|
رزنامة كمال الجزولي ..حذفت الرقابة الامنية اجزاء مهمة منها..(رُوليت رُوسِي!)
|
الإثنين تضمَّنت حيثيات الحكم في قضية لام اكول ضد ورَّاق والباز رأياً يأخذ على ورَّاق أنه كتب كلمته والبلاد مستهدفة، ولام في الصفوف الأماميَّة. وبسبب هذا الرأي استغلق عليَّ فهم مدار الحكم: أهو (كرامة) الشاكي بصرف النظر عن موقعه، (أمامياً) كان أم (خلفياً)؟! أم هو الموقع الوزاري (الأمامي) الذي كان يشغله وقت نشر الكلمة؟! أفلو كان ورَّاق نشر كلمته تلك بعد أن إقصاء لام من موقعه (الأمامي) ذاك، وبعد إعلان الحركة الشعبيَّة رأيها الصريح فيه، وهو من كان يشغل، باسمها، الموقع الذي استخدمت في وصفه، من عجب، لفظ (متقدِّم) المرادف للفظ (أمامي)، وأفصحت، بإبانة تامَّة، عن أن الرَّجل لم يعُد يعبِّر عن سياستها، أكان الحكم سيتغيَّر؟!
مهما يكن من أمر، فإن شاغلنا الآن هو الحساب (السياسي) الختامي لـ (ربح) لام و(خسارته) في تلك القضيَّة، دون أن نمنع أعيننا، بالطبع، من أن تلمح، ولو خطفاً، قول الرَّجل، في ردِّه على بيان قيادة حركته، إنه (أساء) لشخصه، دون أن يتخذ أيِّ إجراء (جنائي) ضد هذه القيادة، من قبيل ما اتخذ ضد ورَّاق والباز! فهل (الكرامة) أمر يقبل القسمة على اثنين: أحدهما يستوجب الاقتصاص له، سجناً وسداداً لأموال طائلة في حقِّ صحفيين بلا حول ولا طول، بينما الآخر يمكن الإغضاء عنه، ببساطة، واكتفاءً بالردود الساخطة، حين يبلغ الأمر مستوى الرَّجل الثاني، أو ربَّما حين يلوح طيف الرَّجل الأول نفسه؟! ألا يتفق لام معنا في أنه، بهذا، قد حشر نفسه في طاحونة مأزق أخلاقي ضروس؟! ما ضرَّه، إذن، لو كان استخدم حقه، بموجب قانون الصحافة، في الردِّ على كلمة ورَّاق، آنذاك، في ذات الصحيفة، وفي نفس الصفحة، وبذات البنط؟! أم أن (كرامة) من يشغل (المنصب) غير (كرامة) من لا يشغله؟! أم، يا ترى، الاختصام إلى القضاء مع (حملة الأقلام) أقلُّ كلفة من الاختصام إليه مع (حملة البنادق)؟! الشاهد أن لام برز إلى سطح السياسة عقب انتفاضة 1985م، كمثقف مناضل أوعزت مواقفه للناس، أوان ذاك، ولجمهور المثقفين الديموقراطيين على وجه الخصوص، بأن مرمى ثقافته ونضاله هو تكريس (الوحدة) و(الديموقراطيَّة) و(حقوق الإنسان) في السودان. لذا احتضنوه، وفتحوا له عقولهم وقلوبهم، ودفعوا عنه أذى الاستهداف بالعسف، وواصلوا ذلك حتى بعد هجره سوح النضال المدني، ودخوله (الغابة)، ثقة منهم، بوجه عام، في (مانفيستو) الحركة، وخطابها، وقيادتها. لكن، مع كرِّ مسبحة السنين، إزداد بُعد الشُّقة بين الأداء العام للرَّجل وما كان توهَّم فيه جمهوره الوحدوي الديموقراطي الأوَّل، حتى فاصل الحركة نفسها، مع رياك مشار عام 1991م، ثمَّ ما لبث أن فاصل الأخير، قبل أن يبرم مع حكومة الإنقاذ، باسم (الحركة الشعبيَّة ـ الفصيل المتحد)، في سبتمبر 1997م، (إتفاقيَّة فشودة) التي حملته إلى الموقع (الأمامي) وزيراً للنقل، متضمِّنة (تقرير المصير)، لا بفهم ديموقراطي يضمن (الحقَّ)، ويبذل الجهد لأجل (الوحدة)، بل بفهم يقرن، ضربة لازب، بين هذا (الحقِّ) وبين (الانفصال)! وذلك هو ما أفصح عنه لام بنفسه لـ (الحياة اللندنيَّة)، وأعادت نشره صحف الخرطوم، أوائل 1998م، حيث أوضح مفهومه لهذا (الحقِّ)، كاشفاً عن السبب الحقيقي لانشقاقه عن قيادة قرنق الوحدويَّة، بقوله إن "الدعوة إلى حقِّ تقرير المصير يحمل لواءها من يرغب في تحقيق الانفصال، فما من حركة وحدويَّة تتحدَّث عن حقِّ تقرير المصير. ونحن .. أوَّل من طالب بحق تقرير المصير بهدف تحقيق انفصال الجنوب. هذه حقيقة نقولها جهاراً، ومن دون أيَّة مواربة"! عاد لام، لأسباب مختلفة، إلى الحركة الأم، قبيل توقيع اتفاقيَّة السلام الشامل 2005م، فتبوَّأ، بعدها، موقعاً (أمامياً) آخر، هو مقعد الخارجيَّة ضمن