الحذر الحذر يا سامي الحاج.. ! / مقال جدير بالقراءة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-08-2008, 01:30 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحذر الحذر يا سامي الحاج.. ! / مقال جدير بالقراءة

    الحذر الحذر يا سامي الحاج.. !
    حتى لا تتحول إلى "معلم سياسي" لدعاية مجانية رخيصة..
    ولكي لا تبيع ما لا تملك إلى من لا يستحق..


    سالم أحمد سالم/باريس
    الحكومة السودانية تسرق على رؤوس الأشهاد وأمام عدسات وعيون العالم، وهذا ما دفعني إلى كتابة هذه المداخلة قبل فوات الأوان أولا من أجل إيقاف السرقة، وثانيا لضبط الحكومة متلبسة بالجرم المشهود وإضافة الواقعة إلى ميزان سرقاتها. فقد لاحظت كما لاحظ الملايين أن الحكومة السودانية الراهنة تعمل على تجيير إطلاق سراح سامي الحاج لمصلحتها. أو بعبارة مباشرة، تحاول الحكومة سرقة المجهودات الدولية والوطنية التي انتهت إلى الإفراج عن سامي الحاج!.. والموضوع رسالة مباشرة لك يا سامي الحاج..
    وإذا كان لابد أن نردّ الحكاية إلى بعض جوانبها التاريخية، فقد دعتنا الحكومة السودانية في أغسطس 2006 إلى مؤتمر "الإعلاميين العاملين بالخارج". كان الهدف المعلن من المؤتمر، والذي لم يتكرر..!، هو كيفية تحسين سمعة السودان في الخارج، لذلك حضرنا لأننا نعرف الأضرار الجسيمة التي تصيب السودان والسوداني بسبب سوء السمعة الدولية التي يكاد أن يتفرد بها السودان!. المهم هنا أنني في ردهات المؤتمر تحدثت إلى عدد من ناس الحكومة وإعلامييها عن موضوع سامي الحاج، وضرورة أن نجعل من قضية سامي الحاج قضية محورية في المؤتمر خاصة وأن سامي الحاج إعلامي سوداني يعمل في الخارج وكان من المفترض أن يكون عضوا مشاركا في المؤتمر لولا ظروف اختطافه وحبسه. بعض من تحدثت إليهم لاذ بالصمت والبعض الآخر قال أن جدول الأعمال يضم مواضيع أهم..!!.
    وللحقيقية فقد راعني ذلك الموقف السلبي، أو على الأقل عدم تفاعل الحكومة المنطقي مع قضية سامي الحاج كمواطن سوداني وقع عليه ظلم عظيم.. إلى أن قال لي أحد الذين تحدثت إليهم من الذين يعلمون ببواطن الأمور، ولن أذكر اسمه أبدا، أليس من الجائز أن الحكومة لا تريد الخوض في هذا الموضوع؟!. فهمت من جملته اللطيفة والمبطنة أيضا أن أكف أنا عن طرح موضوع سامي الحاج. لذلك دخلت إلى الجلسة وتحدثت عن موضوع سامي الحاج! وأذكر مما قلت أننا نجتمع بينما أحد الإعلاميين السودانيين يقبع في واحد من أسوأ سجون العالم. عند هذا المقطع حدث نوع من التوتر، حيث ظن البعض أنني أقصد سجون السودان... إلى أن قلت إنه سامي الحاج السجين في غوانتانامو.. فحدث الانفراج وصفق الإعلاميون تحية لك يا سامي الحاج. ثم أضفت توصية من توصيات المؤتمر تطالب بالإفراج عن سامي الحاج. وبرغم أن التوصية جاءت متواضعة في قعر قائمة التوصيات تقريبا، إلا أنها جاءت كجهد المقل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولعلني أنتهز المناسبة لأشكر المسلمي الكباشي مسؤول قناة الجزيرة بالخرطوم، إن لم تخني الذاكرة في اسمه، والذي جاءني مباشرة بعد الجلسة ليشكرني على التوصية وإثارة القضية المسكوت عنها، وأذكر أنني قلت له أن ما قمت به لم يخرج عن إطار الحد الأدنى من واجبي. لذلك أطلب منك يا سامي الحاج أن ترجع إلى زميلك المسلمي حول "باقي" تفاصيل تلك الواقعة.
    بالقطع ليس مقصدي من سرد تلك الواقعة أن أسجل لنفسي بطولة أو مجدا ضئيلا يتقاصر أمام رصيد ضخم بذلناه ونبذله لهذا الوطن بلا منّ أو أذى. فمن الواضح لكل عاقل ألقى السمع وهو شهيد أن هدفي الوحيد (جدا) هو تبيان موقف الحكومة السودانية الراهنة السالب تجاه قضية سامي الحاج. كان سامي الحاج قد أمضى وقتئذ، قرابة خمس سنوات في غيابة غوانتانامو لم تحرك فيها الحكومة السودانية أصبعا في قدمها تجاه إطلاق سراحه. ولو فعلت، ولم تفعل، فقد كان ذلك من صميم واجباتها، وعدم القيام بهذا الواجب يشكل قصورا معيبا لأنه يرتبط بموضوع "حق وشرف المواطنة" الذي إذا انكشف تنكشف عورة الحكومة أيا كان الحكومة أو البلد. والغريب المريب في موقف الحكومة السودانية أن قضية سامي الحاج قد اتخذت بعدا دوليا يغري أي حكومة للتدخل بقوة لإنقاذ أحد مواطنيها.. خاصة حكومة تسمي نفسها حكومة "الإنقاذ"..!. عليك يا سامي الحاج أن تسأل أعوان الحكومة الذين يتسورونك ويلتقطون معك صور إعلانات سياسية غير مدفوعة الأجر، عليك أن تسألهم ماذا فعلوا من أجلك منذ يوم اختطافك حتى شهر أغسطس 2006، أو ماذا فعلوا لأجلك حتى بعد ذلك التاريخ قبيل أن تلوح إرهاصات إطلاق سراحك؟. سأروي لك بعضا مما أعرفه. فقد سافر وفد حكومي قبل بضعة أشهر لكي يعود بك من أجل تحقيق تكسب سياسي كالحاصل الآن، إلا أن الإدارة الأميريكية تمنّعت عن ذلك لأنها كانت تدرك ما في نيّة القوم!.
    ولعلنا نذكر بالمناسبة كيف ركب نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي الطائرة إلى انجمينا وعاد بعدد من المتهمين في حادثة سرقة الأطفال.. أطفال دارفور بالمناسبة... وبرغم فظاعة الجرم المشهود الذي ارتكبنه منظمة "آرش لا زوى" الفرنسية، إلا أن الحكومة الفرنسية قدّمت حقوق المواطنة على كل أمر حتى تمكنت من إطلاق سراح مواطنيها في زمن قياسي، وها هم يمرحون ينعمون بحريتهم رغم أنف العدالة ومستوى الجرم. هناك حق اسمه حق المواطنة له أولوية تعلو على أي مساومات أو اعتبارات. والدفاع عن حق المواطنة هو الخط الفاصل بين حكومة تحترم هذا الحق وتحترم بالتالي الشعب وبين حكومة أخرى خالية الوفاض عن هذه السمات. ومن منطوق هذا الحق بادلت أميريكا جثث قتلاها في فييتنام بالأسرى وبالتعويضات المالية والسياسية الضخمة، وكذلك بادلت إسرائيل جثث قتلاها بمئات الأسرى العرب.
