جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 06:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد الرحمن بركات(أبو ساندرا)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-10-2007, 11:43 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي

    Quote: الجمعة:

    شقيقان فقيران جداً، من ولاية بيراك الماليزيَّة، توفي والدهما لي ينج فوك، عام 1987م، عن عمر يناهز الستين. ليس هذا هو الخبر بطبيعة الحال، فالموت صنو الحياة، كما وأن الفقر، في عالمنا الثالث، أصبح، في ما يبدو، صنوها أيضا! الخبر هو أنهما، ولعدم استطاعتهما سداد نفقات الجنازة، ولكونهما مقطوعين من شجرة، قاما بإخفاء جثمان الوالد، عليه رحمة الله، تحت حشيَّة سرير بمنزلهما، وواصلا العيش هكذا مع رفاته طوال السنوات العشرين الماضية. هل يمكنكم تصوُّر هذا؟! ولا أنا!

    الشاهد أن صديقاً لهما اكتشف الأمر، قبل أسابيع قلائل، وبالمصادفة البحتة، فتكفل بنفقات جنازة لائقة للمرحوم، أو قل لـ (هيكله العظمي!)، بعد مرور عقدين من الزمان على رحيله! لكن، ولأن أمور الفقراء لا تمضي، في العادة، على ما يرام، فقد رفض الحانوتي ترتيب الجنازة، وأبلغ عن المسألة، فجاءت الشرطة، وسرعان ما تحوَّلت الحكاية إلى (مِيتة وخراب ديار)!

    قد يعتقد بعض الطيِّبين (حسني) النوايا أن حالة الفقر عندنا لم تبلغ، بعد، حدَّ (دسِّ) جثامين الأحباب في حشايا (العناقريب)، أو، بالاحرى، (لفلفتها) في ثنيَّات حبالها! وقد يكون الحق معهم في هذا الاعتقاد، بالطبع، إذا أخذنا المعنى حرفيَّاً. سوى أن نظرة عابرة إلى صفحات (أنفاس المساكين) و(إلى ذوي القلوب الرحيمة) أو ما إلى ذلك من عناوين هذا النوع من الصفحات المتخصِّصة ببعض صحف الخرطوم اليوميَّة، بل وأبسط من ذلك كله نظرة عابرة إلى الناس من حولك، في الحافلات والمركبات العامَّة، في الشوارع ومواقف المواصلات، في الاسواق والاحياء الطرفيَّة، تكفي، يقيناً، لعكس صورة الكمِّ الهائل من الجثامين (الأحياء)، والهياكل العظميَّة التي ما تزال تتنفس، وإن لم تكن مدسوسة داخل حشايا ما أو تحتها، بل هائمة على وجوهها في الطرقات، أو ملقاة فوق حبال عناقريب عارية متهتكة .. إن كان ثمَّة فرق!

    لقد كان مِمَّا برَّر به الاسلامويُّون، صبيحة 30/6/1989م، لانقلابهم على الديموقراطيَّة، تفاقم (الأزمة الاقتصاديَّة!)، وازدياد (نسبة الفقر!)، وتدنى خدمات (الصحة!) و(التعليم!) بسبب انشغال (أهل الاحزاب!) بالصراع السياسى عن مراعاة (الفقير!) و(المسكين!)، وعن التخطيط (السليم!) لـ (الاصلاح!) و(النهضة!)، حتى انتشرت "الأعمال الهامشيَّة الضارَّة من تهريب وتجارة عملة وسمسرة فى مواد التموين والأراضى ورخص الاستيراد والتصدير، و .. برزت فى المدينة شرائح يزداد غناها .. دون جهد أو عرق ، وشرائح أخرى يقتلها الفقر .. رغم الجهد والعرق!" (راجع: البيان الأول).

