التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 04:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-26-2007, 09:24 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو

    عبر تقنية دائرية مرعبة ، وتأويل أوقيانوسي ينهض السرد الروائي في رواية أمبرتو إيكو الرائعة : (باودلينو) ، ليروي من مسرح المكان أحداثا ً انتهت للتو، وهكذا حين يبدأ بطل الرواية (باودلينو) روايته للمؤرخ والنبيل القسطنطيني (نيستانس) يكون قد التقاه تماما بعد الأحداث المرعبة . وفي اللحظة التي يقع فيها (نيستانس) ضحية للحكي المدهش ، رغم الخراب والدخان الذي يتصاعد في سماء المدينة ، يقع الراوي/البطل ضحية للتأويل القاتل ، في نهاية السرد ، من الحكيم (بافنوزيو) . وتتوازى أسطورة السرد الدائري في بنية النص كما في تأويله مع الوقائع والأحداث ضمن بناء محكم بين الخيال الآكزوتيكي (الغرائبي) ، والمنطق البوليسي المذهل في هذه اللعبة اللغوية والفلسفية للسيميائي الكبير أمبرتو إيكو . الصادرة عن : المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 2003 بترجمة نجلا حمود والشاعر اللبناني بسام حجّار .
    على مدار الحكي تبدو القسطنطينية في خلفية مشاهد السرد لوحة قروسطية بامتياز لمسرح الحروب الدينية في أوربا ، حيث ألسنة اللهب ودخان الحرائق التي أشعلها الحجاج اللاتينيون . وفي مناخ الحرائق ذاك ، الذي بدا كمشاهد مصاحبة لمسرح السرد ، استطاع إيكو أن يتأول الدلالة التاريخية للعصور الوسطى . حيث يسرد (باودلينو) لــ (نيستانس) ، طوال أيام الفوضى العارمة وأثناء نهب الحجاج اللاتين لمدينة القسطنطينية ، نذوره الهرقلية . ويستعرض حياته في خدمة الإمبراطور (فريدريك) إمبراطور جرمانيا ، ورحلته للبحث عن مملكة الراهب (جان) في أقاصي الشرق البعيد . ومن خلال هذا الحوار الذي هو تقنية السرد الكاملة ، يستعيد إيكو القلق الوجودي للمعرفة البشرية ، ويستعرض الحدود المضنية للميثولوجيا المسيحية في العصور الوسطى التي تستحيل هنا فضاء ً لمغامرات تكتشف عبثيتها في الأوهام المتبادلة بين الفعل الإنساني ، ورغبة الكشف عن تحقيق النذور الدينية عبر تأويل الأسطورة والسعي إلى تحقيقها في مستوى الإيمان الديني الذي يماهي بين الأوهام البشرية وطاقتها الخطيرة . ومن ثم تتكشف رحلة البحث عن المستحيل ـ المتخيل . ويستخدم إيكو في هذا النص الضخم على مدار ستمائة صفحة ، معرفة سجالية افتتنت بالسفسطة التي التبست اللاهوت المسيحي في تفسير العالم ، وصورة الكون ، وأصل الخليقة ، عبر مدونات العهد القديم والجديد . فباودلينو الذي كان يُخضع تصوراته الدينية لمخيلة خصبة لا تكف عن اختراع الأوهام وتركيبها ، سحر الإمبراطور فريدريك بتلك القدرة على تصوير الكلام ، أثناء مرور هذا الأخير متنكرا في إحدى حملاته ببلدة (فراسكيتا) الإيطالية ، فتبناه ابنا ً له بمباركة أبيه (غاليادو) الذي رأى في قطع الإمبراطور الذهبية خلاصا مزدوجا وسعيدا من ذلك الصبي الذي يخترع الأكاذيب بمهارة لا يحسده عليها المسيحيون الطيبون ، وكان آخر تلك الأكاذيب : أنه رأى القديس " باودلينو " لوهلة في غابة الفراسكيتا.وهكذا


