رغم أنني تركت القانون إلا أن دراسته تعلمك التدقيق في معاني الكلام..فلا يصلح أن تقول كلمة دون أن تكون عالما بمضمونها او اختلاف النظريات حول هذا المضمون.. لا يمكن ان تقول كلمة سرق تعبيرا عن فعل النشل ولا قتل تعبيرا عن الاجهاض ولا نزع بديلا عن كلمة فك .. ولا ولا ولا .. لذلك فإن دقة المذكرات القانونية أهم ما يميزها عن غيرها من أنواع الكتابة..لا يمكن ان تطلق الكلمات فضفاضة كما يفعل السياسيون والصحفيون .. وزير الخارجية البارحة ولأنه سياسي وليس قانوني قال بأن المحكمة الجنائية ليست دولية .. طبعا هذا كلام يدل على السذاجة الشديدة فكلمة دولية او غير دولية لا يتم اطلاقها اعتباطا أو لمقاصد سايكولوجية أو سياسية هناك عناصر معينة إذا توفرت تعتبر بتوفرها هذه المنظومة دولية أو غير دولية .. مع ذلك فإن أغلب المقالات التي تكتب في الصحف فيها هذه الاشكالية وهي اشكالية أخذ الكلمة من أطرافها دون تمييزها بعناصر مضمونها .. ووضعها في سياقات وشعارات دعائية او ترويجية ما .. ربما يكون ذلك اعتمادا على جهل العامة وخاصة إذا كانت المؤسسات الاعلامية منهارة وضعيفة وتفتقد للمتخصصين ، بالاضافة بالطبع لضعف الدولة عموما ومعانات الشعب من الفقر والجهل والمرض ، ولكن ما يقوم به الصحفيون عندنا من استسهال اطلاق الكلمات يتبعهم في ذلك السياسيون يؤكد عدم فاعلية الخطاب أمام المجتمع الدولي ، فالمجتمع الدولي مجتمع مؤسسات ومتخصصين وليس مجتمعا عشوائيا وحينما يأتي وزير الخارجية وبكل جهل يستخدم كلمة بغير مدلولها فإن التجاهل من قبل المجتمع الدولي سيكون هو رد الفعل على ذلك الهراء .