    وللمرء أن يندهش، بل ويحتار، ما شاء له الله: هل كان ذلك وصفاً للاحوال صبيحة الانقلاب أم هو وصف لها اليوم؟! إن الأرقام الباردة لعلاقات الفقر فى بلادنا لتقطع تماماً بأن (الانقاذ) هي التي دفعت بالبلاد دفعاً إلى هذا المآل خلال سنواتها الثمانية عشر. فوزير الدولة بوزارة الماليَّة لشئون التنمية الاجتماعيَّة، مثلاً، كان قد حدَّد نسبة الفقر، مع مطلع الألفيَّة، بحوالي 37% (الخرطوم ، 7/6/2001م). وإذا تجاوزنا البيانات العالميَّة التي أكدت، وقتها، أن تلك النسبة قد بلغت 96%، فإن تقريراً محليَّاً شبه رسميٍّ سبق أن أفاد بأن تلك النسبة التي حدَّدها الوزير كانت ، فى الواقع ، نسبة الفقر الغذائى عام 1978م، أي أوان التحاق الجبهة الاسلاميَّة بمؤسَّسة السلطة في ما عُرف بـ (حكومة الوفاق) برئاسة الصادق المهدي! أما نسبة الفقر عام 1998م، أي بعد أقلِّ من عشر سنوات من انفراد النخبة الاسلامويَّة بالسلطة عام 1989م، فقد قفزت، وفق تقديرات الدراسة نفسها، إلى 87% في المناطق الحضريَّة! وأما في الريف فإن 83% يعيشون تحت خط الفقر! وقدَّر التقرير تزايد نسبة الفقر بمعدل سنوي مقداره 4,6% خلال الفترة 1978م ـ 1992م ، وهي ذات الفترة التي شهدت نفوذاً متصلاً للاسلامويِّين فى السلطة .. إلا بضعة أيَّام! وخلص التقرير ، من هذا ، إلى أن 89% من سكان السودان فى العام 1998م كانوا فقراء (التقرير الاستراتيجى السودانى ، 1998م).

    ما لبثت الانقاذ أن دشنت برنامجها الاقتصادى الثلاثى (1990 ـ 1993م) لإنجاز (الاصلاح) و(النهضة) و(الرفاه)، أو كما قالت! لكنها سرعان ما عادت لتعلن الخطة العشريَّة (1992 ـ 2002م)، بالتعويل التام على سياسات التحرير الاقتصادي، تحت إشراف عبد الرحيم حمدي، والتى نقلت الدولة السودانيَّة، نهائياً، من خانة (الرِّعاية) إلى خانة (الجِّباية)!

    ورغم أن البنك الدولي هو صاحب (روشتات) تلك الخطة، فقد بدا، فى تقويمه لها، متنصِّلاً، هو نفسه، عن مسئوليَّتها، حيث حرص على تأكيد أن الانقاذ فرضت تلك الوصفات على نفسها بنفسها! بل وانتقدها، فى تقريره القطرى لعام 2003م حول (سياسات الضبط البنيوى والترسيخى)، بأنه ، رغم حدوث (نمو) بمعدَّل 6% فى المتوسِّط، إلا أن الفقر يتفاقم ، والدخول تزداد تبايناً ، كدليل على سوء توزيع عائدات الثروة ، وهو ما لا يمكن علاجه بدون اتباع سياسات قصديَّة منحازة للفقراء Pro-Poor Politics! هكذا انقلب البنك الدولى نفسه يبكى على مصائر فقراء السودان، ويقترب من الفلسفة المعتمَدة لدى برامج دوليَّة أخرى، كبرنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP الذى يركز على البعد الاجتماعى فى السياسات الاقتصاديَّة، بأكثر من معايير (النمو Growth)، الأمر الذى يعنى تحجيم (حريَّة) السوق المنفلتة بتدخل الدولة لـ (رعاية) الفقراء! وإذا عُرف السبب بطل العجب ، فالخطة العشريَّة لم تكتف بالفشل فى دعم (الفقراء) و(المساكين) و(أبناء السبيل)، فحسب ، بل انتهت باقتصاد البلاد كله إلى الانهيار الشامل (راجع: كبج؛ إقتصاد الانقاذ والافقار الشامل، كيمبردج 2003م).

    وزير الدولة بالماليَّة الذي حدَّد تلك النسبة المتواضعة للفقر عام 2001م، أعلن عن خطة استراتيجيَّة لمحاربته خلال خمس سنوات فقط (إنتهت عام 2006م!) فضلاً عن خطة إسعافيَّة تغطى ما كان متبقياً من عام 2001م ، بتكلفة قدرها 26 مليار دينار (الخرطوم ، 7/6/2001م). وأعلنت وزارة الرعاية الاجتماعيَّة ، وقتها ، عن رصد مبلغ 4.9 مليار دينار لتغطية 825 ألف أسرة فقيرة ، ومبلغ 2.6 مليار دينار لإخراج 27.660 أسرة من دائرة الفقر ، ومبلغ 914 مليون دينار لأبناء السبيل ، ومبلغ 3 مليار دينار لدعم الطلاب (المصدر).

    لم يكن أقصى مقاصد تلك الخطط والمشروعات، بعناوينها الفخيمة، وأرقامها المهولة، سوى حمل الناس، فحسب، على الاستمرار فى التطلع إلى السَّراب، والتعلق بحبال الأمل، وفق المثل السودانى (الحارى ولا المتعشى)، وذلك بالمراهنة على الذاكرة الضعيفة، والطاقة التوثيقيَّة الأضعف! وإلا فما الذى يمكن أن نستنتجه من اضطرار رئيس الجمهوريَّة للتدخل بنفسه لتوجيه (اللجان الشعبيَّة) لعمل مسوحات اجتماعيَّة شاملة فى الأحياء لمعرفة الأوضاع المعيشيَّة للمواطنين (الصحافة، 18/3/05) ، وذلك بعد ما يقارب الستة عشر عاما من الانقلاب، والخمسة عشر عاماً من تدشين (البرنامج الثلاثى، 1990 ـ 1993م)، والأربعة عشر عاماً من إطلاق (الخطة العشريَّة، 1992 ـ 2002م)، والأربع سنوات من إعلان وزارة الرعاية الاجتماعيَّة (خطة محاربة الفقر، 2001 ـ 2006م) ، و(الخطة الاسعافيَّة للنصف الثانى من عام 2001م)، دَعْ (الخطة ربع القرنيَّة) التي أعلنت لاحقاً، و(النفرة الزراعيَّة)، وما إلى ذلك من (كلام كبار كبار!)، فضلاً عن (ورقة تقليص الفقر الاستراتيجيَّة) التي أعدَّت بالتعاون مع البنك الدولي، والتي اعتمدت مفهوم (الفقر) بمعايير (الحرمان Deprivation) ، أى عدم القدرة على الحصول على خدمات الصحة والتعليم والمواصلات والتلفزيون والهاتف وغيرها من حاجات (التنمية البشريَّة) والانسانيَّة الضروريَّة بالمفهوم الحديث، وليس مجرَّد عدم الحصول على الطعام والسكن .. الخ؟!

    كلُّ ذلك (النفخ) ذهب أدراج الرياح، ولكن السؤال: من أسلم بلادنا إلى كل هذا الفقر؟! للاجابة، هنا، على هذا السؤال لا نحتاج للرجوع إلى مجلدات ضخمة عن أساليب النشاط الاقتصادى الطفيلى ، وطرائق المراكمة البدائيَّة لرأس المال ، وعن أثرياء السودان الجدد الذين (هَبَرُو) و(مَلـُو) دون محصول يُحصد ، أو ضرع يُحلب ، أو ماكينة تدور "بئر معطلة وقصر مشيد!"، بل سنكتفى بالاشارة فقط إلى الجانب الأخطر فى هذه الأساليب والطرائق: (النهب من المال العام)! ففى 17/6/2001م ، قبيل عام واحد تقريباً من نهاية (الخطة العشريَّة ، 1992 ـ 2002م)، وعلى حين كانت وزارتا الماليَّة والرعاية الاجتماعيَّة تعلنان عن (خطة محاربة الفقر خلال خمس سنوات ، 2001 ـ 2006م)، و(الخطة الاسعافيَّة للنصف الثانى من عام 2001م) ، كان رئيس الجمهوريَّة يعلن ، فى مؤتمر صحفى ، أن ما نهب من المال العام خلال الأشهر الثلاثة عشر السابقة بلغ 4.400.000.000 جنيهاً (بالقروش القديمة)! وفى العام التالى (2002م) أعلنت بيانات رسميَّة أن نسبة الفقر بلغت 95%! وفى ديسمبر 2003م أعلن المراجع العام أن ما نهب خلال العام السابق ، بلغ 1.682.620.000 جنيهاً. ثم عاد وأعلن فى ديسمبر 2004م أن ما نهب فى نطاق الحكم الاتحادى وحده ، خلال السنة الماليَّة المنقضية ، بلغ ، بدون القطاع المصرفى ، 3.960.000.000 جنيهاً ، بنسبة زيادة 235% مقارنة بالعام السابق! وخلال العامين التاليين استمر الحال على نفس هذا المنوال، بل تفاقم بذات هذه المتوالية الشيطانيَّة! وتبدو المفارقة مريعة إذا علمنا أن ما تم رصده، مثلاً، فى ميزانيَّة 2005م للتنمية فى القطاع المطرى التقليدى كله ، الذى يشمل 65% من سكان السودان ، لا يزيد عن 3.300.000.000 جنيهاً!

    فى التفاصيل أوضح المراجع العام أن النهب اتخذ صورة (خيانة الأمانة) بنسبة 73%! فإذا لم تكن (خيانة الأمانة) متصوَّرة، عقلاً ومنطقاً، إلا مِمَّن جرى (تمكينه) مِن هذه (الأمانة)، فإن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن النخبة الاسلامويَّة رفعت، منذ أول عهدها، شعار (استخدام القوى الأمين)، لا بمعيار (التفوُّق) الأكاديمى أو المهنى، وإنما بمعيار (الولاء) لنظامها! فجرى، بدعوى (الصالح العام)، تشريد آلاف العاملين من أهل (الكفاءة)، وإحلال أهل (الولاء) محلهم ، باعتبارهم وحدهم (الأقوياء) و(الأمناء)! فهل ما يزال السؤال الساذج قائماً عمَّن نهب المال العام؟! وعمَّن رمى ببلادنا في أوضاع الفقر المزرية هذه؟! وعمَّن حوَّل غالب شعبنا إلى (جثامين) تفترسها الأمراض، من الملاريا إلى حمَّى الوادي المتصدِّع، حتى ضاقت عليها المقابر بما رحبت، فباتت تنتظر (الدسَّ) في حشايا الأسِرَّة، أو (اللفلفة) في ثنايا (العناقريب)؟!






    أستميح الأخ الصديق ، الزميل الإستاذ كمال الجزولي عذرآ
    لإختصار رزنامة الأسبوع في يومي الخميس والجمعة
    ليس لكون باقي الأيام غير مهمة
    ولكن لأن الجثامين والعدل المائل تورت أنفاسي
                  

العنوان الكاتب Date
جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي أبو ساندرا12-10-07, 11:43 AM
  Re: جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي أبو ساندرا12-10-07, 11:48 AM
    Re: جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي shammashi12-10-07, 12:45 PM
  Re: جثامين في حشايا الأسرة ... { رزنامة الأسبوع } كمال الجزولي أبو ساندرا12-11-07, 07:21 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de