:: كنت هناك قبل ( كم وعشرين سنة)، لنحتفل بالإنجاز .. والإنجاز كان عبارة عن ( حفرة كبيرة)، على شاطئ النيل..وعلى حافة الحُفرة لافتة تًشير إلى أن المحتفى بها هي ( بيارة المشروع).. وعلى بعد أمتار من تلك اللافتة ( راكوبة كبيرة).. جلسنا تحتها، ثم احتفلنا وهللنا وكبرنا وصلينا صلاة الشكر بمناسبة تلك ( الحفرة ).. عفواً، كان البعض يبكي في مشهد مؤثر ويسجد بين الحين و الآخر .. ولم أعرف سر ذاك البكاء إلا بعد عقود .. !! :: كانت دموعهم - عهدئذ - بمثابة ( بكاء مقدم).. أي أدمعت المقل - قبل كم وعشرين سنة - على ما سيصيب حال هذا المشروع.. وبمناسبة البكاء، كتب أحد الملاك بهذا المشروع بالنص : ( شيخ الصافي أبكاني مرتين، مرة في المنابر وأخرى في سندس)، و قد صدق.. علما بأن البكاء الأخير لم يتوقف حتى موسمنا هذا .. والحمد لله على كل حال .. وهكذا حال الدنيا حين تؤسس مشاريعها بلا دراسة وبلا تخطيط ، أو حين يتولى أمور مشاريعها غير أهلها..!! :: صالت كل تلك الذكريات وجالت في خاطري ضحى الأمس، حيث كان الموعد مع زيارة أخرى لأرض الأحزان .. ولا جديد على أرض المشروع غير بعض العلف هنا وبعض الأسف هناك.. سبحان الله، ( كم وعشرين سنة) عمر مشروع تتوسد أرضه شاطئ النيل..ومع ذلك لم يساهم - حتى في سوق الخضر والفاكهة بجبل أولياء - بحزمة جرجير أو رطل شمار .. فالأرض على مد البصر محض فلاة تتشكل عليها بحيرات مياه الأمطار، إلا من بعض يكظم الحزن ويزرع بعض العلف ..!! :: المهم.. في تلك الفلاة الشاسعة، تخوض هيئة تنمية الصناعات والأعمال الصغيرة التابعة لوزارة التنمية الإجتماعية بولاية الخرطوم (تجربة جديدة).. (70 فدان)، تجربة الشراكة ما بين الهيئة وإدارة سندس و القطاع الخاص لإنتاج الأسماك، ونجحت التجربة.. حجم الإنتاج المتوقع ستمائة طن في العام، وبدأ المشروع في الإنتاج ..ولكن هناك متاعب تواجه القطاع الخاص بالمشروع، ومنها متاعب التسويق .. طالبوا الوالي بمنافذ البيع المباشر للمواطن، فوجه بفتح المنافذ .. و الغريب في الأمر، معتمد جبل أولياء، والذي محليته تحضن المشروع، كان ينتظر هذا التوجيه أيضاَ..!! :: فالتجربة ناجحة، وليس هناك ما يمنع تطويرها، وأصحابها طالبوا حكومة الخرطوم بالمزيد من المساحات لإنشاء المزيد من مزارع الإنتاج .. ويجب التشجيع والدعم ..وكما تعلمون، ما أن تفتح محلاً لبيع العصائر، وينجح المحل، يأتي آخر ويفتح محلاً للعصائر أيضاً بجوارك، ثم يأتي ثالث ورابع، ويصبح المكان سوقاً للعصائر..ثم يكتشف أحدهم أن المكان يصلح لإنتاج الخبز، ويبني (فرن بلدي)، وينتج ويربح، ليأتي آخر ويبني - بجاوره - مخبزاً آلياً، أي يطور فكرة صاحب الفرن البلدي، ليربح أكثر..ثم يأتي آخر بفكرة جديدة ..و..هكذا تؤسس المجتمعات أقتصادها، أي بالمنافسة وتطوير الأفكار..!! :: وما بالمجتمعات يرتقي إلى مستوى الدول.. ولكن لا يرتقي في كل الأحوال، بل في حال أن تدير أجهزة الدولة حركة الاقتصاد بذات وعي المجتمع..وللأسف، هذا ما نفتقده حالياً على مستوى الدولة.. فالمطلوب دعم ورعاية وتقديم نماذج إستثمارية ناجحة للمستثمرين و الشباب .. دعم ورعاية وتقديم مشاريع ناجحة - للمستثمرين والشباب – أفضل من مليون ملتقى ومؤتمر و (طق حنك)..عالم الإستثمار، كما أسواق المجتمع، ربح هذا يأتي برأس مال ذاك، ونجاح فكرة يأتي بفكرة أخرى ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة