03:56 PM March, 04 2016 سودانيز اون لاين
عبد الوهاب السناري-نيروبي
مكتبتى
رابط مختصر
النسخ إستناداً على منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه (1)لا تناقض بين نصوص القرآن الكريم
إستشهد رواد التفسير بالعديد من الأحاديث الصحيحة لإثبات النسخ في القرآن الكريم والسنة. وعلى الرغم من إتفاقهم على مبدأ النسخ، إلا أنهم إختلفوا حول النصوص الناسخة والمنسوخة وأيضاً حول مبدأ نسخ القرآن الكريم للسنة أو العكس. بيد أن منهج تفسير القرآن الكريم بروايات الحديث الذي إعتمده رواد التفسير يتسم بتناقض روايات الحديث مع بعضها البعض وأيضاً مع نصوص صريحة، وهو ما سنحاول بيانه فيما يخص نصوص النسخ في هذا البحث. وبالمقابل فإن نصوص الحقائق القرآنية تتميز بأنها قطيعة الدلالة، ولذا فإنها لا تخضع لقانون النسخ لأنها تتطرق إلى حقائق ثابتة لا تتغير بمرور الزمن. وعليه، فأنها لا تحتمل أكثر من تفسير أوحد وقطعي في دلالته. كما أنها لا يمكن أن تناقض بعضها البعض بأية حال من الأحوال، وإلا فإن ذلك يطعن في قدسية القرآن الكريم. وإن وُجِد مثل هذا التناقض بينها، فلابد من أن يُعزَى إلى خطأ في تفسيرنا لهذه النصوص.
وعلى الرغم من أن العديد من المفسرين المعاصرين نفوا مبدأ نسخ نصوص قرآنية لنصوص أخرى منه، إلا أن الغالبية منهم تعتمد منهج التفسير بالرأي الذي يفتقر إلى منهجية ذات معالم واضحة تمكن المفسر من الوصول إلى تفاسير للنصوص ذات الصلة بموضوع البحث تتميز بقطعية دلالتها وعدم تناقضها مع بعضها البعض. وذلك على عكس منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه، والذي يتميز بإتخاذه للقرآن الكريم مرجعيةً له في تفسير نصوصه. ويستند هذا المنهج على الإيمان المطلق بقدسية وقطعية دلالة نصوصه وبعلو مرجعيته فوق كل مرجعية أخرى. ولا تقتصر هذه القدسية فقط على معانيه، بل وتشمل أيضاً سياق الآيات وصياغها والإيماءات والإشارات الأخري المتضمنة فيها، من علوم اللغة كالنحو والبيان والصرف والبلاغة وغيرها. ويتخذ هذا المنهج من الموضوع وليس النص كوحدة للتفسير، حيث تفسر فيه جميع النصوص ذات الصلة بموضوع البحث تفسيراً توفيقياً لا تعارض فيه.
يبدأ تطبيق هذا المنهج بجمع جميع النصوص ذات الصلة بموضوع البحث في سياق النصوص المتسلسلة وذات الصلة بها، لتستخرج منها التعابير الدالة (الدلائل أو الإيماءات أو الإشارات القرآنية) التي إقترنت بموضوع البحث. ثم تستخرج بعد ذلك المفردات الدالة (المفردات الرئيسة ذات الصلة بالموضوع موضع البحث) من هذه التعابير الدالة. وأخيراً يتم البحث في ورود هذه المفردات الدالة وجزورها في القرآن الكريم ليستخرج المعنى القرآني منها. ويعتبر هذا البحث مثالاً حياً لتطبيق هذا المنهج التفسيري.
ورد في القرآن الكريم ما يفيد صراحةً أن الآيات تُنسخ وتُنسى وتُبدل وتُمحى وتُثبت:
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106): سورة البقرة (2).
يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39): سورة الرعد (13).
وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101): سورة النحل (16).
ويُبرزُ تفسير النصوص السالفة على أساس نسخ نصوص قرآنية لنصوص أخرى منه وجود تناقضٍ بينها وبين النص التالي، والذي ورد فيه أن الرسول (ص) لا يبدل القرآن الكريم من تلقاء نفسه:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15): سورة يونس (10).
لكن رواد التفسير فسروا النص الأخير على أساس أنه لا يمكن للرسول (ص) أن يبدل نصوص القرآن الكريم إلا بإذن من المولى عز وجل، لأنه الأوحد الذي يمكنه تبديل آيات القرآن الكريم. بيد أن النصوص التالية تثبت بما يدع مجالاً للشك أن كلمات الله، والتي يتكون منها القرآن الكريم والآيات القرآنية، لا يمكن أن تُبدل، من قبل المولى عز وجل أو من قبل أي إنسان آخر: "وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ"، "لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ"، "لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ":
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34): سورة الأنعام (6).
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115): سورة الأنعام (6).
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64): سورة يونس (10).
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27): سورة الكهف (18).
وهذا بالضرورة يعني أنه، جل شأنه، لا يبدل قط الكلمات التي يتألف منها القرآن الكريم، فما بالك عن الآيات التي تتألف من هذه الكلمات؟ فلا يعقل أن يناقض جل وعلا نفسه بنفسه ليقر مرةً أنه يبدل آيات القرآن الكريم بآيات ويقر مرةً أخرى بأنه لا يبدل حتى الكلمات التي تتألف منها هذه الآيات. بالتأكيد فإن التناقض ليس في نصوص القرآن الكريم بل في فهم المفسرين له. فكيف يمكننا إزالة هذا التناقض التفسيري بتطبيق منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه؟
للإطلاع على جميع المقالات:
https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/home/alnaskh-walmnswkh
للتعرف أكثر على منهج تفسير القرآن الكريم بالبحث فيه:
https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/home/mnhj-tfsyr-alqran-balbhth-fyh
للإطلاع على بقية بحوثي عن خلق الإنسان في القرآن الكريم:
https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/
https://www.facebook.com/groups/mankindinquran/https://www.facebook.com/groups/mankindinquran/
https://www.facebook.com/sinnaryabdelwahabhttps://www.facebook.com/sinnaryabdelwahab
http://abdelwahabsinnary.blogspot.com/http://abdelwahabsinnary.blogspot.com/