|
شاعر رأى الكارثة قبل مائة عام: قصيدة ود دوليب
|
يتحدث العارفون بأدب الصوفية في السودان بإعجاب وهمس عن أثرين تاريخيين ، هما: قصيدة الشيخ ود دوليب التي يقولون أنه تنبا فيها بكل الأحداث التي مرت على السودان ، ثم مخطوطة الشريف الهندي الكبير التي أرخ فيها للسودان، ولان المخطوطتين لم تنشرا ولم يطلع عليهما احد من خارج الدائرة الضيقةفقد ظلتا في إطار الاساطير.و وقد طلب مني البروفيسور أوفاهي ، العالم النرويجي المعروف المتخصص في الدراسات السودانية، على هامش حوار اجريته معه بالقاهرة، ان اوصل رغبته في تحقيق ونشر مخطوطة الهندي إلى الشريف زين العابدين الهندي. وللحقيقة لم التق بالرجل شخصيا في ذلك الوقت لكني اوصلت له الرسالة عبر صديق ...لكنه لم يرحب بالأمر اليوم نشر محمد عثمان الحاج نص قصيدة ود دوليب في سودانايل مع بعض الشرح وفي ظني أن هذا عمل جليل ، ويستحق الاهتمام والمتابعة والتحليل من كل المهتمين يبالدراسات التاريخية والتراث الشعبي وهذا هو نص المادة نقلا عن سودانايل فيصل محمد صالح --------------------------- شاعر رأى الكارثة قبل مائة عام: قصيدة ود دوليب محمد عثمان الحاج رغم أن هذه القصيدة احتلت مكانا في الوجدان الشعبي إلا أنني لم أجد نصها الكامل منشورا في أي مرجع، قرأت قبل ما يقارب العقدين مقالا عنها في إحدى المجلات التي تصدرها جامعة الخرطوم إلا أن المقال لم يورد سوى أجزاء قليلة من القصيدة. لم تشتهر القصيدة كقصيدة معارضة للمهدية مثل شهرة قصيدة الشيخ محمد شريف نور الدائم شيخ المهدي، ولم تشتهر نبوءاتها كشهرة نبوءات الشيخ فرح ود تكتوك، ولكن رغم ذلك سمعت عنها الكثير مما يشيعه الناس كالزعم بأنها تتضمن ألف بيت وأنها تذكر بالاسم جميع حكام السودان المستقبليين، مما اتضح لي لاحقا بأنه غير صحيح. قبل سنوات كنت أتحدث مع صديق حول نهاية الألفية والنبوءات التي تدور حولها في الغرب وحدثته عن قصيدة ود دوليب. وشاءت الصدف أن أتاني بعد ذلك بأشهر وهو يحمل مخطوطا مكتوب على ورق قديم : كان نسبة عشيرة الدواليب الممتدة للامام علي، مختومة من نقيب الأشراف بالحرم المكي قبل ما يزيد عن المائة عام، ثم أعطاني صورة من القصيدة نفسها وقال لي ما معناه: "هذه هي القصيدة التي حدثتني عنها وقد رفض أهلنا تسليمها لدار الوثائق وقد حضر إلى هذه البلاد أحد أقربائي وهو يحمل هذين المخطوطين معه". كانت صدفة جميلة. كاتب القصيدة هو الخليفة محمد ود دوليب هو أحد خلفاء الطريقة التيجانية بكردفان، عاصر نهاية المهدية وقيل أنه توفي أثناء حصار الأبيض. ولكي يطلع الكل على هذه القصيدة أو بالأحرى المنظومة التي ظلت سرا مكتوما طيلة فترة المهدية ملفوفة على شكل حجاب يلبسه خليفة الدواليب فإنني أورد هنا نصها الكامل. نص القصيدة رأي الشاعر في المهدي 1- الحمد لله الذي في كل آن يظهر من شؤونه في الكون شان 2- ثم الصلاة والسلام أبدا على شفيع المذنبين أحمدا 3- وبعد فإني مخبر بالواقع وليس ذاك للقضاء برافع 4- خذ بني ثم عي المقالا وأكتم فبالإفشاء تنل أهوالا 5- يوقظ هذا فتنة السودان فلا تنام أبد الأزمان 6- لأنها قد غيرت في الدين بفسقها فعوقبت في الحين 7- والخير لا يصل للأشرار والشر قد يحيط بالأبرار 8- ناديت فيهم باتباع الشارع لم نجد لقولنا من سامع 9- فخامس القرون لا يرسمه ابن أنثى قولهم فأفهمه 10- واختلفوا في رابع القرون أكامل أو ناقص التكوين ( يتحدث ود دوليب هنا فيما يبدوا عن بعض المعارف غير المكتوبة التي يتوارثها الصوفية نقلا عن شيوخهم تحت ستار من الكتمان باعتبارها من الأسرار التي لا تعطى لغير أهلها، ولايرسم خامس القرون ابن أنثى يعني أن العام 1500 هجرية سوف لن يكتبه إبن أنثى كتاريخ ليوم يعيش فيه، وذلك يعني إما أن البشرية سوف تنتهي قبل هذا التاريخ أو أن التقنية البيولوجية سوف تتطور بحيث يتم تلقيح الأجنة خارج الرحم وتتولى الآلات عملية الحمل وتكف النساء عن الحمل والولادة). 11- يظهر في أثنائه كل حرج وها لفتح بعضها هذا خرج 12- فيهلك الحرث كذا النسل فه المحصنات فرجها يبح له 13- كذاك كل ثيب وبكرة أمة أو حرة أحذر شره 14- كذا يبيح لدماء المسلمين وأخذ أموالهم ظلما مبين 15- ولحسان العين حبه عجيب وحرصه لجمع الأموال غريب 16- وإن للنساء فيه رغبة لفسقه بها تزد محبة 17- وهكذا كل فاسق جهول حتى ينل من الفساد ما يهول 18- له شياطين يروا مقامه حذا مقام الرسل وهو زعمه 19- يعزي لخير الخلق قولا بافترا يجمعه به وهذا فرى 20- يفيد كل ذا تحبير يمناه النحس يظهر ريبه بذا ومنه قس 21- وبيننا لا جمع الإله فجمعنا دين الهدى يأباه 22- وقد جرى القلم بالذي يكون في بأسنا من بيننا سر مصون 23- سيغلب العساكر المصرية بقطرنا وتعظم الرزية 24- في مقرن البحور لا شك هناك هلاكه يكون منه ربنا وقاك (وهناك بيت شعر مكتوب على هامش القصيدة الأيمن بإشارة لإدخاله في هذا الموضع من القصيدة وهو يحدد سنة موت المهدي وهو هذا): - 25- في عام ب من رابع القرون يحل به سوء الختام في المنون (بحساب الجمل حرف الباء عدده 2 وبذلك تكون سنة 1302 هجرية) رأيه في الخليفة عبد الله 26- وبعده الأعرج يملك البلاد يد بظلمه سيهلك العباد (يد بحساب الجمل هي أربعة عشر) 27- ياويل أهل الغرب من سطواته وظلمه والجور في مكراته 28- من سفك دم وإباحة الفروج ونهب أموال بملك لا يروج 29- قومه الأعراب أهل الطغيان الكاتمين الكفر أهل البهتان 30- النابذين الشرع من ورائهم الباغضين الحق من شقائهم 31- فيصفون الدين بالمهدية ويخرجون منه كالرمية 32- وإنهم قد جبلوا على حب البدع وهكذا حب النساء والطمع 33- وهؤلاء فهم الأشرار وهم بنص شرعنا كفار 34- والأغبياء تراهموا كالأنبيا فبئس هم وهم بغاة أشقيا 35- ويل وويح هؤلاء الكفار سيسبقون الحجاج حتما للنار 36- هم البغاة وهم الكفار ويزعمون أنهم أخيار 37- قد بدلوا وصحفوا عن الهدى وارتكبوا الفسق ومالوا للردى 38- فصاحب البدعة والضلال لديهموا ذو الفضل والكمال 39- وتابع السنة والكتاب فهم له أعدا بلا ارتياب نبوءته بإعادة احتلال السودان وتأييده للخلافة العثمانية ونبوءة بالاستعمار والحرب الأهلية 40- ثم تكر الدولة العلية و تأخذ البلاد بالقهرية 41- تهلك قوما لئاما كفرة تسر أقواما كراما بررة 42- فنعم هم ميتهم للجنه ياليتني منهم أفز بالمنه 43- قطب الورى الشعراني حقا قال في دولة الأتراك عي المقال 44- فملك مهدي الورى لو قاما فهو أشد منه انتظاما 45- والآن لكن له أيادي من إنكليز تسطو