شكر وعرفان لكل من عزونا في فقيدنا الدكتور بشري هباني

Quote: الأخ العزيز / أستاذ هشام تحياتي ، و محبتي .. أعزيك ، ونفسي في وفاة الأخ ، و الأستاذ بروفيسور بشرى هباني .. و علاقتي مع البروف بدأت منذ العام 1997 ، حيث بعثتنا جامعة الجزيرة - و كنت حينها في السنة الرابعة - لنكمل البرنامج التدريبي في الطب النفسي في مستشفيات العاصمة ، ذلك بعد فترة دراسة نظرية في ود مدني .. و لقد كان من حسن الحظ بالنسبة لي أن يتم توزيعي ضمن مجموعة يشرف علي تدريبها البروفيسور بشرى .. و الحق أن بذرة حب الطب النفسي ، التي نمت ، فصارت شجرة حصدت ثمرتها قبل شهرين بنيلي التخصص في هذا المجال ، قد بذرت منذ ذلك الوقت .. و لعلي أحب أحدّث القراء عن البروف قليلاً .. لم يكن البروفيسور بشرى مجرد طبيب نفسي .. بل ربما صح أن نقول أنه كان نموذج للطبيب النفسي .. فقد كان رجلاً واسع الأفق ، و ذكي .. كما أنه كان فناناً بكل معنى الكلمة .. كان رساماً .. و عاشقاً للموسيقى .. كان أديباً ، روائياً .. من ضمن ما عرف من كتاباته رواية بعنوان ( مسرة ) .. و لقد كانت له إسهاماته الفذة في مجال الكتابة للإذاعة ، من باب الدراما الاذاعية على وجه الخصوص .. كما أنه كانت له سلسلة من الحلقات ، تعرف ب ( سايكودراما) ، و هي عبارة عن تصوير لبعض ملامح الحياة التي تتخللها حكاوي ، و تفاصيل تتعلق حالات نفسية بعينها .. و هذه كانت حلقات تجمع بين المتعة ، و الترفيه ، و التثقيف .. و البروف بشرى متحدّث لبق .. و لا زلت أذكر ذلك الصوت ذو النبرة الجهورية ، العميقة التي تتناسب مع عمق تفكيره ، و أفقه .. كان صاحب صوت جميل .. و لقد كنت أطرب جداً ، و أنا أستمع إليه ، حين يتحدث ، في المحاضرة أو خارجها .. شيء لا يوصف .. و لعلي أذكر أني كنت أقلب موجة الراديو بعد حوالي أربع سنين من تلك الدورة ، و إذا بي أستمع إلى حلقة من برنامج ( نجوم بعيدة ) للإعلامي المميز نجيب نور الدين ، و شعرت بأني منجدذب ، بشدة لحديث الضيف ، ذو النبرة العميقة ، و الحديث الثر الساحر .. و واصلت الإستماع لمدة ، لسببين الأول انجذابي الكبير للحلقة ، و الثاني هو أن أعرف من هو هذا الشخص الجميل .. و لم يكن في الأمر دهشة ، مطلقاً ، بل فرحة كبيرة ، إذعلمت أن الضيف هو أستاذي الجليل بروفيسور بشرى هباني .. فتابعت الحلقة ، و أنا في حال عظيم من الاستغراق ، و الاستمتاع .. أخي هشام . كانت المحاضرات ، و حلقات التدريب معه متعة في حد ذاتها ، فقد كان يقدم مادة الطب النفسي بطريقة مميزة ، و ساحرة .. و كان يلجأ لطريقة ال ( رول بلى ) ، ليجعلنا نعبر عن مدى فهمنا للمادة ، ثم يستطيع أن يكمل نقص تحصيلنا عبر نقد التمثيلية التي نمثلها ، و يدس المعلومة في سياق لطيف ، يجعلها لا تخرج من الزهن أبد الآبدين .. في ختام الفترة التدريبية نظم لنا يوماً جمع بين الترفيه ، و البرنامج الأكاديمي ، لم يكن من الغريب أن يختار له البروف مكاناً مميزاً هو ( حديقة عبود ) ، و التي تكون فارغة تماماً من الجمهور بالصباح .. و لقد أحضر معه بنتيه ، إمعاناً في إضفاء بعد أسري ، و ودود على البرنامج .. في ذلك اليوم حدثنا عن نفسه ، و عن تجاربه ، رؤاه السياسية و سفره إلى نيجرياً بعد ما تعرض له من مشاكل في جامعة الخرطوم .. و لعل السانحة لا تكفي للكلام عن آرائه السياسية ، و شخصيته الكارزمية الساحرة .. و لكن يكفي الآن ما تم ، و ليتنا نستطيع أن نوثق له بشكل يليق بعظمة شخصيته .. . أجاركم الله أخي أستاذ هشام ، و أجارنا في فقدكم ، و فقدنا الجلل .. و ألهمنا الرضى بأمره .. مع تحياتي ، و محبتي ..