    صحيح أن انجمينا ليست واشنطن. لذلك لم يطلب أحد من رئيس الحكومة السودانية أن يركب طائرته الخاصة إلى أميريكا والعودة بك يا سامي الحاج. الفرق هنا ليس فرقا بين انجمبنا وواشنطن أو ذلك الفرق بين ساركوزي وعمر البشير، بل الفرق هو بين الحكومة الفرنسية التي خولها المواطن الفرنسي إدارة شؤونه تخويلا حرا عبر آلية ديموقراطية، فهي بالتالي تقدس حقوق مواطنها وتنصره ظالما أو مظلوما، وبين حكومة الخرطوم التي نهبت السلطة والحريات بقوة السلاح تحت جنح ليل بهيم. هذا الفارق بين الحكومتين هو الذي يشكّل النظرة والمنظار الذي تنظر به كل حكومة إلى مواطنها. لذلك كان من المنطقي أن يرى ساركوزي وغيره من رؤساء الديموقراطيات قدسية حق المواطن الذي منحهم التفويض. وبديهي أيضا أن لا ترى الحكومة السودانية وأضرابها من الحكومات حق المواطن لأنها نهبت هذا الحق في ما نهبت من حقوق. فأين حكومة الخرطوم من هذا الحق تجاهك يا سامي الحاج أو تجاه حقوق غيرك من المواطنين السودانيين الذين فرقتهم حكومة السودان الراهنة أيدي سبأ في فجاج الأرض؟. قل لي أنت أين حكومة السودان الراهنة من حق مواطنها؟
    لا غرابة إذن. فحكومة الخرطوم تحكم كل الشعب السوداني بالقهر والحديد والنار وتعذبه وتقتله وتجوّعه وتتصرف فيه وفي ممتلكاته تصرف المالك في ما ملكت أيمانه، وكل هذه الأفاعيل هتك صريح لحقوق المواطن السوداني داخل البلاد. وأما من ترحّل خارج الحدود، فتلاحقه الحكومة بسفاراتها التي لا تعدو كونها أوكارا لأجهزة أمن الحكومة مهمتها الأساسية ألحاق الأذى بالمهاجرين السودانيين والوشاية بهم بتقارير كاذبة إلى أجهزة أمن الأقطار المضيفة وإجراء الاتصالات المشبوهة بمواقع عملهم لتشريدهم من وظائفهم وأعمالهم. أما سامي الحاج وإخوته فقد نالوا جرعاتهم المقررة من التعذيب والسجن الظالم والمهانة على يد الحكومة الأميريكية بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الحكومة السودانية. أن عدم منع الجريمة أو السكوت عنها في نظر الفانون نوع من المشاركة في الجرم. وبذلك تكون حكومة الخرطوم شريكا في ما أصاب سامي الحاج ورفاقه. فلو تحركت عند بداية الاعتقالات لكانت قصرت من ظل عذاباتهم.
    كان في إمكاني السكوت عن كل ما ذكرت أعلاه. كان من الممكن السكوت عن موقف حكومة الخرطوم تجاه قضيتك يا سامي الحاج كغيرها من قضايا المواطن السوداني التي لا تسكت عنها هذه الحكومة، بل تتسبب فيها. لكن محاولات الحكومة التكسب من إطلاق سراحك يا سامي الحاج يحرك في النفس فورة الغضب من أجل الحق. أغضبني يا سامي الحاج تهافت أركان حكومة الخرطوم على زيارتك والتقاط الصور السياسية المجانية معك. يتعاقبون على الكرسي الذي بجوارك ويبتسمون أمام عدسات التلفزة بطريقة فجة هي مدعاة للرثاء. السياح الأجانب، خاصة من اليابان، لا تكف عدسات آلات تصوريهم عن التقاط الصور التذكارية لهم بالقرب من "المعالم السياحية" في باريس وغيرها من العواصم الأوروبية. وبدلا عن المعالم السياحية فقد تحولت أنت يا سامي الحاج إلى أحد "المعالم السياسية" التي يحج إليها أركان حكومة الخرطوم من أجل التقاط الصور ليس لمجرد الذكرى، لكن من أجل التكسب السياسي. وحتى إذا جوزّنا التكسب السياسي، ولعلمك الانتخابات على الأبواب إن تمت، فإن ضمير الحق لا يجيز سرقة المجهودات الظاهرة والباطنة التي قام بها جنود بعضهم تعلمهم وبعضهم لا تعلمهم يعلمهم الله من أجل إطلاق سراحك يا سامي الحاج. فهل تجيز أنت سرقة عرق هؤلاء الذي سبحت عليه أنت إلى أنوار الحرية؟ قل لي هل تجيز ذلك؟. لا مانع أن يزور رئيس حكومة مواطنا سودانيا في محنة أو كان في محنة مثل محنتك. كنا أطفالا وكان الزعيم الوطني "الديموقراطي" إسماعيل الأزهري يشمر عن بنطاله ويخوض مياه الأمطار يتفقد ويواسي الأحياء التي ضربتها الأمطار والسيول دون أن يصحبه جيش عرمرم من جلاوزة الأمن ومن المصورين الذين يحملون شتى أنواع آلات التصوير المشفرة منها والرقمية. لكن ما لا يجوز أن يتم تجيير الزيارة الإنسانية، أو الإخوانية إن شئت، إلى المصلحة السياسية لحكومة كانت يدها مغلولة إلى عنقها طيلة سنوات اختطافك وتعذيبك., ولا تزال يدها مغموسة حتى كتفها تجوس وتنتج ما تراه من أحوال الناس من حولك.
    ولعله من الغريب أن يخفى عليك أن الحكومة السودانية الراهنة قد عذبت بعض اخوتك الأبرياء مثلك من السودانيين تعذيبا يفوق ولا يقل عما تعرضت له أنت في غوانتانامو. وإن لم تكن تعلم فها أنت تعلم الآن، وفي مقدورك الرجوع إلى "أرشيف التعذيب" الموجود في قناة الجزيرة وفي غيرها من المواقع الأسفيرية التي تعج بعشرات حكايات مآسي التعذيب التي تعرض لها السودانيون على أيدي أعوان هذه الحكومة. وإن كنت يا سامي الحاج تصافح الأيدي التي تمتد إليك بالسلام حتى لو لطختها دماء الأبرياء، فلك العذر لأنك ربما تتصرف من واقع الأدب السوداني الجم. إلا أن الأدب السوداني، لمن جهل، لا يعني المسكنة أو الخنوع أو مجاراة المجرم في جرمه أو السكوت عن قول الحق. السودانيون أيتها البرية يتصافحون ويبتسمون بمن فيهم أولياء الدم قبل أن يجلسوا لتصفية حساباتهم!. وإن لم يصلوا إلى تسوية، فالجاني آمن حتى يبلغ مأمنه!. لكن هنالك حسابات لا تسقط بالابتسام ولا تسقط بالتقادم. فلا تثريب عليك أو على غيرك وأنت تصافح وتبتسم وتحسن استقبال أعوان هذه الحكومة. لكن يقع عليك لوم عظيم إن كنت تفعل ذلك وأنت تقرّ بنفس صافية ما ارتكبت أيادي الحكومة. فأنت رجل ذاق ظلم التعذيب وأنت لا حول لك ولا قوة إلا إرادتك في التحمل والصبر وهما من عند الله. وحتى أختصر عليك الأمور عليك أن تتخيل أن مواطنا سودانيا يعانق ويصافح أولئك الجنود الذين قاموا بتعذيبك في غوانتاناموا.. كيف يكون شعورك؟ تماما هو نفس الشعور الذي يخالج نفوس ضحايا التعذيب عندما يشاهدون على قنوات التلفزة أعوان الحكومة وهم يتحلقون بك. إن قلوب وعيون أسر الضحايا تنظر إلى أعوان الحكومة مثلما كانت تنظر زوجك الفضلى وأهلك إلى جلاديك الأميريكان بدء من جورج بوش إلى أصغر يانكي. لقد من الله عليك وردّك إلى أمك كي تقر بك عينها، فما بلك بأمهات لن يرين فلذات أكبادهن من الأبناء الذين مزق الرصاص أكبادهم؟. ولقد ردك الله لتقر عينك برؤية ابنك وينعم بدفء أبوتك، فما قولك في أبناء يناتلون قيود الشوق توقا للأم والولد والعشير؟، وما قولك في أبناء حرموا من حضن الأب أبد حياتهم؟ وما قولك في أم وأب وبنات وأبناء يأكلون الكفاف ويفترشون الستر ويلتحفون الحياء بعد أن شردت الحكومة عائلهم وموئل رزقهم؟.
    أنت اليوم يا سامي الحاج إنسان حر الجسد والإرادة. ومن إيماني المطلق بحرية الإنسان التي كفلها له الله وأودع سرها في النفس البشرية، بل وحتى في الحيوان، فأنت حر في اختياراتك حتى لو كان اختيارك الانضمام إلى حزب الحكومة السودانية الراهنة، فإنهم لن يبلغوا بك الجبال طولا ولا طولا. لكن، ولربما تعلم أن الحرية التي نتمتع بها لها مكافئها أو مقابلها من قيد أخلاقي. بدون هذا القيد الأخلاقي لا تكتمل حرية الإنسان، فالحرية المنقوصة هي رديف لحرية الحيوان الذي يركض بغير تدبّر بمجرد أن ينفتح أمامه باب القفص!. حريتك كاملة لكن ينقصها مقدار إصبع!. وحتى تكتمل دائرة حريتك يا سامي الحاج فإن هذا الشعب السوداني الذي حملك حبّا وهما وانتظارا وولدك من جديد فرحا ودمعا يلتمس منك أمرين لا عنت فيهما ولا إنفاق ولا مسغبة:
    أولا: أن تكف عن البيع المجاني لما لا تملك إلى من لا يستحق، أي أن تكف عن هذه الإعلانات السياسية المجانية التافهة التي تنفقها أنت إلى أركان الحكومة السودانية ذات اليمين وذات اليسار إنفاق من لا يخشى الفقر. هذا التبديد فيه حيف لأنه إنفاق من حق أناس هم أصحاب هذا الحق ظاهروك ونصروك من مسلمين ونصارى ويهود ولا دينيين. والحق حق مهما كانت ملّة صاحبه.. وإلا لما وقف الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أمام القضاء بجوار ذلك اليهودي.
    ثانيا: وأنت رجل ذاق مرارة التعذيب، عليك أن تطلب من الحكومة السودانية الراهنة أن تعتذر اعتذار من ندم وتاب عن كل أعمال التعذيب والتنكيل التي ارتكبها أعوانها في حق أي مواطن سوداني. شرط الاعتذار أن يتم على رؤوس الأشهاد وأمام عدسات وعيون العالم أجمعين. فإن طلبت أنت منهم ذلك وفعلوا ما طلبت وصحّت التوبة، فإن الله من بعد ذلك غفور رحيم. لا أحمل صكا من أحد، لكني على ثقة تامة أن هذا الشعب السوداني يتحلى بروح لا مثيل لها من المغفرة والصفح والتسامح متى أدرك صدقية المعتذر.إن مقصدنا من قبل ومن بعد أن يتوصل السودانيون إلى مصالحة وطنية حقيقية. ولن تتحقق هذه المصالحة إلا إذا بدأت بتوبة نصوح من الذين اقترفوا الإثم فردا فردا إلى كامل شروط التوبة النصوح والتي من بينها الاعتراف بالذنب ورد الحقوق إلى أهلها وطلب الصفح والغفران من أولياء الغبن. فإن فعلوا ذلك، فنعّمى هي، وإن استكبروا وقالوا سمعنا وعصينا، وأيم الله ليبصُقُنّ التوبة وليلحسُنّها بلسان وهم صاغرون (وعيد موعود يبشّرْ بيهو كُلُّ صَباحْ .. يبشّرْ بيهو كُلْ مولودْ..). ولا يجهل وعد التاريخ إلا من سفه نفسه..
    التوبة النصوح تقود إلى المصالحة الحقيقية، والمصالحة الحقيقية هي التي تفتح الطرق وتقيم الجسور نحو تحول ديموقراطي حقيقي مسؤول ليس على غرار تصريحات الحكومة التي تناقض أفعالها. وعليه تكون التوبة المشروطة هي أول دليل مادي تقدمه الحكومة فيه شيء من البرهان على قبولها غير المشروط للتحول الديموقراطي. لقد انتهت لعبة استغلال الدين. وإذا غرتك يا سامي الحاج التمظهرات الدينية لأعوان الحكومة، فهي تمظهرات لا تعدو كونها "أدوات شغل".. لذلك أستطيع أن أقول لك ولغيرك وبالواضح أن الحكومة السودانية الراهنة ليست من الدين الإسلامي في شيء.. إلا إذا كان الدين الإسلامي قد أمر باغتصاب حقوق الناس وحرياتهم وقتلهم وتشريدهم وتعذيبهم. الدين الإسلامي بريء من مثل هذا براءته من أفعال هذه الحكومة السودانية. ولعلمك فإن كل "زاوية" لصلاة الجماعة في كل أحياء ومدن وأرياف السودان بها مخبر أمن يقوم برفع التقارير عن دردشات المصلين التي تعقب كل صلاة.. أذلك الدين القيّم؟.
    أنا أعلم أنك تحت وطأة ضغط إعلامي لا قبل لك بها، وأنك عندما تستيقظ من نومك هذه الأيام تجول ببصرك في ما حولك لتتأكد أنك لم تعد بين يدي اليانكي القساة. لذلك أوصيك أن تعيد قراءة هذه السطور وأن ترجع البصر والعقل فيها كرّتين. أشهد الله والناس أجمعين يا سامي الحاج أنني قد بلّغتك.