في البلاد 46- ومع ذا فإن أمرهم أخف وآخر الدهر جميعه أسف 47- وبجملة الدول صارت أعدا لدولة الإسلام تخفي الكيدا 48- ويظهرون الحب والمودة يخفون للشر وهم في عدة 49- فيبغون إطفاء نور الله والله يأبى طول ذي الملاهي 50- أهل الكتاب وجهت أفكارها لنحو هذا القطر من أقطارها 51- فينشرون الحرب في الأنام لجمع ما أحبوا من الحطام 52- يعلوا ويرجعوا على أعقابهم ويجرعون السم من طغيانهم نبوءة بفتنة دينية هل هي ماحدث في أعوامنا الأخيرة هذه؟ 53- ثم تثير فتنة دينية بها تقوم السنة السنية 54- ويسلكوا الطريقة المرضية ثم يعودوا لابتغا الدنية 55- وهكذا شؤونهم بالغرب شن مغارات وشد الحرب 56- سوداننا حب لجمع المال فيهلك الجل من القتال رأيه في شيوخ الطرق الصوفية في زمنه 57-ومنشأ الفساد من أهل الطرق فهم معادن البلايا وحمق 58- لأنهم انتدبوا عبادا مع جهلهم فزادهم إبعادا 59- وجمعوا من هؤلاء الجهال مجامعا منها فساد الحال 60- حتى تشوقوا لكرسي السلطنه وزهدت نفوسهم في المسكنة 61- ونبذوا أحوال أهل الله ورغبوا في حال ذي الملاهي 62- فسيرهم بعكس نص الشرع ودهرهم قابل كل بدعي 63- ترى حمارا راكبا حمارا منافقا وفاجرا كفار 64- فإنهم كلاب دنيا زايلة قد بدلوا آجالهم بالعاجلة 65- فبذلوا المال لنيل الجاه ويضربون نوبة الملاهي ( لعله يشير في ذلك إلى حادثة الاحتفال الشهيرة التي قيل أنها كانت سببا في الخلاف بين المهدي وشيخه) 66- ويجمعون بين النساء والرجال وذاك منشأ الفساد والضلال 67- ينتسبون كهداة الأمة لا ريب هم أعداء للأئمة 68- حاشا مقام المجد والإجلال تدوسه أخامص الجهال 69- بعدا عن القوم فيافي قطعوا وبالمعاصي عنهم قد قطعوا 70- لو يعلموا بحالهم ولاتنا لهدموا عليهم المساكنا 71- ولو رأوا الأمر الي حل بهم لبذلوا الهمة في إصلاحهم 72- وبذلوا الأهوال للمعلم وألزموا الجهال بالتعلم 73- والأخضري نص حين قال في حقهم وأوضح الأحوال 74- ويشهقون الشهق كالحمير ويذكرون الله بالتغيير 75- وينبحون النبح كالكلاب مذهبهم ليس على صواب 76- فما دعى من حالهم مثقال نصحا وتبكيتا إلى أن قال 77- لم يبق من دين الهدى إلا اسمه و لا من القرآن إلا رسمه 78- فليبك داعي الحق ما استطاعا عليه وليسترجع استرجاعا 79- والعلماء باتباع العلم هم أولياء باختصار الرسم 80- والعلم يهدي من هداه الله وليس يجدي للذي شقاه 81- متى تراهم سلكوا سبيل الهوى فعدهم والأغبياء سوى 82- والذل لا ينفك عن أعناقهم حتى يصيروا حاملي أغلالهم 83- تحملهم محبة الدينار لفعل ما يهوى بهم في النار 84- فيجعلون علمهم وسيلة لجلب الدنيا فبئس الحيلة 85- قد بيننا شرعا أتانا واضحا من زاغ عن ذاك الطريق افتضحا 86- من لم يسر به فلا ولاية له و لا تقوى و لا هداية 87- اللهم اجعلنا من الذين بهدي خير الرسل مهتدين 88- ولطريق الشرع سالكين ولجموح النفس مالكين وصيته لأبنه بأن يهاجروا من السودان قبل استفحال أمر المهدية 89- أيا بني احفظ الوصية وارتحلوا لمصر بالكلية 90- واستعضدوا بالأوحد الزبير فإنه عونا لكل خير (ربما يشير في ذلك إلى الزبير باشا الذي كان بمصر) 91 – وأنه سيطرق السودان لاخير في السودان بعد الآن 92- وآخر الدهر جميعه كدر منها اجنحوا نحو الشفيع للبشر 93- حثوا نحوه مطايا السير قبل السبيل تمتلي بالضير (نصح في الأبيات السابقة بالهجرة إلى مصر ومن ثم الهجرة في آخر الدهر للحجاز وهي نصيحة أثبتت الأحداث صحة نظرته فيها): 94- واستمسكوا بالعلم والعبادة واستعضدوا بالتقوى والزهادة فتن السودان السبعة 95- وفتن السودان سبعة بلا مرا فهذه منها وشرها يرى 96- بالرمز زمع ثم بعده افتدي كل بها خراب يبتدي (يرمز هنا لهذه الفتن السبعة بسبعة حروف ز م ع أ ف ت د كل منها تشير إلى الشخص الذي يقود الفتنة وقد قيل أنه تم تلقين هذه الأسماء السبعة شفهيا وبذلك ظلت بعض أحفاد المؤلف يعرفونها وقيل لي أن حرف التاء منها يرمز إلى الترابي) ود دوليب يتنبأ بكارثة 11 سبتمبر وبالحرب العالمية الثالثة 97 – في ايق شيحيق ترون العجبا وتقصد القرى الجبال هربا (بحساب الجمل فإن ايق شيحيغ هي سنة 1439 هـ (وهي الصحيحة كما يبدوا وليس ايق شيحيق المكتوبة في النص الذي تم إملاءه كما هو واضح – كعادة شيوخ الصوفية في السودان الذين كانوا لا يكتبون بأنفسهم ويتخذون كتابا) 98- وفي آق شغاك فتنة تدور برا وبحرا وتهدم القصور (آق شغاك بحساب الجمل هي 1422 هجرية التي وافقت الهجوم الإرهابي الذي شن ظلما وبغيا باسم الإسلام والإسلام منه براء، هل بدا برجي مركز التجارة لود دوليب قصورا تهدم؟ إن كان الأمر كذلك فإن نبوءته مذهلة فعلا). 99- لا سيما في غاي شالغ يقع بين ذوي الكتاب حرب يقتضع (وغاي شالغ هي 1422 هجرية بحساب الجمل وهي الحرب العالمية الثالثة ونهاية رؤيا ود دوليب) 100- حافظ دينه ينال الأجرا كقابض براحتيه الجمرا 101- صحب الضلال خلفه أفواجا يسعى و ذو الهدى يرى اعوجاجا 102- أبياتها ثلاثة وعد قاف وعامها غش جرى الخلاف (عدد حرف القاف بحساب الجمل مائة وبإضافة ثلاثة يصبح العدد 103 مما يؤكد أن البيت الذي يحدد سنة وفاة المهدي هو جزء من القصيدة ولم يضف إليها لاحقا) 103- ثم صلاة الله بعد والسلام على الرسول المجتبى خير الأنام انتهت القصيدة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شاعر رأى الكارثة قبل مائة عام: قصيدة ود دوليب (Re: Faisal Salih)
|
شكرا على المداخلات وشكرا جزيلا الاستاذ ياسر للإضافة الثرة وفي انتظار إضافة الشاعر الطيب برير وأظن ان كثير من مراجع وكتب التراث السوداني تحتاج لإعادة قراءة وكتابة ايضا وإضافة حواشي وتعليقات صديقنا محمد عبد الخالق أضاف كتابا هاما للمكتبة السودانية أسماه"سيرة الإعدام السياسي في السودان" وهو مرجع هام لبعض الأحداث التي صاحبت المهدية وبدا صديقنا عثمان عامر مشروعا هاما لإعادة كتابة طبقات ود ضيف الله مستهديا بتجربة الدكتور محمد المنسي قنديل في مجلة الدوجة"شخصيات حية من الاغاني" واسمى الحلقات الأولى منها "قبسات من نار الطبقات"وهو صاحب قلم خصيب ولغة آسرة، وأظن انه نشر حلقة منها في مجلة كتابات سودانيةالتي يصدرها مركزالدراسات السودانية، ثم اختطفته ماكينة الهجرة الامريكية، ولا أعرف هل واصل المشروع أم لان لكن اشك ان تكون الظروف قد سمحت له بهذا فيصل محمد صالح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شاعر رأى الكارثة قبل مائة عام: قصيدة ود دوليب (Re: Faisal Salih)
|
الأستاذ الجليل فيصل صالح : لك تحياتي و تقديري. موضوع هادف و شيق يستحق القراءة ثم تعليقه كمعلقة مثل المعلقات إياها. و كان لا بد لهذه القصيدة أن تأخذ حظها من التقييم و الدراسة ، و من ثم تكريم هذا الفذ الذي إستطاع إستقراء المستقبل بهذا الشكل. أذكر قصة حكاها لي أحد مدراء المدارس الثانوية في عطبرة فقال أنه لما بدأ المذياع ( الراديو ) في غزو القرى ، إجتمع الناس في دار عمدة إحدى القرى ، و بعد أن إستمتعوا بالرنامج ذاك اليوم ، قال رجل بسيط : الليلة سمعنا الصوت من الصندوق دة ، بكرة نشوف الصورة. مجرد إستقراء من قروي بسيط لإمكانية إختراع التلفزيون. تسلم و مشكور جدا على إنتقاء هذا الشاعر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شاعر رأى الكارثة قبل مائة عام: قصيدة ود دوليب (Re: Faisal Salih)
|
لعلكم لاحظتم استحلال المهدية لتسري المسلمات.. لقد قرأت في ما نشرته الشرق الأوسط من كتاب الدكتور منصور خالد ما يشير إلى ذلك وهو أمر يحسن لمثقفي السودان الشمالي عامة ومثقفي الأنصار خاصة التوقف عنده..
Quote: المهدية والرق وفي سرده لمراحل تجارة الرقيق في السودان، تحدث الكاتب عن الدولة المهدية (1889 ـ 189، وقال: في سبيل اقامة دولتها اباحت المهدية ايضاً سبي المسلمين المتنكرين لدعوتها بعد ان قررت ان انكار المهدية والكفر سواء. وفي التاريخ شواهد موجعة على اباحة سفك الدماء وبيع المسلم الحر في ذلك العهد. فمنشور المهدي فيما يتعلق بالاسترقاق كان واضحا: ان يسترق بحد السيف كل من لم يهده الله الى الاسلام من غير المسلمين او ينكر الاعتراف بالمهدي المنتظر، مسلما كان ام غير مسلم. وبهذا اتجهت المهدية بالجهاد وسبي الحرب اتجاها غير مألوف، بل مبتدع، اذ يحرم الاسلام سبي المسلم للمسلم. ويروي شقير ان محمود ود احمد قد بعث للخليفة بـ 234 جارية من المتمة يمثلن خمس السبي الذي سباه من فتيات الجعليين، مما حمل اخواتهن، حسب رواية شقير، على القاء انفسهن في النيل تفضيلاً للموت على حياة الفضيحة والعار. وكان سبي النساء والرجال بين القبائل المسلمة التي انكرت المهدية كالكبابيش والشكرية والجعليين اكبر عامل في تبغيض المهدية لقبائل الشمال حتى للحد الذي دفع بعضهم، كالشكرية مثلا، للتضرع الى النصارى لكي ينقذوهم من دولة الاسلام التي اذلت قومهم والحقت بهم الهونى. عن اولئك عبر شاعرهم الحردلو: أولاد ناس عزاز مثل الكلاب سوونا ـ يا يابا النقس، يا الانكليز الفونا. استقصى نعوم شقير (مؤرخ) ايضا تسري المهدي بثلاث وستين فتاة من بنات الاسر الشمالية، سُبين في الحرب. في حين لم يتسر الرسول رغم كل حروبه الا بأربع، اثنتان منهن من سبايا الحرب: ريحانة بنت يزيد من سبي بني النضير وقعت في سهم ثابت بن يزيد فكاتبها على تسع اواق لم يؤدها فأداها عنه الرسول وتزوجها، وجويرية بنت الحارث (من سبي بن المصطلق)، واثنتان أُهديتا اليه (ماريا) ام ولده ابراهيم اهداها المقوقس عظيم القبط، واخرى اهدتها له (زينب بنت جحش). وفي حقيقة الأمر اهدى المقوقس الى رسول الله جاريتين تأمى بواحدة منهما هي ماريا، واهدى الثانية (سيرين) الى شاعره حسان بن ثابت، وكانت تجيد الغناء ونقر الدف، ولعل رسول الله اختار لها من يتغنى بشعره. |
| |
|
|
|
|
|
|
|