رحَم الله الفنان الذرّي إبراهيم عوض

Quote: حاطب ليل الديناصور.. فنان كل المواسم البوني حكى لي والدي أطال الله عمره إنه في حوالي عام 1955م استأجر شباب القرية عربته البدفورد «مشوار» لبلدة المعيلق. وهي تقع في شمال الجزيرة. والمناسبة كانت حضور حفل نهاري «العصر» للفنان الشاب يومها ابراهيم عوض، فقد كان «طالع» في الوتر. وقال لي إن ساحة المدرسة المقام فيها الحفل امتلأت عن آخرها، لدرجة ان الجمهور الذي لم يجد فرصة للدخول قام بتحطيم السور. وما أن صعد ابراهيم عوض على المسرح حتى صاح الجمهور «جننا يا ابو عويض» «جننا يا ابو عويض» اي غني لنا اغنية «حبيبي جنني وغير حالي ده الشغل فكري وانشغل بالي».. فكان ابراهيم يرد عليهم قائلاً: «اجننكم هوا» اي سوف اغنيها لكم في الحال. وبالفعل غنى ابراهيم تلك الاغنية في تلك الحفلة ثلاث مرات. وقد استبد الطرب بالجمهور فتطاقشت الكراسي وحدث الهرج والمرج. ويحكى أن خالنا أحمد حمزة قد جاء للقرية بدون أحذيته «حفيان». ولعل المفارقة أن خالنا هذا اصم لا يسمع ولا يتكلم. وعندما سألته عن الواقعة اكد لي صحتها. وسألته عن أسباب الذهاب وهو لا يسمع، فأشار اشارات فهمت منها انه ذهب ليرى التسريحة والتراقص على المسرح، فابراهيم كان ظاهرة اجتماعية وفنية في آن واحد. رغم أن والدي وجيله لا يحبون ابراهيم عوض، فهؤلاء التجديد عندهم ينتهي بحسن عطية. وحكى عن عمنا ابراهيم الصديق أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية. وهو والد صديقنا وزميلنا بهذه الصحيفة احمد المصطفى «استفهامات» انه قال ان ابراهيم عوض لو جاء بحجارة بطاريته في جيبه فلن يغني في راديوه «راديو عمنا ابراهيم». رغم ذلك فقد نشأت على حب ابراهيم عوض ووجدت نفسي منذ الطفولة مروراً بالشباب المبكر. والآن انا في الشباب المتأخر، ما في داعي لحكاية الكهولة والامم المتحدة رفعت سن المعاش الاجباري، وجدت نفسي محباً لغناء ابراهيم حافظاً لكل اغانيه. وبالامس القريب حكيت لبنتي وكانت تستمع معي من خلال مسجل العربة لاغنية حبيبي جنني، حكيت لها قصة تلك الاغنية. وقلت لها ان عمر هذه الاغنية أكبر من عمر ابيك فلم تصدق، لانه في رأيها انها اغنية جديدة او تشبه غناء هذه الايام. ولفت نظرها المقطع الذي يقول «بريدك والله بريدك لو سقيتني السم بايدك سمك شفاى ودواى يا طبيب تعال لمريضك». وقالت انها تشبه الغناء العربي هذه الايام في اوساط الشباب. كذلك قبل يومين وفي السوق العربي وجدت صاحب مرطبات «ذواقة» كان يلعب في شريط لابراهيم عوض. ولما كنت اقتني ذات الشريط واعرف مواقع الاغنيات فيه، طلبت منه لن يلعب اغنية حبيبي جنني، فسألني هل هي اغنيتك المفضلة؟ فقلت له كل اغاني ابراهيم مفضلة لدي. ولديه اغنيات كثيرة جداً اروع من هذه. ولكنني اريد ان اعرف رأي الشباب فيها، فقال لي ان شباب اليوم لا يعرفون عظمة ابراهيم عوض «ديل ذوقهم فسد خلاص». ولكنه قام بتلعيب الاغنية، فلاحظت ان الشباب الذي كان واقفاً ابدي اندماجاً معها، فسألتهم مباشرة عن رأيهم فيها فقال لي احدهم «والله عمو ده راجل غناى» فقلت له قل «جدو». سبحان الله!! ما هو السر في هذا الفنان الذي غنى للجد والاب والابن؟!! وكيف أصبح هذا الفنان فناناً لكل الأجيال وكل المواسم وكل العصور، انه بلا شك ديناصور الفن السوداني وبدون منازع. ويكفي أن أسطورة الغناء السوداني وردي قد تعلم منه الغناء، فابراهيم لم يبدأ بالحقيبة، رغم انه ولد في ام درمان. ووردي بدأ بابراهيم عوض.. فيا ابراهيم متعك الله بالصحة والعافية، فأنت علم من أعلام هذه البلاد ورمز من رموزها الاجتماعية.

(عدل بواسطة elsawi on 05-23-2006, 09:41 AM)