|
دراسة تحليلية عن الفدرالية والفساد في افريقيا: أسماء حسين محمد آدم
|
دراسة تحليلية عن الفدرالية والفساد في افريقيا : السودان ونيجيريا نموذجاً أسماء حسين محمد آدم رئيس قسم العلوم السياسية - كلية الدراسات الإجتماعية والإقتصادية جامعة بحري - الخرطوم
مقدمة:
تعاني الدول النامية - بشكل عام - والأفريقية على وجه الخصوص , أمراضاً متعددة تصيب أجهزتها السياسية والإقتصادية. ويتربع الفساد السياسي المستشري في تلك الدول على رأس قائمة تلك الأمراض, الأمر الذي يساهم إلى حد بعيد في إضعاف نوعية الحكم لديها. فهل تساهم فكرة الفدرالية - باعتبارها أعلى درجات اللامركزية - في تخفيف علة الفساد السياسي وجعل الحكم أكثر شفافية؟
نظرياً, يمكن دعم الفكرة الأساسية بوجود علاقة إيجابية بين درجة المحاسبة والشفافية في الدولة من جهة , وتطبيق الفدرالية من جهة أخرى , فالفدرالية هي أعلى درجات اللامركزية , وهي تعمل على تقريب الظل الإداري للدولة , وهي بذلك تسهم في توزيع السلطة والثروة. وتضع موظف الدولة تحت مراقبة المجتمعات المحلية , الأمر الذي يزيد من كفاءته في أداء مهامه , وتقصيه عن استغلال السلطة. كما أنها تسهم في رفع حدة الفقر , إذ أنها تجعل الحكومة أكثر التصاقاً بهموم المواطن وأكثر قدرة على تبني السياسات المختلفة التي تستجيب لمشاكله بشكل أفضل. في الإطار الافريقي الذي يعاني الصراعات الإثنية , يرى بعض المحللين أن الفدرالية هي النظام الأمثل لإدارة تلك الدول , إذ أنها تقدم أفضل الحلول (النظرية) لإعطاء الجماعات الإثنية الحرية الثقافية والسياسية الضرورية لتحقيق التوازن بين القوى التي تسعى إلى الإنفصال وتلك الساعية إلى الإتحاد مع الدولة الأم[1] . ويعبر سميث عن رأيه في الفدرالية قائلاً:"إنها قوة موازية ضد القوى المرتدة عن المركز والتي تهدد الاستقرار السياسي بخاصة في تلك الدول التي تكونت حديثاً في العالم الثالث , إن أهمية هذا النوع من التنظيم الإداري يزداد بازدياد التباين الإثني داخل الدولة الواحدة"[2]
يعرف البروفيسور دانيال ألازار الفدرالية بأنها "نمط الترتيب السياسي الذي يربط الوحدات السياسية الصغيرة بالنظام السياسي العام من خلال توزيع السلطة بين الحكومة الكبرى والحكومات الصغرى , على نحو يكفل حماية السلطات الخاصة لكلتا الحكومتين ويمكنهما من الإسهام في آلية اتخاذ القرار"[3]. بالرغم مما ذكر أعلاه , إلا أن العلاقة بين الفدرالية والفساد ما زالت مبهمة وغير واضحة. فالمعلومات المتجمعة من البحوث المتراكمة حول هذا الموضوع تؤكد أن هناك العديد من النتائج المتناقضة , بحيث لم تستطع تلك البحوث حسم ما إذا كان تطبيق الفدرالية يمكن أن يسهم في تخفيف حدة الفساد السياسي أم لا. ففي حين يؤكد غولد سميث[4] وترايسمان [5] وعدد من الباحثين وجود علاقة قوية بين الفدرالية وارتفاع درجات الفساد السياسي , تنكر بحوث أخرى العلاقة المباشرة بين الطرفين , بل تؤكد أن اللامركزية مرتبطة بدرجات أقل من الفساد[6].
لحل الإشكالية السابقة , نحاول في هذا المقال تبني خطين تحليليين في محاولة لرسيم العلاقة بين الفساد والفدرالية في الإطار الأفريقي. يعتمد الخط الأول على قراءة درجات الفساد في الدول الأفريقية التي تبنت النظام الفدرالي , وهي على قلة عددها إلا أنها تقدم مؤشراً جيداً لقياس العلاقة بين الفساد والفدرالية وسيكون السؤال المحوري هو:هل أسهم تبني النظام الفدرالي من بعض الدول الأفريقية في جعل سجل تلك الدول أكثر شفافية وأقل فساداً؟ أما الخط التحليلي الثاني فهو نظري ويحاول إجراء مقاربة تحليلية بين الفدرالية والفساد السياسي في إطار النسق العام للحكم في أفريقيا.
-------------
رابط المقال بموقع صحيفة حريات رابط المقال في المجلة العربية للعلوم السياسية
|
|
|
|
|
|