الفرق بين البلدان الفقيرة والغنية

Quote: إسقاطات الجهل البيئي! للكاتب / علي عدنان عشقي رحمك الله يا فاطمة وأسكنك الرحمن فسيح جناته مع إخوتك وإخوانك من الأطفال والنساء والرجال ممن سقطوا شهداء التلوث!! فكم مثلك يا فاطمة من الضحايا خروا صرعى من حمى الضنك ؟ وكم مثلك يا فاطمة قضوا من فيروس الخمرة؟ وكم مثلك يا فاطمة قضوا من الكبد الوبائي؟ وكم مثلك؟ وكم مثلك من قضى وكم مثلك من ينتظر نحبه؟ حسبي الله ونعم الوكيل! وكيف لا يخر الناس صرعى وهناك أكثر من 600 مصرف لمياه الصرف الصحي تلقي بسمومها على شواطئ مدينة جدة؟ وهل يعقل يا أمانة مدينة جدة أن يقذف يوميا ما مقداره 400 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي على سواحل مدينة جدة مع إشراقه كل يوم! حتى أصبحت مدينتنا التي كانت في يوم من الأيام تلقب بعروس البحر الأحمر الأولى عالميا من حيث تلوث سواحلها!! فماذا تركنا لمدن العالم الثالث الأخرى المتخلفة! كفانا من الوعود باقتراب انتهاء شبكة الصرف الصحي! الذي لن ينتهي العمل منها حتى يرث الله الأرض ومن عليها! تصريحات المسؤولين في أمانة مدينة جدة, حول الحادث وبعض رجال الإعلام, كانت تمثل إسقاطا واضحاً للجهل العميق في أمور البيئة, ولا أرى سببا ومبررا مقنعا لما ورد على لسان هؤلاء الجهابذة دون إدراك لما يتحدثون به, فأين الكهوف التي يتحدثون عنها!! فالحادثة وقعت في منطقة لا يتجاوز عمقها عشرين سنتيمترا في فترة جزر البحر Low Tide!! وهي الفترة التي حدث فيها الحادث الأليم. وفي هذا المقام أحب أن ألفت انتباه المعنيين بالأمر إلى نقطة جديرة بالذكر وهي أن هناك قناة أو جرف أو خندق حفر من قبل أمانة مدينة جدة أو مصلحة المياه والصرف الصحي لتسهيل انسياب مياه الصرف الصحي إلى البحر المفتوح, وعمق هذا الجرف يتراوح ما بين 50 سم إلى المتر, وعمقه يتوقف على سلوك المد والجزر سواء كان ذلك مدا شبه يومي Semidiurnal Tide الذي يحدث كل ست ساعات في اليوم الواحد أو مدا وجزرا فصليا Seasonal Tide الذي يحدث مرتين في العام الواحد! وعليه أرجو من لجنة التحقيق في موت فاطمة التحقيق مع من حفر هذا الجرف, وأنا على أتم الاستعداد في مساعدة المحققين في الأمر من الناحية العلمية إذا كان هناك تحقيق!!, لا أريد من ذلك سوى وجه الله, وهنا أطرح سؤالا كيف يتم حفر هذا الجرف دون وضع علامات تحذيرية بوجود مثل هذا الجرف, لا شك أن الجرف ضحل ولكن عمقه ليس ثابتا ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوك المد والجزر!! العلامات التحذيرية عادة توضع في المرافق العامة عندما يقوم عمال النظافة بمسح البلاط!! فما بالكم بمثل هذا الخندق المليء بالطحالب اللزجة!! من قتل فاطمة ليس الغرق أو الكهوف العميقة ولكن من قتل فاطمة هو التلوث! فارتفاع معدلات التلوث بمياه الصرف الصحي هو السبب المباشر وراء الإثراء الغذائي التي تشهده سواحل مدينة جدة, وبعبارة أخرى إن معدلات أملاح النترات والفوسفات هي إحدى المكونات الرئيسية لمياه الصرف الصحي و تمثل الأسمدة العضوية, التي عادة ما تكون السبب الوحيد والمباشر في ازدهار الطحالب, والطحالب هنا على نوعين, النوع الأول ما يعرف باسم طحلب الإنتريمورفا Enteromorpha وهو من الطحالب الخضراء الخيطية فاقعة اللون لزجة الملمس عادة ما تنمو في المناطق الضحلة الملوثة بمياه الصرف الصحي, ويمكن مشاهدة الأطنان منها على طول سواحل مدينة جدة خاصة منطقة الكورنيش الشمالي وذلك لشدة تلوثها بمياه الصرف الصحي, وهي عادة ما تثبت نفسها في القاع بواسطة جذور قرصية دقيقة, وأنا أعتقد اعتقادا كبيراً أن هذه الطحالب, هي المتهم الأول في استشهاد فاطمة, فلزوجة هذه الطحالب الشديدة الموجودة في هذا الجرف قد تسببت في انزلاق فاطمة,وعند سقوطها أرتطم رأسها بإحدى الصخور المرجانية ذات الحواف الحادة الناجمة عن حفر هذا المجرى أو الخندق, الأمر الذي تسبب في إغمائها ومن ثم غرقها. الاحتمال الثاني, في استشهاد فاطمة يعود أيضا إلى الإثراء الغذائي, الذي تسببه الأسمدة المتوفرة في مياه الصرف الصحي, والتي عادة ما تتسبب في تفاقم ظاهرة المد الأحمر Red Tide أو كما تعرف أيضـا بظاهـرة ازدهار الطحالب الضارة Harmful Algal Bloom والتي ينتج بعضها سموما عادة ما تتسبب في شلل تام للجهاز العصبي للإنسان عند ملامستها أثناء السباحة وهذه الظاهرة أي ظاهرة المد الأحمر أصبحت مستوطنة على طول سواحل مدينة جدة, وذلك نتيجة طبيعية لارتفاع معدل التلوث بمياه الصرف الصحي, ومن عظائم الأمور أن أبخرة سموم هذه الطحالب قد تؤثر على المتنزهين على طول سواحل مدينة جدة, وهذا ليس حديثي إنما حديث العلم, وأنا مسؤول عن كل كلمة وردت في هذا المقال, يرحمك الله يا فاطمة وأحسن الله عزاء والديك, وإنا لله وإنا إليه راجعون صحيفة الوطن 8 أغسطس 2009 تحياتي