1/ لك أن تتنزّلَ من بين أردانِكَ: مُلتبساً، ممسوساً بك كما ينبغي. لك أن تُمسّدَ شحمةَ البياضِ.. تربكَ خدّ الغمامِ، تروي شِفاه الضحكةِ النجلاءِ، بأُغنيةِ البزوغِ / تختلي. إذن... لك أن تُرفرفَ غمّازتاكَ، تُفرقعانَ بوجهِ تحناني دِفءً.. دِفءٌ يطفئُني / يعتلي.
لك أنفاسَ الشّجرِ، يشجّرُ على ضفتيكَ غَبشٌ، يُرمّمُكَ الشّغبُ، يَحتملُكَ النّذرُ، بأشجانِكَ يرتمي.
لك أن تبحثَ في زوايا الصدًى عن يديكَ.. لك زغزغتها، لك الائتلافَ بها، لك الالتحامَ بأدرانِ من صافحتْ، لك ضحكتها اليتيمةَ الشّارِدةَ، مجروحةً بمسامٍ حبكها صوتُكَ، فلم تأبه للمزاميرِ / تنتهي.
بينما كُلُّ هذا، وأقلّ... لك أن تتسلّلَ خيطاً مُمغنطَ الإيحاءِ، لك المُكُوثَ شارِداً في مرايا الإصغاءِ، لك أن تلوكَ أوداجَها تحت ذريعةِ الضوءِ، لك أن تبهجَها، لك أن تقلقَها بجناحين، لك أن تُربِكَ المسارَ... فلكَ المدارَ، نحنحةَ الخيّالِ للغزلِ.
حينما تقُفُ على أوتارِ بصرِكَ، كل ذلك لكَ، وأقلَّ... فتعالَ يحفُكَ النضارُ، تُخاصرُكَ المداراتُ / تلتقي...
لك أن تعبُرَني، أو تعتبرَني مكيدةً حُبكتْ باقتدارٍ، كي تزلَّ... فيا قضائي: أنا الآن موقناً، أنتظرُكَ مفتوناً أو مفتوحاً بكَ هكذا، كبحرٍ... لنغرقَ بمحارٍ، وقرارٍ، وفنارٍ مُهلهلِ. أو لك أن تلجأ لك، فتخرجُني مِلءَ الصمتِ صمتًا، لك أن نحتارَ... ولك أن نمضي في تصاريفِ الأزهارِ، قتلى بالخللِ. كمدينةٍ كشطّ الضوءُ صخبَها المُنبعثُ من مقدِرةِ السُّراةِ على اِرتيادِ نتوءاتٍ قريبةٍ... لكَ أن تُذخّرَ أبعادكَ صخباً بانتظارِهم... ولك البصرَ، ووردةً بلا أبوابٍ، شائكةٍ مُتفتِّحةٍ كنهارٍ بأنجمِ. ... هل مشيتُ بخاصِرتِكَ أبعد من نُقطةٍ، إذن... فرسمُ الإيابِ بلا محطَّاتٍ .. عليكَ، إذ عليَّ فضّ الانتظارِ / تجشُّمي. 3/ أهديتني خَنجراً للمسافةِ، ولكماتً للأصدِقاءِ، وأعيناً ماطِرةً للوطنِ، وبيتاً مُعتلاً يطردُ حُمّى الهذيان... لك أن تختبرني: مبتور المسافةِ والوطنِ، تتناوبُني الأقدارُ... يرجمُني غضبي.
لكَ أن تكونَ يتيماً كما أنتَ، أو تأخُذني يا شغبي إليكَ... فنُنشئُ بأوردتي المثقوبةِ وطناً، وبمحطَّاتِ الشجنِ رهِقي.
لا آبه إن طَرقني عداكَ، سينفتحُ على مِصراعيهِ ظِلّي، يُدوخُني السّكونُ، فالبيتُ لكَ والمتاعُ والإزارُ، ونزفي، ونزقي. 4/ بالأمسِ.. ساعةُ الهُواجِسِ المُحتدِمةِ، كُنا قريبين.. تلامسنا كنافِذةٍ ورياحٍ لا تنثني.. لكَ أن تُحدّثني مُتلاطمَ المِزاجِ، مُلتهبَ الأفكارِ، فمثلكَ يُسُورُني وجعي... وبينما بالإمكانِ رفضي، تراودني: إذن... لك أن تُعلمُني كيف أُثارَ بموكِبي.
يُمكنكَ أن تكتحلَ بأشجاني، رتقَ ضحكاتي المُلتهِبة، شَهرَ تذمُّري. و لك أن تنتقي من خطواتي نحوكَ، اندِحاري وتأزّمي/ انتِشائي وتبعثري.
لك الأصابِعَ والدوايةَ، لك الدَوائِرَ والمرايا، لك كُلَّ تمثُّلي. 19/11/2006م
04-03-2011, 07:15 PM
فتحي البحيري
فتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109
على كعبٍ دائرٍ "الرِّيحُ بشهوةِ دفعٍ ألقتْ للزيغِ خُطىً..."
الصرَّافُ لا تُفارقُني سحنتُهُ البنكنوتيةُ، إلا البحرَ.
في الإصغاءِ: نفضتْ مدينتي المِضيافةُ غرقَها في البُؤسِ عند طُبُولِ أحاسِيسِنا المُرهفةْ، ثم أغفتْ على ساحلِها تضاجعُ الضَّجرَ والحقائِبَ، تنفَّخُ أوداجَ الزهوِ في هيئتِها المحكُومةِ بالشجرِ.
في الودِّ: دغدغني الشدو الغرِدُ، يهتفُ حتى شحطَ عُرُوقَ الثملِ، عند ناصِيتِهِ همهمَ الحمامُ: سأفترشُ الليلةَ الأشجانَ، أريَّحُ حُنجرتي من دسِّ حُبيباتِ الصحوِ على جبِينِ الذين نهبوا الحِيادَ. //// تفشِّي سرَّها للطحالِبِ، فِتنةٌ بجيبِ الطُقُوسِ تنمو، الوجِيبُ يتمزَّقُ بأطرافِها، اللَّيلُ يخفي مُؤخَّرتَهُ البارِزةَ حتى لا يهابَهُ الصوتُ، الأوتارُ تداومُ على قرعِ الشجوِ، النشيدُ تارةً ينفلتُ من يدِ قُبلةٍ في صخبٍ هادِرٍ، أو يغفو على الرصيفِ. ////
ترى كيف استعدتُ صفحةَ وجهي مملوءةً بالنزقِ!!! ////
هذا البهاء وحضورنا وسكرنا في ثمة اشياءك هذه منها حرفك الندي وروائع النظم هنا كانها حديقة مليئة بالورود والازهار كل هذا وليس ثمة شئ؟ فكيف لو كان هناك ثمة اشياء؟
تحاياي
04-05-2011, 04:30 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
هو منكعب الجوزاء الإيسر وهو كوكبان ابيضان بينهما قيد سوط علي اثر الهقعة في المجرة وهو من أنواء الجوزاء وبأنتهائة يبرد باطن الأرض ولا يرمي فيه من البذور إلا الذرة والملوخية ولا يغرس شئ من الأشجار
(يبدو أن هنعة بله بردت علينا المكان لغة جزله ورصينة ومتفتحة الأشياء بل تعود علينا بحجار من حِجر الرفاعية(لغة صديقي رفاعي حجر)
تحياتي صديقي مِحريبة.)
،،،،أبوقصي،،،،
04-07-2011, 08:11 AM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
أفتحَ نافِذةً في شهوتِكَ الذاهِبةِ لماءٍ رقراقةٍ تنسلُّ بليلٍ من نبعٍ آسِنْ.. أفتحَ نافِذةةةةً وتقيأَ: بهجتكَ المسمومة... وأسقِطَ ضحكتَكَ الصّخابةَ في حُفرٍ تتقافزُ منها حِيلٌ رقطاء...
<><><>
يا ريحُ،
يا ريحُ،
يا ريح... وجعُ الأقدامِ الموغِلةِ في الإسفلتِ، وجعُ الصوتِ، الرّناتُ، الضحِكُ المشروخِ، البوحُ... يا ريحُ ... يا ريحُ ... يا ويحَ القادِمَ في حُللِ الضوءِ يُبادُ على مرأىً من بوقٍ فاتِر.
<><><>
لا يُرضي الله البوقَ الناعِسِ حين يسدُّ مواعينَ المارةِ بالهمسِ المشبوحِ ويشربُ كُلَّ الليلِ وينتحبُ على أشهبِهِ الشارِدِ، يا ليلُ يا ليل... كيف يمرُ الضوءُ، فتنكسرُ كجلمودٍ، يا ليل... وها قد دارتْ أكوابٌ فارِعةٌ، ماجتْ بالصخبِ الماجِدِ أبواقُ مِدادٍ سرمد.. وها قد شعّتْ أفئدةٌ وأشارَ الصوتُ المُترعُ للمشهد...
وما استطابَ لخاطِرٍ واكتفى من ضيقٍ، حيث البداياتُ: أول النحيبِ في ارتحالِ النورِ إلى سِعة... ذلك حِمى الماءِ في حِرزِ السِّيرِ يُنكِّسُ النوايا اللابثةَ بحِجرِ يقظتِها الدءوبِ فوق موقِدٍ يسّعُ مداراتَ متواتِرة، أو ريثما يجوبُ النجيعُ في الفَلاةِ، يخترقُ الرّملَ المُتمرِّسَ على الأوانِ الدّاكِن... أنها: حِدةُ الضربِ على طبلٍ طي طللٍ راسِخٍ بالأطوارِ، أو: جدبُ النباهةِ.. بينما تختالُ فورةُ الحِمى في الدّورانِ على نقشٍ مسموعٍ بأخيلةِ البدءِ، هي: شفاهةُ الإيقاعِ س ف ااااااااااااهةُ التراتيلِ في حِلٍّ من الإخلالِ بالتبرُّجِ المحمودِ للنّارِ في جسدِ الكربِ، أو الدربِ، أو: دعِ الأشباحَ تمسحُ عرقَ النوى بالنهنهاتِ، واللعناتِ.. إذ الماءُ ترصيصُ اللّونَ في بهوِ المرايا، يتخللُ الهجسَ يطلُّ على المضض . . .
التعليل
ذلك، وأنه ما كان، نظرَ... فلما لم يشقّ للماءِ بحِجرِ النّهارِ: مقامَ.. قال: فيم ابتعادي عند العشيّ لوجهٍ أصم! وها قد عرِفتُ بأني حجر.. وأن الدِّماءَ منامٌ عليل! ففيم التشبثُ عند الشدائدِ: بمغزىً وظنّ! لعمري فطنتُ لأني حجر.. أو كأن المساءُ ثقيلا، وأحملُ تحت الجناحِ: الوجل! أُعجلُ في السيرِ نحو اقترافِ الحديد.. أيكفي النحيبُ لنيلَ الندى، فها قد جهِلتُ، ومال المآلُ لخطِ البصر!!
الضلال
لعلكَ بسيرِكَ على هذا المدارِ التقيتَ بحصىً مُدببٍ، اضطررتَ للتفريطِ في ما تبقى من حذائكَ المُخترقِ، أنت لم تبق إلا لثوانٍ وبدت سِماتُ الفرارِ تنزعُ الملامِحَ التي ولجتَ تحملها، أو تحملكَ -ليس سيان- أنت لم تعد تعرفُ كيف يمكنكَ التقزم والانهزام والتأزم والتقوقع أكثر، أنتَ ثاوٍ في كينونةٍ أخرى ارتدتها قسّرا وسُدّتْ منافِذَ كانت تلوحُ في البدءِ للفكاك، أنتَ تحاصرُكَ اللعناتُ الوثاباتُ كُلُّ واحِدةٍ تحملُ جيناتَ فورانٍ مُقتبسةٍ من ذاتِها لتغشاكَ حتى يعتريكَ انغماسٌ كُلي في المحصلة، أنتَ بوتقةٌ متناسقةُ التنافرِ حيالكَ الدربُ ومركبكَ الدورانُ وهُداكَ الهواءُ لا يعيركَ القياسُ التفاتةً، ليس أمامكَ خلا هذا الضجيجُ والانفلاتُ حيث لا صحو لا وسن . . .
المفترق
تحدّثَ قليلا وكان المساءُ يتأرجحُ على غمامةٍ تتأوهُ جزلى.. توقفَ بمُفترقِ المسافةِ بين أن الطريقَ سيُفضي لمعنىً جديدٍ، أو أن النواحَ عسيراً على شطِ الرجاء، وقال: بلى، لأيِّ أُفقٍ يديرُ الأماكِنَ جهةَ الماءِ ومرحى...
15/1/2009م
04-06-2011, 08:59 AM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
خُذَّ أكثر من النَبيذِ، واحتسِ مقدِرَتكَ على التشبُّثِ ... الليلةُ مُداهنةٌ، خلعتْ سترَ النُجُومِ، وتبرَّجَ جسدُ الحديثِ المُكفهِرِّ ... يتحوّرُ حالما تُلامّسُهُ – شرراً- ملامِحُ الطريقِ المُسترقُّ دمَ الحُواةِ...
احتوِ الليلَ، وأهرب في مِزقِ المُتجاسّرِ، مُبصراً...
21/10/2005م
قراءة في النص من لدن الصديق الشاعر (عدنان المقداد):
الموجود - بماهو-ذاته / قراءة في تقمص بله الفاضل :
خارج السياق :
1 - في قراءتي للشعر - عموماً - و هو أمر نوهت إليه من قبل ، لا يهمني ما الذي أراد الشاعر قوله ، على مستوى وعيه ، و لكني أنطلق من نقطة واضحة عندي :
أن الشاعر هو إنسان له تاريخ من الحوادث و الأفكار الشخصية و العامة - بكل تفاصيل ذلك من ورقة صغيرة على مكتبه إلى الزلازل و الحروب - بما يعنيه ذلك من تداخل و تشابك ، و هذا الشاعر ، من جهة أخرى ، لديه حصيلة معرفية لغوية ، و قاموس لغوي ، و قراءات سابقة و حصيلة نحوية ( يسميها تشومسكي الكفاية اللغوية ) . و بالتالي فهو عندما يكتب نصاً ، انطلاقاً من حالة نفسية معينة ، أو حادث معين ، على مستوى الوعي ، فهو يظن نفسه واعياً لما يكتب ، غير أن الذي لا يراه هو أن " ذاته " تكتب من خلالها أشياء كثيرة ، من منهل هذا التاريخ الذي يحمله كإنسان ، و هذه الأشياء محمولة على حاملي اللغة و الكفاية اللغوية ، و الموهبة هنا هي التي تحدد إذا كان الشخص قال ذلك بفنية عالية ، و بعمق ، أو بسطحية في حال عدم وجودها .ثم يأتي دور الثقافة و الوعي و الحصيلة الثقافية ..ليفاجأ الكاتب بأن ما قاله كان أكثر مما وعاه . و من هنا قراءتي هذه . 2 - هناك حواجز بنائية تقف بيني و بين بعض نصوص بله ، كنت قد تحدثت معه بشأنها من قبل ..و لما قرأت هذا النص قلت له : أعجبني هذا أكثر من غيره ..و ها أنا أفسر هنا ..لماذا أعجبني ..
3 - زدت على نص بله كلمة " منها " بعد كلمة ( ينزّ ) و هذا لا يغير شيئا في المكان الذي حدث فيه التعديل ، فقط زدتها لأن هذا ما كان ينبغي فهذا الفعل يتعدى ( معنوياً ) بهذا الحرف ، و يبقى المعنى نفسه في الحالين .
العنوان / تقمّص :
التقمص يعني لي - في حصيلتي اللغوية - ظلالاً كثيرة ، أولها " اللبس " و في الحديث قوله " إن الله سيقمصك قميصاً " و من هذا المعنى العام معنى خاص هو عقيدة التقمص التي اهتممت بها في فترة من فترات حياتي و ما زلت أذكر أحد أوائل الكتب " الخيالية " عنها لرون هابارد .
غير أن التقمص مشتق أساسه قمص ، و ثمة مشتق آخر يعني في ما يعني ( الشخص القلق الذي لا يستقر ) و عموماً فكل إيحاءات هذا الجذر تعطي معنى " عدم الاستقرار و القلق " بما في ذلك الكلمة المعبرة عن عقيدة التقمص ( حيث الروح لا تستقر على جسد : كلما بلي واحد انتقلت إلى آخر ) .و بالتالي فهذا هو المعنى العام الذي تنبثق منه كل الدلالات الأخرى .
