د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ارتريا وتشاد واثيوبيا في موقفنا من "العروبة"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 06:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-12-2017, 06:00 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� (Re: Biraima M Adam)


    Quote: الهجرات العربية إلى بلاد النوبة والسودان الشرقي
    وآثارها الثقافية والحضارية

    ليس من اليسير على الباحث أن يحدِّد تاريخًا مُعيَّنًا لبداية العَلاقة بين الجزيرة العربية وبلاد السودان بوجه عام، وبلدان وادي النيل بشكل خاص، بَيْد أن هناك شبه إجماع بين المؤرخين والباحثين على أن هذه العلاقة مُوغلة في القِدَم، تعود إلى آمادٍ بعيدة قبل بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذه حتمية تؤيدها الحقائق الجغرافية والروايات التاريخية؛ ذلك أن البحر الأحمر لم يكن في وقت من الأوقات حاجزًا يمنع الاتصال بين شواطئه الآسيوية العربية وشواطئه الإفريقية؛ إذ لا يزيد اتساع البحر على المائة والعشرين ميلاً عند السودان، ويبدو بهذا أنه ليس من الصعب اجتيازه بالسفن الصغيرة[1].
    وفي الجنوب يَضِيق البحر الأحمر لدرجة كبيرة عند (بوغاز) باب المندب، حتى لا يزيد على عشرة أميال، وهو الطريق الذي سلكته السلالات والأجناس إلى القارة الإفريقية منذ آمادٍ بعيدة[2].

    وتذهب بعض الروايات التاريخية إلى أن المصريين القدماء الذين عَبَدوا الإله حُورس كانوا عربًا هاجروا من الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر عن طريق مصوع[3]، وتابعوا سيرهم عن طريق وادي الحمامات شمالاً إلى مصر، وأن معبد الشمس الذي بُني قرب "ممفيس" إنما بَنَته جاليات عربية وصلت إلى هناك في وقت غير معروف، ووُجِدت آثار لجاليات عربية كبيرة تسكن المنطقة المحاذية للنِّيل من أسوان شمالاً إلى مروى جنوبًا[4]، وقد دلَّت الأبحاث الأثرية والتاريخية على أن هجرات عربية قَدِمت من جنوب الجزيرة واليمن عبر البحر الأحمر، يعود بعضها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وثبَّتت بعض هذه الجاليات العربية أقدامَها في بعض جزر البحر الأحمر (مثل دهلك) منذ عدة قرون قبل الإسلام[5]، ولم يقتصر وجود الجاليات العربية على الساحل الإفريقي، بل إن أفراد هذه الجاليات قد توغلوا في الداخل، ووصل بعضهم إلى ضفاف النيل، وأقاموا شبكة من طرق القوافل التجارية بين ساحل البحر الأحمر والمناطق الداخلية، وقد وصلت العرب أقطار وادي النيل عن الطريق الشمالي البري المار عبر سيناء إلى مصر، ثم انحدرت جنوبًا إلى بلاد البجة والنوبة[6].

    هذا وقد كانت التجارة تمثِّل أحد أهم وسيلة لهذه الاتصالات؛ إذ نشطت حركة تجارة العاج، والصمغ، واللبان، والذهب، بين الجزيرة العربية من ناحية وبين موانئ مصر والسودان والحبشة من ناحية ثانية؛ مما يؤكد أهميتها في حركة الاتصال، والتواصل النشط بين سواحل البحر الأحمر الشرقية والغربية[7].
    وقد بلغت هذه الهجرات أقصاها ما بين 1500 ق.م - 300 ق.م في عهد دولتي: (معين، وسبأ)، وحمل المعينيون والسبئيون لواء التجارة في البحر الأحمر، ووصلوا في توغلهم غربًا إلى وادي النيل، ونشطت حركة التجَّار العرب، بخاصة زمن البطالمة والرومان، ولا شك أن عددًا غير قليل من هؤلاء استقروا في أجزاء مختلفة من حوض النيل، ولحق بهم عدد من أقاربهم وأهليهم[8].
    وفي القرنين السابقين للميلاد عبر عدد كبير من الحِمْيَريين مَضِيق باب المندب، فاستقر بعضهم في الحبشة، وتحرك بعضهم الآخر متتبعًا النِّيل الأزرق، ونهر عطبرة، ليصلوا من هذا الطريق إلى بلاد النوبة، كما يرجح أنهم لم يتوقفوا عند هذا الحد، بل قد انداحوا في هجرتهم حتى المناطق الغربية لسودان وادي النيل[9].
    وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن هناك حملات عسكرية قام بها الحِمْيَريون في وادي النيل الأوسط وشمال إفريقيا، وتركت هذه الحملات وراءها جماعات استقرت في بلاد النوبة، وأرض البجة، وشمال إفريقيا[10]، كما تشير بعض الروايات إلى حملة قادها (أبرهة ذو المنار بن ذي القرنين الحِمْيَري) على السودان وبلاد النوبة والمغرب في أوائل القرن الأول قبل الميلاد، ثم إلى حملة أخرى قادها ابنه (إفريقيش) إلى شمال إفريقيا، وقد داخلت تلك الجماعات المهاجرة الوطنيين من أصحاب تلك البلاد التي هاجروا إليها، وأصبح لهم وجودٌ معتبر فيها، ولعل وجود العمامة ذات القرنين التي كانت شارة من شارات السلطة الكوشية دليلٌ على ذلك الوجود الحِمْيَري المبكر[11]، إضافة إلى عدد من القرائن الأخرى الدالة على هذا الوجود.
    كذلك وردت إشارات إلى وجود جماعات من الحضارمة عبروا البحر الأحمر إلى ساحله الإفريقي في القرن السادس الميلادي، ثم اختلطوا بالبجة، وكوَّنوا طبقة حاكمة خضع لها البجة، وقد عَرَفوا عند العرب - الحداربة - الذين استقروا في إقليم العتباي في الشمال، ثم اضطروا إلى الانتقال جنوبًا في القرن الخامس عشر الميلادي؛ حيث أسسوا مملكة البلو (مملكة بني عامر) في إقليم طوكر[12].
    على أنه من المهم الإشارة إلى نزوح بعض الجماعات النوبية والسودانية عن مواطنها إلى الجزيرة العربية؛ حيث تأثرت بعادات وتقاليد سكانها قبل الإسلام، بل مشاركتها في الحياة الاجتماعية والثقافية هناك؛ فقد أشار ابن هشام إلى استعانة المَكِّيين بنجَّار قبطي أثناء إعادتهم بناء الكعبة قبل البعثة المحمدية[13]، بَيْد أن بعض المصادر تشير إلى وجود قديم لجاليات حبشية ونوبية وسودانية في بعض مناطق الحجاز في تلك الفترة أيضًا[14]، وتذكر أن عدد الأحباش والنوبيين كان كبيرًا في عدد من مُدنه، وأدى وجودهم إلى أن يتعلم بعض العرب لغتهم؛ إذ ثبت أن عددًا من صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تعلموا بعضًا من تلك اللغات، وأن زيد بن ثابت وحنظلة بن الربيع بن صيفي التميمي الأسدي كانا يترجمان للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالقبطية والحبشية، وقد تعلماها من أهلها بالمدينة[15].
    وتمضي هذه المصادر فتذكر أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مولى نوبي اسمه يسار، أصابه في غزوة بني عبد بن ثعلبة فأعتقه، وهو الذي قتله العُرَنِيُّون الذين أغاروا على لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعوا رجله ويده، وغرزوا الشوك في لسانه وعينه حتى مات[16].
    وعلى الرغم من ثبوت الوجود العربي المبكر، والاتصال ببلاد النوبة والسودان في فترة ما قبل الإسلام، إلا أنه لم يكن ذا تأثير واضح في سكان البلاد، ويرجع ذلك إلى أن العرب وقتها لم يحملوا عقيدة واحدة واضحة، ولم يكن لهم هدف محدد سوى العمل في التجارة، والبحث عن مناخات وفرص أفضل؛ لكسب العيش في تلك المناطق، عكس الحال عندما جاء العرب المسلمون الذين يحملون عقيدة واحدة، ويتكلمون لغة واحدة، ويمثلون دولة واحدة، وينشدون أهدافًا موحدة، ويكادون يتفقون في السلوك العام المنضبط بتعاليم الإسلام.

    على أن أهم نقطة تحوُّل في تاريخ العَلاقة بين العرب المسلمين وبين منطقة وادي النيل وبلاد النوبة والسودان، حدثت بعد الفتح الإسلامي لمصر سنة 21هـ في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، بقيادة الصحابي عمرو بن العاص[17]، كانت هي توقيع المسلمين لمعاهدة البقط[18] مع ملوك النوبة والسودان من النصارى الذين كانوا يقيمون في شمالي السودان وحاضرتهم مدينة (دنقلة)؛ ذلك أن هذه المعاهدة تضمنت بنودًا مهمة سهَّلت وسمحت في مجملها للقبائل العربية بالهجرة، والتدفق نحو بلاد النوبة والسودان بشكل كبير لم يحدث له مثيل[19]؛ مما مكَّنها مستقبلاً من الإحاطة بالكيانات النوبية المسيطرة، وتحول النوبيين وأهل السودان من النصرانية إلى الإسلام.

    منافذ الهجرات العربية:

    على أن تلك الهجرات قد اتَّخذت عددًا من المنافذ ظلت تَرِد عن طريقِها القبائل العربية باتجاه بلاد النوبة والسودان، منها ثلاثة منافذ رئيسة؛ هي:

    1- المنفذ الشرقي عن طريق البحر الأحمر من الجزيرة العربية.

    2- المنفذ الشمالي عن طريق نهر النيل من مصر.

    3- المنفذ الشمالي الغربي، أو الطريق الليبي عبر الصحراء الكبرى.

    أولاً: المنفذ الشرقي من الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر:

    يعتبر هذا المنفذ من أقدم وأقصر الطرق التي سلكتها الهجرات العربية إلى بلاد النوبة خاصة وإلى القارة الإفريقية عامة، وقد عَرَفه العرب قبل الإسلام، وامتدوا على ساحله الشرقي، ومنه أنشؤوا طرق قوافل تسير عليها الإبل إلى المناطق الداخلية في القارة الإفريقية، كما سلكته كثير من القبائل العربية في هجرتها وتجارتها مع القبائل التي تسكن في ساحله الغربي؛ مثلما فعل (الحضارمة)، وقبائل (بلي) التي ساكنت البجة في الشرق واختلطوا بهم، وحين جاءت الفتوحات الإسلامية توسعت حركة الهجرة من الجزيرة العربية إلى بلاد العالم كافة، وإلى بلدان إفريقية على وجه الخصوص، وانفتحت منافذ أخرى للهجرة للسودان غير هذا المنفذ[20]، إلا أن ذلك لم يقلِّل من قيمته كمنفذ من المنافذ التي ساهمت بقسط كبير في الهجرة إلى بلاد إفريقية بعامة، وإلى بلاد النوبة بوجه خاص.