مقاعد الحركة بموجب الاتفاقيَّة. لكن أداءه ظلَّ محلاً للنقد والشك، خصوصاً من أحزاب المعارضة والصحفيين الديموقراطيين، بينما ظلَّ موقفه أنه معني، كوزير، بسياسة الحكومة، لا بخط الحركة. وكانت تلك هي الفترة التي نشر ورَّاق، أثناءها، كلمته موضوع بلاغ لام. غير أن حركته نفسها أقدمت، لاحقاً، على إعفائه من موقعه (الأمامي)، وإحلال غيره محله، قبل أن تصدر بيانها الذي اعتبرته فيه خارجاً، تماماً، عن خطها، ولا يعبِّر عن سياساتها! كلمتنا هذه مشغولة، فحسب، كما سبق ونوَّهنا، بإهداء لام بعض عيوب موقفه السياسي الأخلاقي، وليس القانوني، في نزاعه مع ورَّاق والباز. فما من أحد يملك أن يمنع غيره مِن اللجوء إلى القضاء، سعياً لاسترداد ما يراه حقاً. وواجب المحكمة المفترض هو تطبيق القانون على ما يتوفر من بيِّنات تزنها بإحسان. لكن، بصرف النظر عن موضع الحق، فليس من الحكمة، أيضاً، أن يندفع الشخص، في كلِّ الأحوال، إلى المحكمة، دون أن يحسب حساب المآلات السالبة التي قد تنتهي إليها صورته، جرَّاء هذه الخطوة، في أذهان الآخرين، خصوصاً إذا كان ناشطاً في العمل العام. وقد كان بإمكان لام، حتى بعد اختياره طريق الخصومة القضائيَّة، أن يكتفي بقرار الإدانة، أو بطلب إلزام خصميه بسداد مبلغ رمزي، كجنيه واحد مثلاً، على سبيل التعويض؛ فالمحكمة لا تضرب الشاكي على يده ليطلب مبلغاً أكبر، وإنما تقضي له في حدود طلباته، وراعي الضأن في الخلاء يدرك أن (الكرامة)، في المبتدأ والمنتهى، لا تقدَّر بثمن، ولذا فإن المغالاة في طلب التعويض قد تحرف الأذهان إلى تصوُّر الشاكي ساعياً لانتهاز الفرصة بالإثراء من أموال خصومه، إن كانت لديهم أموال أصلاً، لا كحال ورَّاق والباز، يقبعان في الحبس، والزملاء والقرَّاء وعامَّة الجمهور يكتتبون، تقطيعاً من الجلد، لجمع نصيب الأوَّل، بينما يضطرُّ الآخر لبيع ما لديه من حواسيب كان يدَّخرها لتسيير مشروعه الصحفي كي يفي بالمطلوب منه! فهل ثمَّة ناصح مخلص أمين للام لم يقل له إن ذلك لن يُكسِبه أيَّ خير؟! أو أنه لن يشوِّه صورته في الأذهان؟! أو أنه، على عكس رغبته، سيزيد من مؤازرة الناس لخصميه، ومن تعاطفهم معهم؟! نخشى أن الرَّجل ثقب عينه بإصبعه، رغم كسبه القضيَّة في المحاكم، وسيبقى رهن هذا الخسران، على الدوام، إن لم يراجع نفسه في ما اقترفت يداه في هذا المنازعة، سياسياً وأخلاقياً، وليس قانونياً بطبيعة الحال!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رزنامة كمال الجزولي ..حذفت الرقابة الامنية اجزاء مهمة منها..(رُوليت رُوسِي!) | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:10 PM |
.. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:15 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:20 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:26 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:30 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:38 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 03-31-09, 06:42 PM |
Re: .. | خضر حسين خليل | 03-31-09, 07:00 PM |
Re: .. | emad altaib | 03-31-09, 08:42 PM |
Re: .. | فتحي البحيري | 03-31-09, 08:51 PM |
Re: .. | esam gabralla | 03-31-09, 09:00 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 04-04-09, 09:34 AM |
Re: .. | مؤيد شريف | 04-12-09, 10:38 AM |
Re: .. | اسامة الكاشف | 04-12-09, 11:09 AM |
Re: .. | مؤيد شريف | 04-12-09, 05:47 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 05-31-09, 11:28 AM |
Re: .. | مؤيد شريف | 06-03-09, 08:01 PM |
Re: .. | طلعت الطيب | 06-03-09, 08:37 PM |
Re: .. | مؤيد شريف | 06-04-09, 08:46 PM |
|
|
|