و ...ما علاقة هذا المعنى بالقصيدة ؟
المقطع الأول : شخص ما ..قلق ..
افتتاح النص يبدأ بشخص غُفْلٍ واجف ..لكن القصيدة لا تقولها بهذا الطول ، بل توجز ذلك كله بكلمة حالية واحدة :
واجفاً ...
و الوجوف : هو الاضطراب ، كذلك . و هذا الشخص الواجف : يقتص شرود الظل
فالظل له شرود ( إن كانت الشين بالضم ) أو هو ذاته شارد ( إن كانت بالفتح ) ، و في الحالين ثمة ربط بين الشرود و الظل..و هذا الواجف يقتص ذلك الشرود !
لكن ..
الظل لا يكون شيئاً قائماً بذاته ..بل هو موجود ( لوجود ) ..قل هو حصيلة وجود شئ أساس ، و هذا الشئ يأتيه " نور " من طرف مقابل ، ليتكون من ذلك " ظل "
ثم ..شئ آخر : الظل ، بداهة ، ملازم للشئ - صاحبه ، فيزيائياً ، و هم يقولون مجازاً ( يلازمه كظله ) ، غير أن النص يعطينا ظلاً غريباً : فهو منفصل عن صاحبه ( شارد ) و غير ملازم كما عودتنا الطبيعة أن يكون ..!
حتى الآن لدينا :
شخص ( لا نعرفه ) ، مضطرب ( لسبب لا ندريه ) و يقتص ( يقص ) - مع اعتراضي على الكلمة - يقص ظلاً ليس له ..
و لا يزال بعض الإبهام في الموقف ..
هنا تأتي حال أخرى ( لعلها تمييز ) :
مَعبراً
و هذه الكلمة تفصل فصلاً بيّناً ، عن إتمام فعل الواجف الذي هو الآن : يحتسي لذة القفر
الكلمة المفتاح هنا هي " القفر " ، و القفر هو الخلاء من الأرض ( لا نبات و لا شجر و لا حيوان ...).
الشخص الغفل القلق المضطرب يحاول أن يصطنع ظلاً ليس له ، في محيط لا شئ فيه مقفر ، و هو يحتسي هذا القفر ( يشربه على مهل ) و الاحتساء كذلك عند ربطه بالنفس هو : اختبار النفس ( كما هو احتفار الأرض عند ربطه بالأرض ) ..
شخص قلق في محيط مقفر يحاول أن يختبر أو أن يجد حقيقة ذاته بشئ ما يدل عليها ، حتى لو كان هذا الدليل هو ظل ليس له ( يتقمصه ) تقمصاً ..( لعل في هذا إحالة إلى التفكير حسب كوجيتو ديكارت : أنا أفكر ، إذن أنا موجود - فإن ديكارت أراد أن يجد نقطة انطلاق صلبة يبدأ منها في المعرفة بالشك و إعادة النظر في أشياء أخرى ، و قرر أنه عليه أن يثبت ذاته أولاً و إلا لظل كل شئ مشكوكاً فيه ) !!
و بين هذا الاضطراب ، من جهة ، و محاولة " اصطناع ظل يدل على الوجود بدلالة انعكاس الظل عنه ، بين هذين ثمة ( معبر ) هو الذات ..ذات الواجف ..معبر .. قد تبدو هذه حالة وجودية " سارترية " تحديداً - لكن لن أقبل هذا الآن .
المقطع الثاني :
هذا المقطع يوسع المدلول الوجودي قليلاً ، ليعيدنا من إيحاءات العدمية إلى إرهاصاتها الممتعلق بالمسؤولية - الوجودية كذلك -
فالشجن -لغوياً - ليس - بكل بساطة - أي حزن بسيط ، بل إن جذره يحيل إلى حزن أو هم متشابك ، كالغصن ، و الشجن يعني ، فيما يعني : الغصن ، كذلك ..و لست أرى سبباً لهذا التشابك سوى تنوع مصادر هذا الهم : مصادر شخصية و أخرى عامة ..
و حامل هذا الهم ( معترك ) و المعترك هو المشتبك في حرب و الشديد المعالجة فيها ..ثم إن العرِك هو المتداخل بعضه ببعض ..( مما يعيدنا إلى معنى الشجن الأساس : الذي هو الاشتباك ) !!
فعندنا هم متشابك ، من ناحية ، و شخص قادر على ( إدارة الأزمات المتشابكة ) - إن جاز التعبير -
لكن ..هذا الشخص ، أمام الهم الذي يحمله يعاني ( التعب / الكلالة ) ..فخبرته لم تجد نفعاً ..
و هذا الشجن " رصيف " المعترك بما في الرصيف من دلالة " التحييد " عن منطقة الاشتباك الأساس ..فالشجن لا يكتفي بالتغلب على " الذات " بل و يحيدها عن أي صراع آخر .
الأحزان قامت بعزل هذا الشخص و تقييده و تحييده !!
و للروح أحلام ، و للأحلام تجاويف فسدت ، و مقابل هذه التجاويف الفاسدة ثمة ثقوب ينزّ منها رحيق التفاؤل . و النزّ خروج - لا يعبر عن كمية معتد بها بالمناسبة - غير أنه كذلك " عدم الاستقرار في مكان محدد ..( و هذا يعيدنا إلى فكرة الاضطراب ..و التقمص الذي هو القلق ) و هناك بياض ..مثل امرأة فتّق العشق براكينها فتنزّلت عناقاً ( و هي صورة أريد أن أبدي إعجاباً شديداً خاصاً بها كصورة منفردة )
غير أن كل هذا ( التفاؤل - البياض - المرأة ) - كل هذا سببه ( وطأة الظل ) ..
الظل الشارد ذاته في المقطع الأول ..فبسبب تلك المعالجة غير المنطقية باقتصاص ظل من خارج الذات لإثبات الذات ( التقمص ) ، - تلك المعالجة سببت وطأة ( دوساً ) للذات الخاطئة بمثل هذا التقمص غير المرضي عنه ضمناً .
و كل ذلك التحييد ، و التعب ..من جهة ، و رحيق التفاؤل و البياض و المرأة ..من جهة أخرى ..إنما هي تقلبات نفسية لذات تعالج ظلا لتقتصه لنفسها ( و هو لغيرها أساساً ) .
المقطع الثالث :
هذا المقطع تأكيد للتقلبات النفسية في المقطع السابق .
المقطعان الرابع و الخامس :
يدخل هنا شخص جديد ( لعله وعي كامن ، أو ضمير كانت تغالبه الذات و هي تحاول خداع ذاتها ) و هذا الشخص آمر أو ناصح : خُذْ ..أحتسِ ..
و ماذا ينبغي أن يأخذ ؟ النبيذ ليس مشروبا فقط ..بل هو كل ما ينبذ ..
فالشخص الجديد يطلب / يأمر / ينصح : من أجل إخراج الذات من كل هذا الوهم ، و يطالب بتحديد موقف عاجل : ابتعد و استسلم ..أو تشبث !
خذ أكثر من النبيذ
احتسِ المقدرة على التشبث .
و ذلك لأن الليل آت ..و حسم الأمر مطلوب نهاراً قبل أن تأتي هذه الليلة ، لأن كل الظلال تختفي ليلاً - ظلال الذات أو ظلال الذوات الأخرى - حتى النجوم ستختفي فلا مطمع و لو بظل شاحب بسيط !
و حتى ملجؤك الذي اعتدته من أجل التعبير عن همومك لن يجديك نفعاً لأن ( جسد الحديث مكفهر ) و ما الحديث سوى شكل للتعبير عن الذات - غالباً هو الشعر هنا - ملجؤك هذا سيتبرج جسده فلا يعود معبّراً عن الحقيقة كما ينبغي أن تكون ، بل كما يشاء التصنع و التبرج ، و الخداع أن يفعل !
فما الذي حدث ليتغير الحديث ( وسيلة خلاص الشعراء - أو البشر بما هم ناطقون ) :
إنه الطريق : الذي يسرق دم الحواة ( و الذات هنا هي من هؤلاء الحواة ، بدلالة المقطع التالي ( احتو الليل ) ) الحواة اتلذين يريدون استيعاب ( احتواء الليل ) و ما يتبعه من انعدام الظلال ..
