|
الذاكرة الشفاهية والنسيان
|
فى روايته 1984 الكاتب الانجليزى جورج أوريل رصد تجربة ما أسماه بوزارة الحقيقة مهمتها الاساسية هى طمس الحقيقة ومحوها من الذاكرة. الايرلنديون يحبون التاريخ ومعالمه وهنالك مثل يقول أن الايرلنديون لهم ذاكرة طويلة وممتدة، ولديهم قولة شائعة أعتنقتها بقية الشعوب وهى " نحن نغفر لكننا لا ننسى".
يندهش الكثيرين من غير السودانيين أنه لا توجد صور أو أشرطة فيديو سجلت مأساة الاثنين والثلاثاء من أغسطس 2005. ولا يوجد توثيق من قبل السودانيين أنفسهم لتفاصيل ماساة دارفور أو جبال النوبة والجنوب كلها حكاوى تسمع وتنقل وتنسى، لم يصدر كتاب موثقا لبعض هذه الجرائم سوى كتاب (غائصون فى دماء أمة لمنير شيخ الدين) هذه هى خطورة الذاكرة الشفاهية، عندما وقف شرشل على تلال جبال كررى متأملا منظر جثث شهداء معركة كررى علق قائلا " هؤلاء الشجعان الذين سوف تدفن الصحراء عظامهم لن يسجل تاريخهم سوى غزاتهم". الانظمة الشمولية تراهن من أجل محو الذاكرة والحقيقة، الانقاذ تراهن على النسيان خصوصا نسيان جرائمها من الانقلاب على نظام ديمقراطى شرعى، وحظر الاحزاب السياسية، والاعتقالات والتعذيب، واعلان الجهاد فى حرب الجنوب ومحارق جبال النوبة أنتهاء بدارفور وشرق السودان.
لا يمكن أن يكون هناك تحول ديمقراطى حقيقى ما لم تتم محاسبة مرتكبى هذه الجرائم، ولا يمكن للضحية أن يغفر وينسى فى نفس الوقت هذا أمر يغرى كل من تسول له نفسه مستقبلا أن يرتكب جرائم مماثله لأنه لا يوجد عقاب والرهان على أن هذا الشعب ذاكرته قصيرة أصبح أمرا واردا.
لكم أعجيتنى فكرة الصديق خالد كودى عن شراء بيت الاشباح وتحويله الى متحف حتى لا ننسى هذه التجربة. هل يمكن أن يتحول الحديث الذى يدور فى بعض الاوساط بالخرطوم الان الى واقع فعلى بصدد تشكيل لجان أو لجنة لمتابعة قضايا بعينها مثل القتل فى المعتقلات، التعذيب، الفصل، وتحريك هذه الملفات الان وليس الغد.
|
|
|
|
|
|