    صحب بهذا الاسم الإمبراطور فريدريك الذي علمه اللاتينية والنحو واللغات على يدي الأسقف (أوتون) . تبدأ غواية النص من تلك الحيرة التي أصابت باودلينو
    حين محا بعض رقوق الأسقف أوتون ، حيث أصبحت طروسا ً لكتابات منطمسة ، مما سمح له بملء بياضها بالأخبار الكاذبة ، التي أصبحت فيما بعد أهم قدراته المحايثة في تأويل المعاني الدينية للإمبراطور فريدريك . ويقع باودلينو على ميول مشابهة لمهاراته في اختراع الأوهام مع زملاء درس معهم اللاهوت في باريس حين ابتعثه الإمبراطور (أصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء درب) منهم (عبدول) و (الشاعر) ، ويلتقي هؤلاء الثلاثة في باريس هواة أكثر حذقا ً بالنصوص الفلسفية واللاهوتية وهم : (بورون) و(كيوت) و (ربي سليمان) اليهودي . ليتفقوا بعد جدل طويل على التخطيط لرحلة البحث عن مملكة الراهب (جان) ، (بعد الإطلاع على مدونة سرية تصف الرحلة إلى مملكة الراهب جان ، وجدوها في دير قديم بباريس) ، ابتداء ً بتدوين وصف أسطورة (الغردال) .
    لكن هذا البحث ينطوي لدى كل واحد منهم على أسطورته الخاصة ، حيث يبحث ربي سليمان عن الأسباط اليهود في مملكة الراهب (جان) ، ويبحث عبدول عن أميرته البعيدة ...الخ .
    ولأن الرواية تتوسل السرد المعرفي في جدل العصور الوسطى عبر اللاهوت والفلسفة ، وهي حقول ربما كان الحوار أفضل تقنياتها السردية ، إلا أن إيكو اشتغل كثيرا ً على دمج هذه المادة المعرفية في لغة حوارية شفافة ، تنطوي على سخرية لاذعة . وضمن هذه السخرية يختبر إيكو المعنى الملتبس والغامض لمفاهيم دينية بسيطة ، أصبحت تجد تأويلاتها ، بفعل الجدل الأرسطي وأصداء فلسفة القديس (توما الأكويني) ، في مقولات معقدة ، لعبت دورا كبيرا في إيمان العامة والملوك في أوربا في ذلك العصر ، ولذلك يجهد باودلينو ورفاقه في وصف غردال المسيح بأشكال الزمرد والياقوت والذهب الخالص ، دون أن يتفقوا على هيئتها ، فيذهب بهم الخيال بعيدا بصور تحيل على الدلالة الزمنية (الدنيوية) والسياسية للغردال ، أكثر من معناها الديني البسيط . ذلك أن الغردال هنا هي حيلة دعائية لإقناع الإمبراطور فريدريك ليقدمها للراهب (جان) في الشرق البعيد من أجل أن يعمده إمبراطورا وقديسا في نفس الوقت على عموم ممالك أوربا . ومن ثم التحرك إلى لقاء الراهب جان في رحلة طويلة إلى الشرق . لكن الالتفات إلى المعنى الديني البسيط للغرادل لا يأتي من التأويلات اللاهوتية المعقدة أو من المعنى المادي الدنيوي ، وإنما يقع عليه باودلينو فجأة في لفتة ساخرة ، بعد ذلك بسنوات ، حينما يزور أباه المزارع البسيط غاليادو على فراش الموت ، وهو يحدث أباه عن أيقونة الغرادال الثمينة للسيد المسيح ، فيرد عليه أبوه قائلا : (هل أدركت الآن أن رأسك هذا فارغ من أي عقل ؟ إن سيدنا المسيح كان صحبه من الفقراء مثله ، لقد ارتدى الثوب نفسه طيلة حياته ، كما قال لنا الكاهن في القداس ، ولم يكن في هذا الثوب خياطة لكي لا يبلى قبل أعوامه الثلاثين . ثم تأتي وتقول لي أنه كان يحتسي النبيذ بكأس من ذهب ولازورد ؟! كذبك غير متقن ومفضوح وواضح . لكانت رأفة من السماء لو أنه امتلك قصعة مثل هذه منحوتة من جذع يابس كما فعلت أنا) .
    هنا فجأة يكتشف باودلينو أي عبث كان فيه ، ويجد فرصته الذهبية للحصول على الغردال قائلا في نفسه : (انه محق هذا العجوز البائس ، لابد أن تكون الغردال قصعة مثل هذه بسيطة وفقيرة مثل السيد المسيح ، ولهذا قد تكون هنا في متناول الجميع ولم يتعرف عليها أحد من قبل ، لأنهم قضوا أعمارهم يبحثون عن شيء يبرق) . وإذ يكتشف باودلينو هذه الذخيرة المقدسة يقوم بغسل القصعة الخشبية وينظفها لتكون بذلك حجة بالغة لإقناع الإمبراطور فريدريك للتوجه شرقا ً نحو مملكة الراهب جان بهذه الغردال ، بدلا من تأديب المدن الإيطالية المارقة . فيقتنع الإمبراطور حين يرى الغردال ، ويحتفظ بمفتاح مذخر الغردال في عنقه طوال الرحلة .
