|
الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة
|
يجلس شابان على مقعدين متجاورين تماما أو مقعد يتسع لإثنين. الصمت يطبق عليهما، شانهما شان بقية الجالسين على المقاعد الأخرى. الأطول قامة منهما ينظر إلى الأشياء من حوله بنوع من الاستعلاء لا يحاول مواراته. أما الندبة الممتدة من أسفل خده و حتى الذقن فتؤكد ما يذهب إليه الناظر تجاهه من أنه خاض معارك ربما لم تكن ضرورية. على أية حال، كان وسيما أنيقا لا يضع ذيل قميصه داخل بنطاله.
الآخر ذو البشرة الداكنة كان يمسك صحيفة و مظروفا بني اللون و بحجم كبير. لم يكن يكترث للأشياء من حوله. فيما عدا ذلك يديم النظر إلى الصبايا الجميلات و غير الجميلات اللائي يعبرن في الجوار أو يقفن. لم يقم بفرد الصحيفة و تصفح محتوياتها على العكس مما يوحي به مظهره. فالذي يرتدي قميصا بنيا و حزاما بلون الكبد المحروقة فضلا عن الحذاء البني الذي لم تتردد إيطاليا في تصديره إلى العالم، يتعين عليه أن يفعل ذلك سيما و أن شاربه رفيع كشارب مجاوره.
قال أحدهما لأحد المنضمين حديثا إلى المجموعة مشيرا إلى شخص أخذ يبتعد:
_ أيعرفك ذلك الشخص؟
_ لا!
_ كانت يده في جيبك.
انتفض الرجل متلهفا إلى إدخال يده في جيب بنطاله الخلفي. عاثت يده طويلا و بتسرع، ثم قال بطمأنينة أكيدة:
_ لا أعرفه.
|
|
|
|
|
|
|
|
|