دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
توفيت صباح اليوم بمستشفى فضيل الطبى الأستاذة المناضلة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعى السودانى د.سعاد أبراهيم احمد . رحمها الله رحمة واسعة وانا لله وانا اليه راجعون وسيتم الدفن بعد ظهر اليوم بمقابر فاروق..وسيقام العزاء بمنزلها بالخرطوم 2
يا اهل حلفا اقموا لهذه المناضلة تمثالاَ في حلفا انها ناصرتنا في فترة التهجير لها الرحمة و المغفرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
مستر هيرمان بيل ,الان
كانت امرأة نوبية منهمكة في زرعها في الجروف , تقطع , تهذب و تزرع حينما سمعت صوتاً يقول لها: أنّج مسكاقمي ؟(عمتي أنت كويسة)؟ التفتت نحو مصدر الصوت فوجدت رجلاً لا يشبه رجال البلد , ذو بشرة بيضاء و عيون زرقاء و لا يجمعه شئ برجال البلد سوى ملابسه , من جلابية و توابعها. فقالت :بسم الله الرحمن الرحيم. ثم رجعتْ الى عملها كان شيئا لم يحدث. فسمعتْ نفس الصوت يقول: أّنج اكّمّ مسكاقميلي ؟ يا عمتاه أني أسأل عن حالك؟ فقالتْ في حيرة: ارْ من جسّا (من اي جنس أنت؟ !!)
فقال لها: ار ايقا اربير كومي ؟ (او لم تعرفينني ؟) فقالت: لا فقال لها : ايّ هيرمان بليلي (أناهيرمان بيل) فقلت مستنكرة: هيرمان بيلكوني ناين كوّادا (ولادة من أنت؟ نوع من الاستهجان بالسؤال عمن ولدتك!) فقال لها : ايّ؟ (أنا ؟) فقالت : ايو ارّ (نعم أنت) فقال: ايّ لندنا تونا ملّ (أنا من لندن) هنا شعرت بالاطمئنان فألقت بهذا السؤال البديع: ووني لندن نايقو دوتنا (و من ناس منو في لندن!)
مرسلة بواسطة ما تيسر في 1:12 م ليست هناك تعليقات:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
حليل ارض الجزائر و المراكب و الطنابير الترن حليل ناس ليلى ساعة اليل يجن يا غالية يا تمرة فؤادى الليلة ما عاد المراكب شرقن والقمرى فوق نخل الفريق فاقد الاهل يبكى و يحن نحمل رسائلنا و اشواقنا لى حبايبنا و للاهل وللقاطعين الرسائل الاحلى من عسل النحل لذات الضفائر الطايشة بين مجلس عشيرة وبين اهل و بخجل بتسال الزائر بلدنا حبايبنا اهلنا راحو للحلة لا بكاتبونا لا بفيدونا الحصل حليل الراحو خلو الريح تنوح فوق النخل حليل الفاتو لدار الاهل بدون اهل والجروف الكابة من شاطئ النهر صابا المحل والنخل متاكئ وين صوت طيرو و وجوج فى امل يا امل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
Quote: المسنوح الطيب شيقوق شكراً للقصيدة المعبرة انت كنت غايب مدة جبت اورنيك من الطبيب اربعة كبار من الكنبة الوراء يشدوا شيقا يا ود جيب البسطونة حنديك خمسة جلدات بدل عشرة اكراماً للمرورك في بوست حلفا |
هههههههههههها مسنووووووووووووووووح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
http://www.taneter.org/nile.html
الرجاء من المطلعين زيارة الرابط لمعرفة عظمة اجدادنا Cultural developments can be traced north of the confluence of the White and Blue Nile in modern-day Sudan. At Jebel Sahaba, near Wadi Halfa (Cemetery 117), archaeologists have located the oldest known evidence of ceremonial burials (13,700 BC), a tradition which continued through Dynastic Kemet and even to today, and among the world's oldest pottery sheards. Because roughly 40% of the human remains exhibit signs of apparently fatal wounds, it is widely considered to be the oldest known example of human warfare. At the nearby Toshka Cemetery (13,000 BC), the human remains were buried in the fetal position as commonly found across Africa, and we find the oldest evidence of cattle worship, representing an early link to Dynastic Kemet's cow deity, Hathor. Further evidence of cattle worship, as well as domestication and sacrifice, can be found west of the Nile at Nabta Playa in the Nubian Desert (12,000 BC) west of Aswan. At the same site, one of the world's oldest stone calendars appears to track the summer solstice and was constructed at the beginning of the last alignment of three of the center stones with Orion's belt (6,400 BC). The deification of other animals and concepts is demonstrated with the the first known megalith, Horemakhet (often misnamed the "Great Sphinx"), constructed further down the Nile (7,000-5,000 BC).
Quote: التطورات الثقافية يمكن أن تعزى إلى الشمال من التقاء الأبيض والنيل الأزرق في السودان في العصر الحديث . في جبل الصحابة، بالقرب من وادي حلفا ( 117 مقبرة ) ، وقد يقع علماء الآثار أقدم الأدلة المعروفة من الدفن الطقسي ( 13،700 BC ) ، وهو التقليد الذي استمر حتى الأسرات كيميت و حتى اليوم ، وبين أقدم sheards الفخار في العالم. لأن ما يقرب من 40 and#1642; من البشرية لا تزال علامات المعرض متأثرا على ما يبدو قاتلة ، ويعتبر على نطاق واسع أن يكون أقدم مثال معروف للحرب الإنسان. في توشكي مقبرة قريب ( 13،000 BC ) ، تم دفن رفات بشرية في وضع الجنين كما وجدت عادة في جميع أنحاء أفريقيا ، ونجد أقدم الأدلة العبادة الماشية ، وهو ما يمثل الارتباط المبكر لل ألوهية البقر الأسرات كيميت ، و حتحور . مزيد من الأدلة للعبادة الأبقار ، وكذلك تدجين والتضحية، ويمكن الاطلاع الغربية لنهر النيل في نبتة بلايا في صحراء النوبة ( 12،000 BC ) غرب أسوان. في نفس الموقع ، واحدة من أقدم التقويمات الحجر في العالم يبدو لتعقب الانقلاب الصيفي و شيد في بداية محاذاة مشاركة ثلاثة من الحجارة وسط مع حزام أوريون ( 6،400 قبل الميلاد). ويتجلى تأليه الحيوانات و مفاهيم أخرى مع و المغليث الأولى المعروفة ، Horemakhet (غالبا ذات التسمية المضللة على " أبو الهول " ) ، التي شيدت مزيد من أسفل النيل ( 7،000-5،000 قبل الميلاد). |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
Quote: قصة تهجير أهالى حلفا الاقتلاع المرير لابناء المنطقة من مسقط الرأس، اهالى حلفا جزء من تاريخ عريق في شمال السودان ومعبر للحضارات بحكم انهم من منطقة تماس الكثيرون من النوبيون قد اطلعوا على قصة تهجير أهالي حلفا عند قيام السد العالى ، لمؤلفها السيد / حسن دفع الله سواء نسختها الأصلية أو المترجمة منها بواسطة السيد / عبد الله حميدة أو على الأقل سمعوا عنها . والكثيرون أيضاً لم يطلعوا على هذه القصة ، والتى تتكون من عدد 505 صفحة . ولكون أن هناك سدود أخرى ستقام فى المنطقة النوبية فى ( كجبار و دال ) حسب التأكيدات الأخيرة من مسئولين حكوميين فى أكثر من مكان وفى أكثر من مناسبة .
|
المؤلف : حسن دفع الله ولد عام 1924م بالسودان تخرج فى كلية غردون التذكارية ( جامعة الخرطوم حالياً ) عمل فى سلك الادارة وتقلد العديد من المناصب الادارية فى السودان من أعظم انجازاته تهجير أهالى ( وادى حلفا ) الى منطقة خشم القربة سجل تجربته فى كتاب ( هجرة النوبيين ) الذى ظهر بالانجليزية بعد وفاته بحوالي عام توفى فى مايو 1974م وكان قد بلغ الخمسين من العمر
قام بالترجمة الى العربية : عبد الله حميدة ولد بالسودان عام 1947م تخرج بدرجة البكالوريوس فى الاداب من جامعة الخرطوم ( 1970م) عمل اداريا فى الخدمة المدنية ( 1974 – 1978م ) فى مواقع حكومية عديدة عضو البرلمان السودانى ( 1978 – 1981م ) أحد مؤسسى بنك التضامن السودانى ( 1981 – 1985م ) مدير عام الشركة العالمية لخدمات الاعلام ( 1985- 1989م ) السودان أمين سر مجلس ادارة بنك التضامن السودانى ( 1989 – 1998م ) مستشار اعلامى وادارى ومالى ( 1998 م ) مترجم كتاب ( هجرة النوبيين ) عن الانجليزية ( 2001م ) مترجم كتاب ( الحملة على دنقلا وسنار ) عن الانجليزية ( 2002م )
الطابعون : دار مصحف افريقيا
العزيز فيصل سابدا بالفصل الرابع ثم اعود الي الفصل الاول
Quote: الفصل الرابع - تاريخ مدينة ( وادى حلفا ) لعله من قبيل الفائدة ، أن نفرد عددا من الصفحات لتاريخ ( وادي حلفا ) ، لأن هذا الجانب عموما لم يجد من يقوم بتسجيله ، فالذين عاصروا سكان المدينة الأوائل هم الان من الأموات ، ومن كان منهم على قيد الحياة فهو قد بلغ أرذل العمر بحيث لا يمكنه تذكر متى نشأت . ولا تحوى السجلات التاريخية المنشورة أواخر العهد التركي مادة مفيدة ، ولم يذكر كل من ( سلاطين ) والأب ( أورلولدر ) وادي حلفا الا لماماً فى كتابيهما ( السيف والنار فى السودان ) و ( عشرة أعوام فى أسر المهدي ) وكان السبب فى ذلك يرجع إما إلا أنهما عملا فى أماكن بعيدة عن ( وادي حلفا ) ، واما أن ( حلفا ) نفسها لم تكن ذات أهمية فى تلك الأيام . فعندما وصف ( سلاطين ) مسار رحلته الأولى الى السودان عن طريق ( أسوان ) فى عام 1878م خص بالذكر ( كروسكو ) و( بربر ) ، أما الأب ( أورلولدر ) الذى دخل السودان عن طريق سواكن فى عام 1880م فقد هرب عبر الصحراء من ( أبو حمد ) مروراً بآبار ( المرات ) ووصل الى النيل عند ( كروسكو ) شمال ( وادي حلفا ) فى عام 1891م . وقد اختار( سلاطين ) طريق ( العلاقى ) عبر الصحراء مباشرة من ( أبو حمد ) الى ( أسوان ) فى عام 1895م ، وفى تلك الأيام كان الطريق السالك من ( أسوان ) الى ( بربر ) يمر عبر ( كروسكو ، حلفا ، أبو حمد ) وعندما وصل ( كرومر ) لأول مرة الى مصر فى عام 1879م كانت هناك محطة سكة حديد قائمة فى ( وادي حلفا ) ولذلك كانت اشارته الى ( حلفا ) فى كتابه ( مصر الحديثة ) من باب الأمر الواقع ، ولا توجد هناك وثائق تاريخية ذات قيمة فى دار الوثائق بالخرطوم لتقى ضوء على مسيرة الأحداث فى هذا الجزء من القطر قبل عام 1892م . وعلى كل فان حلفا وما جاورها لم تخضع لدولة المهدية وكانت الحدود الشمالية لمديرية ( دنقلا ) خلال امارتي النجومى و ( يونس ود الحكيم ) عند صواردة على بعد 140 ميلا جنوبى ( حلفا ) . وذكر ( على مبارك ) الذي زار ( حلفا ) فى عام 1892م فى كتابه ( الخطط التوفيقية الجديدة ) إن كلمة ( حلفا ) خلال العهد التركي كانت تعنى كل المنطقة الواقعة بين الشلالين الأول والثاني وتنتهي جنوبا عند ( خور حلفا ) الذي يبعد عن دنقلا مسافة تستغرق أحد عشر يوماً ، وذكر أيضا أن المنطقة تتبع لمحافظة ( أسوان ) وتدار من قرية ( الدر ) ولذلك فان الاحتمال الغالب هو أن تكون الوثائق الخاصة بإنشاء ( وادي حلفا ) موجودة بقصر عابدين بالقاهرة . إن مشاهير الرحالة الذين زاروا السودان خلال العهد التركي ينشغلوا بمنطقة وادي حلفا وإنما كرسوا جل اهتمامهم بالأماكن الأثرية. فالرحالة ( لينانت دى بلفوندس ) نشر انطباعاته عن رحلته الى ( سنار ) فى عام 1821م . والجزء التالى مترجم من الفرنسية حول تلك الرحلة ( وفى 28 أغسطس وصلنا الى قرية بشمال ( أرقين ) ، وكانت قرية كبيرة ذات رقعة زراعية واسعة بها العديد من أشجار النخيل وبعد أقل من احدى عشر ساعة وصلنا الى جزيرة بالقرب من ( وادى حلفا ) . وفى المساء حللنا بوادي حلفا نفسها ، وكان مصطفى اغا حاكم المنطقة فى مهمة بدنقلا تتعلق بترتيبات عودة المراكب التى سيرها إسماعيل باشا قبل حملته على السودان والذى أصبح سالكاً للمراكب . ) ثم أشار ( لينانت ) الى أنه قد استظل بشجرة تجنباً للأتراك الأشرار الذين كانوا فى القرية التى يحتمل أن تكةن دبروسة ، وعندما أجبرته العاصفة الى التحرك جنوباً فى اليوم التالى ، أمضى الليل فى مخازن الغلال أسفل الشلال ، ثم وصف الممر الذى تم شقه فى أسفل الشلال فقال : ( كان طريق المراكب عبر الشلال يقع فى الجانب الشرقى للنهر ، ولم يكن يبدو وعرا مثل ذلك الذى فى أسوان وربما لأننى شاهدته فى فترة الفيضان ، فقد بدأ لى شديد السهولة ) . ان الكتب التاريخية لا تحدد متى تم انشاء مدينة حلفا ، فمكى شبيكة يقول فى كتابه ( السودان فى قرن ) ان جنود محمد على باشا قاموا بنسف بعض الصخور فى الشلال الثانى عند مدينة حلفا وذلك لتأمين ممر المراكب . ويبدو أن بروفيسور مكى قد أشار الى وادى حلفا ليقرب الى ذهن القاري موقع الشلال لا ليؤكد وجود المدينة فى تلك الأيام . غير أن هناك لمحات يجدها القاري فى كتاب ( مصر فى السودان ) لـ ( ريتشارد هل ) الذى أشار فى تعليقه على مشروع السكة حديد الى أن مهندسا يدعى ( فاولر ) قام بناءا على طلب من الخديوي باعداد خطة لربط القاهرة بالخرطوم وذلك عام 1873م . اقترح فاولر خطا ملاحياً الى حلفا وخطا حديديا من حلفا الى الخرطوم بحرى مرورا بـ ( كوكا ) ثم ( الدبة ) فالمتمة . وأشار كذلك الى تنفيذ الخط قد بدأ فى عام 1875م عند وادى حلفا ووصل الى صرص فى عام 1877م ثم توقف بسبب معارضة الجنرال غردون فكان ذلك أقدم حدث ارتبط بوادى حلفا ، ولم يعط ( هل ) وصفاً للمدينة حين بدأ مد الخط الحديدى ويحتمل أن تكون حلفا حتى ذلك الوقت لا تعنى سوى نقطة على الخريطة فى الطرف الشمالى للشلال أو اشارة للمنطقة الواقعة بالقرب من ( خور حلفا ) الذى ربما كان اسما قديما لخور موسى باشا الممتلئ حتى يومنا هذا بنبات الحلفا . وبالتأكيد فان الشروع فى مد الخط الحديدى لم يكن يرجع الى أهمية مدينة كانت قائمة وانما لوقوع حلفا عند طرف الشلال أي خط السكة حديد كان يبدأ حيث كان ينتهى الخط الملاحي .
إن الآثار الحية للعهد التركي فى مدينة وادي حلفا تكشف دليلاً مهماً عن نشأة المدينة . أولاً : لا شك أن مبنى ( السردارية ) كان قائماً إبان الفترة الأولى التى تقلد فيها غردون منصب الحكمدارية في السودان ما بين ( 1877 – 1879م ) وانه استخدم هذا المبنى كاستراحة في إحدى زياراته خلال تلك الفترة ربما لمتابعة سير العمل في مد الخط الحديدي الذي أوقفه عند ( صرص ) لأن كرومر أشار إلى أن غوردون قد اتبع الطريق من كروسكو ) إلى أبو حمد فبربر فى رحلته الخاطفة إلى الخرطوم . وهذا يعنى أن غوردون لم يمر بتاتاً فى عام 1884م . ثانياً : أن بناء مسجد القيقر في عهد إسماعيل باشا (1863) يدل على وجود بعض السكان في المنطقة آنئذ ، وفى نفس الوقت فان أياً من الكتب التاريخية لم يشر الى وادي حلفا إبان بداية ولاية إسماعيل باشا فيما عدا ما ذكره ( داؤود بركات ) ضمناً في كتابه بالعربية ( مصر والسودان وأطماع السياسة البريطانية ) من أن عملية مد الخط الحديدي قد بدأت فى عام 1877م أثناء حكمدارية غوردون . إن هذا المسح المحدود للحقائق التاريخية المتوفرة ، يتجه إلى إعطاء فكرة بأن المدينة قد ولدت مع بداية مد الخط الحديدي في وقت ما عند نهاية ولاية الحكمدار إسماعيل باشا أيوب ( 1873-1877) أو أثناء ولاية غوردون ( 1877- 1879م ) وفى كل الأحوال فان القيقر الذي برز مقراً لسكن عمال السكة حديد أو هو معسكر عمال ملحق (ورش) وبجواره أكواخ طينية يقطنها العمال ، استمر على هذا الحال حتى عام 1885م حين تم تحويله إلى منطقة عسكرية . وبعد سقوط الخرطوم أصبح الموقع الاستراتيجي لحلفا ذا أهمية خاصة فقد كان أهم موقع على الحدود المصرية لأنه يقع على الخط الملاحي الممتد من أسوان . وبالإضافة إلى ذلك فانه كان يقع في نهاية شلال وعر يسد النهر من الناحية الجنوبية ويعرقل أي نوع من الملاحة . والى جانب كل ذلك فهو بداية الخط الحديدى المتجه الى (صرص) . وقد أثبتت كل هذه المزايا العسكرية جدواها وأمكن استخدامها إبان حملة إنقاذ غوردون وصد محاولات النجومى للهجوم على مركز حلفا . ثم استخدمت حلفا في عام 1886م نقطة انطلاق لإعادة فتح السودان . فى 13 أغسطس 1884م حل ( وود ) و ( نجت ) بوادي حلفا وأحالا الموقع إلى قاعدة عسكرية لتقدم حملة إنقاذ غوردون وبدأت الترتيبات لجمع الإبل التي تحمل الرجال والمتاع وتجميع المراكب وإقامة المخازن . وسرعان ما حطت القوات بواسطة البواخر وامتلأ المكان بالجنود والمؤن ووصل اللورد ( ولزلى ) في 8 أكتوبر . ولأنه كان على غير علم بالوعورة البالغة للشلال الثاني فقد جلب معه أسطولا صغيرا من البواخر الضخمة بغية أن يستخدمها لنقل الإمدادات للحملة. وعلى كل حال فقد فشلت المحاولة للعبور بتلك البواخر فوق الشلال وتم إبقاؤها أمامه واستخدم بدلا عنها القياسات ( مراكب شراعية للتجارة المتنقلة ) وجرت أولاً محاولة لعبور البواخر فوق الشلال بمساعدة القياسات تحت توجيه ( داؤود كوكى ) شيخ الشلال فنجحت بخسائر محدودة جداً وفى 19 أكتوبر حاولت البواخر الست اجتياز الباب الكبير بصعوبة بالغة وبخسائر كبيرة في صفوف المراكب المتقدمة التي وصفها ( ونجت ) بأنها استحالت إلى أعواد ثقاب . وتم بناء حوض صغير للبواخر فى (جمي) على بعد اثني عشر كيلو مترا جنوب وادى حلفا وأرسلت المخزونات والمؤن إلى (صرص) بالقطار الذي كانت تجره القاطرة الوحيدة المتوفرة . ووصف توماس آرثر حلفا فى تلك الأيام في كتابه ( الحرب في مصر والسودان ) بأنها عشرة أو اثنا عشر كوخا إلى جانب مساكن السكة حديد .
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
Quote: الفصل الرابع - تاريخ مدينة ( وادى حلفا ) أثناء الأسبوع الأخير من أكتوبر غادرت قوات حملة الإنقاذ حلفا على ظهر البواخر متجهة إلى ( دنقلا ) وبعد فشلها ثم رجوعها ، تمركزت تلك القوات فى وادي حلفا وأصبحت قوات حدود ميدانية بغرض حماية مصر من الغزو ولحماية خط السكة حديد . فقد أفردت حامية فى (كوشة) تتبع لها محطتان خارجيتان في كل من ( دال ومفركه ) على سهل يتحكم فى ضفتى النهر . كذلك كان الغرض من قيام هذه الحامية الدفاع عن (عكاشة) الواقعة على بعد اثنين وعشرين كيلو مترا شمالا والتي كانت في ذلك الوقت نقطة بداية الخط الحديدى ، وفى ( أرقو ) ومنطقة السكوت والمحس برز نوع من الادارة الأهلية تحت رئاسة الملك ( طمبل ) وتولى فيه الشيخ محمد إدريس إدارة منطقة السكوت والمحس وسمح لكليهما بسلطات إدارية بقدرما يستطيعان . فى ذلك الوقت تجمع أسطول النهر جنوب الشلال وكانت له ترسانته وورشته فى ( جمي ) . وقد ظل جزء من هذا الأسطول يجوب ( بأطوافه )أنحاء النهر في الفترة من عام 1896م . وكان ذلك الجزء من الأسطول يتكون من البواخر الآتية ( عكاشة وخيبر ودال وأبو كلية والتيب وطماي والمتمة ) . وفى عام 1896م توجهت هذه البواخر إلى الخرطوم ضمن قوات الغزو بينما كانت البواخر الأصغر : ( أبيس وتوشكى وأمبكول وهكسوس وتنجور وسمنة ) تعمل فى خط حلفا – الشلال . وكان مالك هذه البواخر ( توماس كوك وابنه ) . وعندما تم سحب هذه الحامية من دنقلا وتراجعت القوات الى حلفا فى صيف 1885م تتبع جيش المهدى أثرها واحتل دنقلا . وتم تعيين الأمير عبد الرحمن النجومى أميرا على المنطقة ، وعندما تقدم من دنقلا شمالاً فر الملك طمبل الى عكاشة ، لكن الشيخ محجوب ثبت وقاوم . وفى نوفمبر تحركت قوات ود النجومى من عمارة ( وهي قرية فى منطقة عبرى التابعة للسكوت ) وبعد أن تجنبت الحامية الموجودة فى ( كوشة ) هاجمت النقطة العسكرية فى ( أمبكول ) وأزالت ما طوله ميل من خط السكة حديد . وبعد أيام قليلة عاود هجومه عليها وتم إرسال قوة عسكرية بالقطار من وادي حلفا بقيادة ( بتلر ) قامت بفك الحصار وتوالت بعد ذلك المناوشات والمواجهات الحدودية خلال الفترة من 1886-1888م حيث استطاع الأنصار غزو ( فركه ) وأرسلوا قوة كبيرة لاحتلال حامية ( كوشة ) وبعد معركة قصيرة أجبرت قوات النجومى على التراجع وتمت ملاحقتها جنوبا حيث هزمت فى معركة ( جنس )ثم انسحب الأنصار إلى كرمة وبدأ بعدها أن فترة من الهدوء قد حلت . فقد أرسلت القوات البريطانية الى أسوان وأوكلت حماية ( وادى حلفا ) للجيش المصري . وعندما علم الخليفة بجلاء القوات البريطانية استدعى ود النجومى وكلفه رسمياً بقيادة الحملة لغزو مصر . يقول ( ونجت ) م}رخا لهذه النقطة : ( أحرق ود النجومى منزله الكائن بأم درمان وأقسم ألا يعود الا بعد هزيمة مصر ) وجمع النجومى قوة من 11000 جندى أغلبهم من الجعليين وعرب البطاحين واتجه الى دنقلا وأثناء ذلك أرسل ( يونس ود الحكيم ) الى دنقلا أميراً على المنطقة ليكون فى استقبال النجومى ، ويصف الأب ( أورلولدر ) الجنود الذين تكونت منهم حملة ود النجومى فى استعراضهم اليومى عبر الطريق المتجه شمالاً من أم درمان ، بأنهم ( حملان أرسلت للذبح ) ، وبما أن أحدا منهم لم يعد أبداً فقد أطلق على ذلك الطريق ( شارع الشهداء ) وهو الاسم الذى استمر حتى اليوم . فى عام 1887م تحرك ود النجومى الى ( فركة ) وفى 27 أبريل شوهدت قوة استطلاع من الأنصار قوامها 200 رجل على مقربة من ( صرص ) حيث وصل الجيش المصري بعد مسيرة ليلية وأبادها . تلى توقف المناوشات على الحدود بسبب اشتعال العداوة مع صالح سالم زعيم عرب الكبابيش بكردفان والذى تلقى النجومى الأمر بتدميره ، فقتل صالح وأخضعت قبيلته ، ووجه النجومى بعد ذلك قواته وبأعداد كبيرة من ( فركة ) الى سمنة . وفى أواخر سبتمبر أحتل جنود النجومى ( صرص ) وفى 25 أكتوبر شوهد 1000 من تلك القوات يتجهون الى وادى حلفا ، وأقاموا نقطة فى ( جمي ) بعد ثلاثة عشر ميلاً جنوب مدينة حلفا ، وتأخر تقدمهم بسبب نقص المؤن وتفشى مرض الجدرى . وفى عام 1880م لم يقع من الأحداث ما هو ذى أهمية فيما عدا الهجوم على قرية ( العلاقى ) وهزيمة العبابدة وما تبع ذلك من هجوم فرق الصحراء على شرق النيل واغارتها على ( كلابشة ) وتناقصت قوات النجومى نتيجة للمشاكل التى نشبت مع أثيوبيا وذهاب النجومى نفسه الى أم درمان . وفى أعقاب ذلك شن بعض أتباعه هجوماً على ( دبروسه ) . فى 19 يوليو 1888م هوجمت دبروسة بلا هوادة بواسطة جزء من الجهادية الذين أضرموا النار فى مساكنها ونهبوا وقتلوا خمسين من أهلها . بالاضافة الى ذلك غرق مائة وسبعة وثلاثون اخرون كانوا يحاولون عبثا الوصول الى المراكب . وفى وقت لاحق تبين أن الذى حدث تم بخيانة بشخص منهم يدعى ( أبو زيد 9 أو الجزار ( كما كان النوبيون يطلقون عليه ) لأنه اختلف مع قومه حول مسألة زواج لم يناصروه فيها . وفى سبيل رد الاعتبار لنفسه قرر أن ينتقم منهم فاتجه مباشرة الى قوات ود النجومى التى كانت تعسكر بالقرب من ( خور موسى باشا ) جنوب القرية وشجعهم على مهاجمة القرية . وأجبرهم بأن دبروسة مليئة بالحيوانات المكتنزة لحماً وبالأطعمة وبأنها مخزن غلال المدينة كلها . ولكي يجعل ادعاؤه اكثر اقناعاً أخبرهم بسهولة دخول القرية بسبب وقوعها خارج المنطقة الحصينة . وتلك كانت حقيقة . ولم يكن هناك من عرض أكثر اغراءً لمحاربين جوعى من هذا العرض ، فكانت الهجوم ، وبعد معركة ( توشكى ) تم القبض على ( أبوزيد ) وأعدم علناً فى ساحة من ساحات القرية . يتبع – الفصل الرابع ( تاريخ مدينة وادي حلفا ) فى يونيو 1889 عاد ود النجومى بقوة قوامها 11 ألف مقاتل بعد انتصار الخليفة فى الجبهة الأثيوبية ، وانضم اليه فى ( صرص ) 1200من المقاتلين المقيمين فى الحامية ، وراجت شائعات فى وادى حلفا بأن التقدم المتوقع لغزو مصر سيتواصل على طول الضفة الغربية بدلاً عن الضفة الشرقية وهذا ما دفع السلطات لسد الطريق أمام النجومى فى عدد من النقاط الضعيفة على امتداد الضفة الغربية . وأخيراً بدأ الغزو المتوقع بعبور النجومى الى الضفة الغربية عند صرص واتباعه طريقاً موازيا للنهر ، وعلى مبعدة منه يأمل الالتفاف حول وادى حلفا والوصول الى النهر عند نقطة تقع بينها وبين كروسكو . وبعد مسيرة شاقة فى حر الصحراء وصلت قوات النجومى الى نثطة تقع على بعد ميلين من غرب ( أرقين ) وعلى بعد أربعة أميال شمال وادة حلفا وشنت هجوما جريئا على القرية والتحمت مع قوة بقيادة الكولونيل العقيد ( ودهاوس ) الذى صد الهجوم بمعونة البواخر والبوارج 200 من الجنود ( رأيت بنفسى بقايا عظام القتلى وأظافرهم على الرمال فى أسفل جبل الديم فى عام 1960م ) . وكانت حالة جيش النجومى تدعو للرثاء فقد رفض النوبيون الانضمام اليه . ونفدت مؤونته وطحنت رجاله المجاعة ولم يكن هناك أمل فى أي امداد من دنقلا أو من أم درمان لأن ذلك العام شهد جفافا وجيوشا من الجراد قضت على الأخضر واليابس فى السودان . ودعا جرنقل النجومى للاستسلام ولكن النجومى أبى .. وواصل سيره شمالاً حتى عسكر يوم 2 يوليو فى سهل يبعد خمسة أميال من قرية توشكى . وفى الصباح الباكر من يوم 4 يوليو نشبت المعركة الشهيرة وتم استئصال جيش النجومى عن اخره بمن فى ذلك النجومى نفسه وأغلب أمرائه و1200 من جنوده . الان دعونا نتأمل الاثار التى تركتها حملة النجومى على مدينة وادى حلفا . ففى المقام الأول وبالرغم من أن الحملة كانت ضعيفة وغير منظمة فقد أثبتت بجلاء أن الخليفة كان مصمما على غزو مصر وهذا – فى الحقيقة – كان جزءا من رسالة المهدية التى أعلن قائدها المهدى أن دعوته ستنداح حتى مصر وفلسطين والأراضى المقدسة والجزيرة العربية . وما كان فى مقدور الخليفة أن يتخلى عن الأمانة التى ألقاها على عاتقه سيده ليتولى تنفيذها . وهكذا برزت حلفا الى الوجود كقاعدة حدودية ذات حامية حصينة لوقف تقدم النجومى ولصد أية عملية عدوانية تأتى من الجنوب . وتواصلت التوترات والاحتكاكات حتى عام 1896 على امتداد المنطقة الواقعة ما بين عكاشة وصرص . فى هذه الفترة ونسبة لتركيز القوى العسكرية فى ما كان يعرف بالقيقر ، أغرى الوضع كثيرا من التجار للاقامة فى المدينة . وفى ذات الوقت فان عدم احساس سكان القرى المجاورة لحلفا بالأمان أثناء تقدم قوات النجومى ، دفعهم للجلاء عن تلك القرى والبحث عن السلامة فى المدينة . وفى غمرة هذه الموجات الدافقة جاء الى المدينة عدد مقدر من قدامى المحاربين . ولا بد أن عدد السكان قد ازداد بمعدلات عالية أثناء تلك الأيام . وتبعاً لهذه التطورات فقد استوجب الأمر تقديم سلسلة من الخدمات لهؤلاء السكان من العسكريين والمدنيين . فتم انشاء مستشفي كما تم فتح مكتب للبريد والبرق لتأمين الاتصالات المهمة مع القاهرة ومع النقاط الخارجية حول حلفا . وانتظمت حركة الملاحة النهرية بكفاءة وتدفقت المؤن العسكرية والتجارية على المدينة النامية وأصبحت حلفا – حينئذ – ذات أهمية عسكرية وسياسية أدت الى اغلاق مركز ادارة النوبة فى ( الدر ) ونقله اليها ، وجذب بريق المدينة سكان النوبة الشمالية الذين جاءوا الى العاصمة الجديدة بحثا عن العمل أو التجارة ثم استقروا بها بعد ذلك . وخلال السنوات الست التى أقمتها بالمدينة ، لاحظت أن معظم الأسر النوبية التى كانت تعيش فى القري الواقعة بين الشلال الثانى وفرص ، تحتفظ بعلاقات اجتماعية وتتواصل مع أقربائها الذين يعيشون قرب الحدود المصرية والذين تربطها بهم آصرة الدم . وقد أدى سحق ( محجوب إدريس ) ونهب النجومى لمنطقة المحس والسكوت لرحيل بعض السكان الى وادي حلفا حيث مكثوا الى ما بعد معركة فركة فى 8 يوليو 1896م ( وهي أولى المعارك ذات الخطر خلال إعادة فتح السودان ) ثم عادوا الى قراهم . وهناك أكثر من دليل على تشجيع استقرار بعض الأسر المصرية فى وادي حلفا تلك الأيام ، فقد تم بناء مدرسة فى (التوفيقية) ، وأقام الخديوي مسجدا وبرز السوق الى الوجود . ووصف على مبارك فى كتابه : ( الخطط التوفيقية ) وادي حلفا في تلك الأيام بما يلي : ان قرية وادي حلفا تعتبر أعظم الأماكن شهرة فى المنطقة الواقعة على طول ضفتي النيل بين الشلالين الأول والثاني . ففيها مكتب بريد ومخزن حبوب ومركز ادارى ومبان حكومية بمستوى جيد . وهناك أيضا مدرسة ومسجد وأشجار نخيل وساقية . ورغم أن رقعتها الزراعية محدودة إلا أنها خصبة . وللقرية أيضا مفاهيمها واستراحاتها وحاناتها وسوقها اليومية . وفى بعض الكتب الانجليزية ذكر أن النوبة السفلى تعنى : الأرض الواقعة على طول النيل ما بين حلفا وأسوان . وهي شريط ضيق على ضفتي النيل ما بين سلسلة من الصخور السوداء الممتدة إلى مسافة 350 كيلو مترا . ويلاحظ المسافرون ما بين أسوان ووادي حلفا – أو العكس – حلالا صغيرة فى ذلك الوادي تتكون كل منها من خمسة أو ستة بيوت مظللة بأشجار النخيل أو الدوم وأشجار أخرى . ومعظم هذه القرى تقع على الضفة الشرقية . وتحوى هذه المنطقة العديد من المواقع الأثرية ، ولأن هذه القرى تقوم على نقطة التقاء الأودية بالنيل فانها أخذت أسماْها من هذه الأودية وفى بعض الأحيان فان مجموعة من القرى تسمى باسم واد واحد . ووصف ( نعوم شقير ) الذى صحب حملة اعادة فتح السودان – حلفا فى كتابه ( جغرافية وتاريخ السودان ) بقوله ( كانت حلفا قرية صغيرة تقع على بعد 226 كيلو مترا جنوبى اشلال الأول ، على خط عرض 21.55 وخط طول 31.19 ) . وبُنى المعسكر الذى كان يقيم فيه الجيش المصرى ابان الثورة المهدية لحماية الحدود خارج المدينة . وتكون هذا المعسكر من مستشفى وسجن عسكرى وكان يقع على رأس خط السكة حديد . وكان هناك أيضاً مسبك لصهر الحديد ومنزل الحاكم والقائد ومسجد عتيق . وعلى بعد ميلين شمالاً تقع مدينة التوفيقية التى كان يطلق عليها ( دبروسة ) حيث بنى الخديوى توفيق مسجداً . وتجمع التجار ورجال الأعمال فى هذه النقطة وبنو أحد أفضل المراكز التجارية على الحدود ) . غير أن هناك وصفاً ثالثاً أكثر تشويقاً للقيقر وللمدينة فى عام 1896م . جاء على لسان ( ونستون تشرشل ) فى كتابه : ( حرب النهر ) حيث يقول : ( المدينة ومعسكرها لا يزيد عرضها عن 400 ياردة تمتد على ضفة النهر ، وتنحشر ما بين النيل والصحراء بطول يقارب الثلاثة أميال ...والمنازل والمكاتب والثكنات العسكرية كلها مبنية من الطين ذو اللون الداكن البائس . وقليل من المباني يرتفع إلى مستوى الطابقين . وفى الطرف الشمالي للمدينة تحتل مجموعة من المنازل جيدة البناء واجهة النهر وعلى البعد ينعش المسافر ما بين ( كروسكو ) والشلال منظر أشجار النخيل والأسوار البيضاء ومئذنة الجامع وبملأؤه بأمل التطلع الى الملاهى المتمدنة . ويحمى المدينة من جهة الصحراء سور من الطين وخندق وهناك قطع من مدافع ( كروب ) الميدانية على قواعد بارزة بينما تستريح مؤخرة الاستحكامات على حافة النهر ، وتنتصب قلاع خمس متفرقة تحمى الجهة البرية من هجوم العرب المرعب انذاك ... لقد أصبحت حلفا الان فى نهاية خط السكة حديد الذى يمتد مسرعاً ، وصار استمرار وصول وارسال الاف الأطنان من المواد وبناء المظلات والورش والمخازن يضفى حيوية على المدينة المتحضرة فى هذا الموقع الأفريقي البائس ) . ويمكن ايراد وصف بقيليل من التفاصيل للقيقر بعد ما تم العثور بمحض الصدفة – على خريطة قديمة له بين معروضات متحف حلفا . رسم هذه الخريطة المساح العسكرى النقيب ( محمد أفندى غالب ) الضابط بالجيش المصرى فى 30 ديسمبر 1896م وهي الخريطة ذات المبانى المرقمة والتى تشرح بدقة ما تضمه الأسوار المنيعة للمنطقة المحصنة . كانت التوفيقية تنمو بسرعة جنبا الى جنب مع نمو القيقر . وقد افتتح الحديوى ( توفيق ) المسجد فى عام 1896م . وكان لتدفق الجنود أثره فى انتعاش التجارة فازذاذ عدد التجار الأجانب والوافدين والمقيمين بالمدينة . وقامت مبان فاخرة حول المسجد وازداد عدد المتاجر المليئة بالبضائع وكان أول المقيمين بالمدينة من التجار 0 نيكولاس لويزو اليوناني وأخويه : كوستا وبترو ) . وقد صحب نيكولاس الجنرال كتشنر أثناء حملة استرجاع السودان حتى سقوط أم درمان . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
http://www.ancientsudan.org/burials_01_prehistory.htm
Quote: The term "Demotic" was utilized by Greek writer/historian, Herodotus (484 - 425 BC), to distinguish it from the "Hieratic" script. Whereas "Hieratic" connotes "priestly," the term "Demotic" is derived from the Greek word "demos" which means common people. It is potentially the world's first cursive or flowing script, and used for basic legal agreements, administrative documents like employee timesheets or inventory lists, and friendly letters. It is very important to note that "Demotic" was introduced in the Kemet's 25th Dynasty, which had "Nubian" or Ku####ic origins. It's also worth mentioning that "Demotic" is the second script used on the famous "Rosetta Stone," which has been used by linguists to decipher the older Medu Neter, and "Demotic" is the basis for later scripts such as "Arabic." تم استخدام مصطلح "الديموطيقية" من قبل الكاتب اليوناني / مؤرخ، هيرودوت (484-425 قبل الميلاد)، لتمييزه عن "الهيراطيقية" النصي. في حين أن "الهيراطيقية" ضمنا "الكهنوتية"، ومصطلح "الديموطيقية" مشتق من الكلمة اليونانية "تجريبية" والتي تعني عامة الناس. فمن المحتمل أن تكون مخطوطة الأولى في العالم أو النصي المتدفقة، وتستخدم لالاتفاقات الأساسية القانونية والوثائق الإدارية مثل الجداول الزمنية الموظف أو قوائم الجرد، ورسائل ودية.
فمن المهم جدا أن نلاحظ أن "الديموطيقية" وقدم في كيميت في 25 اسرة، والذي كان "النوبة" أو Ku####ic أصول. كما انه من الجدير بالذكر أن "الديموطيقية" هو السيناريو الثاني المستخدمة في الشهير "حجر رشيد"، والتي تم استخدامها من قبل اللغويين فك كبار السن ميدو Neter، و "الديموطيقية" هو الأساس للمخطوطات في وقت لاحق مثل "العربية".
|
الفصل الرابع - تاريخ مدينة ( وادى حلفا )
Quote: وهناك تجار يونانيون آخرون مشهورون هم : ( افانجلوس باناس وديمترى جوز جيانس وبنيوتى كاربونوبولو والاغريقي الشهير : كباتو )وكلهم من تجار ( البقالة ) الذين جاءوا من مصر وأنشاءوا تجارتهم بالتعامل مع الجيش فى وادى حلفا . وهناك عبارة تداولتها الألسن فى تلك الأيام الاستعمارية تقول انه ( لا يخرج الضابط البريطانى غازيا الا وفى معيته بقال يوناني ليمده بحصته من الويسكى ) وأثناء قراءاتى العريضة فى أحداث تاريخ السودان وقفت على أربعة من الشواهد تؤيد صحة هذا الزعيم . فعندما اغتال المناصير الكولونيل ( العقيد ) استيورت فى ( هيبة ) عام 1884م ، كان هناك تجاراً يونانيين يتبعونه فى مركب على طول الطريق من الخرطوم وحتى تلك القرية . وعندما تم ارسال ( سلاطين ) الى المهدى فى ( الرهد ) بعد سقوط دارفور فى عام 1884م كان فى معيته تاجر يوناني يدعى ( ديمترى زقادا ) وقد بقي فى الأسر طوال فترة المهدية . وعند اطلاعي على سجلات استقرار قبيلة النوير ( عندما كنت فى فنجاك تبين لى أن مفتش المركز ( فرجسون ) الذى اغتاله النوير فى ( أدوك ) عام 1927م ، مات معه تاجر يوناني كان يرافقه وقد استبسل حتى فرغ مسدسه من الطلقات النارية . أما الحادث الرابع فقد كان وصول نيكولاس لويزو الى حلفا ابان فترة الاستعداد لاعادة فتح السودان . كان أفراد الجالية اليونانية هم الرواد الذين أدخلوا أساليب التجارة الحديثة فى السودان ، ونحن مدينون لهم بالاحترام والعرفان . كذلك فان البزازين السوريين جاءوا بحرير دمشق الفاخر وبالأقمشة الأجنبية من القاهرة وبنوا حوانيتهم وسكنوا منازل من طابقين . وكانت أولى الأسر السورية التى أقامت فى وادى حلفا أسرة ( عزيز بغمور وشقيقه بشير ) ، وجورج حكيم وشقيقه حبيب ، ومحمود أبو زيد وأسعد أفندى راشد ) . وكانت ذريتهم التى تجنست بالجنسية السودانية من بين أغنى رجال الأعمال فى المدينة . ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فقد جذبت حلفا فى تلك الأيام أسرا مصرية أيضاً فكان ( على الشامي ومحمد وعبد المجيد علوب وعبد الله وشقيقه صالح محروس وتلب أحمد عواد ) من أوائل التجار المصريين الذين أقاموا فى التوفيقية . وبعد فتح السودان انضم الى راكب القادمين مزيد من السوريين والصمريين وجعلوا حلفا وطناً لهم مثل : ( خويلد وعبد الغفور أبو زيد وعبيد يوسف ) وآخرون . وخلال هذه الفترة نمت التوفيقية باطراد وكانت لها سوقها ومسجدها . وفى عام 1895م افتتحت أولى المدارس الأولية ( الابتدائية ) فى المبنى الذى شغلته فى ما بعد المدرسة الوسطى باشراف ناظر ( مدير 9 مصري . وتم بناء فندق ذى طابقين على الشاطئ قبالة السوق استخدم بعد اعادة فتح السودان رئاسة للمديرية . وفى عام 1920م – عندما قام المركز الحالي – صار المبنى مكتبا لمصلحة السكة حديد . وعلى كل فان التوفيقية – فى تلك الأيام – كانت تبدو حضرية أكثر منها ريفية ، وتوارت دبروسة – النواة الأصلية للمنطقة – عن واجهة الصورة وأخذت المدينة تتشكل . وهناك صورة التقطها ( ي . أ . واليس بدج ) فى عام 1900م ظهرت فى كتابه ( السودان المصري تاريخه وآثاره ) توضح كيف كانت التوفيقية فى تلك الأيام . ولم تكن أي من الفنادق أو بيوت الأعمال ما بين دكان عثمان عبد القادر ومكاتب السكة حديد ، قد شيدت كما لم تكن الكنيسة اليونانية قد قامت . لكن ( بدج ) لم يدل بوصف التوفيقية . ) فى 12 مارس 1896م أصدر ( كرومر ) أوامره للسردار كتشنر بالشروع فى غزو مديرية دنقلا وبوجه خاص الاستيلاء على ( عكاشة ) التى تم احتلالها بلا مقاومة لأن الأنصار كانوا قد أخلوها . وفى هذا الوقت كانت التعزيزات تتوالى من القاهرة لتشكل الجيش الغازي . ونزلت كتائب الجنود الواحدة تلو الأخرى – من بواخر ( توماس كوك ) إلى حلفا واتجهت إلى الخط الأمامي . وفى الفترة من 20 مارس الى 6 يونيو تجمعت قوة من 9100 جندى نظامي وسبع سرايا الخيالة بالإضافة إلى سرايا الهجانة والمشاة وبطارية مدفعية ومدفعي ماكسيم منصوبين على السهل الصخري لعكاشة استعدادا للانقضاض الثانى على فركة . وفى مساء ذلك اليوم تحركت القوة جنوبا بقيادة السردار . وتقهقر الأنصار إلى دنقلا . فتم الاستيلاء على كوشة التي تبعد ستة أميال عن ( فركة ) وأسرع جزء من القوة جنوبا وأقام نقطة ارتكاز عند ( صواردة ) . خلال تلك الأيام ، كانت مدينة حلفا خالية من الجنود فيما عدا كتيبة من الجنود البريطانيين تقيم الحامية ( القشلاق ) وفى نهاية يونيو انتشر وباء الكوليرا الذي قضي على عدد كبير ممن كان في المدينة ، فرحلت الكتيبة البريطانية الى صرص . وسرعان ما انتقلت العدوى جنوبا وأفزعت القوات المتمركزة في ( فركة ) وخلال الفترة القصيرة التي انتشر فيها الوباء مات 1000 شخص ، وعندما انحسر الوباء تحرك الجيش إلى كوشة . في تلك الأيام التي سبقت زحف الجيش على دنقلا حدث أمران هامان أحدهما ذو أثر بالغ ويمكن اعتباره نقطة تحول فى تاريخ مدينة حلفا بل يمكن القول أن حلفا كانت مدينةُ له ببقائها . ففى كل تاريخ السودان ، لا يخفى على المرء أهمية الشلال الثاني فى مسيرة ما يقع من أحداث . فمنذ قديم الزمان كان هذا الحاجز المانع يشكل عقبة كئودا أمام الغزاة والفاتحين ولم يتمكن الفراعنة القدماء من فتح أي ممر فيه ولكنهم قنعوا بإقامة المدن الحصينة في بوهين وسمنة لتأمين مرور البضائع وضمان سلامة الاتصال البري بالطرف الآخر للشلال . وفى عام 1820م عندما شرع ( محمد على ) في غزو السودان تحت إمرة ابنه إسماعيل ، تجمع أسطوله النهري عاجزاً عند الطرف الأدنى من الشلال ، ولولا العمل التاريخي بشق قناة عن طريق تفجير الصخور الصلبة والذي مكن من جر الأسطول والقياسات ، لما نجحت الحملة . وعند زيارتي لمساعد مدير حوض البواخر – في صيف 1962م قبيل الفيضان والذي كان يسعى لتوسيع نفس الممر بنفس الوسيلة ، رأيت الثغرات التي كانت توضع فيها المتفجرات كما رأيت حجارة الجرانيت المنسوفة في قطاع القناة الجاف تذكاراً لتلك المغامرة . ثم جاءت حملة الإنقاذ وبعد جهد جهيد وبخسارة كبيرة في البواخر أمكن سحبها بالأسلاك والحبال الفولاذية بقوة 3000 من الرجال . وفى 14 أغسطس 1896م وعند بداية الفيضان ، عبرت البواخر الحربية الأربع ، ( المتمة – أبو كلية – دال – عكاشة ) بسلام قناة إسماعيل وأمخرت بالطرف الجنوبي ( للباب الكبير ) حيث الانحدار الحاد لمستوى النهر ، فقد تم تفريغ الباخرة الأولى ( المتمة ) من حمولتها من المعدات الثقيلة وتمت تغطية هيكلها من أعلاه إلى أدناه بالألواح الخشبية لحمايتها من أي دمار . ثم مرت الأسلاك والحبال الفولاذية على كتفي المضيق المسطحين ، وبعد ساعة ونصف استطاع 2000 من الجنود سحبها فوق المياه المنحدرة الفوارة وبنفس الطريقة أمكن سحب بقية الأسطول الى المياه الهادئة . ويمكن الرجوع الى ( حرب النهر ) لونستون تشرشل للوقوف على تفاصيل تلك المعاناة . وقبل التطرق الى النقطة الثانية ، أود أن أقف عند ظاهرة الشلال الثانى ، والتى تعتبر من عجائب الطبيعة بالرغم من أنها – الآن – قد اختفت تحت الماء . فهذا الشلال الذى يقع على بعد 10 كيلو مترات جنوبى مدينة حلفا كان – فى يوم ما – مجموعة من الجزر البركانية التي لا حصر لها تغطى مجرى النهر من الشاطئ الى الشاطئ مسافة ثمانية أميال تتخللها لجان وشقوق ضيقة وعميقة يمر من خلالها النهر في شكل نهيرات جياشة دفعاً بقوة كأنما ينحط من علِ مخلفا زبدا تبتلعه الدوامات والأمواج . وبعد أن يهبط الماء منحدرا من ( الباب الكبير ) ، يدور ضد التيار ثم يعرج ميمماً شطر الجانب الآخر من الكتلة الصخرية . وعندما يدور التيار حول جزر ( كوكي ) تتوهج تلك الجزر وتلمع وتتراقص ألوانها السوداء البنفسجية كما الرخام وعند النظر إلى هذا المشهد من قمة صخرة ( أبو سر ) قبالة قرية ( عبكة ) فان سحره يتجاوز كل الحدود . وصخرة ( أبو سر ) ذاتها تعتبر معلما بارزا من معالم المنطقة . فهي تنتصب إلى علو 20 مترا فوق الشاطئ ، وجانبها الذي يواجه النهر عمودي من قمته إلى قاعدته ، إما جانبها الغربي فمنحدر أملس يرتفع الى صخرة ( المنبر ) الشهيرة ( حيث اعتاد المسافرون منذ مائتى عام على نحت أسمائهم عليها ) .وأما الحدث الثانى فقد كان مد خط سكة حديد الصحراء وكانت خطط لثلاثة خيارات : الأول من كورتى مرورا بأبو طليح عبر صحراء جقدول ثم المتمة . والثانى على امتداد طريق سواكن – بربر الشهير ، والثالث من كروسكو عبر الصحراء النوبية الى أبو حمد مرورا بوادى حلفا . وبعد دراسة متأنية تم اختيار طريق الصحراء النوبية رغم اعتراض وانتقاد الجهات العسكرية والهندسية فى انجلترا . أما الخياران الآخران فقد كان حتما أن يكون لهما أثر عكسي على مستقبل وادى حلفا . فلو تم اختيار طريق وادي حلفا سواكن – بربر ، فان خط الإمداد الرئيسي كان سينقل الى البحر الأحمر وبالتالي فان حلفا كانت ستقع فريسة للإهمال كما أن نقطة الحدود الدولية كانت ستقع فى مكان ما بأرض السكوت . اما لو تم اختيار طريق الصحراء النوبية الذى ينتهي عند كروسكو ، فان حلفا كانت ستكون محطة سكة حديد صغيرة ، بينما ينتقل حوض البواخر الحالى شمالا الى كروسكو . وفى هذه الحالة فان كروسكو كانت ستكون فى داخل السودان . ولكن نسبة لوجود مسبق لورش سكة حديد حلفا ، فقد تم استبعاد كروسكو ، وتقرر أن يبدأ الخط الحديدى من حلفا بالرغم من أن ذلك يطيل مدة الرحلة النهرية من أسوان يومين . وعندما تم اتخاذ القرار النهائي ، أصدر السردار أوامره بالمضي قدما فى تنفيذ الخطة فوراً . وسافر ( جروارد ) كبير مهندسي السكة حديد الى انجلترا واشترى خمس عشرة قاطرة و200 عربة سكة حديد وتدفقت على وادى حلفا القضبان الحديدية والفلنكات وخزانات المياه والقاطرات وعربات السكة حديد والمعدات الهندسية وقطع الغيار من كل الأنواع . ووسعت الورش ، وتم استيعاب المهندسين والحرفيين وفنيي السكة حديد والميكانيكيين كما تم تعيين العمال المهرة وعمال اليومية المحليين . وافتتح معهدان فنيان لتدريب الكوادر الجديدة . وفى مطلع عام 1897م أرسيت أولى الفلنكات ومد الخط الحديدى الى مسافة أربعين ميلا . ومرت فترة ركود الى أن تم انجاز كل التحضيرات . وفى 8 مايو بدأ العمل الحقيقى المنتظم وأخذ الخط الحديدى يتقدم بمعدل كيلومترين يومياً حتى وصل الى أبو حمد فى نوفمبر . ولا يحتاج الأمر الى تأكيد الدور التاريخي الذى أداه هذا الخط الحديدي فى تقرير مصير مدينة وادى حلفا . فلم يكن هناك أثر لمدينة قبل مد خط صرص الحديدي . وكانت المنطقة مهجورة فيما عدا تسع أسر فى قرية دبروسة فى أقصى الشمال . وعندما بدأ مد الخط الحديدي ، ظهر معسكر للعمال ومنازل فرقة السكة حديد العسكرية فى منطقة ( القيقر ) ، وقع عبئ مد الخط الحديدي إلى كرمة على عاتق ورش السكة حديد بحلفا ، فازداد عدد العاملين وبعد استسلام دنقلا وصدور قرار إعادة فتح السودان ، حافظت حلفا على هذا المركز الى أن تم إنشاء ميناء بورسودان فى 1906م بل ان حلفا – بعد هذا التاريخ – ظلت البوابة الرئيسية لحركة التجارة بين السودان ومصر .
|
(عدل بواسطة عرفات حسين on 03-20-2014, 01:26 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
http://www.ancientsudan.org/burials_01_prehistory.htm Heavy excavations in the south most regions of Lower Nubia, at Wadi Halfa,1 in Sudan lead to the discovery of the oldest human evidence yet found in the Nile Valley, which was dated to the Paleolithic Age (Qadan- 13000-8000 BC). Other Paleolithic sites were located likewise in the southern portions of Lower Nubia including Toshka, and Gebel Sahaba.2
Quote: الحفريات الثقيلة في الجنوب معظم مناطق النوبة السفلى ، في وادي حلفا، 1 في السودان تؤدي إلى اكتشاف أقدم الأدلة الإنسان بعد العثور عليها في وادي النيل ، والذي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم العمر ( قعدان - 13000-8000 قبل الميلاد). وتقع مواقع العصر الحجري القديم الأخرى بالمثل في الأجزاء الجنوبية من النوبة السفلى منها توشكى ، و جبل Sahaba.2 الفصل الرابع - تاريخ مدينة ( وادى حلفا ) في توشكي وضعت الماشية المستأنسة البرية على رأس العديد من المدافن ، مما يدل على ممارسة طقوس معينة. كانت مطامر معظمها دائرية، التي تؤدي ربما إلى بناء هيكل التلة . ولكن في معظم المواقع كان المتوفى لم توجه هيئة محددة على الرغم من التعاقد مع لتحديد المواقع كان شائعا . تم انتشال لا يجد هامة أخرى من موقع حتى الآن. عاء مع اثنين ينبثق ، Ssieve ، سفينة بإسهاب من كدروكة المقبرة. العصر الحجري الحديث . المصدر : فيلدونج ، ديتريش . السودان: الممالك القديمة لنهر النيل. على الرغم من الآثار مكثفة من النوبة السفلى ، تم الكشف عن قبور العصر الحجري الحديث أي في النوبة السفلى. لقد فقط تم العثور على اكتشافات العصر الحجري الحديث فقط في جنوب النوبة في الخرطوم ، كدروكة ، شابونا ، ش الغابة ، الكدرو ، ووادي Halfa.3 ومع ذلك أجريت الحفريات الأهم في الخرطوم تكشف عن الثقافة التي يعود تاريخها إلى حوالي 6908 سنة ago.4 تشير الاكتشافات الى وجود قرية صغيرة أو استقر المجتمع في الخرطوم. تم التعاقد مع الهيئات و ضعت على ظهورهم ، وبالتالي ترمز الولادة. كان هذا أول مؤشر لبداية مفهوم الديني الذي أصبح في وقت لاحق المتجسدة في عبادة رع، إله الشمس . كانت الجثث، بالنسبة للجزء الأكبر ، عارية . يتضمن العديد من المدافن والفخار تظهر العلامات الأولى للاكتتاب مشرحة ؛ تقاليد الدفن التي استمرت طوال التاريخ القديم النوبة .
تم العثور على البضائع الدفن ليس كثيرا باستثناء بعض قذائف الرخوي المياه من الخرطوم ، وبعض ريش النعام ( للزينة الرأس) وغيرها من الحلي قليلة المرحاض. في الكدرو و ش الغابة ، تم اكتشاف مقابر كبيرة خارج مستوطناتهم .
يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث ، في الغابة ، وكمية كبيرة من حفر دائرية أو شبه دائرية تم العثور على ( بأقطار تتراوح بين 120CM إلى 160 سم ). هناك، كانت تزين الهيئات مع السلع الشخصية مثل الأساور، والقلادات و الشفاه والمقابس، و أدوات حجرية وعظمية ، والفخار، و ريش النعام ، وقذائف الرخويات المياه. الملابس المصنوعة من المواد الطبيعية المحلية، و مساند للرأس و مسند القدمين ، و آثار اللوحة الوجه (أي ربما مؤشرا على الهوية القبلية ) . صورة : كدروكة ، SFDAS ش - كدادة ، القبر الحجري الحديث من النخبة مع التضحية البشرية من الشباب. المصدر : فيلدونج ، ديتريش . السودان: الممالك القديمة لنهر النيل. من هذه المقابر نبدأ في رؤية الثقافة الأول من النوبة أخذ الشكل. يستمر عادة لدفن في حفر دائرية على مر التاريخ النوبة القديمة بدءا من أن كرمة ، وتختفي في الفترة نبتة و Merioitic ، و الظهور مرة أخرى في العصر المسيحي . وجود ل قذائف الرخويات ، من المحتمل الحصول عليها من البحر الأحمر هي بعض من أقرب دليل في العالم للتجارة البشر و الصرف. اختلافات طفيفة من الدفن في الكدرو ، تشير إلى تشكيل الخلافات القبلية في النوبة . على سبيل المثال، في الكدرو ويتم التعاقد مع الهيئات ولكن على الجانبين. الاختلافات في السلع المادية تأكيد دقة الافتراض. الوسائد و الفرش، و شظايا من المرمر، و المزهريات من بين النتائج الخطيرة . قبور الكدرو هي الاقدم من نوعها للدلالة على ممارسة التضحية الحيوانية كما قطعة من عظام الحيوانات (أي الكلاب ) تم العثور عليها. تم اكتشاف التضحيات البشرية أيضا في El - كدادة . كان هذا التقليد التضحية الحيوانية أيضا ل تستمر طوال التاريخ النوبي وفقا للتقاليد حاليا ، أي ، في إشارة إلى الحضارات الأخرى . كانت المدافن الطفل في جماجم الثيران و السفن الكبيرة أيضا شائعة ، مما يشير إلى قلق خاص حول موضوع الاستحقاق. |
Quote: وبعد سقوط أم درمان ، وهزيمة الخليفة النهائية فى معركة ( الجديد )، تحدد مستقبل الوضع السياسي للسودان كما رسمته كرومر بعد كداولات مضنية وذات مستوي عال فى لندن . وقد أشارت المادة (1) – من اتفاقية الحكم الثنائى الصادرة فى 19 يناير 1899م والتى رسمت الحدود بين السودان ومصر بما أثر على الوضع السياسي والاداري لحلفا – الى ما يلى :- يطلق لفظ ( السودان ) فى هذه الاتفاقية على جميع الأراضى الواقعة جنوب خط عرض 22 درجة وهي : 1/ الأراضي التى لم يدخلها قط المصريون منذ عام 1882 أو : 2م الأراضي التى كانت قبل ثورة السودان تحت إدارة حكومة جناب الخديوي وفقدت منها مؤقتاً ثم استعيدت بواسطة حكومة صاحبة الجلالة بالتضامن مع الحكومة المصرية أو ... الخ ... يلاحظ أن الفقرة (2) لا تنطبق على وادي حلفا التى لم تفقدها مصر بتاتاً إبان الثورة المهدية والتى كانت قبل الثورة تتبع إداريا لمصر ومن الغريب أن تشمل الفقرة (2) حلفا بالتحديد ولا تشمل سواكن . ولا أريد بهذا ان أشكك فى سودانية حلفا ، ولكن أياً من كرومر أو تشرشل لم يفسر أسباب اختيار خط عرض 22 درجة ليكون الفاصل بين المدينة والتخلف وهذا بالتأكيد لم يكن صحيحا . وخط عرض 22 درجة هذا الخط الوهمي الذى يعبر النيل عند ( جبل الصحابة ) على بعد 5 كيلو مترات شمال وادي حلفا . كان مجرد حد اعتباطي . فلم يتم اختياره على أسس جغرافية أو اجتماعية فهو يشطر أرض النوبة – الموحدة جغرافيا وتاريخيا واثنيا – إلى نصفين ينتمي كل منهما إلى قطر آخر . وعلى كل ، فان النوبيين – اثنيا واجتماعيا – هم بلا شك سودانيون وليس هناك ما يجمعهم بالمصريين – فمنذ سقوط الدولة المصرية القديمة ظلت النوبة – كما هو الحال بالنسبة لبقية بلاد السودان ، مستقلة وبقيت كذلك حتى دخول العرب بالإسلام إلى السودان . وبما أن العرب جاءوا مقيمين غير غزاة فقد امتزجوا بالنوبيين وبقيت النوبة منطقة حكم ذاتي كشأن مملكتي سنار والعبدلاب الصغيرتين . وأثناء حكم المماليك لمصر ، لم تكن النوبة مجرد كيان مستقل ولكنها كانت أيضاً صعبة المنال . ويتضح هذا من خلال كتب المكتشفين والرحالة المشهورين أمثال ( جونا لدفج بركهارت وتوماس ليخ وفردريك لدفج نوردن ) الذين زاروا النوبة في القرن الثانى عشر الميلادي . وذكر مكي شبيكة في كتابه ( السودان في قرن ) أن محمد على عندما استولى على عرش مصر وصمم على استئصال المماليك ، فر منهم الذين كانوا يعيشون فى الصعيد الى بلاد النوبة لاجئين . ولأن النوبة كانوا بحاجة الى حماية المماليك ، فقد تعاملوا بمقتضيات الضرورة ورحبوا بهؤلاء الفارين حكاما على بلادهم . وعندما وقعت مذبحة القلعة بالقاهرة والتى أجهز فيها محمد على قادة المماليك ، استسلم أعوانهم وبالتالى خضعت كل بلاد النوبة للحاكم الجبار الجديد ، وهذا الحدث يسجل أول تبعية للنوبة الى أرض مصر منذ أن كانت كذلك فى أقدم الأزمان .. ولكن الأمر يقتضي أن نشير الى أن ذلك قد تم بسنوات قليلة قبل الفتح التركي للسودان فى عام 1820م .
ولو أخذت في الاعتبار هذه الخلفية التاريخية الاجتماعية ، لخطت الحدود السياسية شمالاً ( عند الشلال الأول ) ولأخذت النوبة برمتها وصفها الطبيعي ضمن البنية السودانية . لكن الذي حدث هو أن رغبة كرومر – التي لم تخطر على بال أحد – قد تحققت . وفى مارس 1899م – وباتفاق محلي بين قمندان وادي حلفا وضابط شرطة التوفيقية من جانب وممثل مصلحة الأراضي المصرية وضابط شرطة مركز حلفا القديمة من جانب آخر – تم مد حدود السودان الشمالية ( الواقعة على النيل ) الى فرص ، شمال خط عرض 22 درجة . وصدقت السلطات المصرية على الاتفاقية كما يوضح الخطاب التالى الصادر من وزارة الداخلية بالقاهرة فى 26مارس 1899م إلى محافظة النوبة ( الحدودية ) بشأن ترسيم حدود السودان :- ( اطلعنا على خطابكم رقم (19) حسابات بتاريخ 14 مارس 1899م والذى أوضحتم فيه أنه – بناء على التماس قمندان حلفا وتنفيذا للاتفاقية المبرمة بين صاحبة الجلالة البريطانية ملكة انجلترا والحكومة المصرية بتاريخ 19 يناير 1899م بشأن الحدود الفاصلة بين مصر والسودان – قد تم الاتفاق بين القمندان المشار إليه وضابط شرطة التوفيقية من جانب ، وممثل الأراضى المصرية فى تلك المحافظة وضابط شرطة مركز حلفا من الجانب الآخر لمد الحدود السودانية شمالا بغرب النيل عند نقطة تبعد 200 متر شمال ( بربا فرص .. يعنى بناء خرب بناحية فرص ) وبشرق النيل عند خرابة أديندان ، وانه قد تم وضع علامتى حدود هناك : يحمل الوجه الشمالى لكل منهما كلمة ( مصر ) ويحمل الجزء الجنوبى منهما كلمة ( السودان ) وأن هذا الترتيب قد تم بحضور عمد ومشائخ القريتين المذكورتين أعلاه وانه تبعاً لذلك تم التنازل عن قرية فرص للسودان فيما عدا 3 أفدنة وقيراطين و85 شجرة نخيل استبقيت فى حدود مصر . ومن ضمن أراضى ( أديندان ) الخاضعة للضريبة والتابعة لمصر تم التنازل للسودان عن 99 فدانا و7 قراريط و155 شجرة نخيل ، وانه بناء على ترتيبات اعادة رسم الحدود هذه فقد تم ضم عشر قري من المحافظة لتكون ضمن الأراضى بمساحة قدرها 3094فدانا و12 قيراطا و 220 سهما من الأراضى ، منها 112 فدانا و5 قراريط و12 سهما غير مسجلة وكذلك 82206 شجرة نخيل ، وبعدد من السكان يبلغ 13138 نسمه ، وبناء على ذلك أوصيتم بأن يتم تقسيم ما تبقى من فرع مركز حلفا وفرع مركز الكنوز ويسمى بالآتي :- 1/ فرع حلفا يسمى فرع مركز ( الدر ) ورئاسته فى كروسكو وضم 22 قرية من أديندان فى الجنوب الى شاتورما فى الشمال على امتداد 144 كيلو مترا منها 9117 فدانا و10 قراريط و8 أسهم من الأراضي الخاضعة للضريبة و 254892 شجرة نخيل . وعدد سكان هذه الفرع 31703 نسمه . 2/ فرع مركز الكنوز يسمى فرع مركز ( أبو هور ) ورئاسته فى ( أبو هور ) وضم 18 قرية من مدي كفى الجنوب الى الشلال فى الشمال وعلى امتداد 144 كيلو مترا منها 8025 فدانا و5 قراريط من الأراضي الخاضعة للضريبة و 110440 نخلة وعدد سكان فرع المركز 32319 نسمة حسبما تبينه القائمة والخريطة المرفقة بخطابكم ) . ( وفى ذات الوقت تسلمنا خطاباً برقم 5 ضرائب مباشرة من وزارة المالية يوضح موافقتهم على ما جاء أعلاه بناء على مخاطبتكم لهم ، لكنهم يوصون بأن يسمى مركز حلفا : فرع مركز كروسكو وليس ( الدر ) كما اقترحتم ، وأن تسمى المديرية : مديرية أسوان . وبالإضافة الى ما خاطبتم به وزير الداخلية فان وزارة المالية قد حددت أسماء القري العشر كما يلى :- سره شرق ، فرص ، دبيره ، سره غرب ، أشكيت ، أرقين ، دغيم ، عنقش ، دبروسة – وأن تضم هذه القري العشر الى جانب الأراضي الخاضعة للضريبة التى ذكرتموها ، 20 فدانا و5 قيراط و8 أسهم من الأراضي ملكاً حراً للحكومة ، ونحن إذ نصدق – هنا – على إعادة رسم الحدود هذه ، والتى تشمل عدد القري والسكان والأراضي الخاضعة للضريبة وعدد أشجار النخيل وتغيير اسم فرع مركز حلفا حسبما أوصت به وزارة المالية ليتطابق مع اسم رئاسته وإطلاق اسم : مديرية أسوان على المركز ، بهذا نكتب لكم ولوزارات العدل والأشغال العامة والمالية للعلم ) . هذا يوضح إلى أي حد يمكن للعاديين من الناس أن صنعوا التاريخ . يلاحظ فى هذه الوثيقة أن الأرض التى تم التنازل عنها للسودان تضم ثلاث قري جنوب خط عرض 22 درجة وبالتحديد هي دبروسة ، عنقش ، ودغيم والتى لم تكن فى أي يوم خاضعة للإدارة السودانية قبل إبرام اتفاقية . وفى نفس الوقت فانه لا يوجد سبب محدد لاختيار نقطتي الحدود اللتين سبق الحديث عنهما . ولريما كانت هذه المسألة مضمنة فى مذكرة القمندان المشار إليه سلفاً . وعند إسدال الستار على حملة استرجاع السودان ، تم اخلاء الحامية المقيمة فى القيقر تماما وتم ترحيل أسر الجنود السودانيين التى كانت تقيم داخل الحامية الى شمال شرق دبروسة حيث تم تخصيص قطع سكنية لتلك الأسر . وفى ذات الوقت أزيلت مخازن الذخيرة وترسانة الجنود المصريين وبرزت مساكن جديدة أنيقة فى المكان البائس لسكن ومقر الجنود السودانيين . وحول المستشفي الى رئاسة للسكة حديد ثم مؤخراً الى ناد بريطاني ، وفى التوفيقية أقام ( لويزو ) فندقا من طابقين يطل – من جهة النهر – على السوق . وبنى الإغريق كنيسة كاثوليكية صغيرة فى المنطقة التى شغلتها ادارة الجمارك لاحقاً . وخلال السنوات الباكرة من القرن العشرين بدأت الإدارة تأخذ شكلاً مدنياً . فحلفا كانت – أثناء فترة الإعداد لحملة استرجاع السودان – تخضع للحكم العسكري وكانت إدارتها مجرد ترس في آلة الحرب الضخمة . كان ( ود هاوس ) أول الحكام العسكريين وخلفه ( قرنقل ) ثم ( هنتر ) وعندما حل السردار يحلفا في مارس 1896م جمع ما بين منصبي الإداري الأول والقائد العسكري . وعندما اندلعت الحرب واندفع الجنود جنوبا ، أوكلت الإدارة للقوة البريطانية التي تمركزت – احتياطا – بالحامية . وعندما أزيلت مباني القيقر الطينية ابتاعت الحكومة الفندق المملوك ( للويزو ) واستخدمته رئاسة محلية . فاحتلت المحكمة الشرعية والقسمان الكتابي والحسابي الطابق الأرضي بينما أبقي الطابق الأول للمدير ومساعديه الإداريين البريطانيين . أما رئاسة المركز فقد كانت تزاول عملها من المبنى الذي صار مؤخراً متحفا وأثناء السنوات العشر الأولى لم تكن الإدارة مستقرة كما لم يكن تحديد السياسات ممكناً بسبب تعدد المديرين الذين خدموا في وادي حلفا . وبمراجعة قائمة المديرين المضمنة في الدورية القديمة المحفوظة بدار الوثائق بالخرطوم ، تبين لي أن اثني عشر مديرا قد عملوا في حلفا في الفترة من 1905 إلى 0191م ، بل إن عام 1905 وحده شهد تعاقب سبعة من الديرين وفى عام 1912 بدأـ فترة الإدارة المدنية وكان السيد ( ج . ي .. آيل ) أول المديرين المدنيين . وابتداء من هذا التاريخ تطاولت فترات وتراوحت ما بين عامين وسبعة أعوام حسبما تكشفه القوائم الرسمية . وفى عام 1922م خصصت المساحة التي كانت تقع بين إدارة الجمارك والطابية رقم 5 . أو ما كان يعرف بـ : أبو فريق وبش والتي كانت أرضاً زراعية تروي بالساقية – لبناء المستشفي ومحطة السكة حديد ورئاسة الإدارة المحلية ، بعد أن دفعت عنها تعويضات مجزية . وتم منح مباني ( فندق لويزو ) لمصلحة السكة حديد . وفى عام 1935م – ونتيجة لسياسة دمج المحافظات الصغيرة – أصبحت إدارة حلفا في مستوي مركز تابع للمديرية الشمالية التي كانت عاصمتها ( الدامر ) وكان السيد ( برفس ) آخر حكام حلفا قبل تنفيذ هذه السياسة . وقد تم إلغاء مركزي ( عبري ) و ( دلقوا ) مع الإبقاء هناك على نقطتي شرطة وبعض المحاكم الأهلية التي تختص بالمسائل الأمنية الطفيفة . وينبغى التذكير هنا بأن سياسة الحكم غير المباشر طبقت لأول مرة فى عام 1915م على أثر مرسوم أصدره الحاكم العام عين بموجبه عُمد ومشايخ القري من بين الأهالى للمساعدة فى جباية الضرائب واعانة مفتش المركز فى تسيير الشئون الإدارية الطفيفة . وفى عام 1924م خطت تلك السياسة خطوة متقدمة بإنشاء محاكم أهلية تستطيع – بقوة القانون – البت فى القضايا الجنائية والمدنية وفقاً للعرف القائم على التقاليد الاجتماعية والقبلية السائدة . وفى الفترة بين 1935م و1953م عمل ستة من مفتشى المراكز البريطانيين فى حلفا ، أولهم السيد ( ت . جنسون ) وآخرهم السيد ( آربثنوت ) ، وكان السيدان ( هاريسون ) و ( بن ) قد خلفا ذكري حسنة . وفى عام 1948م تم تعيين أول مساعد مفتش سوداني وهو المرحوم السيد عز الدين مختار الذى خدم مع السيد ( بن ) وفى عام 1952م خلفه السيد علام حسن وفى أغسطس 1953 م تمت سودنه الإدارة ورقي السيد محمد خليل بتيك ( الإداري النوبي الشهير ) الى وظيفة المفتش وتقلد وظيفة مفتش مركز حلفا لمدة عامين ، وعند ترقيته الى نائب مدير مديرية ، تقلد السيد حسن جبارة – أحد زملائي وظيفة المفتش لمدة عام ثم خلفه صديقى عبد السميع غندور . أما أنا نفسي فقد كنت آخر مفتش مركز فى هذه المنطقة التى حكم عليها بأن تختفي تحت مياه بحيرة السد العالي ( بحيرة النوبة ) . وفى خواتيم القرن التاسع عشر وأثناء العقد الأول من القرن العشرين تم اختيار ( حلفا ) مكاناً ملائما لاعتقال نفي كبار أسري المهدية من الأمراء والقادة الذين ينتسبون لفترة حكم الخليفة ، وذلك لعزلتها وبعدها عن باقي مناطق السودان ومصر . هنا نأتي الى قصة هؤلاء الأبطال التعساء . ففى أعقاب هزيمة النجومى فى ( توشكى ) عام 1889م تم نقل كل الأسري الى القاهرة . ثم شيد سجن خصيصاً لهم برشيد عام 1893 م وذلك لقضاء فترة حبس غير محددة . وعندما حدثت معركة ( النخيلة ) في أبريل 1898م . استسلم الأمير محمود ود أحمد ومعه كم مقدر من رجاله فيهم إخوانه الثلاثة إسماعيل ومحمد المهدي وعلي ، فتم إرسالهم الى وادي حلفا فى طريقهم للانضمام الى أسري معركة توشكي . أما الأسري الذين كانوا فى مرتبة أقل من حيث الأهمية وهم أحمد الناجي ، والفكي محمد أبو حراز ، وراشد يونس ، ومحمد جار ، وعبد الماجد هيام ، وودقمر ، فقد تم حبسهم بالمنطقة العسكرية فى حلفا . وفى ذلك الوقت تقرر إنشاء سجن آخر فى دمياط لحبس أسري المهدية من الشخصيات الهامة والذين يتوقع القبض عليهم أحياء حينما تتقدم الحملة الى أم درمان . وبعد معركتى كرري وأم دبيكرات تم القبض على مجموعة كبيرة من الأمراء العظام وعلى شخصيات مهمة معظمهم من ( التعايشة ) و ( الدناقلة ) حيث تم نقلهم للمنفي تحت الحراسة العسكرية – إما الى حلفا بالسكة حديد أو الى سواكن ومن ثم بالبحر الأحمر الى دلتا النيل . وبعد معركة أم دبيكرات فر عثمان دقنة وعاش متخفيا فى قوز (رجب ) ثم لجأ بعد ذلك الى جبال واريبا بالقرب من البحر الأحمر حيث وشى به شخص يدعى ( محمد أور ) وفى الحال تم القبض عليه وأرسل عن طريق البحر الأحمر الى دمياط . وفى بداية القرن العشرين كان أشهر أولئك الأسري – أبناء المهدي وأبناء الخليفة عبد الله وأبناء الخليفة على ود حلو وأبناء الأمير يعقوب أخ الخليفة الذي ألقي القبض عليهم أثر مقتل الخليفة فى معركة أم دبيكرات . أما كبار الأمراء وكبار الشخصيات الذين أرسلوا الى سجون الدلتا – فقد كانوا : يونس ود الدكيم ، وعبد الباقى ، وعبد الوكيل ، وإبراهيم مالك ، وفضل حسن ، والختيم موسى ، ومحمد الأمين يعقوب ، وخاطر حميدان ، وابراهيم مخير ، وعلى الشيخ سعيد ، والأمير محمد زين . وأما أولئك الذين يأتون فى مرتبة تالية من الأهمية فقد نقلوا الى وادي حلفا بعد إتمام فتح السودان . وفى عام 1904م شرع على عبد الكريم ( وهو بان عم المهدى ، وكان مهوساً ومختل العقل ) فى التبشير بتعاليم تتعارض مع الشريعة الاسلامية وجمع حوله رهطا من الأتباع . وقد اعتبرت حركته خطرة على الأمن وعلى صحة الدين . فاعتقل هو وأتباعه الذين كان أشهرهم محمد الزاكي وعوض أبو القاسم وسعد العيش ، ونقلوا الى وادي حلفا وحبس على عبد الكريم حبسا خاصا فى الحصن رقم (4) ولم يكن يسمح له بمغادرة الزنزانة . وبفي سجناء الدلتا البؤساء يعانون من الظلم حتى عام 1908م – ففى 2 مارس 1908م رفع سجناء رشيد تظلماً الى مصلحة المخابرات والى سلاطين باشا الذي كان فى هذا الوقت المفتش العام للسودان ، يطلبون فيه إعادتهم الى وطنهم . وتشكوا من رطوبة طقس الدلتا الذى أودي بحياة العديد منهم وأدي الى تدهور صحة من بقوا على قيد الحياة . وفى ذلك الشهر زار سجون الدلتا ( هـ . ن . بريلزفورد) أحد قادة حزب الأحرار البريطاني وتحدث الى عثمان دقنة . وبما أن حالة السجناء المحزنة كانت لا تحتاج الى دليل ، فقد نقل للمسئولين البريطانيين استياءه من سوء معاملتهم ورجا أن يعاملوهم معاملة حسنة . وعند عودته الى لندن كتب السيد ( بريلزفورد ) مقالا نقديا فى صحيفته أشفعه بتقرير الى الحكومة . وسرعان ما أبدت الصحافة المصرية اهتمامها بالقضية وظهرت مقالات فى ( الأهرام ) و ( المنبر ) و ( اللواء ) و ( المؤيد ) ودبج الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل محرر جريدة ( السياسة ) الناطقة باسم حزب الأحرار المصري مقالاً نارياً بعنوان : الرحمة فوق العدل .. عثمان دقنة السجين الخالد ، عبر فيه عن قناعاته بأن أولئك السجناء ليسوا مجرمين وإنما هم عظماء بلادهم وأن ما قاموا به لا يتجاوز حدود الحق المقدس للدفاع ضد الغزو الأجنبي ، وأهاب بالسلطات البريطانية إطلاق سراحهم فوراً وإعادتهم سالمين الى ديارهم . وقد أفزعت حملة ( بريلزفورد ) وما أججته من المشاعر فى الصحافة المصرية ، السلطات البريطانية فى القاهرة ، وبعد تحقيق حذر تقرر الإفراج عن السجناء المسالمين ونقل المشاكسين منهم الى وادي حلفا . ونتيجة لذلك تم اطلاق سراح ابني المهدي الذين بقيا على قيد الحياة وكل أبناء الخليفة على ود حلو ما عدا محمد أحمد وسمح لهم بالعودة الى أهلهم . ولإيجاد مكان لحبس بقية السجناء فى وادي حلفا فقد أفرج عن أبناء الأمير يعقوب وأرسلوا الى عطبرة ليجدوا عملا ، أما بقية السجناء ممن هم فى مرتبة أقل من حيث الأهمية فقد أفرج عنهم من سجون دمياط وحلفا . ثم صدر قرار بنقل من تبقى من سجناء الدلتا الى وادي حلفا . وقد وصلت آخر دفعة منهم فى 13 أبريل 1908م ثم تبعهم دقنة فى ديسمبر . وبنهاية عام 1908م تم تقسيم من تبقى من السجناء السياسيين فى وادي حلفا تبعاً للأهمية السياسية ، فى مجموعات . فشملت المجموعة الأولى كبار القادة والذين وضعوا تحت الحبس الخاص فى الحصن رقم 4 ، ولم يكن مسموحا بمغادرة الزنازين إلا مرة واحدة ظهراً وهؤلاء هم : عثمان دقنة وعلى عبد الكريم . وأما المجموعة الثانية فقد حبست أيضاً فى الحصن رقم 4 وقد مُنعوا من الاختلاط بالأهالي . وأما المجموعة الثالثة فتشمل السجناء الشباب الذين وضعوا تحت عقوبات مخففة لا تتعدى فى أغلب الحالات تحديد الإقامة وقد عاشوا فى معسكر الهجانة وسمح لهم بحرية الحركة فى المدينة والاشتغال فى السوق ، واستخدم بعضهم فى ورش السكة حديد . وبعد مرور بعض السنين ، غيرت حكومة السودان معاملتها لهؤلاء السجناء وقررت اتخاذ خطوات ايجابية لإعادتهم لممارسة حياتهم العادية فى المجتمع السوداني الجيد ، فأولئك الذين تلقوا تدريباً زراعيا فى المزرعة التجريبية بميت الديبة فى مصر ، ألحقوا بمصلحة الزراعة وهناك آخرون كثر تم تعيينهم حرفيين فى ورش السكد حديد ، وهناك عدد منهم حددت اقامته فى أم درمان ، وودمدنى والقضارف والجبلين وسنجة وكوستى . وبحلول عام 1917م لم يبقى الا 4 اعتبر إطلاق سراحهم خطرا على الأمن فى ذلك الوقت وهم : عثمان دقنة ، على عبد الكريم ، عوض أبو القاسم ، محمد أحمد الحلو ، وبعد فترة قصيرة سُمح لعوض أبو القاسم ومحمد أحمد الحلو بمغادرة وادي حلفا والعيش تحت رقابة الشرطة فى موطنيهما تاركين عثمان دقنة وعلى عبد الكريم الذين كتب عليهما أن يبقيا فى هذه المدينة مدى الحياة . وفى عام 1923م التمس عثمان دقنة من السلطات السماح له بأداء فريضة الحج ، إلا أن هذه الأمنية النبيلة رفضت بشكل متعسف ... وتسرب الخبر الى أحد أعضاء البرلمان البريطاني من حزب الأحرار فوجه سؤالاً حول رفض طلب عثمان دقنة لزيارة الأراضي المقدسة ، فأنكر وكيل وزارة الخارجية التماس عثمان دقنة أو إبداء رغبته فى هذا الشأن وأكد لأعضاء البرلمان أن عثمان دقنة يعيش حياة هادئة وهنيئة فى منفاه . ولكن صحف حزب الأحرار شنت حملة من الانتقادات على الإجابة الكاذبة وطلبت إجراء تحقيق دقيق يزيل عن عثمان ما لحق به من ظلم . لا شك أن ما كتبته الصحافة قد هز الحكومة البريطانية ، فقد سمحت مرغمة لدقنة فى عام 1924م بالتوجه الى مكة المكرمة . وعند عودته الى وادي حلفا خُصص له منزل صغير بالقرب من مركز الشرطة حيث قضى بقية حياته صائماً كل النهار قانعاً بقليل من الطعام واللبن والتمر ليلاً ، مكرساً كل وقته للصلاة وتلاوة القرآن حتى توفى بهدوء فى ليلة 17ديسمبر 1927م . وبعد جنازة صامتة دفن فى مقابر سيدى ابراهيم . وهكذا أسدل الستار على حياة أ‘ظم الأبطال الذين عرفهم تاريخ السودان وأحد أشجع وأفرس مقاتلى القرن التاسع عشر ... قائد ( الفزي وزي ) ( يعنى الهدندوة أصحاب الشعر الكثيف المجعد ) والمحارب الذى انتصر فى خمس معارك وهزم جيش الإمبراطورية فى ( طوكر وسنكات والتب وهندوب وطماي وخور شمبات ) .. صاحب البطولة والجسارة والمهارة التى أذهلت مؤرخى العالم وجعلت ( تشرشل ) يخلع عليه حلل الإطراء . وبعد وفاة عثمان دقنة بقى على عبد الكريم وحيداً مع عائلته فى القيقر يفلح قطعة أرضه الصغيرة ويجنى ثمار نخيله حتى وفاته عام 1942م . لقد عامل سكان النوبة هؤلاء السجناء الأبطال – فى قيودهم وعزلتهم معاملة طيبة . أما الذين سمح لهم بالاختلاط مع الأهالي فقد تركوا وراءهم أصدقاء عديدين ما زالوا يذكرونهم بكل عطف . وبالرغم من أن سيرة عثمان دقنة كانت مجهولة بالنسبة لعامة الناس فى مدينة حلفا إلا أنه كان بالنسبة إليهم من الأولياء الذين نُسجت عنهم كرامات عديدة .
|
نواصل الفصل الأول : وصولى الى وادى حلفا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
Quote: ويقع مرجسا في منطقة الساد الثانية على النيل على الضفة الغربية من النهر ، على بعد خمسة عشر إلى الجنوب من وادي حلفا . هنا ، شيد معبد جديد المملكة الصغيرة حتحور ، وربما استبدال بنية الدولة الوسطى في وقت سابق . الأصل المعروف باسم ايكن ، فإنه يمتلك العديد من مخازن الحبوب الكبيرة بنيت بشكل جيد . نقشا من قلعة سمنة تنص على ما يلي : الحدود الجنوبية التي أنشئت في العام 8 تحت الجلالة من سنوسرت الثالث لمنع أي النوبي من المارة عندما ترتاد شمالا ، سيرا على الأقدام أو بواسطة قارب، فضلا عن أي الماشية من النوبيين . استثناء هو النوبية الذين سيأتون للمقايضة في ايكن ، أو واحد مع رسالة رسمية . و Medjay ، المذكورة في وقت المتدخلين على النيل في بلدي و التاريخية ملاحظة ، بدوريات في الصحراء في هذا الوقت للمصريين . (تذكر تصرفوا كرجال شرطة للمصريين خلال حكم المصريين من النوبة. ) كانوا المدفوعة يفترض جزئيا في الحبوب. لذلك يقترح أن Mirgassa ربما كان موقعا رئيسيا للتجارة ، ولكن يمثل الحدود التي لم يسمح لعبور النوبيين . معبد مثيرة للاهتمام ، والذي لم يعد موجودا. وبطبيعة الحال ، فإن قائمة المواقع الأثرية المحتملة التي فقدت ل مياه بحيرة ناصر هي أكثر من مجرد عديدة. كما يتصل آدمز في كتابه " أربعة آلاف سنة بعد بناء قدراتها ، و ثلاثة آلاف سنة بعد التخلي النهائي ، و الجدران الطينية من هذه الآثار الهائلة لا تزال ارتفع، في الأماكن، و أكثر من أربعين قدما فوق رمال الصحراء . مع أبو سمبل ، فإنها رتبة من بين الآثار قبل كل شيء إلى الشركة المصرية في النوبة أو في أي مكان آخر ، ولكن في حين أن أبو سمبل تم حفظ ، إلى اليونسكو و الائتمان في العالم، قد اختفى دون أن يترك أثرا الحصون تحت مياه النيل " . غرق أيضا العديد من المقابر التي من شأنها أن تعطي نظرة ثاقبة أكثر علماء الآثار والثقافة، و التقاليد النوبية . |
الفصل الأول : وصولى الى وادى حلفا فى 17 أغسطس 1958 وعندما كنت أقضى اجازتى ، تلقيت توجيهات من وزارة الداخلية للسفر الى ( وادى حلفا ) منقولا من مقر عملى فى مركز ( الزراف ) بمديرية أعالى النيل وحملت التوجيهات أوامر صريحة بالغاء ما تبقى من أسابيع الاجازة وأن أستقل أول طائرة من ( الخرطوم ) الى ( حلفا ) لاستلام ادارة المركز من زميلى السيد ( عبد السميع غندور ) الذى تم نقله الى الأستوائية . وفى 21 أغسطس استقبت طائرة الخطوط الجوية السودانية من طراز ( داكوتا ) وسرعان ما كنت أطير شمالاً فوق سماء ( الخروم ) الملبدة بالغيوم ، وكان طريق الطائرة يتابع مجرى النيل حتى ( كريمة ) فى رحلة – حتى هذه النقطة – كانت مريحة ومسلية . وكان منظر النيل والمدن الصغيرة والقرى على طول مجرى النهر والخضرة التى تحتضن الضفتين ، أمراً منعشاً جدا . وعندما عبرنا فوق ( كريمة ) تغير المنظر تماماً . فقد مضت الطائرة فى الفضاء الأزرق فوق الصحراء النوبية وغدا ما تحتنا أرضا جدباء وسهلاً رملياً رتيباً تتناثر فوقه جبال صخرية ممتدة الى ما لا نهاية . ولم تكن هناك مظاهر حياة أو حركة فى تلك المنطقة الشاسعة الا ما كنا نراه فى ظل الطائرة – من تحتنا – يتبعنا على الدوام . وبعد سبعين دقيقة من الطيران الذى لا يخلو من الرتابة والضجر فوق تلك الأصقاع الموحشة ، التقطت عيناي شريطا أخضر يشق طريقه عبر الصحراء الى امتداد الأفق . جلب هذا المنظر الراحة الى نفسى ، وأنبأنى الشريط الفضى الذى يلمع من بعيد الى أننا نقترب من النيل مرة أخرى والى أن رحلتى قد اقتربت من نهايتها . وبعد لحظات أنزلت ( الداكوتا ) عجلاتها ثم أخذت طريقها على المدرج ، وعندما توقفت الطائرة كنت أول ركابها على سلم الخروج واستطعت أن أري عددا من مستقبلي والأعيان ينتظرون مقدمى فى واجهة مبنى المطار ، وهرع لاستقبالى عبد السميع غندور ( مفتش المركز الذى سأخلفه ) بقامته المديدة الرشيقة و ( مختار التوم ) صابط البلدية ، وبعد استقبال حار وكلمات ودودة قدم لى ( عبد السميع ) بقية المستقبلين . كان تجمعا من الناس الممتازين الذين نشأت بينى وبينهم روابط صداقة قوية أثناء اقامتى ( حفا ) . من بين هؤلاء ( صالح عيسى عبدة ) ناظر المنطقة الشمالية للمركز وهو رجل بدين وصاحب وجه بشوش ، و ( أحمد شريف داؤود ) و ( مرغنى على ابراهيم ) رئيس المجلس البلدى . يقع المطار فى منتصف سهل مستو من الرمل الأبيض الخشن ومحاط بتلال صخرية منخفضة ذات لون داكن تتميز بانحدار حاد وفجوات سطحية تمتلئ بالرمال التى تجرفها رياح الشتاء العاتية . كانت الشمس قد استوت فى كبد السماء عندما هبطت بنا الطائرة وكان الجو حارا كعادة ما يكون فى أغسطس فى هذا الجزء من السودان ، هذه الشمس القاسية التى نشرت أشعتها الساطعة على الرمال البيضاء أحدثت سرابا خادعا غطى كل المناظر الطبيعية بأوهام من الرؤى القاتمة وعكس بوضوح كل شيئ على صفحته الزجاجية الكذوب . غادرنا أرض المطار الى المدينة بسيارة كانت ترتج وتتخبط على طريق مرصوف غير أنه وعر ، مما يؤكد أن يد الصيانة والتمهيد لم تمتد إليه منذ اعوام ، وبعد مسيرة عشر دقائق وعندما كانت السيارة تقترب من منحنى حاد ، رأيت بيوت قرية ( دغيم ) تمتد الى ضفة النهر . كان أحد أطراف القرية غائبا عن أنظارنا لأنه يقع خلف جبلين ينحدران تدريجيا نحو الطريق ، وبُنيت المنازل إما بالطين أو بالطوب الأخضر وأغلبها مطلي بطبقة خارجية من الجير الرملي مما أكسبها مظهرا داعما ، وكان لبعض المبانى ( فرندات ) ذات أقواس رومانية الشكل مما يجعلها تبدو حديثة بالمقارنة مع المنازل النوبية التقليدية التى تشبه القلاع ، وتشق القرية طرق واسعة تتفرع عنها أزقة ضيقة مغطاة بأكوام الرمل ، غير أنها نظيفة وخالية من الأوساخ . وينتصب عالياً خزان المياه ( الصهريج ) على أعمدة رمادية اللون ، كأوضح المعالم فى ذلك الجزء من القرية ، ويندر أن ترى شخصا فى ذلك الجو الحار من اليوم فكل شيئ يبدو فى سكون الموت إضافة الى أن اختفاء الأشجار والنباتات كلية يوحي بأنها قرية مهجورة تماماً – وفى الخلفية القصوى ينتظم خط كثيف من أشجار النخيل - محاذيا مجري النيل ومخفيا للنهر بجريده المتهدل ، ومن بعيد – وعلى الضفة الغربية – تبدو سلسلة من الجبال ذات قمم مستوية ، وكثبان رملية تتجه نحو النهر لا يميزها إلا منزل البروفسور ( أميرى – عالم أثار شهير كان يقيم فى هذه المنطقة ) الأبيض اللون والمطل على إطلالة مدينة ( بوهين ) القديمة وراء الأشجار الخضراء عند ضفة النهر . وعندما اتجهت السيارة يمينا برز لنا باقى القرية التي كان يشقها الطريق إلى نصفين ، وكان أبرز المباني على الإطلاق الجامع الكبير الذى قام على موقع متميز فى منتصف إحدى الساحات حيث كانت المئذنة تشرئب عالياً في السماء . بنى هذا الجامع ملك مصر المخلوع ( فاروق ) كإشارة ذات مغذى سياسي عندما كان مستقبل السودان يتأرجح بين الاستقلال والاتحاد مع مصر ، وبالقرب من هذا المسجد قامت مبانى المدرسة بمداخل ردهاتها ذوات القباب ، وفى زاوية الساحة وبالقرب من الطريق قبعت احدى الاستراحات المبنية من الطين لاستقبال المسافرين الذين ينتظرون القطار المتجه للخرطوم ، وعندما خلفنا وراءها تلك القرية الهادئة مررنا – فجأة بمشروع ( شارلى راشد ) السودانى ذى الأصل السوري الذى جاء والده فى معية حملة ( كتشنر ) كطبيب . كانت هناك أكواخ صغيرة من القش عند الحقل يسكنها الصعايدة مما يدل على أن الأيدى العاملة التى كان يستخدمها ( راشد ) ليس من بينها نوبيون ، وفى قبالة هذا المشروع الذى يروى بالمضخات وعلى الجانب الأيمن للطريق قامت بيوت خربة متلاصقة على رؤسها أعواد من الخيزران ثبتت عليها خرق ملونة تحركها الرياح معلنة أنها مكان بيع الخمور . هذا المكان يعرف بـ ( ديم جاكسون ) ولا شك أن ( هـ . س جاكسون ) الذى كان مديراً على مديرية حلفا أواخر عشرينات القرن العشرين ، قد قام بتخطيطه ، ومن خلفه على النقيض – قامت الفيلا الوحيدة فى دغيم والمملوكة لموظف نوبى يدعى ( محمد على ادريس ) . كانت القناة الرئيسية لمشروع ( شارلى ) تعبر الطريق على بعد ياردات قليلة الى ما بعد ( ديم جاكسون ) على الحدود الجنوبية لمدينة ( وادى حلفا ) . وبعد مسافة قصيرة الى جهة اليسار ، وجدنا أنفسنا فى أفضل مناطق المدينة عمرانا ، كان منزل المفتش ذو الطابقين بفرنداته المحاطة بسياج مزخرف ، يُرى من بعيد ، لقد تم بناؤه فى مطلع العشرينات