعون للمساهمة فى حل مشكلة دارفور نهائياً، بقدر ما يأملون فى درء تدخلات محتملة من الغرب تورد مصالحهم موارد اليأس، ونفس الأمر ينطبق على عمرو موسي والجامعة العربية الذي لم ينس فى هذه القضية أنه مصري، ووزير سابق فى الحكومة وملم بما سينتج من أى توتر فى السودان.
    للمصالح في جميع دول العالم أولوية قصوى، ولكن حينما تتلحف ثوب الإشفاق، والهم الخالي من الغرض تصبح موضع تساؤل، خصوصاً إذا كان ميزانها-المصالح- مختلاً، فالعرب منذ عقود أوضحوا موقفهم من أي إجراء ضد الغرب فما بالنا نرنو لسراب بقيعة.


    البراق النذير الوراق
                  

03-17-2009, 11:33 AM

محمد النذير الوراق

تاريخ التسجيل: 12-08-2006
مجموع المشاركات: 219

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدور العربي...البحث عن المصالح عند منْ؟(حذفت من صحيفة الأحداث بأمر الرقابة) (Re: محمد النذير الوراق)
                  

03-18-2009, 01:06 PM

محمد النذير الوراق

تاريخ التسجيل: 12-08-2006
مجموع المشاركات: 219

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العرب ودارفور: إلى أين المستقر (Re: محمد النذير الوراق)

    Quote: العرب ودارفور: إلى أين المستقر


    صلاح شعيب: الصحافة

    وأخيرا انتبه العرب أنهم يمكن أن يفعلوا شيئا في جدل دارفور الحامي الوطيس. ولكن اين كانت مبادرات أخوتنا في الدين والثقافة والإنسانية للتوسط قبل أن تضيع الصيف اللبن..؟ لا جواب يمكن أن يتحصل عليه المرء حالا..ومع ذلك لا جدوى من تحميل «الرئاسات العربية» جذور مشكلتنا الدارفورية، إذ ليس من المستحب للكاتب أن يربط تأزم قضية السودان المحورية بأناس من خارجها، أو مساءلتهم ــ إن كانوا عربا ــ عن الدور المشابه الذي كان من المتوقع أن يلعبوه نحو قضية دارفور، كما فعلوا في مؤتمري الطائف والدوحة، واللذين خصصا لمناصرة الاخوة الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين: «أ»السياسة الإسرائيلية التي قضمت حقوقهم و»ب»صراع فصيلي فتح وحماس الذي أقض المضاجع وكاد يحقق مصلحة عدوهم التاريخي أكثر من مصالحهم الجمعية.
    بادئ ذي بدء فإن العرب هم الجغرافيا والتأريخ والثقافة المشتركة وليسوا فقط العرق والحكومات وبؤرة المطامع. ولا يمكن أن يعنيهم المقال إلا من زاوية عروبتهم السلطوية، وهنا مربط فرس التأنيب أو مؤطئ القدح إن وجدا.
    فالشعوب العربية جميعها ضحايا لأنظمتها الديكتاتورية وكذا للتفسير الديني المتواطئ معها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نحمل هؤلاء الملايين من العرب المقموعين جذور الفشل في حل مشكلة دارفور والتي يفهمونها من خلال الاعلام الرسمي، شأنهم شأن القوم في السودان، حيث بين بعضهم وأسباب مشكلة دارفور الحقيقية كثير حجب وغشاوة في الفهم وتبسيط في التحليل. فأدوات الاستفهام والإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف محكومة بإستراتيجية الحكومة الاعلامية المستقاة من نهج ثقافي قديم للمركز العربي القامع لشعوبه. وإذا كان المواطن السوداني لا يدرك ما يجري حقيقة في دارفور ــ إذ أننا لم نجد «مراسلين حربيين» ينقلون له الوضع على حقيقته، فإن الأدعى هو أن نعذر المواطن العربي الذي تصرخ الفضائيات في اذنه ليل نهار حتى تبرهن له أن دارفور هي ساحة المواجهة بين الصهيونية والإسلام، أو أنها موطن المنازلة بين الغربيين والحكومة السودانية المستضعفة..والأخيرة يبدو حالها ــ في الذهن الإعلامي العربي ــ كما لو أنها تصد «الكواسر الغربية» عن ثروات مثل اليورانيوم و البحيرات العذبة و البترول، وغيرها من لوازم الحجج التي يبذلها بعض كتاب عرب جهلاء أو مراكز تفكير عربية بلهاء أو فضائيات تهرف بما لا تعرف.
    وفي أمر تحميل المواطنين العرب جل الأزمات أذكر أن الدكتور سيد القمني سخر مرة من خطب الجمعة التي تلهب ذهن المصليين بالعاطفة الدينية ولكن لا تحرضهم على ظلم السلطويين الذين يصيبونهم بالنكد والبؤس. وقال القمني إن هؤلاء المصلين البسطاء، والمجردين من النياشين والصولجان والمسدسات الأوتماتيكية، يأتون في لحظة صفاء لسماع الامام المأمون، هربا من سعير الواقع ولكنه يلهب ظهور آذانهم بالسياط ويحملهم مأساة فلسطين ومغامرات القاعدة وتردي حال البيئة وفقر المنهج التعليمي وتنامي الفساد في الخدمة العامة وبروز التصحر في قيم الدين والقيم الإجتماعية وتباعد الفجوة بين الفقراء والأغنياء..إل
    خ يصب خطيب الجمعة جام الغضب على المصلين وأحيانا اليهود والنصارى رغم أنهم لا ناقة لهم ولا جمل في كل هذا العجين الذي ضخته تجربة السيوسيولوجيا العربية منذ قدمها. وهي كما نعلم تجربة نابعة من خلل داخلي في الاساس قبل أن تحفز الأجنبي لإستغلالها. وقال القمني بالحرف»..أزاي المسألة كلها بقت على المسكين دي..الحكومة تطلع زيتو وبن لادن يفجر في الاسواق والامريكان صابين اللهب في راسو.إزاي يا أئمة الغلبان جاي شان يسمع حبة كلام مروح وتحملوه كل الوزري دي..فين خطبكم اللي بتفجر يافوخ الديناصورات العايشة في القصور».
