|
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة (Re: Bushra Elfadil)
|
6 جرداق : فوق سماء واصل
خرج جرداق من فرحته الغامرة التي تحولت إلى استمخاخ كامل ورمق بناظريه ارض واصل الجرداء فارتد بصره مفجوعاً وغمغم لنفسه قائلاً: - يا له من قحط . هذه اول مرة في حياتي أكون مليئاً بالحبور في دواخلى في زمان الصيف والقحط وانقطاع التواصل . حبور جرداق أسبابه الأولى والاخيرة هذه الجرادة المبدعة في رقصها وشعرها ومشاعرها , جريرة تجريدة الحب الجديد الدفاق مما انهمر على جرداق بعد أن اوشكت فلسفته الخاصة أن تصل به الى منطقة القول بانتفاء الحب عن الوجود. ومع إن جرداق ليس من انصارفكرة الكمال إذ به مرونة إلا إن إحجامه عن التواصل الحميم جعل لديه رهبنة شبه بشرية لا توجد لدى الجراد. حلق جرداق ودخل بعد حين في غمامة شعر أعمته عن بؤس واصل فاقبل يحيك من حرير روحه حريرة أكثرها عن جريرة .أما جريرة فقد انبهم حنينها لأهلها وتجريداتها وما خصها ما الذي تقوله حين يراها الجميع وقد خرجت في طلب جرير فعادت بهذا الجرو الجرادي النحرير .وحين مرت الخاطرة في دماغها عن جرداق زغردت جريرة في سرها: - جوي جوي جوي _ هكذا يزغرد الجراد بما أدخله بعض البشر في لغاتهم كناية عن الفرح رغماً عن انتماء الزغرودة فيما هو بائن لعقيدة الجيم . زغردت جريرة ثم تساقط من تمرة فؤادها دفيق شعرها الجديد الذي حركه بدواخلها تلامس جرداق معها فقالت كأنها جرادة فرعونية: أنت يامن لمست تمساحة روحي - تدلى من مشلعيب هذا القلب على المجرة والحق بمساندة من جسدي كله بأول السرب حيث تجدني هناك أسبقك بالاماني وتسبقني بالفعل ومختزل ما قالت بشعر الجراد الرصين كان: - تكاكم تك تكاكينا. تككناهم تكاكم تك. تكم تكا كم . خرج العاشقان الحبوران من غمامة الشعر إلى السماء الجرداء التي هي كذلك بسبب من انعكاس واصل نومك وأنحائها عليها . سماء بلا خيال ولا غمامة وارض بلا عشب يستمطر الماء ولا شجر يستمطر السماء. ولا علم يرغم هذه كلها على السقيا وإن كرهت. أوشكت جريرة أن تعتذر لضيفها عن غياب الأرائك والسندس والاستبرق وقالت حكمتها المتوارثة - لا عليك يا جردقة ففي كل جنة عشق جمرتان من جهنم فرد جرداق - جهنم كلها بقربك يا جمرة أفضل بما لا يقاس من جنة الجراد. هبط العاشقان قرب ريحانة متيبسة وسرعان ما سرى الخبر في الإنقاية الجرداء كلها - جريرة عادت مع جرير وحين جاءت جمانة والدة جريرة لتتسقط الأخبار عن جرير وجريرة وجدت فتى جديداً يرمقها بجوهرتين متقدتين بالحيوية والشعر فأصابتها هاء السكت لأول مرة في عمرها المديد وسكتت. لكن شيخاً عمرانياً خرج من بين قصبتين متيبستين لم يسكت كان قد لخص الأخبار التي وصلته للتو واستخلص منها حكمته فسأل جرداق قبل جريرة -هل أنت غائر واللا زائر فردت جريرة نيابة عن فتاها الجيد الحائر - هذا شاعر في هذا الزمان الجائر وأوشكت ان تبوح بحبها له هكذا من أول وهلة لكن هاء السكت دهمتها فجأة فلم يعد جرداق يسمع غير خفقات قلبها العامر وأقبل جرداق على الشيخ محيياً -أنت الشيخ جمان فيما أظن ورد الشيخ الجرادي - حبابك – انا جرداق . جئت للإطمئنان على سلامة وصول إبنتكم الرائعة جريرة . – أهلاً يا ولدي . جرير ولدنا وانت ولدنا كمان. وتشابك الرجلان في سلام جرادي عامر لا تسمع منه سوى الإرزام كان سلاماً جديداً على واصل نومك للدرجة التي اصاب الوجوم معظم الشباب هناك فسكتوا. قال جرداق - حقيقة يا جم جمان لم اجيء إلى هذه النواحي من دياركم أبداً فأنا من مواليد جناين جارودي لكنني اعيش جالياً في جرورة أحد احياء القصبة التي جنبها الجراد الجديد على جنب. ورد جمان مرحباً ومستوعباً ما قاله جرداق بهز رأسه وقال: - الجراد الجديد عقب راح يقدم من جديد. هيلاه يا ولدي عمرنا كلو من زمن الجركية والجهدية ما شفنا زي دا. وأمن جرداق على كلام الشيخ جمان - فعلاً . بالضبط يا جاح. واصل نومك في شقها الجرادي عبارة عن إنقاية حبلى بالأمراض والفقر والوعود الرنانة التي تنطلق من مكبرات الصوت التي ترسل عبر الأثير من جابودي جنة الجراد سنرصف شوارع واصل بالذهب ونغسل حماماتكم بماء الورد وندفئكم من البرد ونملأ بطونكم بالخضرة الحلال وجيوبكم بالمال آل آل . لا توجد حمامات بواصل ولا برد بل يوجد جرب وجداول لا تجلب الماء وسماء لا تعكس الزرقة وأتربة وأعاصير تثور ما عن لها وبقايا السرب العظيم يراوحون مكانهم هنا تجريدات وتجريدات في انتظار عودة السرب . الجرود والجرادة في واصل كادا أن ينفصلا نوعياً عن النوع في أشباه المدن الجرادية . وهنالك ميدان وحيد في الإنقاية هو ميدان التقاة فيه يأتي البشر مرة كل موسم بورتابات هي كل محصولهم مما يزرعون ولأن المحاصيل أصلاً شحيحة فلا يعتب أناس واصل نومك أولئك على الجراد ولا يتهمونه بما لم يفعله من التهام لمحاصيلهم وهذا ربما كان هو السبب في بقاء جراد واصل نومك قرب الإنقاية . وهذا تحالف صامت بين من لا يملك من البشر والبهم والحمر والجراد على العيش بسلام في زمن القحط ويبدو أن الجميع تقلقه هذه المكبرات ذات الجعجعة - ازرع ازرع ( نزرع ايه) يقول جمان في سره ثم يرمق جريرة فلذة كبدةويرشق جرداق بنظرة متعاطفة لكنها ماكرة . في تلك الساعة انتشرت إغماءة هاء السكت في واصل مثل وباء جديد لكن يبدو أنه وباء محبب طالما جاء به هذان الكائنان الغريبان الشاعران جريرة وجرداق. وعندما جاء بعض الشباب بورتاب ناشف لتقديمه للضيف كان عليهم أن ينفضوا أولاً عن مهجته تخشيبة هاء السكت.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-09-13, 09:58 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 09:51 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | ibrahim fadlalla | 01-10-13, 01:26 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 02:58 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Isa | 01-10-13, 04:46 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 06:14 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 10:38 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 10:59 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-10-13, 11:07 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-11-13, 00:44 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | فتحي الصديق | 01-11-13, 08:30 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-11-13, 12:32 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-11-13, 04:15 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-12-13, 07:19 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-12-13, 04:20 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | مصطفى عبيد | 01-12-13, 06:55 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-12-13, 08:34 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-13-13, 08:21 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | محمد فضل الله المكى | 01-13-13, 09:00 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-13-13, 05:46 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-23-13, 06:37 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | عبيد الطيب | 01-23-13, 08:20 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-24-13, 07:53 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-24-13, 12:34 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-25-13, 09:30 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | درديري كباشي | 01-26-13, 11:42 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | طه جعفر | 01-25-13, 10:52 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-26-13, 10:55 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-26-13, 01:26 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-26-13, 09:38 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | munswor almophtah | 01-27-13, 00:48 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-27-13, 01:07 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-27-13, 11:27 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-28-13, 08:28 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Mohamed Abdelgaleel | 01-29-13, 12:54 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | عبيد الطيب | 01-29-13, 07:06 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-29-13, 11:13 PM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | Bushra Elfadil | 01-30-13, 08:05 AM |
Re: المشنقة الأفقية - قصة قصيرة | درديري كباشي | 03-16-13, 01:34 PM |
|
|
|