    في مستويات السرد المتعددة استطاع إيكو أن يرسم بانوراما الفضاء الأوربي للمسيحية من خلال حروب المدن الإيطالية ، ونماذج الفرسان ، وصراع الباباوات ، والخلافات المذهبية بين الرومان واللاتين ، ودواعي الحروب الصليبية ، وفساد الرهبان ، على ما تشير صورة الراهب (زوسيموس) ، الذي امتلأ فجورا ً وخبثا ً . ويرسم إيكو من خلال دلالات الأسماء ، هواجس الرعب المتبادلة بين الأمم المسيحية وخوف الحجاج المسيحيين من (سحرة الشرق) وبرابرتهم الذين يزرعون الشر في طريق الحجاج أثناء عبورهم بالمشرق لبيت المقدس . كالأرمن والترك . وفجأة ً تتحقق تلك المخاوف جملة واحدة ، عندما يموت الإمبراطور في ظروف غامضة في قلعة رجل أرمني غريب الأطوار، يدعى (أرظروني) " انظر الإيقاع الغامض والمخيف للاسم " في غرفة رطبة من البيت الذي يستعمل فيه أرظروني آلات علم الحيل (الميكانيكا) وطقوسها المخيفة التي تفسد الهواء . وبموت الإمبراطور تختفي معه الغردال .
    وبالرغم من أن إيكو يرحـّـل فك لغز الجريمة الكاملة في وفاة الإمبراطور فر يدريك إلى نهاية الرواية ضمن منطق بوليسي مذهل . إلا أنه كثف لعبة الخيال الأسطوري ، ومناخها الآكزوتيكي . فحينما ينتحل باودلينو ورفاقه الذين ينضم إليهم أرظروني والبويدي وغيرهم ، شخصيات المجوس الأثنى عشر(بعد أن يرموا جثة الإمبراطور في النهر للظن بموته غرقا ً ) ويتتبعون خطى الراهب الفاسد زوسيموس ، سارق الغردال والقاتل المفترض الذي يختفي فجأة (أثناء انشغال باودلينو ورفاقه بموت الإمبراطور) فيواصلون رحلتهم إلى مملكة الراهب جان ليقينهم أن زوسيموس متجه إليها بالغردال ليسبقهم إلى الراهب جان . وفي أثناء الرحلة تتكشف لهم عوالم مخيفة تحفل بكائنات غرائبية . تحقق نبوءتهم عن علامات الطريق إلى مملكة الراهب جان ، كما هي في المدونة الأسطورية التي اكتشفوها من قبل في دير قديم بباريس ، حيث ظلمات (أبكاسيا) التي تعطل الرؤية وتوقظ الحواس (والتي مات فيها عبدول وأرظروني أثناء الطريق) ونهر الحجارة العنيف ، ثم أرض (السامباتيون) بوهجها الأحمر وأحجار الدم و(الزجنفر) ولمعان الصفيح من خضاب الذهب . وصولا إلى (بندابتزيم) : أرض المسوخ المتوحشة والأليفة في نفس الوقت ، والحيوانات التي تعتقد اعتقادات (نسطورية) ، والأجناس البشرية الناقصة في مملكة الهرج والخصيان ، وشماسها المزيف المجذوم . إذ يكتشف باودلينو صورا مقززة لعالم متخلف بعيدا عن أوهام مملكة الراهب جان . حتى يلتقي باودلينو بـ (هيباسي) في غابة غريبة وراء مملكة الهرج ذات الكيان الآدمي بنصف سفلي أشعر ومتوحش ، فيسحره جمالها وكلامها الفلسفي عن وحدة الوجود وسؤال المعرفة بلغة صوفية صافية حين تقول هنا تكون نهاية الطريق ، التحرر والتحلل من كل رابط ، وفرار من بات وحيدا باتجاه الوحيد) فيواقعها بنشوة روحية عالية. في مزاج حواري أبان فيه إيكو سؤال المعرفة البشرية الناقص أبدا تجاه تناقضات الحياة . والغريب أن هذا العالم الأسطوري الذي يخلقه إيكو لا يبعث على مشاعر الخوف التي تصاحب وصف تلك الكائنات الغرائبية لأول وهلة ، بل يحيل الوصف بعد ذلك على كوميديا في قناع كاريكاتوري ساخر في تصرفات هذه الكائنات . فهذه المخلوقات (العبيطة) بقدر ما هي مخيفة في هيئاتها بقدر ماهي وديعة وساذجة . ولعل هذا هو سر هشاشتها حين تقع فريسة في معركة مع أعداءها من (الهنس الأبيض) وتعبر عن مواقف مضحكة في ساحة المعركة تربك كل خطط باودلينو ورفاقه بعد أن دروبها على مواجهة الهنس الأبيض . وبعد الهزيمة يقع باودلينو ورفاقه أسرى على أيدي (السينو سيفا لوس) ذوي الأجسام البشرية والرؤوس الكلبية فيقتادونهم إلى حصن السلطان (علاء الدين) زعيم فرقة (الحشاشين) أتباع الحسن بن الصباح (اللذين فر منهم عبدول من قبل ووصف لباودلينو تعاطيهم لعشبه الحشيش) . وبعد سنوات في الأسر يستطيع غافاغاي (الكائن الغرائبي الوحيد الذي بقي معهم من مملكة الهرج) أن يضحي من أجلهم ويفتح أقفاص طيور الرخ العظيمة في القلعة فتطير بهم على ظهورها بعيدا عن ذلك الحصن الرهيب ، ليجدوا أنفسهم في القسطنطينية بعد أكثر من خمسة عشر عاما عن بداية رحلتهم في البحث عن مملكة الراهب جان .
    وحين يلتقي الشاعر فجأة بــ(زوسيموس) في إحدى طرقات القسطنطينية أعمى مثقوب العينين مثل كلب أجرب ، ( وبعد أن يروي له زوسيموس أن سبب ثـقب عينيه هو اكتشاف أهل القرية التي كان فيها راهبا يمارس غواياته الفاسدة مع نساءها، أن المذخر الذي زعم لهم فيها غردال المسيح إنما كانت تحتوي على جمجمة بشرية) يتحقق الشاعر من أن زوسيموس لم يسرق الغردال ولم يقتل الإمبراطور فريدريك ، كما ظنوا ، وإنما سرق مذخرا آخر يحتوي على جمجمة بشرية دون أن يدري ، ظنا ً منه أنه المذخر الذي يحوي الغردال حين رأى أرظروني في تلك الليلة يضعه في الخانة الثامنة من بين مذاخره التي كانت تحتوي على جماجم بشرية ، في غرفة نوم الإمبراطور لآخر مرة . عند ذلك دعا الشاعر رفاقه الثلاثة : (بورون) و (كيوت) و (البويدي) ليحاكمهم في سرداب المقابر الرومانية ، دون أن يدعو باودلينو ، ليقينه بعدم تورطه في الجريمة ، واعتقادا منه أن القاتل المفترض وسارق الغردال هو أحد الرفقاء الثلاثة . بيد أن باودلينو يحضر المحاكمة من مكان خفي بإحدى غرف السرداب دون أن يراه أحد منهم .
    هنا يبدأ الشاعر في سرد وقائع محاكمة تتكشف عن اتهامات متبادلة بين الجميع ومتساوية الحظوظ في انطباقها على كل واحد منهم ، والدليل الوحيد الذي يكشف القاتل الحقيقي هو وجود الغردال في مذخره من بين المذاخر الأربعة التي معهم . ذلك أن كل واحد منهم في تلك الليلة قام سرا بدور معين دون أن يعلم به أحد ، ولأن كل واحد منهم اختار ذلك الوقت في غرفة أرظروني التي ينام عليها الإمبراطور فقد شاهد كل من زملائه الثلاثة يدخلون الغرفة في تلك الليلة ثم يخرجون . ولقد دخل كل واحد منهم الغرفة رغبة ً في تحقيق هوايته المفضلة في وقت قصير جدا بتلك الغرفة الغريبة ، لكنه وقت كاف للقاتل المفترض كي ينفذ جريمته ويعود دون أن يراه أحد .
    وفي لحظات مشحونة بالتوتر والخوف يبدأ كل واحد من الأربعة في سرد شهادته عن ذلك الدور في تلك الليلة في غرفة الإمبراطور فريدريك . وفي نهاية شهادته يكشف عن مذخره وسط توقع مريب من رفاقه بأنه هو القاتل المفترض ، إذا ظهرت الغردال في مذخره ، وهنا تقع المفاجأة الصاعقة حين تتكشف المذاخر الأربعة عن جماجم بشرية صدئة ؟! ووسط هذا الذهول المريع يتذكر باودلينو ، فجأة ، (وهو يتابع هذه المحاكمة الرهيبة) أنه آخر من حرك المذاخر في تلك الليلة ، كما يتذكر فجأة أن المذخر الذي قدمه هدية لشماس مملكة الهرج ، الذي ظن أنه الراهب جان ، إنما هو مذخر عبدول الذي آل إليه بعد أن توفي عبدول في الطريق ، وهنا يكشف باودلينو عن مذخره برعب شديد فيصعق حين يرى الغردال فيه . (بعد أن تبع هو ورفاقه طوال سنوات الرحلة خطى زوسيموس ظنا منهم أن الغردال معه في طريقه إلى مملكة الراهب جان) . بعد ذلك يتقدم باودلينو من مكانه ويظهر لرفاقه بالغردال . وحين يرى الشاعر الغردال في يد باودلينو يهجم عليه بالسيف في محاولة لقتله ظنا منه أنه القاتل فيضطر باودلينو لقتله دفاعا عن نفسه ...
    هكذا يندمج العبث في أسطورة الغردال بين حدي الوجود والعدم فينفق باودلينو ورفاقه خمسة عشر عاما في نذور هر قلية بحثا عن الغردال التي كانت معهم دون أن يشعروا بها ، كما لو كانت تلك الرحلة لعنة سماوية على أكاذيبه المدمّـرة . عند ذلك ينطق بورون بالحكمة حين يقرر مفارقة باودلينو مرة ً وإلى الأبد قائلا ً : (كان ما يجمع بيننا هو السعي وراء هذا الشيء الذي تحمله بين يديك ، أقول السعي وليس الشيء ، والآن أعلم أن الشيء لطالما كان بحوزتنا ولم يحل ذلك دون سعينا وراء هلاكنا ، أدركت هذا المساء أن الغردال لا ينبغي أن يكون بحوزتي ، كما لا ينبغي أن يُعطى لأحد بل تبقى جذوة البحث عنه) وهكذا قال كيوت ثم غادر المقبرة . ولما لم يبق إلا باودلينو والبويدي ، ابن بلدته ، قال هذا الأخير بلهجة الفراسكيتا ، نفس اللهجة التي وصف بها غاليادو العجوز لولده باودلينو شكل الغردال ، قال البويدي : (أنني أقترح أن تعطيني الغردال لأضعه في داخل تمثال أبيك الصالح غاليادو ، أمام البلدة دون أن يدري به الناس لأنه هو الوحيد الذي أنقذ بلدتنا من حصار الملك فريدريك) . فيعطيه باودلينو الغردال .
    وعندما يخرج باودلينو من المقبرة الرومانية يلتقي للتو بالنبيل والمؤرخ القسطنطيني (نيستانس) هاربا من الخراب الذي أحدثه الحجاج اللاتين في القسطنطينية (وهو اللقاء الذي يبدأ فيه باودلينو في التو بسرد حكايته عقب انتهاء أحداثها الرهيبة مباشرة على نيستانس ، الذي يعرف أنه مؤرخ ونبيل قسطنطيني من لقاء قديم عرفه فيه في القسطنطينية عرضا قبل ذلك بسنوات " ، وهو أيضا ً اللقاء الذي افتتح به أمبرتو إيكو المتن الحقيقي للرواية " ) . فيقوم باودلينو بحماية نيستانس ويمنع عنه سطوة الحجاج اللاتينيين بما له من نفوذ عليهم . ويظل معه في المخبأ ، حيث يسرد عليه الأحداث الطازجة بقدرة مذهلة على تصوير الكلام حتى تهذأ الحرب ، ثم يوصل نيستانس إلى مأمنه في مدينة (سلمبرية) .
    هكذا يحكي باودلينو حكايته للمؤرخ والنبيل القسطنطيني نيستانس حتى نهايتها . وحين يصلون إلى سلمبرية يستدعي نيستانس صديقا له أعمى خبير في علم الحيل يدعى (بافنوزيو الحكيم) ، وتقع الصاعقة على باودلينو حينما يؤكد له بافنوزيو الحكيم بحجج عقلية دامغة من واقع خبرته العميقة بعلم الحيل ومعرفته الدقيقة بمنزل أرظروني وآلاته الشيطانية أن الإمبراطور فريدريك لم يمت مقتولا في تلك الغرفة ولا ضحية لمؤامرة ، بل لم يمت في تلك الليلة ، لأنه كان في غيبوبة أصابته من الهواء الفاسد المتولد من الفراغ في تلك الغرفة . وإنما مات غرقا في النهر عندما ألقوا به في الماء ظنا بموته قبل ذلك خوفا من اتهامهم بقتله من قبل القافلة التي كانت في صحبته
    عندها يتكشف لباودلينو فظاعة الأثر المدمر لتلك الهواية ، هواية اختلاق الأكاذيب واختراع الحيل وتصديقها ، والتي أدت في النهاية إلى قتل الإمبراطور (أبيه بالتبني) وضياع سنوات طويلة من عمره في البحث عن الأساطير . فيكـّـفر عن آثامه بالتنسك على رأس عمود حجري في سلمبرية شهورا ، ليكتشف الحكمة والزهد فيصبح قديسا ً يأكل بقايا الطعام مع الحيوانات والسوائم ويقصده الناس لأخذ الحكمة والنصح . ولكن فجأة تنبعث عادته المزمنة في تأويل الكلام بالأكاذيب فيخبر الناس بخلاف الواقع فيرجمه لأهل البلدة بالتواطؤ مع راهبها ، ثم يلجأ إلى نيستانس ويتزود منه ليستأنف الرحلة مرة أخرى بحثا ً عن مملكة الراهب جان وعن هيباسي وجنينه الضائع في بطنها .
    وفي نهاية الرواية تتوازى تحولات المصير الدائري في النص فترجع الغردال إلى صاحبها (العجوز غاليادو) ، ويعود باودلينو للبحث مرة أخرى عن مملكة الراهب جان . بينما ينفتح التأويل في هذا النص المركب على وعي محايث للأعمال الإنسانية الكبرى في تاريخ الأدب العالمي ، بما ينطوي عليه من دلالات ظاهرة وخفية . فنحن في هذا النص أمام إحالات عميقة للماضي والحاضر من حيث هما فضاء للمعرفة الناقصة تلك التي تحايث الإنسان إزاء أسئلة الوجود والعدم ، والشرق والغرب وعلاقتهما الملتبسة بالصراع المتجدد كما تحيل الإشارة إلى (الهنس الأبيض) على الغرب والحالة الاستعمارية للشرق بدلالة مواربة بالرغم من أن قناع الشرق هنا قناع نصف مثيلوجي . فبينما تحيل مملكة الراهب جان إلى الشرق المغمور بالحكمة والسعادة ، يتكشف تأويلها عن شرق مظلم ومتخلف ، وترد دلالات في النص على الحداثة المعطوبة والناقصة في وعي الشرق كتأويل بعيد لعلاقة باودلينو وهيباسي وجنينه الضائع في رحمها . بالإضافة إلى الإشارات الفلسفية فيما خص الموت والحياة .والوجود والعدم .
