المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 12:35 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-12-2008, 03:10 PM

عبدالغفار محمد سعيد
<aعبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية (Re: عبدالغفار محمد سعيد)

    نقلا عن موقع الحركة الاسلامية ، جمهورية السودان.


    المؤتمر العام السابع للحركة الإسلامية - الاوراق العلمية

    الورقة الاولى

    1-الحركة الإسلامية والسلطة السياسية: تقويم للأداء



    Quote:
    بسم الله الرحمن الرحيم الحركة الإسلامية والسلطة السياسية: تقويم للأداء
    حسن حاج على أحمد
    ظلت الحركة الاسلامية ومنذ نشأتها في أواخر الأربعينات تسعى لأن تكون مؤثرة في المجتمع والحكومة. وقد خططت لاحقا لاستلام السلطة، وهذا ما حدث بقيام ثورة الانقاذ الوطني في الثلاثين من يونيو 1989 . وتهدف هذه الورقة إلى تقويم مفيد لأداء الحركة السياسي. في هذا الصدد سيقوم هذا البحث بالتالي، أولا، تحليل الفكرة التنظيمية – وليس البناء التنظيمي-ثم يحدد أهداف الحركة السياسية الرئيسة التي كانت بصدد تحقيقها في المجتمع والدولة والمحاور المرتبطة بذلك مثل الأفكار المؤسسة للنظام السياسي وبنيته التنظيمية، ثم نجري التقويم عليها. في هذا الصدد ستركز الورقة على الأهداف والمحاور التالية:
    الفكرة التنظيمية
    نظام الحكم، ويشمل ذلك الأطر التي تحقق العدالة والمشاركة والاستقرار
    علاقة الحركة/ التنظيم بالحكومة
    أولا، الفكرة التنظيمية:
    عملت الحركة على انتهاج سياسة سيولة الجسم التنظيمي، وتشير هذه السياسة إلى عدم التقيد بوسيلة محددة وهذا يعني عدم الالتزام بشكل وهيكل ومسمى تنظيمي واحد، اضافة لتكيف الوسائل مع الواقع السياسي. ويعني هذا أن يظل النمط العام للعمل التنظيمي مفتوحا ( عسكري، تصالح، تحالف...) تحدده الظروف السياسية والاجتماعية ، الأمر المهم في هذه السياسة المحافظة على الأهداف الكلية للحركة والعمل على أن تتسم بالاستقرار وعدم التغير. أما الوسائل فهي المتغيرة وفقا للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتشمل الوسائل المسميات والهياكل التنظيمية وطرق العمل والبرامج. في هذا الصدد نجد أن الحركة الإسلامية في السودان تطورت عبر مسميات مختلفة: "جبهة الدستور الإسلامي"، "جبهة الميثاق الإسلامي"، "الحركة الإسلامية-غير رسمي في فترة نميري-"، "الجبهة الإسلامية القومية"، "المؤتمر الوطني". وتتضح هذه المرونة عند مقارنتها مع حركات إسلامية أخرى مثل الأخوان المسلمين أو حزب التحرير الإسلامي. وتتبدى من خلال هذه السياسة العامة، كذلك، أن العمل الحركي العام لم يلتزم نمطا واحدا، بل تقلب وتبدل في إطر مختلفة تبعا للواقع السياسي والاجتماعي. فقد استخدمت الحركة العمل السياسي الحزبي، والعمل العسكري، كما شاركت في السلطة سواء كانت تعددية أو شمولية. ويظل الدافع الأساسي وراء هذه السياسة الانفتاحية هو الانتشار وتوسيع العضوية. واستلزم هذا الأمر تخفيف شروط العضوية كما انتقل العمل التنظيمي من مرحلة لأخرى حتى يتسنى ضم أعضاء جدد. وفي كل المراحل كانت هناك نواة أو قلب صلب شكل المحور الذي استند عليه التنظيم، وبخاصة في المهام الصعبة مثل: العمل الخاص والعمل الطلابي والمعلومات. انظر الشكل رقم (1). وكانت الفكرة الأولى والنتيجة المباشرة لهذه السياسة هي التحول من تنظيم حركي أيدولوجي صارم إلى حزب سياسي
    مفتوح يشكل الدعامة السياسية عند استلام السلطة. وقد تمكنت الحركة عبر هذه المرونة التنظيمية من اكتساب قدر كبير من الخبرة التنظيمية المتنوعة، وتوسيع عضويتها، وتحقيق أحد أهدافها الرئيسة وهو تطبيق الحكم الإسلامي عبر استلام السلطة.
    شكل رقم (1) الفكرة التنظيمية












    على الرغم من أن الفكرة التنظيمية المنفتحة قد أحدثت تحولات ايجابية ضخمة للحركة الإسلامية، إلا أنها قد عرّضت الحركة لانتقادات من خصومها ركزت على أن توجهات الحركة برغماتية في أساسها، وهي بذلك لا تعير كبير اهتمام للمبادئ الموجهة لوسائلها.
