|
Re: صدور الكتاب المثير للجدل...دائرة الضوء وخيوط الظلام.. (المحبوب عبدالسلام) (Re: ايهاب اسماعيل)
|
عندما ينتقل المحبوب إلى الحديث عن الدولة السودانية، يقرر ببساطة (أنه لم يكن لدينا في السودان دولة، بل فقط ملامح دولة). ورغم هذا التقرير، يعتقد المحبوب أن (ملامح الدولة هذه قد حدث لها نوع من الردة خلال عقدي الإنقاذ. وأن المؤتمرات الشعبية التي أقامتها الإنقاذ في مطلع عهدها لم تكن نسخا لمؤتمرات الزعيم الليبي معمر القذافي الشعبية، بل كانت محاولة لملء الفراغ السياسي). ويعود المحبوب إلى الحديث عن السلطة والحكم، ويقول (كان لدينا المؤتمرات الشعبية، وكان لدينا أيضا التنظيم الداخلي الذي قال البعض أنه حُل، ولكنه كان مرنا، وكان من الممكن فكه وتركيبه وكان به 40 في المائة من القدامى و60 في المائة من القادمين الجدد). ويستطرد (كان الهدف هو إخراج هذا التنظيم الداخلي في الإنقاذ، والذي نشأ بعد الإنقاذ إلى العلن، وكان من أحلامنا التنظيمية أن نحل تنظيمنا الداخلي على المجتمع كله، ولذا كان هذا التنظيم الداخلي لا مركزي بشكل واسع للغاية).
طبيعة الخلاف
توقف المحبوب عند رؤية المؤتمر الوطني لطبيعة الخلاف، بأن الخلاف كان حول السلطة. ويرد على هذه الرؤية بتأكيد أن الصراع كان حول قضايا تدور حول موضوعات: الدستور، الفيدرالية، والحريات، وبدون حريات لن تكون هناك فيدرالية أو لامركزية، والدستور الذي يقوم على فيدرالية حقيقية لا يمكن أن يتأسس إلا على حرية حقيقية، وعلى اللامركزية. ويفصل المحبوب في طبيعة الخلاف، بأن من بين القضايا أيضا الالتزام بالعهود وما دمنا قدمنا وثيقة (الدستور) لابد من الالتزام بها حتى لو لم يكن الآخرين قد شاركوا بفعالية في وضع هذا الدستور. ويشدد على أن الدولة لا يمكن أن تستمر بدون حريات وفيدرالية، وهنا يعيد إلى الأذهان إفادة قديمة للدكتور حسن الترابي فحواها (لابد من الفيدرالية، وإلا فإن السودان سوف ينقض من أطرافه). وحول طبيعة الخلاف مرة ثالثة، يؤكد المحبوب أنه (كانت هناك خطة إستراتيجية للإنقاذ وضعت من قبل أن تأتى الإنقاذ).
شهوة السلطة
يحاول المحبوب في كتابه الذي يطبع حاليا في القاهرة، أن يجيب عن سؤال فحواه لماذا تم الخروج عن هذه الخطة؟. ويقدم الجواب بجملة واحدة تفيد أن الخروج تم بسبب (الشهوة المتمكنة للسلطة من بعض من كلفتهم الحركة الإسلامية بالحكم نيابة أو وكالة عنها). ورغم أن الواقع يفيد أن الخلاف بين جناحي الإنقاذ كان حول السلطة وكيفية ممارستها، وأن محاولة فرز المواقف حول القضايا بأثر رجعى الآن عمل غير مبرر، إلا أن المحبوب يدعم فكرة تحميل شهوة السلطة لدي البعض مسؤولية الخلاف، مستدلا بأن من هم في المؤتمر الشعبي، وبقوا فيه حتى الآن هم أصحاب مواقف وأصحاب قضايا، وان زعيم الحزب الدكتور حسن الترابي قضى 40 شهرا في السجن منذ المفاصلة، في سبيل التمسك بهذه المواقف المبدئية. ويضرب مثلا بنفسه قائلا كان يمكنني أن أبقى مع المؤتمر الوطني وأكون وزيرا ولكن هذه قضايا مبدئية.
مشكلة الجنوب
عندما يتناول المحبوب قضية السلام في السودان، يلفت الأنظار إلى عدة تناقضات اكتنفت طاولة بين الإنقاذ والحركة الشعبية، إذ كان من الصعب على قادة الإنقاذ استيعاب أن الحركة الشعبية تريد أن تطرح نفسها لكل السودان وكان صدا غريباً لأن وفد الإنقاذ في المفاوضات حينئذ كان يرأسه أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ثم يقفز المحبوب إلى مفاوضات جنيف بين المؤتمر الشعبي الحركة الشعبية بتوضيح أن هذه المفاوضات التي كان المحبوب أحد المشاركين فيها أنها جرت في وقت كانت الخصومة مع الحركة الشعبية في قمتها، ومع ذلك وقعت مذكرة التفاهم، وأن الحركة الشعبية لم توقع إلا بعد أن استمعت شرح وتحليل لمواقف المؤتمر الشعبي، ولماذا تمت المفاصلة؟. على أن المهم في قضية السلام عند المحبوب إفادته أن الفصل المتعلق بالجهاد في الجنوب هو الفصل الوحيد الذي قام بكتابته مرتين طبقا لتوافر معلومات جديدة.
تأملات المحبوب
لعل أهمية تأملات المحبوب في العشر سنوات الأولى من عمر ثورة الإنقاذ في السودان، أنها تغطي فترة غامضة جدا في تاريخ الإنقاذ من جهة وتدعو غلاة المعارضين لها الذين يرون أن ثورة الإنقاذ في النهاية ليست سوى نص في عقل الدكتور الترابي، وأن المحبوب هو الشخص القادر على تمثل نص الترابي والتعبير عنه والتحاور معه، إلى إعادة النظر في هذه المقولة العرجاء. وتبقي أخيرا الإشارة إلى أن مؤلف الكتاب الأستاذ المحبوب عبد السلام المحبوب، لم يشغل منصبا متقدما في الحركة الإسلامية بمختلف مسمياتها، ولم يكن من كبار أو صغار شاغلي المناصب الدستورية في الدولة بعد يونيو 1989، إلا أن لا ينفي الإشارة إلى أن الأستاذ المحبوب، رغم صغر سنه مقارنة بالأجيال التي قادت التنظيم، إلا أنه صاحب طاقة فكرية تلفت الأنظار وتستحق الاهتمام، ولعل انصع على هذا الوصف المقدمة الضافية التي كتبها المحبوب للجزء الأول من كتاب التفسير التوحيدي للدكتور حسن عبد الله الترابي.
|
|
|
|
|
|
|
|
|