    إن إيكو لم يكتب مجازا ً منزوع الدلالة خارج التأويلات الدينية للقرون الوسطى فحسب ، بل جسد إسقاطا ً خفيا لعصر الأنوار عبر الإشارة إلى النزعة الإنسانوية لباودلينو الذي كان يمقت الدماء ومحبا ً للسلام أيضا ، وذلك عندما وظف بعض الخدع لحقن الدماء ، كتلك التي أقنع بها باودلينو الملك فريدريك لفك حصاره عن أهل بلدته (فراسكيتا) ، حين أوعز إليهم أثناء مفاوضاته معهم ، بملء أحشاء بقرة أبيه غاليادو العجفاء وإطلاقها في معسكر الملك فر يدريك ، الذي أنهكه الجوع ، فظن الملك أن أهل البلدة لديهم ما يكفيهم طويلا من الطعام لمقاومة حصاره ، ففك حصاره عنها .
    كذلك يحضر في النص الفضاء المتوسطي للأديان التوحيدية . وربما كانت إشارة إيكو لـ (عبدول) هنا إيحاء ً خفيا ً لحضور إسلامي ، إذ أن عبدول بالإضافة إلى إسمه الموحي وسحنته الخلاسية فهو أيضا ً يجيد العربية . أي أن إيكو برع في تجاوز الالتباس الذي يحيل عليه المعنى الإسلامي المباشر ، لاستحالة وجود شخصية مسلمة بذلك التوظيف في ذلك العصر في أوربا ، دون أن يعني ذلك استحالة حضور تلك الشخصية في النص . كما تحضر الأطباق المتوسطية في موائد نيستانس التي يقدمها لباودلينو كذائقة رومانية مرموقة لطبقة النبلاء الرومان في ذلك العصر .
    والتأويل الجمالي للرواية يخضع لخيال مسحور بأيقونات المسيحية في أوربا ووصف الكنائس والأديرة والذخائر والقبور الرومانية . لكن حيوية الخيال لا تتدفق على الوصف فحسب ، بل تغمر وجوه الموتى بأسئلة وجودية عن معنى الفناء الذي يطفو على وجوه القديسين . وتحتفل بالتأمل في ذلك الولع اللاتيني بالهياكل والذخائر والتماثيل .. والحقد المذهبي أيضا ً.
    وفي لفتة بارعة يفصح إيكو في نهاية النص عن معنى السرد الروائي من خلال إشاراته التأويلية إلى نفسه في كتابته لهذا النص . إذ أن النص أصلا لعب على الخيال بأكاذيب غير متناهية . كما لو كانت كتابة توازي رحلة البحث عن مجاز الحقيقة في مملكة الراهب جان في الشرق البعيد حيث تشرق الأنوار والحكمة .
    وحين يتحسر نيستانس الورع عن تدوين أكاذيب باودلينو برغم سردها الممتع والجميل ، يقول في آخر صفحة من الرواية إنها كانت حكاية جميلة وأنه من المؤسف حقا ً أن لا يعلم بها أحد ٌ ذات يوم) . فيجيبه بافنوزيو الحكيم قائلا : (فمن يدري لو فعلت ، كم من المعتوهين سيجوبون الأرض بحثا ً عنها دهور ودهور) ثم يقول لنيستانس مستدركا ً : (لا تحسبن أنك مـّدون الأخبار الوحيد في الكون ، فعاجلا أو آجلا ً سوف يأتي من أكذب من باودلينو ويرويها) . هل كان إيكو يعني نفسه بهذه الفقرة الأخيرة من الرواية ؟ ؟ ........ ربما .
    هكذا بدت رواية (باودلينو) عبر ترجمة ممتعة لـ نجلا حمود ، و الشاعر بسام حجّار تأويلا عميقا ً لترهات القرون الوسطى ، وهاجسا ً جماليا ً بأصول المعرفة البشرية عبر خيال بدائي ينعي فيه إيكو العجز الإنساني المتماثل في التاريخ والحاضر والمستقبل ، عن إجابات فلسفية محايثة له ، شكلت فيها الفنتازيا والأخيلة الأسطورية والافتتان العميق بجدل الأسئلة الدينية في العصور الوسطى والهوية الملتبسة للمسيحية في أوربا ، قناعا ً لأسئلة الحاضر وأزمة المعرفة الدينية والفلسفية في الأزمنة الحديثة . إن المعرفة الناقصة في الرواية وجدت تأويلها الأكزوتيكي في عوالم لامتناهية من أيدلوجيا الأساطير لتكشف عن تلك الدائرة المتجددة من المغامرات التي تسرق العمر في إثبات ما لا يمكن إثباته !
    ربما أراد إيكو أن يلعب لعبته اللغوية (إذ أن في الرواية اشتقاقات ونحت للعديد من المصطلحات والأسماء المبتكرة) والسيميائية في تأويل المعرفة الدينية المسيحية وكشف أساطيرها بقناع هزلي . لذلك جعل من بطل هذه الرواية (باودلينو) بطلا لا يكف عن تلوين الأكاذيب وتأويلها وتطبيقها في نفس الوقت ، كما لوكان يسابق ظله في شمس عمودية !
    إن الكذب الذي يجد قناعاته في تأويل المعرفة بغوايات متجددة ، ليضمن بذلك أوضاعا إنسانية متواطئة باستعدادها الديني الهش ، هو ما أراد إيكو أن يكشف حقيقته في العصور الوسطى كما في هذا العصر ولكن بتأويلات أخرى .. ربما .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ينبع البحر كانون ثاني / يناير 2004
                  

06-26-2007, 09:55 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    Quote: ربما .


    شكرا ليك كثيرا في ه>ه السياحة الفكرية
    لقد كنت ولا ازال ارى كتابات ايكو "عضم"
    يتداخل الروائي مع الفيلسوف..

    لك التهنئة على النص الموازي...
                  

06-26-2007, 01:25 PM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: bayan)

    محمد جميل

    تحياتى نديّات...
    أتابع مساهماتك العالية فى (سودانايل)
    وعبر هذا المنبر مؤخرا ... وآسف لهم.. لأنهم
    لم يقرأوك بعد ... (فالعلالة) ما زالت (تربط)
    فى هذا المنبر وتضيع فى ذلك الكثير من المساهمات
    المتميزة .. إرم حجرك ولا تحفل بشىء ففى يوم
    قريب سيعرفون أى كتابة أضاعوا....


    لك الود .. وراجع لك عن قريب


    عبد الرحمن قوى
                  

06-26-2007, 03:26 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: Giwey)

    شكرا لك عزيزي عبد الرحمن قوي ، وعلى مرورك بهذه القراءة ... نعم هذا ما وطنت نفسي عليه فالعطاء هو شرط الإبداع . وشكرا على كلماتك الصادقة والعميقة ... استمتعت بحوار خالد عبد الله وكلامك عن الأصدقاء الذين انفرط عقدهم ... ولما كان أحدهم صديقي اتصلت فورا على محمد مدني ، وأخبرته بموضوع البوست . وحاجة االبوست إليه وتأثر كثيرا بما قلته . شكرا عزيزي على متابعتك النبيلة
                  

06-26-2007, 03:17 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: bayan)

    شكرا دكتورة بيان على مرورك بهذا المقال . لقد استطاع إيكو ـ الذي عرف تاريخ المعرفة الدينيةالمسيحية في العصور الوسطى كراحة يده ـ استطاع أن يدمج تلك المعرفة في الفلسفة والسرد على نحو عميق جدا . وبذلك أنجز تأويله المعرفي والفلسفي للمسيحية ، وهذا ما عجز عنه مفكرونا بسبب آيدلوجيا الحداثة
                  

06-26-2007, 03:25 PM

عبد المنعم ابراهيم الحاج
<aعبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    شكرا محمد على هذه القراءة الحصيفة لأمبرتو ايكو..
                  

06-26-2007, 03:30 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: عبد المنعم ابراهيم الحاج)

    شكرا صديقي منعم الحاج على مرورك بهذه القراءة ... كما أتمنى الشفاء العاجل لوالدتكم الكريمة ...
    شكرا وتحياتي
                  

06-26-2007, 03:38 PM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    محمد مدنى ... أيضا جمعتنى به الدنيا فى مدينة جده...
    كان (نوارة) منتداها بمنزل د. بشرى الفاضل .. كان حضوره
    جميلا بقامته النحيلة وتلك (البحة) الحبيبة فى صوته .. وذلك
    (الشغب) الطفولى اليبين فى حركاته السريعة ... الثقافة الواسعة
    والشعر (المليان) بالحياة ... معرفتى به على (ضيقها) تركت فى نفسى
    أثرا عميقا وكان من المفترض أن نلتقى فى مرات أخريات بمدينة الرياض
    ولكن ... وآآآه من هذه (اللكن) ... له التحية ذلك العاشق (اليخشى)
    على العشق من حامليه الخفاف....


    ولك الود


    عبد الرحمن قوى
                  

06-26-2007, 05:22 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: Giwey)

    عزيزي عبد الرحمن قوي ، تلك العبارة التي أورتها هي من أجمل عبارات الشاعر الصديق محمد مدني ، في ديوانه الوحيد (نافذة لا تغري الشمس) فهذا الكائن الكسول يختزن الكثير من الجمال ، ويعجز عن نشره بين الناس لأنه يجري بقدم واحدة في سباق العيش ولا ينتبه لوقفات لا بد منها تجاه الجمال الذي يفيض في أعماقه ... محمد مدني يذكرني بالكلمات التي نعى بها الشاعر المغربي محمد بنيس صديقه المثقف رشيد صباغي الذي مات في مترو أنفاق باريس كان رشيد صباغي ذا ثقافة واسعة ومتعددة لكنه لم يكن يكتب شيئا من ذلك في الصحافة أو في كتاب . فقط في مجالس النقاش التي يبهر بها سامعيه بقدرته على التدفق المعميق في المناقشات المعرفية ... صديقنا مدني ـ متعه الله بالصحة والعمر ـ هو من أمثال رشيد صباغي ، لا يكتب ما عنده في كتاب . أو حتى في الصحافة . ـ حتى ديوانه الوحيد جمعه له أصدقاؤه عاطف خيري والصادق الرضي . هو فقط قابع في مكتبه بمجلة (رؤى) النسائية(تخيل ؟!) التابعة لصحيفة عكاظ بجدة عاكفا على التحرير والصياغة والترجمة ... ياجماعة كلمو الراجل يبطل الكسل بتاعو .....
    عزيزي قوي هذه قراءة بعنوان (الشعر ومجاز النبوءة) كنت كتبتها عن ديوان محمد مدني ، ونشرتها بصحيفة الزمان اللندنية قبل سنوات . بإمكانك قراءتهاإن لم تكن قرأتها من قبل
    مودتي
    الشعر ومجاز النبوءة ـ قراءة في ديوان ـ نافذة لا تغري الشمس
                  

06-27-2007, 09:48 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    *
                  

06-27-2007, 10:51 AM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    محمد جميل

    تحياتى

    وشكرا على هذا الرابط ... ولجريدة الزمان
    فى نفسى مكانا وحظوة حيث كنت من قرائها المداومين
    أيام (السعودية) خاصة ملفها الرائع (الف ياء) ....


    لك الود

    عبد الرحمن قوى
                  

06-27-2007, 12:15 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: Giwey)

    _____________________

    الأخ : محمد جميل

    قرأت ما كتبته حول ديوان محمد مدني
    وأعجبني جداً .. كان عميقاً بالفعل

    شكراً لك على هذه المساحة النقدية
                  

06-27-2007, 03:20 PM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: هشام آدم)

    **** ***** ****
                  

06-27-2007, 03:31 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: Giwey)

    عزيزي عبد الرحمن قوي تحياتي ...
    اليوم كنت على اتصال مع صديقنا محمد مدني . وهو يسلم عليك ، لكنه مازال في ضلاله القديم عازفا عن الإبداع ...
    تقول أيام السعودية ! هل أنت الآن بالسودان ؟
    شكرا على رفع البوست
    تحياتي
                  

06-27-2007, 03:34 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    عزيزي هشام تحياتي
    شكرا على مرورك بهذا البوست ، وعلى انطباعك الجميل عن مقالي في ديوان مدني ... سأقرأك على مهل في هذا المنبر
    تحياتي
                  

06-30-2007, 07:08 AM

Giwey
<aGiwey
تاريخ التسجيل: 09-03-2003
مجموع المشاركات: 2130

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأويل السردي في رواية باودلينو ـ لأمبرتو إيكو (Re: محمد جميل أحمد)

    محمد جميل

    تحياتى نديّات

    نعم أنا الآن بالسودان وقد كنت بالسعودية
    لسنوات موزعة بين جده والرياض ...


    لك الود


    عبد الرحمن قوى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de