رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام هباني(هشام هباني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-05-2009, 07:56 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان!

    يبدو ان الهكر المزعوم في الفترة الفائتة حين شن حملته المشهودة على بعض بوستاتي كان هكرا انتقائيا جدا واكثر ما ازعجه في بوستاتي ليس ما يتعلق بتلك التي حللت فيها ظرفية ما قبل اقالة الجنرال غوش واحتمالية اقالته والتي حاول تهكير بعض منها ولكنه لم يفلح في انتزاعها بالمرة من المنبر مثلما حدث في بوست ترشيحي للدكتور فرانسيس دينق لرئاسة السودان والذي افلح الهكر في انتزاعه تماما واقتلاعه من المنبر ويبدو انه كان منزعجا جدا من هذه الفكرة التي اوصلته الى هذه الحالة الجنونية التي رفدها بتصرفه التعسفي تعبيرا عن عدم قبوله هذه الفكرة وهو امر حفزني جدا لاعادة الكرة مرة ثانية لاؤكد ترشيحي للدكتور فرانسيس دينق لرئاسة السودان باعتباره الانسب والاكثر تاهلا لحكم البلاد لما للرجل من مؤهلات وخبرات تجعله الاكثر حظا بالظفر بها في هذه الظرفية التاريخية الحرجة من راهن السودان واتمنى ان يستجيب الدكتور فرانسيس دينق لهذا المقترح بحس وطني قومي ليضطلع بهذه المهمة التاريخية وهو يعبر عن وجدان وتطلعات هذه الامة وليتاكد انها دعوة شفافة له ليس فيهاشيء من مجاملة ولا ينطلق صاحبها من عقدة احساس بذنب يسعى لتكفيره بل لان الرجل جدير بهذا المنصب وهو اهل له بمؤهلاته وخبراته وتاريخه الوطني المشرف الداعم لشعبه في كل المحافل وهو الشخصية الوطنية المحترمة ذات القبول المحلي والاقليمي والدولي ولذا جاء الاقتراح من هذه الخلفية المشرفة.
    ومن يريد ان يساهم في هذه الحملة عليه تسجيل اسمه في هذا الخيط او يهاتفني على هاتفي الجوال 4696825300 هشام هباني او يراسلني على بريدي الالكتروني[email protected]
                  

09-05-2009, 08:07 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)







    البروفيسور فرانسيس دينق ل " السوداني"

    الانـفـصال سيحدث وما عاد نظرية محل جدل..وهكذا نتفاداه

    النميري قال لي إنه سيتحرر من الهيمنة العربية بعد إنتاجنا للبترول

    لو كنت مسلما ً لهيأت المناخ وقدمــت نموذجا ً لابراز صفات الاسلام الجــــميلة

    بســــبب إستخدامها للسيطرةالسياسية, الثقافة العــــربية أصبحت عقدة للجنوبيين

    لولا الانجليز لأضاف الجنوبيون الكثير للغة العربية.. وإستفادوا بها!

    العرب والمسلمون غمطوا حق الجنوب..ولم يتدخلوا ليعدلوا بين الطرفين..

    واشنطن: صلاح شعيب

    فرانسيس دينق أسم كبير في عوالم كثيرة, تبدأ من الدبلوماسية والادب مرورا ً بالاكاديميا والسياسة والمنظمات الدولية وإنتهاء ً بالفكر المتعلق بكل هذه العوالم, التميز الذي حققه في كل هذه المجالات جعلت إسمه يتردد محلياً وإقليميا ً ودولياً,وقفزا ً إلي واقع الحال اليومي, الذي يعايشه السودانيون الآن وربما في المستقبل القريب والبعيد, يمكن القول أن فرانسيس يقف وراء معطياته السارة أو إخفاقاته الكثيرة, فالدور الذي بذله علي مستوي إتفاقية السلام بين الجنوب والشمال والتي إنتهت ببرتكولات نيفاشا يعتبر رائدا ً ومؤسساً, فمن خلال وجوده في العاصمة الامريكية ــ وعبر نيابته لرئاسة معهد بروكين والذي يعتبر من أكبر المؤسسات التي تقدم أبحاثاً في المجالات الاستراتيجية في العالم ــ جاءت الاقدار ليطلب منه تقديم تصوراً لحل مشكلة الجنوب ويكون ذلك التصور المعد لمعهد السلام الامريكي, والذي هو تابع لوزارة الخارجية الامريكية, بحثاً إستراتيجيا ً يساعد الوزارة في دفع عملية السلام في السودان, وإستطاع د. فرانسيس أن يقدم ورقة " نظامين في دولة واحدة" والتي تأسيساً عليها تمت مناقشات الحذف والاضافة لتكون برنامج عمل لدول الايقاد في التعامل مع المشكلة ,خصوصاً بعد أن رمت الولايات المتحدة بثقلها السياسي المعروف وبعلاقاتها الجيوبولتيكية في المنطقة في عملية المفاوضات السياسية بين الحركة الشعبية وحكومة السودان وعليه إمكن التوصل إلي سلام نيفاشا والذي ما كان ليتم لولا هذه الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة علي الجانبين لايقاف الحرب التي أودت بحياة مليوني شخص كما تقول تقديرات التقارير في العالم الغربي.إذن , وبصورة أو بأخري, كان لفرانسيس القدح المعلي في التأسيس لهذا السلام ضمن مجهودات أخري بذلت من قبل الاطراف المعنية لإحداث ذلك الاختراق في عملية التفاوض.
    علي ناحية التأليف السياسي والذي يعد من أكثر المجالات التي عرف بها د.فرانسيس دينق, بعد إنتهاء دوره كوزير دولة بالخارجية إبان عهد الرئيس جعفر النميري, وعبر هذا المجال خلق تواصلا ً ملموسا ً, ومايزال مع النخب السياسية والفكرية في الشمال والجنوب وكذلك مع النخب المهتمة بالصراع السوداني في مختلف أرجاء العالم, فمؤلفاته تراوحت حول مسائل الهوية في السودان وأفريقيا والعالم العربي وشؤون النزاعات الدولية والسياسية كما قدر له أن يكتب كذا من الروايات وترجمة بعض أشعار قبليته الدينكا, ومن ضمن هذه المؤلفات التي وجدت رواجا ً لدي القارئ السوداني نذكر طائر الشؤم والذي ترجمه للعربية البروفيسور عبدالله النعيم وحرب الرؤي وبذرة الخلاص االمترجمان بواسطة البروفيسور إسماعيل حسين ورجل يدعي دينك مجوك الذي ترجمه الاستاذ بكري جابر وأغاني الدينكا بواسطة الاستاذ شمس اليدين ضو البيت وهناك كتب أخري مثل ذكريات بابو نمر وأفريقيا من عالمين وحل مشاكل النزاعات الدولية ومشاكل الهوية في السودان وبقيت له دستة أخري من الكتب غير المترجمة من الانجليزية إلي العربية. ولعل هذه المؤلفات تجاوزت الدستين. هذا بخلاف الكتابات في المجلات الدروية المتخصصة.
    في هذا الحوار الذي تم بمنزله بواشنطون وبشاركة الزميلين الاستاذ طلحة جبريل مدير مكتب صحيفة الشرق الاوسط بواشنطون والاستاذ محمد علي صالح كبير مراسلي الصحيفة تحدث البروفيسور دينق عن بعض من قضايا الساحة.

    د. فرانسيس دينق شكرا ً علي تفضلكم بالموافقة علي هذا الحوار ونقول بداية أنت قد تكون مختلف كثير الشئ عن بعض من الزعامات السودانية, ولدت في الشمال من أسرة جنوبية وتربيت في بيئة عرب المسيرية ودرست في الشمال ومررت بالعديد من التجارب وسط الشماليين وبلغت كرسي الوزارة ولسانك فصيح في اللغة العربية, وأسرتك تتشكل من مسلمين ومسيحيين وربما أنت إبن ذوات , حيث كان والدك ملكاً ودرست في جامعة ييل الامريكية العريقة والتي تخرج القادة من مختلف القارات ولايدرس فيها إلا أبناء الذوات الامريكان وغيرهم ثم صرت مساعدا ً للامين العام للامم المتحدة وباحثا ً مرموقاً بمعهد بروكينز بالعاصمة الامريكية..وفوقا ً عن ذلك تمارس كتابة الأدب وتزوجت من إمرأة كندية, بعد كل هذه السنين من التجارب والتناقضات والمناخات كيف تنظر لما حدث للسودان, أهي أزمة هوية أم أزمة شعب في حد ذاته أم هي أزمة ديمقراطية كانت غائبة عن تجاربه السودان السياسية وولدت مثل هذه الحروبات؟

    ـــــ لا اعتقد أن المسألة تتعلق فقط بغياب الديمقراطية , وأذكر إنني ألفت كتابا نشرته جامعة الخرطوم في عام 1974وشرحت فيه جذور المشكلة ورديتها إلي عدم التعامل السوداني المخلص مع مشكلة الهوية, وللاسف ان المثقفين من الشمال والجنوب معا لم يستوعبوا رسالة الكتاب.. بعض من المثقفيين الشماليين قرأوا الكتاب واختلفو معي وقالوا انه لابد من ترقية وتقوية توحدنا في اطار الثقافة العربية والاسلامية, وقال البعض الآخر منهم أن احساس هويتنا محرف عن طريق حمولات التاريخ وعليه ان واقعنا المعاش لا يعكس حقيقتنا واذا اردنا ان نصبح امة واحدة علينا ان نشرح ذلك التحريف للبحث عن ارضيات متفق حولها تضمن سلامة الحياة وإستقرار البلاد, اما الجنوبيون فقد قال بعضهم إنني اردت جر الجنوبيين ليكونوا متمثلين ضمن خطوط الثقافة العربية وكذلك قالوا انني اردت إلحاق الجنوب بالشمال وإنني من المتمثليت داخل إطار العروبة والاسلام .. هناك جنوبيون قالوا ان مسألة الهوية السودانية تتطلب ألا نكون أفارقة أو عربا ً بل سودانيين ساعيين لما يوحد هوية القطر , وفيما بعد اصدرت كتاب " افريقيا من عالمين" وبدا بعض من الشماليين يقولون إنني غيرت وجهة نظري, ولكن للاسف إنهم لم يستوعبوها في المقام الاول, ولان موضوع الهوية معقد سعيت لتبسيط الرؤية عبر كتاب "حرب الرؤي" حتي ان مدير معهد بروكين الامريكي قال لي ان المرء حين يقرأ كتابك يأخذ إنطباعا ً أن ليس هناك اسس للوحدة بين الشماليين والجنوبيين وأردف لماذا أنت تصر علي الوحدة..؟ وأجبته إنني لا أريد أن أكون مسؤولا ً عن تدمير عوامل الوحدة وتمزيق القطر الي دولتين أو أكثر, وبالتالي اكون مصنفا ً في خانة الانفصاليين واضفت ان الانفصال حرفيا ً يعني الفشل في خلق ظروف مواتية للوحدة, وليس شيئا ً مقدرا أو أنه لابد أن يحدث ـ كونه شيئا ً حتمياً, شرحت لهذا الزميل كيف أن والدي اختار البقاء في الشمال .. وسألته هل هل كان احساس والدي انه يريد أن يكون مواطنا ً من الدرجة الثانية وتحت إمرة بابو نمر شيخ العرب..؟ لقد قلت له إنما وجد والدي مصلحته في الشمال كقائد للدينكا في اقليم العرب وكانت لديه وضعية مميزة لدرجة ان زعيم العرب إختاره رئيسا رغم انه كان زعيم اقلية, كما أن الادارة البريطانية إعترفت به, فلماذا يسعي للجنوب ويقلل من وضعيته, هذا رغم أن الجنوبيون قالوا أن دينق مجوك لو جاء إلي الجنوب سنعطيه الملك.. ولكن في الواقع أن والدي رأي نفسه وهويته في الشمال ومستوعب كصاحب وضعية ضمن رصيد الثقافة العربية ..ولقد تحدث العربية ومع ذلك لم يغير هويته الدينية وبقي قائدا ً روحيا ً لجماعته, ولكنه شجع ابناءه ليكونوا مسلمين إن هم أرادوا.. هذا نموذج جيد في مسألة الوحدة طالما أنه لم ينبن عبر الجبر أو القسرية, وكان يمكننا أن نبني علي هذه الحقائق.. ولكن..

    ولكن د. فرانسيس دينق ألا تري أن إتفاقية أديس أبابا قد لعبت دورا كبيرا ً في تجسير العلاقة بين الشمال والجنوب وذلك في السنين الثلاثة التي أعقبت الاتفاقية حيث قامت بعض مشاريع التنمية في الجنوب ؟

    ــــ نعم أعتقد أن الشمال كان ساعيا لكسب " التنافس السياسي " مع الجنوب بعد الاتفاقية وكان يمكن للجنوب أن يكون مستوعباً بالتدرج وومثل بإنصاف في الثقافة السودانية عموماً.. وأذكر أن كثير من القادة الجنوبيين تزوجوا من " بنات عرب ومسلمين".. كما أن إتفاقية أبابا جعلت الشمال أكثر إهتماما ً بإحساس الآخرين بالهوية التي حاولوا ترقيتها من خلال التعريف بما هم عليه وبما يجب أن يكون القطر عليه.. وعودة الي موضوع الديمقراطية يكون التساؤل مشروعا ً حول دوافع الحرب.. وما سببها.. إن الحرب نظاميا ً كانت بين الشمال والجنوب رغم أن الشمال كله لم يكن عربياً وصور الجنوب علي انه جنوب افريقي ــ مسيحي فيه من الاعداء مافيه.. هذا كان تقسيماً مبسطاً لقطر معقد جدا ً ولذلك ليس غريبا ً أن ينتفض النوبة, فيما بعد, لهويتهم وكرامتهم.. وأذكر أن الاستاذ يوسف كوه ظل يري أنه يعيش عربيا ً حتي إكتشف نفسه في جامعة الخرطوم وسعي للبحث عن هويته وأن أهل دارفور بدلا ً عن إستخدامهم في حرب الجنوب فجأة إكتشفوا إنهم أصلا مهمشين , كما إنني اري أن النوبة في الشمال الاقصي بدأو يتضجرون من الهضم الثقافي الذي تم لهم, وفي قناعتي أن قرنق بلور هذه المسألة وقال حين بدأ تمرده أن الجنوبيين ليسوا مناضليين من أجل الجنوب فقط لان المشكلة ليست مشكلة جنوب , إنها مشكلةالسودانيين جميعا ً الذين يتم تمييزهم علي اسس عرقية ودينية ولغوية, ولهذا مارس القول بخلق سودان جديد, وقناعتي أن ما جاء به قرنق من تعريف للمشكلة زاد مستوي الاهتمام في الشمال بأمر الهوية وبدت ـــ حتي ـــ جماعات غير عربية تبحث عن هويتها وهناك جماعات ليبرالية ــ ديمقراطية تنتمي إلي قبائل عربية بدأت تبحث أيضا ً حول أمر الهوية خارج دائرة المركز الذي عرفها علي انها هوية عربية ــ إسلامية, ويرون أن كرامة السودانيين تتطلب ان يكونوا متساويين, وللاسف أن فكرة السودان الجديد لم يفهمها الشماليون والجنوبيون إلا مؤخرا ً حيث أن القبائل الجنوبية كانوا حتي وقت قريب لايفهمون فكرة السودان الجديد ولكنهم يعرفون لماذا إنهم يناضلون, وكان الشماليون يتعجبون كيف أن هذا الجنوبي الاناني ــ ويقصدون قرنق ــ لديه القابلية لتحرير الشمال!, وحتي الشماليون الليبراليون كانوا يتساءلون من هو قرنق هذا حتي يحررهم ومن من..؟ وكانوا يضيفون" وده حسي حيحكم منو" ونظروا إليه كرجل مبالغ في قصته ولم يستدركوا رسالته ويستجيبوا لهاعبر كل القطر إلا في نهاية القرن الماضي.. شخصياً أري أن صعود الاصولية الاسلامية في السودان كان جزءً أساياً لتصاعد الهجمة علي القائلين بضرورة إعادة النظر في أر الهوية, وكما يقولون أن أفضل دفاع هو الهجوم رأت هذه الاصولية أن الحركة الشعبية تريد تحويل السودان إلي قطر أفريقي ولم يقبلوا بأية تسوية وقالوا أن هذه الحركة خطيرة وحاربوا حتي الاحزاب السياسية الشمالية التقليدية اليت كانوا يرونها أنها " تمسك الاسي من النص في موضوع الهوية".. والجدير بالذكر أن الاسلاميين لم يتشبثوا بالعروبة في حربهم ضد الجنوبيين لانهمة يدركون إنها لن " تطير" بهم, وإنما إستخدموا الاسلام كأداة قوية لمواجهة ما أسموهم بالنصاري والكفار الذين ظنوا إنهم أتوا لتحرير السودان من العروبة والاسلام وليس لتحريير السودانيين من التمييز وتحقيق العدالة, ولذلك إستخدموا الايدلوجيا الاسلامية جيدا ً..

    ولكن إنك هنا تفصل بين العروبة والاسلام عندما تقول أن الاصولية السودانية لم توظف العروبة؟

    ـــــ في الواقع أن الاسلام في السودان " ماشي رجل برجل مع العروبة" وليس كما هو حاله في الاقطار الافريقية الاخري , حيث فيها يصير الاسلام إسلاماً غير مرتبطة بأيديلوجيا العرق, وغير مرتبط بالثقافة واللغة والعرق , وإنما هو مرتبط بذاته كدين محترم ومقدر في ذاته.. السودانيون , وللحقيقة كثير منهم, كما نعرف لا يأخذون لإي أحييان كثيرة إسلام الفلاتي منهم بجدية ويعتبرونه نوعا ً من الشعوذة والدجل, ويقولون أن الفلاتة لايعرفون الاسلام مثلهم لانهم لا يتحدثون العربية وى يقرأون القرآن جيدا ً.. هؤلاء النفر من السودانيين يحترمون فقط المسلميين الآسيويين مثل الباكستانيين والافغان والايرانيينو لايأخذون يإسلام الافارقة مأخذ الجدوذلك بسبب علامات التميز العرقي ولعلي في حواري الماضي معك حكيت لك قصة حول المسلمين السنغال, حيث أذكر إنني قلت لك إنني سألت مسؤول سوداني كبير عن كيف سمح السنغاليون أن يحكمهم ليوبولد سيدار سنغور وهو الرئيس المسيحي لبلد 80 في المئة من شعبه مسلم, فقال لي بما معنها " ياخي ديل ذاتهم مابعرفو الاسلام.." وضحكنا وحكيت هذه الواقعة لوزير خارجية السنغال والذي كان مسلما ً فكان رده أشبه بما نقول " إستغفر الله العظيم.."

    الدكتور جون قرنق كان مهندس التمرد ضد السلطة المركزية وإستطاع طوال فترة نضاله ضد الخرطوم مؤمنا ً ومنظرا ً للسودان الجديد وإستطاع أن يكسب إلي صفوفه عددا ً هائلا ً من الشماليين, الآن تفتقد الساحة جون قرنق بعد وفاته الدراماتيكية, البعض يقول أن خسارة الشمال في وفاة قرنق أكبر من الجنوب بإعتبار أنه كان يدعوا لسودان موحد . والبعض الآخر يقول أن خسارة الجنوبيين ستكون أكبر من الشماليين علي إعتبار أنه الرجل الذي قادهم الي هذه النجاحات التي حققوها عبر نيفاشا وبإعتبار أن الامل كان كبيرا ً فيه لقيادتهم مابعد الاتفاقية, والبعض الآخر يقول أن فقد السودان شماله وجنويه لقرنق سوف يظل كبيرا ً , ماذا تقول أنت؟

    ـــــ أعتقد أن قرنق نجح وخصوصا ً وسط المهمشين من غير العرب وكذلك الليبراليين من ذوي الاصول العربية والذين يريدون سودان المساواة مثل منصور خالد وياسر عرمان والاخير هو في الحسبان صهري حيث أختي زوجته.. إن إستقبال قرنق في الخرطوم كان إستثنائياً وذلك يدل علي عظكة إسهامه الفكري السياسي ودوره الكبير في تقيد مفهوم السودان الجديد نظريا ً, وأستطيع أن أؤكد لك أنه حتي قبل سنين كان الجنوبيون يعتقدون أن العرب هم عرب سواء كانوا علي بياض بشرتهم أو سوادها, ولكن بعد وصوله إلي الخرطوم قالوا أن هؤلاء الشماليين مثلنا ولكن تم خداعهم" ولازم نشوف أرضيات مشتركة للتوحد" وأعتقد أن ذات هذا التصور كان موجودا ً في الشمال , وأذكر أنني كنت في الخرطوم حينما وصل قرنق ".. وكان في واحد شمالي شكله شايب كده, ولكن عامل شباب.. جاني وسلم علي سلام حار بالحضن وقال لي : عندما أري اخواننا الجنوبيين أحس بفرح وأشار لصورة قرنق مع علي عبداللطيف والتي كانت معلقة في جدار الهيلتون, ثم قال لي: الشاب ده دخل قلوب السودانيين الشماليين برضو, وعندما نشوفكم جايين بتدونا فخر كبير إننا سودانيين.. وبعد داك قال لي: أنا مابعرفك.. ولا أريد أن أعرفكـ ــ رغم إنني ظننت من خلال سلامه الحار انو بعرفني..وقال لي: بس حبيت أقول ليك الكلام ده.. ومع السلامة"
    وأذكر أيضاً أن أحد المسؤولين في الحكومة قال لي أن أمه جنوبية ثم تحدث عن قرنق وقال"..الزول ده ما كنا عارفنه..كنا خايفين منو وأول ما جاء وشفناو وحبيناو الله أخدو بالطريقة دي"..وأذكر أيضاً أن زميلاً لنا قال لي أن زوجته كانت"... بتكره الزول ده وبتقول ليه ياخي الزول ده بكتل الشماليين, ولكن لما قرنق جا وشافتو فرحت وبعد موته بكت بحرارة..."
    أردت أن أقول بهذه النماذج أن قرنق كسر القيود التي فرقتنا.. ونسيت أن أقول إنني كنت في الجنوب حين مر جثمان قرنق بالعديد من المدن هناك..ورأيت ما حدث من تعظيم له ووجدت نفسي تقول " إننا فجأة أدركنا من هو الذي كان.."

    وهل تعتقد أن فكرة السودان الجديد ستتصاعد بذات الوتيرة أم أن نوعا ً من الخفوت أصابها؟ ثم ماهو المطلوب عمله حتي تكون الوحدة جذابة علي حسب ما نادت به الاتفاقية؟

    ـــــ لا أعرف أن الفكرة سوف تستمر أم لا بذات تلك الروح.. وذلك لأن قرنق كان العقل والقوة خلف ذلك الاختراع السياسي.. كل ما أعرفه إنه كسر القيد..ولكن أري أن المهمة قد بدأت بالضبط.. والملاحظ أن الذين أصبحوا أعداء لقرنق وفكرة السودان الجديد مايزال لديهم التأثير القوي في الواقع السوداني المعاش.. وأذكر أن الاستاذ علي عثمان محمد طه قال لي إنهم ما كانوا يتحرجون من فكرة السودان الجديد..وإنهم حين أنجزوا هذه الاتفاقية لم يكن يريدون أن يتحدثوا عن علاقتها بالفيدرالية أو الكونفدرالية أو غيرهما..قال لي : دعونا ننجز الاتفاقية وإن إنجازها هو الدليل علي حسن النوايا وحسن صنع الاتفاقية التي خلقت في ظروف صعبة, وكانت تلك إجابة جيدة, وقلت له إنني جئت أقل تفاؤلا ً رغم إنني عموما ً أتحدث بمعاني التفاؤل, وبعد حديثي معه أحسست إنني أكثر تشجيعا ً وفجأة تراجع مستوي التشاؤم الذي كان يحيط بي.. في الواقع أري أنه علينا أن نفكر جيداً حول اسباب تلك الحرب..ولماذا كانت حادثة في أصلها..؟ولأي مدي إستطعنا أن نعالجها كموضوع..؟ وماهو المنظور للمستقبل؟ وهل بحق أن هذا السلام سيكون شاملا ً ..؟ وهل سنعالج قضايا دارفور بذات المستوي وكذلك البجا والنوبة حتي نحقق وحدة السودانيين كلهم؟

    وماذا عن زوجة قرنق ربيكا, هل يمكن أن تطلع بالدور الذي كان زوجها الراحل يقوم به , ثم ماذا عن تقربها وسط الجنوبيين؟

    مدام ربيكا قالت لي إنها لم تدرك كيف أن زوجها كان علي حق إلا بعد أن شاهدت وعرفت أن مساحات واسعة من الشمال محرومة وفقيرة ومهمشة وأنها اصبحت أكثر قناعة حول فكرة السودان الجديد, بل وإنها قالت أن هناك مناطق في الجنوب أفضل كثيرا ً من مناطق محددة في الشمال, والموضوع ليس هو تقرب الجنوبيين نحو ربيكا.. علينا أن نسأل عن دورنا لبناء الوحدة..

    هل تحس د. فرانسيس أن هناك ثمة خلافات "نفسية" بين الشماليين والجنوبيين تحول حتما ً دون توحدهم, وهل أنت شخصيا ً تحس بأن هناك شيئا ً مميزا يبعدك عن الشماليين, أو أن هناك شيئا ً مميزا ً للشماليين يبعدهم عنك؟

    ـــــــ في صغري كنت أري أن " اولاد الشماليين ديل عرب" وعندما مشيت خورطفت للدراسة كنت" حاسي بالخلافات التي بيننا.. أنا كدينكاوي وديل كعرب.." والآن لا أري كبير إختلاف حين التواجد والتحدث مع السودانيين سواء من الشمال أو الجنوب.. الآن بدأت أري أن أخواني وأخواتي من السودانيين أقرب إلي من أية جنسيات أخري, ولكن الذي يفرقنا هو النظام السياسي ـــ حيث عجز أن يصل بنا إلي الارضيات المشتركة للتعايش.

    د.فرانسيس نود أن نسألك عن إمكانية إقامة الوحدة بين الشمال والجنوب في ظل الظروف الصعبة التي نعايشها..والملاحظ الآن أن وفاة الدكتور جون قرنق خلقت فراغاً عريضاً علي مستوي الساحة السياسية, كما أن هناك بوادر حركات انفصالية في الشمال اقوي من الجنوب, فضلا عن ذلك أن اتفاقية نيفاشا تسير ببط غير عادٍ مما لايشجع السودانيين في الحلم بالوحدة , الحكومة الآن مجابهة بالعديد من المشاكل الداخلية والتي ربما أعجزتها من إنجاز الاتفاقية نفسها, كما أن حكومة الجنوب منشغلة بتأسيس الدولة, هل مايزال الامل كبيرا ً بأن يصوت الجنوبيين للوحدة مع الشمال, ثم كيف تري مستقبل هذه العقبات التي تقف امام الاتفاقية؟

    ـــــ أولا ً سبق لي ان ضمنت ثلاثة خيارات للسودانيين في حال أرادوا العيش تحت سقف واحد يضمهم جميعاً, وليس فقط الشمال والجنوب وإنما الغرب والشرق أيضاً يأتيان ضمن هذه المعادلة, الخيار الاول هو أن نحدد إطاراً قومياً للانتماء اليه .الخيار الثاني هو أن نقبل خلافاتنا من أجل إيجاد سبيل للمساكنة, وأما الخيار الثالث والاخير هو أن نقتنع أنه ليس هناك اسس للمساكنة وعليه يبدو تجزيئ القطر ممكنا ً وواردا ً.
    يهمني جدا ً أن نتوحد وأن نخلق نظاما ً جديداً نحس فيه كسودانيين أنه النظام الذي ننتمي اليه ونعيش فيه علي قدم المساواة, حيث كما قلت لاتمييز وفق عرق او لون أو ثقافة, وبعدها سنكتشف أنه مادام ان هذه العوامل لاتميز بيننا ولاتؤثر علي وجودنا كمسلمين ومسيحيين وكسودانيين ننتمي لايديلوجيات وافكار ــ فإن الواقع سيكون مستقرا ً وأفضل, وهذا الواقع عايشته في اسرتي والتي تتكون من مسلمين ومسيحيين وظلت طرق حياتنا متنوعة ولكن الاسرة مستقرة وفق هذه الاختلافات التي تم فهمها والتعامل معها.. إنني اقول للسودانيين ياجماعة أنظروا للمرآة وسوف نري ظلالا ً من الالوان وفيها إختلافات الثقافة والتدين وأساليب لغوية غنية ومدهشة وتنوعات علي مستوي الغناء والفن وغيرهما. طبعا البعض يقول اننا في النهاية سودانيين خلقنا كرجال ونساء متساويين, ولكن هذا شعار و " كلام ساكت " نقوله ولا نطبقه.. إننا نحتاج إلي رؤي للعمل وليس قوانيين فقط, إننا نحتاج إلي تطوير افكارنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتشجيع التفاعل والاندماج بينما نحن نسعي لتطبيق نيفاشا أو بقية القوانين, علينا أن نجعل السوداني الشمالي قادر علي أن يذهب للجنوب ويبني منزله هناك ويسكن تحت حماية الجنوبيين ويعمل في حكومة الجنوب, وبذات القدر نأمل أن يأتي الجنوبيون إلي الشمال ويعيشوا في الاماكن التي يختارونها ونشجعهم بالتداخلات الاجتماعية وألا يحسوا انهم معزولين. .. إن الدينكا يطنون الان ان الخرطوم تتحالف مع الشماليين العرب ضد القبائل الافريقية..مالم نقنعهم أن الخرطوم تحميهم فإن ذلك لن يخلق وحدة.. إن القيادة السياسية عندما تحقن الممارسة السياسية بفلسفة مثل التي خلقها جون قرنق وكسب بها الشماليين وضمهم لصفه, فإنها تستطيع أن تضم كل السودانيين لصفها.. والجميل أن قرنق لم يكن ليميز نفسه كجنوبي او دينكاوي, رغم انه يعرف نفسه هكذا, ولكنه سعي لخلق الهيكل النظري الذي يكسر هذه القيود العرقية لصالح كل السودانيين ويجعلهم متناغمين بعضهم البعض, ولهذا أقول دائما ً أن الفكر الذي اتي به قرنق ليس لحل مشكلة السودان وإنما مشكلة افريقيا كلها.. أنه كان يملك سحرا ً منعشا لتجميع قدرات السودانيين.وهناك واجبات علي القادة في الشمال والجنوب .. عليهم أن يطرحوا أنفسهم بصدق لتطبيق هذه الاجراءات.. إننا لانحتاج أن نخلق من المسجد بيتا ً للضغينة تجاه الاخرين ولانريد أن نمشي الكنائس ونفعل نفس الشئ.. لانريد للقادة أن يظلوا في مواقفهم الخصامية, عليهم أن يمشوا لمناطق النزاع ويدافعوا عن المواطنيين الشماليين والجنوبيين علي حد سواء وحل مشاكلهم ويبنوا بذلك للوحدة.. إذا حدث كل هذا سينظر الجنوبي لهذا القائد الشمالي ويقول هذا رئيسي واحترمه وأفتخر به , وكذا الحال سيري الشمالي هذا القائد الجنوبي ويقول هذا أخي وأنا فخور به.. هذه هي اسس الوحدة متي ما توفرت فإن الوحدة ستكون واقعاً ملموسا ً..

    البعض يشير يادكتور إلي أن النظام الحالي الذي يقوده الاسلاميون لن ينجز الوحدة ولابد من إسقاطه وقيام نظام آخر محله يحافظ علي نص وروح الإتفاقية حتي تتطور هي نفسها وتحقق للجنوبيين والشماليين مصالحهم العامة؟

    حين تطالب بتغيير النظام هذا يعني إنك تريد أن تدفع شخصا ما للخارج, وهذا لو حدث فإنه هو نفسه سيسعي من بعد لدفعك خارج السلطة, وعليه سيكون هناك صراعا ً متواصلا ً مع السلطة وضدها ولا حد له بين السودانيين , أنا ضد إسقاط النظام .. كل مانريده بعد كل هذه السنين هو عمل رؤي وتصورات فكرية متقدمة تساعد علي مساواة السودانيين بعضهم البعض..ولعل السؤال الكبير هو كيف نخلق هذا؟..وماذا نعني بالسودان الجديد..وماهي مصادر المساواة؟ أهي إستخدام العرقية والدين وإساءة إستخدام السلطة أم هي شئ آخر..

    هناك وجهات نظر تؤكد أن النظام الحالي غير قادر علي إنجاز إتفاقية نيفاشا للسلام ويبررون ذلك أن النظام الحالي يفتقد دعم كل السودانيين الشماليين, علي الاقل ولا يمثلهم, فيما أن النظام نفسه متهم بإرتكاب جرائم حرب وبالتالي هوغير قادر علي صنع وحدة السودانيين الشماليين ناهيك عن الجنوبيين, ويرون إنه لابد من محاكمة النظام وأفراد منه ومن ثم تحقيق تسوية شمالية ـ شمالية يشارك فيها الاسلاميون أنفسهم حتي تساعد في خلق مناخ أفضل لتحقيق إلتزامات نيفاشا والتي جاءت لإرساء قيم السلام الشامل..؟

    هذا صحيح ولكن يبقي الاشكال هو انه متي ما كان لدينا واقعا ً للصراع خصوصا ً في قطر مثل السودان, والذي إستمر صراعه لنصف قرن, فإن هناك ملامات وإتهامات عديدة ستبقي مطروحة, وفي واقع كهذا يكون من الصعوبة بمكان إيجاد أياد ٍ نظيفة لم تتلوث بالدماء في هذا النوع من الصراعات, وحتي الحركة الشعبية لديها تجاوزات في حقوق الانسان, والتجاوزات في الجانبين تتعلق بالتنظيم وبالافراد, ولذلك حينما نسعي أونتحدث عن العدالة في محاكمة الذين إرتكبوا جرائم حرب فإننا سنعاني كثيراً في تحديد هذه المسائل..وأذكر أن جدا ً كبيرا ً لنا نادي قبيلته بعد أن إنتهت الحرب بعد صراعاتهم الدموية في فترة ما, فصلي بجماعته وقال أن الشيطان الذي فرق بيننا قد قتلناه ودفناه ودعونا الآن نتحرك للامام. بالنسبة لي أري إننا لابد أن نحقق التسوية والعفو, واضعين في الإعتبار أن الناس لايسعون للحرب من لا شئ, ومع ذلك فإنني حين أسمع أن إمرأة حامل ما قد بقر بطنها في معمعة الصراع وتم نزع جنينها, فإنني أحزن ولا أتصور أنني أتوقع شيئاً مثل هذا الفعل من إنسان سوي وهو الذي يفعل فعلته هذه بوعيه ضد إنسان آخر, ولذا لايكون أمامك إلا أن تصغر هذا الانسان وتتركه كما الحيوان, وأذكر أيضاً إنني كنت في سريلانكا في مهمة تابعة للامم المتحدة في منطقة ريفية وجائني محام ٍ سريلانكي وجلس ليتحدث معي حول المجازر التي إرتكبت هناك , وقال لي أن هؤلاء الناس الذين قتلوا في هذه الجرائم إنما هم ليسو بشر وإنهم حيوانات ولا تستطيعون أن تتحدثوا هنا عن حقوق الانسان,وقلت له ألم تكن هناك حلول أفضل من القتل الذي تم لهم, فرد بقوله إنه لم تكن هناك حلولا ً غير القتل وإنهم كان يجب أن يقتلوا..
    في الواقع أن هنالك بشراً بهذه العقلية, وهؤلاء أيضاً هم البشر الذين نريد معالتجهم ومعالجة قضاياهم أيضاً.. وفي السودان نحن نعاني من هذا الفهم وهذه العقد, ولدينا أبعد من ذلك عقدة الانتماء وكثير منا يخفي عقدة اللون , فبينما نري أن العرب فاتحين, فإن كثير من الشماليين يحاولون بألوانهم المختلفة التي تتدرج من السمرة إلي الدكنة التعالي علي أخوانهم في القطر ويحاولون قسرا ً تدجينهم ضمن إطار العروبة الثقافية والتي تخفي موقفا ً حول اللون, وأذكر إن رجلا ً كان آتيا ً إلي فوجدني في الباب ذاهباً إلي السوق , فقال لي إنني أريد الذهاب معك وكان يلبس " جبة البقارة" وسلم علي بطريقة البقارة وقال لي " أظنك ما عرفتني يافلان..؟ " وقلت له ب "الطريقة" السودانية " والله شبهتك ولكن ماعرفتك" فقال لي " أنا ما ود عمك فلان ود فلان" ..والحقيقة فالرجل " طلع" من أقربائي مئة بالمئة, فاسرتهم مشت إلي الشمال وتربي هناك وأصبحت الاسرة تسلك مسلك البقارة.. وعندما كنت في السبعينات علمت أن كثير من أصول الشماليين تعود للمسترقين من قبيلة الدينكا, وعلي هذا الاساس إنقطعت وشائجهم مع الجنوب وأصبحوا مندمجين داخل إطارالثقافة العربية وربما من المتعصبين لها بل وربما من الذين صارت لهم عقدة الانتماء للاصول, هذه بعض العقد التي نحتاج لمعالجتها ونعترف أن السودانيين شعب ممتزج.

    هل هنالك إختلافات بين واقع السلطة في السودان وواقع السودانيين في مستوياته الإجتماعية, وهل هناك تعايش وتسامح ملحوظ في الثقافة الشعبية السودانية..؟

    في الواقع أن هناك تصورا ً مختلفا ً بين ما هو حادث في الخرطوم وبقية السودان, لو لحظنا أن قبائل غرب افريقيا من نيجيريا ومالي واثيوبيا تجد ان اشكالهم لاتختلف عن السودانيين وحتي موسيقاهم لا تختلف عنا بل ونجحت ثقافتنا الشعبية عبر موسيقانا في الانتشار هناك ولم تنجح السياسة الثقافية.. اسلام السلطة في السودان يختلف عن إسلام الصوفية الشعبي, هناك تعايش بين الناس وعدم تعصب في الدين والعرق , وصحيح أن القبائل تنظر لبعضها البعض باختلاف وبعض من القبائل تري نفسها انها الافضل وحتي الدينكا في ابيي يرون انفسهم انهم الدينكا ام بقية الدينكا في الجنوب فهم نوع آخر, وذات الشئ تجده في قبائل المسيرية فهؤلاء يرون انفسهم افضل من المسيرية الزرق أو الحمر وهكذا, ولكن مع ذلك نجد أن هناك تعايشا ً متينا ً بين هذه القبائل إستمر لفترات تاريخية طويلة وكان الناس يذعنون لرؤساء القبائل وبالمناسبة فان عدد الانجليز الذين حكمونا لم يتجاوز الخمسمائة وهذا العدد بسيط بالمقارنة بعدد الحكام الان, وكانوا يتركون السلطة لدي زعماء العشائر, ومعظم الوقت لم نكن نري المفتش الانجليزي وربما نراه في السنة مرة واحدة وبالاكثر مرتين, بينما يمسك بزمام الامور هؤلاء الزعماء ولوكنا بنينا السودان علي الاسس الموجودة ما بعد الاستقلال لاختلف الامر ولانصهرت الاختلافات ووجدت حلولها, ولكن حكام الخرطوم جاءوا بتصورات سياسية من مصر والشرق الاوسط وأدت إلي تزايد الخلافات بين السودانيين. مثلا نجد في بيئة البقارة إنهم يرقصون كما الافارقة وهناك الاختلاط بين المرأة والرجل والدين نفسه متسامح, كل هذه الاشياء حرفت برؤية ضيقة للقطر سواء كانت دينية ام عرقية وطبقت علي هذا المزيج القبلي..

    بروفيسور فرانسيس, نود أن نسألك بعد كل هذا عن رؤيتك الشخصية حول الثقافة العربية عموما ً والإسلام خصوصاً , وحول مإذا كانت الثقافتان نماذج إيجابية للإهتداء, ولماذاً يحاول الجنوبيون التعمق فيها كثقافة بعيدا ً عن الحمولات العرقية والدينية ـــ إن كان هذا ممكنا ..؟

    لاشك أن الثقافة العربية هي عالمية وقوية التأثير , كما أن اللغة العربية جميلة ..وعموما ً نجد في الناحية الثقافية وكذلك في سلوك الناس ميزات رائعة جدا ً ومحترمة سواء في العالم العربي أو شمال السودان, إنما العيب هو أنه تخلقت للجنوبيين عقدا ً ضد العروبة لانها أستخدمت في الصراع ضدهم وكمصدر للسيطرةالثقافية والدينية, والناس عموما ً كما تعرفون يتعاملون بردة الفعل, ودائما ً ما أقول إنني لو كنت مسلما ً أو إسلامياً وأردت نشر الاسلام في جنوب السودان وأفريقيا, فإنني سأكون في وضع يجعلني إستطيع فيه خلق المناخ الايجابي الذي يتيح للصفات الاسلامية الجميلة أن تبرز وبالتالي يراها الناس ومن ثم يقتنعون بإنها النموذج الجيد للتطبيق, وكما قلت سابقاً أن أبي معجب بالثقافة العربية وأسواق العرب في أبيي وكان ينظر لهذه الثقافة كنموذج للاتباع, ولكن عندما يري الجنوبيون أن الامر مختلق وكأن الثقافة هي مسألة للاستعلاء ويتم فرضها بقوة المؤسسات فإن مقاومتهم ستكون أكيدة ضدها.. وأذكر أن عائلتنا تضم عددا ً من المسلمين وبيننا يوجد "أخوان مسلمون" أيضاً وغيروا أسمائهم للعربية حتي , فهؤلاء عندما يرون مع مسلمو الجنوب أن الثقافة العربية والاسلام أصبحا جزء ً من السيطرة السياسية فإنهم يبتعدون عنها.. وبهذه المناسبة تحضرني قصة طريفة فحواها أنه كان هناك زعيماً من الدينكا, ويعتقد أن لدي قبيلته إتصالا ً مع العالم وكذلك مع الله, وكان هذا الزعيم مقربا ً لجدنا الكبير والذي كان بدوره من المقربين للعرب ويتحدث العربية. هذا الزعيم الديني فشل في تعلم العربية وبدأ كما يقول هو في نقاش مع الله الذي سأله بقوله: لماذا يا إلهي لاتدعني أتحدث العربية , أوليست هي لغة للتخاطب..؟ فقال له الإله: لا..لا أريدك أن تتحدث العربية ..وسأل الإله مرة ثانية ..لماذا يا إلهي..؟ فرد الإله : إنني لو تركت تتحدث العربية فمنذ اللحظة الاولي ستكون رجل سيئ..
    إذن هذه عقدة جنوبية للمقاومة.. أنا في تقديري أن الانجليز لو لم يسعو إلي تجزأة القطر وتركوا إمكانية للاندماج بين الجنوب والشمال لأمكن لنا التوحد ولأصبحنا مثل موريتانيا الموحدة باللغة والاسلام رغم أن هناك قبائل في جنوبها تتحدث بلغاتها.. وكان يمكن للجنوبيين أن يتحدثوا اللغة العربية بطريقة أفضل مما يتحدث الافارقة الفرنسية والانجليزية, وكان يمكن أن يكون لدينا أدبا ً جنوبيا ً مكتوباً بالعربية, وكان يمكن للعربية أن تثري بحس الجنوبيين, ولكن الظروف جعلتنا أن نكون أمتين في قطر واحد,, ولذلك نحتاج إلي التوازن, علي الاقل في المرحلة الاولي من السلام.

    يقول كثير من المحللين في الشمال أن مشكلة الجنوب لم تكن لأسباب عرقية أو ثقافية أو دينية أو نتاج نظرة دونية يبذلها الشماليون تجاه الجنوبيين, ودليلهم علي ذلك أن السلطة المركزية تصارع الآن التمرد الحادث في دارفور والشرق رغم عناصر الثقافة العربية والإسلام والمصاهرات التي تربط هذه الأجزاء من القطر هذا بخلاف الخلافات السياسية العميقة بين السلطة والنخب السياسية في اليمين واليسار تاريخيا ً, مما يعني ذلك أيضاً ــ كما يقول هؤلاء المحللون ــ أن سلام نيفاشا سيفشل لطالما أن التسوية السياسية الحقيقية بين هذه التيارات لم تنجز وأن المشكلة السودانية لم تحل إجمالا ً..؟

    نحن في السودان لدينا القدرة علي التنكر, بعض منا يقول أن جذور المشكلة غير عرقية أو دينية, وإنما إقتصادية .. ويدللون أنه كما كان هناك مسيحيون ومسلمون في الجنوب فالشمال أيضا ً فيه مسيحيين ومسلمين وكما كان هناك عرباً في الشمال فهناك العنصر الأفريقي أيضاً وكما هناك مناطق متخلفة في الجنوب فهناك مناطق متخلفة أكثر في الشمال, وربما يكون كل هذا صحيحاً.. ولكن أيضاً نري أن المشكلة ثقافية ودينية, فبولاد الذي كان إسلامياً متعصبا ً وجد فجأة أن زملاء له ينظرون إليه برؤية إنه أدني عرقيا ًوليس مؤهلا ً كعربي أن يجد حظه من التوظيف والتنمية وقاد حركة تمرد دارفور الاولي وقتل.. ومرة قلت للرئيس النميري بعد أن عدت من إجتماع لوزراء الخارجية الافارقة لاعطيه تقريرا ًعن ذلك الاجتماع الذي عقد بعد إتفاقية أديس أبابا ــ قلت له أن الوزراء الافارقة الذين سألتهم عن إنطباعهم عن السياسة السودانية تجاه أفريقيا قالوا لي أنهم لايرون " أي حاجة أفريقية طلعت بعد الاتفاقية في سياسة السودان الخارجية.." وبالاجماع أكدوا ذلك وكان من ضمن الدول المشاركة في الاجنماع نيجيريا وغانا وليبريا وقامبيا وكينيا وأضافوا ان السودان بلد أفريقي ويريد أن ينجح كبلد عربي حتي ينال رضا العرب..نميري قال لي" يافرانسيس الكلام ده ما صاح.." وقلت له " الحقيقة ياريس إنو بعد ما جيت بعد الاتفاقية وعدلت الامور وكده برضو كنا نفتخر بعروبتنا اكثر من أفريقيتنا وكان إنتماؤنا يتم للعالم العربي أكثر.." غير أن النميري وبطريقته المعهودة قال لي "..شوف نحنا عارفين نظرة العرب لينا شنو.. لامن نمش لإجتماعات الملوك والرؤساء أنا بشوف الطريقة البنظرو بيها لي.. وبالتأكيد هي نظرة إني ما زيهم وبنظرو لي زي أفريقي وكده.. وطريقتهم دي عارفة وما بحبها , لكن يا فرانسيس الناس ديل بنحتاج ليهم دلوقتي وخلينا نطلع بترولنا في السودان.. ونحنا السودانيين معروفين ايادينا مفكوكة وبنحب الكرم وكده.. وأخوانا الافارقة ديل لامن نحنا نطلع بترولنا نديهم كتير ونحرر نفسنا من الهيمنة العربية.."..علي كل نحن نتنكر للاشياء .. ولا أدري كيف نتخلي عن هذا التنكر..؟ وصحيحا ً أن ذلك لايحدث بسرعة ولكن المزيد من الحديث عن هذه القضايا يعطينا المزيد من الفرص لحلها..كما أن قادتنا يجب أن يكونوا صريحيين في مثل هذه الامور.. وأذكر أن الترابي حين جاء هنا إلي واشنطون قال كلاما ً كثيرا ً في هذا الجانب, ومن ضمن ما قال أن العروبة لو أصبحت شيئا َ موصولا ً بالعرقية فإنه شخصيا ً لايريدها, وقال أن الاسلام نفسه لو أصبح مرتبطا ً بالعروبة فقط لبقي بلا إنتشار.. وحكي لي إنهم لأول مرة يقومون بتقريب السودان نحو أفريقيا, وطبعا ً جماعة الترابي فعلوا هذا الامر للوصول إلي المسلمين فقط في أفريقيا, وهذا أيضا ً طريق ضيق لمحاولة الوصول لمصلحة دينية ولم تكن بغرض آداء دور سوداني نحو أفريقيا.

    د.فرانسيس, الانفصال لم يبق حلم كثير من الجنوبيين فحسب وإنما هنالك إتجاهات في الشمال مؤسسة سياسيا ً ولديها قدرةات وإمكانيات إعلامية وتنادي بالانفصال, إن لم يكن اليوم فبعد إنتهاء مدة الفترة الإنتقالية , كيف تثمن مثل هذه الاتجاهات الشمالية الإنفصالية, وهل هي نتاج ضيم شمالي من الجنوبيين لايقل عن ضيم الجنوبيين تجاه الشمال..؟

    الانفصال ما عاد شيئا ً مثل النظرية التي هي محل جدل .. إن الإتفاقية ستعطي الجنوبيين الفرصة للتصويت بعد خمسة أعوام من الآن, وإفتراضي المتأمل هو إن الوحدة ممكنة , وأقول المتأمل لأنني لا أشارك تماماً كثيرا ً من الجنوبيين في رؤاهم المحبطة, .. أعود وأقول أن الجنوبيون يعيشون الإحباط الآن لأن كل الاقاليم ثائرة ضد المركز وأن ظلم السنين الذي أدي للحرب ما يزال جاثما ًولذلك فهم إذا ما صوتوا اليوم فإنهم بكل الاحتمالات سيصوتون للانفصال بسبب هذا الإحباط, ولقد تحدث سلفاكير مع البشير حول مسألة وزارة النفط والتي يعتبرونها حيوية لمستقبلهم وقال للبشير إنه كيف يتم أخذ الوزارة من الجنوبيين, مما يرسل ذلك إشارات سالبة للوحدة الجاذبة, لكن البشير قال له إن الجنوبيون سيصوتون للإنفصال إذا أخذوا وزارة الطاقة أو لم يأخذوها .. ربيكا أيضا ً تعتقد أن الامور لو سارت علي هذا النحو فإن الجنوبيون سيصوتون للانفصال.. أنا لم إستسلم بعد, وأعتقد أن الفرصة أمامنا كبيرة لإحداث نقلة حقيقية في مشروع السلام, ولدي إعتقادأ ً كبيرا ً, أيضا ً, أن السودان سوف يتحول للسودان الجديد سواء بإنفصال الجنوب أم بعدم إنفصاله..

    لو إنفصل الجنوب ..هل تعتقد للأحسن أم للاسوأ..؟

    أتمني أن يكون للأحسن, فالواقع الآن هو أن كل السودانيين المختلفيين في الشمال والغرب والشرق وجبال النوبة سيسعون لتحقيق التسوية في حال إنفصال الجنوب, وأتصور لو أن الإنفصال قد حدث فعلا ً, فربما سيكون هناك تقاربا ً جديدا ً بين الشمال والجنوب, وكما قلت من قبل في ورقة " نظامين في دولة واحدة " أن الكونفدرالية ستكون الحل للحرب, بل وربما يسعي الشماليون والجنوبيون لانجاز إتفاق للتعاون ربما سيكون أفضل من الكونفدرالية, أقول هذا والمبدأ الذي اسعي إليه أن تكون هناك وحدة بين الشمال والجنوب..بل وتكون هذه الوحدة نموذجا ً في المنطقة بأسرها.

    وماذا عن المصريين ..والانفصال..؟

    كنت أقول دائما ً للمصريين إنهم إن أرادوا خدمة السودان ووحدته فإنه يجب عليهم أن لا يتنكروا لحق الجنوبيين بأن يشعروا الشماليين وكأن أي شئ يفعلونه في السودان يجد الغفران عندهم.. قلت لهم لا بد أن يكونوا محايدين في الصراع ويساعدوا علي حله حتي يضمنوا للسودان الوحدة.. ولكن يبدوا أن المصريون والعرب لم يشعروا بمظالم الجنوبيين ولم يكن تدخلهم من أجل النظرة لتحقيق العدالة في القضية السودانية .. وأعتقد أن العرب والمسلمون لو نظروا لقضية الجنوب بعدالة لما حدث ما حدث الآن....
                  

09-05-2009, 08:12 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)







    نص الكلمة التى ألقاها د/ أحمد عثمان - رئيس اللجنة التنفيذية للجالية فى حفل التكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخوة و الأخوات أعضاء الجالية السودانية الأميريكية بمنطقة واشنطن الكبري
    السادة أعضاء المجلس الاستشاري للجالية السودانية الأميريكية بمنطقة واشنطن الكبري
    السادة والسيدات الحضور الكرام، رواد المنتدي الاسبوعي الثقافي للجالية
    أما بعد


    يكتمل عقدنا اليوم إحتفاء بالبروفيسور فرانسيس دينق وهو من بعد الانسان الذي حمل مشعل العلم والدبلوماسية والفكر والادب، وحمل كذلك مشعل المعرفة بعلوم الادارة حتي وصل بنا إلي مراقي العالم، رافعا رأس السودان عاليا في المحافل الاقليمية والدولية.
    إن كان المحتفي به قد ولد في أبيي القصية وهي من تزاوج كردفان وجنوبينا الحبيب، فإن شخصيته المثابرة لم تلن لها قناة، وقادته إلي الاسهام القومي. ولما قدم ما قدم من جلائل أعمال في وطننا العزيز رني بأفقه إلي عالمنا الانساني الكبير ليمثلنا بإنجازاته العملية الباهرة، والتي كفلت له أن يكون في قمة قيادة المؤسسات الدولية لمرتين، حيث عمل مساعدا للامين العام السابق كوفي عنان ثم تم إختياره قبل شهور مضت مساعدا عاما للامين العام بان يانكي مون الامين العام للامم المتحدة، نعم مساعدا متفرغا بخبرته لشؤون النازحين،! ولعله بذلك يسهم في حل قضايا النزاعات المجتمعية التي أرقت مضاجع الضمير الانساني وأحزنت سرائر البشر.
    إن الجالية السودانية، إذ تبادر بهذه السنة الحميدة في التكريم الادبي للمفكر السوداني فرانسيس دينق اليوم إنما تكرمه لعطائه الثر والمتواصل، إنه تكريم لكل علماء ومفكري وأدباء السودان في شخصه، وهو الذين قاد ركبهم بعظيم مآثره في القومي والعالمي.
    وللحق والواقع فإن الجالية السودانية بمنطقة واشنطن الكبري إذ تكرمه في هذا اليوم إنما تكرمه أيضا لكونه ظل يحمل اسم السودان أينما حل زائرا، تلبية للدعوات التي تأتيه من تخوم العالم ليقدم ما لديه من مجهودات في تلك المجالات المتعددة التي برز فيها وعرقت به.
    كما إن الجالية تكرمه ايضا لدوره الكبير في رفد نشاطها الثقافي. ويجدر بالذكر هنا إننا كلما طلبنا منه أن يأتي ليحاضرنا فإننا نواجه بإستجابته الفورية رغم إرتباطاته الكثيرة، ونأمل أن يمتد هذا التواصل البديع بين أخوانه السودانيين هنا وهناك حتي ينعموا بوعيه الواسع/الشامل وبفكره الثاقب في تمتين النسيج القومي في هذه الظروف التي يعايشها قطرنا وليكن المفكر فرانسيس دينق داعية للوحدة والسلام والتق! دم وصوتا مسموعا داخل الوطن من أجل أن تكون حكمته سببا للتسامح بين أبناء السودان جميعهم وأملا ً به ينسجون مستقبله الوضيئ .
    تقبل ايها البروفيسور فرانسيس دينق مجوك من أخوانك قلة حيلتهم بهذا التكريم المتواضع في شكله والكبير في معناه والذي أنت أهل له ونتمني لك دوام الصحة والعافية ودمتم ذخرا للسودان وللانسانية.



    د. أحمد عثمان
    رئيس اللجنة التنفيذية للجالية السودانية الأميريكية بمنطقة واشنطن الكبري
                  

09-05-2009, 08:15 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    شام عمر النور
    الحوار المتمدن - العدد: 464 - 2003 / 4 / 21
    المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان





    قسم الفلسفة-جامعة النيلين


    هذا المقال محاولة للتفكير نقدياً فى رؤية د.فرانسيس دينق لنزاع الهويات فى السودان. وسنعود دائما وبشكل رئيسى إلى كتابه "صراع الرؤى – نزاع الهويات فى السودان" الذى ترجمه د. عوض حسن ونشره مركز الدراسات السودانية فى طبعة أولى بالقاهرة عام 1999 ولذلك لن نشير إليه فى الهامش وإنما سنكتفى بالإشارة إلى رقم الصفحات فى متن المقال.

    ولأن الموضوع شائك ومعقد وينتمى فى حياة الناس لوجدانهم وعواطفهم وكرامتهم ومن ثم لتصوراتهم عن انفسهم وعن الآخرين فى بلادهم وخارجها وعن بلادهم ذاتها، ولأن الصراع الاجتماعى تبدى تاريخياً كصراع بين الهويات فأصبحت مصائر البلاد معلقة بنتائجه، ولأن تاريخ بلادنا فى ارتباطه بهذا الصراع هو تاريخ من العسف والمظالم ومخاضات الدم والقهر وانتهاكات الكرامة ، فلابد من معالجة الموضوع بحساسية رفيعة تقف الى جانب الضحايا وتفضح الاستعلاء والهيمنة دون أن تقع فى الإستعلاء والهيمنة المضادة. لقد أثمر هذا الصراع نتائج مرّة: مركزية عربية اسلامية ومركزية أفريقية مضادة . ويزعم هذا المقال أن رؤ ية د. فرانسيس تنتمى للثانية. وفى محاولتى للتفكير نقدياً فى هذه الرؤية سأعمل على تفكيك وتجاوز المقدمات النظرية والفكرية والسياسية للمركزيتين المتضادتين، اللتين تبدوان قائمتين على ذات المقدمات على الرغم من تضادهما ( او بسببه فى الحقيقة ). ولأن التضاد بين هاتين المركزيتين هو تضاد تماثل فإنهما تنزعان إلى التماهى فى رؤية واحدة ذات وجهين، يسعى كل وجه إلى تأكيد الآخر، بل إن وجود أحدهما يقتضى ويلزم عنه وجود الآخر. والتفكير النقدى فى هذه الرؤية يسعى إلى تجاوز مقدماتها بالتضاد معها بالاختلاف لا بالتماثل، مما يفتح أفق البلاد على وحدتها الوطنية وتكاملها القومى بالانتصاف للمظالم، وفى ذات الوقت تأسيس حق كل فرد فى النمو فى سياق القيم الرمزية التى نشأ وتربى عليها وتطويرها أو التخلى عنها إذا شاء .

    ومنعاً للإلتباس فى الموقف السياسى والفكرى والنظرى الذى أعبر عنه فى موضوع الهوية (وهو موضوع إستراتيجيته الأساسية هى اللبس)، فلابد من الإبانة والوضوح حول هذا الموقف بتقرير إطاره وهيكله الأساسى. يقوم هذا الموقف على إجماع النظريات السياسية المعاصرة فى السنوات الأخيرة على أن"الامم مجتمعا ت متخيلة" العبارة الشهيرة التى دائما مايتم اقتباسها من بنديكت أندرسون Benedict Anderson أو هى "مصنوعات ثقافية" تشكل إدعاءاتها بالأشكال الجوهرية للهوية الجماعية، كتجانس عرقى او إثنى ، وكلغة وتاريخ ومصير مشترك، أو حتى كمعنى عام للخير، تشكل بناءات مصطنعة للناس الذين يحتاجونها للتأقلم والتوافق مع الشروط الثقافية والسياسية المتغيرة ويحتاجونها لتوليد افضل الأشكال وأقواها من التضامن الإجتماعى.(1) وليس المقصود هنا انكار الهويات التى يستشعرها الناس كأمر جوهرى ، وليس المقصود انكار ما قد يترتب عليها من مظالم وقهر وانما المقصود ان نقتنع بالأصل المصطنع لهذه الهويات والأصل المصطنع للاعتقاد بالانتماء الى إثنية مشتركة، دون أن يقلل ذلك من قناعتنا بفاعلية الاعتقاد بالهوية الذى يقوم على ترابط منطقى يمكن ان يتحول إلى علاقات شخصية أو وعى جماعى. هذه الهويات ليست عوامل مفسرة وانما تحتاج للتفسير. وهذا أول خلافنا مع رؤية د. فرانسيس والرؤية العربية الاسلامية المضادة فالنزاع الراهن فى السودان لايفسره النزاع بين الهويات، بل إن تبدّى الصراع كنزاع بين هويات هو الذى يحتاج الى تفسير ولايصلح مطلقا ان يكون عاملاً مفسراً. إن مجرد وجود هويات متنوعة لايصلح مطلقاً أن يكون أساساً للنزاع بينها. وهذا يعنى أن نفهم الظروف التى تدفع جماعة من الناس إلى إدراك الهوية كنواة مغلقة وصلدة ومن ثم تدفعهم للانسياق وراء الذين يستغلون هذا الوهم لصالحهم.(2) إن صراع الهويات ليس صراعاً ميتافيزيقياً بين هويات مغلقة خارج التاريخ ذات طبائع وخصائص جوهرية وانما هو صراع تاريخى، بمعنى أنه صراع اجتماعى وسياسى، أى صراع حول السلطة والثروة ولظروف بعينها أصبح هذا الصراع يدار على أسس من استراتيجيات الهوية. وهذا مايجب فضحه.

    وبناءً على ذلك فإن الموقف الذى أعبر عنه يطرح معالجة ذات شقين لأزمة الهوية فى البلاد. الشق الأول على الرغم من أنه يقوم على المقدمات السابقة إلاّ أن التجربة التاريخية تؤدى إليه أيضاً. فصراع الهويات قد قاد البلاد إلى طريق مسدود ينذر بتفتيت البلاد وفقدانها ومن ثم يجب أن نستبدل الأسس التى يدار عليها الصراع الاجتماعى والسياسى من أسس استراتيجيات الهوية إلى أسس قانونية ودستورية يخضع الأفراد وفقاً لها لعملية تكامل سياسية مع الدولة الدستورية الديمقراطية بمقتضى موافقتهم على مبادىء الدستور من منظور تفسير يتحدد بالفهم السياسى والأخلاقى للمواطنيين والثقافة السياسية للبلاد بحيث لايتم اجبار أى فرد على عملية تكامل ثقافية تتطلب تجريده من ثقافته وتعويده على طريقة حياة وممارسات وعادات ثقافة اخرى(3) وكما هو واضح فإننا نستبدل عملية التكامل الثقافية، التى تسعى الى فرض ثقافة مركزية واحدة على البلاد والتى خاضت فيها البلاد منذ الاستقلال وبلغت اقصى تطرفها مع نظام الجبهة الاسلامية ، بعملية تكامل سياسية تفرض نظاماً ووحدة تقوم على أسس دستورية وقانونية تعبر عن منظور سياسى وأخلاقى للمواطنيين وثقافتهم السياسية. أما الشق الثانى من المعالجة فيبدأ من الأصل المصطنع للهوية الذى يجعل فى مقدورنا ان نستبدل استراتيجيات الهويات فى البلاد بأخرى جديدة. استراتيجيات جديدات للهويات تدعم عملية التكامل السياسية وتبتعد عن الصراع السياسى والاجتماعى. هذه الاستراتيجيات الجديدة تفتح الهويات على رموز وقيم رمزية من تاريخها فتستعيد المركزية العربية الاسلامية مكونها الافريقى وتنفتح المركزية الافريقية على فكرة التعددية الثقافية ( التى تشكل الأساس الحقيقى للهوية اليوم ) فيتجاوزا معا مركزيتهما العرقية والاثنية الى استراتيجية جديدة للهوية السودانوية وهى استراتيجية - بالضرورة - لاتؤدى الى السيطرة والعداوة بل تؤدى الى المشاركة والى التواريخ المشتركة والمتقاطعة والى تجاوز التصورات المغلقة عن الهويات. هذا التصور يتجاوز الآفروعربية التى فضحها من قبل د. عبد الله على ابراهيم(4) كمحاولة لمثقفين شماليين للتخفيف من غلواء وتزمت ثقافتهم العربية الاسلامية بإدخال مكون متخيل أفريقى عليها وفشل المشروع لأنه مجرد تنويع على المركزيةالعربية انتهى برفض المركزيتيين لها كما ذهب إلى ذلك د. عبد الله.

    كان لابد من الإطالة فى إبانة إطار الموقف الذى أعبر عنه منعاً للإلتباس فى أمرٍ طابعه أصلاً ملتبس لكى يُقدم القارىء على متابعة محاولتى للتفكير النقدى فى نزاع الهويات عند د. فرانسيس وهو على إدراك واضح بموقفى من القضية. فأنا أعتبر نفسى على ذات السرج الذى يركبه د.فرانسيس ،معاً، نريد سوداناً جديداً ولكن مع فارق أساسى وهو أننى لا أريده مقلوباً عن السودان القديم وإنما سودان جديد حقاً تقوم تصورات مثقفيه ومواطنيه على منجزات معارف الحضارة الانسانية المعاصرة وقمم فكرها الديمقراطى ، سودان يستكمل حداثته ويحل على أساسها جميع أزماته. هذا الاطارستتضح تفاصيله فى ثنايا محاولتنا النقدية وأطروحاتها البديلة .

    وأول ماسنحاول أن نستخلصه هى واحدة من مقدماتنا التى استبقنا فيها النقد الى نتيجته وهى أن رؤية د.فرانسيس هى الوجه الآخر من عملة وجهها الأول هو المركزية العربية الأسلامية وهو مايملى علينا، أولاً، أن نتبين التفكير النقدى الذى أدى بنا الى النتيجة التى تقول بأن رؤية د.فرانسيس انما تعبر عن مركزية أفريقية، رغم أن فرانسيس يرى أن المواجهة الحاسمة سوف تكون بين الاسلاميين والعلمانيين بقيادة الجنوب مع مشاركة عناصرمن الشمال (ص36) إلاّ أن الاسلاميين عند فرانسيس إنما هم يعبرون عن النموذج الأكثر حداثة للهوية فى الشمال تماماً كما تعبر الحركة الشعبية لتحرير السودان عن النموذج الاكثر حداثة للهوية فى الجنوب. وهذان النموذجان تبلوران عبر فترات طويلة من تاريخ يحمل افتراضات عميقة الجذور.(ص70)

    نشأت الهويتان المتنافستان فى الشمال والجنوب عبر مراحل متوازية - كما يرى د. فرانسيس - وكان لكل من الهويتين مرحلة تقليدية هيمنت عليها الهياكل والقيم القبلية ، فالشمال يتبع النهج الاسلامى والجنوب يتبع التقاليد المحلية الافريقية . وفى الحالتين تسيطر على المجتمع علاقات الاسرة والمصاهرة والنسب والتى على أساسها تحدد مقامات المواطنيين اعتمادا على النسب والسن والجنس (ذكر أم أنثى). فالزعماء ينحدرون غالبا من أسر تحظى بالهيمنة السياسية والدينية والنساء يخضعن للرجال وعلى الاطفال البر بالوالدين. ومن ثم تطور ذلك - كما يرى د. فرانسيس - عبر مرحلة انتقالية سادت خلالها الطائفية فى الشمال ، وتوسعت آفاق التعليم الغربى التبشيرى ذى التوجه المسيحى وسط المتعلمين فى الجنوب (ص24-28) الى ان انتهت الهويتان الى النموذج الاكثر حداثة فى الجبهة الاسلامية والحركة الشعبية . واذا قرأنا هذا التطور الممرحل مع تعريف د. فرانسيس لمصطلح الهوية الذى يرى فيه أن الهوية تعبّر عن الطريقة التى يصف أو يعرّف بها الأفراد أو المجموعات ذواتهم أو تعريف الآخرين لهم استناداً على العرق، الاثنية ، الدين ، اللغة أو الثقافة. إلاّ أن د.فرانسيس يركز على العرق والاثنية ويرى أنهما أساس الهوية على الرغم من احتواء تعريفه على النظرة الذاتية والثقافة. ويرى أن هذه النظرة الذاتية والثقافية لايمكن ان تكون أساسا للهوية وأنها لابد أن تكون منسجمة مع الحقائق الموضوعية التى هى دوماً عرقية وإثنية ، لكى تكون صحية ومعافاة أما إذا كانت الهوية غيرمتسقة مع الحقائق الموضوعية أى العرقية والإثنية فهى إنما تعكس حالة مرضية ونظرة ذاتية مشوهة ومهزوزة. ولذلك يهاجم فرانسيس الأكاديميين الذين تبنوا الذاتية والثقافة كعامليين حاسميين فى تحديد الهوية ويرى أنهم قد عرّضوا ماهو واضح المعالم إلى الضبابية والتشويش(ص357-400). هذا الفهم للهوية القائم على العرق والاثنية يجعلنا نفهم التطور الممرحل للهويتين المتنافستين فى الشمال والجنوب كتجلى لهوية ثابتة مغلقة تتخذ فى كل مرحلة تطور شكلاً معبرا عنها بالذات فى علاقتها مع الهوية الأخرى المنافسة لها، ومع ذلك تظل هى هى ذات الجوهر الميتافيزيقى الذى لايتغيّر مطلقاً ولا نحتاج إلى كثير عناء لنتذكر أيضاً أن الأاصولية الاسلامية ترى الهوية العربية الاسلامية كجوهر ميتافيزيقى مغلق لايتغير مطلقاً. وكلا المركزيتين تقصى إحداهما الأخرى، فالمركزية الأفريقيةالتى يعبر عنها د. فرانسيس ترى أن الهوية العربية الاسلامية فى الشمال حالة مرضية يجب التعافى منها بالعودة الى الحقائق الموضوعية وبدراسة الجينات كدليل حاسم يجبر الشماليون الى العودة لحقائق العرق والاثنية وبذلك يعيدون بناء هويتهم بحيث يتم اقصاء مكونها العربى نهائياً وتسود البلاد فقط هويتها الأفريقية. بينما المركزية العربيةالاسلامية ترى فى الهويات الأخرى محض خلاء قيمى ومعرفى يجب أن تسارع الى ملئه بالهداية والرشاد، وأن رسالتها المقدسة فى حمل العالمين جميعا إليها، وتقسم العالم إلى دارين فقط "دار للاسلام " و" دار للحرب " فكل ما ليس هى فهو عدوها.

    ولأنهما وجهان لعملة واحدة فإن وجود إحداهما يستدعى وجود الأخرى وهو ماقاله د. فرانسيس حرفياً "ونرى أنه من الصعب رؤية كيفية بروز الشمال كوحدة واحدة دون أن يكون وجود الجنوب عامل تحدٍ متحد ، هذا إن لم يكن عاملاً بينا للتهديد. وينطبق نفس الشىء على الجنوب لانه لولا وجود الشمال لما نمت وحدة الهدف" (ص215) وإذا قرأنا هذا المقتطف مع مقتطف آخر "فالجنوب يمثل الهوية الافريقية والشمال يرى بأنه يمثل الهوية العربية الاسلامية"(ص30) تكتمل لدينا صورة النقيضين اللذين يعبران عن ذات المقدمات النظرية والفكرية والسياسية. ولذلك فهما نقيضان زائفان. النقيض الحقيقى هو النقيض المختلف لا النقيض المتماثل، وهو الذى يتجاوز الهوية ولا يلغيها. وإذا كان د. فرانسيس يشير أحياناً إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بإعتبارها ممثل الجنوب الذى يقود مشروعاً وطنياً وعلمانياً وديمقراطياً فإن وطنية هذا المشروع تتجسد فى أفريقيته كما رأينا ، أما علمانيته فتعبر عنها المسيحية والتعليم الغربى اللذان استوعبتهما هويته الافريقية، أما ديمقراطيته فتعانى من مشاكل حقيقية فى الحركة بإعتراف د. فرانسيس نفسه. وهذا يعنى أن مشروع الحركة الشعبية يعبر جوهرياً عن مركزية أفريقية بالنسبة إلى قراءتنا النقدية لرؤية د. فرانسيس .

    ويمكن هدم هاتين المركزيتين بهدم النواة المغلقة المتضمنة فى كل منهما سواء أكانت هذه النواة المغلقة عرقية أوإثنية أو كانت ثقافية. فهنالك اتفاق عام بأنه لا يوجد فى العالم عرقاً نقيّاً. ود.فرانسيس نفسه يورد فى كتابه المنشور فى عام 1973م والذى ترجمه الاستاذ محمد على جادين فى عام 1999م بعنوان " مشكلة الهوية فى السودان"أن هنالك صعوبة فى تحديد انتماء وهوية الشمال أو الجنوب على أساس عرقى(5). فإذا كان أمر اختلاط الشمال معروفاً فإن د. فرانسيس يورد فى الهامش إشارات إلى تمازج القبائل النيلية بعناصر حامية قوقازية ويورد ملاحظة بروفسيرايفانز برتشارد وشكه فى أن هنالك قبيلة أو مجموعة فى السودان يمكن أن تدعى أنها زنجية. لأن شخصيتها غير الزنجية وحياتها الرعوية ولدرجةٍ ما تركيب لغاتها ترجع إلى مزيج وتأثير حامى(6). إن تحليل د.فرانسيس فى كتابه صراع الرؤى يفترض أن الإثنية حقيقة موضوعية ، بينما هى مجرد واقع يخص الوعى، وهو يريد أن يكون الإنتماء الى الإثنية موروثاً ويرجع إلى أصول قديمة بينما هو يتغير مع الزمان والمكان. وهنالك وفرة من المؤلفات الانثربولوجية او التاريخية تثبت أن المجتمعات السابقة على الاستعمار كانت كلها تقريباً متعددة الاثنيات وتضم تشكيلة كبيرة من المجموعات الثقافية، وأن أشكال التعبئة الاجتماعية أو الدينية كانت تشمل إثنيات متعددة، وأن أفريقيا الغابرة لم تكن بالتاكيد شبكة من الاثنيات.(7) هذا اذا كانت هذه النواة عرقية أو إثنية أما إذا كانت هذه النواة المغلقة ثقافية كما تدعى أحياناً المركزية العربية الاسلامية وتصر على اعتبار ثقافتها ككيان ثابت ومغلق على نفسه بتمثيلاته وعقائده ورموزه . فإن هذا شطط واضح فأى ثقافة يجرى خلقها فى التأثير والتفاعل المتبادل وتستمر فى التغير والتبدل والتطور وفقاً لهذه العملية. والأمثلة أكثر من أن تحصى فالتاريخ الانسانى كله شاهد على هذه العملية . فقد تأثرت عقائد الثقافة العربية الاسلامية بمؤثرات الفلسفة اليونانية حتى فى أصول فقهها الذى تأثر بالمنطق الأرسطوطالى. إن الحياة الانسانية لاتعرف الهويات التى تنطوى على أنوية مغلقة فما من هوية إلاّ وقامت على تعددية ثقافية، فكل الثقافات هجينة كمايرى ادوارد سعيد ومفكرون نقديون آخرون . فمبدأ الهوية، عند هؤلاء، مبدأ سكونى يشكل لباب الفكر الثقافى خلال العهود الاستعمارية، فالأوربيون هم الذين شكلوا شيئاً جوهرياً هو ال"نحن" مقابل ال "هم" وكل واحد منهما مستقر تماماً. هذا الانقسام يمكن أن نعود به إلى التفكير اليونانى عن البرابرة ولكنه أصبح علامة مميزة للثقافة الامبريالية ولتلك الثقافات التى كانت تسعى إلى مقاومتها. ويخلص ادوارد سعيد إلى أن جميع الثقافات منشبكة إحداها بالأخريات وليست بينها ثقافة منفردة ونقية محضة، بل كلها مهجنة، مولدة، متخالطة،متمايزة الى درجة فائقة ، وغير واحدية(8).

    لقد لعب الاستعمار الدور الاساسى فى تصليب الهويات والثقافات. ففى افريقيا الموغلة فى القدم كانت التقاليد عبارة عن عمليات تطورية مستمرة متواصلة ومفتوحة، وجاء الاستعمار وجمدها- بحجة المحافظةعليها– فى تقاليد وفلكلور بتأثيره الأيديولوجى ونصوصه القانونية وبمحاولته لتثبيت أماكن الأهالى أو توجيه هجراتهم. هذه هى خبرتنا مع التجربة الاستعمارية فى بلادنا، ولذلك نزعم أن الهويتين المتنافستين هما نتاج السياسات الاستعمارية شأنهما فى ذلك شأن سائر الهويات التى ارتبطت بالثقافةالامبريالية وبمقاومتها أيضاً كما قلنا من قبل. وهنالك حيثيات أخرى تدعم هذا الاستنتاج من واقع خبرتنا ايضاً بالتجربة الاستعمارية فالطائفتان الاساسيتان اللتان تعبران عن هوية شمال السودان، فى المرحلة الثانية من تطورها كما يرى د.فرانسيس دينق، وهما طائفتى الانصار والختمية، هما نتاج السياسات الاستعمارية التى اكدت شرعية امتلاك الارض وحولتها الى وثائق قانونية، وأقامت مؤسسات سياسية جديدة، ووزعت المصادر الاقتصادية، وحددت الاوضاع الاجتماعية ،وأنشأت قيماً اخلاقية واقتصادية وسياسية جديدة أكسبت الدولة الكولونيالية صفة الدولة الحقيقية. وسياساتها فى الجنوب هى التى أدت إلى تكوين هويته بتجميده فى تقاليد وفلكلور وبتأثيرها الايديولوجى ونصوصها القانونية التى سيطرت على حركة السكان، كما رأينا قبل قليل. ونستطيع أن نستخلص من ذلك أن ظاهرة الانتماء لهوية إثنية ظاهرة حديثة تماماً، مرتبطة بالدولة "المستوردة" وليست راسباً أو إنبعاثاً جديداً للثقافة التقليدية.(9)

    إن التصور الذى يرفض مبدأ الهوية السكونى ويرى الثقافات كهجنة وتعددية، يهدم أيضا إحدى أهم الأفكار التى تقوم عليها رؤية د.فرانسيس وهى الفكرة التى ترى أن الطابع الجوهرى للهوية فى الشمال هو الإستيعاب، بينما الطابع الجوهرى للهوية فى الجنوب هو المقاومة. إن هذه الفكرة تبدو فى ظاهرها وكأنها مجرد تعبير عن وقائع تاريخية، بينما الإقتراب النقدى منها يفضحها لأنها تقوم على تصور مغلق للهوية لا ينفتح على التعدد فيصير بذلك الإستيعاب خللا وظاهرة غير سوية كان لابد أن تنتهى إلى حالة باثولوجية (مرضية) يعانى فيها الشمالى من التشوش والاهتزاز فى نظرته إلى ذاته. بينما يعبر فيها الجنوبى عن وضع صحى ومعافى. فمن الطبيعى أن ترفض الهوية المغلقة الانفتاح على الآخر بمقاومته ورفضه وهو ما نجح فيه الجنوب فصار الأقرب إلى واقع الحال وإلى الحقائق الواقعية، بينما فشل الأفريقى الشمالى ولذلك تم إستيعابه وأصبح موقفه غير منسجما مع إدعائه العروبة. هذا التصور لا يمت بصلة بمناهج التفكير النقدى التى ترى فى العالم الهجنة والتعددية وأن إنسان هذا العالم يقيم هويته على التبادل والتهجين والاستعداد للتأقلم.

    هذه الفكرة الهامة فى رؤية د. فرانسيس تعبر عن رد فعل لإستعلاء المركزية العربية الإسلامية فى الشمال بإستعلاء أفريقى مضاد. وما يؤكد هذا الاستنتاج حجة ثانوية يوردها فى أكثر من موضع فى الكتاب وتعتمد على فكرة الاستيعاب والمقاومة. وهى حجة تسقط العبودية عن سكان الجنوب، وهو محق فى ذلك، ولكن لتلصقها بالشماليين، وهو غير محق فى ذلك. يقرر د. فرانسيس فى هذه الحجة أن سكان الجنوب الذين بقوا فيه ترسخ لديهم الاحساس بالهوية والكبرياء عبر مقاومتهم الظافرة ليظلوا أحرارا من العبودية والهيمنة، بينما معظم الشماليين ينحدرون من إختلاط بالعبيد من الجنوب. إن وصف معظم الشماليين بأنهم ينحدرون من أصول عبودية لا تسنده حقائق التاريخ وإنما يسنده فقط منطق الثأر. فكلنا يعلم أن التزاوج والاختلاط بين النوبة فى شمال السودان والعرب المهاجرين لم يكن قائما على الرق والعبودية. وهذا الاختلاط هو الأساس لمعظم القبائل فى وادى النيل فى شمال السودان. ولا يمكن أن يتصف معظم الشماليين بأصول عبودية إلا إذا كان الاستيعاب الذى يصف به د. فرانسيس هويتهم يعنى استعبادهم واسترقاقهم. وهو ما لا يمكن أن يصح ولكنه منطق المركزية والمركزية المضادة يجعلهما تتبادلان الإقصاء والإزدراء والإحتقار.

    ولأن رؤية د. فرانسيس يسودها منطق المركزية والمركزية المضادة فإنها لا ترى مخرجا للأزمة إلا بفحص صحة وشرعية إدعاء العروبة وسوف يوضح ذلك الفحص عدم وجود أساس للإنقسام العرقى المفترض، الذى تقوم عليه مشاعر التحامل والتمييز. ورغم أن د. فرانسيس يورد إحتمال آخر وهو التسليم الجدلى بأن السودانيين الشماليين عرقيا عرب ولكن ما يهم هو أنه يجب عليهم الكف عن التصرفات العنصرية تجاه المتعثرين غير العرب، إلاّ أن هذا الاحتمال الآخر يرد فقط كإحتمال منطقى وقياسى – على حد تعبير د. فرانسيس – أى أنه لا يرد كخيار عملى وذلك بسبب دعوته للسودانيين الشماليين بألاّ يتصرفوا بطريقة تعكس مشاعرهم العرقية الطبقية المتأصلة. ولذلك فإن البديل هو الخيار الذى يفضله د. فرانسيس وهو الإقرار بأن هذه المشاعر لا تقوم على حقائق. أما إذا أصر الشماليون على نظرتهم الذاتية بأنهم عرب فإن الإنصاف والعدل يمليان بأنه يجب عليهم ألاّ يفرضوا إرادتهم على الجنوب وإن عليهم قبول إنفصال البلاد.(ص399-400) إن حجة د.فرانسيس تمضى على النحو التالى: إن على الشماليين إذا أرادوا أن يحفظوا للبلاد وحدتها أن يتخلوا عن مكون هويتهم العربى على أساس من الحقائق العرقية التى تنكر عليهم هذا المكون. أما إذا رفضوا ذلك وتمسكوا بذلك المكون من هويتهم فإن الأمر سينتهى إلى الإنفصال لأنهم لن يستطيعوا أن يعملوا على الضد من مشاعرهم العرقية الطبقية المتأصلة. إن إقصاء المكون العربى من هوية الشماليين هو شرط وحدة البلاد. وأعتقد أنه تحت شروط هذا الاقصاء المتبادل بين المركزيتين المتضادتين فإن المخرج الوحيد لأزمة البلاد هو الانفصال.

    وأحد التناقضات الثانوية التى ترد فى الكتاب وتشير إشارة قوية للمركزية العرقية لدى د. فرانسيس هو إحتفائه بالأصول الدينكاوية لقادة ثورة 1924 – وليس فى ذلك مشكلة فنحن أيضا نحتفى بهم وباصولهم الدينكاوية ونرى فيهم رموزا للوحدة الوطنية والتكامل القومى وتعزيزا لهما- مستنتجا من ذلك أن الجنوبيين وبشكل خاص الدينكا قد قاموا بتصعيد الحركة الوطنية فى الشمال وأشعلوا ثورة 1924 فى جميع أنحاء القطر،(ص106 ،177) وكل ذلك صحيح و لا غبار عليه، ولكن ما يثير الحيرة حقا هو أنه عندما ينتقد زين العابدين عبد التام، وهو أحد قادة ثورة 1924 من الدينكا وكان له دورا بارزا فى قيادة الثورة بكل من ملكال و واو، عندما ينتقد البند الخاص بالجنوب فى الدستور المقترح للحكم الذاتى فى عام 1951 والذى تمت صياغته لحماية مصالح الجنوبيين ولقيام وزارة خاصة بالمديريات الجنوبية وإقامة مجلس شئون الجنوب فإن د. فرانسيس لا يتوانى فى وصفه بأنه جنوبى مستعرب متأسلم ويعلق على وصفه لنفسه بأنه جنوبى بأنه تعبير غير سليم عن هويته المستوعبة.(ص125) وإذا وضعنا فى الإعتبار وضعية زين العابدين عبد التام التى تماثل تماما وضعية قادة ثورة 1924 الآخرين من الدينكا فإننا لا بد أن نتساءل كيف يكون الدينكا هم الذين أشعلوا ثورة 1924 فى كل أنحاء القطر، ثم نصف ذات القادة من الدينكا بأن هويتهم مستعربة متأسلمة ومستوعبة ولا تعبر عن الجنوبى؟!! ولكنه منطق المركزية العرقية الذى يريد أن ينسب عملا جليلا كثورة 1924 لعرقه لينوه بالدور الهام لعرقه فى تاريخ البلاد وحركتها الوطنية وعندما يتناقض ذات القادة، الذين بسببهم تمت نسبة الثورة إلى الدينكا، مع مصلحة الجنوب يصبح هؤلاء القادة مستعربون ومتأسلمون ومستوعبون ولا يمثلون الجنوب وكأنما ذات الإنسان يصدر فى كل فعل من أفعاله عن هوية مختلفة.

    إن تجاوز أزمة البلاد يكمن فى النقيض المختلف الذى يتجاوز المركزيتين معا ويحولها من عوامل مفسرة إلى عوامل تحتاج إلى تفسير. هذا النقيض المختلف يتمثل فى مهمة إكمال إندراج البلاد فى مشروع حداثتها. وهى مهمة تحملها قوى إجتماعية غض النظر عن هويتها وأصولها العرقية والإثنية، تعمل على الانتقال بالبلاد من بناها التقليدية إلى بنى حديثة فى السياسة والإقتصاد والإجتماع. هذا الانتقال يتم على أساس معرفى هو التنوير، كإطار نظرى تعددى عقلانى نقدى يشمل العقلانية والتجريبية والعلم الطبيعى والتربية والتعليم بوصفهما أدوات تغيير إجتماعى ونقد الكهنوت والنقد السياسى والإجتماعى، ويقوم عليه مشروع سياسى يتكون جوهره من حقوق الإنسان كما تعرفها المواثيق الدولية، والحقوق المدنية والسياسية، والعدالة والديمقراطية والمساواة. وغياب هذا المشروع هو الذى يفسر تبدى الصراع الإجتماعى والسياسى فى البلاد كصراع هويات. وهذه هى النتيجة الطبيعية لسيطرة البنى التقليدية على الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية. ولقد أصاب د. فرانسيس فى وصفه للممثلين الأساسيين للهويتين المتنافستين فى البلاد: الجبهة الإسلامية والجبهة الشعبية لتحرير السودان، فقد أبان بوضوح إعتمادهما وتعبيرهما عن البنى التقليدية فى البلاد على الرغم من وصفه لهما بأنهما أكثر النماذج حداثة. إن ارتباط هاتين القوتين بالبنى التقليدية أعاقتهما وأعاقة البلاد كلها من تحقيق سلامها وديمقراطيتها وعدالتها. إن د. فرانسيس يرى أنه مع صعود الحركة الشعبية لتحرير السودان كقوة ذات نفوذ ومناوئة للحكومة الإسلامية، برز بذلك تبلور اتجاهين ثوريين هامين من الشمال والجنوب من خضم تقليدية المجتمع السودانى وكحاضن لهما.(ص24) كما إن الدولة والحركة الشعبية وفصيلها العسكرى وجدت فى القيم العسكرية التقليدية إطارا مؤسسيا جاهزا للتجنيد ورفع الروح المعنوية لدى مقاتليهم. إن إعادة إحياء تقليد المقاتل القبلى يعنى بأن القبيلة كسبت واحدة من قيمها المفقودة – تماسكها الداخلى، الذى يتم الحفاظ عليه تقليديا بتوجيه العداوات للغرباء والأجانب. وكانت المحصلة النهائية لذلك إعادة تنشيط القبيلة بدلا عن تحديث العملية السياسية.(ص214) كما يرى د. فرانسيس أن قوى التحديث فى الجنوب (والتى نفهم أن الحركة الشعبية تمثلها) قد دعمت ورسخت نظام القيم الثقافية التقليدى. وأن الحركة الشعبية تمثل إنصهارا لعناصر من التقليد والحداثة.(ص224-225) ويمكن أن نضيف إلى ذلك فيما يخص الجبهة الإسلامية إن مشروع التوحيد الدينى لديها يخرج من فكرة وحدانية الإله إلى توحيد كل مناحى الحياة ومجالاتها ومستوياتها على أساس دينى أصولى مما يجعل مشروعها ينتمى إلى القرون الوسطى ويتناقض جذريا مع مشروع الحداثة، الذى يقوم على التمييز المتنامى بين مجالات الحياة ومناحيها ومستوياتها، بحيث يتمتع كل منها بإستقلالها النسبى. وننتهى من ذلك إلى نتيجة نختلف فيها مع د. فرانسيس وهى أن الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية تعبران عن حركة حديثة معاقة ومشوهة بحكم نشأتها فى حاضنة تقليدية ومحافظة ونموها دون أن تتحرر من البنى التقليدية لمجتمعها فصارت أقرب إلى التقليد منها إلى الحداثة فى فاعليتها وممارستها النظرية ورؤيتها.

    إن الفارق بين الحداثة كمشروع نقدى جديد تأسس على ما بعد الحداثة ونقدها والتحولات الجذرية فى العالم المعاصر وبين المشروع الذى تعبر عنه الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية بوجهين متضادين، هو فارق كبير. فالحداثة الجديدة ترى فشل الدولة القومية حتى فى أوروبا. فقبل أن يعتلى خشبة مسرح التاريخ القوميون الصرب المتطرفون وغلاة الهوتو الروانديين بمليشياتهم المسلحة وأحلامهم وكوابيسهم المتعلقة بالهوية، كان قد اتضح غداة الحرب العالمية الأولى أن طريق أوروبا القوميات والإقتصاديات القومية طريق مسدود.(10) ومع التحولات الجذرية فى العالم المعاصر ومع ظاهرة العولمة فإن الدولة القومية التقليدية التى تتحدد بالقدرة على المحافظة على حكم القانون داخل حدودها عن طريق القوة وبالقدرة أيضا على المحافظة على هذه الحدود مستقرة بواسطة الجيش، هى بالضبط النوع من السيادة الذى أطاحت به ديناميات العولمة.(11) ومن ناحية فكرية ونظرية فقد تلازم صعود الهوية القومية مع ظهور الجمهوريات التى قامت على مبادئ عالية التجريد، لأنها تتجاوز سياق الحياة العادية وتفرض على المواطنين الأفراد أن يعاملوا أنفسهم والمواطنين الآخرين كفاعلين سياسيين لهم القدرة على إصدار أحكام فى الشئون العامة بعد التجرد من سياق حياتهم الخاصة. أى أن مبادئ الجمهورية كانت عالية التجريد لأنها تجاوزت طابع علاقات السلطة بين الحكام والمحكومين الذى كان سائدا فى العصور الوسطى وهو طابع جزئى وخصوصى وشخصى بين الأمراء والنبلاء والناس الذين يعملون فى مقاطعاتهم ولذلك فهى علاقة لا تتجاوز سياق حياتهم الخاصة. أما طابع علاقات السلطة فى الجمهورية فهو طابع مجرد لأنه قائم بين مواطنين يصدرون أحكاما عامة فى شئون عامة، ولذلك فهو طابع كلى وعام. ولأن الناس كانوا قريبى العهد بعلاقات السلطة ذات الطابع الشخصى والخصوصى فقد إحتاجوا إلى ما يعوضها لهم فى الجمهوريات الجديدة. ولذلك كان صعود الهوية القومية بعد ثورات نهاية القرن الثامن عشر يشكل تعويضا مؤقتا يوفر مستويات من التكامل الإجتماعى والتضامن الإجتماعى يجسر الفجوة بين المجزئ والخصوصى وبين الكلى والعام. وأصبحت القومية هى الأساس لتحول الذات إلى مواطن. ومن ثم نشأت ثنائية بين الطابع الكلى والمجرد للجمهورية والطابع الخصوصى والمجزئ للقومية. وهى ثنائية لم تكن مؤذية طالما كانت قومية الأفراد لها أولوية على قومية الدولة، أى عندما كانت القومية تعويضا لعلاقات التضامن التى كانت سائدة فى الماضى. ولم تصبح القومية خطرا إلاّ عندما تم إرجاعها إلى حقائق ما قبل سياسية لشعوب شبه طبيعية، أى إلى شئ مستقل وسابق على تكوين الرأى السياسى التاريخى وعلى تكوين إرادة المواطنين أنفسهم.(12) وهذا هو بالضبط مشروع الهوية القومية الذى تعبر عنه كلّ من الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية.

    ومع العولمة فقدت الإختلافات القومية أهميتها فى وجه النماذج الراهنة للتأثير الإقتصادى، والهجرة الإقليمية والعالمية، والتطور التكنولوجى، وصعود التدابير والمؤسسات الدولية، وعولمة المخاطر الإقتصادية والبيئية، بحيث فقدت الدولة القومية شرعيتها تحت ضغط العولمة الإقتصادى والسياسى. كما أن الناس لم يعدوا فى حاجة إلى ذلك التعويض المؤقت لتوفير مستويات من التكامل الإجتماعى والتضامن الإجتماعى إذ أمكن إستبدال الهوية القومية بهوية ثقافية، على أن يتم فهم الثقافة على نحو عريض لا على نحو خصوصى، بحيث يتوفر للأفراد أشكال محددة من الخلفيات المعرفية والقاموس اللغوى والتجارب التاريخية المشتركة والإلتزامات التفسيرية (أى المادة الأخلاقية) ليشكل كل ذلك شرطا لتبنّى المبادئ المجردة وإجراءات الدولة الدستورية الديمقراطية. وهذا يعنى أن الأساس الأخلاقى لإستيعاب المواطنين الأفراد فى الدولة الدستورية قد تمت تلبيته بأن ترشح المادة الأخلاقية فى المبادئ المجردة للدستور الديمقراطى.(13)

    ونخلص من كل ذلك على أنه فى الوقت الذى تتخطى فيه قمم التفكير النقدى المعاصر الدولة القومية وهويتها فإن بلادنا يتهددها خطر التفتت بسبب أزمة هويتها، التى يفسرها عدم إكتمال إندراج البلاد فى مشروع الحداثة وبالتالى غياب المشروع ذاته. إن تجربتنا التاريخية ومعارف وقيم الحياة الإنسانية المعاصرة تجعلنا نبصر أفقا لتحرر البلاد وإشاعة سلامها واستعادة ديمقراطيتها وهزيمة مشاريع تخلفها والإلتحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة ومدنيتها.




    المراجع

    1- Max Pensky, Cosmopolitanism and the Solidarity Problem: Habermas on National and Cultural Identities, In Conestellations Volum 7, No 1, Blackwell Publishers Ltd., Oxford, 2000, p. 65

    2- جان فرانسوا بايار، أوهام الهوية، ترجمة: حليم طوسون، الطبعة الأولى، دار العالم الثالث، القاهرة، 1998، ص 88.

    3- Opct., p 70.

    4- د. عبدالله على إبراهيم،الأفروعبية أو تحالف الهاربين، فى الثقافة والديمقراطية فى السودان، مجموعة مقالات، الطبعة الثانية، دار الأمين، القاهرة، 1999م، ص 15- 28.

    5- د. فرانسيس دينق، مشكلة الهوية فى السودان، أسس التكامل القومى، ترجمة محمد على جادين، الطبعة الأولى، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 1999م، ص 7.

    6- المرجع السابق، ص 16.

    7- جان فرانسوا بايار، مرجع سابق ص 33- 39.

    8- إدوارد سعيد، الثقافة وألإمبريالية، ترجمة: كمال أبو ديب، الطبعة الأولى، دار الآداب، بيروت، 1997م، ص 69- 70.

    9- جان فرانسوا بايار، مرجع سابق، ص 39.

    10- المرجع السابق، ص 8.

    11- Max Pensky, Ibid., P 74

    12- Ibid., P 65- 67

    13- Ibid., P 67- 68


                  

09-05-2009, 08:19 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    الأمم المتحدة تعين سودانيا لرئاسة مكتب منع جرائم الإبادة الجماعية

    فرانسيس دينق عراب اتفاقية نيفاشا والمرشح السابق لسفارة السودان في واشنطن يتولى المهمة



    واشنطن: «الشرق الأوسط»
    يعود فرانسيس دينق الى السودان من بوابة دارفور بعد ان كان أبرز المرشحين لشغل منصب سفير السودان في واشنطن، وذلك عقب تعيينه من طرف بان كي مون الامين العام للامم المتحدة مستشاراً خاصاً لمنع جرائم الإبادة الجماعية.
    واعلن بان كي مون الليلة قبل الماضية تعيين دينق في منصبه الجديد في تزامن مع قول الرئيس الاميركي جورج بوش استمرار «الابادة» في دارفور، واتخاذ واشنطن قرارات تهدف الى تشديد الحصار على الحكومة السودانية وعزمها على تأليب المجتمع الدولي ضدها بسبب ازمة دارفور واتخاذ قرارات اممية جديدة في هذا الاتجاه، كما اعلن عن ذلك الرئيس الاميركي في اجراءات قالها اول من امس امام المراسلين في البيت الابيض.

    وسيتولى دينق منصبه الجديد في وقت تقول فيه المنظمات الانسانية إن اقليم دارفور يترنح الآن على شفير كارثة إنسانية. وعمل فرانسيس دينق من قبل في وظيفة رفيعة داخل الامم المتحدة، حيث شغل منصب الممثل الخاص للأمين العام للنازحين داخل بلادهم بسبب النزاعات، وذلك في الفترة من 1994 الى 2004 ، وكان قد تولى قبل ذلك عدة وظائف في الأمم المتحدة وكذا في الحكومة السودانية في عهد الرئيس جعفر نميري حيث عمل وزيراً في وزارة الخارجية وكذا سفير في الخارج. ويتحاشى دينق الذي يعمل حاليا رئيسا لقسم دعم السلام بالسودان بالمعهد الأميركي للسلام في واشنطن الحديث عن تلك الفترة.

    ويفترض ان يعمل دينق الذي يخلف خوان مينديز، أول مستشار لمنع جرائم الإبادة الجماعية وكان قد عين في صيف عام 2004، في جمع المعلومات المتوفرة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يمكن أن تؤدي إلى وقوع إبادة جماعية وتقديمها لمجلس الأمن. وعلى الرغم من الضغوط الاميركية على الامم المتحدة لتضييق الخناق على حكومة الرئيس عمر البشير، فإن المنظمة الدولية تواصل رميها بجهود السلام في أتون المزيد من الفوضى التي يعرفها حالياً إقليم دارفور.

    وكان فرانسيس دينق، وهو يتحدر من منطقة أبيي المتنازع عليها حالياً بين الخرطوم وجوبا (عاصمة الجنوب)، عراب مشروع «نظامان في دولة واحدة» الذي اعتمدت عليها اتفاقية نيفاشا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة جون قرنق الذي لقي مصرعه بعد فترة وجيزة من توقيع تلك الاتفاقية في حادثة سقوط طائرة عمودية في الجنوب.

    ورشحت الحركة الشعبية دينق بعد توقيع تلك الاتفاقية لتولي منصب سفير السودان في واشنطن لكن فرانسيس دينق لم يذهب الى الخرطوم للحصول على الموافقة بتعيينه رسمياً، كما نأى بنفسه عن الجدل الذي دار بعد ذلك حول اسباب عدم ذهابه الى السودان. واختارت الحركة الشعبية احد قادتها وهو جون أكيج ليكون أول سفير جنوبي يتولى هذا المنصب في العاصمة الاميركية.

    وطلب الأمين العام للامم المتحدة من فرانسيس دينق، أن يتفرغ لمنصبه الجديد، وقال بيان اصدره مكتب بان كي مون الامين العام للامم المتحدة يأمل أن يجد طرقا إضافية لتعزيز مكتب منع جرائم الابادة الجماعية، وهو ما يعني انه سيغادر منصبه في المعهد الاميركي للسلام. ويتحدث فرانسيس دينق العربية بطلاقة، اضافة الى الانجليزية.
                  

09-05-2009, 08:22 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://penfund.gov.sd/pnf-one/charact-40.htm

    رمـوز وطنية

    الإسم : دكتور فرانسيس دينق
    تاريخ الميلاد : 1/1/1938م
    رقم الملف المعاشي : أ /6548
    تاريخ التعيين : 1/8/1962م
    المهنة : استاذ جامعي (سفير)ر )
    تاريخ التقاعد : 14/2/1976م
    سبب التقاعد : التعيين في منصب وزاري
                  

09-05-2009, 08:25 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515736

    فرانسيس دينق أقوى المرشحين لمنصب المفوض السامي لحقوق الإنسان
    جنيف :سونا
    بات السوداني الدكتور فرنسيس دينق أقوى المرشحين لخلافة الكندية لويز آربور ، في منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان،رغم وجود عدد من المرشحين.
    وكان دينق ، عين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مايو 2007 ، مقرراً خاصاً للإبادة الجماعية ،وعمل قبلها مقررا للأمين العام لشئون النازحين.
    و تردد أيضاً في أروقة الأمم المتحدة ترشيح السفير المصري سامح شاكر نفسه لهذا المنصب، بجانب الكيني وانقاري واثاي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2007 ، والباكستانية هيلا جيلاني، والأمير سيد من الأردن.
    و يبدو دينق صاحب الحظ الأوفر، حيث أن أحد الأوربيين الذي يتبوأ منصبا رفيعا في احدى المنظمات، أكد دعمه له، و قال يجب أن تمنح فرصة المفوض السامي هذه المرة لإفريقيا ،والرجل الأنسب لهذا الموقع هو فرانسيس دينق.
    وقد أعلنت المفوضة السامية لويز آربور، ظهر أمس رسمياً في اجتماع بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، عدم ترشيح نفسها لولاية ثانية.
                  

09-05-2009, 08:28 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147506241

    فرانسيس دينق و يوسف نقور.. مقتطفات من أفارقة بين عالمين
    د.عمر يوسف نقور جوك
    في لقاء فريد جمع مابين الدكتور فرانسيس دينق والناظر يوسف نقوربمدينة جوبا إبان اتفاقية اديس ابابا التي اعطت الجنوب الحكم الذاتي . التقى د. فرانسيس دينق رجالات الادارة الاهلية من الجنوب ومن بينهم كان الناظر يوسف نقور ، ولان دكتور فرانسيس دينق واحد من المهتمين بمسألة الثقافة وامكانية التعايش السلمي في وطن المليون ميل فلقد ركز جل جهده في البحث والبحث الدقيق حول قضايا الثقافة ومسألة التعايش وقضية الهوية السودانية وكيفية الاستفادة من كل هذا التنوع الذي تذخر به جغرافية السودان ، وقد تناول ذلك اللقاء جملة قضايا،وبرغم من تقادم الايام على هذا اللقاء الا انني ارى انه من الضرورة الوقوف عنده قليلا في محاولة لاعادة قراءة ما جاء فيه... فكانت البداية حول عملية التزاوج المشترك ما بين الشمال والجنوب حيث يرى الناظر يوسف نقور ان عملية التزاوج المشترك امر شخصي يعالجه التعليم ومدى اتاحة فرص الاتصال بينهم وانها ليست قضية سياسية بين الشمال والجنوب قائلا( ماذا عن اولئك الفتيان والفتيات الذين يعملون الآن في الحقل معا هل هم جميعا من منطقة واحدة ؟ انهم اطفال ترعرعوا معا وبينهم اطفال جنوبيون وآخرون شماليون سوف يتعرفون على بعضهم البعض بأنفسهم لذلك فان قضية الزواج لن تؤثر فينا ويجب ان تترك للشباب المتعلم لكي يجد لها حلا فهي قضيتهم الخاصة ولقد مزج التعليم الناس وصهرهم معا فهم يكتبون معا ولايدري احد ما الذي يقوله اولئك الذين يضمهم فصل دراسي فيما بينهم ولذلك اعتقد ان قضية الزواج سوف تحل نفسها بنفسها وعلينا ألا نجعل منها مشكلة فالشخص قد يعجب بفتاة ويتزوجها وفقا لشعورهما).. نجد ان سؤال د.فرانسيس كان يحمل عدة مضامين واستفهامات حاول الاجابة عليها عبر استطلاعه لوسط الادارة الاهلية للتعرف على امكانية التعايش في وطن مثل السودان الذي تجمعت فيه مجموعات اثنية متنوعة ومتعددة لكن نجد ان اجابة الناظر يوسف نقور كانت بمستوىً عالٍ من الادراك فهو صاحب رؤية حول مسألة التعايش السلمي في الوطن السوداني خاصة وانه احد قيادات الادارة الاهلية بمنطقة شمال اعالي النيل (الرنك)وهي منطقة تماس بين الشمال والجنوب وله من التجارب ما يجعله يرى كيفية التعايش خاصة ونحن في مرحلة بحث عن مساحات تسع الجميع......كذلك نجد رأيه واضحا فيما يتعلق بموضوع هيمنة قبيلة الدينكا على مقاليد السلطة ،فهذا احد الموضوعات التي اثيرت ابان فترة الحكم الذاتي لاقليم جنوب السودان وحتى الآن ،،،،علما بان قبيلة الدينكا هي كبرى القبائل السودانية فمن الطبيعي ان نجدها في كل مفصل من مفاصل الدولة السودانية بشكل عام ناهيك عن الجنوب الذي تمثل فيه قبيلة الدينكا الغالبية فكل هذا الوجود السكاني ليس سياسة هيمنة مدروسة انما هو تعبير واضح عن كثرة الدينكا فمن هنا جاءت الافتراءات واختلاق الاكاذيب حول هيمنة الدينكا وسيطرتهم فالحديث عن القبيلة قول مردود وليس ذي فائدة الا انه كان ولابد ان يكون مكان وقفة حتى لا تتحقق اماني اعداء الاستقرار وفي هذا الشأن قال الناظر يوسف نقور ....( ان الدينكا هم الذين يسيطرون ويتولون المناصب العليا وانهم الذين يديرون دولاب العمل ولقد سمعنا ذلك من عناصر مختلفة ولكن ذلك لم يكن بشكل رسمي لم يبلغنا احد بصورة رسمية ولذلك فعندما نسمع شيئا كهذا فيجب ان نجلس ونفكر معا وعلى الدينكا ان يتحلوا بالحذر واليقظة ويناقشوا ذلك الامر بهدوء في الوقت المناسب).....وفي سياق آخر يتابع الناظر يوسف نقور تركيزه على كيفية استمالة الدينكا للقبائل الاصغر عبر الاعتراف وتسوية الامور معها واعطائهم الاحساس بالاهمية قائلا(ان الغريب يجب وضعه بالقرب من الناس ولذلك فعليكم ايها القادة ان تفكرو ا بشكل واقعي في كيفيةاستمالة غير الدينكا وكسب ودهم ووضعهم في الصورة و اشراكهم في الامر اما اذا بدأت بالقول انني وجدت ما اطالب به وسوف نكون فيه شركاء انا واخي وابن قبيلتي اما ذلك الغريب فليس له نصيب ،عند ذلك تكثر الشكوى ويظهر التذمر وسوف يتحد المحرومون كل تلك المجموعات المحرومة من المشاركة سوف تجتمع وتتحد معا ثم تهدم النظام وتدمره فمن اجل هذا علينا ان نبذل قصارى جهدنا وان نوحد انفسنا ونعيش كشعب وان ما نواجهه اليوم اشبه بحالة عداء فلا سبيل لنا غير ان نتحد ونواجه الامر كجبهة قتال واحدة فالناس الذين يتهددهم خطر واحد يتحدون معا ويصبحون اقارب ذوي صلات بينهم فيقاتلون كجبهة موحدة...)..........مقولة مثل هذه تقودنا الى تكثيف الجوامع وتقليل الفوارق ومنها يتأكد لنا بان مسألة التعايش لم تكن المعضلة التي نعاني منها لكن هناك من يحاول ان يضع التعايش في هذا المحك الصعب ذلك باختلاق الاكاذيب والاراجيف من اجل زعزعة الامن والاستقرار......ومن جهة اخري حث الجنوبيين بتقديم مزيدا من التضحيات من اجل استقلال حقيقي يمكنهم من ارساءالاسس القويمة للاستقرار وحتى يتمكنوا من بناء الدولة حيث قال....( عليكم بالكف عن الاكل وارتداءالملابس النظيفة والتفتواالى العمل فالوقت الآن لا يسمح بغير العمل وكلوا فيما بعد في الايام القادمه وعندما يجئ فصل الصيف علينا جميعا ان نتجه للعمل وليأخذ كل منا معزقته وجاروفه وليرتدِ ملابسه القديمه وبحلول الشتاء تكون المحاصيل قد زرعت واينعت ثمارها وجمعت وتم تسويقها وبعد ذلك ينبغي لنا ان نفرح ونرتدي من الملابس اجملها ،اما الآن فلنعتبر ان الفصل فصل صيف ولنتجه الى العمل حتى نرقص ونفرح في وقت الحصاد فلنعمل الآن ولننتظر الحصاد مهما طال الانتظار فالأفضل ان نستمتع بالراحة عقب التعب ولكن ان نرتاح اولا ثم يعقب الراحة التعب فذلك هو الخسران المبين وليتولد فينا الاحساس بالمتعة ونحن في خضم التعب والاجهاد ولكن قبل كل شئ علينا ان نبتدئ بالعمل من اجل راحتنا مستقبلا..) ...ايضا كان ليوسف نقور موقف حول المعاناة التي لاقاها الجنوب من الشمال حيث استطرد قائلا ( قد عرف نميري كم هو مدين لنا ،ان دين رجالنا الذين مضوا واولئك الذين قتلهم الظمأ و اولئك الذين ماتوا على ايدي اخوة نميري ،والبعض على ايدي ابناء الشمال عامة ،الذين عندما يتم ابلاغهم بان بعض المتمردين قد عبروا معسكرا ما فانهم لايتبعون اولئك المتمردين وانما يقتلون كل من في المعسكر..) .. كل ما ذكره الناظر يوسف نقور هو واقع وحقيقة وكانت حتى في الفترات القريبة التي سبقت توقيع اتفاقية وقف اطلاق النار فلقد توقف الجانب العلني من الممارسة ولازال السري مستخدما مع اختلاف الطريقة والساحة السودانية مليئة بالتفاصيل ، ويوم الثلاثاء الاسود ليس ببعيدعن الحكاوي وحول تحفظات معظم الشماليين على التسوية السلمية عقب اتفاقية اديس ابابا شدد الناظر يوسف نقور بان الجنوب الآن في مرحلة تجربة وفترة انتقالية وعليه ان يثبت جدارته في الحكم الذاتي الذي تحقق حيث قال .(علينا ان نعلم بان الانظار كلها تتجه نحونا بالمتابعة و الملاحظة وان الرئيس قد قذف الكرة في ملعبنا وان البعض الذين معه لايريدون لنا ان ننال ما حظينا به وحتى الذين حاولوا مؤخرا التآمر عليه فعلوا ذلك بسبب ان الرئيس قد اعلن بانه سوف يعطي الجنوب حقوقه وقد يقال باننا منحنا الحكم الذاتي ليس لاننا جديرون به بل لان الجنوب تحت سيطرتنا ولكن علينا ان نؤكد ونبرهن اننا في مستوى التحدي وسوف نثبت جدارتنا باستحقاقنا للحكم الذاتي وهكذا فقط يمكن ان نرد الدين ونكون اوفياء لاولئك الذين فقدناهم في الحرب..) ومن جهة اخرى يرى الناظر يوسف نقور ان الاهتمام بالعمل والتركيز عليه هو المخرج الذي يجنب من الانتكاسات فقال...( اننا نرغب في ان نجنب هذا القليل الذي حظينا به نجنبه الاخفاق والفشل ونود المحافظةعليه وذلك بان يهتم كل منا بما اوكل اليه من اعمال ان ذلك يشبه زراعة الحقل وفلاحته فعندما نعمل في الحقل في موسم الزراعة فهناك من يغادر الحقل باكرا وهناك من يقضي جل يومه في العمل بالحقل حتى يحل المساء والجميع سيعرفون من هو الذي يعمل ومن الذي يهمل وان بناء الدولة مثل بناء المنزل فهناك من يشيد حوائطه بقوالب الطوب الكبيرة وهناك من يستخدم الطين وهناك اناس لديهم مهارات عالية في مثل هذه الاعمال وعلينا ان ننتقي لاختيار الافضل..) مع ذلك يرى يوسف نقور انه من المهم عدم الخلط بين التواضع المنتج وعدم الكفاءة الذي يراها معوقاً للتنمية فيقول....(اذا لم تفكروا بأعين مفتوحة ايها الناس واذا اعتقدتم بانكم الافضل دون جميع الناس واذا اعتقد اولئك الذين يمسكون بمقاليد الامور انهم يستطيعون تقديم افضل ما عندهم لبلادنا فانني على ثقة باننا لسنا في الطريق القويم لقد ضللنا الطريق...) ايضا يرى الناظر يوسف نقور ان مسألة انكار مواهب الجنوبيين وعدم تقديرهم بما يستحق هو الذي ادى الى تواريها وادى كذلك للنزاع والقتال حيث قال.....(اننا الآن شعب مؤهل وقادر على تولي المسؤولية اذا تم توزيع الكفاءات بشكل جيد فيمكننا ان نقول اننا قد حققنا شيئا من النجاح وان الفشل في ذلك هو ما يسبب النزاعات والحروب اما فيما يتعلق بالكتابة والقراءة الناس يعتقدون باننا لا نستطيع القيام باعباء الدولة ما دمنا في مستوى واحد من حيث التعليم فما يناله الطالب الجنوبي في التعليم الجامعي يحصل عليه الطالب الشمالي ايضا وليس هناك اختلاف الا فيما يتعلق بالمقدرات الفردية في التفكير وهناك في الجنوب كما في الشمال اناس يتمتعون بمقدرات ذهنية عالية وليس هناك اختلافات جوهرية...) نجد ان ما قاله الناظر يوسف نقور حول مسألة عدم التقدير لمقدرات الانسان الجنوبي نابعة من النظرة الاستعلائية لدي انسان الشمال فهذه رؤية الصفوة الشمالية تجاه الجنوب فيقولون بان الجنوب مهما بلغ سيظل جنوبيا وان لهم حق الوصاية عليه حتي لا يخترقه الصهاينة والغربيين.....وفيما يختص بمساعدة الشمال للجنوب بعد توقيع اتفاقية اديس ابابا فهذه المساعدة يعتبرها الناظر يوسف نقور دعما اخويا او تعويضا عن اخطاء الماضي ويعبر عن ذلك قائلا(إن وضعنا مع الشمال هو اشبه بوضع الشخص الذي اجبر على مساعدة اخيه بسبب ان محصول اخيه لم ينضج بعد ،ونحن نقول ان كلا منا عليه ان يساهم مع اخيه في المهر عند الزواج فهو اخوك وعليك ان تساعده وقد انجبكما اب واحد عليك بمساعدته حتى وان لم تكن له اخت وان تعطيه من مهر اختك ،اما اذا رفض شخص ما مساعدة اخيه فلاخيه هذا ان يلجأ الى المحكمة ويخبرها بأن اخاه رفض اعطائه نصيبا من مهر اخته وعند ذلك تجبره المحكمة ان يدفع له جزءا من المهر .. لماذا؟لانهما كل موحد ..) فمن خلال هذه التلقائية حاول الناظر يوسف نقور مناقشة جملة من القضايا بنوع من التدقيق ....وتأتي اهمية هذه التلقائية المتفردة في هذه المرحلة الهامة جدا من تاريخ بلادنا قد يختلف التاريخ والتفاصيل والمرحلة ولكنني ارى التشابه ماثلا خاصة في هذه الفترةالتي تمر بها الدولة السودانية.
    الولايات المتحدة.....ولاية ايوا

                  

09-05-2009, 08:36 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=28254&sid...3c04df04c7d318095cdc




    اشترك في: 20 ديسمبر 2006
    مشاركات: 192

    ارسل: الخميس فبراير 12, 2009 3:02 pm موضوع الرسالة: حوار (أجراس الحرية) مع فرانسيس دينق 1-3

    --------------------------------------------------------------------------------

    الدكتور فرانسيس مادينق دينق، المفكر السودانى و الروائى العالمى، شخصية غنية عن التعريف. ذهبت اليه فى مكتبه بالامم المتحدة فى نيويورك حيث يعمل ممثلاً للامين

    العام للامم المتحدة ممسكاً بملف الحماية من التصفية العريقة و القتل الجماعى حيث يقع مكتبه المطل على البحر فى الطابق السادس فى مقر مكتب الامم المتحدة

    بنيويورك. سألنى عما اذا كان بإمكانه الحديث بخليط من اللغة العربية و الإنجليزية و أخبرته بانه لا مانع لدى اذا شعر بانه يفضل الحديث باللغة الانجليزية ولكنه تحدث

    بخليط من اللغتين. اجريت معه هذا الحوار المطول بالرغم مقاطعة سكرتيرته الخاصة لنا لإعلامه ببعض التطورات الخاصة بعمله، ولكنه على الرغم من ذلك منحنى

    اكثر من ساعة من وقته الثمين لإنجاز هذا الحوار، فال مضابط الحوار.


    أجرى الحوار لأجراس الحرية من نيويورك: عبد الفتاح عرمان

    فرانسيس دينق: كتبت (بذرة الخلاص) و انا فى طريقى لنيويورك

    كنت أقول للمصريين لا تقولوا بانكم ضد حق تقرير المصير ولكنكم قولوا...

    البعض يفترض بان الجنوب ليس لديه ثقافة!

    قال لى أحدهم: لماذا لا تكتب عن محمد احمد المحجوب!

    الراحل صلاح محمد إبراهيم كان ينوى ترجمة (أغانى الدينكا)

    لنعلى مما يجمعنا و لنحترم الإختلافات بيننا

    دعم الحكومة لثقافات بعينها سوف يؤزم المشهد الثقافى اكثر





    * فى البدء حدثنا عن إستخدامك للغة لمخاطبة قضايا التعدد الإثنى و العرقى، وقضايا الحرب و السلام؟

    انا لا اعتقد بان اللغة هى مجرد وسيلة مخاطبة و إنما اللغة هى وسيلة يعبر بها الناس عن ثقافاتهم، نظرتهم للعالم و فلسفتهم للاشياء، وعندما اكتب عن الدينكا باللغة

    الإنجليزية احاول بقدر الإمكان إبراز ثقافة الدينكا بنفس التعابير التى يتسخدمونها و ترجمتها للغة الإنجيلزية بقدر المستطاع، مثل سماع الناس لاصواتهم، و الشىء الاخر

    هو معظم كتاباتى تعتمد على المقابلات و المصادر و القصص السماعية و عقلية الناس و طريقة تفكيرهم تظهر فى هذا الجانب، و هنا اردت لكتاباتى ان تبدو شبيهة

    بطريقة الدينكا و طرق تفكيرهم و نظرتهم للحياة. و اردت كذلك إبراز ثقافة الدينكا، و اذا اخذنا الطريقة التى يتحدث بها الكبار عند الدينكا فعلى سبيل المثال لو أخذنا

    مثقفى الدينكا عندما يذهبوا للإجتماع مع القبائل و يسمعوا للناس يتحدثون كثيراً و فى الكثير من الاحيان تشعر بانهم خرجوا عن الموضوع المعروض للنقاش، الكثير منهم

    ليس لديهم صبر و يقاطعون الكبار و يقولون لهم هذا خروج من الموضوع المطروح للنقاش، او ليس هنالك وقت لسماع هذا الحديث الكثير او كما فى حالة بعض

    الاخوان الذين ارسلتهم لتسجيل بعض المقابلات مع كبار الدينكا عند كتابتى عن الوالد دينق مجوك او عن كتابى تاريخ الدينكا و غيرهما من الكتب، يقومون باجراء

    لمقابلات و لكنهم كانوا يقاطعون الكبار عند خروجهم عن الموضوع و يقولون لهم: سوف ناتى لهذه النقطة لاحقاً لكن الان اجبنا على هذا السؤال فقط، وعندما يقومون

    بمقاطعة الكبار اكثر من مرة يمتنعون عن الحديث لهم و يقولون لهم: اذا كنتم تعرفون كل شىء لماذا اتيتم لسؤالنا؟ و راى هو بان هذه الطريقة خاطئة و يجب ترك الكبار

    يتحدثون حتى و إن خرجو عن الموضوع، و اذا صبرنا معهم حتى ينهون حديثهم سوف تكون الفائدة اكبر لانهم ربما يضربون امثال و ربما يخروجون عن الموضوع و

    لكن فى النهاية سوف يعودون لسؤالك، وهنا ربما تكون الفائدة اكبر. فالطريقة التى أتبعها مع الكبار هو ان اتركهم يتحدثون بالطريقة التى يريدونها و من خلال حديثهم

    تظهر فلسفة تفكيرهم، و لهذا السبب فى الكثير من كتاباتى ركزت على ما قالوه فى هذه المقابلات، على سبيل المثال اذا قرات كتابى (ذكريات بابو نمر) ففى هذا الكتاب

    لغته كانت مهمة، و هى لغة العرب المسيرية تاتى منسابة فى طريقة حية جداً، حتى و إن لم انشر تلك المقابلات باللغة العربية ولكن فى ترجمتى حاولت ابراز هذه اللغة

    الحية للقارىء. وهذا الحديث ينطبق ايضاً عن تسجيلاتى للدينكا عن الماضى، الحاضر و المستقبل، و يتجلى هذا الامر فى (عالم الدينكا) او فى كتابى عن (رجل يدعى

    دينق مجوك). دعنى اضرب لك مثلاً بسيطاً فى كتابى عن (حكايات الدينكا ) فى الترجمة قلت بان تحية الصباح عند الدينكا (شى باك) ترجمتها الى (هل عثر عليك

    الصباح) المحرر و الاستاذ فى جامعة أكسفورد غير هذه الجملة الى (صباح الخير) و كتب فى هوامش الكتاب (هل عثر عليك الصباح) على الرغم من اننى فعلت

    العكس، و إعتراضى هنا عندما تقول بالانجليزية (صباح الخير) فهذه الكلمة ربما تعنى الصباح او حالة الطقس او اى شىء اخر ولكن عندما تقول (هل عثر عليك

    الصباح) هذه العبارة بها بلاغة لانه لو نظرنا لمخاطر الليل و مشقته فى الصباح نحاول الإطمئنان عليك من ذلك الليل مثل الناس فى الشمال (كيف اصبحت) تعطى معنى

    مختلف، ولهذا حاولت ان اقول للعالم باننا مختلفون عنكم و لدينا ما يميزنا عن الاخرين.


    * (رجل يدعى دينق مجوك) هل تجربة والدكم السلطان دينق مجوك و الناظر بابو نمر تصلح لمعالجة قضايا المصالحة الوطنية فى السودان؟


    و الله (شوف)، طبعاً العلاقة ما بين الدينكا و المسيرية فى ابيى ترجع الى اربعة عقود للوراء، و بإمكانك القول بان جدنا اروب كان اول زعيم من الدينكا يلتقى مع العرب،

    علاقة المواجهة ما بين الدينكا و المسيرية تغيرت و الناس كانت تقول وقتها بانهم خلطوا الماء بالدم حتى يصبحوا اهل. هذه القصة استمرت بعد وفاة السلطان اروب

    لجدنا كوال ثم والدنا دينق مجوك و الناظر بابو نمر الذى كان ناظراً لعموم العرب فى تلك المنطقة، و هنالك صلة ما بين دينق مجوك و بابو نمر فى كيفية وصلوهم للقيادة

    لان جدنا كوال لعب دور فى يصبح بابو نمر ناظراً على المسيرية و ممسكاً بمكانة والده، وجدنا قال: تحدثت لوالد بابو نمر وقلت له بان إبنك هذا سوف يكون له شأن،

    وطلب منى والده ان اتاكد من تسلمه للنظاره من بعده، و طمأنته من فعل ذلك. و بابو نمر لاحقاً لعب دور فى ان يكون دينق مجوك سلطاناً على الدينكا لانه كانت هنالك

    منافسة ما بين دينق مجوك و اخيه من والدته، كما كانت هنالك منافسة ما بين بابو نمر و أبناء عمومته. لو رجعنا لتاريخ العلاقة ما بين الدينكا و المسيرية تسطيع ان تقول

    بانه كانت هنالك موازنة جعلت من القبيلتين ينظرون للمصالح المشتركة فيما بينهم و هذه المصالح المشتركة مكنتهم من العيش المشترك فى سلام تام من غير وجود اى

    توتر فى العلاقة ما بينهما، هذه الموزانة تمت بتشجيع من حكومة الانجليز وقتها كطرف ثالث ساعد فى إتزان هذه العلاقة. و بعد الإستقلال مباشرة، و اقول هذا الكلام

    بكل اسف، بدأت الحكومات المركزية و كانها منحازة للعرب و المسيرية، و العلاقة ما بين العرب و الدينكا كانت علاقة إحترام متبادل من غير تدخل المسيرية فى شؤون

    الدينكا و العكس صحيح، بل بالعكس كل طرف كان ينظر لمصالح الاخر، هذا الشىء بدأ فى التلاشى على من ان البعض فى الدينكا كانوا ينظرون لدينق مجوك بانه

    يحابى العرب ضد مصالح الدينكا ولكن هذا سوء فهم لانه لم يكن يفضل هذا على ذاك و إنما كان يود إرسال رسالة للعرب عندما ياتون للرعى فى مناطق الدينكا بانهم

    تحت حمايته و هو يحترمهم و يراعى مصالحهم حتى يكسب تعاونهم معه للعيش فى سلام، و هذا ما حققه بالضبط، و لذلك كان محبوباً لدى العرب، و لكن بما كان يفعله

    للعرب حقق ايضاً الامن و السلام لشعبه. هذا الامر تبدل بعد الإستقلال و خصوصاً حكومات الاحزاب التى كانت مقربة من المسيرية اصبح الدينكا يرون بان الحكومة

    المركزية منحازة للعرب ضد الدينكا، و دينق مجوك أصر على وجود علاقة طيبة مع الشمال و أستطاع فى بعض الاحيان ان يكسب بعض الشخصيات فى الحكومة

    المركزية لحماية مصالح الدينكا خصوصاً بعد ان تم تكوين مجلس ابيى الذى كان يشمل الدينكا و العرب فكانت مطامع بابو نمر ان يكون رئيساً لذلك المجلس على حساب

    الدينكا، ولكن علاقة دينق مجوك الطيبة ببعض شيوخ المسيرية و بعض الشخصيات فى الحكومة المركزية ساعدته فى ان يصبح رئيساً لذلك المجلس، ربما يكون بانه

    كانت لديه بعض المخاوف من بابو نمر و لكن ان يصبح زعيم اقلية حاكماً للعرب و الدينكا وهو ليس عربى او مسلم و قبيلته لا تمثل اغلبية فى تلك المنطقة و على الرغم

    من ذلك يتم إنتخابه رئيساً لذلك المجلس كانت هذه إشارة جيدة لتبديد مخاوف الدينكا و تاكد لهم بانهم ينتمون للشمال كما ينتمون للجنوب. و مع الزمن و تدخل الحكومات

    المركزية بصورة واضحة لجانب المسيرية أشعرت دينق مجوك بان مكانته قد أضعفت بعد دعم الحكومات للمسيرية، هذا ادى الى فقدان توازن القوة فاصبحت مكانة

    المسيرية قوية و مكانة الدينكا و سلطتهم ضعيفة مما ادى الى إختلال المصالح فى ما بينهما مثل قضيتى التعايش السلمى و التعاون المشترك. و عندما بدات الحرب فى

    الجنوب لم تاتى الى ابيى و أستمرت ابيى كمنطقة سلام و تعاون ما بين القبائل المختلفة، وفى عام 1965م عندما وصلت الحرب للمنطقة، ودعم الحكومة لطرف دون

    الاخر وصل أسوأ مراحله للدرجة التى جعلت الحكومة للقيام بتكوين مليشيات عربية لمحاربة التمرد فى الجنوب، وهذه القبائل إستغلت هذه المسالة و اغارت على مناطق

    الدينكا فى ابيى على اساس ان الدينكا و الجنوبيين كلهم شىء واحد، وباقى القصة معروف بان ابيى انضمت للجنوب فى الحربين الاولى و الثانية، و خصوصاً فى الحرب

    الثانية الكثير من قادة الحركة الشعبية ينحدرون من ابيى لهذه الاسباب التى ذكرتها لك. كما اصبحت ابيى و دينكا ابيى ذوى توجهات نحو الجنوب، و اصبحت العلاقة

    متوترة ما بينهم و المسيرية، و اصبحوا هدفاً لانتقام المسيرية منهم. واذا لنظرنا لاعظم إنجاز فى السودان وهو إتفاقية السلام الشامل شهدت ابيى فى العام الماضى أسوأ

    حرب لم تشهدها من قبل.


    - اذا العلاقة المتميزة ما بين الناظر بابو نمر و السلطان دينق مجوك لا تصلح لان تكون نموذجاً للتعايش ما بين القوميات المختلفة فى السودان؟


    و الله انا فى إعتقادى، و كما قلت فى كتابى (رجل يدعى دينق مجوك) المبادىء موجودة هناك وهى الإحترام المتبادل و مشورة الجانب الاخر فى كل شىء و حماية

    مصالحه يرسل إشارات إيجابية، و خصوصا ً الاقليات و لانهم اقليات فهم يحتاجون لإشعارهم بالامان و الحماية و رعاية مصالهم اكثر من الاخرين. كنت اقول للمصريين

    عندما تقولون نحن ضد حق تقرير المصير هذا يعنى بانكم تتبنون وجهة نظر الشمال ضد الجنوب، و من المفترض ان تقولوا للحكومة فى الشمال: يا اخوانا اذا لم تراعوا

    مصالح اخوانكم فى الجنوب فسوف تخسرونهم، ضربت لهم مثلاً من العلاقة ما بين بابو نمر و الوالد دينق مجوك وهو انت اذا كنت زعيم لا تنظر و تدعم الاشخاص

    المقربين لك، واذا لديك مشكلة ما بين اهلك و بين اخرين فعليك ان لا تاخذ جانب اهلك و إنما جانب الاخرين حتى تشعرهم بالامان و انهم قريبين منك حتى تكسب ثقتهم و

    تقربهم اليك و تطمانهم بانهم فى امان و انك تراعى مصالحهم ايضاً و انهم جزء منك مثل اهلك. بابو نمر و دينق مجوك كانا يقولان بان فكرة العدالة ليس فى تطبيقها

    فقط و إنما فى ظهورك بمظهر الشخص الذى يراعى مصالح الاخرين اكثر من ذوى القربى فهذه رسالة تطمئن الاخر و تجعله قريباً منك حتى يثق فى طريقة ممارستك

    للعدالة. وعندما تاخذ جانب الشخص القريب منك فانت هنا تباعد الشقة اكثر مما كانت عليه بينك و ما بين الاخرين. و الذى كان سوف يوحد السودان منذ ا لبداية اذا

    رات الحكومات المتعاقبة على حكم السودان بان جنوب السودان متضرر اكثر من المناطق الاخرى و لذلك كان عليها ان تتاكد مصالح الجنوبيين هى جزء من مصالح

    الشمال حتى تشعر الجنوبيين بانهم جزء من هذا السودان، وهنالك الكثير من الطرق لفعل ذلك مثل تقليص الإختلافات ما بين الجنوب و الشمال فى كل المجالات، واذا

    كان البعض يقول لان الجنوبيين وقتها لم يكن لديهم الكفاءات المطلوبة فالحكومة من مسؤولياتها خلق هذه الكفاءات بفعل الكثير من الاشياء لجعل هذه المسالة ممكنة مثل

    التعليم و قبول الجنوبيين بنسب اكبر فى الجامعات حتى و إن كانت نسبة تحصيلهم متدنية نسبة للظروف التى خرجوا منها و لكن لسوء الحظ بان الحكومات المتعاقبة لم

    تقم بفعل ذلك. انا كنت فى واشنطن فى اللقاءات مع الناس و جلسات الكونغرس حول السودان كنت اقول انا مع حق تقرير المصير ولكن ليس لانى اريد تقسيم السودان و

    إنما كنت اريد ان تتحمل الحكومة المركزية مسؤولياتها وهو اذا لم يخلقوا شروط الوحدة الجاذبة فسوف يكون السودان فى خطر مما يشعر المركز بالمسؤولية لخلق

    شروط الوحدة الجاذبة، وطرح قضية الجنوب و المناطق المهمشة الاخرى بجدية حتى نشعر الاخرين بانهم جزء من هذا الوطن. عليه اشعر بان تجربة التعايش السلمى

    ما بين المسيرية و الدينكا كان على الحكومة الإستفادة منها لخلق جوء صحى للتعايش السلمى ما بين الاقوام المختلفة فى السودان و لكن كما قلت لك من قبل بان احد

    من علقوا على كتابى (رجل يدعى دينق مجوك) بان الاسس التى بنيت عليها العلاقة ما بين المسيرية و الدينكا غير موجودة حاليا، و انا اتفق معه فى هذا الحديث لان تلك

    الاسس و الشروط التى بنيت عليها العلاقة ما بين الدينكا و المسيرية غير موجودة الان، لان العلاقة المتميزة ما بين الدينكا و المسيرية اصبحت الان غير موجودة و كل

    منهما ينظر للاخر كعدو و ليس كصديق بسبب دعم الحكومة لطرف دون الاخر مما خلف بعض المرارات لدى اطراف الصراع.


    * المثقفون و الأكاديميون القادمون من الشمال النيلى إحتكروا المشهد الثقافى لفترة طويلة، هل تعتقد بان كتاباتك كسرت هذا الإحتكار؟


    من الكثير من الاشياء التى أتالم لها هى بان الكثير من السودانيين الذين درسوا فى الغرب يكتبون باللغات الاجنبية، و كتبهم تنشر فى العالم الغربى، و مع الاسف الشديد

    بان هذه الكتب لا تكون متوفرة للقارىء السودانى باللغة العربية، و ليس مسالة اللغة فقط و إنما هى غير متوفرة فى السودان و إن توفرت فهى غالية الثمن. كتب د. عبد

    الوهاب الافندى بان شخصى من افضل الكتاب السودانيين لكن كتبى غير معروفة للناس فى السودان، اتفق معه فى هذا الجانب. الكثير من الناس فى السودان يقولون

    لى بانهم قراءوا كتبى كلها، وطبعاً انا اخشى ان اسالهم عن اسماء الكتب التى قراءوها لان الكتب التى كتبتها اكثر من ثلاثين كتاباً و حتى الناس الذين يقراءون لى اشك

    بانهم قراءوها كلها، انا هنا اشكر د. حيدر ابراهيم مدير مركز الدراسات السودانية لانهم قاموا بترجمة بعض كتبى للعربية، الان عندما اذهب لاى منطقة فى السودان

    الناس يقولون لى قراءت لك مثلاً (طائر الشؤم) او (حرب الرؤى) و غيرهما من كتب، فعليه اقدم شكرى لمركز الدراسات السودانية. انا افتكر بان نحرص على ترجمة

    الكتب التى كتبها جنوبيون و توفيرها فى المكتبة السودانية، و ليس هذا فقط و إنما الكتب التى كتبها كتاب من الشمال من المفترض ترجمتها لعدة لغات اخرى حتى يتمكن

    الذين لا يتحدثون العربية من قراءتها. علينا ان نسهل من طرق الإتصال ما بين القوميات المختلفة، و بعض الناس يقولون لى بان قراءتهم لكتاباتى عن الدينكا كانت

    بالنسبة لهم مفاجاة لانهم وجدوا الاشياء المشتركة بينهم و ما بين الدينكا. من الإفتراضات التى كانت عند الناس بان الجنوب ليس به ثقافة فعليه هم يرون بان هنالك فراغ

    ثقافى عليهم ملئه، بل حتى من الناحية الدينية يرون ذلك، يعتقدون بان الجنوبيين ليس لديهم اله ووثنيون، وهنا قرات لصديقى عبد الله النعيم معلقاً على كتابى (طائر الشؤم)

    قال انه ينتمى لقبيلة الجعليين المعروفين بالانفة و نظرتهم و تحقيرهم للاخرين، وقال بانه عندما قرأء الكتاب و رأى ثقافة الدينكا الغنية بالتنوع وهو كان جاهل بها وهى

    جزء منه جعلته يخجل من نفسه. وانا هنا اقول له انك رجل عظيم لتقول هذا الكلام لان معظم الناس لا يقولون هذا الحديث، وهو تواضع منك، ولن تقوله الا اذا كنت واثق

    من نفسك، ولكنه ايضاً قال الحقيقة، و هنالك شخصية لا داعى لذكر إسمها قال لى: يا فرانسيس انت تتحدث فى (حرب الرؤى) عن السودان الجديد مثل صديقك د. جون

    قرنق، ولكن السودان الجديد الذى تتحدث عنه كله عن الدينكا، ثقافة الدينكا و اغانيهم، وقال لى: لماذا لا تكتب عن الشخصيات المعروفة على المستوى القوى مثل محمد

    احمد المحجوب و غيرهم؟! هذا حديث من شخص يعتقد بان الكتابة عن الدينكا غير مهمة للسودان و للفهم الجماعى للثقافات السودانية، فقبيلة كبيرة مثل الدينكا هذا

    الشخص يعتقد بانها ليست مهمة حتى نكتب عنها، و يتعقد بان السودان هو الكتابة عن شخصيات شمالية بارزة! وانا عندما اكتب عن دينق مجوك و بابو نمر و الدور الذى

    لعبوه فى ربط الشمال بالجنوب هذا يوضح بان هؤلاء القادة لم يكونوا قادة قبليين فقط و إنما كان لهم دور قومى، و نفس الشىء ينطبق على الثقافات التى اتوا منها مثل

    (اغانى الدينكا) وكان هنالك شاعر و اديب يود ترجمة هذا الكتاب للعربية، وهذا الشخص كان هو الراحل صلاح احمد إبراهيم و لكن مع الاسف لم يتمكن من فعل ذلك

    حتى وافته المنية. و اذا نظرت لاغانى الدينكا مثل تغنيهم لإبقارهم هذا لا يختلف عن اغانى القبائل الاخرى ولكن البعض كان يعتقد بان هذه القبائل ليس لديها شىء يسمى

    الشعر! و مع الاسف ليس بعض الشماليين الذين لديهم هذا الإعتقاد ولكنى اذكر اخى زكريا عندما قراء كتابى (اغانى الدينكا) قال لى: يا اخوى دى اغانينا نحنا و لا إنته

    الفتهم من راسك؟! وفجاءة عندما تنشر هذا الاغانى و تجدها متوفرة لدى الناس يكون لديك نظرة مختلفة لها. وعلى سبيل المثال كتابى (أفارقة بين عالمين) وهو إنعكاس

    لكبار رجالات الدينكا و نظرتهم للعالم مثل الماضى، الحاضر و المستقبل ليس هنالك شخص كان يعتقد بان هؤلاء الناس لديهم العلم بهذه الاشياء ولكن عندما قمت بنشر

    هذه القصص ظهر صراع ما بين الانفصاليين و الوحدويين الجنوبيين و الذين إستشهد بعضهم ببعض ما نشرت من احاديث هؤلاء الكبار لان حكمتهم اصبحت مرشداً

    للبعض، و هذا تم بعض ان نشرت هذه القصص. جاءنى فى المنزل على العشاء وزيرين من حكومة نميرى فى ذلك الوقت قمت بانتاج (البوم) من اغانى الدينكا هنا فى

    نيويورك، وفى العشاء اسمعتهم بعض هذه الاغانى، فاستغربوا و قالوا لى: هل هذه اغانى الدينكا؟ فرددت بالايجاب ولكنهم لم يصدقوا بان اغانى الدينكا الان موجودة فى

    (البوم) تم إنتاجه فى الولايات المتحدة الامريكية، عليه أعتقد بان النظرة للاخر تختلف عندما تتعرف عليه و على ثقافته، وانا اعتقد عندما اكتب عن الدينكا فهذا لا يعنى

    باننى اريد الإعلاء من شان الدينكا و لكن هذا ما نود فعله لكل القبائل السودانية، و الطريق الوحيد الذى يجعلنا نحترم التعدد الاثنى و الثقافى هو ان نتعرف على الاخرين

    و ثقافاتهم لمعرفة ما يجمعنا و ما يفرقنا ولنعلى من ما يجمعنا و لنحترم الإختلافات بيننا. و معرفة التنوع الثقافى و الاثنى فى السودان و ترك هذه الثقافات لتعبر عن نفسها

    بحرية يجعل من السودان بلد قوى وغنى بثقافاته المتعددة و المتنوعة.


                  

09-05-2009, 08:40 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://www.ssc-sudan.org/Ar/DesktopDefault.aspx?tabid=9&ArticleID=48



    الثقافة والعرق
    التحامل والانكار فى المجتمع السوداني
    بقلم : د/ فرانسيس دينق
    ترجمة / بكرى جابر

    مدخل:

    فى البداية يتوجب علينا الاطراء بسخاء على مركز الدراسات السودانية لتنظيمه هذه الندوة الهامة التي جاءت في وقتها. فالثقافة هي محور وجودنا الإنسانى، إذ تحدد ماهيتنا وماهية تطلعاتنا وأهدافنا البعيدة، الى جانب طموحاتنا القصيرة و البعيدة المدى في آن. وترسم استراتجيتنا لتنفيذ هذه الأهداف.
    ومن هذا المنظور تعد الثقافة مرتكزاً أساسيا لفهم السودانيين لذواتهم. و لمواجهة التحديات التي تواجههم كأمة منذ نشؤها. وهي - أي الثقافة - أداة تساعدهم على التحليل، ومن ثم معالجة الأزمات الحادة التي مزقت الوطن أشلاء وعطلت عجلة التقدم عن المضي نحو السلام والوحدة والتنمية والاستقرار وبناء الأمة الواحدة. ولا يجب أن ننظر للثقافة بوصفها ميداناً للتسلية يرتاده الفنانون والشعراء والحالمون، بل هي شأن يرتبط بحياتنااليومية ويجسد قيمنا وقيم مؤسساتنا وأنماط سلوكنا.
    إن رؤيتنا لديناميكية الثقافة ولتقاطع وتداخل الثقافات، يعتمد بشكل أساسي على الزاوية التي نراها منها، ولذا يتوجب على كل شخص يتناولها بتعليق أن يوضح مدخله لمقاربتها. لأننا بذلك نقلل من مخاطر الغموض، ونتحلل من أسر الأحكام المسبقة. ومن هذا المنطلق أود أن أحدد نقطة إنطلاقي في مقاربتي لهذا الموضوع.
    بدءاً وللحقيقة والتاريخ و لتفادي أي لبس أو غموض. دعونى أقر، وبشكل لا مرية فيه، بأنني أؤمن إيماناً قاطعاً بوحدة السودان، وفي ذلك أسير وبكل فخر على ركاب أسلافي مبتدئاً بجدي كوال أروب الذي تعتبره روايات الدينكا الشفوية (أول من أرسى الروابط مع نظائره العرب) ومن ثم والدي دينق مجوك الذي عزز ودعم ما بات شريعة أسرية. ولكن دعوني كذلك أضيف أن أولئك الأسلاف كانوا في ذات الوقت منافحين أشداء عن هوية الدينكا وكرامتهم وعن الوحدة المستندة على المساواة الكاملة. وفي ذلك لم يكونوا يساومون وكانوا يعتزون بكونهم دينكا في أواسط العرب. و قد حظوا باعترافٍ واسعٍ كزعماء لمجالس تجمع ما بين العرب والدينكا في وعاء إداري واحد على الرغم من أنهم كانوا أقليّة. وبالرغم من البعض كان ينظر إلى ذلك كشذوذ عن القاعدة‘ إلا أنني أنظر إليه كمثال على قدرة الأغلبية في جذب وقبول الأقلية ووضعها في موضع الاعتراف الندي. وأنا هنا مثل أسلافي إذ تشكل قضية الوحدة المستندة على المساواة الحد النهائي لرؤيتي القومية، فالتزامي بالوحدة مشروط وبلا مساومة، بالمساواة.
    إن تفهم مثل هذه الرؤية ليس دائماً سهلاً على الآخرين. ناهيك عن تقديرها. وحتى وقت قريب وربما حتى الآن، كان الاتجاه السائد هو تصنيف الجنوبيين كانفصاليين والشماليين كوحدويين والبين بين هم الخونة. وتحضرني محادثة جرت بيني وبين دبلوماسي أمريكي حول الأوضاع في السودان، حيث سألني عن هويتي هل أنا شمالي أم جنوبي؟؟؟ فأجبته بسؤال مضاد قائلا له: ‘خمّن مما سمعته مني حتى الآن هل أنا شمالي أم جنوبي؟؟‘ فأجابني بالقول: ‘أعتقد أنك مسلم من الجنوب.‘ وفي الحقيقة أنني لست مسلماً ولا أتحدث بلكنة مثل الجنوبيين.
    من هذا المنظور الشاذ دعوني أطرح تساؤلاً مستفزاً وأجيب عليه بطريقة مستفزة أيضاً.. هل نحن كسودانيين عنصريون ومتعالون ثقافياً؟ وأجابتي هي بلا شك‘ نعم‘ مع فارق ملحوظ في عملية التعمية والتمويه التي نمارسها داخل المنطقة التي تتداخل فيهاالحقائق والأساطير من أجل تلطيف عنصريتنا وتعالينا الثقافي. وهذه المنطقة هي التي تعمل على إنتاج تلك الأفكار وتقلل بالتالي من قدرتناعلى مواجهة المشاكل التي تواجهنا. وتحد من إيجاد العلاج الناجع لها.
    وفي هذه الورقة أود أن أقول الحقيقة كما أراها دون تمويه أو مواربة، لأنني أؤمن بقوة بأن تعرضنا للحقيقة المرة هو الذي سيكشف لنا الأرضية المشتركة لبناء الوحدة على أسس متينة.

    رؤية السودانيين للثقافة والعرق:

    من أجل تأكيد ما أوردته أعلاه. أرى بأن العرق وتفريعاته من المفاهيم المستندة على الإثنية ووحدة الدم والجهوية، بالأضافة لعناصر التقارب الثقافي، تعد أمراً مركزياً لتحقيق إنسانيتنا وطموحاتنا وإنجازاتنا. وفي كلا المفهومين هناك عوامل ذاتية وموضوعية وهي التي تحدد ماهو مدرك وما هو حقيقي، وهذه العوامل هي التي تنتج في المقابل أسس الإقصاء والقبول بطرق عشوائية أو مبررة. وفي ذلك يبدو السودان بلدٌ انصهرت فيه مفاهيم العروبة كظاهرة عرقية وثقافية بالإضافة للإسلام بتنويعاته المختلفة في وعاء كلي أفضى إلى إرساء أسس الطبقية والتفرقة العنصرية والإقصاء والقبول.
    ولكن قبل أن يُقال بأنني أحمّل المسؤلية لطرف واحد، أود أن أوضح بأن التحامل العرقي والتعالي الثقافي هما خصائص كونية تتقاسمها كل المجتمعات بدرجات متفاوتة. ففي السابق كنت أؤمن بالحكمة القائلة بأن التحامل هو إحد نواتج الجهل، وسيزول بالتعليم والاحتكاك والتداخل الثقافي. ولكن بعد حين راجعت وجهة النظر هذه. إذ أن التعليم ليس عملية مجردة. بل هو عملية لنقل المعارف والخبرات المكتسبة بما فيها كل البغائض والكراهيات التي تنتجها البيئة الاجتماعية والسياق الثقافي. وعلينا في السودان أن نقر بأن التحامل ليس حكراً على الشمال بل هو عملية ذهنية توجد وتنداح داخل الطرفين. الشمال والجنوب.
    و لكن هناك فرق نوعي ما بين تحاملات الشمال وتحاملات الجنوب. إذ أن التحاملات الجنوبية تجاه الشمال ذاتية، وليست ذات أهمية تذكر بالنسبة للشمال لأن الجنوبيين تعوزهم السلطة والمقدرة على ممارسة تحاملهم على الشمال. ومن المؤكد أن تحاملات الجنوبيين تجاه الشمال تنزع أن تكون رد فعل لممارسات الشماليين ولذلك تبدو بائسة. أما الشمال - من الجانب الآخر - فقد مارس ومازال يمارس تحاملاته تجاه الجنوبيين من منطلق الهيمنة القومية. ومن المؤكد - ولذات الأسباب - يجهل الشماليون حقيقة أن الجنوبيين يضمرون لهم نظرة سلبية، تقوم على أساس عرقي وثقافي. وقد أخبرني صديقاً من شباب الدينكا ذات يوم قائلاً: ‘إن الجنوب سيسيطر في النهاية على الشمال. لأن الشماليين يحتقروننا ونحن ندرك ذلك، ونحن نحتقرهم ولكنهم لا يدركون ذلك‘.
    إن تحاملات الشماليين ضد الجنوب متجذرة في التاريخ ومنداحة داخل ثقافة الشمال التي ترى في ذلك التحامل شأن مبرر ومسلم به. والحقيقة التاريخية تقول بأن السودانيين الشماليين هم نتاج عملية تمثل تاريخية أتاحت لهم الخروج من أسر الإهانات التي يمكن أن تلحق بهم باعتبارهم (سود) و(وثنيون)، وفي المستقبل إذا لم يكن في الواقع (عبيد) وقد جعلهم ذلك يحتفون بهويتهم المكتسبة. بل و حتى يشفقون على اخوتهم الجنوبيين الذين لم يتمكنوا من اللحاق بقطار (الهوية) ذلك. وقد عبّر لي أحد القضاة الشماليون من الذين عملوا بالجنوب عن رثائه على الجنوبيين بوصفه لهم بـ (المساكينن) الذين لا يؤمنون بالله. وحين حدثته عن المجلدات التي كتبهاعلماء الأنثروبولوجيا في الديانات النيلية. وذكرت له أن علماء الأديان المقارنة يعتبرون النوير والدينكا من أكثر المتدينين في السودان. جاء رد فعله مندهشاً (بالله العظيم!!)
    ومن هنا يمكن النظر الى سياسات الأسلمة والتعريب وبالتالي تفسيرها. في أحد أوجهها على الأقل، باعتبارها ناتجة عن افتراض الشماليين بأن الجنوب يعاني من فراغ روحي وثقافي. ولذلك عليه - أي الشمال - أن يرفع الجنوبيين من الوضعية المتدنية وسياق الحرمان ذلك، إلى مستوى عزة الثقافة العربية وتفوق الإسلام، دون أن يذكروا سبباً واحداً يتعلق بالوحدة الوطنية مثلاً. ولذلك لا يستوعب الكثير من الشماليين مقاومة الجنوبيين لمثل تلك الرفعة:
    فقد سمعت العرب من الحمريرددون بأن أبي قد كف عن أن يكون (دينكاوياً) وأصبح عربياً وذلك تعبيراً عن قبولهم لسلوكه الاجتماعي. وحدث مرة أن علق أحد العرب علي اجادتي التحدث باللغة العربية، بأن قال لأبي: (إبنك أصبح عربياً). وذات مرة حين كنت بجامعة الخرطوم ذهبت لزيارة سانتينو دينق الذي كان وزيراً في حكومة الرئيس عبود، فخاطبني مدير مكتبه بلغة لإنجليزية مكسرة مخبرني بأن الوزير غير موجود بالمكتب، وقد عبر عن ذلك بقوله:
    “Minister.. no, Minister.. go”.
    فرددت عليه باللغة العربية قائلاً: ‘لماذا لا تجرب اللغة التي تتقنها، وإذا لمم أفهم يمنك محاولة لغة أخرى؟‘
    فاندهش لكلامي وقال: ‘الله! أنا آسف والله قايلك جنوبي‘.
    كل ذلك يوضح أن مفاهيم العرق والثقافة تعمل بفاعلية في إدراك السودانيين لأنفسهم. ومن الواضح أن ما ذكرته أعلاه هو وظيفة للثقافة أكثر منه وظيفة للعرق أو للهوية القومية التي تستند على روابط الدم. وعادة ما يزعم المثقفون الشماليون أن العروبة هي عملية ثقافية وليست عرقية وذلك ما يجعلهم يستبدلون العنصرية بالشوفينية الثقافية، التي في نظرهم مقبولة أكثر من العنصرية.
    والحقيقة هي أن كلاهما ليس مرفوضاً بل وملتحمتان فى وعيينا العام.
    ذات مرة زارني رجلٌ في منزلي وهو يلبس ثياباً عربية ويبدو من الحمر، وكان يحمل في يده إبريقا ومسبحة. وكان يتحدث لهجة عربية واضحة ولم يكن لدي أدنى شك من أنه عربي، وبعد برهة قال لي بلهجته الحمرية أعتقد أنك لم تعرفنني؟ وحينما أكدت له ذلك. مضى يشرح لي هويته: ‘أنا إبن عمك دينكاوي مائة بالمائة، ولدت وترعرت بالشمال وأصبحت معتنقا للثقافة العربية‘.
    ‘إن أحد الأسباب التي تدعوني للتمسك بالوحدة هو أن لدينا العديد من الجنوبيين من ذوي الدماء المختلطة، بدرجات متفاوته، أصبحوا يعدون أنفسهم عرباً. وينكرون أصولهم غير العربية. وبعضهم ذوي أصول إفريقية مئة بالمئة. ويمكننني أن أذهب أبعد من ذلك في القول بأن غالبية سكان الشمال هم ذلك النوع. وأن لا أرى شيئاً يجزىء الوطن سوى تخلينا عن هويتنا وأصولنا‘.

    التبسيط الاستراتيجي للتعقيد:

    على الرغم من أهمية الإقرار بالتركيبة العرقية الثقافية المعقدة للسودان وما تمثله من تحدٍ سياسي للبلاد. إلا أنه لا يجب أن نترك أنفسنا عرضة للانجراف وراء هذا التعقيد وعلينا أن نعيد تعريفنا للأزمة بطريقة بسيطة دوماً لنجعل حلها ميسوراً، وهذا التبسيط يجب أن يبدأ بالإقرار بالحقائق التاريخية التي قسمت البلاد إلى شقين شمال وجنوب مع مناطق بين بين في الوسط. ومن ثم نبحث عن حلول عملية استناداً على تلك الحقائق تاركين الباب مفتوحاً لحلول استراتيجية على المدى البعيد.
    إن الأمر الأساسي في هذه القسمة الشمالية/الجنوبية هو أن هنالك هوية متميزة للشمال تشكلت وتطورت عبر آلاف السنين وأهم مقوماتها العروبة والإسلام. بينما تشكلت هوية الجنوب كمقاومة ضد الهيمنة الشمالية وضد التهديد بالاندغام داخل الصبغة (الإسلاموعروبية). ويمكن لتقرير المصير أن يكون حلاً في هذا الاتجاه. ولكن يجب ألا ننظر لتقريرالمصير كمرادف للانفصال. بل يجب أن نراه تحدياً وخاصة بالنسبة للشمال، في أن يجعل الوحدة خياراً محبباً للجنوب وذات فوائد أكثر من الانفصال.
    هنالك ثلاث خيارات أساسية للخروج بالبلاد من محك الصراع الشمالي/الجنوبي: يتمثل الخيار الأول في إعادة بناء الوطن بطريقة جوهرية تسمح بالمساواة الكاملة ولا تتحدد فيها وضعية الفرد على أي اعتبارات عرقية أو ثقافية أو دينية. وهذا الخيار يعد هو الأفضل على الإطلاق والمرغوب فيه بشدة، ولكنه عصي على التحقيق في ظل الأوضاع السائدة.
    أما الخيار الثاني هو خلق إطار لوحدة فضفاضة تحمي هوية وأمن كل إقليم تاركةً الباب مفتوحاً للتداخل والانسجام لخلق تكامل نهائي يخلو من أي نزعات انفصالية. وبالرغم من أن هذا الخيار معقول وعملي إلا أنه ليس سهلاً على التحقق الآن. والخيار الثالث والأخير هو الانفصال وهو الأسهل بين هذه الخيارات ولكنه غير مرغوب فيه لأنه يؤكد فشلنا في إيجاد صيغة للتعايش المشترك.
    وبعيداً عن صيغة القسمة ما بين شمال وجنوب. هنالك حاجة ماسة لمواجهة أزمة المناطق الحدودية الثلاث: أبيي وجبال النوبة والانقسنا. فيما يتعلق بأبيي، كان لدينكا ‘أنقوك‘ في كردفان دوراً تاريخياً كجسر للتواصل بين الجنوب والشمال. وقد كان لزعمائها من أسرتي القدح المعلى في ذلك. ولكن ما نتناساه غالباً أن هنالك بعض القبائل الجنوبية من بينهم ‘التويج‘ في بحر الغزال و‘الراوونق‘ في أعالي النيل. كانوا جزاءاً من إدارة قبلية موجودة في كردفان تحت زعامة جدي كوال أروب. ولكنهم انفصلوا بعد ذلك وانضموا إلى الجنوب. بينما ظلت قبيلتنا – دينكا انقوك - في إقليم كردفان (من أجل حماية الحدود) وليلعبوا دوراً تصالحياً في تلك المنطقة المتداخلة قبلياً. ومع مرورالوقت وتفاقم أزمة الصراع ما بين الشمال والجنوب كف ‘الانقوك‘ عن أن يلعبوا ذلك الدور وأصبحوا نقطةً في خط المواجهة. وإذا نظرنا إليهم في ذلك السياق التاريخي نجد أن دينكا ‘أنقوك‘ كانوا دائماً يمثلون الذراع الجنوبية الممدودة إلى الشمال دون أن تبتر عن أصولها الجنوبية. وفي حال تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب لا يكون هنالك مجال للشك في أين سيقع دينكا ‘أنقوك‘؟
    أما بالنسببة للنوبة والأنقسنا فإن وضعهم يختلف نوعياً عن دينكا ‘أنقوك‘ لأنهم أكثر ارتباطاً من النواحي الثقافية والدينية بالشمال. لذلك فإن أي حل يعطيهم الحق في ممارسة هوياتهم المتميزة ويمنحهم اعترافاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، يكون قد أتاح لهم حكماً ذاتياً ويمكنّهم في ذات الوقت من أن يلعبوا دوراً ديناميكياً في الربط والتواصل بين الشمال والجنوب.
    وفقا لما أوردته أعلاه فإننا نحتاج إلى خلق إطار يمهد لتكامل بعيد المدى عبر عمليةٍ سلمية تطورية ذات نفس طويل.

    نحو استراتيجية ثقافية للوحدة في إطار التنوع:

    إن أي حلٍ سلمي للصراعات العرقية والثقافية والدينية في السودان يجب أن يتجاوز حدود الكلام المعسول من أجل سبر غور الأزمات السودانية واقتراح الاستراتيجيات المناسبة لحلها.
    وكما أوضحت في بحث سابق لي عن الصراعات السودانية (أن ما يفرقنا هو المسكوت عنه) بينما المواجهة والكشف يحفزان الحوار والبحث الجاد عن الحلول. وعلينا أن نستبعد أساطير الهوية التي مزقت البلاد طويلاً ونبحث في ثراء التنوع الذي لا يزال حتى الآن مطموراً في تلافيف الخطاب البلاغي والانشائي.
    أولاً علينا أن نزيل العوائق اللغوية التي حرمت قراءنا من الجانبين من التوافر على - وبالتالي معرفة - الموارد والمصادرالثقافية لدى الجانبين. إذ يتوجب علينا ترجمة الأعمال المكتوبة باللغة الإنكليزية إلى العربية لجعلها ميسورة ومتاحة للقراء في الشمال كما يتوجب علينا بالمثل ترجمة أعمال الشماليين في موضوعات تهم القارىء الجنوبي مثل الحوار حول الهوية القومية. ونقلها إلى اللغة الأنكليزية للقراء الجنوبين الذين لا يقرأون إلا بها.
    الخطوة الثانية والتي تسير متساوقة مع الأولى. هي تكثيف أنشطة البحث في تنوع الثقافة السودانية وتوثيق ذلك عن طريق الكتابة والوسائط المرئية والمسموعة وجعلها متاحة للقراء والمشاهدين في كافة أرجاء القطر.
    أما الخطوة الثالثة والتي تتساوق أيضاً مع سابقاتها، تتمثل في التحليل المقارن لهذه المواد الثقافية لتحديد القواسم المشتركة وكذا الفوارق بين تلك الثقافات، وذلك من أجل خلق مركب ثقافي متكامل وغني.

    وأخيراً، إن أية استراتيجية شاملة للتنمية الثقافية تستلزم أطراً مؤسساتية لها كينونتها التمثيلية. وذلك لوضع التصورات ولشرح وتفسير وتنشيط، ومن ثم فحص ومراجعة تلك الأنشطة من أجل ترقية دور الثقافة كوسيلة لتحقيق السلام والاستقرار وبناء الأمة الواحدة.

    خاتمة:

    في مفارقة جديرة بالاهتمام تؤكد عكس الأدوار في رسم ملامح التوجهات القومية، يجب الاقرار بالمساهمة الكبرى التي قدمتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان بتفجيرها للحوار حول التحديات التي تواجه السودان الجديد استنادا على الإقرار بالعناصر المتميزة المكونة للبلاد. وبمناداتها بالمساواة دون تفرقة على أسسٍ دينية أو عرقية أو إثنية أو ثقافية، أو على أساس الجنس (gender). بينما قدمت الجبهة اللإسلامية القومية، من الجانب الآخر - ولا زالت - تقدم مساهمتها على أسس التفرقة والإقصاء. أما التجمع الوطني الديمقراطي فيحاول أن يلعب دوراً وسطاً يتمثل في مساعيه لبحث إمكانيات التواصل وإيجاد القواسم المشتركة بين تناقضات ذلك التنوع. أما القُوى الحديثة والمثقفون والاتحادات التجارية وقُوى التقدم فقد كانت دائماً تلعب دور العامل الوسيط لعملية التغيير بالرغم من أن مساهمتها المستقبلية كانت دائماً متعطلة بسبب فقدانها للقاعدة السياسية العريضة. إن كل ذلك يعني أن هناك حاجة ماسة لتضافر جهود الجميع من أجل تحقيق الاجماع القومي. ومثل هذا الاجماع لا بد أن يقوم على عدة فرضيات أساسية:

    أولاً: داخل كل المجتمعات السودانية وجود متأصل للتحاملات على أسس عرقية وثقافية وعلينا الاعتراف بأن ذلك مرض اجتماعي في حاجة الى علاج، وفي ذلك تلعب المجموعات المهيمنة الدور القيادي من أجل التوصل إلى ذلك العلاج.
    ثانياً: علينا الإقرار أيضاً بأن رؤيتنا وأفعالنا مختومة بأختام الهوية الضيقة التي تنزع دوماً نحو تشويه منطلقاتنا وتجرفنا إلى حد العنف.
    ثالثاً: يتوجب علينا إيجاد الحلول الفورية الأنجع لتلك التشوهات مع إتاحة الفرصة لتفاعل بناء يحقق التكامل القومي بعيد المدى.
    رابعاً: من أجل تحقيق تلك الغاية نحتاج إلى خلق إطار مؤسس يحفز ويقود النشاط البحثي وإنتاج المواد الثقافية.
    خامساً وأخيراً: علينا أن نتذكر دائماً أنه مهما تكن أجندتنا السياسية والثقافية والدينية فإن تحقيقها لا يتم إلا عن طريق الإقناع والإقتناع وليس عن طريق الإكراه والإجبار.
    أود أن أختم ورقتي هذه بحكاية من تاريخ دينكا ‘أنقوك‘ الشفاهي تقول أن جدي الأكبر ‘أروب بيونغ‘ ذهب ليقدم مبايعته للمهدي وكان معه زعيم آخر للدينكا هو ‘ألور إجينغ‘، وتقول الرواية أنهما اعتنقا الإسلام وصليا مع المهدي. وبعد أن انتهيا من الصلاة سأل ‘ألور إجينغ‘ ‘أروب بيونغ‘ قائلاً: ‘أروب، حينما صلينا مع المهدي هل رأيت الله؟‘ فرد عليه أروب بالقول: ‘لا لم أره، ولكن دع هذا الأمر كما هو عليه‘.
    والنقطة التي أود الإشارة إليها هنا هو أنه من الواضح أنهما أعتنقا الإسلام تحت ضغط الإكراه. وحينما يعودان إلى ديارهما سيعودان ثانية إلى ديانتهما الأصلية، لأن الأمر لم يكن قد تم عن طريق الاقناع والاقتناع.


    قدمت هذه الورقة في ندوة ‘الثقافة والتنمية‘ بالقاهرة والتي عقدها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة أغسطس 1999م وعلى القاريء الكريم مراعاة السياق الزمني الذي كتبت فيه.
    المترجم.







                  

09-05-2009, 08:43 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://wwww.sacdo.com/web/forum/forum_posts.asp?TID=4&PID=2


    انضم: 17 March 2006
    الردود: 1308
    الموضوع : الهويه..السودان الجديد ..ندوه للبروفسير فرانسيس دينق ..بواشنطن ..العاصمه ,ملخص
    Posted: 20 March 2006 at 10:50pm
    فارس موسى فى

    الهويه..السودان الجديد ..ندوه للبروفسير فرانسيس دينق ..بواشنطن ..العاصمه ,ملخص

    أقامت السكرتاريه الثقافيه بجالية منطقة واشنطن الكبرى ندوه بعنوان
    الهويه والسودان الجديد..للبروفسير فرانسيس دينق.
    إلى ملخص الندوه:.
    *ادار الندوه بإقتدار الاستاذ /طلحه جبريل رئيس مكتب صحيفة الشرق الاوسط بواشنطن العاصمه.
    *امُ الندوه جمع غفير من السودانين المهتمين والمهمومين بقضايا الحوار الدائر داخل وخارج الوطن.
    *ا’عتبرت الندوه من اروع الندوات لهذا الموسم لحيوية المتحدث ولا غرو ,وتفاعل الحضور.

    تحدث البروفسير حديث العارف المتمكن ببواطن مشكل الهويه وإفرازته فى الصراع الدائر ببلادنا قبيل خروج المستعمروحتى يومنا هذا ، فالرجل قامه رفيعه وصاحب إسهامات ثره تجاه قضايا الوطن كافه منذ امد ليس بالقريب .

    تحدث البروف عن الهويه تاسيسا على حق حرية الجماعات فى الحفاظ على هوياتها وتطرق إلى رؤية السودان الجديدحول مفهوم الهويه شارحا وموضحا لكثير من النقاط مثار الجدل حيث اوضح ان مفهوم الهويه لدى رؤية السودان الجديد يرتكز على اسس العداله والمساواه فى الحقوق والواجبات تجاه كل هويات الوطن المتعدده بإحترامها لبعضها البعض دون طغيان من ثقافه او هويه على اخريات خاصة بذلك المنحى الذى اخذه الصراع فى ظل النظام الحالى.
    لخصها البروفسير بمشاركة اصحاب الهويات الاخرى مع الهويه المفروضه والسائده دون اللجوء للعنف لفرض هويه على ا’خريات وبالمشاركه الحقيقيه والفاعله فى صياغة هوية البلاد على اسس الاحترام والحقوق وذلك بخلخلة الثوابت القديمه لإتاحة قيام سودان جديد وفق رؤى ومفاهيم تحترم خيارات الاختلاف والتنوع لصياغ هويه فى الختام ترضى طموحات جميع الشركاء فى الوطن.


    * تحدث البروف عن إستهجان اغلب الجنوبيين بمختلف شرائحهم عندما طرح الدكتور الراحل جون قرنق مفهوم السودان الجديدفى نهايات الثمانينات حيث اشار إلى ان المقاتلين وشرائح لا يستهان بها من الجنوبيين كانت تقول دع الدكتور يقول ما يشاء نحن نعرف لماذا نقاتل !! وفيما نصبو إليه من خلال القتال ، واشار البروف إنه ومع مرور الايام خاصة عند عودة الراحل المقيم إلى الخرطوم بعد توقيع الاتفاق والإستقبال الملايينى الحاشد الذى لم يسبق ان لقيه زعيم سودانى وتفاعل جماهير الشعب السودانى وقتئذ مع اطروحات الحركه والتزاحم الذى اثار شكوك قيادات الحركه من تدافع الجماهير للتسجيل عندما تم فتح مكاتب الحركه بمدن شمال السودان ،خاصة مكتب الخرطوم الذى فاقت اعداد المتسجلين فى فتره وجيزه المليون ومائتى الف عضو مما حدا بالمكتب بقفل باب التسجيل خوفا وحيره. كما اورد البروف إقتناعهم بصواب طرح الراحل هو ذلك الحراك وسط عدد لا يستهان به من ليبراليين وديمقراطيين ويساريين فى السودان تجاه مفهوم السودان الجديد ولو وفق مفاهيم واسس فكريه لا تختلف كثيرا عن طرح الدكتور الراحل،كل ذلك الحراك والفعل وصل إلى الجنوبيين وتم توثيقه وعكسه لهم مما اثار جدلا وحوارا جديدا وساخنا فى اوساط عامة الجنوبيين عن مغزى ومفهوم السودان الجديد وانقسم (على حسب قول البروف)الجنوبيون إلى تيارين لا يزال الحوار والجدل دائرا بينهم حول إمكانية تحقيق رؤية وحلم الزعيم الخالد.
    من اقوال البروف :
    *يهمنى جدا ان نؤسس لوطن نعيش فيه جميعا كسودانين من كل الجهويات والالوان والاعراق والاديان والثقافات وذلك واقع انا عايشته داخل اسرتى التى تضم المسلم وغيره. دون ان يغمط احدنا الاخر حقوقه بسبب اللون او الجهه او العرق او الثقافه او الدين.

    هنالك ثلاثه خيارات يشكل كل واحد منها سيناريو :

    *الإتفاق على إطار قومى للإنتماء
    *القبول بإختلافاتنا والبحث عن وسائل وسبل للتعايش معا وفق اسس متفق عليها
    *الإنفصال وتجزئة الوطن
    شارك الحضور بالإستفسارات والتعليق وحكى العديد من الحضور مواقف طريفه مرت بهم عن مسالة هوياتهم .

    تخلل الندوه العديد من الطرائف والنوادر إبتدرها المتحدث الرئيسى (البروف دينق) بروح لطيفه ودعابه ثاقبه فى توصيل رساله مؤداها ان السودانيين جنوبيون او شماليون لديهم حس عالى بالإنتماء والإلفه والحميميه عدا قله لا يجب الإكتراث لها.

    الطر’ف التى حكاها البروف ذكرتنا بطرف الراحل الدكتور فى توصيل رسالته وإخراج الحضور من ملل اللت والعجن السياسى الجاف وعند الاثنين روح لا تخلو من دعابه لطيفه ومحببه.

    تعليقى :
    اللافت للنظر(نظرى انا ) وأأمل ان يكون ضعيف ان البروف يحذو خطو الراحل فكريا حذو النعل بالنعل !!فقد انتابتنى حيره لبرهه ليست بالقليله وانا استمع للبروف وهو يكرر كل ما سمعناهو من الراحل د/ قرنق لدرجة انك لو اغمضت عينيك لخلت إنك تستمع للراحل فى تحليلاته البسيطه والقيمه لمسالة الهويه وإستشكالات الصراع والحلول التى يقترحها.نهايتو
    من الذى اثٌر فى الاخر ولا انا سمعت بروف دينق متاخرا .مندرى!!!؟

    تطرق البروف لمسالة ابيي بعمق موضحا رؤيته للنزاع ردا على سؤال من احد الحضور وهو اخ عزيز من ابناء جبال النوبه وكأن البروف كان متوقعا لهذا السؤال فكانت إجابته جاهزه جاهزية تقارير لجنة الامريكان ولم يتوان لحظه فى إسماعنا له مع كثير من المحسنات السلموتعائشيه!!! لى عوده اكيده لراى البروف المحترم عندنا وعندهم (اهل الهوى )اقصد عشاق الزيت اينما وجد
    ملحوظه مهمه جدا عن اب :

    إن وفقت’ فى هذا التلخيص فهى محمده وتجربه امل وارجو ان اكررها لاحقا وإن اخفقت
    يقع على من الان عبءالاعتذار للقراء ةالقارئات فهى محاوله الغرض منهاإعطاء الذين لم يحضروا اللقاء صوره مبسطه دون خلل مقصود مما دار بتلك الندوه وللجميع المحبه وخالص الود.

    إنتهى



                  

09-05-2009, 08:51 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    http://www.tawtheeg.net/vb/showthread.php?s=c0cc53b481c...1bc5&p=3834#post3834

    فرنسيس دينق
    من / موسوعة الشخصيات السودانية

    في لقاء بجنيف 2002 ضم الأستاذ الأديب طه يوسف حسن حاول
    الدكتور فرنسيس دينق أن يقدم فذلكة بيوغرافية لنفسه ورده
    علي الأسئلة الحائرة نوردها له وما احلي ألحكي من مصادره
    ومن خشم سيده

    أنا ولدت في بيت «وحدوي»
    جدي أروب بيونغ هو الذي خلط بين الدم العربي والزنجي بحكم
    زعامته لقبيلة الدينكا وإجادته للغة العربية وكان حلقة الوصل بين
    قبائل الشمال والجنوب وعاش في جنوب كردفان وكثيراً ما يفصل
    في قضايا النزاع بين المسيرية والدينكا، اقترح المفتش الإنجليزي
    على جدي ضم قبيلته الموجودة بجنوب كردفان لإدارة بحر الغزال
    ولكنه رفض وخلف جدي دينق الذي فضل البقاء في جنوب كردفان
    رغم محاولات الانجليز الجادة لإرجاعه لبحر الغزال وكان والدي يُحظى
    باحترام من شيوخ القبائل العربية آنذاك وتم انتخابه رئىساً للمجلس
    المحلي في المنطقة مما اعتبرها البعض إحراجاً وخيانة للزعيم
    بابو نمر ناظر عموم المسيرية، وهذه كانت نقطة تحول إيجابية في
    دعم علاقة الدينكا بالعرب ولكن الأمر لم يستمر كثيراً فكانت حرب
    الدينكا والمسيرية في عام 1965م.

    هذا هو المناخ الذي تربيت فيه مناخ إفريقي -عربي حيث ما زلت
    متأثراً بتربيتي وبأفكار الأسرة التي من شأنها جمع أبناء الشمال
    بأبناء الجنوب، المراحل التعليمية كانت سبباً لهذا المزيج الثقافي
    والفكري حيث تعلمت في مدرسة أبييي وهي حكومية وليست
    إرسالية كما فعل بعض أخوتي، ودرست الثانوية في خورطقت
    النموذجية مما جعلني أدرس بعض الأديان مثل البروتستانتية
    والكاثوليكية والدين الإسلامي.

    فلذلك أنا أتعامل مع القيم الدينية الموجودة في
    جميع هذه الديانات لا أتعامل مع دين بعينه.

    . أذكر طرفة جميلة عندما وقفت أمام الرئيس السابق جعفر
    نميري لأداء القسم كوزير دولة بالخارجية وقفت دقيقة متردداً
    بين الإنجيل والقرآن وأخيراً مررت يدي عليهما الاثنين معاً
    وأقسمت، ضحك الوزراء الموجودون وقتذاك. هذه الخلفية
    الدينية والثقافة العربية الإفريقية والمكتسبة من خلال
    المراحل الدراسية جعلت موقفي معتدلاً من قضية الجنوب
    حتى يتسنى لي التوفيق بين أطراف الصراع، تاريخي
    السياسي لا يعرف أي انتماء الى أي تنظيم سياسي ضد
    الحكومات الشمالية المتعاقبة.

    ولكن كيف نفسر هذا الخصام الذي يمتد بينك وبين الوطن
    منذ عام 1983م؟.
    - للأسف كثير من الأخوة الرسميين والمثقفين فسروا بُعدي بالإنضمام
    الى صفوف المعارضة، قد يكون هذا بحكم علاقتي مع أهل المعارضة،
    ولو أتيحت لي فرصة للتعرف ببعض الحكوميين لما ترددت، عند زيارة
    قرنق الأخيرة لأمريكا طلبت مني بعض الدوائر الفكرية عمل تعليق
    على محاضرة العقيد قرنق في منتدى الجبهة الديمقراطية وقمت
    بالفعل أنا والأستاذ محمد إبراهيم خليل بالتعليق فهذا لا يعني أنني
    منحاز لجهة ما ضد أخرى ولو حضر د. الترابي في محاضرة أو السيد
    الصادق المهدي لقمت بنفس هذا العمل.

    وهنا أريد أن أشكر الأستاذ اسماعيل العتباني على تقييمه الجيد
    لرؤاي وكتاباتي في مقاله الذي صدر بـ «الرأي العام» ولكن أتساءل
    ما هي المعطيات التي جعلته يصنفني سياسياً أريد أن أقول له
    وللمثقفين السودانيين إن فرانسيس الذي قرأتموه في سطور
    طائر الشؤم وغيرها هو نفس فرانسيس الذي يعش بجسده في
    أمريكا وبقلبه في ربوع السودان،.

    أذكر أنني عندما كنت أستاذاً بكلية القانون جامعة الخرطوم بعثت
    الى لندن لدراسة فوق الجامعية، ولكن عند تقديمي لعدد من
    البحوث والدراسات قررت إدارة الجامعة بلندن قبولي للدكتوراة
    مباشرة دون الماجستير، فوجئت بأن جاءني أمر من جامعة
    الخرطوم بالرجوع فوراً للسودان قبل إتمام PH.D لاتهامي
    بأنني قائد الحركة الشعبية لتحرير الجنوب في أوربا مع أن
    الجنوبيين كانوا يعتبرونني متعاطفاً مع الشماليين ولكن تدخل
    بعض الشخصيات البارزة أمثال محمد صالح الشنقيطي
    وبشير محمد سعيد رئيس تحرير الأيام سابقاً واتحاد الطلاب
    السودانيين بلندن جعل إدارة الجامعة تعدل عن قرارها
    وأذكر أن رئيس اتحاد الطلاب السودانيين بلندن كتب مخاطباً
    إدارة الجامعة قائلاً:
    «اذا كان فرانسيس دينق يعامل مثل هذه
    المعاملة فكيف يعامل بقية الجنوبيين؟».

    وعند زيارة الفريق عبود الى لندن آنذاك أعطت السفارة السودانية
    أسماء بعض الذين ربما يشكلوا خطراً على زيارة الرئيس وورد
    اسمي من بينهم، وأتاني بوليس «اسكتلند يارد» بوليس مكافحة
    الشغب والجرائم، وسألني إذا ما كنت أنوي القيام بأي عمل معاد
    لزيارة الرئيس ضحكت وقلت له: بيني وبين السفارة السودانية
    بلندن حوار إيجابي وبالتحديد مع الملحق العسكري آنذاك مزمل
    غندور الذي اعترف بجميع مكاتباته وتقاريره مع الخرطوم واتهامه
    لي بمعارضة النظام وهو نفسه الذي نظم مقابلتي بالفريق عبود
    ومحمد طلعت فريد أثناء هذه الزيارة.

    ü ما هي الأطروحات السياسية التي قدمتها من أجل المساهمة
    في حل قضايا السودان بما فيها قضية الجنوب العالقة الى يومنا هذا؟.
    - عندما كنت سفيراً في دول أسكندنافيا كتبت كتاباً باسم وزارة الخارجية
    السودانية Peace and Unity) ) السلام والوحدة في السودان وقدم هذا
    الكتاب هدية لمنظمة الوحدة الإفريقية بمناسبة يوم الوحدة في السودان،
    وقام بتقديمه الرئىس السابق جعفر نميري وكان الأستاذ جمال محمد
    أحمد وزير الخارجية آنذاك معجباً بهذه الفكرة التي تضمنها الكتاب حول
    فلسفة السلام وأمر السيد الوزير بتوثيق هذا الكتاب ليصبح وثيقة مهمة
    من وثائق الخارجية السودانية بل وأصبح الفلسفة الرسمية للوحدة في
    السودان، قبيل اتفاقية أديس أبابا التي ردت للسودان اعتباره وجعلته
    رائداً في المنطقة العربية والإفريقية تحركنا بنشاط لإنجاح هذه الاتفاقية
    أذكر أنا وبونا ملوال ذهبنا الى لندن للقاء مدين قرنق ممثل الحركة
    الجنوبية في لندن ولورانس وول لإقناعهم بتعديل رأيهم المتطرف
    لإنجاح عملية السلام وقد كان.

    وعندما كنت وزيراً للدولة بوزارة ا لخارجية كلفني نميري بكتابة كلمة
    مختصرة بالإنجليزية لتأييد اتفاقية كامب ديفيد وقام السيد الرئيس
    السابق جعفر نميري بإلقاء هذه الكلمة برمتها وبدون تعديل أمام
    منظمة الوحدة الإفريقية يؤيد فيها اتفاقية كامب ديفيد، وبعدها
    بيومين حضر د. حسن الترابي وبونا ملوال وأبيل ألير وآخرون لدعوة
    عشاء في بيتي حيث دار جدل ولغط حول هذه الكلمة بعضهم قال
    إنه يشتم رائحة المخابرات الأمريكية (C.I.A) في هذه الكلمة
    والبعض الآخر قال: إن هذه الكلمة لم تكتب في السودان وإنما
    جاءت من مصر ولكن أبيل ألير قال لهم: عندما قرأت هذه الكلمة
    رأيت فيها صورة فرانسيس دينق.

    أنا بدوري على استعداد لتوفير مناخ صحي بين الأطراف المتصارعة
    دعماً لعملية السلام وصولاً للوحدة التي أدعو اليها منذ بعيد لأنني
    من دعاة «وحدة السودان
                  

09-05-2009, 02:58 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    الدكتور فرانسيس دينق قامة تتحدث عنها مؤهلاتها وخبراتها وسمعتها ووشائجها الانسانية بالاخر وقبولها الوطني والعالمي المحترم كانسان خلاق ولا يحتاج لاي دعاية تضخم بالزيف لشخصه لانه في غنى عن ذلك ....
                  

09-09-2009, 07:05 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-08-2009, 06:20 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-07-2009, 02:45 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-07-2009, 02:52 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)





    اقامت الجالية السودانية بفلادلفيا مساء امس ندوة سياسية بمناسبة عيد الاستقلال، استضيف فيها الدكتور فرانسيس دينق مسئول ملف الابادة الجماعية فى الامم المتحدة.

    ابتدر الندوة رئيس الجالية د. ابراهيم ابراهيم مرحباً بالحضور وشاكراً لدكتور دينق تلبيته العودة. اخذ الفرصة بعده مقدم الندوة د. بحر الدين على دينار الذى قدم د. دينق مستعيناً ببعض مما كتب د. دينق فى كتابه (ذكريات مع العم بابو نمر). اتيحت الفرصة لدكتور دينق الذى خاطب الحضور قائلاً:

    اشكر الحضور و الجالية السودانية وانا سعيد بوجودى معكم، وكنت افكر باى لغة اتحدث معكم ولكن الاخ على سهل على المهمة عن تحدث بالعربية و الانجليزية معاً، وفى الحقيقة جيلنا كان محروم من دراسة اللغة العربية مع الاسف، وسوف اتحدث اليكم بالعربية و الانجليزية خليط. وعندما كنت فى جامعة الخرطوم فى الخمسينات ذهبت لزيارة وزير جنوبى وهو سانتينو دينق فتحدثت لمدير مكتبه فرد على بانجليزية مكسرة خالص

    (Minister no, Minister go (

    فقلت ليه بالعربى انته ما تتكلم اللغة البتعرفها ولو الواحد مافهمك بعدين حاول اتكلم لغة تانية فرد على: والله فاكرك جنوبى!!. لما وجهت لى الدعوة سالت نفسى كتير اقول شنو لانو نحنا اتكلمنا كتير عن الاستقلال والفضل شنو نتحدث عنو. كنت شغال فى كتاب انتهيت منه قريبا حول حق تقرير المصير دستورياً فى افريقيا عامة ثم بعد ذلك فى السودان على وجه الخصوص. لم اكن متنبه لوجود اطفال ونساء فعليه ربما لم اوفق فى اختيار الموضوع الذى سوف اتحدث عنه هنا فعليه سامحونى لو حديثى خرج عن توقعاتكم عن الاستقلال ولكن اعتقد انو علينا التفكير عن الاسس الدستورية و التحديات التى تواجهنا اليوم. الحديث بتاع الاخ على عن بابو نمر ذكرنى بشىء اقوله لكم واتمنى ان لا يساء فهمه وهو فى اواخر الستينيات كان والدى مريض وتوفى لاحقاً فى مصر وبعدين رجعنا البلد وفى حالة الحرب الاهلية واعداد ضخمة من الجنود وكان فى رجل واحد من اعمامنا اسمو مهدى وتمت تسميته مهدى لانو جدنا قابل المهدى فى ذاك الزمان واسمى ابنه عليه، فمهدى طلب منى وزكريا شقيقى الحضور اليه ونحنا قاعدين وبعدين شوية من الناس قال لى مهدى الانجليز الذين كانوا متواجدين هنا قاعدين تلاقوهم؟ فرددت بالايجاب، انبسط الرجل و انفعل وقال: عندما خرجوا اتوا الينا هنا واجتمعوا مع القبيلة وقالوا نحنا مغادرين ولكن سوف نكون حريصين نرى انتو ماشين كيف، وكيف يمكنكم مواصلة المشوار لوحدكم ولو فشلتم سوف نعود مرة اخرى!. واضاف مهدى: هل يمكنك يا فرانسيس اخبار الانجليز باننا فشلنا فى السودان؟. مع الاسف عندما حكيت هذه القصة من قبل تم تفسيرها بان فرانسيس يدعو لعودة الانجليز، وهذا ليس بيت القصيد. و الان دعونا ننظر لمشكلة الدساتير الافريقية و هو الشىء الذى بنيت عليه فى كتابى هو الدساتير لان الدساتير فى كل افريقيا كانت ذات اصول غربية وهى دساتير خلفها المستعمر وهى طبعا صممت لتتلائم مع الدول الغربية ولكنها لا تتوافق مع بيئتنا، وتم الاتيان بدساتير تتوافق مع ثقافة المستعمر و لا تتوافق مع واقعنا فى افريقيا و حاولنا تطبيق هذه الدساتير على ارض الواقع لكنها لم تعمل لانها لم تكن تتناسب مع اوضاعنا لان هذه الدساتير لم يتم تغيرها الى دساتير تتناسب مع البيئة المحليه لهذه البلدان فعليه عندما يتم تغيير هذه الدساتير عند قدوم حكومة جديدة لم يهتم الناس بالدستور وذلك لان هذه الدساتير لا تهمهم فى شىء لغرابتها عن بيئتهم. هنالك سببان اساسيان عندما نتحدث عن هذا الموضوع وسوف اعود للسودان فى هذا الموضوع، وهذان السببان هما لاى حد دساتير ما بعد الاستقلال شملت هذا التنوع الموجود فى بلداننا و السبب الثانى هو كيف تم تضمين قيم المجتمع الثقافية فى هذه الدساتير. نحن نعلم كيف تم تقسيم هذه الدول، تم الاقوام المختلفة تم وضعها فى مكان واحد ولم تتح الفرصة لهذه الاقوام لتندمج مع بعضها البعض و الاقوام الاخرى المتجانسة مع بعضها قام المستعمر بتفريقها ولم يتح لهذه الشعوب خلق هوية موحدة لهذه البلدان وفوق ذلك. هناك بعض المناطق تم تنميتها اكثر من الاخرى وبعضها تم تهميشها تماماً. فى اطار النضال من اجل الاستقلال جميع الناس كانت موحدة ضد عدو واحد وبعد ذهاب المستعمر مباشرة برز الى السطح المنافسة حول الحكم و الموارد واتسع نطاقه وذلك شهدت القارة نزاعات طويلة ما بعد الاستقلال مباشرة. دعونى اتحدث عن السودان الان وعن تنوعه وعن تحول الصراع مابين الشمال الذى صنف نفسه لعربى مسلم و جنوب افريقى مسيحى وهناك تباين بين هذان المجموعتان و الكل يعرف هذه القصة ولذلك ليس هناك داعى لمضيعة الوقت ولكن فى هذا الموقف المعقد هناك شيئان مهمان فى هذا الجانب وهما الناس الذين يصنفون انفسهم كعرب و بالتالى هم اذكياء فى رؤيتهم للاشياء و الشىء الاخر هو رؤية وصورة احادية واحدة تم فرضها لتمثل كل البلد وبالتالى السودان اصبح قطر عربى اسلامى و لكن فى الواقع ليس المشكلة بان الجنوب افريقى ولكن حتى فى الشمال يوجد تنوع كبير و بادلة قاطعة تدل على ملامح افريقية لهؤلاء الذين يسمون انفسهم عرب. الحقيقة فى بعض الوقت مع الاسف استخدم صديقى هنا فى المنصة على وجده السلطان على دينار وفى ذلك الوقت ليس عليه ان يكون مسلماً فقط بل عليه ان يكون عربياً ايضاً!. وانا اقول للامريكان انظروا لاخى هذا هل ترونه عربياً (يقصد د. على دينار الذى يجلس بجواره فى المنصة) مرة سالت بابو نمر وقلت ياعم الناظر الدينكا فى مشكلة مع المسيرية ووقتها ذهب مع اللواء الباقر المجلد وكانت الناس جالسين وبابو نمر مع النظار و المشايخ فقلت له يا عمو الناظر انت زرت البلاد العربية فكيف وجدتهم؟ فرد عم بابو: لقيتهم حمر!، فقلت لهم انظروا لالوانكم و اشكالكم دى اليست هى خليط من اخوانكم فى الجنوب الذى تطلقون عليهم دينكا و انتم عرب. انتم اهل ولكن لا تعرفون الواقع و التاريخ الذى فرق بينكم. المهم فى الامر نحن نعلم ان استقلال السودان عندما تبدا فى تعريف الدولة وبهوية واحدة فى وطن مثل السودان ذو ثقافات و اثنيات متعددة فهذا التعريف الاحادى يحمل عنصرية فى داخله ويحمل تهميش و اقصاء للاخرين وهذه كانت المعضلة التى اطلقت العنان للحرب الاولى مابين الشمال و الجنوب. جاءت الحرب نتيجة لشعور الجنوب بسيطرة الشمال عليه واهماله فى كل القضايا الكبرى بواسطة الحكام فى الشمال ولشعور الجنوب بوجود تنمية فى الشمال اكبر من الجنوب وعايز اقول حتى فى الشمال هناك بعض المناطق بها تنمية اكثر من مناطق اخرى فعليه الجنوبيون لم يروا اى شىء يجمعهم مع الشمال و الحرب الاولى كانت حرب لاستقلال من الشمال. ونحن نعرف افريقيا وعدم رغبتها لرؤية اى دولة تقسم ولذلك فشلت الحرب الاولى فى الوصول لاستقلال الجنوب وتم الاتفاق الذى اعطى الجنوب الحكم الذاتى وعندما تم نقض تلك الاتفاقية اتت رؤية جيدة وحرب جديدة برؤية جديدة وهذا شىء مهم جداً لان هذه الرؤية الجديدة بدل الحرب من اجل استقلال السودان عمدت الى تغير السودان ككل حتى يشعر الجميع بالانتماء اليه ويتم الانتهاء من العنصرية و التهميش بهذه الرؤية الجديدة والان وهى نقطة مهمة غيرت من نظرة وتفكير الجنوبيين للسودان وبل حتى الشماليين الذين هم جزء من الشمال العربى المسلم بهرتهم هذه الرؤية ولذلك انضموا للنضال من اجلها. ونحن نعرف البداية كانت من النوبة و الانقسنا حتى وصلت الى البجا و دارفور وعندما اتحدث مع الامريكان ان دائماً انتقدهم لانهم اساؤا فهم مشكلة دارفور لانهم يعتقدون بان دارفور مشكلة منفصلة عن مشاكل السودان وهذا ليس صحيح لان دارفور جزء من السودان ومشاكله فبالتالى الحلول المجزئة لا تصلح لان ما تعانى منه دارفور هو نفس ما تعانى منه اطراف السودان الاخرى. انا اعتقد ما نريده فى السودان هو ان نعرف بان الرد على نتيجة هذه الحرب دولياً لا بد بان يتوافق مع المسئولية الوطنية وقوانين المجتمع الدولى. دعونا اتحدث عن خبرتى النزوح الداخلى والاخ على اشار اليه سريعا. عندما سالنى الامين العام للامم المتحدة لاكون مسئولاً من ملف النزوح الداخلى من قبل الشىء الذى استحضرته هو ان النزوح الداخلى حسب تعريفه هو داخلى و بالتالى التدخل فى مثل هذه الوضع يكون متعارضا مع السيادة الوطنية للدول ولكنى قلت لنفسى اذا اردت ان اتعامل معه كخرق لمواثيق حقوق الانسان الحديث مع الحكومات سوف يكون صعباً لان الحكومات حريصة بان تحافظ على سيادة بلدانها و بذلك تبعد العناصر الخارجية فعليه قمت بعملى بناء على عملى فى معهد بروكنز كمسئول عن برنامج افريقيا فى المعهد. و الذى ننظر اليه هو التعقيدات بعض نهاية الحرب العالمية الثانية فى التعامل مع المشاكل القومية وشعرنا نحن فى الماضى تعامل القوى العظمى مع هذه القضايا يعنى المواجهة الدولية بين الشرق و الغرب وخاصة بين الاتحاد السوفيتى و امريكا، وبنهاية الحرب الباردة هذه الاهتمام بهذه الاستراتجيات تلاشى مما يعنى بان المسئولية بان نرى القضايا فى اطارها الصحيح كقضايا قومية ام محلية مما يعنى ايضاً بان المسئولية فى التعامل مع هذه القضايا هو لم يعد ممكنا تركه لاتحاد السوفيتى او امريكا كما كان فى الماضى، فعليه هذه قضايا داخلية مما يعنى وهذا ما اراه هذه القضايا يجب النظرة اليها من منطلق مسئولية الدولة لتحمى وتساعد مواطنيها وهذا اعتمدنا عليه فى تعريفنا للسيادة الوطنية بمعنى السيادة الوطنية تعنى مسئولية الدولة تجاه مواطنيها والتى تعنى فى القضايا الداخلية قيام الدولة بواجبها تجاه مواطنيها وبمساعدة المجتمع الدولى اذا كانت هنالك ضرورة لذلك. ولكن فى هذه الايام مع القلق المتزايد على حقوق الانسان و الاغاثة اذا كانت الدولة غير قادرة على حماية مواطنيها وتساعد المحتاجين فلا تتوقع اى دولة بان العالم سوف يجلس و يشاهد من غير ان يفعل شيئاً فهذا لن يحدث فعليه افضل شىء لحماية السيادة الوطنية هو تقوم بما تمليه عليك السيادة الوطنية وهذه كانت الطريقة التى تعاملت بها مع الدول عندما كنت مسئولاً لملف النزوح الداخلى فى الامم المتحدة. و عندما اذهب لاى قطر فى الخمسة دقائق الاولى مع اى رئيس او وزير هى دقائق مهمة و حساسة عندما اقول لهم انا اعلم هذه قضية داخلية و سيادة وطنية ولكنى لا ارى انها تتعارض مع مسئوليات المجتمع الدولى، و السيادة هى مفهوم للمسئولية لتحمى مواطنيكم حتى تحمى انفسكم من التدخلات الدولية وبعد ذلك بعد اضيف بعض الاشياء لاقناعقهم بذلك. واشدد عليهم اذا لم يقوموا بواجاباتهم العالم سوف يتدخل فالتالى عليكم القيام بواجباتكم وليروا العالم بانكم تفعلون ولا ليس هناك مفر من التدخل الدولى. وفى موقعى الحالى كمسئول ملف الابادة الجماعية فى الامم المتحدة البعض ربما يقول بان هذه المهمة اكثر حساسية من التى قبلها ولكنى اعتقد بان الشىء نفسه ينطبق على هذه الوظيفة الجديدة. واذا نظرنا الى الوضع الحالى فى دارفور فان ما يحدث فى دارفور حدث من قبل فى اجزاء اخرى من السودان وفى وجهة نظرى بعض تبديد طاقاتنا فى تعريف الذى يحدث الان هل هو تطهير عرقى ام لا فمثلاً الامريكان قالوا انها تصفية عرقية لكنهم لم يفعلوا شيئاً وكذلك الامم المتحدة تقول بانه ليس هناك تصفية عرقية ولكن ما يحدث لا يقل عنها فهذا الحديث فى وجهة نظرى مضيعة للوقت و الموارد وحتى النتيجة كما هى الان دفاع الحكومة عن نفسها ورفضها لكل هذا مما يجعنا يفقد الرؤية فعلينا ان نبحث عن جذور مشكلة دارفور وهى مربوطة بمشاكل السودان ككل واذا وضعنا كل مجهودات للبحث عن جذور هذه المشاكل واقمنا حلاً شاملاً لكل السودان لتجنبنا كل هذه المشاكل وحققنا السلام. وفى الختام علينا الان نتفهم بان هناك ارواح فى دارفور يجب حمايتها وهذا يحدث الان بالتعاون مابين الحكومة و الامم المتحدة و الشىء الاخر هو الاحتياجات الاغاثية بالنسبة للناس فى دارفور يجب تلبيتها و السبب الاخير و الاهم هو يجب ان نتوصل لحل سياسى ليس بحل فى الجنوب و اخر فى الغرب و الشرق بل بحل شامل يعاجل كل قضايا السودان حتى يكون السوان موحداً. عند توقيع اتفاقية السلام الشامل الرئيس البشير قال شيئاً مهما كان له وقع فى الجنوب وهو بعد توقيع الاتفاقية اصبح استقلال السودان كاملاً لانه قبل توقيع اتفاقية نيفاشا كان ناقصاً وهذا كان شىء ايجابى لانه اى وقت من الاوقات شعر فيه بعض الناس فى السودان بانهم ليس جزءاً من هذا الوطن فهذا يعنى ليس هناك استقلال تحقق بعد. وفى وجهة نظرى طالما هناك صراعات فهذا يعنى عدم استقلال ناقص وذلك لانه منذ الاستقلال حكام السودان كانوا من الشمال وعرفوا البلد بهوية واحدة وهذه كانت مشكلة كبرى وعندما اتكلم عن الدساتير لا اعنى كلام على ورق فقط بل اعنى تطبيقها. و حكام السودان تعبوا كثييراً حتى يجدوا جذوراً تربطهم بالعرب وذلك انا قلت يجب ان ينبع دستوراً من ثقافتنا المحلية حتى يعبر عنا جميعاً. وعندما نعرف الدولة بهوية واحدة بهذا التعريف نحن نهمش الاخرين ونمارس العنصرية ضدهم. والشىء الاخير على ان نبحث عن القواسم المشتركة بيننا كسودانيين ونبنى عليها حتى يشعر كل سودانى بانه ينتمى الى السودان بفخر وهذا لا يعنى باننا تجاهلنا التباين بيننا للهويات المختلفة للسودان ولكننا لا يمكننا تغير هوية شخص اخر مابين عشية و ضحاها فديانتك و لغتك هذا جزء من هويتك ولكن بامكاننا ان نشرع قوانين تحافظ على هذا التنوع ورؤيتى هى علينا ان نعترف بالتنوع بيننا ونخلق شىء مشترك يجمعنا جميعاً ولكنى اتمنى ان نخلق تفاهمات مع بعضنا البعض ولنتعرف على بعضنا الابعض ايضاً حتى نتوصل الى فهم مشترك. وهناك شىء يجمعنا كلنا وهو السودان فعلينا ان نترك خلافاتنا وقبائلنا حتى نستطيع ان نندمج مع بعضنا بعضاً واعتقد هذه رؤية الراحل الدكتور جون قرنق وهى رؤية السودان الجديد، فاذا فسرنا رؤية السودان الجديد كاداة للبحث عن قواسم مشتركة وإقتنعنا بان الكثير من الاقاليم مشاكلها متشابها فاعتقد سوف يكون ليس هناك حوجة لتقرير المصير.

    وفى ختام الندوة قدم الحضور بعض الاسئلة وكان اهمها حول ملف ابيى

    واجاب د. دينق: ابيى جنوبية وتم ضمها لغرب كردفان لاسباب ادراية ولكن المهم اهل المنطقة وماذا يريدون و فى عهد نميرى اعطيت الحق للبقاء فى الشمال او الجنوب ولكن الاتفاقية لم تنفذ وابناء ابيى كانوا من اوائل الناس الذين قادوا الحرب الاخيرة وانا كنت مؤيد اعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير ولم اكن اريدهم ان ينفصلوا ولكن كنت اريد المسئولين وخاصة فى الشمال ان يعملوا لجعل الوحدة جاذبة وغير ذلك القطر سوف يتفتت ونفس الذى اقوله حول ابيى لانه تم اعطاءهم حق البقاء فى الشمال او الذهاب للجنوب واذا اردنا ابيى فى الشمال علينا ان نخلق شروط بقائها فى الشمال وهذا لا يتم بالقوة وانما يتم بالتنمية وانا لا اريد ان ادخل فى التفاصيل. ابيى معروفه كديار الدينكا وابيى ليست جزء من كردفان وبقاءها جزء من كردفان لا يحل المشكل و لنرجع ما قاله مختار بابو نمر بان ابيى هى ديار الدينكا وعندما سالته اللجنة المكلفة بتخطيط الحدود قال افضل بان لا اتحدث حتى لا يحرج اهله وعلى كل هذه حقائق معروفة ومسالة ابيى محزنة وعلى كل يجب الوصول الى حل مرضى لها.
                  

09-10-2009, 11:41 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    <
                  

09-12-2009, 12:05 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-15-2009, 09:18 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-18-2009, 04:33 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  

09-18-2009, 02:40 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رغم انف الهكر ارشح للمرة الثانية الدكتور فرانسيس دينق رئيسا للسودان! (Re: هشام هباني)

    .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de