من القرن العشرين وكان ظهره الى النهر وله حديقة واسعة ذات شجيرات مزهرة تم جلبها من انجلترا ، وعند المدخل الرئيسى تم نصب مدفعين عتيقين من طراز ( كروب ) تذكاراُ لحملة ( كتشنر ) ، وبالقرب من هذا المنزل وفى الجانب الجنوبى من الساحة قام مسجد من طراز عتيق مبنى من الطوب الأخضر ومطلى بالجير الأبيض ، وليس له مئذنة ولكن له قبة تقليدية – ذات نوافذ زجاجية – فى منتصف السقف ، وكان على المؤذن أن يصعد على منبر خشبى فى زاوية السقف حين يدعو ( حي على الصلاة ) ، وقد تم تشييد هذا المسجد فى عهد الخديوي المصرى ( اسماعيل باشا ) فى سبعينات القرن التاسع عشر ، وحمل اسمه . وفى غرب المسجد وعلى شاطئ النهر وفى ما بين منزل مفتش المركز وفندق النيل ، قامت ثلاثة منازل يقطنها بعض كبار الموظفين ، ولقد تم بناء فندق النيل – والذى كان يحتل مساحة واسعة حيث ينتهى الطريق جنوب المسجد – من طابقين وهو أفخر مبانى المدينة على الاطلاق ، فمنتصف الفندق يحوى الصالات وغرف الاستقبال ، بينما يضم جناحاه عشرين غرفة جيدة التأثيث والنظافة ، وواجهته مظللة بفرندات مقابلة لسياج الطابق الأرضى ، أما الطابق الأول فله شرفات تطل على حديقة جميلة تغطى كل المساحة الممتدة الى الشاطئ ، وفى الشتاء – حين يبدأ موسم السياحة – فان الممر الخلفى الذى يقود الى صالة الطعام يتحول الى سوق صغير لبيع مشغولات العاج والفضة وريش النعام والهدايا التذكارية السودانية ، وعلى شاطئ النهر ترسو بصفة دائمة الباخرة ( السودان ) التى كانت مملوكة لشركة ( توماس كوك وابنه ) امتداداً للفندق . والى شمال منزل المفتش تقع مبانى ( السردارية ) الشهيرة المكونة من اثنتى عشرة غرفة متجاورة بفرندة تمتد على طول تلك الغرف ، وكان الجنرال ( غردون ) يستخدم الغرفة الواقعة على الطرف الجنوبى ثم تحولت الى مقر اقامة لكتشنر باشا إبان فترة ما قبل إعادة فتح السودان ، ولأن ( كتشنر) كان سردار الجيش المصرى ، فان المبنى قد أخذ اسمه من هذه الرتبة العسكرية حسبما تسجل تلك اللوحة الرخامية التذكارية المثبتة فى جانب من المدخل ، وظل المبنى محافظا على حالة طيبة ، وكان مأهولاً بموظفى شركات الطيران العالمية عندما حللت المدينة ولكنه – مؤخراً – تم تخصيصه لموظفى مصللحة الطيران المدنى . نواصل .. مع عاطر التحايا . كان منزل المفتش ومبنى ( السر دارية ) يقعان على مقربة من ورش السكة حديد ذات الجلبة العالية حيث قامت سقائف فولاذية ضخمة تتم فيها صيانة القاطرات المتجهة الى الخرطوم وتزويدها بالزيوت . كانت منطقة الورشة مغطاة بالرماد الأسود والخطوط الحديدية وحظائر الفحم الحجرى وخزانات الوقود ، وتعج بالعمال الذين يرتدون ملابسا لطخها الزيت ، كانت الضجة اللا متناهية لسبك الحديد وخبطات ( المطارق ) الرتيبة وأزيز البخار ونفخة وصليل القطارات حين تتحول من خط الى آخر أو قطر وفك المقطورات ، يودى الى خلق ازعاج متواصل . وكانت ( الصافرة ) الكهربائية التى تطلق ما بين أوقات الراحة الرسمية أثناء ساعات العمل ، تضيف ازعاجاً آخر الى ذلك الذى يخيم على المنطقة . كان خط التحويل الرئيسى يعبر الطريق مباشرة من أمام بوابة منزل مفتش المركز ، ولم تنس سلطات السكة حديد أن تضع اشارتى انذار على جانبى الطريق لتوجيه سائق القطار بدفع البخار فى ( صافرة القاطرة ) ، فيسبب ذلك ازعاجا لا مثيل له ، ويفسر أطفالى هذه العادة التى لا تفتر بأنها تحية من سائقى القطارات لأبيهم المنهك الأعصاب ، وعلى الشاطئ خلف هذه الورش كان هناك مرسى واسعاً لصيانة البواخر التى تعمل فى خط الشلال ، ويضم المرسى رصيفين أكبرهما صندل فولاذي عائم والثانى ( مزلقان ) خرصانى ينحدر من الشاطئ الى قلب النهر وله عجلات تجرى على قضبان وبكرة كبيرة ذات حبال تستخدم لسحب البواخر والصنادل الى الشاطئ عندما تكون فى حاجة الى اصلاح . وهناك رافعان عملاقان يتحركان على خط السكة حديد ويطلان على الرصيف الخرسانى لشحن وتفريغ البضائع ذات الثقل العالى . وكانت هناك – دائما – أكثر من باخرة فى انتظار دورها لدخول هذا الرصيف النشط .. ويمكننى أن أرى ثلاث بواخر راسية فى انتظار دورها . وكل البواخر فى هذه الناحية تحمل أسماء فلكية ( الثريا – المريخ – الشمس – القمر ) وأسماء أخرى . وشذ عن هذه القاعدة اسمن واحد لزورق سحب قوي يسمى ( النوبة ) تم الاستيلاء عليه من الايطاليين فى البحر الأبيض المتوسط اثناء الحرب العالمية الثانية وجئ به عكس التيار الى ( وادى حلفا ) . وفى زاوية من زوايا الرصيف وبالقرب من الطريق قام مبنى ضخم من طابقين ويضم مكاتب مدير الحوض وموظفيه وقد تم إرساء حجر أساسه أثناء سنوات التحضير لإعادة فتح السودان وتم استخدامه وقتها كمستشفى عسكرى . وفى الجانب الشرقي من الطريق وبالقرب من حوض البواخر يصطف عدد من ( القطاطى ) يمثل النمط التقليدي لمساكن عمال السكة حديد ، وبعض مساكن موظفي السكة حديد يظللها صف من أشجار النخيل .. وهذه تم غرسها في الحقيقة بواسطة أسرى المهدية الذين نفوا الى ( وادي حلفا ) . هذه كانت المناطق المجاورة لمكان اقامتى وكان انطباعي الأول ، أن نقلى قد أحدث تغييراً بليغاً فى حياتى ، فقد انتقلت من منزل منعزل ومن مجتمع محدود فى ( فنجاك ) ، لأعيش فى قلب ورشة السكة حديد والمنطقة الصناعية بكل ضجيجها . كذلك فقد جئت من منطقة شبه استوائية مليئة بالمستنقعات ذات أمطار غزيرة الى منطقة صحراوية غير ممطرة . عندما دخلت المنزل كان خالياً تماماً ، فقد أخبرني (عبد السميع ) أنه كان حريصاً على إخلائه لدرجة أنه أرسل كل لوازمه وعائلته بسيقانه ، ألقيت نظرة سريعة على الغرف ، وسرنى أنني وجدتها واسعة بالمقارنة مع بيتي الصغير فى ( فنجاك ) وقد سحرتني في غرفة النوم رسومات ( ميكى ماوس ) ومجموعة الدببة ذات الملابس الزاهية وهي تعزف الموسيقى ، وعلمت أن هذه الرسومات من عمل زوجة أحد المفتشين الانجليز ، كان الطابق الأرضي فسيحاً ومريحاً مما دفع كل من سبقوني للاستغناء عن الطابق الأعلى ، ولهذا فقد حذوت حذوهم ، وبالنسبة لرجل مثلى قضى أربع سنوات ونصف في أدغال ( أعالى النيل ) ، فقد كانت المدينة المتمتعة بالكهرباء وبإمدادات المياه ضرباً من البدع . من هناك اتجهنا إلى المكتب ، وبعد مرورنا بمكاتب البواخر ، دخلنا ميداناً صغيراً يمتد ما بين كاتدرائية صغيرة في إحدى جوانبه ، ومحطة توليد الكهرباء والسجن من الجانب الآخر ، ورأينا اثنين من حراس السجن يجلسان باسترخاء أمام بوابة السجن ، بينما كان سبعة من المساجين يتناولون وجبتهم في ساحة السجن خلف البوابة المغلقة . ثم طرقنا أحسن شوارع المدينة والزى كان أيضا الأول من نوعه في البلاد. فعلى مسافة نصف ميل خف طريق الإسفلت بصفين من أشجار النخيل الكثيفة كأنها في اعتدالها مسطرة، وقامت سيقانها جنباً إلى جنب من استقامة كاملة وكان الجريد يتهادى برشاقة في مهب النسيم. لا شك أن الموسم كان طيبا كما يلاحظ من سبائط التمر القرمزي والأصفر المتهدلة من بين الجريد .. وفى وقت لاحق قمت بزراعة أحواض زهور عريضة على جانب الطريق كانت تزدهر فى الشتاء بألوان زاهية . وينتهى الطريق عند مبانى المركز . ثم شرعنا فى مسيرة متسارعة وقمنا بزيارة المصالح المحصورة فى مباني رئاسة المركز حيث تم تقديمي لكبار الموظفين . كان مبنى المركز يقوم فى شكل نصف دائرة تواجه النهر من الناحية الغربية وتواجه طريق النخيل من الشرق ، وكان الصف الرئيسي من المبنى يحوي مكتب مفتش المركز والكتبة والمساح ومكتب الزراعة . ويستخدم الجزء الجنوبي المأمور والمحكمة الأهلية والمحكمة الشرعية ، أما الجناح الشمالي فتحتله المحكمة المدنية ومصلحة الأراضي ، وكل المبنى مظلل بممر طويل يسير من مبتداه الى منتهاه ، وخارج المبنى تجاه النهر يقوم مكتب الشرطة بمخزن سلاحه الذي يخفره ليلاً ونهاراً حرس مسلح ، وتظلل منتصف ساحة المبنى أشجار عتيقة مورقة يلوذ بظلها جمهور الرجال والنساء الذين ينتظرون يوميا ما تتمخض عنه دعواهم أو لمتابعة القضايا المعلن عنها أمام المحكمة فى تاريخ معين . وهكذا انتهى يوم العمل الأول لوصولى ، وفى خلال الأيام العديدة التالية فرغت من زيارة ما تبقى من المصالح . الفصل الثانى – زياراتى للقري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
العنوان: السودان. وادي حلفا. عرض جوي. السرايا الحكومية، وعرض أقرب المبدع (ق): ماتسون صور الخدمة، مصور تاريخ الإنشاء / النشر: [1936]
الإغاثة الحجر الرملي تظهر Setau، وهو نائب الملك رمسيس الثاني صنع قربانا لRenenutet (الثعبان-آلهة). 19 اسرة من وادي حلفا، وربما كان في الأصل من بوهين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
Quote: الفصل الثانى – زياراتى للقري
في اليوم الرابع قررنا أن نسافر شمالا لزيارة النقطة الحدودية ( فرص ) وعندما عبرنا المدينة مررنا بقرية صغيرة يقال لها ( شيخ على ) تقع على حافة منحدر الجبل حيث تزرع أحواض قليلة فى اتجاه النهر ، وفى زاوية من زوايا القرية التقطت أبصارنا مئذنة حجرية لمسجد صغير ، ويفصل سهل امتد لمسافة ثلاثة أميال هذه القرية عن قرية ( الصحابة ) ذات المنازل الطينية المنتشرة عند سفح ( جبل الصحابة ) . كان ذلك الجبل نسيج وحده فهو يقع تماماً على نقطة عبور خط 22 للنيل وبالتالي فهو ذو أهمية سياسية ومساحية فضلاً عن أن اسمه قد جلب العديد من الروايات ، فقد قيل أن عدداً من المسلمين الصالحين قد زاروا هذه المنطقة فى فجر الاسلام وربطوا خيولهم فى قمة الجبل ولهذا فقد سمي جبل صحابة رسول الله محمد ( صلي الله عليه وسلم ) . كذلك فان الجبل قد انغلق عن نتوء فى سلسلة الجبال الرئيسية التى تشمخ بمحاذاة النهر ، ويسد الطريق أمام القطاع للسلسلة بحيث لا يبقى سوى فسحة تقدر بياردات قليلة تسمح بمرور الخط الحديدى وطريق السيارات ، ونسبة لوجود أكوام من الحجارة المكسرة عند سفحه ، فان هذا يعتبر دليلاً على أن المكان كان يوماً ما محجراً لأغراض البناء . وعند النظر من سفح الجبل الى جهة الغرب يشاهد المرء بوضوح قرية ( أرقين ) على الضفة الغربية بمدارسها وعياداتها الطبية التى اكتست حلة من الجير الأبيض . كما يشاهد غابة النخيل الكثيفة على ضفة النهر ، ومن جبل الصحابة وعلى بعد ثلاثة أميال عبر فضاء من الرمل يصل المرء قرية ( اشكيت ) . تمتاز ( أشكيت ) بمنظر بهيج خصوصاً لمن يراها أول مره ، وهي احدى أكبر مناطق النوبيين المأهولة فى القطاع الشمالى من المركز ، وكانت تقع فى نهاية المنطقة المروية لمشروع ( دبيرة ) الزراعى . كانت القناة الرئيسية للمشروع تبدأ من الطرف الجنوبى وتسير موازية للطريق المتجه الى دبيرة وكانت مضخات المياه تحمل على مراكب طافية قرب الشاطئ ، لقد خططت القرية على سهل منحدر وعلى سفح سلسلة من الجبال الصخرية التي تمتد جنبواً وشمالاً . والى الغرب ما بين القرية والنهر زرعت الأرض تبعاً للدورة الزراعية واستظلت بأشجار النخيل المتفرقة التى تتشابك ويزداد عددها كلما اتجهنا الى النهر حتى تصبح غابة كثيفة على الشاطئ ، كانت اشكيت قرية نموذجية من حيث انتمائها النوبى التقليدى ، وكل بيت يقوم كوحدة مستقلة عن جيرانه ، وغرف المنزل تحيطها أربعة جدران فى منتصفها ( صالة ) وأغلب المنازل لا تحتوي على أي نوافذ ، فيما عدا فتحات صغيرة فى أعالى الجدران وتحت مستوى السقف مباشرة ، والذى يتمدد على جدران من الطين القوي من القاعدة الى القمة تتخللها بوابة كبيرة من الخشب المحلى تغلق بمزلاج نوبى تقليدى ... هذا المنزل يعطيك الانطباع بأنه شبيه بقلعة عتيقة ويذكرني بنوع العمارة فى سجون وسط السودان . وفى المتوسط فان مساحة البيت تبلغ 400 متر مربع 20 م 20xم وبوابته تكون دائماً فى منتصف الحائط الأمامي وتفتح على صالة صغيرة مساحتها 3 4 xأمتار . ومن يمين أو يسار الصالة ديوان الضيوف وهو أوسع غرف المنزل وأحسنها أثاثاً ، وتجاور هذه الغرف حجرة نوم كبيرة تفتح على الصالة أما بقية غرف العائلة فإنها تقوم متجاورة حول حدود الحائط وهي فى المتوسط ثلاث غرف ، وفى الخلف يقوم المطبخ والمخزن . وعلى طول الحائط الخارجي الأمامي تقوم مسطبة عرضها متر واحد وارتفاعها نصف متر ومبلطة – مثل الحائط الرئيسي للمبنى – بالرمل الجيري الناعم . وتستخدم النساء هذه المسطبة فى مناسبات الأفراح والأتراح . ان تفرد ملامح المنازل في ( اشكيت ) يأتي من زخارفها التي تختلف عن مثيلاتها فى القرى الأخرى . فالجدران الداخلية للغرف وخصوصا غرف الضيوف تزخر بأشكال من الجير الملون أو بصحاف الصيني . كذلك يستخدم المحار والحصى الملون ، وفى بعض الحالات تكون الرسومات نباتات أو حيوانات أو أشكال هندسية ملونة . وفى بعض المنازل فان المحار والحجارة تصاغ لتعطى صوراً فسيفسائية أو حروفا ذات مغذى دينى مثلما هو الحال – فى أغلب الأحيان – فى تشكيل اسم الجلالة ، وعلى صفحات الأسوار المجيرة لبعض البيوت ، تقوم النساء الحاذقات برسم أشكال مزخرفة لأشجار النخيل والناس والحيوانات والفاكهة . هناك تخمينات عديدة حول نشأة طريقة زخرفة مداخل البيوت ، فبعض الدارسين يظنون أنها موروثة من تأثير الأساطير المصرية القديمة التى فقدت مغزاها الدينى بمرور الزمن حتى صارت مجرد زخرفة لا غير . واخرون – مثل السيد ابراهيم احمد – يعتقد أنها رقية لوقاية البيت وقاطنيه من ( العين ) . وفى العادة فان صحاف الصينى توضع بالضبط على عتبة مدخل البوابة فى شكل أربعة خطوط تمثل الحرف اللاتينى (M ) بالإضافة إلى صحنين يوضعان فوق الزاوية الوسطى للحرف لتعطى فى منظرها شكل قبة الضريح الذى ترفرف راياته من الجهتين ، وفى حالة فقراء الناس فان هنالك عدد أقل م الصحاف ، وفى بعض الأحيان لا يرى سوى صحن واحد مثبت فى منتصف العتبة العليا للبوابة ، وفى أحد المنازل هنالك بوابتان على الطريق الرئيسى ( لأشكيت ) تلفتان النظر بتميز خاص ينعكس من الزخرفة البديعة التى تتداخل فيها خطوط ( الجبص ) المرسومة باحكام فى شكل خطوط متعرجة بارزة ، وهذا النوع من الزخرفة يغطى مساحة عرضها متران فى جانب من جوانب البوابة ، بينما يتميز أعلى العتبة بنصف دائرة من التعرجات البارزة وهلال ونجمة ، وهذه النتوءات الجبصية البارزة يتم طلاؤها بالجير الأبيض أو الملون . وهناك صانعان ماهران هما ( حسن عرابي ) و ( أحمد بتول ) معروفان فى هذه المنطقة بصناعة هذه الزخارف البديعة وكلاهما ينسب الى قبيلة العقيلات (1) فى مصر ، لكنهما يقيمان فى هذه المنطقة ، وهما يقومان أيضاً بعمل الزخارف الداخلية – غالباً – فى غرف الضيوف بالبيوت النوبية (2) ، ويحتل منتصف القرية مبنى ضخم ذو طابقين تملكه أسرة ( أيوب ) وهي من أكبر الأسر فى ( أشكيت ) وتم بناؤه على الطراز الحديث ويتميز بأقواسه الرومانية . يفصل ( أشكيت ) عن قرية دبيرة ( أكثر القري سكاناً فى شمال المركز ) فضاء رملي ضيق ، وهي حقيقة الأمر مجموعة من القري المتلاصقة المنتشرة فى ما بين سلسلة التلال من الناحية الشرقية والنيل ، فالجزء الأوسط حيث ( دبيرة ) الأصلية يقع عند أسفل التلال الممتدة فى انحدارها نحو الطريق الرئيسى وخط السكة حديد . هنا يبرز منزل الناظر صالح عيسى عبده ( صالحين ) الجميل الضخم والمبنى من الصخر الرملي بفر نداته الفسيحة وسقفه الاسمنت . وهو أكبر المنازل فى هذه الناحية ويغطى مساحة من الأرض تفوق الفدان . والى الشمال من هذا المنزل صفان طويلان من شجر النخيل يسيران متوازيين نحو الغرب وبينهما القناة الرئيسية القديمة لمشروع ( لويزو ) المروي . أما منطقة ما بين الطريق والنهر فقد كانت سهلاً منبسطا يظل مخضرا طوال العام بمنتجات الدورة الزراعية وبساتين النخيل حيث تنتهى – كالعادة – عند ضفة النهر بغابات كثيفة من شجر النخيل . وهنا يمكن رؤية المبنى المهجور لمضخة مشروع لويزو بمدخنته العالية المبنية من الطوب الأحمر ، والى الجنوب الغربى لدبيرة – وفوق سهل مرتفع من الحصي – تقع قرية ( الحصا ) التى يبدو أنها قد استمدت اسمه منه وحول القرية يمتد سهل فسيح أخضر طوال العام لكنه يخلو من أشجار النخيل ، فأشجار النخيل التى تمتلكها القرية توجد فى الناحية الجنوبية قرب قناة المشروع وعند شاطئ النهر ، وفى أقصى شمال ( دبيرة ) تلقاك قرية ( هاجر ) التى تنتشر بيوتها عند أسفل الجبال الى حدود المنطقة المزروعة ، وهكذا فانها تحتمى جيدا بظلال النخيل ، والى الشمال من هاجر تقع أطلال دبيرة القديمة معروسة فى الرمال قرب شاطئ النهر . بُنيت كل المنازل فى قرى دبيرة على الطراز النوبى التقليدى وأغلب مداخل البيوت مزخرفة بصحون الصينى لكن شكلها لا يرقى الى زخرفة اشكيت ، والى الشمال قليلاً من هاجر تقع ( سره شرق ) وبما أن مشروع دبيرة الزراعى ينتهى عند ( هاجر ) ، فان على سكان ( سره ) أن يعتمدوا كلياً على السواقى لري أراضيهم . وهم يملكون – نسبياً – أرضاً زراعية ضيقة وعددا من أشجار النخيل بالمقارنة مع القرى الجنوبية ، فالقرى مثل اشكيت ودبيرة تقوم على أرض مرتفعة عند أسفل المنحدر وتنتشر منازلها الى أسفل فى اتجاه الطريق الرئيسى حيث تقف أيكة من أشجار التبن البرية العملاقة لتحجب حدودها الغربية عن الأنظار . والى الشمال من ( سره ) ينحرف الطريق شرقا ويمر – تقريبا – فوق قمم السلسلة المنخفضة من التلال . ويبدو منظر النيل من هنا مدهشا ، وفيما عدا الشريط الزراعى الضيق على طول الضفتين بالإضافة الى منازل النوبيين وربما زوج من الفلوكات ( مراكب شراعية صغيرة سريعة الحركة ) تسبح بأقصى سرعتها ، فان المشهد ليس سوى قفز رملى وتلال صحراوية تمتد حتى الأفق . وبعد مسيرة عشر دقائق بالسيارة يصل الراكب الى ( فرص شرق ) ذات المنازل المنتشرة على المنحدر المتجه نحو النهر . وفى طرفها الشرقى يقف مسجد القرية المبنى بالطوب الأخضر بمئذنته المنخفضة ونوافذه المقوسة التى جعلتنى لأول وهلة أظنه برجا لمراقبة الحدود . يعتمد السكان هنا كليا على زراعة أرض ( جزيرة فرص ) الواقعة فى منتصف النهر قبالة القرية وهي جزيرة دائمة الخضرة تتخللها مجموعة من أشجار النخيل بينما تدير الثيران سلسلة من السواقى لري الحقول الخضراء ، وعلى بعد أربعة أميال شمال فرص تنتصب نقطة الحدود على قمة تل صغير يخفق فوقها علم السودان عالياً . وتتكون النقطة من مخزن للسلاح والذخيرة ومسكنين لرجال الجيش والشرطة الذين يحرسون الحدود ، وفى أسفل ذلك التل تقبع خرائب كنيسة قديمة بنى نصفها بالحجر ونصفها الآخر بالطوب الأخضر وعلى منتصف حائطها الغربى تم تثبيت إشارة طريق تحمل الحرفين اللاتينيين S-E ( ترميز للسودان ومصر ) وهكذا تفصل الكنيسة بين نقطتى الحدود وعلى الضفة الغربية توجد علامة مماثلة فوق الأرض على بعد مائتى ياردة من حيث كنا نقف ، وعبر وادِ رملى ضحل ، كان يمكننا أن نري نقطة الحدود المصرية ذات الغرفتين وخيمة التفتيش يرفرف عليها العلم المصرى ، وعبر الدود يمكن رؤية قرية ( أدندان ) بأدق التفاصيل من نقطة حدودنا ، وهي مبنية على نفس طراز ومستوي ( فرص ) مع احتمال زيادة فى أعداد أشجار النخيل وسعة الأرض الزراعية . تبدأ قرى الضفة الغربية بـ ( فرص غرب ) فى الشمال ، وهي قرية صغيرة وأشد قرى القطاع الشمالى فقراً ، فأراضيها الزراعية شحيحة وأشجار نخيلها معدودة والمبانى ذات مستوى متدن تقوم غالباً فوق كثبان الرمل ، وليس هناك حزام شجري يحمى القرية من الرياح الشمالية التى تحمل اليها سحبا من رمال الصحراء ، وعلى مسافة قصيرة غرب ( فرص ) يوجد منخفض من الأرض تنساب اليه مياه النهر وتتراكم لتخلق مستنقعا صغيراً . ولأن مياه هذا المستنقع مالحة فان هذا يدل على وجود ترسبات لمعادن مالحة تحت الطبقة الأرضية للقرية ، ونسبة لخلو القرية من الزراعة ، فقد برع أهلها فى تسيير المراكب وركوب الابل ، والحرفة الرئيسية هنا هي نقل البضائع بالمراكب من والى بلادنا ( الواقعة على الحدود المصرية ) . والى الجنوب من فرص توجد سره غرب ، فدبيرة غرب ثم عكشة وكل هذه القري تقريبا تشبه شرق سرة شرق مع احتمال ندرة فى الزراعة وأشجار النخيل ، ومن الملاحظ أ، الكثبان الرملية تختفى تدريجياً فى اتجاه الجموب حيث تنعدم عند القرية الكبيرة ( أرقين ) . ان قرية ( أرقين ) هي احدي اكبر المناطق المأهولة بالسكان في القطاع الشمالي للمركز وتأتى في المرتبة الثانية بعد ( دبيرة ) لكنها أكبر قرى الضفة الغربية ، وهي عنقود من ثلاث قري متجاورة تكون في مجموعها أكبر المناطق السكانية في المركز وهذه القري الثلاث هي ( أشاويركى ) و( سيلادوس ) و ( شاركوتاري )وقد بنيت علي منحدر صخري متدرج مواز للنيل ويفصلها عنه حزام زراعي يروي بالسواقى أو المضخات ، أما المنازل فتصعد تدريجيا منظمة في صفوف ، فيراها الناظر من الجهة الشرقية عند جبل الصحابة ( خاصة المنازل التي في الواجهة ) بوضوح من أساسها وحتي سقوفها وتبدو ضفة النهر مغطاة بغابة نخيل كثيفة تمتد الي مسافة ثلاثة أميال تقريبا جعلت أبناء ( أرقين 9 يفخرون بما يملكون من النخيل ويطلقون على قريتهم ( عروس النخيل ) . وبالرغم من أن النوبيين – عموماً أناس مؤدبون ، إلا أن أبناء أرقين يمتازون بشهور مرهف تجاه الآخرين ومستوي تعليمهم أعلى من بقية سكان القطاع الشمالى حيث يأتي مباشرة بعد قرية ( دغيم ) وذلك قياسا على كل المناطق الريفية للمركز .
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
للعلم فقط تعداد سكان العاصمه في ذلك الزمان كان 350000 فقط
Quote: الفصل الثالث – وصف مدينة ( وادى حلفا )
تقع مدينة ( وادى حلفا ) على الضفة الشرقية لنهر النيل وتستلقي على منهل منبسط يتوسط سلسلة من الجبال المنخفضة من جهة الشرق والنهر وباستثناء ارتفاع طفيف عند حافته الشمالية فان هذا السهل مستو ويميل قليلا فى اتجاه النهر .والتربة عموما من الطمى الأسود الذى تغطيه غلالة من الرمل الناعم . والسلسلة الجبلية تمتد من الشمال الى الجنوب بما يبعد أربعة أميال من النهر عند طرفها الجنوبي ، ثم تضيق حتى تتراجع الى مسافة ميل واحد عند حدودها الشمالية . وكانت المنطقة السكنية مقسمة الى قطاعات قبلية أو أهلية فالسكان الذين يقطنون المدينة والبالغ عددهم ( 11000 ) نسمة موزعين على الأحياء بتنوع عرقى فريد . فالمنطقة الواقعة شمال السوق وحتى ( دبروسة ) كانت سكنا للتجار من ذو الأصل السوري والمصري والذين أقاموا هناك منذ خواتيم القرن التاسع عشر . وكانوا أغنى قطاعات المجتمع وكانت منازلهم – غالباً – مكونة من طابقين وتحتل كل المساحة الصغيرة المخصصة لها بحيث لا يبقى متنفس منها بين الغرف المتلاصقة ، وهي مبنية بالطوب الأخضر المطلي بالجير فتبدو وكأنها من الحجر . أما الأبواب والنوافذ التي أكلتها ( الأرضة ) فعتيقة. أما الشرفات المزخرفة بالخشب المطلة على الأزقة الضيقة فتضفى مسحة تركية على كل المنطقة ، ويحتل مسجد ذو مئذنة عالية – بناه الخديوي توفيق – موقعا يشرف على مجرى النهر ، هذا الحي كان يطلق عليه ( التوفيقية ) مما يتضح أنه نشأ على عهد توفيق باشا . وتشغل مدرسة مصرية بالقرب من الكنيسة القبطية ومباني المجلس البلدي – المساحة الواقعة الى الشمال من هذه المنطقة . وسوق (حلفا) هو أبرز معالم المدينة قاطبة ويشغل المساحة ما بين محطة السكة حديد والتوفيقية ويتكون من 400 دكان قائمة فى خمسة صفوف من الشمال الى الجنوب تربطها أزقة ضيقة . ومباني الدكاكين غالباً حجرية وبلا مظلات تقى المشاة أو التجار حرارة الشمس ، وبعضها خاصة تلك التى تواجه الغرب تحتمى بحواجز مصنوعة من ألواح الخشب العتيق المثبت أعلى عتبة الباب وقد تركت تتدلى بحالة يرثى لها . ومؤكد أن السوق على كل حال يعتبر مركز حركة المدينة كلها وهو يمور بالمشترين والباعة كما يكتظ بالبضائع . وفى الحقيقة فهو يحوى من البضائع بما يفوق سعته كما يرى من السلع المكدسة على أرضية أغلب الدكاكين والتى تملأ أيضاً الرفوف حتى السقوف ، فتجار الأقمشة السوريون يتعاملون فى كافة أنواع المنسوجات بدءا بالصوف الانجليزي والنايلون وانتهاء بالدمورية وأنواع الأقمشة الشعبية ، والتجار المصريون تمتلئ متاجرهم بانية الطبخ والأدوات المنزلية وحاجيات الاستهلاك المتنوعة ( البقالة ) ، أما التجار النوبيون فيتعاملون فى السلع المتعددة التى يحتاج إليها الإنسان فى حياته اليومية ، وفى أركان السوق توجد المقاهي ذات الأساس الردئ – فى أغلب الأحيان – وأجهزة الراديو المفتوحة ( على الآخر) .. هنا يلتقى المهربون والمتبطلون ويتقاطر متصيدو الأخبار على محطة انسهم اليومى بينما يتصاعد دخان التبغ من فوهة الشيشة التركية وهذه المقاهي تهيئ مناخا خصبا للإشاعة لتبيض وتفرخ . بالإضافة الى هؤلاء التجار المتنوعين فان السوق تعج بالاسكافيين والنجارين والحدادين وبائعي ( الأناتيك ) والخياطين وبائعي الفاكهة وتجار الغلال الذين يصدرون التمر الى مصر ويشتغلون كوسطاء في بيع السلع المختلفة . وفى الطرف الشمالي من السوق تنهمك المخابز فى إنتاج الخبز وتدور المطاحن بدقيق القمح والحبوب أما جزارات اللحم وعرائش بيع الخضروات فتقع فى زاوية السوق الشمالية الشرقية . وهذا الجزء من السوق مزدحم على الدوام وشديد الضوضاء صباحاً . فالقصابون يصيحون بأعلى أصواتهم ينادون جمهرة المتسوقين الذين يمرون أمامهم بسلالهم الفارغة . ويتعارك باعة الخضر حول كمية من الطماطم والبطيخ وحزم الملوخية التى نزلت لتوها من فوق ظهور حمير المزارعين بينما يتصايح باعة الخبز والدواجن والبيض لجذب المشترين وينادى باعة الشاي على سلعهم بتحريك الأكواب بين أصابعهم فى ايقاع كما يفعل الراقص الأسبانى اضف الى كل هذا نباح الكلاب الضالة حول الجزارة وصياح الدجاج والبط ونهيق الحمير وضوضاء المطاحن الشديدة . وفى الحقيقة فان هذه الفوضى الشاملة هي التى تجعل كل شخص يناضل لاسماع صوته للآخرين .
وعلى ضفة النهر وفى الطرف الغربى للسوق تقوم منطقة الفنادق والمطاعم والحانات ووكالات السياحة . وعند مدخل الطريق الرئيسى فى الطرف الجنوبى تبرز مبانى المدرسة الحكومية الوسطى بداخليتها ذات الطابقين . وفى شرق السوق يوجد ميدان فسيح يستخدم فى الاحتفالات الوطنية وهذا الميدان يفصل السوق عن حي أركويت الذى يقطنه – عموما – العليقات ( العقيلات ) والكنوز والأسر ذات الأصول المصرية . ومنازل ( على حسب الله لاشين وعبد الغنى على موسى وعبده أحمد سليمان وشوربجى آدم ) ذات الطابقين هي أبرز المباني فى هذه المنطقة وبقية وبقية المساكن مبنية من الطوب الأخضر المبلط بالرمل الجيرى ومطلى بالجير الأبيض . وفى الطرف الشمالى لهذا الحي تقع مساكن الشرطة ذات السقوف المقببة . وفى الطرف الجنوبى يشمخ ضريح ( سيدى ابراهيم ) على الحدود الشمالية للمقابر . وسيدى ابراهيم الميرغنى هو : ( السيد ابراهيم بن السيد المحجوب بن السيد محمد سر الختم بن السيد محمد عثمان الختم – المترجم ). هو ( ابن عم السيد على الميرغنى زعيم طائفة الختمية ) الذى توفى فى وادى حلفا وهو فى طريقه الى القاهرة .أما المدرسة الأهلية الوسطى ذات المعمل ذى المبنى الرائع ، ودار السينما ذات الشاشة العريضة المقوسة فيقعان أيضا فى الطرف الجنوبى لهذا الحي . والى الجنوب من هذا الحي وفى مواجهة المستشفي ومبنى المركز تماما يشهد المرئ البنايات الجديدة لحي ( العباسية ) المبنية من الحجر بنوافذها الضخمة ذات الأقواس والخالية من الخشب والتى فتحت على الحائط الخارجى . ومن خلف هذين الصفين من منازل ( العباسية ) الأنيقة ، يقع حي ( التبس ) ببيوته الطينية المزدحمة التى ما هي الا صورة للبؤس . وهذا الحي فى الغالب تسكنه بعض أسر الكنوز والعمال من غير الأصول النوبية السودانية . والى الغرب من هذا الحي وعبر الطريق الرئيسى ، يمتد ( حي عثمان 9 المبنى بذات المستوى البائس يقطنه خليط شبيه لسابقه من السكان . والى الشمال قليلا من أركويت – وبانحياز قليل جهة الغرب – يمتد حي ( البصاولة ) على مدى ميلين كأكبر أحياء المدينة ، ولأن سكان هذا الحي يفوقون سكان بقية المدينة عددا فقد سار عليهم لقب ( الروس ) وكان الأجدر أن يطلق عليهم ( الصينيون ) . وهؤلاء جميعهم كانوا من المصريين الذين هاجروا من صعيد مصر ليجدوا عيشاً سهلا فى ( وادى حلفا ) فاستقروا هناك وتجنسوا بالجنسية السودانية . وهم طبقة مجتهدة ولذا فقد كان أكثرهم يمتهنون أعمالا يدوية شاقة فى السوق وفى المصانع الحكومية . فبعضهم من صغار التجار وقليل منهم من أغنيائهم وبما أنهم قد جاءوا الى ( حلفا ) خلال الأربعين عاما الأخيرة ، فما زالوا يتمسكون بمظاهر الحياة التقليدية للفلاحين المصريين . ومنازلهم ضيقة وغالبا ما يبيتون فى الطرقات الرملية صيفا ولا يأوون الى غرفهم المحدودة الا فى الشتاء .وتقاليد السكن عندهم صعيدية تماما فدواجنهم وبطهم وأوزهم وغنمهم وحمامهم يقاسمهم السكنى . وعند المرور بأي شارع فى حي ( البصاولة ) فان المرء لا يخطئ رائحة الدواجن المختلطة برائحة الخبز الحار ، تداهمك كلها فى نفحة واحدة .غير أن أكثر المبانى تميزا هنا منازل ( حاج زيدان ) و ( سيد حامد ) فهما من علية القوم . وبالرغم من أن البصاولة غير محبوبين من قبل النوبيين ، لكننى وجدتهم مهذبين وواقعيين ومجتهدين ، وخلال اقامتى فى ( وادى حلفا ) لاحظت رابطة الدم التى تجمع بين بصاولة ( وادى حلفا ) وبصاولة ودمدنى ( المدينة التى تقع فى وسط السودان ) فوجدت أن المجموعتين فى الأصل قد هاجرتا من ( بوصيل ) وأحياناً تعرف بـ ( بصيلية ) فى صعيد مصر وانحدرتا من أصل واحد . والى الشمال من حي ( البصاولة ) بمحاذاة الشاطئ يقع حي ( دبروسة ) منفصلا عن حي ( التوفيقية ) بملعب كرة القدم وبمقبرة صغيرة وبحديقة المركز المثمرة وبنادى الموظفين ونادى الشرطة . وكان ها الحي هو أصل مدينة ( وادى حلفا ) ويرجع تاريخه الى ما قبل نشأة ( التوفيقية ) فقرية ( دبروسة ) كانت معروفة قبل أن تبعث مدينة ( وادى حلفا ) الى الوجود ، وهذا ما يؤكد أن هذا الحي هو الوحيد من جملة أحياء المدينة الذى لا يسكنه غير النوبيين . فأغلب المنازل مبنية من الطين على الطريقة النوبية الا قليل جدا منها بنى على الطراز الحديث . وبما أن هذا الحي يمتد بعيدا عن السوق فقد نشأ المجلس البلدى فيه سوقا صغيرا لمقابلة احتياجات المستهلكين اليومية . حتى عام 1946م كانت ( دبروسة ) تقوم على شاطئ النهر ، لكن عندما حدث الفيضان فى ذلك العام غرقت كل المنازل فاضطر الأهالى الى الانتقال بعيدا والسكن فى الأماكن المرتفعة . وتحول موقع القرية القديم الى رقعة زراعية تنتج أنواعا من المحاصيل . وصارت غابات النخيل الكثيفة قبالة شاطئ النهر معلما على ذلك الموقع . والى الشرق من ( دبروسة ) والى الشمال من حي ( البصاولة ) يمتد حي ( الجبل ) أفقر أحياء المدينة والذى لا نجد فيه إلا قليلا من المنازل ذات المستوى المتميز عن باقى سكن الأهلين . فأغلية المنازل بائسة ومحصورة وضيقة كأبراج الحمام ، وسكانها تجرى فى عروقهم الدماء الزنجية من سلالة الفرقة السودانية التى كانت ترابط فى (القيقر) - (القيقر: يعنى الحصن المرتفع – المترجم ) أثناء سنوات الاستعداد لإعادة فتح السودان . وقد حافظوا على بعض تقاليدهم الأصلية مثل رطانتهم وغنائهم ورقصتهم الشهيرة التى تعرف بـ : ( الكمبلا ) . وخلف الجبل هناك مقبرة صغيرة ثم هناك مشروع ( محمد على إبراهيم ) الزراعي الذى يغطى المساحة ما بين الجبل ( ومعسكرات ) الجيش الواقعة على الحدود الشمالية للمدينة .
|
الفصل الخامس : أرض النوبة وسكانها الفصل السادس : السمات الشخصية للنوبيين المعاصرين الفصل السابع : اقتصاديات الأرض فى بلاد النوبة الفصل الثامن : السد العالى وردود الفعل الأولى الفصل التاسع : الاحصاء ومشكلة التعويضات الفصل العاشر : اختيار موقع اعادة التوطين ( العمل الميدانى ) الفصل الحادى عشر : اختيار موقع اعادة التوطين( القرارات وردود الفعل ) الفصل الثانى عشر : بدايات بناء الوطن الجديد الفصل الثالث عشر : معالجة قضية التعويضات الفصل الرابع عشر : اعداد برنامج تهجير السكان الفصل الخامس عشر : أثر التعويضات على الشعور العام (1) الفصل السادس عشر : تشييد منطقة اعادة التوطين الفصل السابع عشر : أثر التعويضات على الشعور العام (2) الفصل الثامن عشر : الرحلة التاريخية للباخرة ( الثريا ) عبر الشلالات
نواصل الفصل التاسع عشر : اللمسات الأخيرة لما قبل الرحيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي وادي حلفا قبل الهجرة (Re: عرفات حسين)
|
الفصل التاسع عشر : اللمسات الأخيرة لما قبل الرحيل
Quote: بالرجوع إلى المواقف في وادي حلفا – في أعقاب رحلة ( الثريا ) إلى الخرطوم – فقد تابع الأهالي وشخصي بقلق أنباء مسيرة البناء في خشم القربة حيث وجدت الشائعات أرضاً خصبة لتبيض وتفرخ ، فاقترحت على اللجنة إذاعة برنامج أسبوعي من راديو أم درمان لتوضيح التقدم الذي تحرزه عملية الإنشاءات وبث المعلومات المتعلقة بمنطقة إعادة التوطين حتى يتمكن الأهالي من متابعة ما يجرى في وطنهم الجديد . ووجد اقتراحي قبولاً وبدأ تقديم برنامج يحتوي على أخبار متنوعة عن خشم القربة ووادي حلفا . وحالما بدأت إذاعة البرنامج اتضحت الرؤية للأهالي وأخذت الشائعات تتواري . واستمر حالنا على هذا الوضع الطيب إلى أن لُفت نظري – منتصف وبلا سابق إنذار – إلى أن اللجنة الوزارية قد أرجأت موعد التهجير – هذه المرة – ليناير 1964م . فتسببت هذه الأنباء في هبوط روحي المعنوية إلى الحضيض . واستغرب الأهالي – أيضاً للتبديلات المتتابعة لمواعيد التهجير فبدأوا ينتقدون التخبط الذي اعتري قرارات الحكومة . وعندما اتصلت بزميلي السيد عثمان حسين بخشم القربة ، كانت وجهة نظره المواقف هناك غير مشجعة على الإطلاق . فشعرت بإحباط لم يسعفني لأحد حيلة أشبع بها فضول الأهالي . وفى خواتيم أكتوبر ، وقفت على تقرير بعثت به وزارة الري إلى رئاسة السكة حديد بعطبرة يشير إلى كل المنطقة المأهولة من فرص وحتى ( جمي ) ستغمرها المياه مع أول مخزون لها خلف السد العالي ، وذلك ابتداء من فيضان العام المقبل ، وأرسل التقرير للسيد الدر ديري الصاوي مفتش السكة حديد بوادي حلفا الذي أطلعني عليه مشكوراً فلاحظت أن أي نسخة منه لم ترسل إلى رئاسة لجنة إعادة التوطين بالخرطوم ، ولحسن الحظ فقد كان اطلاعي عليه قبل يوم واحد من مغادرتي إلى الخرطوم في زيارة قصيرة وعند وصولي إلى هناك أكد لي السيد علام أن المعلومات التي جاءت بالتقرير كانت صحيحة ، ولاننى كنت على علم بالوضع المتعلق بموقف حركة البناء في منطقة إعادة التوطين ، فقد تملكني قلق عظيم . وحاورت السيد علام – حول الموقف ولفت نظره إلى المصاعب التي تنتظر الأهالي في حالة عدم الاكتمال بناء المنازل في الوقت المضروب . فان التهجير تحت ظل الظروف الماثلة يحتاج إلى ثمانية أشهر على أقل تقدير . أما إذا تأجل إلى ما بعد ذلك ، فان تهجير السكان لن يكتمل قبل حلول الفيضان . وشاطرني السيد علام هواجسى بأن ذلك متوقع . وفى آخر الأمر وجهني بأن أبحث عن خطة بديلة لإيواء الأهالي – مؤقتاً فى الأماكن المرتفعة قرب القري المهددة بالغرق الى أن يكتمل بناء منازلهم بخشم القربة . وعلى الرغم من ادراكى لعدم امكانية تطبيق هذا الاقتراح ، فقد رأيت أنه من الأفضل أن أرفع به تقريراً وافياً الى اللجنة عند عودتي إلى وادي حلفا . وفى 7 نوفمبر كتبت تقريرا مطولا عبرت فيه عن مخاوفي وشرحت المخاطر التي ستحدق بالأهالي إذا لم يتم التهجير قبل أن تغرق المنطقة ويجد القاري – أدناه – النقاط الرئيسية لذلك التقرير . إن المناطق التى يتهددها الغرق – تواً – تشمل تسع عموديات ويبلغ مجموع سكانها 33000 شخص ، وهذا الرقم يقترب من ثلاثة أرباع سكان المنطقة المتأثرة بمياه السد العالي . وقد تم تقدير أمتعتهم بحمولة ثلاثة وستين قطاراً .. هذا باستثناء مواشيهم. فإذا لم يتم تخزين تلك الأمتعة بطريقة سليمة ، فإنها ستتعرض للتلف والخراب . أما ايواء أولئك المواطنين مؤقتاً ، فقد كان يعنى الشروع فى تنفيذ عملية متكاملة بالمناطق المهددة يتم من خلالها نقل ممتلكات الأهالي الى مواقع لا تستطيع السيارات الوصول إليها ، فضلاً عن أن احتياجاتنا من الخيام تقدر بـ 7000 خيمة كان من المشكوك فيه الحصول عليها . ستغمر المياه الطرق الرئيسية بالضفتين الشرقية والغربية مما يجعل من المستحيل علينا الاتصال بالمخيمات . كذلك فان المواصلات النهرية ستكون غير عملية نظراً لأن المنازل المنهارة وغابات النخيل المتشابكة ستكون عائقاً للملاحة فى مساحة واسعة قبالة الشواطئ المتاخمة لتلك المخيمات . وسيبقى الأهالي كاللاجئين الذين فقدوا مأواهم ووسائل كسبهم معرضين دوماً للجوع والفاقة . وستنفق ماشيتهم من الجوع بسبب انعدام قشة خضراء . يضاف إلى كل ذلك حرارة يوليو وأغسطس الحارقة التي ستكون فوق الاحتمال ما لم يتوفر الظل الكافي . وستهدد الوضع الصحي انعدام المراحيض المناسبة والافتقار إلى الصرف الصحي الضروري ، فيتوالد الذباب الذي – بدوره – ينشر الأمراض . وستجرف المياه المتدفقة كل المقابر ومراحيض القري فتتحلل المواد العضوية وتتكاثر ، مما قد يؤدي إلى حالات وبائية لأمراض مهلكة مثل التيفويد والكوليرا . ولأن كل الأهالي سيواجهون أخطاراً جسيمة قد تؤدي الى خسائر فى الأرواح والممتلكات ، فإنهم سيعانون معنوياً ، وهذا بدوره سيؤدي الى احتقارهم لكل العمل الجليل الذي تبذله الحكومة من أجلهم . وفى ختام التقرير طرحت اقتراحين على اللجنة لتجنب الوضع غير المستحب الذى كنا نتوقع . فإما أن تتصل حكومة السودان بالجمهورية العربية المتحدة لتأجيل برنامج التخزين مدة ستة أشهر حتى يكتمل بناء المنازل بخشم القربة ( رغماً عن أن الاستجابة لهذا الالتماس كانت تبدو بعيدة ) ، وإما أن تعلن حالة طوارئ خاصة تهدف الى إيقاف عمليات البناء فى مديريات القطر وتوجيه كل البنائين والصناع ورؤساء العمال الى خشم القربة للمساعدة فى حركة إنشاء القري . وحالما تسلم السيد علام هذا التقرير – وقد كان يشاطرني التعاطف مع النوبيين – أطلع اللجنة الوزارية على محتوياته . ونسبة الى أن الحكومة المصرية كانت مقيدة ببرنامج تخزين صارم ، فقد رفضت – بالطبع – التماس التأجيل . ووجدت اللجنة الوزارية نفسها وجهاً لوجه أما ضرورة إيجاد وسيلة أو أخري لحل المشكلة . وفى 10 ديسمبر تلقيت دعوة لحضور اجتماع للجنة الوزارية يعقد فى الخرطوم خلال أربعة أيام من هذا التاريخ . وحضر الاجتماع – أيضاً السادة علام حسن وعبد الله شداد نيابة عن المهندسين الاستشاريين ومعتمد التعويضات . وقد قدم السيد شداد شرحاً مفصلاً عن موقف الإنشاءات بخشم القربة قرية قرية ومقاولاً مقاولاً . فاتضح أن العمل – عموماً – كان يسير ببطء وأن الوضع بدأ غير مشجع إلا أنه لم يكن ميئوساً منه تماماً . وانتهى إفادته بالقول أن العمل يحتاج الى شهرين لإتمام منازل الفوج الأول من المهجرين ، ولذلك التمس تقديم تاريخ استلام تلك المنازل ليكون فى مارس وقد سانده – فى ذلك – معتمد التعويضات الذي أعرب عن عدم اكتمال قوائمه وعن احتياجه لمدة شهرين كي يراجعها ويحيلها للصرافين . وجاء دوري فى الكلام ، فحدثت الاجتماع صراحة بأن التاريخ المحدد قد تم تغييره ثلاث مرات ، مما هز ثقة الأهالي – أصلاً – فى قرارات الحكومة وتقديراتها . ثم أن كل الأهالي الذين سيفوجون فى المرحلتين الأولى والثالثة للتهجير ما زالوا ينتظرون – فى وضع متأرجح منذ يوليو وقد حزموا جزء من أمتعتهم وتهيأت أمزجتهم تماماً للرحيل الى وطنهم الجديد . يضاف الى كل ذلك – وتبعاً للبرنامج النهائي الذي وضعناه للتهجير والذي كان فى أصله مزدحماً – فان إخلاء المناطق المهددة بالغرق يحتاج إلى ثمانية أشهر كاملة ليس من بينها شهر رمضان . وفى هذا التاريخ فان وادي حلفا – ذاتها – تكون على وشك أن تختفي من الوجود . ومن هنا فان أي تأخير فى البرنامج ستكون له عواقب وخيمة كما أن أي معاذير جديدة لن تلقى القبول . نواصل - مع عاطر التحايا . ساند اللواء عروة والسيد علام وجهة نظري ووقف السيد سليمان حسين – الذي كان علي دراية بأوضاع أهله – إلى جانبي وأصر على نهائية الوقت المحدد للتهجير . أما الوزاء فقد درسوا كل الاحتمالات لإكمال بناء قري إعادة التوطين في الوقت المحدد مع السيد عبدالله شداد صاحب الخبرة الطويلة في التعامل مع المقاولين والذي عبر عن إدراكه الكامل لحرج الموقف ووعد بالسعي لكسب تعاون المقاولين من أجل إضافة ساعات عمل جديدة ومضاعفة الجهد . وكان على ثقة من أن المقاولين فى هذه الظروف سيقدرون وضع الأهالي الذين أقيمت من أجلهم تلك المباني . بعد ذلك حددت اللجنة الوزارية تاريخ تحرك أول قطارات التهجير ليكون 6 يناير وتم توجيهي للعمل بمقتضي هذا التاريخ . كذلك وجه معتمد التعويضات لمضاعفة جهده وبدء تسديد الدفعيان فى وقت مناسب . وعندما انفض الاجتماع شعرت براحة عظيمة . وحينما عدت الى وادي حلفا ، عقدت سلسلة من الاجتماعات مع كل المعنيين من موظفي الدولة ، كونت من خلالها نظاماً يقوم على فكرة توزيع العمل على لجان أوكلنا لها مهام محددة . فوقعت على اللجنة الأولى مسئولية توزيع المنازل الجديدة بخسم القربة ، وكانت تتكون من مهندس المركز وضابط إداري وعمدة المنطقة وشيخ القرية المعنية . وتقرر أن يوافيها معتمد التوطين بخرائط تفصيلية لكل قرية توضح مواقع القطع السكنية بأرقام مسلسلة . وعند استلام اللجنة لهذه الخرائط فإنها تحصل – من معتمد التعويضات – على قوائم مالكيها . ثم تعقد اجتماعا عاما لكل المالكين المعنيين تطلعهم فيه على تفاصيل الخرائط وتطلب منهم تنظيم أنفسهم في مجموعات تتشكل على أساس الجيرة ، مع الأخذ فى الاعتبار عدد المنازل في كل ( مرع ) وبالاتفاق مع أقرب الجيران يختار كل مالك منزله . وبعد انجاز هذه المهمة ، تقوم اللجنة بتسجيل النتائج فى دفتر بأرقام متتالية لمنازل القرية الجديدة ثم تصدر بطاقة لكل مالك تحوي اسمه وقريته وشيخه ورقم منزله وعدد من يعولهم . ويُشترط أن أوقع على هذه البطاقة بوصفي معتمدا للتهجير وأن تختم بختم خاص . وحال توزيع البطاقات ، ترسل اللجنة نسخة من قائمة المالكين – تسبق قطار المهجرين – إلى معتمد التوطين لتمكينه من وضع لوحات تمييزية على واجهات كل المنازل بخشم القربة قبل وصول أصحابها . أما النسخة الأخرى من القائمة فتحفظ بمكتبى . ويجدر هنا أن الجيران الحاليين – في أغلب الحالات يظلون متجاورين ولا يفترقون إلا فى حالات نادرة ، كما أن هذه الترتيبات تتيح فرصة فريدة للأقارب المشتتين بين الفري العديدة ليلتئموا ويذوقوا نعمة الجوار . واختصت اللجنة الثانية بدفعيات حزم الأمتعة وقيمة زاد السفر . وتكونت من ضابط إداري وعمدة وشيخ القرية المعنية ، وتباشر عملها حال الفراغ من اكتمال توزيع المنازل . ومن واجباتها أن تدفع لكل رب أسرة جنيهين لشراء حاجيات حزم الأمتعة ، وأن توفر مبلغاً من المال لكل أسرة يمكنها من الحصول على زاد الطريق وذلك بمعدل 50 قرشاً الشخص ، وأن تتأكد من توفر مواد حزم الأمتعة كالجوالات والمقاطف والحبال بكميات كافية بالسوق ، وأن تطمئن على ما يكفى من الخبز بالمخابز أثناء سير عملية التهجير . واختصت اللجنة الثالثة بعمليات حمل ونقل الأمتعة إلى القطارات وكانت برئاسة السيد الدرديري الصاوي ومعه عدد من موظفيه كأعضاء . وقد أوكلت لها عديد من الواجبات : أولاً : حصر كمية الأمتعة المسافرة لكل دفعة ، بغرض تحديد عدد العربات الملحقة بكل قطار . ثانياً : تسلم أمتعة المسافرين عند عتبة الباب وتسليمهم المستندات الضرورية لأمتعتهم والتى تشمل ( بوليصة ) تأمين نافذة . ثالثاً : تعيين العدد الكافى من الحمالين بشروط خدمة السكة حديد ، رابعاً : تعيين عدد من النجاريين لإصلاح ما قد يطرأ على الأمتعة من التلف جراء شحنها ونقلها وانزالها فى عربات السكة حديد ، خامساً : إدارة حركة سائقى الشاحنات الذين يقومون بعملية نقل الأمتعة والتأكد من أنهم يؤدونها بطريقة مرضية . سادساً : مراقبة عملية الشحن فى عربات السكة حديد والتأكد من أنها تجري وفق أسبقيات السكن بخشم القربة لكي يتم فرزها بسهولة عند وصولها ، وأخيراً : إلصاق قائمتين بمحتويات كل عربة من عربات السكة حديد من الأمتعة ( أحداهما على باب العربة من الداخل والأخرى من الخارج ) وأصحابها وقراهم وعلامتهم المميزة وعدد أجزاء أمتعتهم ، وذلك بغرض تسهيل التعرف على أمتعة كل شخص عند وصولها الى محطة السكة حديد بخشم القربة .
أما اللجنة الرابعة فقد أوكل إليها أمر إجلاء المرضي والعجزة والحوامل وحديثات الولادة ومواليدهن ، وعضويتها من المفتش الطبي وموظفيه . كان على هذه اللجنة أن تقوم بترحيل كل هذه الحالات إلى القطار بسيارات الإسعاف وأن يطمئنوا على توفر أسرة المرضي والعجزة على عربة القطار الخاصة التي تم تجهيزها لهم . وبالنسبة لحالات المرضي المتأخرة وحالات الولادة الحديثة فقد كان على اللجنة أن تتأكد من توفر ظروف الراحة لها على العربة المزدوجة من الدرجتين الأولى والثانية . وهناك مضجع خاص فى هذه العربة المزدوجة ينبغي ينبغي تأمين إمكانية تحويله إلى منضدة عمليات صغيرة لإجراء العمليات الطارئة أثناء الرحلة . كما ينبغي أن توفر اللجنة الإمدادات الكافية من الأدوية والمواد الطبية في كل قطار . كذلك يتوجب أن تُراعى حالات الأمراض العقلية – على قلتها – وأن تداوي لكي يلزم أصحابها الهدوء خلال الرحلة . ويجب أن يرافق كل قطار طبيب عمومي وقابلة وممرضين . أما اللجنة الخامسة والأخيرة فقد كانت مهمتها الإشراف على ترحيل الماشية والدواب ، وكان على الضابط البيطري – بالتعاون مع سلطات السكة حديد – تحديد العدد المنقول منها على كل قطار بضاعة والتأكد من أن عربات الدواب المطلوبة قد ألحقت به . كما كان عليها تعيين العدد المطلوب من المشرفين أو الرعاة الذين يتولون ترحيل تلك الدواب والقيام عليها خلال الرحلة ورعايتها في خشم القربة إلى أن يتسلمها أصحابها . وكان لا بد من توفر قدر كاف من العلف والماء للإبقاء على حياة تلك الحيوانات بحالة جيدة .وبالإضافة الى اللجان الوارد ذكرها ، قررت تعيين ضابط تهجير لمرافقة كل قطار من قطارات الركاب . وسيمنح مبلغ 100 جنيه نقدا لتمكينه من مواجهة أي ظرف طارئ مثل وفاة راكب أو تأخر القطار لوقت طويل بسبب حادث أو قطع فى الخط الحديدي . وسيكون من واجباته – عند وصوله خشم القربة – إعداد تقرير بمصروفاته – ان وجدت – وإيداع الفائض لدي خزينة مكتب التوطين . وقد وافق مفتش السكة حديد على تقديم خدمات بوفيه خاص متجول يرافق القطار ويوفر للركاب الشاي والقهوة والمرطبات والوجبات الخفيفة على نفقتهم خلال الرحلة . وأبلغ الاجتماع رسمياً بأن عملية تهجير السكان ستبدأ فى 5 يناير 1964م وفقاً للجدول التالي :-
|
| |
|
|
|
|
|
|
|