    ثانيًا: المنفذ الشمالي عبر النيل، وبمحاذاته من مصر:
    عَرَفت المنطقة هذا المنفذ منذ قديم الزمان؛ إذ إنه كان يمثِّل الطريق التجاري الذي يربط مصر بوسط إفريقيا وبلاد النوبة والبجة، وازدادت أهميته بعد توقيع المعاهدة؛ حيث كفلت بعض بنودها للتجار والمهاجرين والقوافل حقَّ التحرك الحُرِّ فيه، وأعطتهم أمانًا للتوغل في أعماق البلاد، وأصبح مدخلاً للقبائل العربية إلى بلاد النوبة[21].
    ويعتبر أحدُ الباحثين أن هذا المنفذ كان سببًا مباشرًا في تعريب بلاد النوبة[22]، وأنه أعظم خطرًا وأهم دورًا من المنفذ الشرقي في أمر هجرة القبائل إلى بلاد النوبة، سواء أكان ذلك قبل الإسلام أم في زمن التوسع الإسلامي[23]، وإن كثرة الحديث عن الهجرة العربية عبر البحر الأحمر كانت بسبب أن بعض القبائل العربية في السودان تدَّعي أن أسلافها وَصَلوا من جزيرة العرب مباشرة إلى السودان عبر البحر الأحمر؛ لتأييد دعواهم في الانتساب إلى أصل شريف أموي أو عباسي، أو أنهم سلالة بعض صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم[24].
    إلا أن على الباحث ألا يغفل عن أهمية المنفذ الشرقي في دفع وتوسع حركة الهجرة إلى بلاد النوبة[25]، خصوصًا في العهد المملوكي الذي نشطت فيه حركة الملاحة البحرية بين الموانئ الغربية للبحر الأحمر وبين موانئه الشرقية، بسبب الاعتداءات الصليبية المتكررة على طريق (برزخ السويس)، وهو الأمر الذي أدى لإنعاش مينائي (عيذاب، وسواكن)، اللذينِ وضع المماليك أيديَهم عليهما تمامًا، بعد تكرار الاعتداء على ممتلكات التجَّار المصريين المتوفَّين هناك[26]، هذا ولم يقتصر تأثير المنفذ الشرقي على الجهات التي تقابل الجزيرة العربية فقط، بل تجاوزتها إلى السودان الأوسط وبلاد السودان الغربي أيضًا[27].
    ومهما يكن من أمر، فإن هذين المنفذينِ الشرقي والشمالي يعتبران أهم المنافذ التي سلكتها القبائل العربية المهاجرة إلى بلاد النوبة في تلك الفترة.



    ثالثًا: المنفذ الشمالي الغربي، أو الطريق الليبي:

    سلكته القبائل العربية في هجرتها نحو بلاد النوبة والسودان، بعد أن تمكَّن الإسلام في معظم المناطق الشمالية من القارة الإفريقية، ويسير باتجاه السهول والبراري الواقعة بين النوبة وكردفان ودارفور، وقد ازدادت شهرته بعد أن قامت في مصر وشمال إفريقية دول إسلامية مستقلة عن الخلافة العباسية[28]، ولم يكن له دَور فاعل ومؤثِّر في حركة الهجرة نحو بلاد النوبة لجفافه وصعوبته، بسبب الصحراء وقلة الماء، على أنه كان هناك عدد من الطرق والمنافذ سلكتها القبائل العربية من هذا الاتجاه، ومنها الطريق الذي يبدأ من شنقيط وينتهي إلى تمبكتو، فجاو، وزندر، وكوكوا، وبيدا، ومسنيا، وأبشي، والفاشر، ثم يخترق سهول الجزيرة، حتى ينتهي إلى سواكن، وقد اشتهر هذا الطريق لكونه قد رفد بلاد السودان والنوبة بأعداد كبيرة من العلماء والدعاة الذين ساهموا مساهمات كبيرة في نشر الدعوة الإسلامية، وتوطينها في تلك المناطق.

    دوافع الهجرات العربية:

    ولا شك أن هذه الهجرات إلى بلاد النوبة لم تتم في فترة واحدة محدَّدة، ولم تحركها ظروف واحدة، كذلك بل تمت على فترات متقطعة تنشط حينًا، وتخمد حينًا آخر، وتتحكم فيها عدد من الدوافع أو العوامل الدينية، والسياسية، والتجارية، والاقتصادية يمكن تناولها على النحو التالي:

    أولاً: الدوافع الدينية:

    كان معظم جنود الحملات العسكرية التي سيرها ولاة المسلمين في مصر نحو بلاد النوبة من رجال القبائل العربية، وممن شاركوا في الفتح الإسلامي لمصر، أو من المدد الذي ظل يصل تباعًا إلى مصر من الجزيرة العربية لتقوية السلطة، وحماية الدولة والتوسع في الفتوح[29]، ومن الواضح أن الولاة في مصر لم يكونوا يتردَّدون في تسيير الحملات العسكرية تجاه النوبة، كلما أغاروا على الحدود والمدن الجنوبية للدولة، أو كلما تمرَّدوا عن دفع ما عليهم من (بقط والتزام)، فكان من الأهداف الرئيسة التي حركت أولئك المقاتلين هو الجهاد في سبيل الله - تعالى - لردِّ كيد الأعداء والدفاع عن الدولة المسلمة، وحمل لواء الدعوة الإسلامية وتبليغها للعباد، تدفعهم لذلك نصوص صريحة من القرآن الكريم، وترغبهم في ذلك؛ كقوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [التوبة: 20]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]، وقوله - تعالى -: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾ [النساء: 95]، ومن أقواله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن مات ولم يَغْزُ ولم يحدِّث نفسه بالغزوِ مات على شُعبة من نفاقٍ))[30]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المجاهد في سبيل الله مضمون على الله إما إلى مغفرته ورحمته، وإما أن يرجعه بأجر وغنيمة، ومثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الذي لا يفتر حتى يرجع))[31]؛ فهذه النصوص الواضحة الصريحة من الكتاب والسنة كانت هي الدافع الحقيقي لمشاركة هؤلاء الرجال في هذه الحملات الجهادية، إضافة إلى حماسهم لأجل تبليغ الدعوة الإسلامية، إلا أن كثيرًا من المؤرِّخين المحدَثين، الذين كتبوا عن تاريخ الهجرات العربية إلى بلاد النوبة، قد أغفلوا هذا الدافع ضمن ما ذكروا من دوافع للهجرة، على الرغم من أنه هو الدافع الرئيس لها.

    ثانيًا: الدوافع السياسية:

    وهذه تختلف وتتباين بحسب الأوضاع في البلدين مصر والنوبة؛ فمنها دوافع خاصة بتأمين النظام السياسي في مصر وتقوية شوكته؛ حيث عمد عدد من الولاة في مصر إلى جلب قبائل عربية بأسرِها إلى مصر؛ لتكون قوة لهم وسندًا يحميهم ويغطي ظهرهم عند الخطر.
    وقد أشار عدد من المؤرخين إلى أن عبيدالله بن الحبحاب حين تولى مصر من قِبَل هشام بن عبدالملك سنة 109 هـ، أرسل يستأذنه في قدوم قبيلة قيس فأذن له، فقدم عليه نحو مائة من أهل بيت هوازن، ومائة من أهل بيت بني عامر، ومائة من أهل بيت بني سليم، فتوالدوا، وعندما تولى مصر الحوارثة بن سهيل الباهلي في خلافة مروان بن محمد، أقبلت إليه قيس، وهي يومئذٍ ثلاثة آلاف بيت، وقد شاركت أعداد كبيرة من هذه القبائل في الحملات التي أرسلت لبلاد النوبة؛ فاستقرت أعداد كبيرة منهم هناك.
    ومن الدوافع السياسية كذلك، أن النوبة ظلت ملجأً لكثير من الهاربين من مصر، أو من الجزيرة العربية بسبب الثورات وتغير نظام الحكم، ويقدم هؤلاء القادة الهاربين عادة في أعداد ضخمة وكبيرة من أتباعهم وأهلهم وعبيدهم، وحوادث التاريخ تبيِّن أنه حين اجتاحت قوات العباسيين الولايات الإسلامية هرب آخر الخلفاء الأُمَوِيين إلى مصر؛ حيث قُتل هناك، ثم هرب أبناء عبيدالله جنوبًا إلى النوبة مصحوبين بعدد من الأقارب والأتباع، البالغ عددهم نحو 400 شخص، واستجار الأُمَوِيون بملك النوبة، آملين أن يبقيهم في بلاده، لكن الملك النوبي رفض ذلك، وطلب منهم الرحيل، فتوجَّهوا شرقًا مارِّين بأرض البجة إلى ميناء باضع، وتعرضوا للجوع والعطش والتعب، فهلك عدد منهم من بينهم عبيدالله بن مروان، ومضى أخوه إلى ميناء باضع على ساحل البحر الأحمر؛ حيث عبر إلى جُدَّة، ومنها سار إلى مكة المكرمة، فقبض عليه وأرسل إلى بغداد؛ حيث بقى سجينًا حتى أيام الخليفة هارون الرشيد الذي أمر بإخراجه بعد أن أصبح كهلاً ضريرًا[32].
    هذا ولا يستبعد أن يكون رجال البجة - باتفاق مع النوبيين - قد غدروا بهؤلاء الأُمَوِيين تقربًا للعباسيين؛ حيث كشفت الحفريات الأثرية الحديثة عن قبور هؤلاء الأُمَوِيين الفارِّين على طول الطريق الذي سلكوه من النوبة إلى ميناء باضع البجاوي[33].
    ويبدو أن بعض مَن نجا من هؤلاء الأُمَوِيين قد استقر على الساحل السوداني للبحر الأحمر قرب باضع؛ حيث اختلطوا بالسكان المحليين، وتزوجوا منهم، وأصبح لهم شأن كبير تبعًا لأصلهم القرشي، وقد كان لبقاء هؤلاء الأُمَوِيين في تلك المنطقة أثر في ادعاء بعض الأسر السودانية بأنها تنحدر من أصل أموي، ومن الأمثلة على ذلك أسرة الفونج المشهورة[34]، إضافة لدور مَن استقر من تلك القبائل في نشر دعوة الإسلام بين سكان البلاد، وظلت بلاد النوبة تمثِّل دائمًا ملجأً للسياسيين والأمراء الفارِّين من مصر، يلجؤون إليها لترتيب أمورهم وصفوفهم من جديد، ريثما يبدؤون محاولة الثورة والمقاومة مرة أخرى؛ مثل: هروب عبدالله وعبيدالله ابنَي مروان بن الحكم إلى بلاد النوبة، ومثلما فعل الثائر الأُمَوِي أبو ركوة في عهد الفاطميين[35].
    ومن الدوافع السياسية التي ساهمت في دعم وتوسيع الهجرة العربية إلى النوبة تلك الحملات الحربية التي سيَّرها ولاة المسلمين من مصر - بعد إعدادها ودعمها - إما بسبب انقطاع النوبة عن دفع (البقط) المقرر عليهم، أو بسبب هجومهم على منطقة الحدود جنوبي مصر، وقد كانت هذه الحملات تصل إلى أعماق بلاد النوبة، ثم تستقر أعداد من المشاركين فيها في البلاد، فيساهمون في نشر الدعوة والثقافة الإسلامية في المنطقة، ونقل الدماء العربية للنوبيين بالتزوج منهم، ومصاهرتهم.
    ومن الدوافع السياسية أيضًا تحوُّل سياسة العباسيين تجاه العرب؛ إذ المعروف أنه مع الفتح الإسلامي لمصر ظلت القبائل العربية تفد إليها بأعداد كبيرة جدًّا، سواء دعاهم الولاة كما سبق، أو بتحرك تلقائي من قِبَلهم نحو مصر، فأصبحت أعدادهم كبيرة جدًّا، وصار لهم نفوذ هام في الدولة وتسيير أمورها، واستقرت جماعات منهم في الريف، ومارست الزراعة[36]، إلا أنه بسقوط الدولة الأُمَوِية، وقيام الدولة العباسية بدأ العباسيون في استرضاء الموالي، والاعتماد على الجنود الأتراك، وعلى وجه الخصوص في عهد الخليفة المعتصم (218 - 227هـ)، فأثبتهم في الديوان، وأمر واليَه في مصر (كيدر بن نصر الصفدي) بإسقاط مَن في ديوان مصر من العرب، وقطع العطاء عنهم[37]، وأدَّى هذا القرار الخطير إلى ثورة عربية ضد الوالي، انتهت بأسر زعمائها من القبائل العربية[38]، وبهذا "انقرضت دولة العرب في مصر، وصار جندها العجم المَوالي من عهد المعتصم إلى أن ولي الأمير أبو العباس أحمد بن طولون، فاستكثر من العبيد"[39]، ففقد العرب بهذا نفوذهم القديم، وأبدوا استياءهم الشديد لهذا التحول في سياسة الدولة، وكثرت ثوراتهم في أول قرن للدولة العباسية، وقامت ثورات يقودها أمراء أُمَوِيون في صعيد مصر، أيَّدتها كثير من القبائل العربية، ولم تُفلِح الحكومة المركزية في إخمادها إلا بعد جهود كبيرة[40]، وأعلنت كذلك قبائل قيس العصيان ورفضت دفع الخراج المقرر عليها[41].
    فكان طبيعيًّا أن يتبع هذه الاضطرابات نزاعات كثيرة بين هؤلاء الذين امتنعوا عن دفع الخراج المقرر عليهم - مع التمتع بملكية وخيرات الأراضي التي يفلحونها - وبين ولاة الأمر في مصر، وأدى ذلك في النهاية إلى توسيع الشُّقة بين العرب والولاة من حكام مصر، فكان لهذا التوتر في العلاقة، ولهذا الضغط السياسي والاقتصادي، أسوأُ الأثر في نفوس العرب، الذين فقدوا مصدر رزق هام بالنسبة لهم، ولم يبقَ أمامهم إلا أحد أمرين: إما أن يذعنوا للأمر ويسلموا بهذا الواقع، وإما أن ينزحوا نحو صعيد مصر بعيدًا عن سلطة الوالي، فآثروا الأمر الثاني، وأخذوا منذ أوائل القرن الثالث الهجري ينزحون للصعيد المصري، ومنه لبلاد النوبة في مجموعات صغيرة، دون أن تسترعي انتباه أحد، أو يسجل التاريخ تفاصيلها، والأغرب من ذلك أنهم قد اجتازوا الحدود بين مصر والنوبة في هدوء شديد، لم يَلفِت إليهم صاحب الجبل والي الإقليم الشمالي من قبل النوبة، الموكل بحفظ الحدود الشمالية لبلاده، والذي يحول دون دخول أي شخص للبلاد دون تصريح رسمي يسمح له بذلك[42].

    ثالثًا: الدوافع التجارية والاقتصادية:

    ظلت العَلاقات التِّجارية بين مصر والنوبة مزدهرةً منذ قديم الزمان، وذلك لحاجة البلدين؛ إذ كانت مصر تحتاج لكثير من المنتجات التي لا تتوفر فيها؛ مثل: الأخشاب، والعاج، والأبنوس، وبعض التوابل.. وغيرها، فخرجت قوافل تجارتها منذ قديم الزمان إلى الجنوب منها، حتى وصلت إلى أجزاء نائية من القارة الإفريقية[43]، وارتبطت مع بلاد النوبة بصلات تجارية قوية؛ فكانت مدينة أسوان مجمعًا للتجار من أهل السودان ومن النوبة، وكان التجار النوبيون يقدِّمون إلى أسوان عن طريق النيل حتى الجنادل، ثم يتحولون إلى ظهور الإبل حتى يصلوا إلى أسوان[44]، وقد سكنها كثير من العرب لمناخها الذي يقارب مناخ الجزيرة العربية ولمركزها التجاري[45]، إضافة إلى أن النوبة كانت تصدر عن طريق أسواقها أهم منتجاتها من (الذهب والزمرد) الذي ينتج في وادي العلاقي[46]، إضافة إلى الرقيق، والعاج، والأخشاب الصلبة، والأبنوس، وسن الفيل لصناعة العاج، الذي يستخدم في الزينة، وريش النعام، والحديد الذي يستخرج ويصهر بالقرب من نباتا ومروى[47]، وكانت ترد إلى النوبة المنسوجات، والقمح، والنحاس من مصر[48].
    وحين وقَّع عبدالله بن سعد عهدَ الصلح مع ولاة النوبة نص صراحة على حق الترحال لرعايا البلدين في البلد الآخر دون الإقامة الدائمة، فساق هذا الحق التُّجار المسلمون إلى أعماق النوبة مع بضاعتهم وتجارتهم وعقيدتهم الإسلامية، واستطاعوا بما اكتسبوا من معرفةٍ بأحوال البلاد تمهيدَ الطريق لهجرة القبائل العربية في أعداد كبيرة، بل نجد أن أعدادًا منهم قد استقرَّت في فترة مبكرة في (سوبا) عاصمة مملكة علوة النصرانية جنوب المقرة، حتى أصبح لهم حيٌّ كامل يُعرف بهم[49].
    ومن الدوافع الاقتصادية كذلك التي ساهمت في دفع القبائل العربية للهجرة نحو جنوب مصر في النصف الأول من القرن الثالث الهجري سماع القبائل بمعدني (الذهب، والزمرد)، عبر الصحراء الشرقية لبلاد النوبة، واشتهار أمرهما لا سيما في وادي العلاقي من أرض البجة؛ فأدى ذلك إلى اجتذاب كثير من القبائل العربية المختلفة إلى هذه الأوطان للعمل فيها، واستغلال مناجمها[50]، وأدى استقرارهم هناك إلى اختلاطِهم بقبائل البجة عن طريق المصاهرة، فنَقَلوا إليهم العقيدة الإسلامية، وتغيَّرت كثيرٌ من عاداتهم وتقاليدهم بهذا النسب الجديد[51].
    إضافة لذلك، فإن المعلوم عن مراعي النوبة وأراضيها أنها أكثر خصوبة من أراضي ومراعي شبه الجزيرة العربية، وعلى وجه الخصوص النوبة الجنوبية (علوة)، التي كانت أكثر اتساعًا وأخصب أرضًا وأوفر ثروة من المقرة[52]، إضافة إلى أن مناخ النوبة الشمالية (المقرة) يشابهُ مناخ وبيئة شبه الجزيرة العربية[53]، وهو ما يوائم حياتهم التي جُبِلوا عليها في حب الترحال والتنقل، وقد كان لهذا التشابه في المناخ وطبيعة البلاد والأرض المسطحة، أثرُه في دفع هذه القبائل للتقدم نحو الجنوب، وهي قبائل بدوية رعوية، أو شبه رعوية لا تستطيع التقدم إلا في السهول المكشوفة؛ فكان تدفقهم في كل أرض وصلوها يقف عند اصطدامهم بعقبات طبيعية؛ كالبحار، والجبال، والغابات، وهذا ما حدث بالضبط؛ إذ إن تلك القبائل لم تتوقَّف في زحفها إلا عند المناطق التي تسوء فيها الطرق، وتتفشَّى فيها الأمراض الفتاكة، بَيْدَ أن هذه الجماعات العربية المهاجرة اختلطت بالعناصر النوبية والبجاوية في تلك المناطق، وأدى هذا الاختلاط إلى تأثر هؤلاء بالدماء العربية، التي كانت تتجدد باستمرار مع توالي وصول عناصر عربية جديدة إلى هذه الجهات[54]، إضافة إلى اعتناق عددٍ منهم للإسلام في هذه الفترة بالرغم من جهلهم باللغة العربية[55]، والراجح أن العرب تعلَّموا لغة النوبيين بعد أن اختلطوا بهم، واستطاعوا بذلك نشر ثقافتهم الإسلامية في بلاد النوبة[56].
    هذا وقد تعاظمت أعدادُ القبائل العربية المهاجرة، وانتشرت أحياء العرب من جُهَينة في بلادهم - أي النوبة - واستوطنوها وملكوها[57].
    وذلك في المراحل الأخيرة للمملكة النوبية النصرانية التي أصابها الضعف والوهن؛ بسبب خلافاتها الداخلية، وبسبب الضغط القوي للقبائل العربية التي سارت في زحفها، حتى بلغت أرض البطانة[58]، والجزيرة[59]، ثم عبر بعضها نهر النيل إلى كردفان ودارفور، وهناك التقت هذه الموجة المهاجرة بموجة أخرى، كانت قد تابعت شاطئ النيل الغربي حتى دنقلة، فوادي المقدم[60]، ووادي الملك، حتى بلغت في مسارها مملكة: كانم - برنو؛ حيث كان الإسلام قد بلغ تلك الجهات من بلاد المغرب وشمال إفريقيا[61].
    واستقر بعض هؤلاء المهاجرين في سهول أواسط البلاد، وانفتحوا على السكان الوطنيين من النوبة وغيرهم من البجة والزنج، فصاهروهم، وعندما بلغوا كردفان ودارفور اضطرَّ جزء منهم أن يتخلوا عن إبلهم ويعتمدوا على الأبقار في ترحالهم، ومن ثَم عُرِفوا بعرب البقارة[62].

    أشهر القبائل العربية المهاجرة:

    ورغم الخلاف الواسع بين الباحثين في إعداد القبائل العربية التي هاجرت إلى بلاد النوبة، وفي أنسابهم، إلا أنه يمكن القول بما اتفق عليه معظم الباحثين: إن الجماعات العربية التي هاجرت إلى بلاد النوبة قد اشتملت على المجموعتين العربيتين، وهما مجموعتا العدنانيين والقحطانيين[63]؛ حيث يمثل العدنانيون الكواهلة والمجموعة الجعلية، وبعض القبائل الأخرى، في حين يمثل القحطانيون المجموعة الجهنية[64].
    ويُقال: إن الكواهلة ينتسبون إلى كاهل بن أسد بن خزيمة، وإنهم قدموا إلى بلاد النوبة من جزيرة العرب مباشرة عبر البحر الأحمر، واستقروا في الإقليم الساحلي بين سواكن وعيذاب[65]، وينسب إليهم كذلك البشاريون والأمرار وبنو عام[66].
    ومن المؤكد أن أولاد كاهل قد عاشوا زمنًا في الأقاليم الساحلية الشرقية والمناطق التي تليها، ثم انتشروا انتشارًا تدريجيًّا نحو الغرب[67].
    أما المجموعة الجعلية، فيقال: إنهم ينتسبون إلى إبراهيم الملقب "بجعل"، من نسل العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وترجع أسباب هذه التسمية إلى أن إبراهيم هذا كان جوادًا مضيافًا، وإنه كان يقول للوطنيين وغيرهم من العرب: "إنا جعلناكم منًّا"؛ أي: أصبحتم منا[68]، وتدل هذه العبارة وكثرة ترديدها على أن التوغل العربي الإسلامي في المنطقة كان توغلاً سلميًا مبنيًا على التودد والصلات الحسنة مع السكان الوطنيين من النوبيين وغيرهم، إلا أن هناك مصدرًا آخر يشير إلى أن سبب هذه التسمية - أو هذا اللقب - سمة إبراهيم الشديدة ومنظره[69]، والواقع أنه لم يَرِد لفظ جعل ومشتقاته في أسماء قبائل العرب القديمة إلا في قبيلتين: إحداهما جعال بن ربيعة، أقطعهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرض إرم من ديار جذام، والأخرى بنو حرام بن جعل بطن من بلي من قضاعة، وهم بنو حرام بن عمرو بن حبشم[70]؛ فاللفظ إذًا معروف في الجزء الشمالي الغربي من شبه جزيرة العرب؛ أي: في الموطن الأول الذي أمدَّ مصر بموجاته العربية المتلاحقة.
    وتؤكِّد رواية أخرى أن من بين الصحابة الذين نزلوا مصر حزام بن عوف البلوي، وكان من بني جعل من بلي، وهو ممَّن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة في رهط من قومه بني جعل، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((لا صخر ولا جعل، أنتم بنو عبدالله))[71]، على أنه من الصعب القول بإيجاد صلة بين الجعليين الذين هاجروا إلى بلاد النوبة وبين القبيلة المذكورة هنا، والراجح أن الجعليين لم يكونوا قبيلة واحدة، بل هم مجموعة من القبائل ذات نسب متقارب، هاجرت على دفعات وعلى مدى عدة قرون، وأهم هذه القبائل: الميرفاب، والرباطاب، والمناصير، والشايقية، والجوايرة؛ والركابية، والجموعية، والجمع، والجوامعة، والبديرية، والغديان، والبطاحين[72]، ومن القبائل العدنانية كذلك: قيس عيلان، وكنانة، وبنو حنيفة، وربيعة، وبنو فزارة، وبنو سليم، وبنو يونس[73].
    أما أشهر القبائل القحطانية التي هاجرت إلى بلاد النوبة، فهي قبائل بلي وجهينة، وقد ذكر المؤرِّخون أن الصعيد الأعلى في هذه المرحلة - خلافة المعتصم - سكنته جموع هائلة من عرب سبأ، ونزل منهم أرض المعدن خلق كثير، كانت بلي وجهينة من جملتهم[74].
    وينتسب هؤلاء الجُهَنيون إلى عبدالله الجهني الصحابي، وهو وإن لم يكن من جهينة مباشرة، فإنه من قضاعة التي تنتسب إليها جُهَينة[75]، وتضم قبائلها: قبائل رفاعة، واللحويين، والعوامرة، والشكرية، وقد سكن هؤلاء في النصف الشرقي من سودان وادي النيل، وعلى شاطئ النيل الأزرق والبطانة، وفي كردفان، مثل قبائل دار حامد، وبني جرار، والزيادية، والبزعة، والشنابلة، والمعاليا، وفي غرب كردفان ودافور تشمل قبائل: الدويحية، والمسلمية، والحمر، والكبابيش، والمحاميد، والماهرية، والمغاربة، والبقارة[76].
    ومن القبائل القحطانية كذلك: قبيلة بهراء، وهي بطن من قضاعة التي انتشرت بين صعيد مصر وبلاد الحبشة، وكان لهم فضل كبير في تقويض دعائم المملكة النوبية[77]، وما يخرج به الباحث من خلال تتبُّع هجرة القبائل العربية في بلاد النوبة، هي سرعة اختلاطهم بالسكان النوبيين وغيرهم من الوطنيين في فترة وجيزة، كذلك لا تكاد تجد أسماء من القبائل العربية في مصر إلا وتجد له نظيرًا في بلاد النوبة؛ مما يؤكد أهمية المنفذ الشمالي القادم من مصر عن طريق النيل في أمر الهجرة وتوسعها، إضافة إلى ذلك، فإن هذه الهجرات لم تتم في وقت معلوم محدد بفترة زمنية معينة يمكن إحصاؤها وتقديرها.
    أهم الآثار الثقافية للهجرات العربية: ظل سجل الثقافة النوبية حتى دخول العرب المسلمين بأعداد كبيرة، يتأرجح في تفاعل بين ثقافتي الزنوج والحاميين من جهة، وما طرأ عليها من مؤثرات خارجية على رأس الأثر المصري من جهة أخرى؛ فقد كان للحضارات المصرية التي قامت على حوض النيل الشمالي أثرٌ كبير على الشعوب التي سكنت من حولها بوجه عام، وعلى بلاد النوبة على وجه الخصوص، وقد وردت الإشارة إلى ذلك في مقدمة هذه الدراسة؛ حيث أدت تلك العَلاقة إلى تسرُّب الأفكار والمعتقدات والطقوس، والعادات والتقاليد كنتاج طبيعي أو حتمي للصلات الفكرية والتجارية التي كانت قائمة بين البلدين، فكان قدماء المصريين يعتبرون ديار جيرانهم إلى الجنوب بمثابة مصدر هام للمنتجات الإفريقية ومدخلاً رئيسيًّا لها، فتوغلت القوافل التجارية منذ الدولة المصرية القديمة محمَّلة بأدوات الزينة والحُلِي والأسلحة، وكانت تعود بالذهب والزمرد، والرقيق، والأبنوس، والعاج، وبازدهار هذه العلائق التجارية توغَّل التجَّار جنوبًا، وأثَّروا تأثيرًا حضاريًّا كبيرًا؛ مما جعل بعض المؤرِّخين يذهبون إلى أن هذه الأجزاء من النوبة خضعت لفترات طويلة للاحتلال المصري المباشر، وقد تجلى ذلك في كثير من مظاهر الحياة النوبية في جانبها الثقافي والحضاري، مما لا تزال مشاهدُه وآثاره باقية في أشكال الأواني الفخارية، ومدافن الموتى، وطريقة الدفن، وبناء قصور الملوك، إضافة إلى انتشار المعابد المصرية والرسومات الهيروغليفية، وتفشي عبادة الآلهة المصرية جنبًا إلى جنب مع بعض الآلهة الوطنية المحلية، كما بقيت الأهرامات، وطريقة دفن النوبيين لموتاهم في البركل، ومروى، وكبوشية[78]، خيرَ شاهدٍ على ذلك الأثر الثقافي المصري القديم[79].
    وما إن ازدهرت الديانة النصرانية في العهد النصراني في بلاد النوبة، حتى صبغت البلاد بكثير من مظاهر ثقافتها، وتمثَّل ذلك في تحويل المعابد القديمة إلى كنائس، وتم تشييد الكاتدرائيات التي مُلِئت بالزخارف والنقوش، وبعض المشاهد من الإنجيل وصور القدِّيسين[80]، ويظهر الأثر البيزنطي في التحف الفنية التي عثر عليها في كنيسة فرس، إضافة لقطع الفَخَّار وصور الحيوانات التي ظلت تمثل تقليدًا وطنيًّا كان منتشرًا في مملكة علوة[81]، كذلك يلاحظ الأثر النصراني القبطي في استخدام اللغة القبطية في أداء الطقوس الدينية الكنسية، وقد ترجمت فيما بعد إلى اللغة النوبية[82]، وكان كل ذلك بسبب هيمنة الكنيسة المصرية على الكنيسة النوبية، بل أضحت الكنيسة المصرية هي التي تقوم بتعيين وإرسال الأساقفة للكنيسة النوبية[83]، ومع ذلك بقيت بعض العادات والتقاليد النوبية الوثنية سائدة في المجتمع النوبي[84]، ومما يؤكد ما وصلت الإشارة إليه سابقًا من أن العقيدة النصرانية لم تتفاعل مع مشاعر الجماهير، بل إنها فرضت على الناس فرضًا، إلا أن ذلك لا يمنع من القول: إن النصرانية قد ساهمت في تعديل وتهذيب كثير من العادات والتقاليد الوثنية النوبية، وبسطت بعض مفرداتها اللغوية والثقافية في البلاد، وعاشت جنبًا إلى جنب في المجتمع النوبي مع المورثات الثقافية الوثنية، حتى تمكن الإسلام في البلاد.
    ولعله من المهم جدًّا أن يُدرِك دارسو حركة مسار الدعوة الإسلامية أن انتشار الإسلام يعني حقيقة انتشار لظواهر ثلاث متلازمة؛ هي:

    • انتشار الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية.
    • انتشار الثقافة العربية الإسلامية.
    • انتشار اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم والخطاب الإسلامي.
    "ولا يفهم من ذكر هذه الظواهر على هذه الصورة أن كل ظاهرة منها كانت منفصلة عن الأخرى تمامًا، إنما كانت مختلطة متشابكة تسير جنبًا إلى جنب، وتتفاعل كلها في وقت واحد وتخضع لمؤثرات تكاد تكون واحدة"[85].
    وقد خضعت الثقافة الإسلامية وانتشارها لذات الظروف التي خضعت لها الحضارة الإسلامية، ومرَّت بالتطورات نفسها التي مرت بها الحضارة الإسلامية؛ فقد جابهت الثقافة الإسلامية في إفريقيا المشكلة نفسها العامة التي جابهتها الثقافة الإسلامية في العصور الوسطى، وهى مشكلة أو ظاهرة الالتقاء الثقافي، بل هي المشكلة نفسها التي تواجهها الحضارات الإنسانية عمومًا حين تلتقي وتختلط وتتبادل التأثيرات؛ فمثلاً في مصر التقت الثقافة الإسلامية الوافدة بثقافات إغريقية مصطبغة بصيغة الحضارة المصرية القديمة[86]، هذا الالتقاء أظهر طرازًا من الحضارة الإسلامية متأثرًا في طابعه العام ببعض هذه الثقافات؛ أي إن ذلك يعني " أن الإسلام أخذ وأعطى، ومن هذا الأخذ والعطاء ظهرت الحضارة الإسلامية في مصر"[87].
    وقد ورد في أمر النوبة آنفًا أنها وقعت مع المسلمين (عهد البقط) بشرائطه تلك، وذلك العهد يمثِّل نوعًا من الاتصال الدائم بين المسلمين والنوبة مدة ستة قرون ونيِّف، تسرَّبت خلالها المؤثرات الإسلامية مع القبائل العربية التي بدأت تتغلغل هناك منذ القرن الثاني للهجرة، على الرغم من أن المعاهدة كانت تعطيهم حقًّا في الدخول في النوبة مجتازة لا مقيمة، إلا أن هذه القبائل تقدَّمت في هجرتها وتوغلت جنوبًا، واستقرت قطاعات عريضة منها في شرق ووسط وغرب السودان، حتى وصل هذا الوجود إلى بلاد الحبشة ودافور في أواخر القرن السادس الهجري[88].