هنا ينتهي المقطع إلى ميل لاستيعاب هذا الليل الذي يحتمل أن يسرق دمه ، و ميل إلى الشجاعة التي يمثلها متجاسر لم يبق منه سوى مزق ..
و نتيجة مهمة : أن يكون مبصراً ..في هذا الليل .
القصيدة إذن تصف ذاتاً قلقة تتناولها الهموم كلها - عامة و خاصة - و تغلبها - رغم أنها مهأة للعراك - و هذه الذات ترى الطريق يسلب ممنها القدرة على وصف ذاتها ، و تتحاول أن تحل الأمر خطأ في البداية : بتقمص ظل ذات أخرى ..غير أنها تحاول أن تحسم الأمر بعد اكتشاف أن هذه الطريقة غير صحيحة فالذات لايثبتها شئ من خارجها ..خصوصا في هذا الطريق ( الحياة ) الذي يزور حتى إمكاني التعبير عن ذواتنا ..و القصيدة ترى أن هذا العالم قفر ، و مزور ، و مداهن و الأشياء فيه مختلطة ..و لاسبيل إلا بالبدء بإثبات الذات ، و هذا لا يأتي من خارج الذات ..و إن هذا هو العراك الأهم في الحياة .
فإما أن تجد الذات " ذاتها " على الحقيقة ..أو لا شئ : ستكون معرضة لطريق يسلب من يحاولون احتواءه بالنفاؤل المفتعل ، و المعرفة الزائفة للذات - سيسلب الطريق هؤلاء حتى دمهم !!
تحية لك يا بله ..فلقد عشت مغامرة رائعة هنا .
04-06-2011, 09:44 AM
هواري نمر
هواري نمر
تاريخ التسجيل: 04-29-2009
مجموع المشاركات: 1833
لا يتوانى الليلُ عن قنصِ الضوءِ، إلا أن يُزمعَ المضي، يتشقَّقُ العبقُ من السحرِ... قبسٌ.. تراتيلٌ من فِجاجِ الرُّوحِ. فجرٌ. لا على الأرضِ... مُحالٌ أن يحلَّ النبضُ من جيدِ النُبُوءاتِ، لو طمحَ البِناءُ، تنتفي خارطةُ المكائدِ والمشارِطِ والمقاصِل.. يتنصّلُ العُمرُ مما يعتمرهُ على جُلبابِ المسافاتِ، يهزّجُ برغباتٍ مُؤتلفاتٍ بالهربِ، تُهدّمُ صرحَ الخطواتِ حاجيَّاتٌ رثّةٌ تكتنفُُ الأفئدةَ.. و ككفيفٍ يعرفهُ الترتيبُ والإغماءُ، تغمرُهُ المساراتُ بالمغائصِِ والدسائسِ والخسائِر.
4)
حين تبالغين في اللامُبالاةِ، تنفُّخين صدرَكِ بالضُمُورِ، تلقينَ على رئةِ المُدنفِ حلمةَ الوُعُودِ ممصوصةٍ حتى النخاعِ... هل بالإمكانِ: دغدغةِ الإغفاءةِ لتتقلّبَ بأسِرَّةِ الأحلامِ عارية، مُواربةِ شياطِ الذاكرةِ، حلبِ الدفءِ باتِجاهِ الضبابِ، إيلاجِ رّكبِ الندى الشحَّ، امتطاءِ صهوةِ الرغبةِ، ائتِلافِ الندم!!!
5)
لو داعبتكِ زوارقُ الصحوِ، ابتهجتِ بخشخشةِ الخُرُوجِ، فتحتِ ريِّقَ اللونِ في وترِ المسارِ، راقصتِ الرضيعَ، منارةً فمنارةً سيضيءُ حُلمُكِ، يستطيل...
المساءُ وسادةُ العابِد، يُصافحُها بنظراتِهِ الغارقةِ في الذِّكرِ، وتمتمتُهُ مُصوَّبةٌ للبعيدِ.. كأنه يستجيرُ بالسَّحابِ والأفلاكِ من ذوي الضمائرِ المرميةِ في المحرقةِ.. كأنه يستجدي بدمعٍ مرسومٍ على سحابةٍ لا يُلمحُ منها سِوى دِيمةً عاطلةً.. وكأنه يُنبتُ في السفحِ ركضًا، ولا يلحقُ بخُطواتِهِ الدّاجنةِ في دُجُنَّةِ الإعطابِ.. والأورادُ غارِقةٌ في الارتِدادِ، مصحوبةٍ بركلاتِ قُطاعِ الطُرقِ، المُنتبِذَين قصياً في الضَّلال..
ويلٌ
1) كنتُ قد ابتهجتُ قبل الآن ما يكفي، كي تطلقَني قهقهاتي في فضاءٍ تملأهُ الرّشاقةُ.. كفارسٍ يرتدي أعصابَهُ بخِنصرِهِ، يطلي أشرعةَ البياضِ بالحِّيلِ، ولا يسقُطُ عن صهوةِ حُرقتِهِ، سِوى ليقطفَ من فيهِ الريحِ عتادَهُ..
قلقاً حين أساومُ الضوءَ على قُبلاتِهِ، وأقايضُ الأحزانَ بأشواقٍ خاسرةٍ، أفضي بها لابتساماتِ الحبيبةِ بالبالِ، حين لا تبرحُ مضجعي، تتمثَّلُ بذهنِ الطُقُوسِ، والقنانيّ المُفترشةَ لأرضِ الرّعشةِ ...... بالحسِّ..
كنتُ قد اكترثتُ قبل الآن بالموتِ.. ولم أحفلْ لتضرَّعي المُفتقدَ للتوازنِ، حيثُ أركضُ خالي الوفاضِ، رغمَ تهدُّجي الذي لا يبقيني على حالٍ، بآناءِ الأوجاعِ، وأطرافِ الهذيان.. 2) والمساءُ يُبدّلُ أوقاتَهُ من هيئاتِنا.. تحشوُ رأسي الأسئلةُ، مُدبّبةٌ حوافِها، وحائرة..
لو نتلمّس... نطلقُ من روحينا زخمَ التواؤمِ، لنغمرَ هذا الكونَ المُضاءَ بالدّمارِ، والقاذُوراتِ، والإرهابِ المُعلنِ والمُستتر" . . . سيحتكمُ النبيهُ للضفائرِ المجدولةِ بالنبيذِ، ويُلقي بالحيرةِ أعلى كتفِ الساقيةِ المُعطّلةِ، ويدورُ..
وما الشاهدُ إلا من اعترتهُ الكآبةُ، وهرولتْ في عُرُوقِهِ أهازيجُ الوهنِ.. ومُعتنقُ النوى في دُرُوبٍ مألُوفةٍ مطروقةٍ بالغيابِ، تُضيعهُ بالخُلجانِ ولا يُجادلْ الخُطى . . . " أسترِحْ!... فتعتصمَ بحبلٍ واهنٍ للأملِ، لا يربطُ المسافاتَ المُتباينةَ المُتآكّلةَ، ولا يستلقي على أديمٍ يصطفيهُ النظرُ: شأنٌ " 2) ليلٌ أقبل لن تحملَنا أهدابُ مرافئهِ... وتُرفرفُ . . . نغلقُ العُيونَ، نفتحُ المدارِكَ الخفيَّةَ لأحلامِنا، وهواجِسِنا، وشطحاتِنا الشيطانيَّة، في موتِنا الصغير..
والكونُ في سُباتِهِ.. تُرفرفُ الأحلامُ للبعيدِ: للطيرِ في أوكارهِ/ للحبيبةِ في دُرُوبِها الغريبةِ بالرُّوحِ/ للحمامِ التائهِ عن الأغصانِ/ للصباحِ وأضواءِهِ التي تخفي أحلامنا الشريدة..
وها أنا وأمتعتي الثقيلةِ / بروحي، وبمخلفاتِ الصمتِ... أسندُّ شكّي إلى هديرِ البحرِ، إذ تجتاحُ أقصى نكوصي... 2) أراكَ، حين اشتعلتَ، طوحتَ بأنفاسِكَ، جئتَ من بابٍ مواربٍ، أسميتهُ القصيدَ... فاشتعلتُ مثلكَ بالبقاءِ بين دفتيهِ، يُنيرُني... ولا يحترقُ مني الوثبُ.
ثمة روحٌ تحزمُ التفاصيلَ، تلتقطُ كعصفورٍ شهواتَ المدى بين سطرين، بين مقطعٍ ونوافِذٍ قصيةِ الندى...
ثمة خيطٌ ألقيتَهُ في ثنايا عِبارتين، وعبرتَ، تضحكُ... إذ نتعثرُ إلا في وضوحِ السطورِ، تقصّينا المكائدُ، تضحكُ... وحتماً تؤوبُ، تقرصُ بلثغةِ الشِّعرِ في ألسنِ العصافيرِ: براحنا، وتنطَّ، تنطَّ، والضوءُ يشرحُ بين الحين والحينِ بعضَ حنين...
حتماً...
24/10/2007م
04-09-2011, 07:16 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
في الحُجرةِ المُجاوِرةِ، يكشفُ الضوءُ ساقَ العِطرِ: مُبللةً بزهرِ الزهوِ، غافِيةً على الشبقِ، يلهو فوق شِراعِها المنصُوبِ، على التململِ.. ويتثنّى بداخلِها: الأريجُ.. وسواعِدُ النشوةِ الممدودةِ من بصرِ الكاشِفِ، في الغُرفةِ المُعتمةِ المُطلّةِ على المشهدِ.
خارجاً من دمائك تبحث عن وطن فيك مستغرق في الدموع وطن ربما ضيعت خوفاً عليه وأمعنت في التيه .. كي لا يضيع أهو تلك الطقوس.. التي ألبستك طحالبها في عصور الصقيع! أهُو تلك المدائن.. تعشق زوارها، ثم تصلبهم في خشوع؟ أهو تلك الشموس.. التي هجعت فيك.. حالمة بمجيء الربيع؟ أهُو أنت.. وقد أبصرتك العيون.. وأبصرتها في ضباب الشموع؟ *** خارجاً من غيابك لا قمر في الغياب ولا مطر في الحضور مثلما أنت في حفلة العُرس والموت لا شيء إلا انتظار مرير وانحناء حزين على حافة الشعر في ليل هذا الشتاء الكبير ترقب الأفق المتداخل في أُفق لم يزل عابراً في الأثير رُبّما لم تكن ربما كنت في نحلة الماء أو يرقات الجذور ربما كان أجمل لو أطبقت راحتاك على باقةٍ من زهور!
رؤيا أخرى - بله محمد الفاضل
إلى محمد مفتاح الفيتوري
والِجاً في ابتدائكَ تُفتشُّ عن صنمٍ يقتفيكَ ساكِنٌ في خضوع. صنمٌ توشك من خشيةٍ أو من ضلالٍ مكينٍ أن تزينه بالشموع. أمِن شجنٍ جارِفٍ عطرتهُ الأراجيزُ واحترقتْ في زواياه قصص الصقيع... سلبتكَ النوايا نزقاً واقتراباً من قلقٍ يشع في شظايا النفسِ يؤججُ النجيع. أو بينما ترتبُ لتيّارِ الأوجاعِ فيك داهم الصنمُ وِحدةً تحتدُّ تحتـدُّ تحتتتتتتتتدُّ كلما أوقد وجدُ أناكَ دماً حبستهُ الحياةُ في عروقِ الالتياعِ والتفجع الرفيع. فقُم باتجاهِ الإيابِ إلى حيث أنت وإلى حيث مطرٍ من الضوءِ بين ثنايا الابتداءِ والانتهاءِ وحيث لا احتماء في حوافِ الشرودِ القتيل المريع. تحتضنُ الأُفقَ القابِعَ في سِلالِ الندى أنه أنتَ دونما صنمٍ يختِّلُ الطِفلَ ويختلي بالمآقي يسلسلُ الدمعَ الخليع.
26/8/2009م
04-10-2011, 04:51 PM
Abdlaziz Eisa
Abdlaziz Eisa
تاريخ التسجيل: 02-03-2007
مجموع المشاركات: 22291
- الدّنيا ظلمة.. قهقهَ الحُزنُ بانتِظامٍ، وأرسلَ ضَفائرَهُ. - هُناك من قرعَ الطُبُولَ، وأنتظرَ النَّهارَ، فما أتى!! - تسترسلُ الأحلامُ، - خلسةً – وتبدو مُبهمةً، ترتعد. - لا تأخذكَ حين يمنحكَ الرذاذُ ارتعاشا: بارقةُ أملٍ.. أمضي في ثنايا الظُلمةِ مُبتهِجا، فقد تآكّلت خواطركَ، ذاك قدرك.. ابتسم في وجهِ الطُوفانِ الأتي، ولا ترتدّ. - الضوءُ يلِّجُ بغتةً، - دوننا – بين أُولي النّهي والرِّياش، لا بأحضانِ الصعاليك. - لتمتدّ يدكَ تُنعشَ تآكّلَ الرأسِ، قد تورّمَ الجلدُ، ولاتدمّيه. انتعلَ أفكاركَ الهزيلةَ، وأمضي!! - تلك التعاسةُ ما بها، لماذا لا تبتسمْ في وجهي، ترسلُ أفيونَها المدسوسَ في ذاتي، كالبريقِ !! فقد أدمنتَها.
الكُؤوسُ في يدي تترّا، ولا تجادلُ، ترتجفُ وتُغادرُني في العُمق.
أزرعُ في جوفي هدوء، أطوي المسافاتَ على الكُرسي، في سُكُون.
تأخذُني الأيَّامُ في الدفءِ/ تعصَّرُني / تذوَّبُني / ولا أنجو.
أستجدي الطُرُقاتَ مُبتسِماً... هل هُناك ظِلّ؟
تنفلتُ السُخريَّةُ، ترسمُ نفسها على محيَّاهم، - إني غريب – - سِيّان... إذا مضتْ بِكَ الأيَّامُ، أو مضيتَ مُنتعلاً الصبرَ، فالمسارُ على لظًى. - تُكبَّلُني الطُرُقاتُ المُتوثّبةُ، والموجُ الهادرُ والبُركانُ. أتلوَّى على مضضٍ، ألوانُ الحرباءِ تستهويني!!
تلك الزخارفَ تبدو كالرمزِ، على حنطةِ الكلِماتِ. - لم يتوقَّفْ... مسّتهُ الأنامِلُ فتحوَّرَ وتشكلَ، في نشوءٍ. - من يستدين! فقد مضتْ أعوامٌ قبل البون، من غيرِ ارتياد... لقد أدمنتُها!!
الحُزنُ الميتُ في الأحداقِ، ألمٌ، أحزانٌ دافئةٌ. والصرخةُ تموتُ في أحشاءِ الليلِ، ولاأسف!!
الرّخامُ ليس من شهوةٍ للرّياحِ، أو ليُشكِلَ في العيونِ: أقواسَ قُزحٍ، يتبرّجُ في الممراتِ.
الرّخامُ رغبةُ الأرضِ، في إخفاءِ قبضتِها (اللّهابةِ)، عن جَفنِ الرُّفاتِ.
أو لم تر كيف فاءتْ رّفةُ الملاكِ، إلى حائطٍ تكحلّ بالرُّوثِ، وضجتْ خلفهُ امرأةٌ... كلما تمسّكتْ بنهرٍ من النزقِ، شردَ العُنفوانُ إلى دربِ الصفاتِ.
ومنذها... منذ أن تفتحتْ أكمامُ اللهفةِ في الملامِ، غطّتْ رغوتَها، بإباحةِ النهوضِ من عجيزتِها، لخيلِ الضجرِ... واستلقتْ بسُلمِ الأيامِ، تنهرُ الأحلامَ، بركضٍ لا يرتطمُ بالفواتِ. ... هُناك ... في ربيعِ الصخبِ، تتراشقُ الأرواحُ نبيذَ الجسدِ الزِلالِ، حُلّةٌ من الضوءِ يقتبسُها ليلُ التراتيلِ السّكُوتِ، حين تتسكعُ الأصابِعُ في الثقوبِ، تشدُّ خيوطَ الآهاتِ في قميصِ التناغُمِ... أفتحْ شُرفةَ الرّبِ، وأدلِفْ مُكللاً بالصندلِ إلى أركانِ المسراتِ.
هُناك... تتساقى النّهاراتُ {التي تضلُّ /دونما ترتيبٍ/ رتابةَ المكوثَ بين ذاكِرةِ النواحِ} شيئاً من الطينِ والاحتدامِ والوثباتِ.
وها أنتَ في كسلٍ.. {أيها المأخوذُ من ظِلِّ أنغامٍ تمشي بالنملِ في المسامِ} تقدّحُ لأصواتِ غفوةِ الظافِرِ في المنامِ، بما يشُّقُ ترصيصهُ في صحوِ المقاماتِ.
الرخامُ حيزٌ في ذاكِرةِ الرّجُلِ، يخفي طي ألوانِهِ المُلّوِحةِ للربيعِ المُتقرفِصِ خلف الرُّوثِ: أشتاتاً من التبرعُمِ المُجندلِ، وشيئاً من كذِبِ السماواتِ.
ووحدُها... تعرفُ في تأففٍ وثابٍ، كيف تزجُرُ وخزاتَ الندى المِلحاحِ، لما يرتدي الليلُ حِراكَ الأبصارِ من نهارِ الشهواتِ.
وحدُها... تجتثُّ منبتَ الصبواتِ. 8/6/2009م
04-12-2011, 06:07 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
لأنك صديقي جداً.. فإني أشطبك، فأنت لن تمسي يوماً مِثالاً للخيانةِ يُحتذى، أو رفيقاً للسمجِ يُقتدى.. فيا صديقي في هكذا عصرٍ، أشطبك
اختبرتك مراراً وفشلت في تحويلك إلى رفيقٍ دائمٍ.. مثلاً: أفضيتُ بأسراري المُفتعلة إليك، فلم تبح لأحد!! غالطتك في المُسلماتِ، فارتخيتَ، ولم تقل أُفٍ بل وبعد!! جئتك فارِداً وعودي المطاطية ذات دينٍ، فلم تُبد غير سماحٍ وسند!!
أنا لا أمقتك وأنت هكذا يا صديقي، لكنك وكلي على يقينٍ، بأنك بهذا العصر الأمرد، لست أحد!!
لذا –يا حبيبي- فإني أشطبك، ولا أُبدي ندماً يُعد!!
30/10/2006م
04-13-2011, 07:01 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
1/ الأمرُ لم يعُدْ كما كان... الأيامُ امتطتْ المضي، داستْ بأقدامِ مقتٍ على أفئدةٍ، تتناثرُ بهُدبِ المكان.
الإلهُ لم يعُدْ يأبهُ للألوانِ، يُدخلُها في غيبوبةِ الرتقِ، يحتويها / يفرخُ العتمةَ... فيتغشى نعاسُ البصيرةِ السابِلةَ... تزدادُ سِعةُ الضوءِ... يلعقُها الزمان. 2/ أنتَ فتحتَ بريقَ الفُجاءةِ، أقحمتَ الرِّيحَ في سُنبلةِ الوقتِ، ماطلتَ الغيمَ، شققتَ التيهَ بحسراتٍ كفيلاتٍ بإثارةِ البلبلةِ في أنفاسِ العصافيرِ، في زوايا الشجرِ، أنتَ من حجرٍ، ومن ياقوتةٍ سطتْ على الليلةِ، رملتِ السماءَ في قنديلٍ وحيدٍ تُزيته، أنتَ من عبثٍ، تهجأتَ جسدَ الندى، نثرتَ على يديهِ قبساً ودندنةً مشروخةً بالذهابِ، أنتَ من لونٍ، من تفاصيلِ التشيؤ، من كبرياءٍ مطعون الأوان. 3/ فيم تمنحُ خطواتكَ النواحَ، تخدشُها بالسِّرِّ، بعبقِ العُتهِ، تتبارى ألسنتُها في شجِ أوتارِكَ بالنضوجِ!! أنتَ عاينتَ المسارَ، وارتضيتَ الدقَ على مساميرٍ مُخلخلةٍ بجدارٍ بلا جدار فارتخي للحنان. 4/ كيف تبتسمُ، تفتحُ وجهكَ على ضفتيهِ، كما الشوارِعِ الخلفيةِ لتضاريسِ الروحِ، تحدقُ بشراسةٍ سافِرةٍ في خُطواتِ الموتِ!! أنتَ من مُجابهةٍ، من عنفوانٍ، من هروبٍ إلى أحضانِ مُقتفيكَ، أنت من عنادٍ باهِرٍ من جنونِ جان!!
هذا الموتُ ضفيرةٌ مُعلقةٌ في جسدِ روحِكَ... تحتضنَهُ/ يفرُّ عنكَ/ ليُباغِتَكَ كما كان!! 5/ وفيما يحلبُ المساءُ أخرَ قطراتِ نبوءاتِكَ النابِحة بالخرابِ، تنسلُ إلى حيث ترقدُ هواجِسُكَ على وسادةٍ تبرزُ منها دبابيسُ العُزلةِ... أنت الآن مطعونٌ بالإيابِ و التناهيد تكشط الأرجوان!! 14/9/2006م
04-14-2011, 02:47 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
إلى العزيز أبي بكر يوسف إبراهيم ويعلمُ لماذا ... بينما أنا فلا !!
قِفْ عند هذا الحدِّ، من شبقِ الوصول. لن تبلُغَ الأقمارُ، زاويةً تضّمخَ زنخُها: بالوجدِ.. وأستاكتْ جوارِحُها: بزهرِ النّارِ.. فارتدتِ الهطول . . . ها قد علِمتَ، فما ترى.. أن المسافةَ تنثني، لو جئتَ في مهلٍ، لشطِ المحوِ.. صافحتَ النحول..!! 28/1/2009م
04-16-2011, 07:04 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
كانت تُكحلُ الصباحَ بالغِناء.. تمشي كما الألوانِ في الرسمِ، لتُسهدَ السماء.. وعلى مهلٍ... كانت تلّمُ هواءَ نافِذةٍ، تصدُّ العبقَ والأضواء.. كانت نيّةُ الخالِقِ في شحذِ الأرواحِ، بالبهاء..
2/ العاشِق
كُلما كلمتُها.. هبَّ النشيدُ إلى الحناجِرِ، طارتْ إلى رياضِ اللهِ: أنداءُ الهوى.. وأستوى في الجوفِ، مِثل المارِقينَ إلى النوى: طيفُ المُنى.. والليلُ، لا كالارتماءِ ببحرِ ظنٍّ، من حنايا الصوتِ والوردِ، ارتوى..
2/ الرائي
يتقاعسونَ عن حَملِ البراحِ، والبراحُ من وتر.. يحلمونَ بالندى، ولا يثيرونَ المطر..
3/ البِلاد
على كتِفِ النوايا، يتسّعُ النّهار.
البِلادُ طِيبُ البرايا، وثبةُ الأزهار.
11/5/2009م
04-17-2011, 08:21 AM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
لكم تفرعتِ الأوجاعُ حتى بدت لمِرآةِ الغريبِ: كأفعى لها ثُقبُ حليبٍ وثُقبُ سُمٍ زعافٍ، ترقصُ حتى مطلع الموتِ اللئيمِ، وكوابيسِهِ الضريرة.
12/
كلذّةِ الموتِ والأحاجي، ما انتويتُ من الجِراح.. كالشوارعِ التي ما اغتسلتْ يوماً، من الخطايا المطمئنةِ.. .... .... .... .... أو ذات حين من زوايا مُدلهمة!!
13/
على قرعِ البابِ المواربِ للأشجانِ -محارةَ روحي- اضطربتْ أحشاءُ البيتِ، الضالِعِ في الوحشة.
الظَّهيرة
14/
في غابةٍ من التخومِ تتوهجينَ، كأيِّ آيةٍ من الطبيعةِ البِكرِ.. وتُحسنينَ دسَّ وجهةٍ غريبةٍ، بمآتمِ التضادِّ.. كأنما الشِراكُ تصطادُّ جُثتي، بفجوةِ الظَّهيرة.
15/
قد تعجننُي الظَّهيرةُ.. وأصابعي تَضربُ في حنُوٍ، على أوتارِ حُروفٍ تَزمعُ أن تمضي إليك.. مؤتلقةً بالنواميسِ السعيدة.
16/
عندما اللا صمت يصعّقُ جُدرانَ النّهارِ، تشتبكُ الأساوِرُ والمدارُ.. أجيءُ في نعشي، أُكدسُني لديكْ زهراً، وألحاناً مديدة.