    ثانيا، نظام الحكم:
    في تخطيطها لاستلام السلطة، كانت الحركة الإسلامية تعي جيدا التحديات التي تصاحب الوصول للحكم. وكان أكبر تحد للحركة، وهي في بداياتها الأولى، شمولية التوجه، والانتقال من حركة "دعوية" مهتمة بالدعوة والإرشاد في مفهومها المحدود، إلى تنظيم شامل التوجهات-اقتصادية واجتماعية وسياسية- قادر على تحمل تبعات الحكم. ويمكن أن نجمل التحديات التي جابهت الحركة الإسلامية في مجال الحكم في القضايا التالية:
    أ – النظام السياسي، ويشمل هذا الجانب الأفكار المؤسسة والأطر التنظيمية
    وصلت الحركة الإسلامية للسلطة عبر انقلاب عسكري، وبسبب ذلك، فإن أول وأكبر تحدي جابهها كان موضوع المشروعية السياسية. فكيف يمكن لحركة انقلابية أن تؤسس مشروعها القادم على الرضا والقبول الشعبي، وبخاصة أن النظام الذي انقلبت عليه قد تأسس على انتخابات شعبية. اتخذت الحركة وسيلتين لاكتساب المشروعية، الأول يمكن أن نسميه "المشروعية السلبية" وتقوم على انتقاد الحكومة السابقة وتوضيح أوجه قصورها وفشلها، مثل تردي الأوضاع الأمنية وتدهور الخدمات وتكالب السياسيين على السلطة. أما الثاني فهو "المشروعية الايجابية" التي تعتمد على الأداء الفعال والتجرد والنزاهة. وقد اعتمدت الحركة في هذا الخصوص على دورها في المجتمع وأدائها في المعارضة. كما أن الحركة اعتمدت في مشروعيتها الايجابية على المكون القيمي المتمثل في مرجعيتها الإسلامية وسعيها لتحقيق الحكم الإسلامي الذي انقطع لقرون عديدة.
    على الرغم من أن أفكارا محددة قد أثيرت ونالت ما يشبه الإجماع وسط الإسلاميين في السودان في موضوع الحكم الإسلامي مثل إلزامية الشورى، وضرورة إقامة العدل، وبسط الحرية. فدستور الجبهة الإسلامية القومية يقول، على سبيل المثال، في المادة الثالثة من الفصل الأول ما يلي:
    "تسعى الجبهة لإقامة الحكم الإسلامي الهادف لرعاية مقاصد الدين، وكفاية مصالح الناس، والمؤسس على الشورى والمساواة وحق الجمهور في تقرير الشئون العامة، وفي إختيار ممثليهم من أهل الحل والعقد والقيادة والتنفيذ في ممارسة النصيحة والمحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تتوالى الأمة بحرية وفعالية وإخلاص." إلا أن التنزيل على أرض الواقع بعد استلام السلطة أوضح أن للتطبيق تحدياته الخاصة في مجتمع يتسم بأقليات غير إسلامية معتبرة، وبحراك سياسي اجتماعي كبير، وبإرث مقدر من الثورة والتمرد والعصيان.
    تدرجت حكومة الإنقاذ في التحول من نظام عسكري جاء للسلطة عبر إنقلاب إلى نظام مدني مؤسسي. وبدأت خطواتها الأولي وعينها صوب النظام السياسي الأمثل لحكم السودان، وبخاصة أنها قد أطاحت بنظام حزبي تعددي رأت فيه ضعفا وتفتتا. وسعت في أيامها الأولى، مستصحبة معها هذا الواقع، إلى تأصيل فكرة التنظيم السياسي، واهتدت في ذلك إلى محاولة الجمع بين الوحدة والتنوع. فالبلاد تواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، ومواردها تستنزف في حرب تطاولت لأكثر من ثلاثة عقود. ويتطلب هذا الوضع تغليب الضبط والنظام على حرية التنظيم والتجمع. برز هذا الطرح من خلال وحدة التنظيم السياسي الواحد المفتوح الذي يكفل المشاركة الشعبية، ويسمح بحرية الإنضمام والدخول الفردي دون حجر أو قيد، ويضمن حرية التعبير داخله. وتقوم فلسفة النظام السياسي الجديد على أصول التوحيد التي تشمل: العبادة بالاحتكام إلى أحكام الله، والمساواة في حق الخلافة في الأرض، وفي حق الشورى. وهذا يتناقض مع النظام الحزبي القائم على حكم النخبة، وتقتصر فيه مشاركة المواطنين على الانتخاب دون مشاركتهم بالرأي . كما تقوم على الموروث العربي الإفريقي، وعلى الفكر الإنساني، وعلى التجربة السياسية السودانية، وبخاصة تجربة مؤتمر الخريجين في سنواته الأولى . وتستند فلسفة المؤتمرات، كذلك، على فكرة قوامة المجتمع. وهي محاولة لبناء المجتمع الأهلي واستنهاض قدراته. ولا تتسم العلاقة بين المجتمع والدولة بالتنافس والغلبة، بل بالتكامل، ولا ينمو أحدهما على حساب الآخر، وإنما لمصلحته، ولا يستقل أحدهما إلا استقلالا وظيفيا عن الآخر . وكانت فكرة المؤتمرات تميل إلى إعطاء دور أكبر للمجتمع، وقد كان شعار الدورة الثالثة للمؤتمرات الأساسية التي انعقدت في شهري مايو ويونيو من عام 1996 هو: "نحو المجتمع القائد".
    انعكس هذا الطرح في "ميثاق أهل السودان" الذي قدمه المؤتمر الوطني في عام 1995 حيث جاء في الماده (هـ) في المحور الاجتماعي ما يلي: "ولقد رعى نظامنا السياسي هذا التنوع في بيئة المجتمع وقام على إتاحة الفرص لكل مكوناته للتعبير عن خصوصيتها عبر المؤتمرات الشعبية والقطاعية، ليأتي المؤتمر الوطني تعبيرا عن تنوع المجتمع وتجسيدا لوحدته الأتم."
    .تبنت الحكومة نظام المؤتمرات الشعبية بعد قبولها توصيات مؤتمر "الحوار القومي حول النظام السياسي" في أكتوبر 1990، ويقوم النظام الجديد على المشاركة الجماهيرية في مؤتمرات شعبية تستند على التصعيد إبتداء من المستوى الأساسي وانتهاء بالمستوى القومي. وتنشأ مجالس إدارية وتشريعية على هذه المستويات المختلفة. ويضم النظام مؤتمرات قطاعية تكفل مشاركة القوى الحديثة. وبدأ تطبيق النظام السياسي الجديد تدريجيا، حيث كانت البلاد تحكم بمراسيم دستورية ابتداء من المرسوم الدستوري الأول الذي صدر عام 1989 وانتهاء بالمرسوم الدستوري رقم (21) الذي صدر عام 1997 . بدأ الانتقال لحكم مدني مؤسسي بصدور قانون الانتخابات في عام 1994، وصدور المرسوم الدستوري الثاني عشر " في علاقات الحكم الاتحادي وتعديل نظم الولايات" لسنة 1995 الذي وضّح حدود الولايات وبيّن توزيع السلطات بين مستويات الحكم المختلفة. كما صدر في العام نفسه المرسوم الدستوري الثالث عشر الذي أقر حكم البلاد على أساس النظام الاتحادي وحدد طبيعة واختصاصات الأجهزة الاتحادية.
    اتساقا مع فكرة الوحدة السياسية التنظيمية التي تتيح مجالا للتنوع الداخلي، اختارت الإنقاذ نظام رئاسيا يعطي الرئيس سلطات كبيرة، مع جعل مجلس الوزراء – وليس الرئيس بمفرده-السلطة التنفيذية الاتحادية العليا. وبذلك جسّد منصب الرئيس وحدة البلاد وتجمعت في يديه صلاحيات عديدة منها تعيين شاغلي المناصب الدستورية وقيادات الخدمة المدنية، والقيادة العليا للقوات المسلحة والشرطة والقوات الأمنية، وإعلان الحرب، وابتداء مشروعات التشريعات الدستورية، ورعاية الهيئة القضائية وهيئة المظالم، وهيئة الانتخابات وديوان المراجع العام. هذه الصلاحيات الواسعة تمكّن الرئيس من تحقيق التوازن والتجانس بين تكوينات المجتمع المتنوعة، كما تمكّنه من تحقيق الضبط والسيطرة. ويتضح أن النظام الجديد قد ركّز على فكرة الوفاق السياسي حيث يقوم رأس الدولة بمراعة التنوع، وله في الوقت نفسه القدرة على ممارسة الضبط، وقد جاء في المرسوم الدستوري الثالث عشر، الباب الثاني، المادة 18 ما يلي:
    (1) يشكل مجلس الوزراء من عدد من الوزراء حسبما يقرر الرئيس وتتوزع الأعباء الوزارية حسبما يقرر مجلس الوزراء.
    (2) يكون مجلس الوزراء السلطة التنفيذية الاتحادية العليا في الدولة وفق أحكام المراسيم الدستورية والقوانين، وتتخذ قراراته بالتشاور والاجماع، فإن لم يتيسر فبالأغلبية.
    برز هذا المنهج الوفاقي، الذي يعمل على تقليل الصراع في العمل السياسي إلى أدني مستوى ممكن، عمليا في أول انتخابات للمجلس الوطني عام 1996، فقد نص قانون الانتخابات لسنة 1995 على قيام مجالس الوفاق، ومهمتها اقناع المرشحين بالانسحاب بالتراضي، والعمل على التوفيق بينهم. وقد أدت هذه المجلس دورا مقدرا في المناطق ذات التعدد القبلي .
    رغم السلطات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس وجعلته رمزا لوحدة البلاد وسيادتها، إلا أن الانقاذ نجحت في تطبيق النظام الاتحادي بعد أن صدر المرسوم الدستوري الثاني عشر. وبذلك تكون المعادلة بين التنوع والوحدة قد تحققت عمليا. ويعد النظام الاتحادي انجازا أساسيا للإنقاذ، حيث تمكنت عبره من إعادة هيكلة نظام الحكم في البلاد، وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة بعد أن كانت أعدادا مقدرة منهم على هامش الحياة السياسية. وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي وجهت للنظام الاتحادي – بعض المشاكل التي برزت أثناء التنفيذ ناجمة من طبيعة الحكم الاتحادي نفسه –إلا أنه تمكن من تحقيق المشاركة الواسعة للمواطنين، ومن تأهيل عدد كبير من المسئولين والاداريين، ومن تقديم الخدمات.
    تعتقد هذه الورقة أن الإنقاذ وهي تستلهم نظاما سياسيا يحتكر التنظيم السياسي، ويسمح بالتعددية داخله، لم تتحسب لعصبية الولاء القديم، ولا للنخب المسيطرة على مدى ثلاثة عقود. فقد كانت تظن أن شوق غالب أهل السودان لتطبيق الحكم الإسلامي سيجعلهم يلتفون فورا حول الإنقاذ، وأن الولاء السياسي القديم سيندثر بعد أمد قريب. كما كانت تتوقع أن النخب سيلتحق جزء منها بالنظام الجديد وسينزوي ما تبقي منها،في الداخل أو في المهجر، غير قادر على التأثير، قياسا على الفترة المايوية. غير أن عاملا جديدا قد طرأ على الساحة السياسية السودانية هو الارتياط الشديد بين العوامل الداخلية والخارجية، ولم يعد الربط الضعيف الذي كان قائما بينهما يعكس حقيقة التطورات التي حدثت في العالم. لذا فإن التغيير الذي حدث في النظام العالمي، ونجم عن انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت له انعكاسات مباشرة على الساحة السودانية. فبسبب بعض مواقف الإنقاذ الخارجية، ساند عدد من الدول، المعارضة السودانية وقدم لها الدعم. فبعد لجؤ قيادات من المعارضة للخارج بعد قيام الإنقاذ، لم يكن للمعارضة مركز وبرنامج ثابت أو قيادة موحدة حتى أغسطس 1990 تاريخ الغزو العراقي للكويت. ويأتي طرد حزب البعث من الأطر التنظيمية للمعارضة ليعكس الأثر الخارجي على عمل المعارضة. كما أن الهزائم العسكرية التي منيت بها الحركة الشعبية، دفعتها للتحرك السياسي وسط منظمات غربية ودوائر كنسية بغية استقطاب الدعم. وكان خطاب كل من المعارضتين الشمالية والجنوبية هو خطورة التوجه الإسلامي للإنقاذ وتأثيرات ذلك على البيئة الإقليمية.
    اتساقا مع التطور الدستوري الذي اخطته المراسيم الدستورية وسعيا نحو اكمال البناء السياسي، صدر المرسوم الدستوري رقم (21) في يوليو 1997 ونص على تكوين اللجنتين القومية والفنية لوضع مسودة دستور دائم . جاء دستور 1998 ليكمل البناء الدستوري وليشكّل المرجعية القانونية العليا للبلاد. ويرى منتقدو دستور 1998 أنه أجيز في عدم وجود وفاق سياسي وغياب اسهام المعارضة. وكان هذا النقد مصيبا، إذ ألغي دستور 1998 بعد اتفاق السلام في نيفاشا، وحل محله دستور 2005.
    تجربة التوالي
    جاءت تجربة التوالي السياسي تحولا أساسيا من فكرة المؤتمرات الشعبية، وفلسفتها التي أشرنا إليها. فقد قام النظام السياسي مناهضا لفكرة النظام الحزبي الليبرالي، وأسس لفكرة قوامة المجتمع. وتتبادر إلى الذهن هنا عدة أسئلة أساسية هي: هل جاء التحول التدريجي نحو النظام الحزبي نتيجة ترتيب مسبق وخطة وضعت سلفا للانتقال؟ أم أن فكرة النظام السياسي الجديد وقوامة المجتمع قد فشلت على أرض الواقع واضطرت الحركة للرجوع للنظام الحزبي؟ أم أن تكاثف الضغوط الداخلية والخارجية- وكانت قمتها في 1997، العدوان الثلاثي والضغوط السياسية والاقتصادية، وبوادر الخلاف داخل المؤتمر الوطني- دفعت الحركة- كما فعلت في الماضي-للتكيف مع الواقع السياسي ودفع الضغوط بإعطاء الآخرين قدرا من الحرية وحيزا من المشاركة السياسية ؟
    وترى هذه الورقة أن الخيار الأخير وهو التكيّف مع الواقع ربما كان التفسير الأكثر معقولية وذلك للأسباب التالية:
    أولا، أن التأصيل النظري الذي صاحب النظام السياسي الجديد والنقد الحاد الذي وجّه للنظام الحزبي الليبرالي لا يتسق مع الخيار الأول الذي يرى وجود خطة مسبقة، الأهم من ذلك وجود معارضة من عناصر من المؤتمر الوطني لفكرة التوالي والنظام الحزبي، ولم ترد من المسوغات التي طرحت لتأييد التوالي وقتئذ، إشارة لوجود خطة مسبقة للتحوّل.
    ثانيا، من السابق لأوانه القول بفشل فكرة المؤتمرات الشعبية، حيث أن النظام السياسي الجديد بدأ في تنفيذه في عام 1992 واكتمل في 1996، وصدر قانون التوالي بعد نحو عامين فقط من اكتمال النظام السياسي، ولم تمر فترة كافية لتقييم التجربة والحكم عليها.
    ثالثا، أن بوادر الانشقاق داخل المؤتمر الوطني، وسعى كل طرف لتقوية مركزه، دفعت بالطرفين إلى المطالبة بالوفاق الوطني مع القوى السياسية الأخرى .