    ثم أتحول إليك أيها الأستاذ وضّاح خنفر مدير قناة الجزيرة. فبرغم أنك تقيم عرسا للحرية داخل زنزانة مساحتها مليون ميل مربع هي مساحة السودان، إلا أنني أستعير عبارة السياسي الأديب الراحل محمد أحمد محجوب لأقول "لا أريد أن أفسد على السيد وضّاح بهجة يومه". ولعلك تعلم أن المحجوب قد قال هذه العبارة في البرلمان السوداني لحظة اختيار الصادق المهدي كرئيس للوزراء خلفا للمحجوب في واحد من الانقلابات البرلمانية السودانية!. وبدلا من عبارة "رئيس الوزراء" التي وردت في مقولة المحجوب، ها أنا أضع اسمك مكانها.
    أما بخصوص إطلاق سراح سامي الحاج أيها السيد وضّاح، فقد اختمرت في عقلي قبل أكثر من عامين فكرة أن نقيم في باريس حفلا مجانيا مفتوحا أمام الجمهور الأوروبي يشارك فيه مجموعة كبيرة من مشاهير الموسيقيين والمغنين العالميين خاصة من أوروبا والولايات المتحدة الأميريكية. كان أهم ما في الفكرة أن يتم نقل الحفل نقلا مباشرا عبر محطات التلفزيون في كل أرجاء العالم من اليابان إلى الولايات المتحدة الأميريكية إلى سائر الدول الأوروبية، وذلك على غرار الحفل الذي أقيم من أجل إطلاق سراح نيلسون مانديللا، حيث لعب الحفل دورا كبيرا في تسريع إطلاق سراح مانديللا. لا نضاهي هنا بين مانديللا وسامي الحاج، بقدرما كان الهدف الكبير هو إغلاق معتقل غوانتانامو، وداخل هذا الهدف الكبير يخرج سامي وبقية الأسرى. لذلك تضمنت الفكرة أن يتخلل الغناء مناشدات يطلقها المغنون يطالبون فيها بإغلاق معتقل غوانتانامو وربط صيته السيئ بمعتقلات النازية.
    بحكم معايشتي الطويلة للمجتمعات الغربية أدرك، ولابد أنك تدرك أيضا أن الضغوط على الحكومات الأوروبية والأميريكة لا تكون ذات فاعلية ما لم تصدر عن المجتمعات الأوروبية والأميريكية. لذلك كان هدفنا التأثير أولا على المجتمعات الأوروبية الأميريكية، ومن ثم نحصل على تأثير هذه المجتمعات على حكوماتها. ولا شك أن نجوم الغناء هم الأكثر تأثيرا على هذه المجتمعات. وكما تعلم يا سيد وضّاح أن المجتمعات الأوروبية الأميريكية قادرة فعلا على الضغط والتأثير على حكوماتها لأن هذه المجتمعات هي فعلا صاحبة السلطة وهي التي تمنح الوكالة للرئيس والحزب.. طبعا هذا يختلف عن الوضع المعكوس في العالم العربي، حيث لا ينجح الضغط إلا إذا مورس على الرئيس.. الشعوب العربية ذكية جدا لأنها أدركت أن أي محاولة منها للضغط على "دولة الرئيس" ينجم عنها ما لا تحمد عقباه.. ألم أقل لك أن الشعوب العربية ذكية؟!. ثم لا شك أنك لمحت الفرق بين "دولة الرئيس" وبين "رئيس الدولة".. وبسبب هذا الفارق توجد في الغرب دول بدون "دولة رئيس" وفي العالم العربي حكومات بلا دول!.