    وخلاصة القول:

    إن الوجود العربي الإسلامي في بلاد النوبة لم يظلَّ حبيس المناطق الشمالية، بل ظل يمتد على الدوام، ويتوسع جنوبًا في كل ركب نازح، أو هجرة لقبيلة أو جماعة من المسلمين، تدفعهم إلى ذلك دواعي نشر العقيدة الإسلامية، وبسط دعوتها، إضافة إلى دوافع أخرى أمنية وسياسية واقتصادية، وانفتحوا على السكان الأصليين من نوبيين، وبجة، وزنج، وغيرهم، فصاهروهم وأحدثوا مؤثرات كبرى في حياة النوبيين، بما حملوه معهم من دعوة، وثقافة، ولغة، ونظام حياة، وقد قويت شوكتهم وأصبحوا مستظهرين على جميع مَن جاورهم هناك من النوبة والبجة إلى سنة أربع ومائتين[89].
    ثم إن المعاهدة ضمنت للمسلمين فتح بلاد النوبة للتجارة، والسماح لتجارتهم بارتياد البلاد على ألا يُقِيموا فيها، فكان التجار من أهم وسائل نشر الثقافة الإسلامية في بلاد النوبة، وهو دَور لا يستبعد أن يكون ولاة المسلمين قد توقَّعوه من هذه الفئة المعروفة بنشاطها في مجال نشر الدعوة[90]، وعلى أثر ذلك الاتفاق توغَّل التجار إلى أعماق بلاد النوبة، ومع أنهم كانوا منصرفين إلى الأعمال التجارية في المقام الأول، إلا أنهم كانوا روادًا في نشر العقيدة الإسلامية بين الوطنيين، واستطاعوا بما كسبوا من معرفة بأحوال البلاد، ونقلهم تلك المعرفة لمواطنيهم تمهيدَ الطريق لهجرة القبائل العربية في أعداد كبيرة[91].
    كذلك من أهم وسائل انتقال الثقافة الإسلامية وانتشارها وسط النوبيين الأفرادُ والمجموعات التي شاركت في الحملات التأديبية التي سيرها سلاطين المسلمين وولاتهم على النوبة عند إغارتها على جنوب مصر، أو عند تمردها على التزامها بدفع ما عليها من (بقط)؛ حيث كانت أعظم هذه الحملات وأكثرها على بلاد النوبة في العهد المملوكي[92]، وقد استغلَّ هؤلاء الجنود فرض الأمن والحماية، وحق التوغل الذي كفله لهم عهد البقط؛ فاستقروا هناك بعد أن خلعوا عنهم صفات الجندية الرسمية، وهو الأمر الذي طمأن النوبيين، فزوجوهم من بناتهم، وتوثقت الصلات بينهم، فنقل اليهم هؤلاء المحاربون القدامى كثيرًا من المؤثرات الثقافية الإسلامية، بالإضافة لهذه الجهود كانت هناك جهود بذلها الدعاة الذين حملوا همَّ الدعوة، ونقلوا كثيرًا من مظاهر الثقافة الإسلامية للنوبيين، والتاريخ مليء بالشواهد الدالة على مدى توفيقهم في دعوتهم، ولذلك أسباب منها حماسهم الديني، وما اتصف به الإسلام من بساطة ووضوح، وإضافة إلى أنهم في كثير من الأحوال كانوا يُصَاهِرون القبائل الوثنية فيعينهم حق الأم على توطيد مراكزهم في الأسر[93]، وقد ساهمت كل تلك العوامل في نشر الثقافة الإسلامية وسط أهل النوبة المسلمين الذين تأثروا بها تأثيرًا مباشرًا، بل تجاوز هذا التأثير الإسلامي هؤلاء المسلمين إلى غيرهم من الذين بقوا على نصرانيتهم وإلى الوثنيين منهم[94].
    وهذا لا يعني أن الثقافة الإسلامية قد قضت تمامًا على الموروثات الثقافية النوبية؛ إذ إن ما حدث كان نوعًا من التأثير الثقافي من حضارة قوية وافدة على حضارة نصرانية ضعيفة، تتخللها بعض الموروثات من العادات والتقاليد الوثنية الضاربة في أعماق البلاد؛ لذلك لم تتخلَّ النوبة عن كل ما هو قديم وتليد؛ لأن ذلك فطرة الإنسان من حيث هو كائن يرعى تراث الآباء والأسلاف، ويفاخر بما خلفوه له، بل وينظر إليه على أساس أنه تراث يجب حفظه والدفاع عن بقائه، إضافة إلى أن الإسلام لم يطلب من الذين اعتنقوه وأقبلوا عليه التخلي عن كل موروثاتهم القديمة ما دامت لا تتعارض مع تعاليم الإسلام، وقد أبقى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على بعض من عادات العرب في الجاهلية ما لم تكن مخالفة لتعاليم الإسلام - كما سبقت الإشارة إليه - بل إنه أثنى على بعض تلك الموروثات، وأشار إلى أنه لو دُعِي إليها في الإسلام لاستجاب وشارك فيها، مثل حلف الفضول الذي حضره - صلى الله عليه وسلم - في دار عبدالله بن جدعان بمكة المكرمة قبل مبعثه[95]، إضافة إلى أن منهج الإسلام في التعاون مع ذلك الموروث هو العمل على تهذيبه وتنقيته مما يتعارض مع الدين، وهذا ما حدث في كل المناطق التي أقبلت على الإسلام في إفريقيا، ونشأت بذلك بيئات حضارية محلية، لكل بيئة مقوماتها الخاصة، واتجاهاتها الخاصة كذلك، ولكن تجمعها في إطار واحد صفات إسلامية مشتركة من وحدة الدين واللغة والمثل[96].
    ويمكن أن نسمي ما حدث في النوبة نوعًا من الملاءمة - أو المثاقفة - بين المحلي الموروث وبين الإسلامي المكتسَب، وقد بَدَت بعض مظاهر تلك الثقافة الوليدة عند سلاطين إفريقيا الغربية في طريقة جلوس السلطان للمظالم، وفي لباسه، وفي المحطين به، واستخدام الطبول المصنوعة من القصب والقرع[97]، إضافة لما ذكره بعض المؤرخين الذين شهدوا تلك الممالك، ومن وصف للقصر ولحياة السلطان، واستخدامه لبعض المناصب والمصطلحات الإدارية؛ مثل: نائب السلطان، والفرادية الأمراية، والتراجمة[98]، وقد أشار بعض المؤرخين إلى تفشي هذه الظواهر نفسها عند السلاطين الذين ورثوا الممالك النوبية، فيبدو الأثر الإسلامي واضحًا في عاداتهم وأخلاقهم وفي الألقاب والنظم والرسوم[99].
    أيضًا من مظاهر تأثرهم بالثقافة الإسلامية ما عثر عليه في منطقة مينارتي - شمال دنقلة - من كتابات عربية على شواهد بعض القبور، تحمل أسماءً عربية في القرنين الثاني والثالث الهجريين[100]، وفي منطقة كلابسة ترجع إلى سنة 317هـ/ 927م[101]، كما عثر في المنطقة نفسها على مقابر نوبية عليها كتابات باللغة القبطية، تحمل تاريخًا مزدوجًا من التقويمين القبطي والهجري، ويبدو أنها من آثار جاليات عربية، ثبت أنها استقرت هناك من القرن الثالث الهجري[102]، بل تظهر بعدها كتابات لا تحمل سوى التاريخ الهجري، وترجع إلى القرن نفسه[103].
    وإذا كان هذا الأثر الإسلامي قد بَدَا فيما كتب على شواهد القبور هذه؛ فإنه يتوقع أن يكون هذا الأثر قد صاحب كل المراحل التي تمر بها جنازة المتوفَّى، بَدْءًا من غسله وتكفينه حسب السنة النبوية، ثم الصلاة عليه، فانتهاء بدفنه في اتجاه القبلة.
    ومن مظاهر انتشار الثقافة الإسلامية وسط النوبيين اتخاذهم للأسماء العربية، وتسميتهم بها، فتتحدث المصادر عن أن حاكم اقلين الجبل النوبي اسمه قمر الدولة كشي[104]، وعن بعض علماء المسلمين من النوبة؛ مثل: يزيد بن أبي حبيب، وذي النون المصري، النوبي الأصل[105]، وتحي النوبية الزاهدة[106]، وغيرهم ممن تسموا بالأسماء العربية بدلاً من اتخاذهم الأسماء النوبية.
    كذلك من المؤثرات الثقافية التي انتقلت إلى النوبيين من المسلمين اتخاذُهم الحوادث التاريخية الشهيرة مناسبات يؤرِّخون بها؛ إذ كان العرب يؤرِّخون بالحوادث العظيمة في حياتهم كسيل العَرِم، وبناء الكعبة، وحرب البَسُوس، ويوم حليمة وغيرها[107]، فاتخذ النوبيون والعرب المستعربون في بلاد النوبة حوادث؛ كسنة البعوضة، وسنة الفار، وقتلة العقال، وأصبحوا يؤرخون بها[108].
    وفي مجال العقوبات والجنايات بدا الأثر الثقافي الإسلامي واضحًا في حياة النوبيين الذين كان من أعرافهم الاجتماعية طرد مَن يرتكب جريمة السرقة من القرية[109]، إضافة إلى أن النوبي كان إذا خامره شكٌّ في زوجته حملها ليلاً إلى النهر وأغمد مُدْيَته في صدرها، ثم يقذف بها في النيل، بينما أنه في حالة الطلاق يستولي على جهاز مطلقته، ثم يحلق رأسها، ووجود هذه الشرائع والأعراف في المجتمع النوبي يؤكد ضعف الأثر النصراني في البلاد؛ إذ إنها شرائع وأعراف تتنافى مع التعاليم النصرانية وشرائعها، إلا أنهم سرعان ما تأثروا بشريعة الإسلام وآدابه في التعامل مع هذه المواقف والجنايات، فتقلصت إلى حد كبير تلك الثقافات الوثنية التي ظلت سائدة تحكم الحياة النوبية، وتوجهها.
    هذا ولم يقف أثر الثقافة النوبية على عامة النوبيين فحسب، بل نجده قد تجاوزهم إلى ملوكهم وحكامهم الذين عَرَفوا الكثير عن الإسلام وأركانه وفرائضه، وسنن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعن سيرته - صلى الله عليه وسلم - وعن انساب القرشيين، وقرابة الصحابة، والأسر الحاكمة بعضها من بعض، فيتضح ذلك من نص الحوار الذي دار بين عبيدالله بن مروان بن محمد - آخر الولاة الأُمَوِيين على مصر - حين فرَّ إلى بلاد النوبة خوفًا من العباسيين الذين أرسلوا في طلبه، وبين ملك النوبة حين علم بقدوم عبيدالله ودخوله أرض بلاده[110]؛ إذ يبدو الأثر الإسلامي واضحًا في سؤال الملك النوبي لعبيدالله عن: "كيف سلبتم ملككم، وأنتم أقرب الناس إلى نبيكم؟ فقال عبيدالله: إن الذي سلب منا ملكنا أقرب إلى نبينا منا (يقصد بذلك بني العباس)، قال له ملك النوبة: فكيف أنتم تلوذون إلى نبيكم بقرابة وأنتم تشربون ما حرم عليكم من الخمور، وتلبسون الديباج وهو محرم عليكم، وتركبون في السروج الذهب والفضة وهى محرمة عليكم، ولم يفعل نبيكم شيئا من هذ؟".
    بَيْدَ أن النوبيين كانوا ينظرون إلى المسلمين على أنهم أصحاب حضارة وثقافة أرقى وأسمى، فما كانوا ليتردَّدوا في الإقبال عليها والأخذ منها، ومما يؤكد نظرتهم تلك مبادرةُ الملك النوبي إلى يد الأمير عبيدالله وتقبيلها حين التقيا
      ، بالرغم من أن عبيدالله لم يكن رأس الدولة الإسلامية، وإنما هو أمير من الأمراء، أو والٍ من الولاة، بينما كان النوبي ملكًا على البلاد كلها.



      انتشار اللغة العربية:

      لقد سبقت الإشارة إلى أن انتشار الدعوة الإسلامية في الحقيقة يمثل انتشارًا لثلاث ظواهر:

      1- انتشارًا للعقيدة الإسلامية والشريعة.
      2- انتشارًا للثقافة العربية الإسلامية.
      3- انتشارًا للغة العربية، باعتبارها لغة القرآن الكريم والدعوة.

      وهذا لا يعني بأي حال أن كل ظاهرة من هذه الظواهر منفصلة عن الأخرى، بل هي ظواهر متداخلة تسير جنبًا إلى جنب، وتتفاعل كلها في وقت واحد، وتخضع لمؤثرات واحدة كذلك[112].
      وقد انتشرت اللغة العربية وازدهرت مع حركة الفتوح الإسلامية، ولم يحدث ذلك في يسر وسهولة، بل صارعت كثيرًا من اللغات التي كانت سائدة في تلك المناطق ونافستها، وخرجت من صراعها ذلك متغلبة عليها على مر الأجيال، وعبر الحقب التاريخية المختلفة وقد ساعدت عوامل كثيرة في ذلك الانتشار أهمها الآتي:

      العامل الديني:
      فحينما انتشر الإسلام واستقرت قواعده، انتشرت اللغة العربية، وقد ساعد على ذلك ما عليه أغلب أئمة المسلمين من عدم جواز ترجمة القرآن الكريم، وعدم جواز كتابته بغير اللغة العربية، وعدم جواز القراءة بغير اللغة العربية في الصلاة[113]؛ فهي لغة العبادة في الإسلام؛ لذا أقبلت عليها الشعوب المختلفة التي اعتنقت الإسلام، تحاول تعلمها، ومعرفة ألفاظها ومعانيها، ومعاني القرآن الكريم، حتى تصح العبادة، وتؤدَّى على الوجه الصحيح المطلوب.
      وهناك عوامل لغوية أيضًا ساهمت في انتشار العربية؛ لأن انتشار الدين وحدَه ليس كافيًا في تعليل سرعة هذا الانتشار؛ إذ إن انتشار الإسلام كان أسبق من تعلُّم اللغة العربية بعدَّة قرون، وهذا العامل هو القرابة بين اللغة العربية وبين أخواتها الساميات في كثير من المظاهر الصوتية واللفظية والنَّحْوية من جهة، وبين اللغات السامية والحامية من جهة أخرى، مثل ذلك التشابه بين اللغات السامية والقبطية في الضمائر، وأسماء العدد والتثنية وقواعد الصرف[114]، إضافة لذلك هناك العامل الحضاري؛ فالمعلوم أنه إذا التقت لغة ذات تراث حضاري متفوق مع أخرى حظها من التراث قليل فان الأمر ينتهي بسيادة اللغة العريقة التراث والثقافة، وهذا ما حدث في كثير من المناطق التي انتشر فيها الإسلام في القارة الإفريقية.
      وبالنسبة لبلاد النوبة فإن (معاهدة البقط) قد ظلت تمثل الركن الأساسي في مسار العلاقة بين البلدين، وفي فترة سريانها تسربت المؤثرات الإسلامية في هدوء أدى في نهاية الأمر إلى تغيير مسارها الديني، والسياسي، والاجتماعي، ولم يحدث ذلك التأثير إلا عبر مراحل مختلفة، وفترات طويلة من المجاهدات والإسهامات التي قدمها المهاجرون من الدعاة والتجار والأفراد والرعاة، وقد بدت تلك المؤثرات في كثير من الحياة النوبية.
      أما ظاهرة انتشار اللغة العربية، فقد كانت محدودة في أول الأمر، وبدأت الجماعات العربية الأولى التي استقرت في بلاد النوبة نشر الإسلام وسط النوبيين بعد أن تعلموا لغتهم، فسهلت مهمتهم بذلك[115].
      وليس معنى هذا أن اللغة العربية لم تنتشر بين النوبيين في هذه الفترة المبكرة؛ ذلك أننا نجد كثيرا من الدلائل تشير إلى انتشارها في البلاد، منها وجود كتابات في مقابر نوبية باللغة القبطية، تحمل تاريخًا مزدوجًا من التقويمين القبطي والهجري، ثم تظهر بعد ذلك كتابات من هذا النوع لا تحمل سوى التاريخ الهجري[116]، ثم في مراحل متقدمة تظهر شواهد قبور مكتوبة بالخط العربي تحمل أسماء عربية ترجع إلى القرن الثالث الهجري[117].
      وفي هذه الفترة المبكرة ظلت اللغة العربية الفصحى لغة العبادة فقط، إلى جانب اللهجة المحلية الدارجة لكل قبيلة[118].
      أما لغة الأدب والخطابة والمحادثة، فكانت الدارجة وحدها، وقد ساعد على احتجازها في هذا الجانب قلةُ عدد المتعلمين منهم، واشتداد العصبية القبلية، وصعوبة الاتصال بين الجماعات المتناثرة في أنحاء النوبة المختلف[119]، إضافة إلى أن اللغة النوبية كانت متمكِّنة في البلاد؛ إذ إنها تمثل إحدى اللغات الحامية التي هاجرت إلى النوبة في فترة ترجع إلى القرن الثالث قبل ميلاد المسيح[120]، ومن تحول ملوك النوبة للنصرانية ترجمت بعض النصوص الدينية إلى اللغة النوبية، لكنها لم تكن لغة الشعائر والطقوس؛ إذ ظلت اليونانية والقبطية هما لغتَي الكنيسة النوبية[121]، لكنها لم تتمكن من نفوس النوبيين، رغم كونها لغات حية لها آدابها وعراقتها ووسعها؛ وذلك بسبب أنها بقيت كلغة للشعائر الدينية محصورة في الكنيسة، فلم تغادرها أصلاً، فضلا عن عدم فهم النوبة لها وتجاوبهم معها.
      ولم يعرف النوبيون الذين اعتنقوا الإسلام في هذه الفترة المبكرة أداءَ الشعائر الإسلامية المفروضة على الوجه التام المطلوب؛ ففي الصلاة مثلاً: لم يعرف قطاع كبير منهم منها إلا التهليل والتكبير[122]، ومَرَد ذلك إلى قلة الفقهاء والمتعلمين، أو المتخصصين في علوم اللغة ممن وفد إلى النوبة، إضافة إلى أن البلاد لم تشهد حركة علمية واسعة لها نشاطها، ولم تكن كذلك ثرية ثراء الحركات العلمية التي قامت في بقية البلدان الإسلامية، ولم يكن لعلمائها شهرة وصيت، مثلما كان للعلماء في تلك البلاد
        .
        إلا أن ذلك لم يَحُلْ دون تسرُّب كثير من المفردات والألفاظ العربية إلى اللغة النوبية، حتى أضحت في فترات متقدمة تمثل 30% من مجموع ألفاظ ومفردات اللغة النوبية[124]، ومع مرور الزمن وكثرة اختلاط العناصر العربية مع النوبيين تحوَّلت اللغة العربية من كونها لغة عبادة وشعائر إلى أن تصبح لغة ثانية بعد اللغة العامية النوبية، وأصبح النوبي يتحدَّث بها في معاملته التجارية مع التجار العرب، والتجار الآخرين القادمين من بلاد البجة، وعلوة، وغيرها، فأصبحت العربية بذلك لغةَ تخاطب بينهم، وقاسمًا مشتركًا بين النوبيين أنفسهم؛ حيث يتكلم بها النوبي، إضافة إلى لغته المحلية[125].
        على أن اللغة العربية التي انتشرت في النوبة لم تَكَد تخلو من ظهور بعض الاختلافات الشكلية بين اللهجات العربية القبلية، ويظهر أن هذا التعدد يعود بأصولها إلى لهجات أقدم منها عاشت في شبه الجزيرة العربية[126]، بَيْدَ أن هذه الاختلافات الشكلية بين اللهجات العربية لا تَعْدُو أن تكون تغييرًا طفيفًا في النطق، أو تغييرًا لبعض الحروف والحركات بالأبدال أو الحذف، وقد حصرها بعض الباحثين في أربعة مسائل[127]:

        1- تغيير نطق بعض الحروف.
        2- تغيير الحركات.
        3- حذف بعض الأصوات.
        4- تغيير مدلول الكلمة.
        إلا أن هذه الفروق لا تمثل اختلافًا جوهريًّا يَحُول دون قيام ثقافة ذات مضمون وجوهر واحد، إضافة إلى كونها فوارق لا تمثل حاجزًا لُغَويُّا يقف حائلاً دون وحدة الثقافة، والدليل على ذلك ما يشاهد اليوم في سودان وادي النيل، فرغم ما بين اللهجات العامية من فوارق في النطق والحركات والأصوات، وأحيانًا تغيير مدلول الألفاظ والكلمات، إلا أن أهل السودان تنتظمهم ثقافة واحدة، وهى الثقافة الإسلامية العربية[128].
        هذا وقد ظلت اللغة العربية تتقدم في المنطقة تبعًا لتقدم الإسلام الذي استمر انتشاره تبعًا لتوغُّل القبائل العربية في بلاد النوبة، حتى عم أجزاء كبيرة في شرقي ووسط وغربي بلاد السودان؛ حيث يلاحظ أن هذا الوجود قد وصل إلى بلاد الحبشة شرقًا ودارفور في غرب السودان، في أواخر القرن السادس الهجري[129]، وتمكنت اللغة العربية بذلك من محاصرة اللغة النوبية تمامًا، وعزلها عن تلك المجتمعات.
        إضافة إلى ذلك فقد أسهم الشيوخ من الدعاة - الذين وفدوا إلى النوبة، واستقروا في دنقلة، وقرروا البقاء هناك - مساهمة كبيرة في نشر تعاليم الإسلام واللغة العربية بعد أن هالهم ما رأوا من جهل مستشرٍ بتعاليم الدين والعقيدة الصحيحة، فأخذوا يعمرون المساجد، وينشئون المدارس وحلق تعليم القرآن الكريم وحفظه[130].
        فكان لتلك الحركة العلمية على بساطتها، وضعفها أثر واضح في انتشار اللغة العربية؛ وذلك بإقبال الأهالي على هؤلاء الدعاة للتعلم منهم، والتتلمذ على أيديهم.
        على أن اللغة العربية لم تسلم من دخول بعض المفردات النوبية عليها؛ لكنها بقيت واضحة كألفاظ غريبة ودخيلة عليها، ولم تؤثر في جوهرها، وتتمثل في أسماء بعض الأدوات والصناعات التي لم يعرفها العرب في جزيرتهم، فظلت هذه الأسماء مستعملة في اللغة العربية في معظم سودان وادي النيل.
        --------------------------------------------------------------------------------

        [1] ابن سيد الناس: السيرة النبوية، ج 1، بيروت، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، 1406هـ / 1986م، ص152 - مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية 1966م ص 106، 107.
        [2] محمد عوض: السودان الشمالي سكانه وقبائله، القاهرة، 1951م ص 28.
        [3] مصوع: ميناء تجاري هام يقع على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وشهد صراعات عديدة في التاريخ، ضمه العثمانيون لهم، وأقاموا فيه قواعد حربية تأمينًا للتجارة ومنافذها في سنة1520م، مصطفى مسعد، الإسلام والنوبة، ص126، 209.
        [4] أحمد فخري: دراسات في تاريخ الشرق القديم، ط2، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1963م. ص 134، 136.
        [5] دهلك: اسم أعجمي معرَّب لجزيرة في بحر اليمن، ومرسى بين بلاد اليمن والحبشة، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها، قال الشاعر:
        وأقبحْ بدهلك من بلدةٍ فكل امرئٍ حلَّها هالك
        • انظر ياقوت الحموي: ج 2، معجم البلدان، ج2؛ طهران: مكتبة الأسدي 1965م، ص634.
        [6] خليفات عوض محمد: مملكة ربيعة العربية، عمان، 1983م، ص 47.
        [7] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 107 - 108.
        [8] الشاطر بصيلي: معالم تاريخ سودان وادي النيل، الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة 1969م، ص 8.
        [9] المرجع السابق: ص 8 - 9.
        [10] المرجع السابق: ص 8.
        [11] عوض محمد خليفات: مملكة ربيعة العربية، ص 51.
        [12] المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ج 1 القاهرة المطبعة الأميرية 1970م، ص 195، قال مصعب الجهني: البلو وبنو عامر من قبيلة بلي المعروفة، واسمهم في السودان (بلو)، ولهم رابطة تعتني في الموروث والنسب، وحدثني بهذا أحد أبناء هذه القبيلة وهو أستاذ جامعي، وأراني بطاقة عضوية القبيلة، وهي من السودان!
        [13] ابن هشام: السيرة النبوية، ج 1 ص 205، تحقيق مصطفى عبدالستار، (وآخرين)، مطبعة الحلبي، مصر 1355هـ - 1936م.
        [14] عوض محمد خليفات: مملكة ربيعة العربية، ص 25.
        [15] على بن الحسين المسعودي: التنبيه والإشراف، ليدن 1976م.
        [16] عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: المعارف، ص 147 تحقيق د. ثروت عكاشة، دار المعارف، القاهرة 1388هـ، دار العلم للطباعة والنشر، جدة 1403هـ، ص 83.
        [17] الصادق المهدي: مستقبل الإسلام في السودان، ص 17، مصطفى مسعد مكتبة الأنجلو القاهرة 1960م: الإسلام والنوبة ص 106 - 109، يوسف فضل حسن: الهجرات البشرية وأثرها في نشر الإسلام، بحث منشور ضمن إصدار بعنوان: "الإسلام في السودان" عن جماعة الفكر والثقافة الإسلامية، دار الأصالة، الخرطوم، ص 3.
        [18] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 108.
        [19] ربيع محمد القمر: قراءة جديدة في نصوص معاهدة البقط، الدارة العدد (الثاني) الرياض، السنة الحادية والعشرون - محرم/ صفر/ ربيع الآخر 1416هـ، ص 162.
        [20] عبدالمجيد عابدين: القبائل العربية في وادي النيل، بحث في ذيل كتاب البيان والإعراب للمقريزي القاهرة 1961م، ص 142.
        [21] جعفر أحمد صديق: انتشار الإسلام في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، ص 108، قسم الدراسات العليا الحضارية، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى 1408هـ، ص 108.
        [22] عباس عمار: وحدة وادي النيل، أسسها الجغرافية ومظاهرها في التاريخ، ص 80.
        [23] المرجع السابق: ص 80.
        [24] Macmicheal، H.A." The Coming Of Arabs in Sudan ". AESW، London 1935 pp. 46 - 47
        [25] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة ص 189.
        [26] المقريزي: السلوك ج 1، تحقيق محمد مصطفى، مطبعة لجنة التأليف والنشر - القاهرة 1941م ص 506.
        [27] محمد عوض محمد: السودان الشمالي، ص 59 - 160.
        [28] محمد بن عمر التونسي: تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان، تحقيق خليل عساكر ومصطفى مسعد، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة 1965م، ص 6.
        [29] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 190 وما بعدها.
        [30] أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي: سنن النسائي ج 6، مكتبة مصطفى الحلبي، 1984، ص 8.
        [31] ابن ماجه: سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر (بدون تاريخ)، ج 2، ص921. 32 - الكندي: الولاة والقضاة، دار صادر، بيروت 1379هـ / 1959م ص 76 - 77.
        [32] المسعودي 1976م: التنبيه والإشراف، ص 329 - ابن إياس: بدائع الزهور، ص 29 - 31 (محمد بن أحمد) ت/ 1930هـ القاهرة 1896م.
        [33] عوض خليفات: العرب والنوبة في صدر الإسلام، بحث بمجلة دراسات تاريخية، جامعة دمشق، رجب 1402هـ / 1982م، ص 63.
        [34] اختلف المؤرخون في أصلهم، فقيل: إنهم من القبائل النيلية السودانية (الشلك)، وقيل: إنهم من البرنو من غرب إفريقيا، إضافة للرأي القوي الذي يقول: إن أصولهم ذات صلة مباشرة بالأمويين؛ انظر: (مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة ص 206.
        [35] القمر، ربيع، (معاهدة البقط)، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - كلية العلوم الاجتماعية قسم التاريخ - الرياض، 1412هـ.
        [36] المقريزي: البيان والأعراب عمن بأرض مصر من الأعراب، تحقيق عبدالمجيد عابدين، القاهرة، 1961م ص 66 - 86، 98 - 99.
        [37] المقريزي: المواعظ والاعتبار، ج 2، ص 94.
        [38] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في تاريخ ملوك مصر والقاهرة، القاهرة، دار الكتب المصرية 1963م، ص 223.
        [39] المقريزي: المواعظ والاعتبار، ج 1، ص 94.
        [40] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في تاريخ ملوك مصر والقاهرة، ج 2، ص 49، 55،60، 61. 146.
        [41] الكندي: الولاة والقضاة. مطبعة الآباء اليسوعيين بيروت 1908م ص 145- 146.
        [42] أبو صالح الأرمني: تاريخ الشيخ أبي صالح الأرمني، أكسفورد 1894م ص 12.
        [43] رولاند أوليفر: (موجز تاريخ إفريقيا)، ترجمة دولت أحمد صادق، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، ص 39.
        [44] الإدريسي: نزهة المشتاق في افتراق الآفاق، ج 1، (أبو عبدالله محمد بن محمد بن إدريس) ت 560هـ، روما 1970م، ص 39.
        [45] عبدالله خورشيد: القبائل العربية في مصر، القاهرة، دار الكتاب العربي 1967م، ص52.
        [46] اليعقوبي: كتاب البلدان، المطبعة الحيدرية، النجف، 1377هـ - 1957م، ص 120.
        [47] محمد إبراهيم الصحبي: التجارة والاقتصاد عند العرب، القاهرة، مكتبة الوعي العربي، 1969م، ص 1 - 4.
        [48] أحمد نجم الدين فليحة: إفريقية. بغداد، جامعة بغداد، 1978م، ص 16.
        [49] ابن سليم الأسواني: أخبار النوبة، (المواعظ والاعتبار للمقريزي)، ج 1المطبعة الأميرية القاهرة 1270هـ، ص 193.
        [50] اليعقوبي: كتاب البلدان، ص 123 - 124.
        [51] مصطفى مسعد: البجة والعرب في العصور الوسطى، مجلة كلية الآداب جامعة القاهرة، مجلد 21، عدد 2 القاهرة، ص 29.
        [52] اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي، ج 1، دار صادر، بيروت، 1960م، ص 191.
        [53] شوقي الجمل: تاريخ وحضارات السودان، ج1، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1969م، ص 254 - الصادق المهدي: مستقبل الإسلام في السودان، ص 17.
        [54] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 138.
        [55] المقريزي: المواعظ والاعتبار، ج 1 ص 190.
        [56] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص 133.
        [57] ابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1968م، ج 5، ص 923.
        [58] بين نهري عطبرة والنيل الأزرق.
        [59] بين النيل الأزرق والنيل الأبيض.
        [60] حسن محمد جوهر وحسين مخلوف: السودان أرضه، تاريخه، حياة شعبه)، دار الكتب، مصر، 1970م، ص 53.
        [61] يوسف فضل حسن: الهجرات البشرية، ص 22.
        [62] المرجع السابق، ص 23.
        [63] مصطفى مسعد: امتداد الإسلام والعروبة إلى وادي النيل الأوسط، المجلة التاريخية المصرية 1959م (العدد الخامس)، القاهرة، ص 82.
        [64] المرجع السابق، ص 82.
        [65] محمد عوض محمد: السودان الشمالي، ص 143.
        [66] المرجع السابق، ص 144.
        [67] مصطفى مسعد: امتداد الإسلام والعروبة، ص 83.
        [68] (2) Michael ، H.A : A History of the arabs in the Sudan ،Cambridge 1922 1،p. 197.
        [69] أحمد بن الحاج: مخطوطة كاتب الشونة، تحقيق الشاطر بصيلي، دار إحياء الكتب العربية مصر، القاهرة، ص 45 (بدون تاريخ).
        [70] محمد المرتضى الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، ج 8، بيروت، مكتبة دار الحياة ص 243.
        [71] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج1، مطبعة السعادة، مصر 1328هـ، ص 323.
        [72] نعوم شقير: جغرافية وتاريخ السودان، دار الثقافة، بيروت 1967م، ص62 - 65.
        [73]اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 89، ابن حوقل صورة الأرض، رسالة ماجستير جامعة أم القرى 1410هـ، ص 54، جعفر أحمد صديق: انتشار الإسلام في السودان، ص 112.
        [74] اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي: ج 2، ص 89، المقريزي: البيان والأعراب، ص 105، 106.
        [75] محمد عوض محمد: السودان الشمالي، ص 210.
        [76] جعفر أحمد صديق: انتشار الإسلام في السودان، ص 122.
        [77] ابن خلدون: العبر، ج 2، 1968م، ص 516.
        [78] من مدن النوبة الشمالية، انظر الملاحق خارطة رقم (1).
        [79] انظر: حسن سليمان محمود وجلال الشاويش: تاريخ السودان في العصور القديمة، دار مصر للطباعة، القاهرة.
        [80] المرجع السابق، ص 151.
        [81] يوسف فضل: دراسات في تاريخ السودان، ج1، ص 17.
        [82] ابن سليم الأسواني: أخبار النوبة، عن المصدر السابق، ج 1، 193.
        [83] شوقي الجمل: تاريخ سودان وادي النيل، ج 1، ص 222.
        [84] المرجع السابق: ص 222.
        [85] حسن أحمد محمود: الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 17.
        [86] المرجع السابق، ص 13.
        [87] حسن إبراهيم حسن: انتشار الإسلام والعروبة، ص 103.
        [88] ابن حوقل: صورة الأرض، ص 65.
        [89] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص114.
        [90] جعفر أحمد صديق: انتشار الإسلام في السودان في القرون الثلاثة للهجرة، ص 214.
        [91] انظر: الفصل الرابع: العلاقات بين النوبة والمماليك.
        [92] عبدالمجيد عابدين: تاريخ الثقافة العربية في السودان، ص 34.
        [93] ابن سيد الناس: السيرة النبوية، ج1، ص68 - صفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم، ص68، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
        [94] حسن أحمد محمود: الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 17.
        [95] القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج5، ص400.
        [96] ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة، 684 - 688، دار صادر، دار بيروت، 1384هـ/ 1964م.
        [97] نعوم شقير: تاريخ السودان، ص137 - 139.
        [98] انظر الملاحق، شكل رقم (5).
        [99] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص138.
        [100] حسن أحمد محمود، الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 289.
        [101] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص140.
        [102] ابن الفرات: تاريخ ابن الفرات، ج7، ص46.
        [103] ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج2، ص 280 - 283.
        [104] ابن الجوزي: صفة الصفوة، ج4، ص292.
        [105] عبدالله عبدالرحمن الأمين: العربية في السودان، ج1، ص17، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1967م - المرجع السابق: ص16.
        [106] جون لويس بوركهارت: رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان، ص137، ترجمة فؤاد اندراوس، مطبعة المعرفة.
        [107] المصدر السابق: ص 126.
        [108] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، ص 29.
        [109] المصدر السابق: ص 29.
        [110] حسن أحمد محمود، الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 13.
          حسن أحمد محمود، الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 12.
          [112] المصدر السابق: ص 50.
          [113] المصدر السابق: ص 51.
          [114] مصطفى مسعد: الإسلام والنوبة، ص132.
          [115] المصدر السابق: ص 133.
          [116] المصدر السابق: ص 130.
          [117] ضرار صالح ضرار: تاريخ السودان الحديث، ص17، الدار السودانية للكتب، الخرطوم، 1395 هـ.
          [118] عبدالمجيد عابدين: تاريخ الثقافة العربية في السودان، ص12.
          [119] المصدر السابق: ص 14.
          [120] ابن الفقيه مختصر كتاب البلدان، 76، 78 - المقريزي: المواعظ والاعتبار، ج1، ص 193.
          [121] بوركهارت: رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان، ص128.
          [122] محمد إبراهيم أبو سليم: دور العلماء في نشر الإسلام في السودان، ص52
            حسن أحمد محمود، الإسلام والثقافة العربي في إفريقيا، ص 52.
            [124] نعوم شقير: تاريخ السودان، ص57.
            [125] محمد فوزي مصطفى: الثقافة العربية وأثرها في تماسك الوحدة القومية في السودان، ص23.
            [126] المرجع السابق، ص24، عون الشريف قاسم: قاموس اللهجة العامية في السودان، ص13، والصفحات التالية، المكتب المصري الحديث، القاهرة، 1405هـ / 1985 م.
            [127] لمزيد من التفاصيل في أوزان الكلمات واللهجات، وتغيير الأصوات وتغيير مدلول الكلمة ونطقها؛ انظر: عون الشريف قاسم: قاموس اللهجة العامية في السودان، وعبدالمجيد عابدين: تاريخ الثقافة العربية في السودان.
            [128] حسن إبراهيم حسن: انتشار الإسلام والعروبة، ص 103.
            [129] جونتاني فاينتي: تاريخ المسيحية في الممالك النوبية، ص14.
            [130] يوسف فضل: الهجرات البشرية، ص 24 -25.

            رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/55932/#ixzz4pVsh6XYv[/QUOTEhttp://www.alukah.net/culture/0/55932/#ixzz4pVsh6XYv[/QUOTE]
                      

العنوان الكاتب Date
د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ارتريا وتشاد واثيوبيا في موقفنا من "العروبة" عبدالله عثمان07-12-17, 07:04 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� باسط المكي07-12-17, 07:09 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبد الصمد محمد07-12-17, 07:50 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-12-17, 08:04 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abureesh07-12-17, 10:40 PM
          Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� مدثر صديق07-13-17, 08:14 AM
            Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالله عثمان07-13-17, 08:46 AM
            Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� الامين الشيخ08-02-17, 04:18 PM
              Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� مدثر صديق09-19-17, 08:14 AM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� الامين الشيخ08-02-17, 04:12 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالله عثمان07-13-17, 12:52 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� علي عبدالوهاب عثمان07-13-17, 01:43 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� اسماعيل عبد الله محمد07-14-17, 08:53 AM
          Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-14-17, 12:17 PM
            Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� أبوبكر عباس07-14-17, 02:15 PM
              Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� أبوبكر عباس07-14-17, 02:16 PM
                Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� أحمد محمد عمر07-14-17, 02:43 PM
                  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� مدثر صديق09-19-17, 08:30 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-14-17, 11:07 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� مدثر صديق09-20-17, 06:08 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-14-17, 11:22 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� اسماعيل عبد الله محمد07-15-17, 00:04 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 00:05 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 00:20 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 00:55 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 01:30 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-15-17, 03:49 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-15-17, 06:08 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abureesh07-15-17, 06:49 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� البرنس ود عطبرة07-15-17, 07:10 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abureesh07-15-17, 08:00 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-15-17, 07:56 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� البرنس ود عطبرة07-15-17, 08:40 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 10:40 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 11:50 AM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Mahjob Abdalla07-15-17, 12:43 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abureesh07-15-17, 11:53 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� nazar hussien07-18-17, 03:53 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 12:19 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abureesh07-15-17, 12:53 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 12:52 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abdullah Idrees07-15-17, 01:20 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-15-17, 01:01 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 02:56 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 03:06 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 04:51 PM
          Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 05:38 PM
            Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 05:56 PM
              Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 06:27 PM
                Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 06:34 PM
                Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 06:38 PM
                  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 06:47 PM
                  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-15-17, 06:51 PM
                    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-15-17, 07:01 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-15-17, 07:10 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-16-17, 00:50 AM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-16-17, 01:33 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� البرنس ود عطبرة07-16-17, 06:43 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-16-17, 07:00 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� البرنس ود عطبرة07-16-17, 08:52 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالله عثمان07-16-17, 05:43 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-16-17, 10:26 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abdullah Idrees07-17-17, 00:17 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-17-17, 08:07 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� احمد الشيخ07-17-17, 08:47 AM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-17-17, 10:12 AM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عادل ابراهيم احمد07-17-17, 10:32 AM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد عمر ابراهيم07-17-17, 10:54 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 10:22 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 10:25 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-17-17, 12:38 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 01:00 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-17-17, 01:06 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 01:12 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-17-17, 02:27 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 08:53 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 08:56 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-17-17, 03:52 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-17-17, 04:26 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� وهبه الشبلي احمد07-17-17, 04:44 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 05:59 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abdullah Idrees07-17-17, 06:06 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� محمد حيدر المشرف07-17-17, 09:04 PM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-18-17, 00:58 AM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-18-17, 01:40 AM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبد الصمد محمد07-18-17, 02:30 AM
          Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-18-17, 07:06 AM
            Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-18-17, 07:19 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� البرنس ود عطبرة07-18-17, 07:57 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-18-17, 07:59 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عثمان الأمام07-18-17, 08:32 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-18-17, 08:35 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� ابراهيم عبد الوهاب07-18-17, 10:09 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abdullah Idrees07-18-17, 02:44 PM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-18-17, 09:22 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� صباح حسين طه07-18-17, 10:19 AM
  Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� حاتم إبراهيم07-18-17, 10:33 AM
    Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� خالد حاكم07-18-17, 01:43 PM
      Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� Abdullah Idrees07-18-17, 03:20 PM
        Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-18-17, 07:08 PM
          Re: د. النور حمد لمحمد لطيف: نحن لا نختلف عن ار� عبدالعظيم عثمان07-18-17, 07:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de