    رابعا، تشير تجربة الحركة الإسلامية السياسية إلى أنها، كما ذكرت الورقة أعلاه، كانت تتميز بالقدرة على التكيّف مع المتغيرات السياسية، فلا الأشكال التنظيمية ولا المسميات ولا الوسائل كانت ثابتة، بل كانت تتغير مع مستجدات الواقع السياسي. قياسا على هذا التاريخ، فإن لجؤ الحركة لفكرة التوالي بحسبانها تمهيدا للنظام الحزبي جاء من باب التكيّف مع مستجدات الواقع السياسي. ففترة السنوات الثلاث 1995-1998، كما أشارت الورقة، كانت مفصلية، وشهدت تطورات كبيرة داخليا وخارجيا، وجاء التحول للتوالي ليواكب هذه المتغيرات.
    ومهما كانت مبررات التحوّل نحو النظام الحزبي، الذي كفله وأكّده دستور 1998 بعد ذلك، تبقي قضية المبررات الفكرية للتحوّل عالقة دون إجبابات مقنعة. فالعامل الذي تعتقد الورقة أنه السبب الرئيس وراء التحول نحو التوالي يظل عمليا براغماتيا، وليس فكريا. وتبقى أطروحات "قوامة المجتمع" في سعيها لتأصيل النظام السياسي حبيسة في منشورات المؤتمر الوطني في أيامه الأولى. كما أن عددا من أعضاء المؤتمر الوطني، وغيرهم، يتساءلون كيف يمكن التحوّل للنظام الحزبي الليبرالي بعد النقد الحاد الذي وجّه له، وكيف يمكن التخلي عن نظام قيل إنه قد تأصل وقام على أسس من الإسلام ومن التجربة الإنسانية والسودانية.
    بدأ التحول للتوالي عندما أجاز المجلس الوطني في عام 1998 قانون تنظيم التوالي السياسي على أن يبدأ العمل به في يناير عام 1999. وفسّر القانون التوالي بأنه: "الترابط والتناصر الطوعي للتعبير السياسي بغرض الدعوة والتنافس في الانتخابات لولاية السلطة العامة". وقد أعطي القانون الحق لكل مواطن في الانتماء لأي تنظيم، كما كفل أهلية تأسيس أي تنظيم لأي عدد لا يقل عن مئة شخص.
    جاء دستور السودان الانتقالي الذي أجيز عام 2005 ليشكل تحولا مهما في السودان. وما يهمنا في هذا الصدد الترتيبات السياسية التي كفلها الدستور ومن ينها حق تكوين المنظمات السياسية، فقد جاء في المادة 40ـ ما يلي: (1) يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه .
    (2) ينظم القانون تكوين وتسجيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية وفقاً لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي.
    تعتقد هذه الورقة أن الممارسة السياسية للحكومة بعد إقرار الدستور الانتقالي ما تزال متأثرة بفترة نظام المؤتمرات. فالاعتبارت الأمنية ما تزال تضع قيد أمام حرية الحركة لعدد من الأحزاب السياسية، الأمر الذي جعل التنافس السياسي محصورا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وهناك حاجة لتذليل العقبات أمام بعض الأحزاب لتمكينها من التحرك السياسي وإثراء الساحة السياسية.
    ترى هذه الورقة أن فترة الثلاث سنوات من 1995 وحتى 1998 كانت مهمة وربما مفصلية للإنقاذ ومستقبلها ، وبخاصة لتوجهها السياسي وذلك للأسباب التالية:
    أولا، شهدت هذه الفترة قيام مؤسسات الحكم بعد أن تبلورت رؤاها الفكرية وتوطدت أركانها السياسية. فقد شهدت قيام الحكم الاتحادي، وتعديل قانون الانتخابات الذي قامت بموجبه انتخابات المجلس الوطني ورئاسةالجمهورية في عام 1996،وانعقد فيها المؤتمر القومي الأول للمؤتمر الوطني، وصدر فيها دستور 1998. وعلى عكس ما هو متوقع، فإن التوجه نحو المؤسسية ربما كان أحد الأسباب الرئيسة التي أسهمت في حدوث خلاف بين القيادتين التنظيمية والحكومية. فالأطر المؤسسية هي التي تعكس سمات النظام السياسي الذي ستستقر عليه البلاد، وتعطي حامليها قوة تمكنهم من صنع السياسات ومن التأثير في الحراك السياسسي. لذا فقد تشكّلت لبنات الخلاف الأولي في هذه الفترة وتطورت حتى وصلت مرحلة الانشقاق والمفاصلة.
    ثانيا، زادت المعارضة من نشاطها في الفترة ذاتها ، وصدرت مقررات مؤتمر التجمع في أسمرا التي تنص على إعطاء الجنوب والمناطق المهمشة حق تقرير المصير، وعلى اعتماد العمل العسكري لاسقاط الإنقاذ، وعلى قيام نظام ديموقراطي تحظر فيه الأحزاب الدينية. كما شهدت الفترة تصعيدا عسكريا كبيرا، ففي عام 1997 وقع العدوان العسكري الثلاثي: اليوغندي الإثيوبي الأريتري على البلاد، بعد أن كانت الحركة الشعبية تحارب عنهم بالوكالة. وفي أغسطس من عام 1998 وقع الإعتداء الأمريكي على مصنع الشفاء للأدوية.
    ثالثا، ازدياد الضغوط السياسية الدولية في هذه الفترة مصاحبة للتصعيد العسكري، ووصلت إلى ذروتها في هذه الفترة، حيث شهد عام 1996 فرض عقوبات دبلوماسية على البلاد من قبل مجلس الأمن وصدور ثلاثة قرارات في ذلك العام هي: 1044 و1054 و1070، بعد اتهامها بالمشاركة في تدبير حادث الإعتداء على الرئيس المصري في إديس أبابا. وأصدر الكونغرس الأمريكي في عام 1997 قرارا يقضي بحظر المعاملات الاقتصادية والتجارية مع السودان، كما أصدرت الإدارة الأمريكية أمرا تنفيذيا مشابها. أدت هذه الضغوط الدولية إلى أن تولي الإنقاذ أهتماما كبيرا بالمؤثرات الخارجية وأن تسعي لتحسين علاقاتها الخارجية. كما دفعها للإنفتاح داخليا على بعض القوي السياسية.
    ج- العلاقة بين الحزب والحكومة
    شكلت العلاقة بين الحزب والحكومة تحديا رئيسا للحركة الإسلامية. وهذه الإشكالية ليست وقفا على الحالة السودانية، فقدعانت منها النظم العقائدية ذات الحزب الواحد، كما انعكس ذلك في حالات الصين والعراق البعثي واليمن الجنوبي. في هذه الحالات لم تستقر العلاقة على شكل واحد بل تقلبت بين ثلاث حالات: هيمنة الحزب، وسيادة الحكومة، والتوازن بينهما.
    في التجربة الصينية بدأت العلاقة متأثرة بالنمط السوفيتي حيث كان الحزب الشيوعي مهيمنا على السلطة ولا يوجد فصل بين الاثنين. بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في بداية الثمانينات، عملت القيادة على إزالة مظاهر المركزية المفرطة، وعمدت إلى الفصل بين الحزب والسلطة بالتدريج. في هذا الصدد قام دينغ هسياو بينغ بالغاء خلايا الحزب في الهيئات الإدارية والاقتصادية والثقافية الأمر الذي أدى إلى تقليص دور الحزب في هذه الهيئات. وبعد تولي جيانغ زيمين للسلطة استأنف دور خلايا الحزب في الهيئات مع العمل على تصحيح الأخطاء في العلاقة بين الحزب والسلطة. وتعتقد قيادة الحزب الشيوعي الصيني أنها تضع العلاقة بين الحزب والسلطة ضمن نظرية عامة للحكم. وتقوم النظرية على فكرة جعل الشعب سيدا للدولة، وأن تعمل السلطة وفقا للقانون. وتتمثل سيادة الشعب في أن يكون الحزب نواة قيادية وليس بديلا للشعب. ويركز الحزب على التوجهات العامة والمسائل الاستراتيجية، بينما تهتم المؤسسات الحكومية بالبرامج التفصيلية على أن تلتزم بالقانون في ذلك. إضافة إلى ذلك فإن للحزب مهمتين أساسيتين أخرتين هما تعيين المسئولين والسيطرة على الأعمال الإعلامية والأيديولوجية. يبدو من هذا السرد أن النظام الصيني قد استقر الآن على سيادة الحزب في التوجهات العامة والقضايا الكلية على أن تقوم الحكومة بمهام البرامج التفصيلية. ومنعا للتضارب فإن رئيس الجمهورية هو مسئول الحزب الأول ورئيس اللجنة العسكرية.
    بدأت هذه العلاقة في الإنقاذ باقرار الفصل بين القيادتين وبهيمنة الحزب، حيث ظلت قيادة الحركة الإسلامية هي الأعلى من حيث المرجعية. وظل الأمين العام في سنوات الإنقاذ الأولى يمثل المرجعية السياسية، بينما يرأس رئيس الجمهورية النظام السياسي ، كما يرأس مجلس الأمانة العامة. غير أن الفصل بين القيادتين قد أدي إلى حدوث اختلافات بينها بدأت تتراكم تدريجيا. وقامت بعض قيادات المؤتمر الوطني في ديسمبر 1999 بتقديم مذكرة لمجلس الشورى، عرفت باسم مذكرة العشرة، اقترحت فيها إجراء تعديلات على النظام الأساسي للمؤتمر الوطني تشمل استحداث مكتب جديد هو المكتب القيادي حيث أن حجم المجلس القيادي الكبير لا يمكّنه من البت في الأمور المستجدة. وأن دورات انعقاده متباعدة، الأمر الذي مكّن الأمين العام من ممارسة صلاحيات واسعة في غياب المجلس القيادي. وطالبت المذكرة باختيار الأمين العام ونائبه والمكتب القيادي بواسطة مجلس الشورى، كما يقوم المجلس بمحاسبتهما. وأن يباشر مجلس الشورى صلاحيات المؤتمر القومي أثناء غيابه. وسعت المذكرة إلى وجود الرئيس داخل مؤسسات الحزب العليا، وإلى إبعاد الأمين العام عن عن منصب مقرر هيئة الشورى وذلك بهدف إعطاء المجلس قدرا من الاستقلالية.
