قرأت بالصحافة في العدد الصادر بتاريخ 10 يناير الجزء الثاني من الحوار الذي أجراه السيد رئيس التحرير مع الإقتصادي عبدالرحيم حمدي، ولما استوقفتني العديد من مقولات السيد حمدي رأيت أن أرد مبديا رأيي في بعض ما يقوله السيد وزير المالية الأسبق.حينما سئل حمدي عن كيفية حماية صناعاتنا المحلية في حال فتح الإستيراد من الخارج، وضرب السائل بمصر المثال، جاء رده غريبا جدا، فبدلا عن أن نسمع منه رأيا إقتصاديا سليما عن تأثير الإستيراد على الإنتاج المحلي، إذا به ينهال علينا هجوما ويقول:
" أ لسنا نحن من ظللنا نسعى للوحدة مع مصر؟؟ أو ليست لنا مشاريع للتكامل معها؟؟ أ لم يقم مشروعنا الإستقلالي كله على الوحدة مع مصر؟؟ "
ما هذا.. كان السؤال عن الإستيراد عموما وليس عن مصر خاصة.. و لا داعي لأن ينحرف حمدي إلى مسألة الوحدة هذه والتي لا نساءل نحن عنها إن كانت هي رغبة بعض السياسيين إبان فجر الإستقلال.. ثم يا أخي إن كان كل ما قلت صحيحا، فهل يجبرنا ذلك على إتباع سياسات إستيرادية غير رشيدة..؟؟
يقول حمدي:
" ما هو الغريب في أن أشتري زيتا مصنوعا في نجع حمادي بدلا عن زيت مصنوع في الأبيض..؟؟"
نرد على حمدي أن المنطق يقول أننا يجب أن نشتري الزيت من الأبيض و ألا نفكر إطلاقا في شرائه من نجع حمادي، أولا لأن الأبيض أقرب إلينا جغرافيا وبالتالي تكون تكلفة النقل أقل، ولأن زيوت الأبيض أفضل وأكثر جودة، ولأن منتج الزيت بالأبيض أقرب إلينا رحما فهو أحق بالثروة التي تريدنا أن ندفعها للمنتج في نجع حمادي...!!
ولعل تشابها غريبا يلاحظ بين تساؤل حمدي هذا وبين تساؤل آخر ورد في كتاب الإقتصادي زين العابدين شداد ( تجارة السودان) الصادر في أواخر الستينات حيث يتساءل شداد مستنكرا كيف تستورد الحكومة الأزيار من قنا في مصر إلى الأبيض..بينما تصنع في الأبيض أفضل أنواع الأزيار؟؟
نلاحظ التخطيط والإدراك الإقتصادي السليم في حديث شداد ونلمس الغيرة على الوطن..
لكن الوضع مغاير تماما عند حمدي..!!