    المهم يا سيد وضاح أنني ناقشت الفكرة مع عدد من منظمات العمل المدني الفرنسية والأوروبية الذين قابلوا الفكرة بحماسة تفوق حماستي لها، وأضفوا عليها الكثير من المقترحات، بل شرعوا في إجراء اتصالات أولية مع مدراء أعمال بعض مشاهير الغناء والموسيقى في فرنسا وأوروبا الذين أبدوا بدورهم موافقات مبدئية للتبرع بالمشاركة، إلى جانب الاتصال بإدارة استاد فرنسا الدولي وغيره من المواقع المقترحة لإقامة الحفل. وهنا كان نصيبي أن أتصل بمدير قناة الجزيرة، نسبة لأهمية مشاركة قناتكم في الحفل لأن سامي الحاج أحد أشهر السجناء يعمل مع الجزيرة، ثم لكي تكون الجزيرة على رأس الجهات التي تتبنى الحفل وبالتالي تسخير الإمكانيات التقنية والمالية والموقع الإعلامي للجزيرة كعناصر هامة وفاعلة للترويج للحفل ثم إطلاقه. باختصار كان الوصول إليكم هو المستحيل بعينه. أنا إعلامي وأزعم أنه في مقدوري أن أصل إلى رقم هاتف أي رئيس أو مسؤول في الدنيا.. إلا وضاح خنفر مدير قناة الجزيرة!!. لا داعي أن أسرد لك المحاولات التي والدروب التي سلكناها مع مكاتبكم الأم والفرعية وحتى مع الأصدقاء من الصحافيين.. كل الطرق موصدة!. حتى أصابنا اليأس وطوينا صحائف الموضوع. وذلك جانب أول أردت أن تعرفه. كذلك من الضروري في هذا الجانب، أي جانب مساعي إطلاق سراح سامي الحاج، الإشارة إلى أن الشريط المكتوب الذي كانت تبثه قناتكم أسفل الشاشة لم يكن فعالا كما تصور خبراؤكم. ذلك أن مثل هذا البث المستمر يخلق عند المتلقي حالة من التعايش البصري ثم النفسي والعقلي تنتهي بالقبول، هي حالة أقرب إلى "مرض استكهولم". لذلك يموت التأثير ويفقد مثل ذلك البث الفاعلية إن لم يأت بنتائج معكوسة تماما. ربما لهذا السبب، أو لأسباب أخرى غير معلومة، أوقفت قناة الجزيرة بث نص مماثل عن تيسير علّوني زميل سامي الحاج.
    أما الجانب الآخر فيتعلق بالسودان ككل. يا سيد وضاح لقد هريتم الشعب السوداني هريا بهذه الوجوه والأسماء المكرورة التي تطل من قناتكم لكي تفتي وتقطع في الشأن السوداني. ولعلك تعلم ولعلك لا أن هذه الوجوه التي منحتها قناتكم حق الوصاية على الشعب السوداني هي ذات الوجوه التي انتهت بالسودان إلى أسوأ المآلات. وهي ذات الوجوه التي تحكمت في مختلف جوانب الحياة في السودان فلم تزدها إلا خبالا وسوء منقلب، فكيف بالله عليك تريدون لهذه الوجوه أن تتحكم في مستقبل السودان وترسيم قسمات مستقبل الشعب السوداني؟. السودان كما تعلم يا سيد وضاح بلد ولود لو أمسكت فيه بأي عابر طريق لحدثك عن أوضاع السودان حديث العارف، فما بالك بخبرات السودان في الداخل أو تلك المنتشرة في بقاع الأرض.
    أنا أعلم أن هذه الوجوه التي تطل كالحة الرأي من قناتكم قد احترفت حفر انفاق الوصول إلى أجهزة الإعلام العربي خاصة قناة ذات خطر مثل قناة الجزيرة. زد على ذلك أن بعض الإعلاميين في قنوات التلفزة يصابون بما أستطيع تسميته "مرض النجومية الطفولي" الأمر الذي يجعلهم يحرصون أشد الحرص علي ما هم عليه. هذا النوع من الحرص، أو إن شئت الخوف، يمنع الصحافي من فتح آفاق جديدة بأفكار ووجوه جديدة تفاديا للخطأ والحرج الذي قد يهبط بأسهم نجوميته إياها. لذلك يكتفي بما في مفكرته من أسماء "مجرّبة"!. زد على ذلك عنصر الصداقات والعلاقات الشخصية. هذا احتمال. أما الاحتمال الثاني، وأتمنى أن لا يكون الاحتمال الراجح، هو أن قناة الجزيرة تتبنى فعلا الخطوط السياسية والفكرية لهذه الوجوه التي تقذفها يوميا في وجه المتلقي السوداني. زد على ذلك أنكم أدخلتم قي دماغ المتلقي العربي أن السودان هو فقط هؤلاء!. قد أكون على شيء من الخطأ. لذلك قل أنت يا سيد وضاح لكل أهلك بالسودان لماذا هذه الحصرية التي هريتم بها المتلقي السوداني وغيبتم بها غالبية المشهد السياسي والفكري والثقافي السوداني؟. نهارك سعيد.
    الخامس من مايو 2008

    عن سودانايل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de