|
Re: حكاية البنجوس آدمو - من قصص دارفور الأخرى* (Re: Bushra Elfadil)
|
أسرة آدمو لا تعيش في القرية بل وسط الغيط في قطية من القصب، بالكاد تكاد تقي ساكنيها من حرّ الشمس، ناهيك عن المطر، وهي قطية مؤقتة تتحول من (حواشة بور) إلى حواشة بور أخرى - وهي الحواشات التي تبيت موسماً عن الزراعة درءاً لإجهاد الأرض- كان اللعب قد انتهى وحطم الأطفال مزارعهم وهم يتقافزون بينما تتقافز معهم قطرات من المياه الطينية أو الطين المائي، ترش ملابسهم- العراريق. انتهى اللعب وتحوّل الطين الذي كان قد صنع الجهد الجماعي المشترك، إلى كتل متماسكة وقوية؛ يستخدمونها غالباً في نهاية اللعب أسلحة يتبادلون بها النيشان.وما أن اقترب آدمو وهو يحاول أن يفتح فمه في ابتسامة لم تسعفه وجنتاه على صنعها حتى فاجأه عبد المذل أحد الصبية بضربة صاعقة من طينة بحجم كرة التنس. ارتعب الصبي الوافد وإهتزّ جسده من وقع التصويبة المباغتة حتى كاد يسقط، لكنه تماسك مواصلاً الإهتزار والرعب.وسط هؤلاء الصبية كان الطفل معز صامتاً لم يوافق على فعلة عبدالمذل لكنه لم يقل شيئاً. سيقول شيئاً لكن بعد ثلاثين سنة بعد فوات الأوان. حين يحكي هذه الواقعة لإبنه اليافع الذي في عمر آدمو.وربما يصوغها إبنه في موضوع إنشاء لا يستفيد منه آدمو،الذي أصبح مجرد ذكرى خافتة خجولة في خلد معز. نظر آدمو المرعوب تجاه مصدر الضربة المرسلة وهو يصرخ بلغته الهجين: - إنت ما ...مالو كدا؟ أنا نسوي ليك شنو؟ وهنا عاجله عبدالمذل بضربة أخرى ولما كان معظم الأطفال يضحكون إلا أقلهم؛خاف آدمو وصار يكرر عبارة واحدة متحدية لكنها جوفاء إزاء الشعور بخطر الكثرة الغالبة : - أجدع تاني نشيف- ورماه عبدالمذل بطينة أخرى أقوى من الحجر وتكرر الرد الحائر - - اجدع تاني نشيف يضحك بقية شلة الأطفال بكركرة عالية وهم يرددون جملة آدمو الوحيدة - أجدع تاني نشيف ويعلقون كل بطريقته (أجدع تاني نشيف؟هو داير يبكي وخايف وما عارف يعمل شنو! كمان يقول اجدع! اجدع شنو؟ روح يا بنجوس يلا من هنا!). لم يسمع آدمو هذه الجملة الأخيرة جيداً .كان مشغولاً بقرار داخلي بينما كانت أذناه غارقتان في الطنين ووجهه وارم وعيناه غائمتان في بدايات دموع متلبكة في الطين.وبدا تنفيذ القرار . جرى الصبي مهرولاً نحو فريقهم وسط الحواشات.تلاحقه أصوات الصبية الضاحكة عليه .
|
|
|
|
|
|
|
|
|