    بررت المذكرة أهمية إجراء هذه التعديلات بالأسباب التالية:
    1-توسيع الشورى وتيسيرها وإكسابها معني وأثرا.
    2-توحيد القيادة العليا وإكسابها فاعلية ومضاءا.
    3-تكريس العمل المؤسسي في المؤتمر رأسا وجسما.
    4- تحقيق الأساس الصحيح لوحدة داخلية منيعة.
    أجازت هيئة الشورى المذكرة بعد إجراء تعديلات طفيفة عليها، وكان ذلك مؤشرا بدخول الخلاف مرحلة جديدة. فقد عد أنصار الأمين العام الطريقة التي قدمت بها المذكرة وما ورد فيها مسعى لتقليص صلاحيات الأمين العام وتوجها لتحويل المؤتمر الوطني من حزب قائد إلى حزب حكومة. وأيّد الرئيس المذكرة وقال: " إن ما تم في هيئة الشورى كان سليما من حيث المحتوى ومن الناحية الإجرائية، وإن ما صدر من قرارات كانت محاولة جادة لترتيب البيت من الداخل، لمراجعة التحديات المقبلة. " تفاقم الخلاف بين الطرفين، دون الدخول في تفاصيل تطوره ، وأفضى لمفاصلة وقيام حزبين: الوطني والشعبي. وتوحيد القيادة في الحزبين، وما يهمنا هنا تفسير ما حدث ودلالاته السياسية على النحو التالي:
    أولا، أظهر الانشقاق أن الخلاف قد توطّد نتيجة للتوجه نحو المؤسسية القائمة على مرجعيات قانونية وشعبية، وأن فترة الطوارئ والانتقال الأولى بطبيعتها لم تبرز القضايا الخلافية، وأن الحركة في الفترة الأولى كانت متأثرة بتجربتها خارج الحكم حيث أن القيادة التنظيمية كانت المرجعية لكل واجهات التنظيم.
    ثانيا،أبرز الانشقاق أن مؤسسات الحزب لم تفلح في احتواء الخلاف، فعلى الرغم من القرارات التي صدرت من تلك المؤسسات – مثال: قرارات المعالجة الشاملة التي أقرها مجلس الشورى-إلا أن قدرة المؤسسات على التنفيذ كانت محدودة. ومن المؤشرات الواضحة على عجز المؤسسات الآتي:
    أ‌- اللجؤ للمؤسسات الرسمية وليس الحزبية لإدارة الخلاف. من الأمثلة على ذلكك التعديلات الدستورية التي قدمها الأمين العام، وإعلان الطوارئ وحل المجلس كما فعل الرئيس.
    ب‌- لجان الوساطات والأجاويد ورأب الصدع الداخلية والخارجية.
    ج- أن الخلاف، رغم أنه قد أفضى إلى انشقاق، إلا أنه أدى إلى توحيد القيادة في المؤتمر الوطني. وأدت إلى الاتعاظ من تجربة الخلاف السابقة.
    ثالثا، أن العلاقات التنظيمية لم تراع واقع السلطة في بلد من العالم الثالث من ناحيتين: الأولى، تضخم سلطة الأمين العام ، وبخاصة في فترة الانتقال– من بداية الانقاذ وحتى اكتمال تكوين المؤتمر الوطني -. فقد شهدت هذه الفترة حل مجلس الشورى وأبقيت أجهزة محددة تحت سلطة الأمين العام، الأمر الذي جعل الأخير صنوا للرئيس إن لم يكن متفوقا عليه في بعض الحالات. الثانية، أن تجربة الحكم والسلطة مختلفة نوعيا عن فترة العمل الحركي التنظيمي حيث كانت القيادة التنظيمية هي المرجع الأول والأخير.
    بعد إعادة تكوبن تنظيم الحركة الإسلامية، أضيف جسم جديد للعلاقة مع الحكومة لتصبح بين ثلاثة تكوينات: الحزب والحركة والحكومة. وعلى الرغم من تقسيم العمل بين الحزب والحركة القاضي بأن تركز الأخيرة على قضايا الدعوة والتربية والتوجيه- الأمر الذي جعلها أقرب للجماعات الإسلامية المهتمة بالتربية والإرشاد-إلا أن المتتبع لإدراك الأفراد لطبيعة العلاقة يمكن أن يقسمه إلى ثلاثة أنواع. الأول ما يزال يغلب عليه نمط تفكير ما قبل الدولة ويحسب أن الحركة في تنظيمها الخاص هي المرجع الأعلى للحزب والحكومة. أما الثاني فمسلّم بتقسيم العمل القائم بين الحزب والحركة الذي أشارت إليه الورقة أعلاه. والثالث يعتقد أن الحزب له الغلبة لأنه الأشمل في المهام والأوسع في التمثيل. والقسم الأخير يساند علو الحكومة، لأنها الممسك بمفاصل السلطة التي تؤثر تأثيرا كبيرا في قضايا البلاد الرئيسة. ويتضح من واقع العلاقة أن النظام السوداني لم يشترط وحدة الرئاسة-أن يكون رئيس الجمهورية رئيسا للحزب والحركة-بل عمد إلى التركيز على نخصيص المهام والوظائف بين الحركة والحزب وذلك لمنع التضارب، على أن يجمع الرئيس بين رئاسة الحزب والحكومة.
