سعد الله ونوس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 03:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-29-2006, 00:55 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سعد الله ونوس (Re: bayan)

    وعليه تتوقف أمور كثيرة .

    ( يفرك جابر القرش ، ثم يرميه من جديد لكن " منصور " يسرع ، فيلتقطه غاضبا ، ويضعه في جيبه . ) .

    منصور : وهو ( ينسحب ) لعنة الله عليك .. لا حد لاستهتارك .

    جابر : بقي شوط واحد . فلم تفسد لعبتنا ( يبتعد منصور ولا يجيبه ، فيلتفت جابر صوب الزبائن متأهبا بدوره للانسحاب ) لو أعرف فقط ما الذي يعنيه في خلاف ينشب بين الخليفة والوزير ( يهز كتفيه ويمضى) .

    زبون : ( لجاره ) ما قولك و الله ولد ابن زمانه .

    زبون 2 : لا شيء يشغل باله .

    زبون 1 : لا خليفة ولا وزير .

    الخادم : ( وهو يدور بالموقد ) نارة .

    زبون 2 : تعب قلب ووجع رأس بلا فائدة .

    زبون 3 : تعال هنا .

    ( الخادم يقترب من الزبون الذي يناديه ، حاملا الملقط وموقد النار).

    الحكواتي : ( يستأنف بعد أن يخلو المسرح ) هذا ما بدا من المملوك جابر حين سمع عن الخلاف الدائر وكانت الأمور تتطور بسرعة ، وتشيع الأنباء بين الناس كالوباء فقد قضى الخليفة ليلة مجتمعا بقواد الأمن ، وفي الصباح ظهرت في بغداد إجراءات حازمة ومنذرة . وكان الوزير يرغي في ديوانه ، وحوله عدد من أصحابه أمراء وتجار كبار أما أهل بغداد فما أن شاعت بينهم الأنباء ، حتى يسرعوا كعادتهم يزاحمون حول الأفران ، ليؤمنوا خبزهم لأيام ...

    ( يدخل الممثلون الخمسة الذين رأيناهم من قبل يمثلون أهل بغداد ، وهم يحملون معهم شباك فرن وبعض القطع الأخرى التي مكن أن توحي بمنظر شارع عام . يضع الممثلون قطع الديكور ويركبونها أمام المتفرجين . يمكن هنا كما في كل المشاهد ، الاستعاضة عن ذلك بالبانوهات المرسومة . بعد إعداد المنظر يبدأ التمثيل . إنهم ينتظرون بنفاد صبر وقلق أمام شباك القرن .

    يتطلعون إلى الداخل ، ويتعجلون الفران . متعبون وعلى وجوههم اضطراب وشعور عميق بانعدام الأمن ).

    المرأة الأولى : أف .. منذ الصباح وأطفالي وحدهم في البيت لو كنت أعلم لحملتهم معي .

    الرجل الثالث : انتصف النهار ونحن في الانتظار .

    الرجل الأول : ( مادا عنقه فوق رؤوس الآخرين نحو شباك الفرن ) ولكن ماذا يفعلون بحق الله ؟ أخشى أن يكونوا نائمين .

    الرجل الثاني : ( وهو أقربهم إلى الشباك . يوجه الكلام إلى الفران ) يا الله يا أبو عمر .

    صوت الفران : ( من الداخل ) وهل ترانا نتثاءب ؟ منذ منتصف الليل لم تهدأ أيدينا .

    الرجل الأول : ومع هذا نحن ننتظر منذ وقت طويل .

    صوت الفران : ماذا نفعل ؟ كل واحد يطلب اليوم أضعاف حاجته .

    الرجل الأول : أمر طبيعي في مثل هذا اليوم .

    المرأة الأولى : إذا وقعت الواقعة فمن يعرف متى تنتهي .

    صوت الفران : إذن امسحوا وجوهكم بالرحمن ، وانتظروا .

    المرأة الثانية : ( وهي تجلس ) أف .. يبست أقدامنا ونحن ننتظر .

    الرجل الثاني : ما الفائدة سننتظر . لا بد من الخبز .

    الرجل الثالث : ( يجلس بدوره) في هذا الوقت الخبز أهم شيء إذا توفر في بيتك ضمنت نصف السلامة .

