والمشروطية التي نادى بها رجال الإصلاح في العراق، في مطلع القرن الفائت، لم تأت إلا من خلال الاحتكاك بالغرب.
ولم يكن عبد الرحمن الكواكبي ليكتب كتابه عن طبائع الاستبداد، لولا احتكاكه بفكر الثورة الفرنسي.
كما أنني لم أكن لأكتب رسالتي في الاستبداد لولا الصلة بالعصر، وتوديع ثقافة الفقهاء من العصر المملوكي، الذين قالوا بشرعية الغلبة والقهر، من ركل وركب العباد بقوة السيف الناصر لدين الله والقاهر للعباد.
والأنبياء جاؤوا لتحرير الإنسان من علاقات القوة، فلا يتحول الفرد إلى إله مع امتلاك القوة، وتافه مع فقدانها.
والتحليل النفسي يجعلنا نفهم لماذا ظهر صدام البطل في منظر البؤساء، كما يجعلنا نفهم سطحية أكثر العقول السياسية العربية التماعاً في المحطات الفضائية، حينما قالوا إن هذا ليس صدام أو أنه مخدر. والحقيقة أنه لم يكن مخدرا ولكنه طاغية أثيما، انكشف فيه جانب الحقيقة الثاني؛ فرأينا صدام بدون سلطة لأول مرة. وكنا نرى من قبل صدام في السلطة. فهو قاتل محترف ومسكين وضيع . جبار وتافه.
وهو اليوم عند ذي العزة والجلال فساءله عن الموءودة بأي ذنب قتلت؟
وعلم النفس يخدم كثيرا في فهم الناس وتصرفاتهم. ومن ارتبط بالعلم في فهم الظواهر كان له أفضل.
وأهل السياسية الذين يتصدرون الحديث في كل مجلس وقناة، بينهم وبين العلم سنة ضوئية.
يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات.
جاء في كتاب (الدين في شرك الاستبداد) للرئيس الإٌيراني الأسبق الخاتمي؛ أن رئيس العيارين أبو ليث الصفار زحف إلى بغداد للاستيلاء على الخلافة، فحذروه من العهد!! فطلب من أحد الأشقياء أن يأتي بعهد الخلافة ليقرأه على الناس!
فما كان منه إلا أن أحضر سيفا ملفوفا بخرقة، فاستل أبو ليث السيف وصرخ في الحرافيش والزعر:
هذا عهد الخلافة، وبهذا السيف ملك الرقاب! ونحن إن شاء الله سنملك الخلافة والرقاب بهذا العهد!!
فهتف الجمهور المنتشي بالدم طويلا : بالروح نفديك يا أبو الجماجم!!
---------------------------------------- أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة