*كمل كلامي عن الحوار وفي انتظار العمل.. *أو بحسب لغة الحوار الوطني ، في انتظار المخرجات.. *وقلت إننا نجيد التنظير ، ونكره التنفيذ.. *وكاريكاتور أعجبني البارحة تجسيداً لهذه (الحالة).. *فرجل يحدق- منحنياً- عبر نافذة في الحائط وآخر يقف خلفه مترقباً.. *وبالداخل غرفة عمليات ولادة (المخرجات).. *والواقف يسأل زميله بإشفاق ( لسه ما خرجت أي مخرجات؟).. *فيجيبه هذا قائلاً (ولا أي حاجة خرجت).. *وفي انتظار (خروج أي حاجة) ما كنت أنوي مواصلة الكتابة عن الحوار.. *ولكني أفعل اليوم لسبب متعلق بـ(خروج) الأطفال.. *فقد تعرض تلاميذ مدارس لحالات إغماء جراء الجوع والعطش والتعب.. *بمعنى أن عقلية الزمن السحيق ما زلنا نعمل بها.. *عقلية (أن يُحشر الناس ضحى) تحت إشراف مقاولي الحشود.. *ويُساقون بعصا (التخويف) كما القطيع من البهائم.. *وكذلك كان يفعل (مقاولو) عهد نميري مع فارق مهم لجهة الصغار.. *فأطفال المدارس كانوا يُسقون ويُطعمون ويُراعون.. *أما الآن- وكما هو واضح- فمهمة المقاول تنتهي بتوصيلهم لمكان الحشد.. *ثم لا يهمه سوى أنهم (يكبِّرون الكوم).. *لا يهمه إن جاعوا ، أو عطشوا ، أو تعبوا ، أو مرضوا، أو حتى ماتوا.. *وبالفعل كاد بعضهم أن يموت بعد وقوعهم أرضاً.. *فقد غُشي عليهم من شدة الجوع والعطش والنصب و(طول الوقفة).. *وبعد ذلك يتباهون بأنها حشود مليونية.. *وكأني بالتاريخ يضحك ساخراً من قوم لا يعيشون في ألفيته الثالثة.. *فهم لم يتطوروا سياسياً قيد أنملة.. *وما زالوا في محطات تحرك قطاره منها قبل سنوات.. *وما زالوا يقيسون الشرعية بعدد (الرؤوس) في الأمتار المربعة.. *وما زالوا يُقيمون الكلام بـ(الكم).. *و(كم) الكلام الذي ردمته لجان الحوار فوق بعضه يغطي ساحة الاحتفال.. *ولكن عند محك المخرجات لا (يخرج) شيء.. *أو كما قال الرجل في الكاريكاتور (لسه ما خرجت أي حاجة).. *وبدلاً من خروج المخرجات أُخرج الناس.. *ومن بين الذين أُخرجوا- قسراً- أطفال مدارس لا يفهمون معنى مخرجات.. *كل الذي فهموه أن أرواحهم كادت (تخرج).. *فيا مقاولي الحشود: من الآن فصاعداً نرجوكم أن تدعوا الصغار في حالهم.. *وتخلوا عن ثقافة- وثقالة - (تكبير الكوم) بهم.. *فإن كان لابد، فعلى الأقل فطروهم كيلا يُغمى عليهم.. *من قروش (المقاولة !!!).