    خاتمة
    ركزت هذه الورقة في تقويمها لأداء الإنقاذ السياسي على محاور محددة هي الفكرة التنظيمية، والنظام السياسي، وعلاقة الحزب بالدولة، وبالتالي فهى محدودة ولا أن تكون تقويما شاملا لأداء الحركة السياسي في فترة الإنقاذ. بعد أخذ هذه النقطة المهمة في الاعتبار، فإن هذه الورقة تخلص للآتي:
    أولا، أن الفكرة التنظيمية للحركة القائمة على السيولة والتكيف،أثبتت نجاحها وحققت أهدافها، إذ تمكنت الحركة من التغلغل في المجتمع ونشر قيمها وتكوين كادر متنوع متمرس والوصول للسلطة.
    ثانيا،لم يأت تأسيس النظام السياسي وتطوره من المؤتمرات الشعبية مرورا بالتوالي وانتهاء بالنظام الحزبي متسقا من الناحية الفكرية، فقد بدأ نظام المؤتمرات قائما على فكرة مناهضة الليبرالية الغربية والتركيز على المجتمع القائد، وجاء التحوّل للتعددية الحزبية على الرغم من الانتقادات الفكرية التي وجهت لها. ورغم عدم الاتساق هذا، إلا أن المؤتمر الوطني استطاع الوصول إلى مناطق كانت مهملة سابقا، وأبرز قيادات جديدة على المستويات الولائية والمحلية،وتمكن من كسب عناصر جديدة.
    ثالثا، يعد تطبيق النظام الاتحادي انجازا كبيرا للإنقاذ،فقد تمكنت عبره من إعادة هيكلة نظام الحكم في البلاد، وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة. ولعل أكبر تحول في هيكل السلطة هو بروز مراكز جديدة للسلطة والقوة في مناطق مختلفة من البلاد، سواء أكانت فعلية أو متوقعة في المستقبل.
    رابعا،أوضح الانشقاق أن المؤتمر الوطني لم ينج من الأزمات التي صاحبت غالبية الأحزاب العقائدية بعد وصولها للسلطة،فانفصال القيادتين أدى إلى الاختلاف ثم الانشقاق. ولم تفلح مؤسسات الحزب في إدارة الخلاف بنجاح.
    خامسا، تمكّن المؤتمر الوطني عبر خطابه السياسي، وبخاصة في الفترة الأخيرة، أن يعكس نفسه حزب وسط كبير وسط توجهات عنصرية بدأت تطل برأسها في الساحة السياسية. ويأتي هذا الأمر تتويجا لمبدأ السيولة التنظيمية الذي تعرضت له الورقة. ويقتضى خطاب الوسط تقليل الجرعة الأيديلوجية، وفي هذه الحالة قد يكون الحزب هدفا لبعض الطامعين في المناصب أو في النفوذ.
    توصيات
    نسبة لتشعّب الموضوعات المرتبطة بالأداء السياسي، فإن هذه الورقة توصي أن يستمر مشروع التقويم لفترة مستقبلية حتي تكتمل جوانبه الرئيسة، وأن يشتمل على المجالات التالية:
    الاثنية السياسية، اتخاذ القرار، الحكم الاتحادي، أداء المؤتمر الوطني السياسي، الخطاب السياسي.





    http://www.imsudan.org/topics/fikr/1.doc
                  

العنوان الكاتب Date
المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 04:47 PM
  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 04:59 PM
    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 05:09 PM
    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 05:09 PM
      Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 05:22 PM
        Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 05:38 PM
          Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-09-08, 05:55 PM
            Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:30 AM
              Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:34 AM
                Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:38 AM
                  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:41 AM
                    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:45 AM
                      Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:49 AM
                        Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:54 AM
                          Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 07:58 AM
                            Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 06:34 PM
                              Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 06:43 PM
                                Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 11:29 PM
                                  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-11-08, 11:43 PM
                                    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-12-08, 02:19 PM
                                      Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-12-08, 02:44 PM
                                        Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-12-08, 03:10 PM
                                          Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية بدر الدين اسحاق احمد08-12-08, 08:30 PM
                                            Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-12-08, 10:45 PM
                                              Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-13-08, 12:09 PM
                                                Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-13-08, 01:57 PM
                                                  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عمر صديق08-13-08, 02:26 PM
                                                    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-18-08, 11:38 PM
                                                      Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-19-08, 00:57 AM
                                                        Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-20-08, 06:25 PM
                                                          Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-22-08, 03:03 AM
                                                      Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عمر صديق08-22-08, 10:27 AM
                                                        Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-23-08, 01:18 PM
                                                          Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد08-23-08, 01:24 PM
                                                            Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد09-01-08, 11:01 PM
                                                              Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد09-01-08, 11:39 PM
                                                                Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد09-01-08, 11:53 PM
                                                                  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد09-08-08, 08:55 PM
                                                                    Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية عبدالغفار محمد سعيد09-08-08, 09:00 PM
  Re: المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية khalid fahmi09-08-08, 09:29 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de