محمود درويش وسميح القاسم ، ثنائي نقش حضوره في أذهاننا منذ زمن طويل . عندما عرفناهما ، عرفناهما معاً ، كأنهما شخص واحد . لكن وفي أزمان لاحقة بدأ بعضنا ، وأنا منهم ، يكتشف الفروق بينهما ، وانحاز محبو الشعر المُنقى من الدلالات والاشارات السياسية السهلة إلى محمود درويش عندما أصبح الاعتقاد بأن قصيدة ما من قصائده معنية بالقضية الفلسطينية أو الاعتقاد بأن نفس القصيدة غير معنية بتلك القضية سواء . وصار كلا الاعتقادين مشروعاً ويمكن البرهان على صحته . حدث ذلك عندما بدأت قصيدة درويش إتاحة الفرصة واسعة لتأويل القاري ، وأصبحت تنفتح بسهولة على دلالات لا محدودة ، وفقدت القضية الفلسطينية القدرة على فرض نفسها كمدلول وحيد على دوالها . وبحكم الإهتمام الكبير الذي ظل يوليه المثقفون السودانيون لمحمود درويش وشعره ، اعتقد ان الكثير منا قد قرأ وسمع عدة نصوص وأحاديث لمحمود درويش يتحدث فيها عن صديق رحلته سميح القاسم ، أو نصوص لدرويش مهداة لصنوه هذا . ولكنا بالمقابل لم نقراً أو نسمع كثيراً سميح القاسم يتحدث عن محمود درويش . وهذا هو سبب هذا البوست . فلقد كنت أقرأ قبل لحظات حواراَ صحفياً مع سميح القاسم في جريدة (الثورة) اليمنية الصادرة في يوم الأحد الأول من يونيو 2003م . في الحوار الذي أجرته في القاهرة الصحفية لنا عبد الرحمن أجاب سميح القاسم عن عدة أسئلة متعلقة بتجربته الشعرية وبغيرها ، من ضمنها إجابته عن سؤال حول اوجه الشبه والاختلاف بينه وبين محمود درويش . ورد سميح القاسم على هذا السؤال هو ما أردت أن أنزله في هذا البوست لأنه أثار انتباهي ووقفت عنده أكثر من غيره من أجزاء الحوار فأحببت ان تشاركوني الإنتباه والحوار إذا اقتضى الأمر . واليكم نص السؤال وإجابته :
جريدة (الثورة) : بدأت أنت ومحمود درويش في زمن متقارب مابين الستينات والسبعينات ، ما هي أوجه الشبه والاختلاف بينك وبين محمود درويش ؟ سميح القاسم : هناك هاجس عام يخلط بيننا من حيث التجارب . أنا ومحمود صديقان ، صحيح ان هناك قواسم كثيرة تجمع بيننا ، لكن هناك أوجه اختلاف ، محمود درويش على المستوى الإنساني قلق ومتوتر وحاد في علاقاته العامة ، لكنه على المستوى الإبداعي يكتب شعراً يثير فيك الرغبة في البكاء من فرط شفافيته وهدوئه . وبالمقابل فإن الطمأنينة التي تميز علاقاتي العامة يصدر عنها ما يسميه الناقد (رجاء النقاش) شعر الغضب والثورة ، لما في شعري من غليان وانفعال . هذه الظاهرة ، ظاهرة التناقض الواضح بين الشاعر ونتاجه ، ترافقنا أنا وأخي محمود منذ بداياتنا ، وأعتقد إنها تمنحنا شـيئاً من الشعور بالتكامل الشخصي والفني . (انتهى رد سميح القاسم)
ملحق : من أكثر قصائد درويش قدرة على إصابتي بالثمالة قصيدته المهداة الى سميح القاسم (أسميك نرجسة حول قلبي) وهي إحدى قصائد ديوانه البديع (هي أغنية .. هي أغنية) وإذا لم يقم (المهندس) ، بإعتباره اختصاصي البورد في شعر درويش ، بالتكرم بإنزالها في هذا البوست ، فسأضطر الى طباعتها وإنزالها رغم طولها وقصر زمني . ولعل المهندس أو غيره من الأصدقاء يريحني من هذا العبء .
العنوان
الكاتب
Date
سميح القاسم : انا ودرويش يجعمنا التناقض بين الشاعر وانتاجه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة