|
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف (Re: عماد موسى محمد)
|
كلام ثمين لشيخ الإسلام ابن تيمية عن حال بعض طوائف المتصوفة،وهذه المفاهيم في تقديري هي التي تؤدي إلى هذه التفاسير الخاطئه،والفهم المغلوط للأدلة كما فهم الدكور أبوقرون:
Quote: فَصْلٌ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالْعِلْمِ الْبَاطِنِ الْعِلْمُ الَّذِي يَبْطُنُ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ فَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ : " أَحَدُهُمَا " بَاطِنٌ يُخَالِفُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ . و " الثَّانِي " لَا يُخَالِفُهُ . فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَبَاطِلٌ ؛ فَمَنْ ادَّعَى عِلْمًا بَاطِنًا أَوْ عِلْمًا بِبَاطِنِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ كَانَ مُخْطِئًا إمَّا مُلْحِدًا زِنْدِيقًا وَإِمَّا جَاهِلًا ضَالًّا . وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ الظَّاهِرِ قَدْ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا فَإِنَّ الْبَاطِنَ إذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ لَمْ يُعْلَمْ بُطْلَانُهُ مِنْ جِهَةِ مُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حَقٌّ قُبِلَ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بَاطِلٌ رُدَّ وَإِلَّا أُمْسِكَ عَنْهُ وَأَمَّا الْبَاطِنُ الْمُخَالِفُ لِلظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ فَمِثْلُ مَا يَدَّعِيهِ الْبَاطِنِيَّةُ الْقَرَامِطَةُ مِنْ الإسماعيلية والنصيرية وَأَمْثَالِهِمْ مِمَّنْ وَافَقَهُمْ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَغُلَاةِ الْمُتَصَوِّفَةِ والمتكلمين . وَشَرُّ هَؤُلَاءِ الْقَرَامِطَةُ فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ لِلْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ بَاطِنًا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ ؛ فَيَقُولُونَ : " الصَّلَاةُ " الْمَأْمُورُ بِهَا لَيْسَتْ هَذِهِ الصَّلَاةَ أَوْ هَذِهِ الصَّلَاةَ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا الْعَامَّةُ وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَالصَّلَاةُ فِي حَقِّهِمْ مَعْرِفَةُ أَسْرَارِنَا و " الصِّيَامُ " كِتْمَانُ أَسْرَارِنَا و " الْحَجُّ " السَّفَر إلَى زِيَارَةِ شُيُوخِنَا الْمُقَدَّسِينَ وَيَقُولُونَ : إنَّ " الْجَنَّةَ " لِلْخَاصَّةِ : هِيَ التَّمَتُّعُ فِي الدُّنْيَا بِاللَّذَّاتِ و " النَّارُ " هِيَ الْتِزَامُ الشَّرَائِعِ وَالدُّخُولُ تَحْتَ أَثْقَالِهَا وَيَقُولُونَ : إنَّ " الدَّابَّةَ " الَّتِي يُخْرِجُهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ هِيَ الْعَالِمُ النَّاطِقُ بِالْعِلْمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَإِنَّ " إسْرَافِيلَ " الَّذِي يَنْفُخُ فِي الصُّورِ هُوَ الْعَالِمُ الَّذِي يَنْفُخُ بِعِلْمِهِ فِي الْقُلُوبِ حَتَّى تَحْيَا و " جِبْرِيلُ " هُوَ الْعَقْلُ الْفَعَّالُ الَّذِي تَفِيضُ عَنْهُ الْمَوْجُودَاتُ و " الْقَلَمُ " هُوَ الْعَقْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي تَزْعُمُ الْفَلَاسِفَةُ أَنَّهُ الْمُبْدِعُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ الْكَوَاكِبَ وَالْقَمَرَ وَالشَّمْسَ الَّتِي رَآهَا إبْرَاهِيمُ هِيَ النَّفْسُ وَالْعَقْلُ وَوَاجِبُ الْوُجُودِ وَأَنَّ الْأَنْهَارَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ هِيَ الْعَنَاصِرُ الْأَرْبَعَةُ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الَّتِي رَآهَا فِي السَّمَاءِ هِيَ الْكَوَاكِبُ . فَآدَمُ هُوَ الْقَمَرُ وَيُوسُفُ هُوَ الزُّهْرَةُ وَإِدْرِيسُ هُوَ الشَّمْسُ وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ . وَقَدْ دَخَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَقْوَالِ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ والمتصوفين ؛ لَكِنَّ أُولَئِكَ الْقَرَامِطَةَ ظَاهِرُهُمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُمْ الْكُفْرُ الْمَحْضُ وَعَامَّةُ الصُّوفِيَّةِ والمتكلمين لَيْسُوا رَافِضَةً يُفَسِّقُونَ الصَّحَابَةَ وَلَا يُكَفِّرُونَهُمْ ؛ لَكِنْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ كَالزَّيْدِيَّةِ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَفِيهِمْ مَنْ يُفَضِّلُ عَلِيًّا فِي الْعِلْمِ الْبَاطِنِ كَطَرِيقَةِ الْحَرْبِيِّ وَأَمْثَالِهِ وَيَدَّعُونَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَعْلَمَ بِالْبَاطِنِ وَأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ أَفْضَلُ مِنْ جِهَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ أَعْلَمَ بِالظَّاهِرِ . وَهَؤُلَاءِ عَكْسُ مُحَقِّقِي الصُّوفِيَّةِ وَأَئِمَّتِهِمْ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِالْعِلْمِ الْبَاطِنِ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ . وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِالْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ . وَهَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةُ قَدْ يُفَسِّرُونَ : { وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إمَامٍ مُبِينٍ } أَنَّهُ عَلِيٌّ وَيُفَسِّرُونَ قَوْله تَعَالَى { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } بِأَنَّهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَقَوْلَهُ : { فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ } أَنَّهُمْ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ و { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ } بِأَنَّهَا بَنُو أُمَيَّةَ . وَأَمَّا بَاطِنِيَّةُ الصُّوفِيَّةِ فَيَقُولُونَ فِي قَوْله تَعَالَى { اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ } إنَّهُ الْقَلْبُ و { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً } إنَّهَا النَّفْسُ وَيَقُولُ أُولَئِكَ هِيَ عَائِشَةُ وَيُفَسِّرُونَ هُمْ وَالْفَلَاسِفَةُ تَكْلِيمَ مُوسَى بِمَا يَفِيضُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَجْعَلُونَ ( خَلْعَ النَّعْلَيْنِ تَرْكَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيُفَسِّرُونَ ( الشَّجَرَةَ الَّتِي كُلِّمَ مِنْهَا مُوسَى و ( الْوَادِيَ الْمُقَدَّسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِأَحْوَالِ تَعْرِضُ لِلْقَلْبِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَعَارِفِ لَهُ وَمِمَّنْ سَلَكَ ذَلِكَ صَاحِبُ " مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ " وَأَمْثَالُهُ وَهِيَ مِمَّا أَعْظَمَ الْمُسْلِمُونَ إنْكَارَهُ عَلَيْهِ وَقَالُوا أَمْرَضَهُ " الشِّفَاءُ " وَقَالُوا : دَخَلَ فِي بُطُونِ الْفَلَاسِفَةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَمَا قَدَرَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَطْعَنُ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ وَيَقُولُ : إنَّهَا مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِ وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : بَلْ رَجَعَ عَنْهَا وَهَذَا أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِكُفْرِ الْفَلَاسِفَةِ فِي مَسَائِلَ وَتَضْلِيلِهِمْ فِي مَسَائِلَ أَكْثَرَ مِنْهَا وَصَرَّحَ بِأَنَّ طَرِيقَتَهُمْ لَا تُوَصِّلُ إلَى الْمَطْلُوبِ . وَبَاطِنِيَّةُ الْفَلَاسِفَةِ يُفَسِّرُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالشَّيَاطِينَ بِقُوَى النَّفْسِ وَمَا وُعِدَ النَّاسُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ بِأَمْثَالِ مَضْرُوبَةٍ لِتَفْهِيمِ مَا يَقُومُ بِالنَّفْسِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ اللَّذَّةِ وَالْأَلَمِ لَا بِإِثْبَاتِ حَقَائِقَ مُنْفَصِلَةٍ يَتَنَعَّمُ بِهَا وَيَتَأَلَّمُ بِهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الصُّوفِيَّةِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَمُتَقَدِّمِيهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُوجَدُ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَمُتَقَدِّمِيهِمْ . وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ - مَعَ ضَلَالِهِمْ وَجَهْلِهِمْ - يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ وَأَعْرَفُ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَمُتَقَدِّمِيهَا حَتَّى آلَ الْأَمْرُ بِهِمْ إلَى أَنْ جَعَلُوا الْوُجُودَ وَاحِدًا كَمَا فَعَلَ ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ الْفُصُوصِ وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ كُلِّ عَقْلٍ وَدِينٍ وَهُمْ يَدَّعُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الشُّيُوخَ الْمُتَقَدِّمِينَ : كالجنيد بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التستري وَإِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ وَغَيْرِهِمْ مَاتُوا وَمَا عَرَفُوا التَّوْحِيدَ وَيُنْكِرُونَ عَلَى الجنيد وَأَمْثَالِهِ إذَا مَيَّزُوا بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ كَقَوْلِهِ : " التَّوْحِيدُ " إفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنْ الْقِدَمِ . وَلَعَمْرِي إنَّ تَوْحِيدَهُمْ الَّذِي جَعَلُوا فِيهِ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْمَشَايِخُ الْمُهْتَدُونَ وَهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ بَاطِلٌ فَأَنْكَرُوهُ وَحَذَّرُوا النَّاسَ مِنْهُ وَأَمَرُوهُمْ بِالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ وَالْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَالْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَأَنْ التَّوْحِيدَ أَنْ يَعْلَمَ مُبَايَنَةَ الرَّبِّ لِمَخْلُوقَاتِهِ وَامْتِيَازَهُ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ . ثُمَّ إنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَأَنَّ الرُّسُلَ إنَّمَا تَسْتَفِيدُ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ مِشْكَاتِهِمْ وَيُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِمَا يُوَافِقُ بَاطِنَهُمْ الْبَاطِلَ كَقَوْلِهِ : { مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ } فَهِيَ الَّتِي خَطَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا فِي بِحَارِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَقَوْلِهِمْ إنَّ الْعَذَابَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعُذُوبَةِ وَيَقُولُونَ : إنَّ كَلَامَ نُوحٍ فِي حَقِّ قَوْمِهِ ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ بِلِسَانِ الذَّمِّ وَيُفَسِّرُونَ قَوْله تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } بِعِلْمِ الظَّاهِرِ بَلْ { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ } فَلَا يَعْلَمُونَ غَيْرَهُ { وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ } فَلَا يَسْمَعُونَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَرَوْنَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا غَيْرَ لَهُ فَلَا يَرَوْنَ غَيْرَهُ . وَيَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ } أَنَّ مَعْنَاهُ قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ فَكُلُّ مَنْ عَبَدَ الْأَصْنَامَ وَالْعِجْلَ مَا عَبَدَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ مَا ثَمَّ غَيْرٌ وَأَمْثَالُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ الَّتِي يَعْلَمُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَكُلُّ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ كَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَجِمَاعُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْبَابَ نَوْعَانِ : " أَحَدُهُمَا " أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ بَاطِلًا ؛ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمَا عَلِمَ فَهَذَا هُوَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ فَلَا يَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ إلَّا بَاطِلًا ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ . و " الثَّانِي " مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ حَقًّا لَكِنْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بِأَلْفَاظِ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ " إشَارَاتٍ " و " حَقَائِقُ التَّفْسِيرِ " لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ كَثِيرٌ . و أَمَّا " النَّوْعُ الْأَوَّلُ " فَيُوجَدُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ الْقَرَامِطَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا يَذْكُرُونَهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا دَامَ عَقْلُهُ حَاضِرًا عَلِمَ أَنَّ مَنْ تَأَوَّلَ نَصًّا عَلَى سُقُوطِ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ فَقَدْ افْتَرَى وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْخَمْرَ وَالْفَوَاحِشَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا دَامَ عَقْلُهُ حَاضِرًا عَلِمَ أَنَّ مَنْ تَأَوَّلَ نَصًّا يَقْتَضِي تَحْلِيلُ ذَلِكَ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ مُفْتَرٍ . وَأَمَّا " النَّوْعُ الثَّانِي " فَهُوَ الَّذِي يَشْتَبِهُ كَثِيرًا عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ صَحِيحًا لِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي كَوْنِ اللَّفْظِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ دَلَّ عَلَيْهِ وَهَذَانِ قِسْمَانِ : " أَحَدُهُمَا " أَنْ يُقَالَ : إنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى مُرَادٌ بِاللَّفْظِ فَهَذَا افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ فَمَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : { تَذْبَحُوا بَقَرَةً } هِيَ النَّفْسُ وَبِقَوْلِهِ { اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ } هُوَ الْقَلْبُ { وَالَّذِينَ مَعَهُ } أَبُو بَكْرٍ { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } عُمَرُ { رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } عُثْمَانُ { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } عَلِيٌّ : فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ إمَّا مُتَعَمِّدًا وَإِمَّا مُخْطِئًا . و " الْقِسْمُ الثَّانِي " أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاعْتِبَارِ وَالْقِيَاسِ لَا مِنْ بَابِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ فَهَذَا مِنْ نَوْعِ الْقِيَاسِ فَاَلَّذِي تُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ قِيَاسًا هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الصُّوفِيَّةُ إشَارَةً وَهَذَا يَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَبَاطِلٍ كَانْقِسَامِ الْقِيَاسِ إلَى ذَلِكَ فَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : { لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ } وَقَالَ : إنَّهُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ أَوْ الْمُصْحَفُ فَقَالَ : كَمَا أَنَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ لَا يَمَسُّهُ إلَّا بَدَنٌ طَاهِرٌ فَمَعَانِي الْقُرْآنِ لَا يَذُوقُهَا إلَّا الْقُلُوبُ الطَّاهِرَةُ وَهِيَ قُلُوبُ الْمُتَّقِينَ كَانَ هَذَا مَعْنًى صَحِيحًا وَاعْتِبَارًا صَحِيحًا وَلِهَذَا يُرْوَى هَذَا عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ ؛ قَالَ تَعَالَى : { الم } { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَقَالَ : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ } وَقَالَ : { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } وَأَمْثَالَ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ : " لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ " فَاعْتَبَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ لَا يَدْخُلُهُ حَقَائِقُ الْإِيمَانِ إذَا كَانَ فِيهِ مَا يُنَجِّسُهُ مِنْ الْكِبْرِ وَالْحَسَدِ فَقَدْ أَصَابَ قَالَ تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا } وَأَمْثَالَ ذَلِكَ . و " كِتَابُ حَقَائِقِ التَّفْسِيرِ " لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ : " أَحَدُهَا " نُقُولٌ ضَعِيفَةٌ عَمَّنْ نُقِلَتْ عَنْهُ مِثْلُ أَكْثَرِ مَا نَقَلَهُ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ بَاطِلٌ عَنْهُ وَعَامَّتُهَا فِيهِ مِنْ مَوْقُوفِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي نَفْسِ رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى كَانَ البيهقي إذَا حَدَّثَ عَنْهُ يَقُولُ حَدَّثَنَا مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ . و " الثَّانِي " أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ صَحِيحًا لَكِنَّ النَّاقِلَ أَخْطَأَ فِيمَا قَالَ . و " الثَّالِثُ " نُقُولٌ صَحِيحَةٌ عَنْ قَائِلٍ مُصِيبٍ . فَكُلُّ مَعْنًى يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ وَكُلُّ مَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْخِطَابِ غَيْرُهُ إذَا فُسِّرَ بِهِ الْخِطَابُ فَهُوَ خَطَأٌ وَإِنْ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْإِشَارَةِ وَالِاعْتِبَارِ وَالْقِيَاسِ فَقَدْ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا . وَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَسَّرَ الْقُرْآنَ أَوْ الْحَدِيثَ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى غَيْرِ التَّفْسِيرِ الْمَعْرُوفِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ مُلْحِدٌ فِي آيَاتِ اللَّهِ مُحَرِّفٌ لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَهَذَا فَتْحٌ لِبَابِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَهُوَ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ . وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ الْكَلَامِ الْمُجْمَلِ مِثْلِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ : لَوْ شِئْت لأوقرت مِنْ تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ إلَخْ . فَهَذَا إذَا صَحَّ عَمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ كَعَلِيِّ وَغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْبَاطِنِ الْمُخَالِفِ لِلظَّاهِرِ ؛ بَلْ يَكُونُ هَذَا مِنْ الْبَاطِنِ الصَّحِيحِ الْمُوَافِقِ لِلظَّاهِرِ الصَّحِيحِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاطِنَ إذَا أُرِيدَ بِهِ مَا لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ الْمَعْلُومَ فَقَدْ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا ؛ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ عَلَى عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ؛ لَا سِيَّمَا عَلَى جَعْفَرٍ الصَّادِقِ مَا لَمْ يَكْذِبْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى إنَّ الإسماعيلية والنصيرية يُضِيفُونَ مَذْهَبَهُمْ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ . وَكَذَلِكَ فِرْقَةُ التَّصَوُّفِ يَقُولُونَ : إنْ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ صَحِبَهُ وَإِنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى الْحَسَنَ يَقُصُّ مَعَ الْقُصَّاصِ فَقَالَ : مَا صَلَاحُ الدِّينِ ؟ قَالَ الْوَرَعُ . قَالَ : فَمَا فَسَادُهُ ؟ قَالَ الطَّمَعُ فَأَقَرَّهُ وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ ؛ وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَنْقُولَاتِ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَصْحَبْ عَلِيًّا وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِهِ كَالْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَبَّادٍ وَأَمْثَالِهِمَا وَلَمْ يَقُصَّ الْحَسَنُ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ ؛ بَلْ وَلَا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ ؛ وَإِنَّمَا قَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا فِي زَمَنِ عَلِيٍّ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابٌ تَقْرَءُونَهُ ؟ فَقَالَ : لَا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إلَّا هَذِهِ الصَّحِيفَةَ . وَفِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَلَّا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرِ وَفِي لَفْظٍ : هَلْ عَهِدَ إلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ ؟ فَقَالَ : لَا وَفِي لَفْظٍ : إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ } . وَأَمَّا " الْعِلْمُ اللدني " فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ عَلَى قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ بِسَبَبِ طَهَارَةِ قُلُوبِهِمْ مِمَّا يَكْرَهُهُ وَاتِّبَاعِهِمْ مَا يُحِبُّهُ مَا لَا يَفْتَحُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ . وَهَذَا كَمَا قَالَ عَلِيٌّ : إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ وَفِي الْأَثَرِ : " مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } { وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا } { وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ يَهْدِيهِ اللَّهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَقَالَ تَعَالَى : { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } وَقَالَ : { إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } وَقَالَ تَعَالَى : { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : { هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . وَأَخْبَرَ أَنَّ اتِّبَاعَ مَا يَكْرَهُهُ يَصْرِفُ عَنْ الْعِلْمِ وَالْهُدَى كَقَوْلِهِ : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وَقَوْلِهِ : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ } { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أَيْ : وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ أَيْ يَتْرُكُونَ الْإِيمَانَ وَنَحْنُ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ مَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا وَهَذَا حِينَئِذٍ . وَمَنْ فَهِمَ مَعْنَى الْآيَةِ عَرَفَ خَطَأَ مَنْ قَالَ ( أَنَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَاسْتَشْكَلَ قِرَاءَةَ الْفَتْحِ ؛ بَلْ يَعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا أَحْسَنُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكَسْرِ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ . وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ . فَقَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُجَرَّدَ الزُّهْدِ وَتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ وَرِيَاضَةِ النَّفْسِ تُوجِبُ حُصُولَ الْعِلْمِ بِلَا سَبَبٍ آخَرَ . وَقَوْمٌ يَقُولُونَ : لَا أَثَرَ لِذَلِكَ بَلْ الْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ الْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ الْعَقْلِيَّةِ . وَأَمَّا الْوَسَطُ : فَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ مُعَاوَنَةً عَلَى نَيْلِ الْعِلْمِ ؛ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي حُصُولِ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ وَحْدَهُ كَافِيًا ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ إمَّا الْعِلْمِ بِالدَّلِيلِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا بِهِ وَإِمَّا التَّصَوُّرِ الصَّحِيحِ لِطَرَفَيْ الْقَضِيَّةِ فِي الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ . وَأَمَّا الْعِلْمُ النَّافِعُ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ وَيَسْعَدُ بِهِ الْعِبَادُ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِاتِّبَاعِ الْكُتُبِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ قَالَ تَعَالَى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا } { قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } { وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ } إلَخْ وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْهُدَى وَالْإِيمَانَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طَرِيقِ الْعِلْمِ مَعَ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ وَالزُّهْدِ بِدُونِ الْعِلْمِ فَقَدْ ضَلَّ . وَأَضَلُّ مِنْهُمَا مَنْ سَلَكَ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ طَرِيقَ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ بِدُونِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْعِلْمِ أَوْ سَلَكَ فِي الْعَمَلِ وَالزُّهْدِ طَرِيقَ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ وَالتَّصَوُّفِ بِدُونِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا اعْتِبَارِ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ ؛ فَأَعْرَضَ هَؤُلَاءِ عَنْ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِ وَأَعْرَضَ أُولَئِكَ عَنْ الْعَمَلِ وَالشَّرْعِ فَضَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَتَبَايَنُوا تَبَايُنًا عَظِيمًا حَتَّى أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ وَأَشْبَهَ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى الضَّالِّينَ ؛ بَلْ صَارَ مِنْهُمَا مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَالْقَرَامِطَةِ والاتحادية وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الْفَلَاسِفَةِ . |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 12:25 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 01:01 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 01:50 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 02:21 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 02:59 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 03:45 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 04:12 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 04:43 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | محمد حيدر المشرف | 10-23-08, 04:41 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-23-08, 05:48 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عاطف عمر | 10-23-08, 06:08 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | محمد حيدر المشرف | 10-23-08, 07:00 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-26-08, 05:55 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عبد الرحمن الطقي | 10-28-08, 11:09 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 03:02 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 03:26 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 03:44 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 03:55 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:06 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:16 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:30 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:30 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:30 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:30 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-28-08, 04:48 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 05:54 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 08:13 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 08:17 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 08:24 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 12:32 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 12:55 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 12:55 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-29-08, 12:56 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 05:27 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 06:03 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 06:22 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 07:01 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 07:27 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 08:52 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 09:10 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | كمال حامد | 10-30-08, 10:41 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 12:02 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 12:03 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 12:03 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | JAD | 10-30-08, 10:43 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عاطف عمر | 10-30-08, 11:58 AM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 12:28 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | elnawrani margan | 10-30-08, 12:33 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عماد موسى محمد | 10-30-08, 12:45 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عبد الرحمن الطقي | 11-01-08, 07:42 PM |
Re: تنبيه الحصيف على ما ورد في لقاء النيل أبو قرون من تدليس وتحريف | عبد الرحمن الطقي | 11-02-08, 08:30 AM |
|
|
|