    المرأة الأولى : ووراءنا أطفال سيصرخون إن لم يجدوا لقمة الخبز .

    الرجل الثاني : لن نذهب قبل أن نؤمن خبزنا لثلاثة أيام أو أربعة .

    المرأة الثانية : أربعة أيام ( تتنهد ) محظوظ من يستطيع أن يشتري خبزا لأربعة أيام .

    الرجل الثاني : أختي . لا تظني بي اليسر . والله سأفرغ كيسي كله في يد الخباز .

    الرجل الأول : أفضل لنا جميعا أن نفرغ أكياسنا الهزيلة الآن بعد قليل سيصبح ما فيها كالعملة الباطلة .

    المرأة الأولى : ماذا تقصد ؟.

    الرجل الأول : ( خافض الصوت ، كأنه يسر لهم ) حتى الآن .. لم يرتفع سعر الخبز إلا قليلا ، ولكن خلال ساعات ..

    المرأة الثانية : ( تقاطع باندهاش وقلق ) هل رفعوا سعر الخبز ؟.

    الرجل الأول : ألم تعلمي ؟.

    الرجل الثالث : بدأ الغلاء مع الصباح .

    الرجل الأول : رفعوا السعر قرشا . ولكن خلال ساعات سترتفع الأسعار كالحمى ، وستصبح قروشنا كالعملة الباطلة .

    المرأة الثانية : أعوذ بالله .. لا تفتح علينا هذا الباب ... .

    الرجل الأول : أأنا أفتحه كأنك لا تعرفين تجار بغداد إنهم يزقزقون اليوم .

    الرجل الثاني : يزقزقون ويغردون .

    المرأة الأولى : خزاهم الله . لو استطاعوا لأكلوا لحومنا نيئة .

    الرجل الثالث : هذا يومهم .. ولو تطورت الأزمة لأصبح كل شيء أغلى من الذهب .

    الرجل الأول : لو تطورت وماذا تسمي ما يجري إذن إنها تتطور وبسرعة مخيفة .

    الرجل الثاني : فعلا وإلا ماذا يعني خروج الحراس من ثكناتهم .

    المرأة الأولى : ( تشهق ) آه .. بالله لا تذكرنا .

    المرأة الثانية : أجارنا الله .. فاجأتني وجوههم عند المنعطف ، فارتخت ساقاي ، وكدت أسقط. .

    المرأة الأولى : رؤية الموت أهون .

    الرجل الثاني : اكتسحوا الأسواق كالعاصفة كان الناس يختفون في الجدران وهم يرتعشون . لا أستغرب لو أن بعضهم بال في سرواله .

    ( بينما الحوار مستمر ، يدخل رجل رابع يحمل كيسا فارغا . يمكن أن يقوم بدوره الممثل الذي يقوم بدور منصور ، وإن بدا الآن أكبر سنا . ينضم إلى الجماعة ، ويجلس واضعا كيسه في حجره . يلتفت الآخرون إليه . إلا أنهم لا يعيرونه كبير اهتمام ) .

    الرجل الثالث : عشت عمرا طويلا ، ومع هذا لا أذكر يوما أن أهل بغداد لم يبولوا في سراويلهم ، عندما يظهر الحراس في الشوارع .

    الرجل الثاني : أما اليوم فأكثر وأكثر . كالعاصفة اكتسحوا المدينة . ألم تر أسلحتهم المشهرة ووجوههم العابسة . من المؤكد أنهم ينفذون قرارات خطيرة .

    الرجل الأول : ملأوا الشوارع والساحات . كيفما تحرك المرء يصطدم بهم .

    المرأة الثانية : سترك يا رب .. ينتفض قلبي كلما تخيلت وجوههم .

    الرجل الثاني : كل المظاهر تدل على أنها واقعة بين لحظة وأخرى .

    المرأة الأولى : ولا أحد يعلم ما يخبئه لنا الغد .

    الرجل الثاني : سبحان علام الغيوب . زمن أين لنا أن نعرف ما يخبئه الغد .

    الرجل الأول : لهذا خير ما نفعله هو أن نؤمن خبزنا ، ونختفي في بيوتنا . .

    الرجل الثالث : هذا هو الصواب . نشتري أرغفتنا ، ونمضي إلى بيوتنا .

    المرأة الثانية : ولكن متى ينتهي الخباز ، ويتركنا ننصرف ؟.

    الرجل الثالث : عشت طويلاً ، يا ما رأيت سادة يعلون وآخرين يولون ، أما عامة بغداد فحالهم هو هو ، وإن ضمنوا السلامة كان فوزم عظيماً .

    الرجل الأول : أمر معروف ... لا يختلف السادة من أجل عامة بغداد ( لحظة ... هامساً ) ربما كانت الخزينة تزرب .

    الرجل الثاني : أو كان نزاعا على قيادة العسكر .

    الرجل الأول : أو على تعيين الولاة .

    المرأة الثانية : ( قلقة تحاول أن تقطع الحديث ) بالله ابعدونا عن هذا الحديث .

    الرجل الأول : المهم ... لا يختلف السادة من أجل عامة بغداد .

    ( يظهر في الشارع حارسان مدججان بالسلاح ، يبدو أنهما يقومان بأعمال الدورية تلحظها المرأة الثانية ، فيرتعش وجهها بالخوف ، وترتبك تمسك الرجل الأول من طرف سترته ، لتنبهه .. ) .

    الرجل الرابع : ( وكان مطرقاً ) وحق الله ... ما تقولونه ... .

    المرأة الثانية : ( برعب ، والحارسان يقتربان ) هس ... .

    الرجل الرابع : ( ينتبه إلى اقترابهما يغير الكلام ، ويواصل دون تلعثم ... يتابعه الآخرون بخوف ودهشة ) فلما حط الحمال حمولته على تلك المصطبة ليستريح ، خرج عليه من الباب نسيم رائق ( كلما اقترب الحارسان يعلو صوته ) ورائحة ذكية فاستلذ الحمال لذلك ، وجلس على جانب المصطبة ، فسمع نغماً وأوتارا وعودا وأصواتا مطربة ( يتوقف الحارسان قرب الجماعة ) فعندئذ تعجب وتقدم يتبع الصوت. دفع الباب ودخل .. فوجد أمامه بستانا عظيما، ورأى فيه غلمانا وخدما وحشما ، ثم هبطت عليه رائحة أطعمة زكية من جميع الألوان المختلفة والشراب الطيب ، فرفع طرفه إلى السماء ، وقال : ماذا قال ؟ ( يتوقف لحظة ، وكأنه يشوق السامعين ) .

    الحارس 1 : يتسلون ، ويروون حكايات .

    الحارس 2 : أشعر بالجوع .

    الحارس 1 : ( يوالي ... بينما يبتعد الحارسان ) قال ... سبحانك يا رب يا خالق وعندها لمح صبية ذات حسن وبهاء ...

    ( يختفي الحارسان ، فيتوقف الرجل الرابع ، يتنهد الجميع بارتياح وكأنهم خروجوا من محنة ، بعضهم يجفف حبات عرق تفصدت من الوجوه ).

    المرأة الأول : ( ساقاها ترتجفان ، فتجلس ) آه ... لا تحملني ساقاي بعد.

    المرأة الثانية : عمري ما رأيت سحنة الحراس مخيفة مثل اليوم .

    المرأة الأولى : سحنتهم دائماً مخيفة ولو لم ينظروا إلينا .

    الرجل الأول : ( بما يشبه الحنق ) أرأيت إن كان ضروريا أن نسأل ! .

    الرجل الثاني : لماذا لم تسألهم عن سبب الخلاف ؟.

    الرجل الثالث : ولكنك تصرفت بفطنة أيها الرجل .

    الرجل الرابع : وحق الله أخافهم مثلكم ... وشعرت قلبي يكاد أن يتوقف لكن أنظل كالعميان لا نعرف إلى أية مهاو تدفعنا الأحداث .

    المرأة الأولى : ( بعنف ) إذا كنا عميانا ونحن بين أهلنا ، أفضل من أن نعمى في ظلال الزنزانات .

    المرأة الثانية : بالله عليك كفي ... ألم تر بعينك ! سنشتري خبزنا ، وننزوي مع أهلنا في بيوتنا .

    الرجل الأول : لدى السادة دائماً أسباب كافية للخلاف أما نحن فلا ناقة لنا ولا جمل ( لغط بين الزبائن ، ثم يتوضح ) .

    زبون 1 : هو بعينه ..

    زبون 2 : الشخص الذي كان مع المملوك .

    زبون 3 : وما يزال يحمل السلم على ظهره .

    زبون 1 : ( بصوت عال ) أخي نزل هذا السلم عن ظهرك .

    الرجل الرابع : ( يقطع التمثيل ملتفتا إلى الزبائن ) آه لو أستطيع .

    زبون 3 : هذه سوسة إذا سكنت الرأي صعب انتزاعها .

    الحكواتي : ( يعلو صوته ، ليسيطر على الموقف ، فيمنع انقطاع خيط الحكاية بالنقاش ) وتناول الرجل العجوز الكلام ، فأورد ما علمته الأيام .

    الرجل الثالث : سأقول لك شيئا ... عشت عمرا طويلاً يكفي لكي يتعلم المرء كيف تجري الأمور هنا . مهما اشتدت الخلافات بين سادتنا ، وفرقت بينهم المصالح ، فإنهم يظلون متفقين على شيء واحد ، أتعرف ما هو أيها الرجل الذي لا تنقصه الفطنة ؟.

    الرجل الرابع : أتمنى أن أعرف ما هو .

    الرجل الثالث : هو ألا نتدخل نحن العامة في شؤونهم وخلافاتهم . ولو فعلنا لتوحدوا فورا ، واتجهوا بكل قواهم نحونا .

    المرأة الأولى : وبعدئذ تمتلئ السجون .

    الرجل الثاني : ويختفي الرجل .

    الرجل الرابع : وحق الله وأنا عشت طويلاً ما فات من العمر أكثر مما بقي ، أعرف أن ما تقوله صحيح أعرفه كما أعرف سجون بغداد وسياط جلاديها .

    المرأة الثانية : هل كنت في السجن .

    الرجل الرابع : أي وحق الله كنت فيه .

    المرأة الأولى : ليس غريبا أن تعرف السجون ما دمت تحب كثيراً طرح الأسئلة .

    الرجل الثاني : ( بانتصار ولوم ) أرأيت ... هذا كل ما يجنيه المرء في النهاية .

    المرأة الثانية : وبما أنك خرجت اعتبر نفسك مولوداً ، وتعلم الابتعاد عن المشاكل .

    الرجل الرابع : كنت مثلكم أعتقد أن هذا ما ينبغي أن يتعلمه الإنسان كي يجد طريق الأمان .

    الرجل الأول : ثم وسوس لك الشيطان ، فبدلت اعتقادك ، فاستضافتك السجون .

    الرجل الرابع : أي وحق الله قضيت فترة ليست قصيرة في السجون ، ومع هذا فقد ازددت يقينا بأن ما تقولونه لا يقود إلا إلى ما نحن فيه ، نهترئ كالنفايات ، ونجري قلقين كالكلاب الملدوغة ، وندفع ضريبة خلافات لا نعرف أسبابها ولا مغزاها . .

    المرأة الأولى : تلك قسمتنا .

    الرجل الثاني : ستعود حتما إلى السجن .

    المرأة الثانية : تريد أن تودي بنا جميعا .

    المرأة الأولى : أي والله هذا ما تريد أن تفعله .

    الرجل الأول : نحن لا نحب السجون .
    الرجل الرابع : وحق الله وأنا مثلكم لا أحب السجن ، ولا أتمنى أن أتذكره .

    الرجل الأول : إذن اترك هذه الشؤون ، وابتعد عنها ما استطعت .

    الرجل الرابع : إلا أني لا أحب أيضاً عيشة الكلاب التي أعيشها ، كما لا أحب أن أدفع رأسي ثمنا لاضطراب لا رأي لي فيه .

    الرجل الأول : وماذا يستطيع أن يفعل مثلك ومثلي الخلاف يدب بين الخليفة ووزيره .

    ( هنا ينقسم الممثلون الخمسة إلى مجموعتين يتوزعان الحوار الشبيه بالمونولوج ، إنهم جميعا في مواجهة الرابع ... ) .

    المجموعة 1 : مولانا الخليفة عنده حرأسه وقواته .

    المجموعة 2 : وسيدنا الوزير له حرأسه وقواته .

    المجموعة 1 : قد يقع الصدام بين لحظة ولحظة .

    المجموعة 2 : فلماذا نرمي بأنفسنا إلى التهلكة ! .

    المجموعة 1 : الخلاف بين وزير وخليفة .

    المجموعة 2 : لكل منهما قصد وخطة .

    المجموعة 1 : أما نحن فلا ناقة لنا ولا جمل .

    الرجل الرابع : ( يحاول أن يحتفظ بهدوئه ) أراكم تنسون أيها الناس الطيبون أنهما يتعاركان فوق رؤوسنا .

    المجموعة 2 : ننتظر ونرقب النتائج .

    المجموعة 1 : ومن يتزوج أمنا نناديه عمنا .

    المجموعة 2 : هذا هو ... من يتزوح أمنا نناديه عمنا .

    ( تتدافع من الزبائن تعليقات تختلط بها احتجاجات الرجل الرابع ) .

    زبون 1 : والله ... عين الصواب .

    زبون 2 : هذا مقال من يريد راحة البال .

    زبون 1 : صرعة مالنا فيها .

    الرجل الرابع : لا ... لن تنجو رؤوسنا .

    زبون 3 : طريق مأمون من قديم الزمان .. من يتزوج أمنا نناديه عمنا .

    الرجل الرابع : فوق رؤوسنا يتعاركان فوق هذه الرؤوس البائسة ستنزل أقسى الضربات ، إننا نتخلى عن رؤوسنا . نسلمها إلى الجلادين ، وأسوأ من الجلادين .

    زبون 1 : انتبهوا يحرضكم على الفتنة .

    زبون 3 : نوع من الرجال يحب إثارة المشاكل، لكي يتفرج بعدئذ على المشاكل .

    المرأة الثانية : بالله عليك افتح جرابك الخطير بعيداً عنا .

    الرجل الثالث : إذا شئت يمكنك أن تتصرف برأسك كما يحلو لك .

    المجموعة : ( تقلد طريقته بالكلام ) وحق الله فكرة . لك رأس كسائر الناس فافعل ما يحلو لك ، واترك رؤوسنا لنا .

    المرأة الأولى : ( صائحة ، تقف فجأة ) أتشمون ! رائحة الخبز .

    أصوات : - الخبز .

    - دوري أنا.

    - أخيراً بعد هذا الانتظار.

    ( ينهضون جميعاً باستثناء الرجل الرابع ، الذي يتابعهم بعينين حزينتين يتدفعوا أمام شباك الفرن في هياج وتعجل ) .

    صوت الفران : اتفقوا على الدور أولاً .

    الرجل الثاني : لي بالتأكيد لي : تذكر ألم أكن أول من جاء يطلب خبزاً .

    صوت الفران : ربما . ولكن المهم أن تكونوا بالدور .

    المرأة الأولى : ( راضخة ، تقف وراء الرجل الثاني ) لم تعد هناك شفقة .

    الرجل الثالث : ( يقف آخر الصف ، بينما يظل الرجل الرابع جالساً ) ليأخذ كل دوره ، ذلك أفضل .

    ( يبدأ الجميع بالانتظام في صف أمام الشباك كل واحد يشتري خبزه ويمضى ) .

    الرجل الثالث : ( للرابع ) انهض وخذ دورك قبل أن يأتي من يأخذه .

    الرجل الرابع : وحق الله . ليس هذا هو طريق الأمان .

    الرجل الثالث : اشتر خبزك وتحصن في بيتك لن تصلح العالم على كل حال .

    الرجل الرابع : إذن خذ مكانك ، واشتر خبزك .

    ( يشتري الناس خبزهم ويمضون مسرعين . يصبح الرجل الثالث عند الشباك فينهض الرجل الرابع متثاقلاً . ويقف وراءه منتظراً دوره ) .

    زبون 2 : أي انهض أخي .. انهض ذلك أفضل .

    (يشتري الرابع بضعة أرغفة ، يدسها في كيسه . ثم يلقي نحو الزبائن نظرة عاتبة وحزينة).

    الرجل الرابع : ( وهو يمضى ) وحق الله . ليس هذا طريق الأمان .

    الحكواتي : هذا ما كان من أهل بغداد ، من استطاع منهم اشترى خبزه ومضى مسرعا إلى بيته ، أما قصر الوزير محمد العبدلي فلم تكن تهدأ فيه الحركة ، مماليك ينزلون إلى المدينة ، ويعودون إلى الوزير بالأخبار يدخلون ديوانه ، ويخرجون مرتعدين يتبعهم السباب والصياح الغاضب ، لكن لا يمر بعض الوقت حتى يأتي الأمر بالنزول مرة.

    أخرى إلى المدينة ، فيذهب من يتسقط الأنباء ، ويراقب مجرى الحال وشاعت في الأروقة أخبار وحكايات وكان الجميع يتمنون لو تظل الأحداث بعيدة عنهم . فلا تقربهم أو تصيبهم . لكن " جابر سمع خبرا سال له لعابه ، فجأة رأى الأبواب مفتوحة أمامه ، فاندفع يجري وراء أحلامه .

    زبون : المملوك جابر نفسه .

    زبون 2 : لابد أنه خبر هام حتى يهتم له جابر .

    زبون 1 : هات يا عم مونس ما هذا الخبر ؟.

    الحكواتى : انتظروا وسيأتي الجواب .

    الخادم : ( منتهزا الفرسة يدور بموقد الفحم ) نارة .

    زبون : هنا يا أبا محمد .

    الخادم : حاضر .

    ( أثناء الحوار السابق ، يعود بنا المشهد إلى رواق في قصر الوزير .. يظهر المملوك ياسر طويل القامة ، وافر الصحة ، وجهه عريض تطفو على ملامحه بلادة توحي بالجلافة والطيبة . يمشي مهرولا ، حاملاً على وجهه أمارات الاضطراب والفزع يلتقي بالمملوك جابر ، ويكاد أن يصطدم به .

    ياسر : يا حفيظ .

    جابر : مالك يظن من يراك أنهم حشوا مؤخرتك فلفلاً أحمر .

    ياسر : يا حفيظ تحدث في هذه المدينة أمور جسيمة .

    جابر : ماذا أصابكم اليوم جميعاً ؟ لن تقول إنه يوم الحشر .

    ياسر : لا أدري إذا كان يوم الحشر أم لا ، لكني أكاد لا أصدق أني خرجت من الديوان بسلام . ( يمسح العرق عن جبينه ) . شعرت روحي تنخطف من جسدي .

    جابر ؟: أكاد أعتقد أن سيدنا الوزير تقمصه عفريت قل لي ... هل نبت في رأسه قرنان ، أم تدلى من فمه نابان ؟.

    ياسر : أتمزح ! آه لو ترى وجهه وهو يتلون ويحتقن . نظر إلى وكأنه يريد أن يمسحني عن وجه الأرض . يا حفيظ لو تعثرت قدماي في الخروج لرمى عنقي دون تأخير ولو أعرف ما ذنبي هل أستطيع أن أكذب ، كل الناس يعرون أن أبواب بغداد أصبحت مسدودة ، وأن الحراس ينتشرون عليها كأنهم جند الموت ؟.

    جابر : أي حراس .

    ياسر : حراس مولانا الخليفة يا حفيظ أن أحداثا رهيبة تقع حولنا . سمعت أن الخليفة لم يغادر البلاط هذه الليلة ، ولم ينم لحظة واحدة . .

    جابر : ولم ؟ هل خاف أن يجردوه من سرواله وهو نائم .

    (يقترب منهما منصور ، وينضم إليهما ) .

    ياسر : بل كان ... ( يتوقف فجأة ، وكأنه اكتشف شيئاً مزعجاً ) يا حفيظ ما زلت تمزح ؟.

    جابر : الطاعون يفتك ببغداد يا منصور أصبحت الرعية كلها تشتغل بالسياسة .

    ياسر : ( فزعا ) أأنا أشتغل بالسياسة ! كنت أروي ما سمعت لا أكثر .

    منصور : لا تلق بالا إليه ألا تعرف لسانه ، ألديك أنباء جديد ؟.

    ياسر : كل الناس يقولون ... إن مولانا الخليفة لم ينم لحظة واحدة هذه الليلة ( يخفض صوته ) ظل مجتمعا بقواد الأمن حتى الصباح .

    منصور : كنت أعلم أنها لن تنتهي ببساطة .

    ياسر : يبدو أنهم اتخذوا قرارات خطيرة فمع طلوع النهار خرج الحراس من القصر يحملون عتادهم ، وكأنهم يمضون إلى الحرب . اخترقوا الشوارع فأرهبوا الناس ، ثم انتشروا على أبواب المدينة ، أصبح الخروج من بغداد أصعب من دخول الجمل في ثقب الإبرة . جابر : إجراء يوفر على الخليفة بناء سجون جديدة .

    منصور : أرأيتهم بعينيك ؟.

    ياسر : رأيتهم ! يا حفيظ . منذ قليل كنت هناك سيدنا الوزير منزعج للغاية ، أرسلني كي أتجسس له ، وأخبره بما يجري على الأبواب ، وعندما أخبرته غضب مني ولكن ماذا أفعل ؟ هل أستطيع أن أكذب ؟ وصفت له ما يحدث دون زيادة أو نقصان . رأيتهم بعيني بقفون على كل الأبواب .

    ويفتشون كل من يحاول الخروج تفتيشا أدق من حساب الآخرة يا حفيظ ، يرتعد المرء كأنه أمام الموت ، لا يتركون جيبا أو ثنية . جردوا بعض الناس من ملابسهم ومزقوا بطانتها ، والويل لمن يتباطأ أو يحتج .

    جابر : والنساء أيضاً ! .

    ياسر : لا يفرقون بين رجل وامرأة .

    جابر ( عابثا يقلد ياسر ) يا حفيظ.

    منصور : إذن يتوقعون أن يتسرب شيء هام من بغداد .

    ياسر : هام وخطير .
                  

العنوان الكاتب Date
سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-23-06, 06:57 AM
  Re: سعد الله ونوس bayan08-23-06, 07:09 AM
    Re: سعد الله ونوس jini08-23-06, 08:20 AM
    Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-24-06, 08:52 AM
      Re: سعد الله ونوس Mohamed Elgadi09-12-06, 10:28 AM
  Re: سعد الله ونوس نهال كرار08-23-06, 07:25 AM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:27 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:29 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:31 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:32 PM
    Re: سعد الله ونوس munswor almophtah08-23-06, 02:51 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:34 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:34 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:35 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:36 PM
  Re: سعد الله ونوس Sabri Elshareef08-23-06, 02:39 PM
    Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-24-06, 05:11 AM
      Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-24-06, 07:07 AM
        Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-26-06, 01:31 AM
          Re: سعد الله ونوس Mohamed Ahmaed Olyesh08-26-06, 07:16 AM
            Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-26-06, 07:25 AM
            Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-26-06, 08:21 AM
              Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-27-06, 06:57 AM
                Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-28-06, 03:06 AM
                  Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-29-06, 00:29 AM
                    Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 00:39 AM
                      Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 00:46 AM
                        Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 00:50 AM
                          Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 00:55 AM
                            Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 01:04 AM
                              Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 01:11 AM
                                Re: سعد الله ونوس bayan08-29-06, 01:21 AM
                                  Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-29-06, 03:05 AM
                                    Re: سعد الله ونوس عثمان سيد أحمد08-29-06, 06:21 PM
                                      Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-30-06, 01:20 AM
                                        Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel08-31-06, 05:20 AM
                                          Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-02-06, 03:10 AM
                                            Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-03-06, 08:12 AM
                                              Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-04-06, 02:14 AM
                                                Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-05-06, 00:35 AM
                                                  Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-07-06, 05:27 AM
                                                    Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-09-06, 04:11 AM
                                                      Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-10-06, 07:10 AM
                                                        Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-12-06, 03:40 AM
  Re: سعد الله ونوس محمد ابراهيم قرض09-12-06, 04:04 AM
    Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-13-06, 00:43 AM
      Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-13-06, 07:19 AM
        Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-14-06, 07:03 AM
          Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-25-06, 09:27 AM
            Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-26-06, 06:53 AM
              Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-27-06, 09:23 AM
                Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-28-06, 05:10 AM
                  Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel09-29-06, 07:50 AM
                    Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel10-17-06, 04:43 AM
                      Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel10-18-06, 03:44 AM
                        Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel10-19-06, 04:02 AM
                          Re: سعد الله ونوس Mohamed Abdelgaleel10-20-06, 07:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de