| 
  
  | 
  
  
     أنثى الضفدع 
   | 
   
   
  أنثى الضفدع
  في الطرف الشمالي من قرية أم برد حفر الأجداد حفيرا تتسع لخزن كم هائل من مياه الأمطار تكفي أهالي القرية ومواشيهم حتى الخريف التالي . ولما كانت حفير أم برد تمثل المصدر الوحيد للمياه خاصة في موسم الصيف ، فقد  أهتم السكان بها أيما اهتمام ، فحافظوا على نظافتها ، وصيانتها ، وتجديد  الشرايين التي تغذيها وتجلب المياه إليها ، كان شباب القرية يقومون بذلك قبل وقت كاف من بداية موسم الأمطار كل عام ، يساندهم الشيب بالتوجيه والحكمة ، وتقف النساء داعمات بالشعر والغناء .  قام أهالي قرية أم برد بإحاطة الحفير بحزام أخضر أعطى القرية وجها نضرا ، ووفر ظلا  ظليلا لأطفال القرية يلعبون تحته طيلة ساعات النهار ، كما أضحت ظلال الأشجار مرتعا لماشية القرية تستظل به من هجير الشمس ورمضاء المرعى . وعلى شطئان الحفير ظل أهالي أم برد يقيمون احتفالاتهم لكل المناسبات والمواسم ، للأفراح والأتراح ، لتكريم حفظة القرآن من خلوة الشيخ حماد ود حمد .  كان الشباب يقضون على أطراف الحفير ليالي السمر على توهج ضوء القمر ، يتجادعون في الدوبيت ، ويمارسون ألعاب السمر ، والفروسية ، لكن أحدا منهم لم يكن يجرؤ على اللعب بالحفير أو بقطرة من مائها ، كانوا كلهم يتعاملون مع ماء الحفير كأنه ماء مقدس ، لا لشيء إلا لأنهم كانوا يعرفون قيمة الحفير ، وقيمة الماء المخزون فيها ، والمجهود المبذول من قبل الأهالي للحفاظ عليها كونها المصدر الوحيد للماء ، وبدونه سيموت الناس عطشا .  في بداية خمسينات القرن الفائت ، وفي ظروف عادية جدا ، ولدت للشيخ حماد ود حمد ( فقيه القرية ومعلمها ) بنت أسماها نجاح . وقد نشأت نجاح في كنف والدها الشيخ ، الذي اهتم بتربيتها وتنشئتها تماما كما يفعل أهالي القرية في تربية أطفالهم  ، لكنه لا حظ أن ابنته نجاح وإن كانت  كثيرة الشبه باخوتها إلا أنها تختلف عنهم في شيء وحيد ، كانت نجاح لا تصبر على المشي بل كانت دائما تميل إلى القفز . لكن أطفال القرية عرفوا نجاحا طفلة عادية بينهم  لا يميزها شيء عنهم ولم يلتفتوا أبدا إلى أنها تجيد القفز وتفضله على المشي أو الجري . لكن نجاحا لم يكن يعجبها هذا الحال العادي ، وأبت إلا أن تظهر قدراتها في القفز لأقرانها ، حيث فوجئ بها أطفال القرية يوما - وبينما هم مستغرقين في لعبهم  -  تقفز إلى داخل الحفير بكامل ملابسها وتبدأ في السباحة وكأنها قد تدربت عليها منذ سنين . طلب الأطفال من نجاح أن تخرج من الحفير حالا ، لكنها تمنعت ورفضت فما كان من الأطفال إلا أن استنجدوا بأقرب ساكن ليعينهم على إخراج نجاح من الحفير حفاظا على نقاء مياهها . أخرجت نجاح من الحفير والمياه تسيل من جسدها وملابسها ، ونظرت إلى نفسها فوجدت أن الأمر غريب فعلا ، فجرت نحو منزل أهلها في وسط القرية ، وتبعها الأطفال يجرون وراءها ، وينادون بصوت عال ( نجاح ، أنثي الضفدع ) .   خرج الشيخ حماد ود حمد ليرى ماذا يجري للأطفال ، ولماذا يرفعون أصواتهم على غير العادة ، ففوجئ الشيخ بمنظر ابنته والماء ما يزال يسيل من ملابسها ، وقد تلطخت بالطين والرمل من تكرار وقوعها أثناء مطاردة الأطفال لها وميلها للقفز . فحملها الشيخ داخل الدار ، وهدأ من روعها ، ووجه بتغيير ملابسها ، وسألها ماذا جرى ، وعلم منها بكل الحكاية .  علم الشيخ حماد ود حمد أن الأطفال أسموا ابنته ( أنثى الضفدع ) نظرا لقفزتها المفاجئة في مياه الحفير ، وإصدارها صيحات الفرح كأنها أنثى الضفدع التي هطل عليه المطر غزيرا بعد طول غياب ، لكن الشيخ لم يكن راضيا بهذا الاسم لابنته ، فظل يحاول زجر كل من يسمعه يناديها بهذا الاسم ، ويمنع أطفال الخلوة من ترديد الاسم  ، لكن الأطفال كانوا دائما يملكون وسيلة النشر الأقوى ، والوقت الأطول لترديد ما يحلو لهم .  ومنذ ذلك الوقت عرفت نجاح في القرية باسم أنثى الضفدع .   بذل الشيخ حماد ود حمد مجهودا جبارا في تعليم نجاح ، وتحفيظها القرآن ، وتلقينها العلوم الدينية ، وعلوم اللغة العربية . ولم تخذل نجاح والدها الشيخ ، فقد كانت نجاح من الأطفال المميزين في الخلوة وأثبتت تفوقا على أطفال القرية ، لكنها لم تهجر أبدا عادة القفز .  فكان الشيخ يطلب منها أن تجلس في مكان يحدده لها إلا أنها كانت دائما تنتقل إلى المكان الذي يحلو لها ، وتنط وتقفز من مكان إلى آخر حتى تنتهي حلقة الدرس ، كان الشيخ يطلب منها أن تحفظ سورة محددة في أول الجزء ، لكنها كانت تقوم بحفظ سورة من آخر الجزء .  كانت نجاح تستخدم اللوح أيضا كما يحلو لها ، وتستخدم القلم والدواية كما يحلو لها ، ولم تكن أبدا تكترث لتنبيهات الشيخ ، أو تهتم بضحك الأطفال وسخريتهم منها . كان الشيخ يراقب ذلك ويحاول أن يجعل منها طفلة عادية لكنه أبدا لم يتمكن من ذلك . الأطفال أيضا لم يتنازلوا مطلقا عن هذه التسمية ، وقد انتقلت العدوى إلى الكبار فصاروا يطلقون اسم ( أنثى الضفدع ) على ابنة الشيخ سرا ، ثم أعلنوه فيما بعد ، وكانت تصرفات ( أنثى الضفدع ) من جانب ، وضغط الأطفال وانتقال العدوى للكبار من جانب آخر ، سببا لجعل الشيخ حماد ود حمد  يصدر موافقته على تسمية ابنته ( أنثى الضفدع ) . أصبحت (  أنثى الضفدع ) عالمة ، ومارست التدريس في خلوة أبيها - في قرية أم برد - بعد أن تقدمت به السن ، وقد اشتهرت وذاع صيتها بين سكان القرى المجاورة ،  لكن عادة القفز ظلت ملازمة لها طوال حياتها فكان الأطفال الذين يدرسون عندها يقولون لك :  قالت لنا الشيخة ( أنثى الضفدع ) كذا وكذا .   
   
   | 
 |  
  
  
   
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |   
  |   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 | 
  
  | 
  
  
     Re: أنثى الضفدع (Re: yasiko)
   | 
   
   
  العزيز ياسيكو  لك التحية  نكتب ما نكتب ، ونقول ما نقول  وكل واحد يفهم براحتو نحن ملتزمون بديمقراطية الكتابة والكلام ولانمانع من امتلاك الآخر لحرية الفهم 
  انت عارف وأنا عارف وخليه في سرك لك تحياتي وكثير الود
   
   |  |  
  
  
   
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |   
  |   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 | 
  
  | 
  
  
     Re: أنثى الضفدع (Re: ودقاسم)
   | 
   
   
  ود قاسم قرات المكتوب من القصة جيدا ولكن لم اعرف الدلالات والمغزى هل يمكن ان ترسلها لى فى المسنجر لكى لانفسد على القراء هنا لوتكرمت
   
   |  |  
  
  
  
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |   
  |   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 | 
  
  | 
  
  
     Re: أنثى الضفدع (Re: ودقاسم)
   | 
   
   
  ود قاسم : لك التحية قصة مشوقة فياليتك تتحفنا بالبقية فإنني أظن أن بها من العبر الكثير و الكثير. تسلم ود قاسم
   
   |  |  
  
  
   
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |   
  |   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 | 
  
  | 
  
  
     Re: أنثى الضفدع (Re: ودقاسم)
   | 
   
   
  الأستاذ ياسر  لك التحية والود يا أخي أشكرك شكرا جزيلا على هذا العطاء ، ولقد توجهت فورا لبوست الاستاذة عشة  واطلعت عليه في قراءة أولى وحقيقة هو يحتاج إلى مداولات عديدة وتقليب في الذهن  آمل أن يستمر التواصل
   
   |  |  
  
  
   
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |   
  |   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                
                
                    
                 
            
            
 
 
 
 
         
  
  
 | 
 
 
 |