    سخرية القمني بواقع العرب تتعاطف ــ بلا شك ــ مع هؤلاء المصليين وتستبطن، لا بد، أن المشاكل العربية تربط بأيدي الحكام الذين توارثوا اسبابها سلطانا عن سلطان، وليست هي بالبساطة المتصورة في خطب الأئمة التي يعد وكلاء مديرية الأمن بعضها ويأتي الأئمة لإستلامها ثم مفاجئة المصلين بمحتواها وتفجير سكينتهم في دلالة من دلالات إفرارغ الدين من مضمامينه وغاياته.
    ورغم أنه لا يفوت على القمني أن كل المواطنين العرب بما فيهم من مجموعات ومواظبين على صلاة الجمعة يتسببون في تحمل الوزر إلا أنه عنى أن تحمل المسؤولية للنهوض إنما هو أمر جماعي أو فرض عين على المواطن والإمام والحاكم، وليس فقط على ضلع واحد..هو غلبان في مشيه ومعاشه بل وهو الحلقة الأضعف في موازيين القوى المجتمعية.
    هذه المثال يعطينا حقا خلفية عن الوظيفة التي أرادتها السلطة العربية لإمام المصلين، ولكن بالإطار العام تعطينا ملحما عن البيئة التي تعالج فيها القضايا العربية ومن ضمنها قضية دارفور، والتي أرادت الجامعة العربية أن تضمها هذه المرة بجدية إلى ملفاتها الساخنة ومن ثم توكل أمرها للجان وزارية أو إمارة ما..قد يكمن في داخلها سحر الحل أو حل السحر بناء على دورها السياسي في المنطقة بعد أن ظهرت كقوى أقليمية جديدة وناهضة بقوة لوراثة دور دويلات وممالك. الشاهد أن تاريخ السلطات العربية المركزية مع هوامشها يندي له الجبين. فإذا نظرنا إلى مشكلتي الاقليات العرقية والطائفية في جهاز الدولة القطرية وكذلك مشكلة الأعتراف بالمكون الآيدلوجي الذي فيه من التيارات والمدارس السياسية المهمشة عبر القرار السياسي فإن الإنطباع الأول الذي يخرج به المرء هو أن طبيعة الدولة القطرية قائمة على تفتيت هذه الكيانات عبر الاستيعاب القسري. ولعل هذا التفتيت مما يدعوا إلى بروز تكتلات مسلحة تتحول بمرور الزمن إلى حروبات وتمردات وتظاهرات إستنزافية..تحيل الاستقرارين السياسي والتنموي إلى منغصة وجودية.
    في واقع كهذا يبقى عمل الجامعة العربية الممثلة للانظمة السياسية وليس الشعوب هو حماية الحكومات التي لا تتخيل أن عدم الاستجابة للدعوات الهامسة لإنصاف هذه العرقيات والطوائف والآيدلوجيات يمكن أن تتحول إلى ثورات قد تجتزئ من الوطن الكبير. وبالغ ما بلغ حسن النية الطارئة في معالجة إشكال الهامش العربي في الجزائر والعراق والسودان ومصر مثلا فإنه يصطدم بحقيقة أن القرار الأخير هو بيد الدولة القطرية وليس المنظمة العربية، بوصف أن سيادة هذه الدولة هي الأولى بالتحقق وليس سيادة القرار العربي الجماعي.
    فالجامعة العربية إنما هي تمثيل رمزي للدفاع عن هذه الحكومات أيا كان شكل سلطتها وكان يدرك الشاذلي القليبي أو عصمت عبد المجيد أو عمرو موسى ولجانهم المتعددة أن لا سلطان عليهم في القضية السورية إلا بالقدر الذي ينحازون فيه إلى السلطة الحاكمة هناك. فالقضية القبطية، أنكرنا وجودها أو أعترفنا بها، والتي خرجت إلى السطح العالمي وعبرت عن مظالم المسيحيين المصريين تجاه مواطنيهم المسلمين والمتمثلة في إبعادهم عن الوظائف المتقدمة في الدولة وعدم إحترام رصيدهم الوطني والتشكيك فيه ــ لا تجد الجدل والنقاش الكافيين داخل أروقة الجامعة العربية وربما يحدث الإهتمام بها في حال تفجرها وتهديدها لأمن وسلم الدولة المصرية، بالضبط كما هو حادث في مسألة دارفور. فالجامعة العربية لا تتدخل، وما ينبغي، في الأوضاع الداخلية لعضويتها إلا في حال الإحساس أن الدولة العضو فشلت في معالجة أمر داخلي إستوجب مساعدتها والاحتكام لصالحها في المقام الأول قبل مساعدة الطرف الآخر.
    وما دام أن السلطات المصرية مثلا قادرة على كبت حقوق الاقباط والنوبيين والمهاجرين إليها وبقية التيارات السياسية المؤدلجة التي تشكل حقيقة المشهد السياسي المصري فإن جدول أعمال القمم العربية التي تسبقها إجتماعات لوزراء الخارجية لا يسمح بقبول تظلمات للمكونات الإنسانية ترقى لأن تكون ضمن أجندة الإجتماعات الرئاسية. إذ أن النظام الاساسي للجامعة العربية لا يتضمن مثل هذه الاعتبارات. وأذكر أنني أجريت حوارا مع المفكر المصري المعروف محمود أمين العالم، ومن الاسئلة التي وجهتها إليه واحد عنى لمعرفة فاعلية الجامعة العربية في ظل فشلها في تحقيق إنجازات على مستوى عال مثل وضع استراتيجية ممرحلة لتطبيق الديمقراطية عربيا. رد العالم بالقول إن المطلوب هو إلغاء النظام الاساسي الذي يحكم عمل المنظمة العربية، على أن تشارك الشعوب العربية جميعها بصيغة ما في تأسيس نظام جديد لمنظمتهم، ودعا إلى تغيير أسم المنظمة المعنية لتصبح بمسمى جامعة الشعوب العربية، أي مثل البرلمان القومي الذي يقنن ويحاسب وتكون له السلطة الاعتبارية القوية. وإستطرد العالم بأن يتنادى كل مكونات المجتمع العربي من سياسيين ومفكرين واقتصاديين وأدباء ومحامين وقادة المجتمع المدني وغيرهم إلى وضع دستور جديد لـ»جامعة الشعوب العربية» يتيح لها القيام بمهام أكبر من الرؤساء العرب وعلى أن تكون القرارات التي تصدرها الجامعة المقترحة ملزمة بالتطبيق من قبل الدولة القطرية. بل ويكون هذا البرلمان الشعبي، في عمق صيغته، شبيه بمجلس الأمن الدولي. والفرق هنا هو أن تكون كل الدول العربية ممثلة في امانات الجامعة السياسية والثقافية والتربوية والتكنبلوجية والقانونية والفنية والزراعية..إلخ، وأضاف العالم أن هذه الأمانات يجب أن تقاد بواسطة الأكفاء ممن ترشحهم قواعد شعوب العربية ليشكلوا «مجلس حكماء في كل التخصصات» على ألا يرتبطوا بالحكومات العربية حتى لا يتأثروا سلبيا حين إصدار القرار المعني تجاه دولة ما.
    وإذا كان قدر لدعوة المفكر محمود أمين العالم أن تتحقق فإن أقدار المشكلات الكردية والشيعية والقبطية والامازيغية والدارفورية والسياسوية سيكون أفضل وربما تم خمدها باكرا بواسطة التفكير الحكيم لهؤلاء الخبراء الملزمة قراراتهم. بل فالمتوقع ــ والحال هكذا ــ أن وجود هذا الجسم سيحمي النظام العربي من التدخلات الخارجية التي لها الأثر السلبي على السلام الداخلي للدولة. وعلى ناحية التقدم فإن الدول العربية ستعايش جامعة جديدة قادرة على تسوية قضايا العرب العامة وستمهد لهم المجال للتخلي عن هذه الحياة البدائية بالمقارنة مع العالم المتحضر. كما أن فكرة البرلمان ستكون محرضة بالنسبة لهم للتحول التدريجي نحو الديمقراطية، وشيئا فشئيا سيجد العرب أنفسهم داخلين إلى مرحلة إصلاحية جديدة ستنعكس إيجابيا على قيمهم العقدية ويمكن بعدها أن يلعبوا دورا حضاريا لم يفشلوا فيه عند أزمان قابرة، وربما تكون نخبهم عندئذ في حل من حرج الفشل التاريخي العظيم الذي هم فيه.
    إلى ذلك فإن دارفور هي أحد تخوم العالم العربي ولا يقدح في إنتماء قضيتها إلى المجال العربي قول البعض أن السودان أفريقي وليس عربياً. فعلى مستوى الجدل الثقافي يمكن قبول فرضية «لا عروبة للسودانيين» ومحاورتها بل ويجوز للمفكرين أن يشككوا دراسيا في عروبة قوميات المصريين واللبنانيين والجزائريين والعراقيين نفسه. أما على مستوى الواقع الماثل فإن السودان ينتمي إلى منظومة الجامعة العربية ويتأثر بمؤثراتها الثقافية والفكرية والإقتصادية والنفسية ولم يحن بعد إجماع السودانيين جميعا لتهيؤة المناخ الديمقراطي لإثارة الجدل حول سلبيات وايجابيات هذا الانتماء العربي بالقدر الذي نقرر بعده أن لا شأن للحركات المسلحة بمبادرة بالعرب أو لا شأن للعرب بدارفور.
    وما دام أن السلطة المركزية قادرة على توظيف عناصر الإنتماء العربي للكسب في صراع دارفور وتحويله إلى رصيد للبقاء في مأمن من تحمل أتعاب سياساتها الخرقاء هناك فإن أمر إرتباط قضية دارفور بالمنظمة العربية في حدوده الظاهرة ــ للدرجة التي شكلت هما اساسيا للرؤساء والنخب والشعوب العربية برغم دورها السلبي منذ بدء الصراع ــ هو مثل إرتباط القضية الكردية أو القبطية أو الشيعية بالهم العربي السلبي في مجمله. ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى كان تعامل السلطات العربية مع قضايا الهامش العربي مرتبطا بسلوك سياسي ومعرفي وأخلاقي قويم..؟ ما من شك أن السلطات العربية تهمل قضايا هوامشها لأسباب شتى. ولئن يتعلق جانب من هذه القضايا بالعرق فإن هناك جوانب أخرى تتعلق بالآيديولوجية والطائفية والدينية. فتاريخ الإقتتال الذي خلقته تواريخ السلطات العربية لم يكن إلا مستهدفا للواقع العربي في عموم مكوناته. فالصراع المستدام لا يعطي إعتبارا لشئ إلا لغلبة النخب المتنازعة على السلطة من بين كل العرقيات. والمؤسف أن أبناء الاقليات الطائفية والعرقية والدينية الذين عانوا من ظلم تاريخي إزاء مكوناتهم لعبوا دورا كبيرا للانقياد للسلطات المركزية العربية الإسلامية، ووظفت في تغذية الاستحواز على ميدان السلطة للتغيير الحزبي الذي لم ينتبه حتما إلى حقيقة مظالم هذه الاقليات المجتمعية. فمن أولويات لا وعي الدولة القطرية العربية كبت حقيقة التفاوت في فرص هذه الاقليات في «أ» التوظيف و»ب»التنمية العادلة لمجاميعها أو مناطقها وبدا أن هذين العاملين يمثلان جوهر أسباب المقاومة ضد الدولة القطرية الآن في عديد من البلدان العربية وليس السودان فحسب.
    الشئ الذي لا يمكن نفيه هو أن تجاهل السلطات العربية للمشكلة الدارفورية تم بناء على حقيقة مسبقة تتعلق بمناصرة الجامعة العربية للدولة القطرية مهما كانت ظالمة أو مخطئة. فلا يمكن لبعض الكاتبين تبسيط هذا التجاهل في دائرة العرق...وإن نظرت هذه «الثقافة العربية» إلى الدارفوريين بناء على سحناتهم المختلفة عن عرب الخليج أو الشام أو المغرب العربي. والشئ الثاني فإن العرب وأنظمتهم ربما ينظرون بريبة إلى عروبة السودانيين بشكل عام ولعل الدوافع لذلك وإثباتاتها لكثيرة بما لا يحتملها هذا الحيز. غير أن النظرة المتعمقة لتجاهل الجامعة العربية للقضية الكردية ومشكلة الصحراء وقمع إنتفاضة الرئيس صدام للجنوبيين العراقيين عام 1991 وتجاهل مظاهر فناء دولة صدام حسين نفسه حينه وتركها لتواجه مصيرها المحتوم تنبئنا عن كمون أسباب أخرى للإلتفات إلى قضية الدارفوريين في هذا التوقيت المتأخر.
    إن الملاحظة الجديرة بالتضمين أن قضية دارفور وجدت التعاطف على مستوى كثير من منظمات المجتمع المدني العربي غير المرتبطة بالحكومات، وخصوصا المنظمات الحقوقية والانسانية والمراكز البحثية التي يقودها الليبراليون العرب. وبرغم أن هذه المنظمات نفسها تمثل هامش التأثير الاجتماعي العربي إلا أنها تمثل جزء من حركة ليبرالية نشطة وقع عليها العب الكبير في التضامن مع قضايا الهامش العربي. ولو أن أحلام هذه المنظمات الليبرالية لا تتجاوز سقوف الحلم بالاصلاح العربي وحمل الاقوياء فيه على التوجه نحو الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والاهتمام بقضايا المرأة وتحقيق الحريات الصحفية والدينية، فإنها في تعاطفها مع المستضعين في الدولة العربية يأتي في ظل قناعة بإهمية حل القضايا التي ترفع الحركات المسلحة في دارفور وتخوم عربية أخرى لواء الدعوة إليها. عودا إلى بدء يأمل الكاتب ألا تكون الصيف قد ضيعت اللبن.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de