17/
على ما تشتهين، تُحدِّقُ عصافيرُ الوجدِ في جوفِ الجُنونِ، وشيئاً فشيئا، يغرّدُ الوردُ بوجهكِ المختومِ بالأنهارِ، والآمالِ البعيدة.
18/
حسناً يفعلُ بي الحُزنُ، في خفةٍ يتطايرُ الشُّرودُ عن برزخِكْ، أتضاءلُ.. حتى يتخطفُني السُّكوتُ، ألتمُّ بحناياك الرحيبة.
19/
مُذ ربّيتُ حدسي، على سِلالِ النبوءةِ.. انبرى الموتُ من شهوةِ النضارِ، يرسمُ حِججَ الغِبارِ، لينالَ من سحنة روحي الغريبة.
20/
هُناك.. حيث الحصى يؤكد انتماؤه للدّروبِ الحارِقةِ، تُبدّدُ الأرجلُ أثري على الرَّملِ، فيحلِّقُ مع أشواقي بسماءِ القريةِ، هُناك.. تلتقطُني أمي من سِترةِ الأفلاكِ -عارياً- وترسلني مسوراً بالدعاءِ والحنانِ، بالنوايا العريضة.
21/
ليتني كذلك.. أمارِسُ سهوي بشأنِ النوارِسِ، فقلبي كعشٍّ خرابٍ، تركُّ بجنبيهِ الكوارِث.. وما ضلّ شأني لأني أُعاني احتراقي، فذا جِلد وجهي يخصُّ الحنايا، بعكسِ ما يمارسُها في الصحوِ والظَّهيرة.
11/6/2008م
خارج الإطار داخل المدار
لا تحلمُ بيدٍّ تربطُ وشوشتَها بنحيبِكَ المُراق.. أُحبولةٌ حبكتَها شهوةُ الهواءِ، كأيقونةٍ دستْ شرايينكَ عن التواءِ المسراتِ: بالأودية..
04-21-2011, 08:39 AM
هند محمد
هند محمد
تاريخ التسجيل: 05-30-2007
مجموع المشاركات: 4300
بعيدٌ عن الضوضاءِ، تفضحُ الضوءَ رعشتُكْ. وأصابعي بين بين... أن تُعلقني بمسامِ الضوءِ، أو تُرتّبني بخفقِ خواطِرِكْ. لا غروَ أن لي وُجهتين، صوتي... حين ينزعُني من خيالاتي الطريقُ، وأذرُعي... بينما أِلتمُّ برونقِكْ.
وأرفق أدناه قراءة الصديق والشاعر العراقي (سعد الياسري) ومبادرة الصديق أيضاً (نضال قحطان) بالنشر في جريدة (عكاظ) السعودية..
القراءة :
يميل الشعراء في العادة إلى الإبقاء على منفذ واحد للنجاة خلال النص ، فيما يُبقي الشاعر هنا على منفذين ، ويعلّل بشكل أقرب إلى الجزم إلى أن الجهتين اللتين له أمر طبيعي وفق ما يراه من هذا الخليل أو المُخاطَب في عمومه .
يعتمد الشاعر " بله محمد الفاضل " على تصوّره للمحيط الخارجي دون أن يلبّي بذلك أي متطلب خارجي يختلف في رؤاه ربّما ، فهو يجزم منذ البداية :
بَعيدٌ عن الضَوْضاءِ
وهذا تصريح بحالة المحيط الذي يعيشه المُخاطَب هنا ، الضوضاء هي السمة الغالبة ، و هو يخاطبه بعيداً عنها ، والبعد هنا يحتمل التأويلين :
1 / أنّ المُخاطَب بعيد عن تلك الضوضاء . 2 / أنّ المُخاطَب في ذات الضوضاء ؛ ويجتهد الشاعر للتواصل معه بعيداً عن تأثيراتها المباشرة .
وأنا أميل إلى التأويل الأوّل على كل حال لأنّ " بعيدٌ " وردت مرفوعة وليست حالاً . ونعود للنص حيث أنّ النص يفسّر نفسه بنفسِه ويقول :
تَفَضْحُ الضَوْءَ رَعَشتُكْ
أي أنّه يضيء حين ارتعاشه ، ووفق أي تفسير منطقي سنقبل التأويل القائل بأنّه بعيد مكانياً عن أي ضوضاء يمارس رعشته البهية فاضحًا الضوء . وحين يتحدث الشاعر هنا عن الرعشة فهو يتناولها من منطلق إنساني / روحاني بحت ، وإلا لجاء بالماءِ أو سواه بدلاً عن الضوء لو شاء أي إسقاط حسّي للنص .
وأصابِعي بين بين... أن تُعلِقَني بمَسامِ الضَوْءِ، أو تُرتَّبَني بخَفَقِ خَواطِرِكْ
ربما لن يكون في الأمر أي غرابة لولا ورود تلك اللفظة " خواطرك " ، ولأنها فيما أزعم جمع مفردهُ " خاطر " فأنا أستبعد هنا أن يكون المقصود منها ( النفس / القلب / البال ) لأنها أتت بصيغة الجمع و هو ما لا يجوز أن يكون معنى لتلك المفردات ، و لكنني أميل إلى أنه أراد منها " الهاجس " الذي يغزو النفس ويمر على القلب فيفعل فعله .. !!
وعليه تكون " أصابع " الناص هنا بين لذّتين :
1 / التمسّك بمسام الضوء ؛ ذات الضوء الناتج عن فضيحة سببتها الرعشة آنفة الذكر . 2 / التسليم بشكل مفاجئ دون مقدّمات إلى المُخاطَب ، ليرتّبه كما شاء ، و لكنه لم يمنحه متّسعاً لحرية اختيار طريقة الترتيب تلك ، إذ أنّه أصرّ على أن يكون عبر " خفق الخواطر " أي عبر اضطراب تلك الهواجس التي تحدثنا عنها .
و هذا أمر متميز فيما أرى ، لأنّه يختار بين نقيضين ، إما ضوء الرعشة أو قلق الهواجس .. و لعمري أنّه اختار الثانية دون أن يصرّح .. !!
في المقطع الأخير من النص ؛ يمسك الشاعر بمجموعة تصوراتنا و يتلفها حين يقول :
لا غَرْوَ أن لي وُجْهتين، صَوْتي... حين يَنَزعُني من خَيَالاتي الطَريقُ، وأَذْرُعي... بينما اِلْتَمُّ برَوْنَقِكْ
فبعد أن حسمنا أمر وجهتيه ؛ يخرج علينا بوجهتين جديدتين تمامًا ، و يدخل إلى النص و لأوّل مرة لفظ سماعي كما في " صوتي " . وجميل هو التركيب :
حين يَنَزعُني من خَيَالاتي الطَريقُ
أيضًا دعوني أقف مع " أذرعي " وما تعنيه هنا .. ؟! طبعًا أنا ممن لا يجيز و لا يحب ولا يستسيغ جمع المثنى أصلاً إلا في الضرورات . كما في " الذراع / العين / الوجنة / الأذن / القدم / اليد " ، إذ أنني لا أتخيل شاعراً يقول " عيوني " وهو يملك عينين فقط . وشاعرنا هنا أساء وفادتي حين قال " أذرعي " ، ولا أدري ما يريد منها ، خاصّة أنّه قال في المقطع السابق " أصابعي " وكانت مقبولة بالطبع ، فإلامَ أتى بالأذرع هنا ؟ و كيف له عدّة أذرع ؟ لا أدري و لكن مجرد تخيّل الأمر يفسد متعتي .
و يعود في النهاية ليختار بين الوجهتين و يفضّل أن تكونا في النهاية وجهة واحدة حيث أن كل ما سبق هو في سبيل التقديم فيما أرى لـ التّلملم في رونق المُخاطَب و البهاء الذي يتقن .
* الأصل في اللغة أن يتقدم الفاعل على المفعول به ، و شاعرنا هنا يؤخره في موقعين :
تَفَضْحُ الضَوْءَ رَعَشتُكْ
و
يَنَزعُني من خَيَالاتي الطَريقُ
ولا ضير من هذا فسياق الكلام – كما يقال – يزيل اللبس ، ولكنها طريقة يلجأ إليها بعض شعراء القصيدة الموزونة نظرًا لاضطرارهم لوضع مفردة بدلاً عن أخرى ، ولا أدري ما يجبر الشاعر عليها هنا .
* أيضًا ؛ لا أجد مبررًا للقوافي " رعشتك / خواطرك / رونقك " ، وهو أمر ألحظه في النصوص النثرية بكثرة ، وهو غير مطلوب بالمطلق ، بل و أراه من الأمور التي تفسد متعة تلقي النص النثري .. !!
* يركّز الشاعر على المفردات المشرقة أو غير الصامتة / الخاملة في النصّ كما : الضوء / الضوضاء / صوتي / حركة الأذرع / التّلملم .. إلخ .
وهو ما يحيلنا إلى أن النص حركيّ و ليس جامدًا .
في المحصلة ؛ راق لي النص من جوانب عدّة ، وما رأيته عيبًا فيه لا يمنع جماله إطلاقًا ، و أظن – دون رغبة في المجاملة – أن هذا النص من النصوص الناضجة و المعبّرة والمهمة للشاعر " بله محمد الفاضل " .
1) النظراتُ التي توغَّلتْ بهُدُوءٍ إلى حيثُ يقبعُ الإذعانُ، هيَّأتْ لرَّحى الرُّوحِ الدائرةِ: خواءَ المسافة. 2) سينصَّتُ لضوضاءِ الضوءِ قليلا... يديرُ ظهرَ الإمعانِ، يتلهّى بغوغائيّةٍ تداعبُ الفراغَ المُعلَّقَ، على خارِطةِ جِدارٍ هرمٍ يستندُ عليهِ، ثم يطرقُ.. لاشتعالِ عناقِ الوسادة. 3) حينما تخنّقُكَ يداكَ وتبقى شاهداً على ذلك، ما المُدهش!! فقط أحكمي الخناقَ وامنحي روحَهُ السُكُونَ، وإن مزقَكِ الشوقُ.. فأعلمي أنكِ تتعرَّينّ لانتكاسة. 4) كيف استقيتَ من الخواءِ، شحذتَ الهمَّةَ الخرقاءَ كيما تعبرنَّ الليلةَ الليلاءَ.. تكتسحُ المتاهة.
رغم أن أقبيةَ الخرابِ المُستبدِ غادرتْ الرصيفَ، تطايرتْ حولَ المسارِ واعتلتِ الرُّوحُ: أجنحةَ الفراشة.
أكنت تدركَ حينما ارتعشتْ قرابينُ الخطى المُشرئبّاتِ إلى عِناقِ الرُّوحِ، -رغم تقهقُركَ- أنك خاوِ الوفاضِ لا تملَّكنّ سِوى فارعَ القلقِ.. تغمرنَّ بهِ إغواءَ خاصرةِ القصاصة.
أيتها الأوهامُ الـ تعبثُ في دمِهِ، ها هو ذا قد أرتكنَّ، هنئيهِ ببلادِ الارتحالِ إلى الغبطةِ الزَّائفةِ والانكفاءِ وغفوةِ الغرِّ على بُهرجٍ يُسمّيهِ مجازاً: -إكسير السعادة-.
04-26-2011, 07:33 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
حتى لا تتكاثرُ الظُنُونُ.. أقرعُ خِدرَ شمسي، أفِلُّ السُّكون. وأهشُّ في أملٍ، إلى المانِحِ، وإن غزَّ الشكُّ، شوكتَهُ بروحي، وطالْ من أهوى: المنون. دسّ اليقينُ عتادَهُ، فانسقتُ في جزلٍ، إلى المُرادِ، أسعى.. والكائنُ ما يكون.
ماذا هُناك؟
ليتشكلَّ الكائنُ من قلقِ الشُّحوبِ، يقِفَ على رؤوسِ أصابِعِ الشكِّ، طاعِناً في الظِلِّ: أحشاءِ اليقين. كُن كما سارَ السّرابُ، في علياءِ غيِّهِ: مُستبسِلاً، شاتِلاً للوردِ أفكَّ الانتِظارِ.. فيحتمي في دنِّ حُرقتِهِ: ظمأُ الحريقُ.. وتشتهي شِفاهُ الرُّوحِ فيهِ: قُبلةً للضوءِ في عرصاتِهِ . . . كُن فكان المدارُ دواراً، يستديرُ إلى خُطى الرّهقِ، ينهشُّ أثرَّها، ويقتاتُ من أنفاسِها: دويّاً أعرجاً، يراقصهُ الصقيعُ. ماذا هُناك.. سِوى بيدقين، تمتطي –أيها الكائنُ- أحدهما، برضا المُضارعِ، دون أسبابٍ تدحضُ: اتصالَ الظنِّ في ذِهنِ الانغلاقِ! تميمةٌ للعتقِ من شظفِ المرايا: صوتنا في المدى الموحش، واتكاءُ الفِكرِ في روضِ الرضا، مهما تكالبتِ الدوائرُ، وانحنى لبئرِ النفسِ دلوُ الشكِّ . . . كُن، فكان...
أثرُ الرّماد
سِدَّ بابَ الاختيالِ، واتكئ بمسندِ التواضعِ، إن الخِلالَ: نابٌ للسداد. عُرِفَ الحليمُ، عند الاختلالِ، بثورةِ الرّوحِ، والقولِ الرّشاد. ما دنا الشكُّ، من حذرِ الرحيمِ، وإنما عششَ البؤسُ، في صدرِ الرّماد. أي بُني، في مُقبِلِ التيهِ، أورامٌ، وآمالٌ مُزنرةٌ، وآثارُ قومٍ في رمالِ الجِدِّ، فقُل: أنا... ولا تعِدْ ما كان من ماضٍ.. وأنتَ كما الجماد.
شيءٌ للوتنِ والوثنِ
لكي يتمّ الإلهُ تثبيتَ عرشَهُ، يطيلُ التحديقَ في تجاويفِ النُفوسِ، لتبذلَ مالَها وآمالَها، فتحقنّ دمها، وتتناسلُ كالجراد.. ومثلي، إن اتخمني الميلُ.. أندبُ ضحكةً، بحجمِ البَلادِ.. تفضحُ ما تبقى من لُعابِ أنثى، وعرقٍ بلدي.. مثلي، صنوان في ابتلاءِ العِبادِ، بالرغباتِ/ وإحلال ملامحنا النزقة على، القسماتِ.. مثلي، أخلقُ صلصالاً وأخدشهُ، بالتُرهات. 16/1/2008م
أنا لم أعُدْ للرِّيحِ، للضوءِ المُشردِ في اليباب. وما عُدتُ للحِبرِ المُذابِ، بزمهريرِ الليلِ.. يلكُمُهُ الضباب. ما عُدتُ أُحبذُ الترحالَ، في غسقِ الدروبِ، أغوصُ مثل الماءِ، في جسدِ العُباب. أنا مِن خَواءٍ، فامتلئ يا قلبَ.. وأهدِرَ بالغياب. لا تعُدّ للشكِّ، والأشواقِ، ترقيعِ الخراب.
04-30-2011, 08:00 PM
معاوية عبيد الصائم
معاوية عبيد الصائم
تاريخ التسجيل: 06-09-2010
مجموع المشاركات: 22458
1) ما الذي أوهى يديه فرمى في الشجنِ دنّه. سار ينثر بانتباه من مدارٍ يستقله. في وجيب الفقد لاح يرتجي من ذا يدله. نحو دربٍ قد مشاه ثم تاه اليوم عنه. 2) رب شجن اعتراه أو مسار قد هواه لا يُقارع في مداه لو تدلى اليوم مَنّه. مهما أغوته الشياه لا يردد: لا أظنه. 3) في اقتدارٍ لا سواه يُفرِح الروح نداه يُشرِدُ الأضغاث ظنه.
ثم ما تعقدنا يا اخي رغم أن ما سطرته قد مر بي من قبل في فصولنا الدراسية التي لم أحضرها كثيراً المتوسط والابتدائي لأني بصراحة كنت مزوغاتي كبير لكن مسألة فهمها كلها على بعضها كدا قطع شك ما قدرتا عليها فبالله ساعدنا بالترجمة الله يرضى عليك
وأكيد لن أقدر إلا على قول ممتن لعبورك المشرق فمثلك لا يأتي إلا بما ينفع سوى تقريظاً أو خلافه
ولك أكيد محبتي وامتناني واحترامي وأملي في كثير عبور نافع وأنت أهلاً لذلك لا شك
05-04-2011, 07:14 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة