|
مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني
|
كان ذلك المشهد الخريفي رائعا. تجمع الصبية من كل أقطار الحي وعلت أصواتهم في فرح خرافي بميدان حي المعلمات شرق المدرسة الأميرية. فقد دق الجرس الكبير في بخت الرضا صباح ذلك اليوم في غير ميعاده والتلاميذ في الفصول يتلقون درس الحصة الثانية، بعد أن تكاثفت السحب مجبرة ضوء الشمس الحيـّـيِّ أن يتوارى معلنا الانهزام ، تاركا تلك الغيوم تستلم صفحة السماء، تملكه وتجوب فيه حرة مشكـّـلةً لوحات جميلة. تمسح السماءُ العنيدة بعضا من الرسوم، فتتكون أخرى لا تلبث أن تزول. ويظهر برق هنا وهناك يعقبه هزيم الرعود فيظهر شكل جديد ولوحة أخرى مما يوحي لعقلي الصغير، أن البرق والرعود هما اللذان يمسحان تلك اللوحات ،والملائكة ترسم صورا أخرى، أخالها ديوكا جاءت تؤذن لصلاة المطر أو أشجارا مدت فروعها الظماء ترجو نوال الغيوم . خشي ناظر المدرسة على تلاميذه من تلك السماء المنذرة بوابل غزيز، فأمر العم يوسف أن يقرع الجرس. و أذن مؤذن أن انصرفوا ولم يتم الرجل نداءه؛ حتى خلت الفصول ممن فيها عبر الأبواب والشبابيك.غير عابئين بذاك المعلم الواقف أمامهم، والذي يستجديهم أن ينصرفوا في هدوء. انطلق طلاب سبعة أو عشرة أنهر وكل واحد منهم كأنه نهر شديد الانحدار يرجو مصبه في المدينة ، قاطعا المزارع، بين الدويم وبخت الرضا في لمح البصر. هطل المطر قبل وصولنا لبيوتنا ولكن لعجبنا لم يكن غزيرا كما توقعنا مثل المطر الذي نزل لأيام خلت؛ فهدم البيوت وعطل رحلات البصات بين الدويم وكوستي خاصة منطقة العين. وهنالك خمسة جسور مشهورة قبل مشروع العطشان. صارت دعوة مكروهة تدعو بها على من أردت أن تدعو عليه فتقول: بركــة اللــيل الأمـســى وكبارى العين الخمسة فيستعيذ الحاضرون ، خاصة إذا كانوا سائقي لواري أو بصات. تعطلت الحركة بين الدويم والخرطوم . لم يتحرك بص رمبيك ولا التوحيد. صرنا نرى العم النور وشميس يجولان وسط البلد في أوقات السفر. امتلأ خور العلقة بالماء ولم تعبره أي مركبة لمدة عشرين يوما . عدا قائد سيارة واحدة؛ فغاصت في الماء ولم يستطع حتى التراكتور جرها إلا بعد جهد جهيد. مضت أيام قلائل؛ فجف الماء. وكان بطلنا سيد عتود أول من غبر الخور بجرأة نادرة. غير أن آخرين قالوا إن أول من عبر الخور كان الطيب ماريقا الداهية المشهور والسائق القدير. وقال ماريقا : حـَّرم اتحركت من جبل أولياء فجر. الساعة عشرة صباح دخلت شبشة والنسوان يزغردن لي زي الزعيم الأزهري. كان الجمع كبيرا بميدان حي المعلمات، وضاق الميدان الواسع بهم، وإن فتح لهم صدره برحابة وكرم بالغين. فقد أعد لهم ( الربعة ) الخضراء وقليل من التبر تبر ونباتات أخرى نبت كلها دون أن يزرعها أحد (بروس). وخلا الميدان من نبات الحسكنيت مما جعله ملعبا مناسبا لهم مرت الحياة عادية ، طاحون العم رجب يجـِـفُ قلبه بخفقان رتيب. يتغير عندما يخلو من الدقيق ثم يعيد سيرته الأولى بعد أن تسمع كشكشة الذرة في صدره الحديدي ، وقد صب له الأسطى كمية ذرة إضافية من ( قفة) أوجردل. ويتخلل ذلك طقطقة السير مكان خياطته إذا اصطدم بالدولاب الحديدي. وكنا نردد مع ذلك أحيانا ألحانا ننشئها ونحفظها. كتلنا الكلبة كتلنا الكلبة كتلنا الكلبة تاك تاك تكتك تاك وألحان أخرى انسربت الآن من أدق مسام الذاكرة أو دفق عليها الشيب فغطاها بالنسيان. انشغل الصبية في قلب الميدان بلعبة شارك فيها الجميع ، سوى واحد انصرف إلى دكان سعد الغسال؛ فقد بث المذياع أغنية حبيبة لقلب ذلك الطفل. انصرفت إليه، أشاركه السماع. كان الصبي هو محمد إبراهيم الجاك وكانت الأغنية ، يا ناس شوفو لي حـلل البريدو من زمن الجهل وانا عـقـلــي انـشــغـــل كان يصدح بالأغنية المطرب أبو عبيده حسن. حدثني الصبي عن المطرب، بإعجاب وتقدير، فقال لي: - إنه نجار صنع آلته ( الطنبور) بيديه. ألف كلماته بنفسه ولحَّـن اللحن وحده، وهو صبي لم يتجاوز العشرين. - عجبت من ذلك فسألته عن مصدر هذه المعلومات الثرة ؛ فقال إنه سمعها يوم الجمعة من برنامج دنيا دبنقا الذي يحرص على سماعه. ما أن انتهت تلك الأغنية حتى بث المذياع أغنية أخرى. يا دنيا ما بتنقدري شلت صغيرا قدري وفي المنام دموعي بلن صدري ما دوامه الله هوي ما دوامة وغاب خليلي في صمت مذهل فأدرت بصري تجاهه . رأيت دموعه قد بلت صدره، فعلا؛ فأجهشت بالبكاء. فقد تذكروفاة صديقنا الحبيب عبده تاج الدين الذي لم تمضِ على وفاته، سوى أيام قلائل. إثر حادث حركة مؤسف. وكان السبب هو شقاوة الطفولة ذاتها التي نمت بنا إلى هذا المكان. وكان أولى بنا الميدان الذي أما بيوتنا. لم تدم لحظة الحزن طويلا؛ فقد سمعنا صوت حزام اليماني صاحب (الكنتين) المقام في منزل الفكي حسين وهو يصرخ بأعلى صوته: والله لو ما عشان بوك ( أبوك) كنت وديتك الإصلاحية زي (فلان) وذكر الاسم . و صوت الحاجة مدينة مستفسرة فساقنا الفضول جريا إلى دكان حزام. حكى أحد الواقفين القصةن متطوعا، فقال: جاءت الحاجة مدينة إلى حزام وسألته بعد السلام عليه: دحين آحزام ما شفت لي ولدي؟ ثار حزام دون مبرر يذكر وقال لها بلهجته اليمنية: - والله ما ادري عن دين أمه. فظنت أنه يسبها أو يسب الدين ولحقته بثورة لا تعدلها ثورته. اعتذر حزام للحاجة . وتدخل الراوي من جديد يحكي للحاجة السبب. قال لها : إن حزام كان خارج دكانه يساوم حاج عبد الله في قيمة الفارغ من صفائح الزيت والطحينة والجوالات. دخل حزام دكانه فجأة ليرى (فلانا) منكبا على صفيحة الطحنية بفيه يسفها سفا. وقف حزام مذهولا يراقب الصبي . لم يحس الصبي بقدوم حزام، حتى رفع وجهه من الصفيحة، يستطلع الموقف ثم يواصل، فذهل بوجود حزام داخل المحل يراقبه . دارت عينا الصبي في محاجرها وكادت أن تخرج مثل لسانه الذي تدلى جافا رغم زيت الطحنية الذي يعلوه. أيقن الصبي أنه قد وقع، ولا مخرج فاليمني واقف بالباب الوحيد وفي يده سكين الجبن. فاجأ اليمني الصبي بقوله: كـِــلْ كــِلْ يا بني . أمس أكلت العنزة من الفول وما حد سألها. ضحكت الحاجة مدينة عند هذا الحد من الرواية وحرمتنا من سماع نهايتها وكيف خرج الصبي وماذا فعل به حزام ( اليماني). ضحكت ثم قالت : - والله النصيحة لي الله إتلـــــــــــووم. ما هو أبوه فاكيه ســــــــــاكت. أكان تكسر رقبته ود الحرام ده يا حزام. هم حزام بطرد كل الواقفين الذين تجمهروا وساقهم الفضول لمعرفة الحدث ولكن قبل أن يفعل، كان قد جذبنا صوت لوري يئن في الوحل. كان اللوري قد دخل في الميدان الذي أمام دار الأمومة ( المركز الصحي الحالي) ولم ينتبه سائقه إلى أن الجدول الذي أمامه كان عميقا جدا فوحلت المركبة وكادت تنكفئ من محاولات سائقها المزمجر مثل زمجرة ماكينة اللوري. قال لي يوسف حسين (عصام)، وكان قد وصل قبلنا: - خسارة أوستن 6 ب ح زي ده لسه صندوقه تخشيبه ودمها فيها ، الحمار ده يوحلها؟ فقلتله : - لو كانت سفنجة بيد فورد ما كان وحلت . - إنت حمار ولا شنو ده الأبيض ضميرك، يا جاهل. - * والله عربية أحسن من السفنجة ما في أسمعها بتبكي كيفن. مالك ما سمعت كوزها وكت يكورك واي واي وااااايــــــي. غضب يوسف وغضبت،.علت أصواتنا فاقترح ود الخليفة(عبد الله)، أن نشجع القائد أو نساعده، بدلا عن الشجار. وفعلنا نزولا لرغبته وعلت أصواتنا بالغناء: - الأبيض ضميرك - الخور ما بشيلك - الطين ياهو هيلك - وســواقك دليــلك - تاي تاي - الأبيض ضميرك حـديدك ديمه جديد - الأبيض ضميرك سواقك ما هو بليد - تاي تاي - مرفعيب الخلا يا ود الناس - صـدرك عـاتي يا الرفـاس أحس السائق بالرضا وعدل عمامته في رأسه ووقع لنا اللحن ببوق السيارة تاي تاي تاي تاي الأبيض ضميرك أقــلعْ هدومــك وعـُــومْ أبيض ضميرك تبيت الليلة في الخرتومْ فرح السائق و بلغت النشوة منه مبلغا غظيما؛ فأخرج حقة العماري. فتحها بغطرسة واضحة و(كشح) السفه في فيه، إيذانا منه بعزمه على شيء جديد. نادى السائق،المساعد الكبير وهمس في أذنه؛ فأنزل الصاجات وغرسها تحت الإطارت بعد أن حجز الماء بجسر ترابي ؛حتى لا يتسرب تحت الإطارات. علا تصفيقنا وغناؤنا وأدار الرجل الموتور ثم بدأت المركبة تهتز وسائقها كذلك. ثم شرع يعالج (عصاة) السرعات بمهارة فائقة، ورجلاه تتحركان بسرعة كأنه يقود دراجة لا سيارة، حتى خرجت المركبة من الحفرة مثل الزورق البخاري . خَـفـَـتَ النهيتُ، وبرد ت الماكينة وطارت قلوبنا من الفرحة.صفق كل الحضور ولم تبرد أنفاسنا ولم نسكت عن الغناء والسائق يوقع لنا اللحن. تاي تاي العروس الليلة مرقت بره سواقها سوالها مضـَـرَّه تيمس يا بحديدةً حـُـره الليلة أمرقْ في جبل مره تاي تاي دعانا سائق اللوري لركوب المركبة فركبنا معه وطاف بنا الدويم؛فزادت حمى الغناء في قلوبنا وحناجرنا. ولا زلنا نغني حتى أنزلنا السائق الذي عرفنا اسمه في نفس الميدان. تاي تاي تيمس أصيل وسواقك إدريس شويحي حر ما هو مطيميس تاي تاي التيمس الجـدع العــربات في اللفة سواقو عصرو خلى الخلوق تتكفه تاي تاي نسي المساعدان كل التعب وشرع الكبير ينشد: اللـــــــــيــــــــــل ... ديلك تلاته نجوم واحده بالشرق والتانية في الخرتوم بت ناســـا عــزاز في المخــده تنـوم قطعت كبيدتي... وخلت قليبي يعــوم فجاوبه المساعد الصغير: وكت الليل يبرد والخلـوق ترقد تنـوم جلدي انا خليتو لي الدابي والبعشوم بت الحاج عبد الله أم تلاته رشـــوم جدعت فستانها ولبست هدوم النوم اليل الليل رد المساعد الكبير بعد أن هللنا للمقطع المثير: ســـــاعة الخـلــوق نامــت واتغــتت الرويحه ضـــاقت والكــبد اتحـــتت الخلاني هايم ديمه وفكــري مشتت مسلة بت فلان الفي النفـَـسْ اتغزت طرب السائق فأوقف المركبة التي كان يتهادى بها، وهي تمشي الهوينى قرب النيل. أخرج رأسه ورفع عقيرته بصوت ذي جرس قوي ولكنه ناعم لا يناسب حجم السائق البدين. ثم قال: الليل الليل ... هي هي ويمد صوته في أبعاد لا نهائية في جمال منقطع النظير: الحوش الكبير أب تلاته خشوم سكنو الغـــزال الحــاميني النوم الصـُّـلاح يا أهـــل الله عـُــمُــوم تداووا جـــن الجـنى ود كلتــوم لا زال ذلك حالنا ؛ حتى ودعنا السائق وأنزلنا في ميدان الحي. وتحركت مركبته تحمل معها ألف ذكرى طيبة حفرت في نفوسنا الصبية وأعيننا تكاد تلتهم المركبة الفتية. بكى يوسف أسفا معتذرا وقال: يا حليله! والله إدريس أنا ظلمتو. سواق فقري عديل.(نقول فقري للإطراء). زاد صوت (الكوز) رنينا وهو يزغرد في المدينة الهادئة، لما زادت سرعة المركبة مبتعدة. كان الصوت يشق الفضاء وينفذ إلى سويداء قلوبنا. ولا زلنا نسمع تاي تاي؛ حتى امتصها الفضاء العريض ولا زالت في نفوسنا ذكرى حلوة لإدريس ود الهلبة. إدريس الذي سمعنا بعد أقل من شهرين أنه توفي وغرقت عربته الأوستن 6 ب ح وهو يهم بالدخول في معدية ود النجومي. وعلق يوسف المغرم بالأبيض ضميرك: - والله بس عين. لاحظت أن بعض الصبية في الطرف الغربي للميدان كانوا يملــِّـسون الأرض بالماء حتى تصبح زلقة ، يسقط فيها الغافل من المارين، ولم أحفل بذلك. ومر في تلك اللحظة جيمس (باكمبا)، المجنون، وهو يحمل علبة الأنناس الفارغة وبداخلها بعض الحصى وهو يكشكش تلك العلبة، ولا يمل ذلك إطلاقا وإذا سأله أحد رد عليه قائلا: - جينا أسه مضروبين تريس. لا يفهم أحد كلام هذا المجنون ولا يكرهه أحد فقد كان مسالما. حسب الصبية أن جيمس سيسقط في الفخ. ولكنه لما وصل الموضع الزلق. وقف أمامه ينظر إليه ويضحك ويداه لا تفتران من العزف على علبته. ثم تحدث بلغة محلية لغة أهله الزاندي. ثم بأخرى هي الإنجليزية ولا يعرفها أحد منا . ينفعل الأمين تاج الدين قائلا: - ديشك الزول ده ما كان في الجامعة. سامعنوا بكب الإنجليزي ده كيفن زي ناس دجانقو. انصرف باكمبا الذي نجا من المقلب ولكن سوء الحظ أرسل رجلا بلغ منه السكر كل مبلغ. فتهاوى مرات ومرات ثم سقط مثل جدار قد تهدم. علا الضحك والتصفيق ثم الهتاف: السكران ود الكلب السكران عدو الرب كــافر قرش الضـب وي وي وي ياهو يا هو.. سكران بي حقك ديمه مغضب ربك والرسول ما بحبك وي وي وي السكران العيفه ما يساوي تعريفه راسو زي راس النيفه وي وي وي والسكران يحاول جاهدا أن يقوم ليسقط من جديد ، حتى تلطخ بالوحل والدم معا. أنقذه مرور الاستاذ أحمد محمد عثمان مدير المدرسة الريفية بسيارته المورس. صاح بصوت جهوري أسكت كل قطط الحي وتوارت كل الفئران. وقد كان للمعلم في ذلك الزمن الجميل سطوة وصوت مسموع وشخصية آمرة. خلا الميدان من البشر . حتى اختفت المورس؛ فتسابقنا إلى الميدان مرة أخرى وقد مضى السكران إلى أرض يعلمها الله. وضاعت على عم نمر بائع النيفه فرصة غالية بانشغال الصبية بالسكران. ولم يلتفت إليه أحد ولم يشترِ منه أحد فغادر الميدان إلى موقع آخر وهو يرفع صوته بالنداء: نيــــــــــــــــــــــــفه باسم ضلافين نيــــــــــــــــــــــفه نيفه نيفه ولم يكن عم سالم بائع الغريبة أحسن حالا من العم نمر. وكان أسوأ الجميع عم عبد الرءوف بائع الآيسكريم، فقد كان اليوم البارد نوعا ما، وغير مناسب لسلعته. بدأ المطر نزوله من جديد ولكنه كان طلا ، خفيفا ، لطيفا. زاد النشوة فطرب الصبية وشرعوا يستحثون المطر: يا مطيرة صـبي ليــنا في عــينـينا أنحن صغار شن ســوينا ومر بالطريق ود شلقامي فضحك قائلا: والله إنتو السويتوهو أنحن الكبار ما سويناهو. ثم وقف المطر فجأة كما بدأ. لم يبق شيء يفعله الصبية غير العودة للعبهم. انقشعت السحب وعاد الضياء إلى الأرض، يحمل لنا الأمل برحلة صيد للطيور تكون موفقة بإذن الله. تحركنا إلى الميدان الواقع خلف الأميرية والمليء بالحشائش وهي مرتع غنم الحي. في الركن الجنوبي الغربي راكوبة صغيرة يتجمع حولها المساجين يحلقون شعر الغنم الذي يصنعون منه الكليم. يظلفون الغنم والأبقار. جلس محمد عباس العبيد وظهره إلى حائط الأميرية يرسل ألحانا شجية من مزماره الأبنوس إنت كــلك زينة وعايمك الوزينة ويحفظك مولاي غير بعيد منه التقيل والروم عبدالله (ود النوبة) يشكلان أشكالا رائعة من الطين وكلاهما فنان ماهر. رسم التقيل فيلا كبير الحجم ثم جعل يلمعه بطرف اصبعه المبلل بالماء. ورسم الروم تمساحا ولم ينس التقيل أن يستخدم نواتي تمر لأسنان الفيل. واستخدم الروم قطعا من الزجاج لأسنان التمساح. نصبت شركي وكان (قلوبية) اشتريتها من راكوبة حسن العبيد. ونصب عبد الله ود الخليفة شركا مصنوعا من شعر حصان. شعر حصان غامر من أجله وشاركه آخرون . دخلوا خلسة إلى اصطبلات الشرطة وكان الشعر من ذيل أكرم الخيول ، حصان إبراهيم السواري . غير أن عصام كان يعتز بشعر حصان آخر وهو حصان كيني مشهور. كان إذا جرى بأقصى سرعته لوى عنقه وكأنه يجري بجانبه ولكن لا يسبقه حصان آخر. ويدور الجدل حول أكرم الحصانين وأنفس شعر ولا يقطع ذلك الجدل إلا ذاك الطائر الذي دنا من شركي ثم غير اتجاهه ثم دنا. ولم نجد حلا إلا أن نغني له. القديلي يا أبو حوه القديلي شركك جوه *** القديلي في المالوفه القديلي ترتر شوفه *** تا تا وكنت أرزم له على صدري وحافظ الزبير يوقع اللحن على الأرض . اقترب الطائر مرة أخرى من شرك الشعر لما رأى الذرة على الأرض . ولكنه غير اتجاهه إلى شركي الحديدي؛ لما رأى الجرادة الصفراء. وكان الطائر يقفز من هنا إلى هناك فقال لي ود الزبير إنه يرقص فحمسه معي. كاد الطائر أن يقع في الشرك ، لولا أن صبيا جاء يجري ويدفع أمامه إطار دراجة قديم يدفعه بعصاة (ترتار) . كانت العصاة تصر صريرا مروعا مع الحديد فطار الصيد الثمين. نزل سرب آخر كان كثير العدد، وطفق يحوم بين شركي الشعر والشرك الحديث. ولما ظننا أننا لا محالة سنجد بغيتنا من خير الطير، مر كومر الشرطة العتيق وله ألف صوت. تصوت ماكينته ، أبوابه وحتى إطاراته فطار السرب كله. صبرنا ننتظر غيره من العصافير فهبط طائر جميل، ذي منقار ملون ففرحت بذلك. تهادي الطائر ، صفق بجناحيه ؛ فعكست شمس الأصيل جمال ألوانه. رقص ثم غرد وكنا نرقبه وقد حبسنا الأنفاس، ولم نقو على الغناء. رقبنا الطائر العظيم ، يدنو من الشرك . حتى إذا دنا العصفور من الشرك؛ هب أحد المساجين وزجر العصفور، ففر والرجل يقول: - إنتو جنيتو ولا شنو؟ تقبضوا طير الجنة؟ ده شايل مفتاح الجنة في ضنبو (ذنبه وذيله) . دايرين تجيبوا لينا بلية ولا شنو؟ لم نغضب فقد صدقنا قوله . فقد كان حريا بالطائر الجميل، حمل مفتاح الجنة. وهو مؤهل لإخفائه في ذيله الطويل جدا. نزل عصفوران آخران وشرعنا نغني لهما. ولم تتم فرحتنا بقدومهما فقد حضر جماعة من عساكر السجون (المستجدين) في ساعة تدريبهم ، يضربون الأرض بقوة . ويصفر قائدهم بصفارة لا يملك مثلها، إلا العساكر. وكان صوت الصفارة قويا جدا. كان العساكر يغنون (الجلالة) بصوت قوي، يفخمونه بحلوقهم وبقية من أنفاس صدورهم التي ألهبها الجري الطويل. كان الجنود يوقعون اللحن بأرجلهم: هــــــــــــــي فاطمة ما تودي سلام لي الكمبلة أنا تعبان من سكة جوبا ما تودي سلام لي الكمبلة مضى الركب بعد ذلك مسرعا ونساء الحي يزغردن. فيعجب ذلك الجنود فترتفع أصواتهم بكلام غير مفهوم وزغاريد ليست شبيهه بزغاريد النساء. ولكنها أقرب إلى العويل. وي ويييي يا غودا بربا بربا حي حـــي أنا ثم يحولون اللحن إلى آخر: عيال بقاق الشارع كلو بقاق تركنا ما كنا فيه فقد كان يوم صيد خائب. أسرعنا خلفهم نتمتم ،بما لا نفهم ولكن يعجبنا إحساس بأن الأرض تهتز تحت أقدامنا. نظن زغاريد النساء لنا ولا نرجع إلا بعد وصول الموكب إلى السجن. نرجع بيوتنا بعد حلول الظلام و ننال عقابنا لتأخرنا. فويل لنا إذا غابت الشمس ونحن خارج الحي. نبدأ بعد المغرب لعبا من نوع آخر أمام بيوتنا. كديس مين نطاك ، التيل فات، فرتغيزك، شدت ، شلعت، شليل و ألبد يا لبد. حتى نسمع من المذياع موسيقى الأطلال وهي مقدمة برنامج لسان العرب للمرحوم فراج الطيب فنعرف أن التاسعة قد دنت فنجرجر أذيال التعب. ... ونصحو ليوم جديد.
(عدل بواسطة ابي عزالدين البشري on 12-23-2006, 10:05 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: elham ahmed)
|
يا ســـــــــــــــــــــــلام ولم تجربي على ضعف الذاكرة، الشيء الوحيدالذي لا أعرفه في الدويم هو ما حواه باطن الأرض غير الأموات . كل ذرة تراب وكل من وطئء ذلك التراب. مرت الأيام وتزوج الشباب أتمنى لهم السعادة. الحي العاشر وفسحة محمود الشايقي وحاج أحمد وعلوب و.. وعزيزنا المهندس الذي رحلت عائلته كلها قبل مغادرتي الدويم عام 1989 بتاريخ النكسة. التحية لك الأسرة والتحية للزميلة العزيزة أستاذه هند وتحية خاصة لأستاذي الجعلي ولكم حبي جميعا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
سلامات يا صاحبي الجميل هل لم تبقى غير الذكرى في منصة الأيام المدينة حين زرتهاأهدتني دموعاً غزار (المقابر) زحفت قريباً من سور دار الرياضة والبيوت تلك سافرت شمالاً الوجوه التي تعرفها صافحتنا عجالاً (بعضهم) أنكر علينا (دويميتنا) سأعمل أن يكون هذا المقام ضفة أخرى لنهر الحنين وقوسين مفتوحين من (الطلحة) إلى (ضربنار) خذ السلام وطف به على الأحباب .. ونادهم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: الطيب برير يوسف)
|
تحدت الرجل وهو لا يعلم أنه رمى بي كلي مدثرا بالعافية إلى ذلك الزمان الأخضر. كان كل شيء يلقي بنفسه أمام ذاكرتي. من الطيور: الزرزور ، قدوم أحمر، الحـِـمـْـبـِـرَّه ، الفـِـرَّة ، القطا ، القمري ، قرين حشاش ، عشوشه ، طيرة المويه ، طيرة التمساح، الغراب ، حديه كـُف ، ود أبرك ، أم قيردون ، خدوم، طيرة الجنة ، القدال أم رخم الله ، حبيب بلاع الدبيب، طيرة التمساح، شراب الكاديك، البلابل، طير البقر(الرهو) ، الدباسة (هي أكبر من القمرية وصوتها كر كر)، السمبرية ، حمروق وطائر أخضر جميل نسيت اسمه فهو يلد ثلاثة أولاد غير القمري الذي يضع بيضتين مثل الحمام ويحضنهما خمسة عشر يوما. من السمك: العجل ، الكاس ، بقرة البحر ، قدوم البنات( خشم البنات) ، الكنكيج البلطي البلبوط القرموط التامبيرا، البرده، دبيب الحوت، شلباية ،خادم الميري ، الكواره سواء كانت (صير أو عره) ومن النبات: لسان الطير ،التبر تبر، الموليته، الديس،البرسيم، الكاويك( ينمو مع القصب بعد قصته الأولى فيخرج بتيك) القصب، العوير، الهوير،العشر، الحنظل، أم برمبيط ، الصبار، العد، العفنون(وفيه مثل مشهور: عشان التين نسقي التنانين وعشان القمح نسقي العفانين)، ... الواطه ( ود الواطه) والماعونة من كائنات بحر أبيض الأخر: التمساح ، القرنتي ، دبيب موية ، عقرب المويه، الورل ( ويسمى رصيفه الذي يعيش في البر الكبجل والأخير يعيش في الجبال غالبا وهو أقرب إلى الضب الذي يحبه السعوديون، غير المسمى ضبا ويعيش في جدران المنازل واسمه الصحيح الوزغ)، أم دليلي ، بت الحور (التي لم أرها في النيل ولكني رأيتها مرة واحدة تمشي في السوق العربي)! (أهـ . وررورووك يا الطيب حلينا كبرنا) ! أخي الطيب دعنا من ذلك فالكلام كثير وستجد الباقي في بريدك ( لأني بريدك)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
في حضرة جلالك يطيب المقام مهذب امامك استاذي ابي عزالدين وانا مدان لك بالكثير
مرحباً بك وانت تسكب الروعةفي حضرة الوطن الكبير ووطننا الصغير الدويم ودعنى اقول كما قال درويش على لسانه لم تزل شرفة هناك في بلادي ملوحه وفم يمنح الملاك أغنيات و أجنحه العصافير أم صداك أم مواعيد مفرحه قتلتني لكي أراك وطني حبنا هلاك و الأغاني مجرحه كلما جاءني نداك هجر القلب مطرحه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: shahto)
|
الله يجازي ،قصدت تفتح كل شرايين الوجع بظهر صورة؟ سافر وخلى لي صوره لي البلد العاليات قصورها كل البورداب مشتاقين لرؤية الوجه الثاني من الصورة ولكني أعرفه جازى الله من سرق منا متعة اجترار الحلو من ذلك التاريخ وكله كان حلوا ولا يزال رد الله غربة فرشاتك التي سافرت فينازماناولم تعد تفقه من الألوان إلا لونا واحد ولا أسميه أهدي لك هذا العمل الآفريقي ، من قلب نيجيريا( ون ججاوا، ونن دكيو) العمل بعنوان المنزل الملعون نزولا على رغبة أخينا - شنكل- والرابط هو المنزل الملعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ودقاسم)
|
الاستاذ / ابي عزالدين البشري احترامي
ربما يكون حرفي اقصر من أن يطول الروعه فيكم أو يجاري الجمال في كلماتكم ... لكني ارتويت بمطر الشجون وفاضت الدواخل شوقا إلي مدينتي الفاضله وانت تمسح علي خدر السنين بهذه الأناقة ولكأنه شاي عصرية في طرف الغمامه ... كل الود استاذنا ابي عزالدين البشري وانت حضوراً كامل البهاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: عبد المجيد محمود)
|
حتما مثل كل الناس يعجبني الإطراء ولكنا –جميعا- نخجل إذا سمعناه. وإذا كان ما يمدحنا به الآخرون قمة تعلو على هاماتنا فالحياء نصيبنا. ولكن لا بأس أن نستقي طيب مشاعركم. وقد تظن أنني أجر ثوب التواضع تقية في محراب الخيلاء ولكنه إحساس بالوضاعة الحقة لا التواضع الفج في حضرة أهل الدويم قاطبة. هذا ما علمونا إياه – وإن حرمونا متعة الفخر- لما رأيناهم أكرم الخلق وأعلاهم شأنا ولكنا لم نسمع ( الأنا) عندهم إلا في الدعاء (اللهم إني – أنا – العبد المسيء). شكرا لكم سادتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الاخ ابى بشرى سلام يغشاك، يلقاك بخير..
هذه كتابة مدهشة وطريفة وحميمة وتاريخية. لمحت فيها طرفآ من طفولتنا فى الخرطوم بحرى فى اواخر الستينات واوائل السبعينات البعيدات.. ما سر الغرام بالحديد"؟! اللوارى؟ هل كان غرامآ بالحداثة والتقنية الجديدة؟ ام كانت رغبة السفر والتحرر من عزلة المكان المألوف، الضيق مهما اتسع؟ ام لآنّ اللوارى تختصر المسافات الى الحبيبات؟ اللورى حلّ بى دلانى.. انا فى الودى.. يا هذا الحنان.. هذا الشوق للمكان الاول والحبيب الاول.. وشاعر الشايقية ذاك الذى غنى للنيسان" بصوت صديق احمد. شكرآ لقلمك الحنون، وذاكرتك القوية التى لم تحيلها الغربة الى دلجة ملساء ما فيها شئ!
التيمس
الاوستن
البيدفورد السفنجة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: Adil Osman)
|
كتر خيرك يارائع لكن ما جننتني جن بالصور. كان ما أخاف الكذب كنت حلفت اللوري الطرف ده شايفو لكن ما صناعة عمنا عبد الباسط. واليمين يشبه لوري عمنا محمد أحمد كرار كان مكتوب عليه بي وره _ الدكتوره - وتعطل اللوري لفترة طويلة ومرة قابلت عمنا وسألته عن الدكتوره فطفرت دمعة من عينيه مسحها في غير حياء ثم أجهش بالبكاء وقال لي: الرسول يا أبي انت طاري الدكتوره؟ حرم أعمرها من باكر مهما تكلفني وقد كان. لوري عمنا حاج عبدالله - لوري التراب- ولوري كحلي وكلها بيد فورد ولوري عمنا محمد أحمد والد ناس فخر الدين وكان تيمس. لوري حسن جابر سفنجه كحلية لوري السجن سفنجة خضراء ولكنها كانت غبراء لا تكاد تعرف لها لونايقودها عمنا المساعد بابكر ومحمد عطا المنان ولوري مكتب التعليم ويقوده الأمين المرير ولوري البطري ونسيت اسم سائقه رغم أنه نفس اللوري الذي دهس والدنا رحمة الله عليه. ولوري آخر كان في روتو وكان من فصيلة المرسيدس وبجواره في نفس البيت كومر يعمل لنقل الخرصانة من جبل عرشكول. كومر الشرطة وكومر بخت الرضا المشهور بالكنتاك والذي قاده من السائقين أحمد الطيب خلف الله والد الفنان عماد أحمد الطيب ، عم محجوب وهو من الحلة الجديدة والطيب بشير باعو وعمنا علي عبد الله. وكومر هيئة توفير المياه الذي يقوده عثمان محمد علي ومصطفى هاشم من أهل الأبيض - سوق عكيفه- وكومر المديرية الذي قاده العم جوي والعم محمد عبدالله كوشه و ... والمقام لا يطول لغير ذلك من لواري الجبنة ولواري الزيت والثلج ولواري عمنا الأمين عبد السلام فلك شكري وحبي ولكن قصة العشق هذه طويلة. وفتنة قديمة وأذكر طرفة للأخ فرذدق خلف الله القريش لما سمع مؤذن مسجد أبهل أبوسنينة يرفع صوته خلف الإمام ربنـــــــــــا ولك الحمد فأعجبه ذلك فهتف بأعلى صوته أرفع... وهي عبارة نحمس بها سائقي اللواري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
احكي يا خوي احكي انت ادري بتلك الدروب جربت كل شئ!! لم توقفك محاذير او تابوهات قادر علي صنع الدهشة والجديد
أبي البشري اول من نبهني لافريقيا حكي لي عن ميري في اول بدايات قصصه كان ينظر جنوبا حينما كنا لا نري الا شمالا كان يحلم بزمبابوي ويوغندا
وكنت مفتونا بشمال المتوسط هاجرت الي الشمال فوجدت الاكذوبة الكبري بقي وفيا لجنوبه فامتلأ بالسكينة تربت يداك تبت يداي امين سيد مختار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: Amin Elsayed)
|
التوحيد.. الرمبيك ثنائيان.. كالأشبال والوطن كنت أشجع التوحيد ربما لصلة القربى مع مالكه التجاني محمد إبراهيم، إنجذاب نفسي أليست كذلك. الرحلة ما بين الدويم وأم درمان طويلة وشاقة ولكنها ممتعة.. لا أزال أتذكر مقولة حبوبتي حين تهم بالركوب على أحد البصين، يا مسخر الحديد لنبي الله داؤود.. إسمه البص السريع وبلغة كبارنا الباظ السريع.. لا أعرف له سرعه تجعله يتمتع بهذا الإمتياز وبهذه الصفة ومؤشر عداد سرعته لم يتجاوز الثمانيين كيلو في الساعة.. ربما بإيقاع ذاك الزمان كان سريع.. حكاوي سيد عتود والطيب ماريقا كألف ليلة وليلة خاصة ماريقا صاحب النكتة السريعة، يحكي أنه ذات يوم دخل بسفنجته (يا جماعة عربيتو) المعروفة أحد البلدات (الحواشات) ففعل ما فعل بها من تخريب للزرع فما كان من صاحب الحواشه إلا وتأبط عكازه هاجماً على ماريقا، تدخل الأهالي لفض الإشتباك وصل الجميع لتسوية أن يخرج ماريقا عربته من الحواشة، رفض صاحب الحواشة العرض بحجة أن خروج العربية سوف يتسبب في مزيد من التلف، أحتار الأجاويد في حل المشكلة في أثناء هذا الجدل صاح ماريقا .. يا ود جيب لي عمتي من التنده ديك.. أتى الكمساري بالعمامة، فما كان من الطيب إلا وجلس على الأرض المبتلة وصار يلف عمامته وبعد الإنتهاء من عملية اللف قال لصاحب الحواشة "سامع يا زول أنت مش قلت يطلعوا العربية دي من حواشتك.. رد الرجل ... نعم.. ثم قال له ماريقا.. أسمع أنت مش قلت ما نحركها شبر واحد عشان ما نكسر ليك القصب.. رد الرجل.. آآآي... قال له... طيب خلاص أنا عملت ليك عمتي دي وقاية عليك الله تعال شيل العربية دي وختها لي في رأسي الكبير دا عشان أطلعها ليك" فأنفجر الحضور بالضحك بما فيها صاحب المشكلة وقال ليه يا زول خلاص طلع عربيتك بنفس الدرب الجات بيهو.. قال الطيب ماريقا.. ربنا يقدرنا على الصراط المستقيم دا . هكذا كان ماريقا.. صاحب نكتة يتحلق حوله الجلوس متكأكئين عليه تكأكأهم على ذي قمرة.. التوحيد... وما أدراك ما توحيد.. من الدويم للطلحة ثم شبشة.. وصوت المغني يردد.. الباص السريع القام حباني خلا الحلة ضلام.. حباني شبشة جاها بتقدل حباني... خلاص الباص وصل أبقر.. حباني ما بين شبشة وأبقر منعطفات كثيرة.. وقرى جميلة، وتلال بيضاء كثياب المصطفين على أرض مقدسة.. عريك.. تلك القرية الوادعة.. الشطيب بلد التقابة، النوبة والطار.. البنوناب تلك القرية التي تسكن على تل رملي منبسط كدنانير من فضة.. لا يفصل بينها وبين فرع الخنجر سوى أمتار قليلة.. عشير ود الضو.. عشير ود كومة محطة يقف عندها البص لدقائق... الترعة الخضراء، مكان له تاريخ وعبق... الخنجر، أسم له دلاله عند أهل التصوف، وعليها يرقد أهلنا الشهباب.. الحافظين الكتاب.. الساقيهم الوهاب.. هكذا تقول حبوبتي.. ومنهم الخليفة محمد نور أبو شمله.. سمي بذلك لتصوفه وزهده.. . . سأواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: Amin Elsayed)
|
أخيرا صحيت يا أمين جوالك مغلق 24 ساعة في اليوم. شكرا لأخي أمين فهو من أعد اشتراكي في المنتدى ولكن إن كانت الدهشة عند الناس صنعة فعند البعض قدر يسوقك إليه مثل العطسة، مكرها. ولكنكم صناع الفرح. أعلم مدى سعادتك يقينا وليس مجرد إحساس الشمال شل خاصرة الأغاني ، وبح صوت المغني. هل تقوى قلوبنا على فرحة العودة مثل ما صبرت على الغياب؟ هل تملك ضمائرناقدرة التلون في مهرجان الإياب؟ كذب من قال قد رآنا نعانق الأحباب في نفس الدروب ومن رآنا نخطو على التراب ملحوظة المقطع الأخير نثري وليس شعرا. أظنك فهمت قصدي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: othman mohmmadien)
|
Quote: احكي يا خوي احكي انت ادري بتلك الدروب جربت كل شئ!! لم توقفك محاذير او تابوهات قادر علي صنع الدهشة والجديد
أبي البشري اول من نبهني لافريقيا حكي لي عن ميري في اول بدايات قصصه كان ينظر جنوبا حينما كنا لا نري الا شمالا كان يحلم بزمبابوي ويوغندا
وكنت مفتونا بشمال المتوسط هاجرت الي الشمال فوجدت الاكذوبة الكبري بقي وفيا لجنوبه فامتلأ بالسكينة تربت يداك تبت يداي امين سيد مختار |
هذه قصيدة بديعة فى مديح الظل الافريقى السودانى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: Adil Osman)
|
أخي أشكر لك المتابعة اللصيقة لما أكتب. والأخ أمين إذا عرفته رجل رقيق فنان كثير الحياء وفوق ذلك فهو رجل عالي الثقافة. تستغرب كل الاستغراب إذا علمت أنه تقني درس الإلكترونيات في السودان ودرس تقنية المعلومات في ألمانيا ودرس البرمجة ثم سوفت وير الموبايلات واستخداثها في لندن وهو بعد لم يكل من الدراسة. ومع ذلك كله يتابع كل صغيرة وكبيرة في الأدب والفن. لا يزال موسم الهجرة للشمال - الطيب صالح - ينام في أحضانه ويقرأ ترجمته بثلاث لغات. وأرجوأن لا يكون أخي أمين مصطفى سعيد- خيالي - وإن اختلفت شخصياتهما فالأول رجل خلوق ولكنه شابه الأخير في قوة العقل والانفراد في القرارات المصيرية. له دعائي بالتوفيق ولك . وأشكرك مجدداورجائي أن ترسل لي بريدك الالكتروني فهنالك أشياء ليست للنشر العام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: Amin Elsayed)
|
امين السيد ، و دالدويم من ذلك الزمن الجميل
معاك عمار يس النور (مستخدما إشتراك شقيقي ياسر)
لقد أثر في الرائع أبي عز الدين البشرى برائعة مشاركاته (مشهد خريفي من الدويم)
التحية له و لك و للجميع و تحية خاصة للأخ الاستاذ الطيب برير من عمار يس النور (عاشق بخت الرضا) و أهديكم جميعا قصيدتي مطلع ديواني الذي أعده للنشر بعنوان (عاشق بخت الرضا)
في المساء ،، في رضا مملكة من سكون ،، لا يعكره سوى صوت الشجرْ في الغابة الخضراء التناجي و أحاديث السمرْ النيل لم يزل حاضرْ لم يهاجر و لكن قد إعتزم السفرْ و النخل بالخيلاء يغازل كل ريح ٍ ،، يمشط ُ ضوء القمرْ دنيا صبايا تعود من جديد أعود ركضاً بين الجداول و الحفرْ و أعود طفلا ً عبقري الصورْ و أعود وحيا ً صوفي الذكرْ لا سواد في لوحتي يبدو سوى خصال الشعرْ عيناك دوماً ذكرى لنيل رضا "فهل من مدكر" فيهما الأهداب غابة و سيقان شجرْ فيهما عشقي القديم حفظته في كل قافية و صدرْ
ليتني رسول الله موسى و أنت أرض ميعادٍ و نذرْ و قد نهلت منك العلومَ سقاني لها من علم الله (خضرْ) **
ليتني نبي الله نوح وجند رضا نواة للبشرْ
******************************* أعزريني يا حبيبتي إذ إعتزلت فيك القوافي و خالفت قوانين الشعر و الأعرافِ و بحت ما كتمناه سرا
بربي أين التلاقي لعشاق قد ادمنوا فيك يا رضا من الخمر ِ العتاق ِ
بربك أجيبيني جهرا
فأنا ما أعتدت معاني الفراق ِ و لا عرفت غير دنياك شبرا
فخذيها مني أعترافا لفتى مازال يراك كالخرافه من وحي الاجداد شعرا ً و نثرا
لا أجد في الابعاد قياسا قد درسونا أنها ثلاثه و رابع الابعاد معنوي لا يقاسْ خبريني بالمراسْ هل الازمان تـُســاسْ ؟
ليت شعري ليت نثري و يوفيك قدرا
* رضا :هي بخت الرضا كما نقول لها نحن أبنائها إختصارا
** أقصد هنا تحديدا الاستاذ الفاضل أدام الله في عمره أحمد وقيع الله فهو أعظم من تتلمذت على يده طيلة حياتي في مدرسة النيل الابيض المتوسطة و قد أسس فينا مبادئ الرياضيات فله مني كل التحايا و التقدير
عمار يس النور (عاشق بخت الرضا)
[email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
العزيزعادل عثمان
انا وين من مديح الظل الافريقي او السوداني ده كلام كبر ساي
أبي البشري في بداية الثمانينات قبل ان يكون هناك حركة شعبية او قوي الهامش كانت بوصلته وبصيرته قد عرفت ذاك الفرح الجنوبي كان يقرأ لي قصصه عن افريقيا وجنوب السودان لم يكن سرياليا كانت شخصيات رواياته تضج بالحياة تحس مصافحة الايدي وعناق الاحباب وتشم رائحة الاجساد
كان هناك في شندي فوق في كنتين منزو علي طريق جانبي يصارع التكنولوجيا ويمارس تمرده النزق الذي بدأه بالخروج علي الاسلام السياسي الذي كان قدانقض عليه وهو في نعومة اظافره كان عندها قد اكتشف الخرافة وان الفرعون يسير عاريا تماما في شوارع المدينة لم يحتمله احد؟ فخرج يحمل اسراره بين دفتيه هاهو الان بيننا تعال نحتفي به امين سيد مختار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى
وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض سؤال :- هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟ هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟ هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟ هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟ ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ
عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية الدويم - الارض - الحنين ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء استمع اليها فى ادب وتشوق فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: A message to Shahato (Re: ابي عزالدين البشري)
|
ِِA message to Shahato
Dear Shahato Nothing in the world is precious, than a moment in favorite Dueim. None is sincere than those fellows. ((The scene was really magnificent like a fanciful panorama over the green grass mat. The Enormous wide space in front of the dispensary filled our little lungs with pure air. We breathed it in joy & exhausted it with pleasure. Our hearts were beating the same rhythm that our feet tapped on the musky sand. Our throats tuned the favorite song for our lovely bird ( Gaddal). Ta ta - tati tati ta Hum hum hum Gaddal was running towards the trap. A trap made up of hair, which we took from a horse's tail, in the stable of police, after many thrills, led by Hafiz Al-Zubair the fast runner. The young bird stooped like a Roman goddess. Gaddal hesitatingly watched the six little eyes that gazed him. Then he bent towards the Locust in the middle of our trap next to us. The cloudy sky showered few drizzles of water wetted the feathers of the bird and argued the locust to move. It tried to fly, stretched its wings to uncover the beautiful yellow colour of its inner dress. Gaddal noticed that. His appetite agitated by that movement. He forgot all his fears and crept directly to the delicious locust. Then he jumped three steps to his last destiny. " Kalas, it was caught " cried Issam. I seized his arm to stop him. There was another large bird wanted to share Gaddal his meal. Few minutes later both of the birds were calm.)) This was the life in Dueim during our childhood. Small real battles made us heroes. In these Battles we defeated all our enemies. May be they see us now Little Don Quixotes, who used simple & silly tools &weapons. Little knights without swords, bows or arrows No pistols, revolvers or guns. Shahtu drove his toy car along Al-Thaura main road. A car which he made out of wires& metal of old tin or dirty gallon, but we saw him the master of the road & filled our little hearts of jealousy. A paper kite or paper craft could make me a real pilot, who could tell other kids about him trips around the world. Now could I pay the whole of my life to buy those far moments? Does it deserve that price? Truthfully the fast engine of our current days deprived me to taste the sweet of things. This is why I fled to the past. Please share me the pleasure of remembering these days. Sent me more photos & tell me the beautiful tales of the childhood, before I die of sorrow. Believe me Shahato. All the ghosts & monsters narrated by our grandmothers, in childhood, are still alive, creeping friendly inside my room in KSA. And I always tell my son Omer about them, when I tell him the stories of Dueim, before sleeping. I remember all that now, because I made a paper boat for my son. He put it in a large dish full of water to test it. It moved gently on the surface, by the help of the fan. I sang for it, for him or for myself. I was not sure. Row row your boat Gently gently The happy kid shared me the song, got happier. He threw the plastic expensive boat, which I paid a lot of money for it. Bought it from a big mall in Riyadh and shouted: "Yeeees Dad. That is a real ship. I've seen nothing like this. How did you make it? Was it that piece of paper? Let that ship wait for me. I'm sailing to Dueim. And please tell mother that I'll send her back my ship, to follow me. But I shall not return. And surely you can make one for you and you know the place. Don't you Dad? Good by…" Then he laughed but I cried.
Please cry for Titihoya Gaddal & Simbir & sing for them, "Oh Mother Africa", and when the bird stretch their wings lie over them and take me to Dueim. Leave those jungles of concrete, to the mud houses full of peace. Eeeeeeeeeeeeh Shahato Iam tired. Good by…
| |
|
|
|
|
|
|
Re: A message to Shahato (Re: ابي عزالدين البشري)
|
Quote: I remember all that now, because I made a paper boat for my son. He put it in a large dish full of water to test it. It moved gently on the surface, by the help of the fan. I sang for it, for him or for myself. I was not sure. Row row your boat Gently gently The happy kid shared me the song, got happier. He threw the plastic expensive boat, which I paid a lot of money for it. Bought it from a big mall in Riyadh and shouted: "Yeeees Dad. That is a real ship. I've seen nothing like this. How did you make it? Was it that piece of paper? Let that ship wait for me. I'm sailing to Dueim. And please tell mother that I'll send her back my ship, to follow me. But I shall not return. And surely you can make one for you and you know the place. Don't you Dad? Good by…" Then he laughed but I cried. |
I cried too
| |
|
|
|
|
|
|
Re: A message to Shahato (Re: Adil Osman)
|
Dear Adil You cried but not like me. You cried of pleasure, but I cried of sorrow. My heart is full of grieves. Why do we cry when we are happy & when we are sad? When we leave or when we meet a friend. I waited you to contact me but... I hope you send me a message [email protected] Pleaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaase
| |
|
|
|
|
|
|
عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد (Re: إسماعيل وراق)
|
أخي الغالي أستاذ إسماعيل سلام يا صديق
Quote: بوست جدير بالقراءة مرات ومرات |
أشكرك على رأيك في البوست وهو رأي جدير بالتقدير عندي، لأنك من ذات البيئة التي كانت سبب ميلاد النص وامتداده. و هذا البوست سيكون فرصة لي لكتابة (دويميات ) له أهميتها عندي وعندك وعند كل أهل الدويم. لك خالص الود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى
وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض سؤال :- هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟ هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟ هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟ هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟ ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ
عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية الدويم - الارض - الحنين ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء استمع اليها فى ادب وتشوق فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عزيزي الأستاذ إسماعيل وراق، وتوقع الجديد (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الاستاذ الجليل ابى عزالدين البشرى
وتبقى اللغة ضالتنا لنعبر عن الحزن والحنين واشواقنا للأرض سؤال :- هل الارض هى التراب الذى نمشى عليه ام هى الشوارع والبيوت ؟ هل الارض تعنى الناس - الأهل -الاحباء - الاصدقاء ؟ هل الأرض هى الاحياء السكنية -القرى - المدن - الوطن ككل ؟ هل الأرض هى الاسماء التى تطلقها على الاحياء والقرى والمدن هل هى كل هذة الاشياء مجتمة ؟ ماهى الارض ؟ ولما كل هذا الحنين الذى يمذق القلب وهل الحنين هو هذا الاحساس المبهم بالالم الذى يعصرنا لحد العويل المفجع الحنين للاشياء المكان الناس وكل شئ
عزرا استاذى العزيز فقد اطلت عليك ولكنى احاول تفسير تفسير الثلاثية الدويم - الارض - الحنين ابناء الدويم وكل من عاش بها ومر بها مرورا كريما تعلقت بوجدانه الدويم الارض وصار سجينا لحنينها احب هذى البلدة حبا يفوق كل وصف حاولت مرات ومرات ان احكيها واسردها فوجدتها هى التى تحكينا وتسردنا فى كل مرة فوقفت اتطلع اليها صامتا فى حياء استمع اليها فى ادب وتشوق فاشجينى منها مااستطيعت استاذى ابى
| |
|
|
|
|
|
|
خليلي أن الأمكنة هي الجذور وهي بعض من أنفسنا!! (Re: متوكل بحر)
|
خليلي أبا عمر
كل ما مررت .. توقفت علّ بعض من دعاش ذاك المطر يصيب نفسي الظميئة من وفاء نفسك الأبية الوفية .. الأماكن بعض منا .. هي الجذور حتى وإن قست وعادت عليها عوادي الزمن والإنسان .. أنصت كحواري في حضرة شيخه .. وكل عام وأنتم بخير وجميع أفراد الأسرة. ابوبكر
| |
|
|
|
|
|
|
دكتور أبوبكر، كأنك سمعت حديثي.. (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)
|
Quote: الأماكن بعض منا .. هي الجذور حتى وإن قست وعادت عليها عوادي الزمن والإنسان |
أخي وصديقي الحبيب وديوسف لولا أن هذا التعليق كان قبل ردي على الأخ متوكل- راجعه من فضلك- لقلت إنك كنت تسترق السمع وتتطلع إلى مجلسي خلسه. ولكن لا ضير بأن أتهمك بأنك كنت تسترق السمع لحديث نفسي. أهو التوافق؟ أيصل الحب إلى هذه الدرجة؟
Quote: أنصت كحواري في حضرة شيخه |
إذا كان الحديث عن الجذور والفروع فالشيخ هو الجذور ونحن الفروع، فلا تقلبن الأمر إلى غير وجهه، يا شيخي الكريم. أما ترى من حسن حظي أن يناديني الشيخ بما يرفع همتي؟ أبارك لك العشر من ذي الحجة و أتمنى أن ألاقيك في عرفة. وأشكرك كثير الشكر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الأستاذ أبي
أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم. أنا من الكريدة وبالنسبة لنا الدويم في ذلك الزمان حين كنا أطفالا كانت جنة الدنيا وزينة البلدان وكانت زيارتها جائزة عن كل فعل حميد نقوم به أو إنجاز نحققه.
لا زلت أذكر الدويم بل لا زلت قادرا على استنشاق عبق أديمها ولا زلت قبل النوم استرجع شريط زياراتي المتكررة لها في تلك الأيام حين كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).
وما زاد إعجابي الأن بالدويم هو أنها أنجبت من هم شاكلتك من المبدعين الذين ما زالوا قادرين على صياغة حبهم لها بهذه اللغة السهلة البسيطة والعميقة في آن ليجعلوا من الدويم أنشودة عذبة تتمشى في الأفئدة وتقدل في الخاطر وتسكن حجرات القلب الأربعة بلا استئذان.
تحياتي لكل ناس الدويم الذين تعلمنا منهم الكثير ولا زلت أذكر كما البارحة الأستاذ المرحوم عبدالعال الزين الأمين الذي درسني بالكريدة الإبتدائية وجعل من المدرسة مسرحا كبيرا ودارا للموسيقى بعد ان كانت مهجورة قبله حتى صرنا في عهد نكره الإجازة الصيفية لأنها كانت تبعدنا عن المدرسة. وكان رحمه الله يأخذنا في أعياد الاستقلال وأكتوبر إلى الدويم حيث بخت الرضا لنعيش أياما من الأحلام الوردية ونحن نشهد المسرحيات والمعارض والمسابقات الرياضية لنعود بعدها إلى أهلنا وعقولنا الصغيرة تضج بالاف الصور الجميلة والتفاصيل المدهشة التي لم نكن نقدر على شرحها لمن فاتهم باص الرحلة إلى هناك.
شكرا لك يأأخي وعاشت الدويم.
دالــي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الأستاذ أبي
أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم. أنا من الكريدة وبالنسبة لنا الدويم في ذلك الزمان حين كنا أطفالا كانت جنة الدنيا وزينة البلدان وكانت زيارتها جائزة عن كل فعل حميد نقوم به أو إنجاز نحققه.
لا زلت أذكر الدويم بل لا زلت قادرا على استنشاق عبق أديمها ولا زلت قبل النوم استرجع شريط زياراتي المتكررة لها في تلك الأيام حين كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).
وما زاد إعجابي الأن بالدويم هو أنها أنجبت من هم شاكلتك من المبدعين الذين ما زالوا قادرين على صياغة حبهم لها بهذه اللغة السهلة البسيطة والعميقة في آن ليجعلوا من الدويم أنشودة عذبة تتمشى في الأفئدة وتقدل في الخاطر وتسكن حجرات القلب الأربعة بلا استئذان.
تحياتي لكل ناس الدويم الذين تعلمنا منهم الكثير ولا زلت أذكر كما البارحة الأستاذ المرحوم عبدالعال الزين الأمين الذي درسني بالكريدة الإبتدائية وجعل من المدرسة مسرحا كبيرا ودارا للموسيقى بعد ان كانت مهجورة قبله حتى صرنا في عهد نكره الإجازة الصيفية لأنها كانت تبعدنا عن المدرسة. وكان رحمه الله يأخذنا في أعياد الاستقلال وأكتوبر إلى الدويم حيث بخت الرضا لنعيش أياما من الأحلام الوردية ونحن نشهد المسرحيات والمعارض والمسابقات الرياضية لنعود بعدها إلى أهلنا وعقولنا الصغيرة تضج بالاف الصور الجميلة والتفاصيل المدهشة التي لم نكن نقدر على شرحها لمن فاتهم باص الرحلة إلى هناك.
شكرا لك يأأخي وعاشت الدويم.
دالــي
| |
|
|
|
|
|
|
الأخ دالي.. (Re: dalihabboub)
|
Quote: أنت بالقطع لا تعرفني لأنني لست من سكان الدويم لا قديما ولا حديثا لكنني بالقطع واحد من الذين يعرفون الدويم جيدا لأنني من أحد الحلال القريبة من الدويم. |
أخي الكريم دالي Dali Rahmatalla Al Habboub نعم ربما لا أعرف شخصك الكريم، تقصيراً مني، ولكن من لا يعرف عائلتك؟ وأشرف بمعرفتك. ملحق اسمك بنسبته لوالدك وجدك وحده كافٍ ليقدرك المرء حق قدرك. التحية لك و لكل آل الكريدة ولنا بها مصاهرات قديمة، فهم أهل وهم أعمام وأخوال أبناء العديد من عائلتنا. و أهلنا كانوا أكثر زيارة للكريدة ، فهي مزارهم و معقل شيوخهم . كما أن الكريدة ما هي إلا امتداد طبيعي قديم لمدينة الدويم، فذكر المؤرخون أن سكانها وسكان شبشة ما هم إلا سكان الدويم. فقد نشأت خلافات ومنازعات بين الجعليين والجعافرة في الدويم، فآثر عقلاؤهم أن تبتعد الجماعتان عن بعضهما، فنزح الجعليون شمالا إلى شبشة ، الصفيراية، العرشكول والشطيب، وبلغ المطاف بالتجار منهم إلى الشقيق والصوفي ، شمالا و إلى الهلبة و جنقول وما جاورها ، من ناحية الشمال الغربي إلى قريب من زريبة البرعي. بينما اتجه الجعافرة المزارعون إلى جهة الجنوب، عبر حلة أم تكال ، حلة العمدة الزين ، القردود... وسكن بعض في أم جر واستقر آخرون بالكريدة ، شرقا وغربا ولكن منهم من رجع من الكوة واستقر مع الشيخ (أبي عمر) رحمه الله.ووصلت جماعات منهم إلى المقينص وسكن بعضهم كوستي. ثم دخل الكريدة بعد ذلك قوم آخرون أتوا لتعلم القران الكريم أو أخذ الطريق من راجل الكريدة. و قال بعضهم إن الهجرة كانت عكسية، والله أعلم. فقد يخطئ المؤرخون وقد تنتقد رواياتهم الشفاهية. ولكن الثابت عندي أن أواصر القربى – الرحم- ممتدة بين قاطنين في الدويم وأم جر و الكريدة ، حتى يومنا هذا. واسم الكريدة يتردد كثيرا في الدويم خاصة دكان ود الكريدة في شندي فوق و دكان أولاد الكريدة في حي (أبو جابرة)..
Quote: كنا ننتهز الفرصة لركوب العجلات ودخول السينما لنصرخ كاننا من ابناء المدينة مع كل قطعة فلم (ديشك يا جارو-أظنها بالجيم المعطشة أم تلاتة نقط بتحت).
|
سافرت مرة وأنا طالب بالمتوسطة إلى مدينة الأبيض. كان أول ما فكرت فيه أن أزور سينما عروس الرمال. و كنت أحسب أنها المدينة الوحيدة التي تخذت شاشتها من قماش ، كنا نسمع أنه غالي الثمن. كان الفيلم عربيا، ثرثرة فوق النيل، بطولة العملاق عماد حمدي. و فجأة سمعت صائحاً ينادي: "ثبت يا نجارو" ولمن لا يعرفون فالاسم نجارو لقب لعمنا فني تشغيل السينما واسمه ميرغني. و كان مهندس السينما العم حاج أنور، و الشيء بالشيء يذكر. قمت من مقعدي بسينما عروس الرمال وحاولت أن أبحث عن صاحب النداء. كانت مهمة شبه مستحيلة. أنوار السينما مطفأة وينعكس الضوء الباهر المنبعث من جهاز السينما على عيني فيغشيهما. كان شريط الضوء يأتي من النافذة في شكل شبه مخروطي قاعدته على الشاشة و قمته عند جهاز التشغيل، و ذرات الغبار تلمع في مساره كأنها ملايين الحشرات الطائرة و سحب الدخان المنبع من سجائر المشاهدين يتلوى بلون رمادي ليخلق لوحات تعجز سماء الخريف أن تحاكيها. كنت أدقق في الوجوه لأرى من أعرفه، و عيون الناس متعلقة بالشاشة؛ فَضِيْقَ الناس بذلك وأسمعوني الكثير من السباب أستحي من سماعه ، فضلا عن ذكره. - ما تقعد يا حيوان. - اترزع في كرسيك يا أهبل. - إنت الليلة يا ..... الله مسلطك علينا ولا شنو؟ وكان الكريم منهم يقول: - يا ولدي الله يهديك اقعد. وكان أهل الوسط من هؤلاء يقولون: - يا أخي نحنا ما دافعين قروش عشان نشوف العسل ده. - لو سمحت يا ابن العم، أدينا معاك (وجهة نظر)، ولم أعجب من الخطأ السابق ، فمعظمهم من السوقة أو حتى الأميين، يستعملون بعض العبارات التي يسمعونها ، يتشدقون بها ليظن الناس أنهم قوم ذوو شأن ومكانة. - وقعت الطامة على رأسي لما رأيت أحدهم قد قام من مقعده واتجه إلي . كان رجلا ضخم الجثة – طول في عرض- و كان يحمل شيئا في يده لم يفلح الظلام في إخفاء خطورته، فقد التمع مع بهرة الضوء التي تضيء شاشة السينما. كان يبرق بريقاخطيرا ، فتدركه غريزة حب الحياة عندي قبل أن تدركه حواسي الخمسة. كان الرجل يقول: - و الله يا ولد الـ...... الليلة إن بقى عمرك أردب سمسم إلا أسلسله ليك حبة حبة. وبدا لي أن الناس في انهماكهم ذلك ، لم يدركوا ما حدث. ولو أدركوه لما حرموا أنفسهم من متعة متابعة الفلم، لينجدوا صبيا يواجه كاسرا. و لكن العناية أرسلت إلي رجلا كبيرا في السن ، لاحظ حيرتي وخوفي، وعلم أن الخوف قد شلني؛ فجذبني إلى جانبه. أجلسني على الأرض ، في الممر الذي بين كنبته والكنبة المجاورة وأنزل علي (البالطو) الذي كان يلبسه. مر الرجل بجواري، إذ سمعته حذاءه الثقيل وكان متجها نحو نهاية الكنبة وتخطاني، ولم يكلفني في رجوعه كل حواسي لأكشف حركته، فقد كان يقول بصوت جهوري ، رغم أنه كان يحدث نفسه ولم يسمعه أحد غيري: - حرَّم الليلة الله مرقك ساكت... أكيد شيطان الأرض دي التقول انشقت جب وبلعته... دي ولادة شنو دي ولادة آخر زمن. وابتعد صوته و ابتعد شخصه ولكني كنت أتابع الصوت الذي حفظته جيدا ولن أنساه ولو بعد مائة عام.كان يهتف بين الفينة و الأخرى: - الله عليك يا ولد.. - الشغل كده ولا بلاش. - الله عليك يا فريد شوقي.. و لم يكن فريد شوقي بين الممثلين، فيضحك الناس... - الواحد كان خلى عيشة القرف دي و مشى سكن مصر ما أخير ليه؟ - ما تقولوا حاجة ياناس يا بجم. رفع الرجل البالطو وأذن لي بمشاركته الكرسي، وقمت لأجلس إلى جنبه، وقبل أن أجلس التقت عيناي بعيني شخص أعرفه حق المعرفة. هو الشخص الذي كنت أبحث عنه،دون شك. كان شخصا من الدويم، وهو ابن عمنا لبيب أحمد في زيارة لمدينة الأبيض. تعانقنا وخرجنا من السينما. أصر أن يدعوني للعشاء وأنعم علي بأكثر من ذلك بدعوتي إلى تناول الباسطة بالحليب، فحكيت له قصتي مع الرجل. غضب صاحبي وقال لي: - متين حصل الكلام ده؟ والله كان شفته كان الليلة أجله تم. فرددت عليه - في نفسي - : - الحمد لله إنك ما سمعته.. كنت حاتخش السجن وأنوم أنا بالجوع. التفت إلي وقال: - لكن عليك الله موش سينمتنا أحسن من عروس الرمال؟ قال عروس الرمال قال. وافترقنا على أمل اللقاء بعد الغد في الدويم. وكان اللقاء ليلة العيد في سينما عبد الحارث وكان بطل الشاشة دجانقو و بطل السينما عبد الرحمن حسن العاقب. ثبت يا نجارو واحدة من العبارات المميزة ، لها خصوصيتها في الدويم، مثل خصوصية السينما القديمة (سينما عبد الحارث) . كانت هذه النداءات وغيرها من تعليقات هي فاكهة السينما، وكثيرون يدخلون السينما ليسمعوا هذه النكات السريعة التي تعبر عن بديهة أصحابها، وهم قوم معروفون بخفة الدم. وأذكر منهم أخانا الفاضل عبد الرحمن حسن العاقب، الذي لا يفتر لسانه عن التعليق. أشكرك ... وأواصل ....
(عدل بواسطة ابي عزالدين البشري on 12-27-2006, 09:38 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأخ دالي.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
واصل ياأخي الحبيب فهذا الذي تكتبه والله يأخذ الالباب وأحسدك على هذه الذاكرة الرهيبة التي يزيدها توقدا زيت المحبة يقدح فيها سره لتبثنا تفاصيلا في غاية اللطف والحميمية فإذا الواحد كأنه جزء لا يتجزأ من تلك التفاصيل.
انا مثلك مسكون بتلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تعطي حياتنا لونها وطعمها ورائحتها ومثلك تماما في سرعة البكاء كلما ناء الحمل بعبء سنين الغربة الذي ارهقني ولكم والله صرخت نصف الليل: أنا لم أخلق لهكذا مكان وعندما يبلغ الوجد مداه أنادي اولادي لأحدثهم عن الذي كان وما يحزنني أنهم لا يفقهون ما أعني ويكتفون بالمجاملة والاستماع من برة لبرة.
نعم العلاقة بين الدويم والكريدة قديمة قدم الدويم ولهذا نجد ان جميع ناس الكريدة ينحازون للدويم عند صراع المدن على مكانة ما ولا زلت أذكر كيف كانوا يعددون محاسن الدويم كلما جاءت المقارنة بينها وبين كوستي وعلى الرغم من أن والدي مصالحه كانت ترتبط بكوستي إلا انه كان دائماالإنحياز للدويم بمناسبة وبغير مناسبة ورغم أن كوستي مدينة أثيرة لدى إلا أنني وفي أعماقي أنحاز للدويم بلا مواربة.
لك كل المحبة وأرجوك واصل هذا المسلسل العذب الذي يجعلني قادرا على الهروب من محنة الغربة إلى فضاءات الماضي الجميل.
أخوك/ دالي رحمة الله الحبوب مسقط/سلطنة عمان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأخ دالي.. (Re: dalihabboub)
|
الأخ أبي
و ضيوفة الكرام و إن كانو أهل بيت
ايييهههههه (جرة نفس طوييييييلة)
سلام
تعرف با أبي احسدك علي ذاكرتك الفوتغرافية
فنحن نعيش زمان يمحو التفاصيل و في رواية إخري حتي الأسماء
سعدت بهذا التجمع الذي ضم مجموعة من (أهل) الدويم من أصقاع الأرض
و تعرف يا أبي كان وصف المرحوم عمر الحاج موسي للدويم
بأنها عاصمة العواصم الصغيرة كان وصف عارف.
التحية عبركم الي اخينا الطيب
اما عزيزنا شحتو فقد (استمتعت) في زمان قريب بحواره الإسفيري مع قريبي مامون
دالي
داير تجيب سيرة البحر مالك
حسي يجونا ناس كوستي ناطين
تعرف يا أبي البوست ح ينكتب في ميزان حسناتك
شوف لمي ناس طولو من بعض كيف
يا جماعة سوري اعتبورني ب فطفط او في رواية اخري ب أهضرب
لانو سيرة الدويم بتحرك أشجان كوامن و و
كل عام و أنتم بخير
| |
|
|
|
|
|
|
الحبيب الأمين لعوتة، أرحب بك في بيتك.. (Re: الأمين لعوتة)
|
الأخ الأمين لعوتة الحمد لله أنني كل يوم أسعد بزيارة الغائبين عن عيني ولم يفارقوا فؤادي، أناس حبيبين إلي من بلدي ومن مدينتي وجيراني. فمرحبا بك ومرحبا بكل ذكرى عبقت بها زيارتك لي .
Quote: تعرف با أبي احسدك علي ذاكرتك الفوتغرافية
|
يخيل إلي أحيانا أن هذه الأحداث لم تنسحب بعد إلى حيز الذاكرة، بل هي أحداث لا زلت أعيشها. لا زلت بسروالي والفانلة أباري أقراني في القفز من فوق الخور الذي يجاور منزلكم، أو أحش النجيلة من الميدان المقابل لمنزلكم. أو ألعب الكرة في نفس الميدان. الدويم تجبرك أن تكون جزءاً لا يتجزأ من ذاكرتها، ولا تسمح لك بأن تنسى السعيد والمحزن من أحداث، ولكن حتى المحزن بعد مرور هذه السنين تغير طعمه وصار ذكرى حلوة. ولكن الذي يؤلمنا حقا هو ابتعادنا عنها و رحيل أناس إلى الدار الأخرة ولا زلنا نحبهم. ولكن المرارة في حلوقنا تتبدد لما نلتقي ببعضنا ونجتر ذكرى حبيبة إلى أنفسنا جميعا.
Quote: و تعرف يا أبي كان وصف المرحوم عمر الحاج موسي للدويم بأنها عاصمة العواصم الصغيرة كان وصف عارف. |
نعم أوافقك وأوافقه، عليه رحمة الله. و كنت أسميها المدينة القرية، ولكن ذلك الوصف لا يضاهي في نقل صورة دقيقة للدويم.
Quote: التحية عبركم الي اخينا الطيب اما عزيزنا شحتو فقد (استمتعت) في زمان قريب بحواره الإسفيري مع قريبي مامون
|
الأخ مأمون الرجل الفنان حصلت على بريده الإلكتروني صدفة من أستاذي العزيز الموسيقار أزهري عبد القادر نور الهدى، وسعدت بمعايدتي له وتهنئته بالجائزة التي شرفتنا وسعدت ثانية برده لرسالتي، واشتاق لرؤيته ، مثلما أشتاق لكم جميعا. و الأخ الفنان عبد الباقي على أزرق، على اتصال معي عبر البريد، والخال الطيب عبد الرحيم يقيم معي بالرياض وهو الآن في إجازة عيد الأضحى بالسودان. أشكرك و استحي أن أشكرك لزيارتك بيتك وأواصل مع سينما الدويم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشهد خريفي من الدويم ـ من كتاب أوراق من الدويم الجزء الثاني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
وللدويم ابناء فى بلاد الافرنجة كتبوا عنها وصوروها بعيون المحبة والوفاء والولاء. انظر مدينتكم http://emedia.brookes.ac.uk/zahranhafiz/modules/img1.jpg وانظر يا أبى البشرى كيف أخرج كتابك الجميل عن الدويم اقلامآ نصيعة ونصيحة كانت مهبرنة. مهبرنة من هايبرنيشن. فجاء الدالى ود الكريدة يتكئ على حنين وعلى نوستالجيا فاض بها قلمه الذى نعرف من ايام الطلب فى جامعة الخرطوم. ذهبت الى الدويم فى سيرة عرس فى الثمانينات سارت من بحرى. وكانت اول واخر مرة. لن انسى طيبة الاهل فى الدويم وترحيبهم الفطرى بالقادمين اليهم على ظهور البصات والحديد. وللدويم فى خاطرنا علامتان لا تخطئهما ذاكرة: بخت الرضا. شفناها فى المناهج. والجبنة البيضا، ما يسميه اليونانيون الفيتا جيز. صناعة هامة كانت فى الدويم. وطعام عمّ القرى والحضر. هل جربت سندويش الجبنة بالعيش الطازج الخارج لتوه من الفرن؟ وبين كل لقمة والاخرى جغمة ببسى فتختلط انساب الجبنة والخبز والماء الغازى. ما اجمل النسب الجديد! هل نثرت الجبنة المفتوتة على الفول؟ ثم جعلت زيت السمسم يجرى على مهل فوقها وتحتها؟ وهل تفننت مثل اهل الخرطوم فجعلت الجبنة البيضا مرقآ للمكرونة؟ وهل جربت خلط الجبنة بالطحنية؟ ملوحة من هنا ولذعة حبيبة، وحلاوة من هنا وسمسم القضارف! يا الله!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ الغالي والمبدع عادل عثمان.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
يا لقلمك الذكى يا أبى البشرى. الكتابة هكذا أو فلا. كده ولا بلاش. صديقك الاستاذ حافظ زهران له موقع هنا http://emedia.brookes.ac.uk/zahranhafiz/ وجدت موقعه والصورة التى تفضلت انت بتصغيرها- فى الانترنيت عندما ادخلت اسم المدينة العريقة: الدويم (عاصمة العواصم الصغيرة). واصل هذا التداعى المضئ والطريف. الجبنة طعام لذيذ. وكذا ماؤها. موية الجبنة حال الفلس ايام زمان مع موية الفول فيما يعرف بالبوش. والبوش لمة وإحسان للصحن. وشغب وصبينة!
عصارة زيت سمسم فى الابيض- كردفان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الخال الطيب، حمد لله على سلامتكم (Re: ابي عزالدين البشري)
|
أبي
أحييك بأسمى التحيات وأقول لك أننا في كل صباح نستشعر في إبداعاتك الغزيرة كل جديد وأؤكد لك أن مساحة المليون ميل ونيف إن لم تكن تحتويك فيكفي أن كتاباتك وتوثيقاتك في رحاب سودانيز أونلاين.كوم هي السبيل لتكملة مشوار الثقافة والتراث الذي بدأته هناك وأن كل ما تكتبه فهو توثيق دقيق يتشرف به كل من يبحث فيه عن الحقيقة ولتبقى كلماتك المضيئة أكثر من عنوان في هذا المقام و(إديك العافية)..
الطيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: متابعة ذكريات خاصة في رضا - الجزء الثاني.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
عزيزي أبي ، تحية طيبة وبعد، يطيب لكل متتبع لتوثيقك الرائع حول بخت الرضا أن تفرد زاوية صغيرة مفتاح لحوار واسع حول حقيقة وقصة هذا الاسم الخالد الذي ظل وسيظل يأخذ بأفكار المترددين على هذه المدينة (بخت الرضا) وكل الناس، والعجيب أن تتميز بخت الرضا بنوع من التفرد قل تكراره في مدننا وهو أن قاطنيها على مر الأجيال كانوا في الغالب مهاجرين وعابري سبيل وإلى عهد قريب، فهي مدينة الأراضي فيها من مزارع ومنشئات ومباني ومسطحات وخدمات وأنشطة وكل شيء فيها للدولة ممثلة بإدارة المعهد (في السابق) / الجامعة (حالياً) وهي مدينة مهنية خدمية بنسبة مائة بالمائة، لا مجال فيها للتجارة والربح والخسارة فرأسمالها هو الإنسان وريعها هو الكتاب والخريج ونتاجها بالمحصلة النهائية هو العلم والفكر والمعرفة الإنسانية وعطائها حتى عهد قريب كان يصل لكل إنسان في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر (المنهج، الكتاب، المعلم والطالب والموهوب في كل الدروب وأخيراً الخريج) بل يكفي سمعتها إذا ذكر اسمها خاصة خارج البلاد عند كل العباد وهنا لا يفوتنا أن نجير للاسم فضله كعنصر أساسي في إصدار ومنح التأشيرة للمعلم عندما تكون وجهته الدول العربية وبالأخص الخليجية وذلك لمجرد أن يكون إسم بخت الرضا معنوناً بين أوراقه. وسكان بخت الرضا كانوا حتى عهد ليس ببعيد كلهم ضيوف مكرمين يتشكلون من تلاميذ الروضة والمدرسة والمعهد ومن الأساتذة والمعلمين والمشرفين والموجهين التربويين والمتدربين وحتى العميد، جميعهم ضيوف على مختلف البرامج والمشارب والأهداف التي كانت سبب في ارتباطهم وتواجدهم ببخت الرضا، والكل منهم يكمل فترة دورته ولسان حاله يقول ليتها أيام لا تكتمل حتى لا يفارق بخت الرضا وريثما يعودون ليواصلوا مسيراتهم ونشاطاتهم في دورات حياتهم بأماكن أخر في دوامة هذه الحياة، وليأتي ليحل أماكنهم في بخت الرضا من بعدهم أناس آخرون سوا في الروضة والمدرسة والمكتب والمعهد وهكذا تتواصل الحياة في رحاب بخت الرضا جيلاً بعد جيل، ومن هنا يأتي تميز المدينة التي لا تعرف الروتين المدينة التي يتجدد فيها لقاء الآخرين مع الآخرين، مدينة يتواصل فيها الأمل وتتلاقى فيها التطلعات، مدينة العلم والثقافة والتجديد، مدينة كل الناس. ولا شبيه لبخت الرضا في هذا السودان الفسيح إلا ما ندر مثلما في حالة 24 القرشي المدينة التي يدار منها امتداد المناقل بمشروع الجزيرة، فهي أيضاً مدينة مهنية إدارية يتوارث أرضها وجدرانها وهواؤها الضيوف وعابري السبيل ولإن تشرف إسم المعهد بـ بخت الرضا فالأخيرة تشرفت باسم الشهيد محمد طه القرشي بعد تغير إسمها من 24 عبود لـ 24 القرشي عقب ثورة أكتوبر إحياءً لذكري الشهيد القرشي (أول من استشهد في ليلة 21 أكتوبر 1964م أثناء محاولات ناس جهاز الأمن فض الندوة الشهيرة التي أقيمت بالبركس في الميدان الأخضر الواقع بين داخليتي كسلا والقاش حيث استشهد القرشي قرب داخلية بحر الجبل وعلقت في مكان استشهاده لوحة خالدة كتبت كلماتها آنذاك بدمه الطاهر وتقول:
وتصارع الشهداء في عمر الزهور بكل صوب - والراية الشماء خافقة تظلل كل درب
أما الدليل على تفرد المدينتين وبقائهما متميزتين بالمهنية، أن بخت الرضا مدينة تربوية علمية بينما 24 القرشي مدينة إدارية، وإن لم تندمج الأولى مع الخليلة الجارة مدينة الدويم فإن الايرة هي الأخرى ظلت بمنأى عن مدينة ابو الحسن التي لا يفصلها عنها إلا الترعة الكنار (الرئيسية للمشروع) ومن هنا إتكسبت المدينتين خصوصيتهما. وعودة لقصة اسم بخت الرضا، فالرأي السائد أن هذا الاسم يعود لسيدة فاضلة تدعى رضا كانت أكثر إنسان نال تقدير واحترام الناس آنذاك لما كانت تقدمه من خدمات جليلة لذلك المجتمع الصغير في ذلك الركن النائي من المدينة وتمثلت خدماتها في بيع بعض الأغراض البسيطة التي اعتادت جداتنا وقتها على فرش الأرض لها مباسط لبيع المنتجات المحلية مثل القاوون والدردقو والفول المحمص والمدمس والنبق والدوم واللالوب والقنقليس والعرديب والقضيم والدانكلي المسلوق وأتصور أن من بين ما كانت تعرض بضع قراطيس ومداد وظروف خطابات وإن جاز لنا أن نطلق لخيالنا العنان لذلك الزمان أن نتخيل توفير وتحضير والدتنا رضا لطعمية ولقيمات خفيفات تقدم لفك الريق في الصباح والفطور، وهي بذلك قد ملكت قلوب الناس ونالت رضاهم فكانت الأم والشخصية المقربة التي اجتمع عليها القوم فكافئوها أجمل ما تكون المكافأة أن أطلقوا أسمها على هذا الوليد التليد (معهد التربية) فكان السعد أيما سعد لجدتنا رضا، وفيما بدا أن الكثيرين لم يكتفوا بإطلاق إسم رضا على هذا الصرح فأصبغوا على أسمها البخت - إمعاناً وتأكيداً وجزماً في التكريم - فجاءت الكنية تسبق الرضا لتمتد إلينا بخت الرضا وكلنا بالرضا لأمنا رضا ومن رحم رضا كلنا أبناء ولأسم رضا نحن الفداء إن هب النداء.
الفصل المميز: مدينة بخت الرضا تقع شمال مدينة الدويم ويحدها النيل الأبيض من الشرق ومبروكة الخضراء بامتدادها الجديد من الشمال وترعة مشروع الدويم من جهة الغرب وهذه جميعها حدود طبيعية بعضها تزامن مع إنشاء معهد التربية بخت الرضا (1934م) مثل مشروع الدويم الذي أعقب الفيضان الناشئ عن بناء خزان جبل الأولياء خلال نفس الفترة بغية التحكم في تصريف مياه النيل، والحدود الأخرى كانت موجودة مسبقاً مثل مبروكة التي كانت تحتل موقع المعهد الحالي فتنازل أهلها طوعاً عن الموقع لبناء المعهد فضربوا بذلك أروع المثل في التضحية بالأرض ونكران الذات وآثروا الرحيل شمالاً لأجل أن تقوم بخت الرضا منارة للعلم (وأسم مبروكة أطلقه الشيخ السماني ود الشيخ برير إذ بارك الموقع الجديد لأهله فجاءت التسمية مبروكة وسماني القوم من بين القوم وبهم وفيهم ........ والرواية للمهندس/ محمد عمرعبدالله ود منصور). أما المزارع التجريبية التابعة للمعهد والواقعة إلى الجنوب منه قبالة مدينة الدويم فتقضي فكرة إنشائها إلى الفصل بين المدينتين حتى تصبح لبخت الرضا خصوصية في تهيئة مناخ هادئ يسهم في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية التي أنشئ من أجلها المعهد. وإذا ما أريد لهذا الصرح الشامخ أن يبقى فلتحرص جميع الإدارات المتعاقبة على المدينة بالإبقاء على هذه المزارع فاصلاً بين المدينتين تحقيقاً لهذه الأغراض وليسود هذا التوجه خطط وأفاق السلطات المختصة بالمدينة من لجان إعمار وإسكان وبلديات بغض النظر عن ضيق فرص توسع المدينة أفقياً ناحية الشمال والجنوب وليكن في التوسع الرأسي للمساكن أو التمدد غرباً وشرقاً بالضفة الأخرى للنيل الأبيض ألف مخرج. أما ما يرشح في الأفق من وقت لآخر بالنية لتوزيع الأراضي الزراعية المعنية لمساكن درجة أولى من شأنه أن يخل بهذا التوجه وليحرص المسئولين على ألا يتعد حد المدينة شمالاً شارع الإسفلت المتاخم للمزارع برغم التجاوز الذي أجتاح الملاعب القريبة من كلية الاقتصاد (الدويم شمال والنيل الأبيض المتوسطتين سابقاً).
وقفة صمت: ظل كوخ العم توم (Mr. Grifth) حتى وقت قريب منارة شامخة في بخت الرضا وأختفي هذا الصرح بوقت ليس ببعيد. الشعوب تحافظ على موروثاتها بالمحافظة عليها بالصيانة الملائمة والترميم والحماية من تأثيرات التعرية وتدخلات الطقس والمناخ، بل وبالتشريعات – إن دع الأمر – للحماية من تدخل الإنسان، فلماذا ترى غابت التشريعات؟ هل من مجيب!! وننتظر إجابة من القائمين على بخت الرضا وقتما أزيل الكوخ ولتأتي الشهادة من كل وجيع وهم كثر ويهم هنا في الأمر كثيراً الآراء الجريئة لأهلنا وذوينا في حي العاملين ببخت الرضاء والحوض ومبروكة البيضاء والخضراء ومن هنا التحية للصامدين عبر الآجال أهلنا الكسواب وآل الفكي وكل من لم يرد اسمه وله القدح المعلى في خدمة هذا الوطن الصغير الكبير بخت الرضا، اللهم أرضى عنهم وعنا أجمعين..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إهداء للأخ العزيز عادل عثمان، ودمت يا أصيل.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
العزيز الرائع ابدا وقريبي ابي عز الدين
كل العام وانت والدويم والاهل بخير
اولا يؤسفني جد ان تستغرقني تفاصيل السياسي وتعقيداته وهي تشغلني عن تتبع هذا الادب التأريخي السياحي التوثيقي بذاكرة رقمية تغوص في مسام التفاصيل لا املك الا ان اقول امامها( ما شاء الله) حقا انت مبدع حينما تنقلني بهذه الذاكرة ( الكاميرا)الي زمن جميل والي تفاصيل الدويم التي احب....وهذا انما يدل علي عشقك لمدينة النور وانت تحفظها بهذه الذاكرة الاسطورية,,فعش ابدا صديقي وعاش الوطن وعاشت الدويم.
هشام هباني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إهداء للأخ العزيز عادل عثمان، ودمت يا أصيل.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الأستاذ أبي سلام واحترام إن كنا بالأمس إحتفينا بإصدار المجموعة القصصية الأولى للرائع الأستاذ جلال داوود(أبوجهينه) وعنوانها "أماندا والأبنوس"فكم آمل أن تكون أنت الشخص الثاني الذي يقوم بإتحافنا بإصدرات توثق هذا السرد المشوق الجميل. لا تعليق لدي، فإن كان من السرد ما يسكر، فأصابني السكر حتى الثمالة. ودمت دائماً متألقا أيها الثروة المعرفية الشاملة التي لم تكتشف بعد.
| |
|
|
|
|
|
|
ود العاقب،جيدا جيت،(بعد الغياب) (Re: أبوبكر عبد القادر العاقب)
|
Quote: "أتعبت الزمل حفيت ورك متسبقة"
|
عزيزي الشاعر الأديب المُلْهَم والمترجم المُعْلَم قبل أن أعود إلى حديثك هل تذكر هذا المقال؟
Quote: ود الحليو مرةً أخرى "متفرقات"
1. نحاس العمدة. النحاس عبارة عن طبل. والطبل معروف في الثقافة الأفريقية فهو يستخدم كوسيلة اتصال وكإيقاع للرقص تعبيراً عن الفرح وعن الحزن. وما النقارة والدلوكة والشَتم إلا أنواع من الطبول اختلفت أسماؤها ربما لاختلاف أشكالها أو لاختلاف الثقافات التي نشأت فيها. وقد جاءت تسمية النحاس من كونه إناءاً ضخماً من معدن النحاس شبيه بالقِدْرمغطي من أعلى بالجلد. وقد ارتبط النحاس تاريخياً بالحرب والقتال والشجاعة والثبات أمام الأعداء وتفخر قبائل كثيرة بالنحاس الخاص بزعمائها والذي يضرب استنفاراً للرجال إلى غارة أو صد غارة أو يضرب لتبليغ خبر وفاة مثلاً. وقد كان أبلغ الذل أن تغير قبيلة على أخرى فتسلبها نحاسها. ولهذا السبب فإن هنالك الكثير من الأساطير التي تروى عن نحاس قبيلة أو أخرى مثل أن تحكي قبيلة أن زعيمها كان يسير ليلاً فقابله جنّي فقاتله وهزمه فأهداه الجنّي ذلك النحاس. وينطبق نفس القول على السيوف التي كثيراً ما نسمع في رواياتها عن سيف الصاقعة وهو سيف يقال أن حديده يهبط من السماء مع الصاعقة ويقوم الرجل الشجاع المقدام بالحفر في مكان الصاقعة ليستخرج ذلك الحديد فيصنع منه سيفاً بتاراً. وقد ورد ذلك في الغناء الشعبي حيث قال الشاعر أو الشاعرة:
سيف الصاقعة ولدي الما بدور سَنّة
نحاس العمدة على عُوَض عجيل لم يخرج عن هذا الإطار. وعندما نشأنا نحن لم تكن هنالك غارات ولا حروب ولكن النحاس كان يضرب في مناسبات الفرح والحزن فيبكي كبار السن ربما بسبب المناسبة نفسها أو ربما أنهم يتذكرون أياماً خلت كانت فيها نقرة النحاس مختلفة تماماً عن ما يعيشونه في تلك اللحظة إذ قد تذكّرهم بصولات كانت لهم في غابر الأيام. وأكثر ما أذكره عن نحاس العمدة أنه كان يضربه العم حسن عمر وهو رجل نحيف تراه يحمل في كلتا يديه عصاتين رفيعتين يضرب بهما على النحاس فيَصدُر الصوتُ عميقاً وأقوى مما تصور فلا تسمعه في أذنيك وإنما تسمعه داخل قفصك الصدري. وقد حدثني أحد أبناء قبيلة الحُمران لا أذكر من هو وكنا صِبْيَةً، أن النحاس عندما يُضرب فإنه يقول "بَدُور الدّم ، بَدُور الدّم" أي أنه ينادي الرجال لكي يحملوا سيوفهم ويريقوا دماء الأعداء.
2. حبوبة قماشة. حبوبة قماشة امرأةٌ بجاوية سوداء الإهاب ناحلة الجسم تحمل في يدها اليمنى عصا رفيعة تتوكأ عليها دون أن تهش بها على غنم إذ لم تكن لديها غنم لكن العصا هي ساقها الثالثة حيث أنها كانت متقدمة في العمر. وقد كانت ثياب حبوبة قماشة دائما داكنة مائلة إلى اللون الأخضر الزيتي. حبوبة قماشة كانت تعمل مشاطة تطلبها النساء لتمشيط شعورهن لقاء أجر غير ثابت في معظم الأحوال فيتباين حسب حالة الزبون أو أنه كما يقولون "عطِيّة مزيِّن". بالطبع لا يتم الطلب عن طريق الهاتف أو ما شابه بل كانت الرسالة تنتقل إلى حبوبة قماشة عبر النساء من مكان إلى مكان حتى تصل إليها في مسكنها في الجهة الغربية من القرية أو أن تسمع المرأة الراغبة في المشاط أن حبوبة قماشة عند فلانة فترسل أحد أطفالها لينقل تلك المعلومة إلى حبوبة قماشة. وعندما تصل حبوبة قماشة من مشوارها الطويل المرهق لامرأة في سنها وبعد أن تشرب الماء البارد من الزير تشرع صاحبة البيت الراغبة في المشاط في تجهيز أدوات الشغل وأولها عدة القهوة حيث أن حبوبة قماشة بجاوية ولا ترى خيراً في عمل لا تشم في مبتدئه رائحة القلوة (رائحة البن المقلي). وتشمل أدوات القهوة؛ الجبنة الفخارية اللامعة والوقاية التي توضع عليها وهي أشبه بالطوق وتكون مزينة في العادة بالخرز الملون، ثم خرقة مشربة بالزيت تمسح بها الجبنة لتنظيفها مما يعلق بها من الرماد، ثم قلاية البن المصنوعة من الصفيح ثم البكرج (الشرقرق) والمنقد (الكانون) والمَدَق (الهون) والليفة المستخرجة من النخل. أما أدوات المشاط فهي المخرز والكَدَابة (والمخرز قطعة سلك حادة النهاية تشبه إبرةً سميكة مغروزة في قطعة عود تمثل يداً لها ويستخدم في تقسيم الشعر إلى حزم ليتم تمشيطه - وقد كان أحد أصدقائي نحيفاً فكانوا يسمونه مخرز وقد كان يغضب إذا ما نودي بذلك الاسم فيتلفظ - أما الكدابة بفتح الكاف والدال فهي نوع معين من الصمغ يكون مبلولاً في ماء ويشبه في عصرنا الحالي مثبتات الشعر). إضافة إلى تلك الأدوات هنالك البنبر المجلد (مضفور) بالحبل أو بالقِد (الجلد) أحياناً والذي تجلس عليه حبوبة قماشة وتجلس صاحبة الشعر على الأرض أمامها على قطعة من البرش أو الخيش وقد تجلس حبوبة قماشة على عنقريب وتجلس صاحبة الشعر على البنبر وذلك نادر. وعلى ذكر حبوبة قماشة كانت هنالك امرأة بجاوية أخرى تمر على بيتنا القريب من السوق وتقف عند الباب وتنادي على من في الدار بصوت ناحل "بُرُود تديني، شباك تِمِسْكي" وقد تبدو الجملة بحاجة إلى ترجمة حاذقة لكنها بسيطة، فالمرأة عطشى ولكي تحصل على الماء البارد (بُرُود) فهي تدعو لصاحبة البيت أن يبلّغها الله المدينة المنورة فتمسك بشباك حجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
3. المدرسة. مدرسة ودالحليو الإبتدائية تقع ناحية الجنوب الغربي من بيتنا ولا تفصلنا عنها مسافة بعيدة أو في الحقيقة أن طرف ملعب الكرة التابع للمدرسة يكاد أن يلاصق طرف بيتنا. عندما دخلت المدرسة كان أول مدير هو الأستاذ سراج الدين الجزولي من بورتسودان والذي نقل في ما بعد إلى الشواك ثم استقر أخيراً في بورتسودان. وقد عملت في مطلع التسعينات في بورسودان لفترة عامين فزرته في بيته. إبنه أمين الذي كان زميلاً لنا اقتدى بأبيه فوجدته مدرساً في إحدى مدارس بورتسودان. كان الأستاذ سراج الدين رجلاً أنيقاً مهندماً تحتل مقدمة رأسه صلعة واسعة. أما جزمته السوداء ذات المقدمة الرفيعة فهي لامعةًٌ دائماً يغطي الجزء الأعلى منها البنطلون المكوي (سيف). كان ذلك العهد عهد المعونة الأمريكية التي كانت تجلب لنا لبن الجاموس (البودرة) والساردين والجبنة. وقد كان بعض الطلاب لا يأكلون الجبن وبعضهم لا يأكلون الساردين فكان الأستاذ سراج الدين يقف في منتصف الطابور وينادي "اللي ما بياكلش جبنة يجي بي هنا واللي ما بياكلش ساردين يجي بي هنا" ويشير بيده إلى جهتين مختلفتين وكنا نستغرب هذه اللغة ونحن أبناء القرى الذين كنا ندعى إلى الأكل بعبارةٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ من جنس "قوم إتسمم" عندما نكون في حالة كوننا مغضوباً علينا. من الأساتذة الذين لن أنساهم الأستاذ المربي بحق الشيخ عبد الباقي الشاورابي الذي درسنا اللغة العربية في السنة الثانية وكان يضربنا عندما نخطئ ثم يخرج ليشتري لنا الطعمية يرضينا بها فكان بذلك يضع السيف في موضع السيف والندى في موضع الندى مضفياً على علاقتنا به نوعاً من الإحساس بالأبوة وراسماً بذلك ذكراه في عقولنا وقد التقيته في القضارف حيث يسكن حي الملك أسأل الله أن يمد في عمره. وكان هنالك الأستاذ عبد القادر ود الجزار والذي سكنت جواره في بيت خالي مبارك الخضر في المرحلة الثانوية في حي الجباراب بالقضارف. وكان هنالك الأستاذ عمر الحَسِين الذي لحّن لنا نشيد "هذه الدنيا الجميلة بين قفرٍ وخميلة وسماوات ثقيلة كلها من صنع ربّي". وكان هنالك لفيف من الأساتذة ؛ أستاذ كمال بنظاراته السميكة، أستاذ حسين (جون)، الأستاذ أحمد بلال الذي أذكر أنني كتبت موضوعاً إنشائياً عن الرسول صلى الله عليه وسلم قلت فيه "أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جميلاً خَلقاً وخُلُقاً" فأُعجب أستاذ أحمد بهذه العبارة أيما إعجاب فأمر الطلاب بالتصفيق لي وأهداني علبة ألوان وكراس رسم، الأستاذ حسن السر الذي لا أنسى علقة تلقيتها منه في درس في الحساب، الأستاذ عبد الرحيم زروق والأستاذ أبو سقرة علي جبارة والأستاذ مبارك الخضروالأستاذ عمر عبد الوهاب (قرض) الذي كان مغنياً بارعاً وغيرهم من الأساتذة الذين مروا علينا وأضافوا إلينا من علمهم ومعرفتهم أجزل الله لهم العطاء. كان فرّاش المدرسة العم نوري أحمد محمد الذي يقوم بفتح الفصول والمكاتب وتنظيف مكاتب المدرسين وقد كان رجلاً هادئ الطبع محمود السيرة. كانت مدرسة ودالحليو الإبتدائية تضم عددا كبيراً من أبناء القرى المجاورة يسكنون في داخليتها فكان هنالك أبناء الهشابة الذين أذكر منهم هارون موسى وعبد الرحيم حسن أحمد والأخوين اسماعيل أحمد حامد والطاهر أحمد حامد ثم أحمد صغيرون وعبد القادر (دقاش) وكان هنالك آخرون من قرى أخرى مثل قرية عبودة والجيرة ومغاريف.
|
| |
|
|
|
|
|
|
الدويم شات والركوب عجلات، هشام هباني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
أشرت آنفاإلى أن السيد هشام بن الدكتور المرحوم أحمد هباني، هو أول من كتب عن الدويم في سودانيز أون لاين وإليكم الجزء الأول من المقال يليه الرابظ، بعد إذن أستاذنا هشام.
Quote: احــب الــــــدويم (شـــات) والركـــوب عجــــلات؟؟
الدويم التي في خاطري هي تلكم المدينةالجميلة الحسناء وانت تأتيهامشرقا من شرق ذاك النهر البحرالهاديء الجميل( بحر ابيض) وهوعند الدويم يتمدد بخيلاء البحر وهدوئه لا زمجرة النهر وتصابيه وخاصة عندما يكون (ريس بنطون) العبور هوذلك القبطان القدير عمنا الحاج عطية وهو في تصالح ابدي مع النهر البحر بخبرة السنين وحنكةالقدير وهو يقودنا الى برالدويم والنهر البحر بحضرتها يزداد ادبا وجمالا وسكينة والنور( الجربق) يداعب سقالة النزول وتطاوعه السقالة الحنينةوهي تنحني للنازلين وبأدب جم يلفح رذاذ النهر البحر حتى اولئك اللائذين في علية البنطون.. ونحن نقترب منها عروس المدائن الدويم وهي تبدو لناظرها بطلتها البهية كلما اقترب منها وهي بغرب النهر البحر عروسا بحلتها في منظر الوان فناطيزهابألوانها البمبية والزرقاء ولون قصر احمد فضيل الاخضر وهي خضرة تمتد من الشمال لتعانق خضرة اشجار (الباجور) في طرفها الجنوبي علي ذلك الشاطيء الجميل حيث يرقد ولي الله (ود العوضية) وقربه ساحة المولد الكبير ويفوح منها عطر البنات الجميلات و رائحة الشواء والبالوظة والتبش والشطة والليمون وباسطة (سالم) اليماني بائع الغريبة والسرندبل وشيء من عطر النهر البحر يحركه دعاش الليل بنكهة اسماك التامبيرة والكنكيج والكاس والشلبي والكوارة وايضا الحميلات.. فعند ساحة المولد كانت ايامنا مع العجلات وسباق العجلات ونحن نستأجرها من العجلاتي الطيب(حسن متنك) في غرب ساحة الجامع الكبير وكانت ربع الساعة في ذلك الزمن الجميل تعادل اربع ساعات من هذا الزمان العليل ونرجعها في وقتها بالتحديد والا كانت ( الشطة هي البخور).... وانت تغادر ساحة المولد حتما ستمر بسوق العيش وشمالها ورشة ( فاروق العضلاتي) الوحيد بالدويم و حي التخديرة وحلة البحر حيث العبابدة ناس كرار وناس همام ووايضا الجعافرة الوحيدون بهذا الحي ناس ناس شبيكة واخرين من الزمن الجميل ... وتواصل غربا حيث ايضا سوق البحر حيث الصاغة ناس برير والنجارين ود اب شقة وود البلك واخرين وتمر حتما بالعطار حاج خليل ود الاسد ومحجوب علي الشايقي ذلكم التاجر الجميل وحاج عطا المنان وحاج ابكر كسار الجبور.... وحتما في الطريق ستلاقي الثائر ( الهلبة غرب) ذلك المعتوه الجميل بشعره( الراستا) وهو يهتف( تب..البحر تب) وحاجة حليمة وباكمبة ومنقة...وابو رزقة وتمتد غربا لتمر بحي السباعاب من اليمين والشمال والهبانية من اليمين والشمال الشمال والجعافرة باليمين والشمال وقصر بشير الشريف العظيم شمال مسجد الدويم الكبير.... وتنفحك روائح فول عبد العال اللذيذ المظبط بجبنة مايسترو البيضاء وزيت السمسم المعصور في معاصر ناس نديم .... وغرب الجامع الكبير دكان الحاج حسن محمد علي من اثرياء الدويم وقد كان مستأجرا اياه لليهودي ( مجاهد) تاجر الاقمشة والحرير والذي طردوه بعد نكسة حزيران وحاولوا حرق دكانه بالبنزين ولكنه استجار اخيرا بالناظر ادريس هباني واعطاه حق اللجوء في زمان جميل.... جنوب بيوت الهبانية كان سوق الدويم ...بارالمحبة.. وبار الخواجة وعمنا ابكر الظريف وكان الخواجة كوستا وبقالة بركليس ودكان جبري اليماني واستديو الشواف وجيفارا والصائغ احمد والترزي خاطر ومطعم ود الضراب ومطعم حسن الزبير ودكاكين اليمانيةاولاد حاج صالح وابو خدرة ومعمل البلاط لصاحبه الاستاذالماركسي العتيق حسين عبد العزيز صاحب الشوارب والغليون والعصا والبنطال الغربي الانيق... وايضا كان تجار الاقمشة السباعي وحاج حسين وسعد الله واخرين وكان دكان اليماني القيسي... وبقرب معمل مايسترو للاجبان كانت شركة بص السلام لاحمد فضيل وكانت بصات احمد سعيد وايضا الحلاقون حيث عمنا محمد الياس وكان مجاهد الانصاري صاحب دكان العدة الكبير وكان الماظ صاحب دكان بيع العجلات واولاد شقورة لبيع الاقمشة والحرير وكان الساعاتي الشيوعي النظيف الجلال عبد الرحيم وعلي رستم وحسان الحكم وهو ايضا لتصليح الراديوهات.... وكان زنكي الخضار وكان الحاج خليفةالانصاري وكان التاج سعيد الجزار الجميل وكان الجزارون اولاد المتعافي من زمن جميل.. وكان مصنع الجنجبيرة الصغير شرق السوق وايضا مصنع الثلج الوحيد... وكان الصائغ فضل الله تبيدي وكان اهلنا الفلاتة بقرب الخور يبيعون معجون اسنان ابو صفقة وموس حلاقة ابو صقر وايضا فتايل ابو فاس الصغيرة... وكانت السينما وبجوارها الفتوات اولاد لبيب عند باب الشعب وكان ابراهيم السواري بحصانه ينظم الصفوف امام سينما عبد الحارث وكان في حجرة التشغيل عمنا ( نجارو) وكانت تذاكر الشعب بخمسة صاغ وكان اللوج بسبعة صاغ وعلى الشاشة في موسم الخريف كانت سمبرية بالالوان تعشش فوق شاشةبالالوان.... وكانت تعطر الليل روائح شواء سيد اليماني وكانت السيخة بقرش صاغ وتاكلها بصحن من الشطة والليمون..... وكان الفكهانية شمال السينما... وكانت ايضا نفيسة طربوش وود القسيس وموقف التاكسي حيث بحر حمام بحر وحسن الطويل وود الببسي وكان شمال السينما مطعم سلارا بفوله اللذيذ وحلواني برعي المنقة والجوافة باللبن والشاي باللبن بكبابي الشب...
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الدويم شات والركوب عجلات، هشام هباني (2) (Re: ابي عزالدين البشري)
|
الجزء الثاني من مقال هشام هباني
Quote: وكان حلواني العم برعي صاحب اللحية الكبيرة السوداء وبعجلته الرالي الشهيرة وعمته العزبة المشهورة ومعظم زبائنه من معلمي معهد بخت الرضا وطلاب السنتين وهم ياتون في الامسيات من بخت الرضا بكومر عمنا السائق الشهير احمدالبشير لشراء حوائجهم والاستمتاع بدخول السينما وايضاشراء الجرايد والمجلات من مكتبة عمنا غانم افندي حيث كان يعمل عمنا بخيت موزع الجرائد وايضا كان الجرسون الشهير بالمقهى العم محمد واخرون اتون ليشهدوا منافع اخرى ومحبة من بار المحبة . وشمال غرب السينما كانت صيدلية عمنا عثمان عمار من اثرياء ووجهاء الدويم ومباشرةغرب السينما كانت عيادة الوالد دكتوراحمد هباني المجاورة الحيطةبالحيطة لدار جبهة الميثاق الاسلامي حيث (كيزان )الزمن الجميل قبل اللوثة العم برعي الحلواني والاستاذالنور علي صاحب مدرسةالنور علي الاميرية بنات والطيب زين العابدين ود الزهارين قريب الطيب عبد الله رئيس نادي الهلال وهم يقطنون جوار نادي الوطن حيث كان ناديا عريقا اشهر لاعبية اولاد ابوزيد صديق ابوزيد وعلي ابو زيد والشهير جعفر نحلة ومبارك خلف الله والحارس العملاق عبد الرحمن الخضر وصلاح علي ( فندك) و مجموعة من اللاعبين من اولاد حي الزهارين (الشليقين) حافظ واخوه شاكر..... وكان المشجع الجميل التاج سعيد الجزار.... وكان شمال نادي الوطن نادي العمال الشهير وايضا كان نادي الاشبال واللاعب الاسطورة كريشنقا وابكر باتا و فتح الرحمن (اضان قريد) وشرفي ومحي الدين والحارس (بقو)... وكان مراسل الدويم محمد عبد الماجد. وكان هنالك اولاد القرعاب الفتوات وهم فرع من اهلنا الجعافرة يمثلون الصقور و الجعافرةالاخرون هم الحمائم الوديعون الجميلون اولاد حمام بحري والعمدة عمران و اولاد سايح واولاد فراج ...واولاد اب حجايب وناس افندي وعبد العال شبيكةوهم اهل رجل الاعمال ورجل البر الراحل دكتورخليل عثمان صاحب مدارس خليل للبنات بالدويم ومصنع النسيج بالخرطوم وشركة التاكسي الجوي.وكان حي الحموداب الاغنياء وكان جامع ابهل وكان نادي الصبيان والاستاذ الصارم العضلاتي حسن يوسف وسيارته البيجو القديمةوكانت الموسيقى تصدح في امسيات النادي الذي خرج الرائع ملك الاكورديون( ود دريشة) ازهري عبد القادر والرائع مهدي ادم ومصطفي الجوخ ويوسف سيد هباني وكان اسماعيل جيمس بتاع الساكسفون ود البوليس والمغنيين الشباب المبدعين بهاء الدين عبد الرحمن السيد ومهدي الصول وسمية الجوخ وكانت اماسي الدويم يعطرها محمد كوشة وتوفيق خلف الله وخاطر وكمال الرفاعي والدشين وعبد الرحمن الحلبي .....وكانت النيل الابيض الثانوية والناظر عصام حسون وكانت النيل الابيض لوسطى وكان ديم بكر وحواشات العنكوليب وكانت مدرسة الدويم الريفية الوسطى المشهورة اعظم واشهر مدارس السودان وقد خرجت رعيلا من قادة العمل الفكري والسياسي بالسودان وكان نضال الدويم الثائره ضد الدكتاتورية العسكرية الاولي قد تمثل في استشهاد الشاب الشهيد يوسف خالد شهيد الدويم في ثورةاكتوبر1964 وقبره بارز بمقابر الدويم وقد رايت الشهيد وانا صغير وهو محمول في موكب قد مر من باب بيتنا التابع للمستشفي وكان مكشوف الوجه والتراب يعفر وجهه الطاهر وقدمه مربوطة بعلم السودان القديم محمولا على عنقريب كانوا مسرعين به الى مشرحة المستشفي..ودفن بمقابر الدويم بشمال المدينة حيث منها شمالا تمتد حواشات بخت الرضا... اه اه انها بخت الرضا وهج المعارف ووجه الدويم الحضاري التليدواذكر عميدها الاستاذ مندور المهدي ونظار مدرستها الابتدائية مبارك سعيد وحسين همام وانهارها هي فصولها (سيلا والرجاف ومشكور وشات وابو عنجة والمهدي ودقنة والسوباط والزراف وعطبرة) وكان الاستاذ الشاعر عمران العاقب مديرالمكتبة الشهيرة بالمعهد وكان بدر الدين الرياضي والد البطل هاشم بدرالدين وكان السماني عبد الجليل صاحب الكبانية وعم احمد البشير سائق الكومر وهو والد زميلي خلف الله احمد البشير وكان المطعم الكبير للمدرسة حيث طبق الفول بقرش صاغ وطبق العدس بقرش صاغ وكان التبش والعجور بالشطة والليمون وكانت معارك الطلاب الجميلة في ايام الاجازة وتتم في حالات (المشي الكداري) حيث يرابط الفتوات من اولادالقرعاب في الطريق والويل لمن يقطع فريق القرعاب حافيا وحالقا اه يا اخوتي اولاد القرعاب اشتاقكم يا شرفي وعثمان حسين الزبير وفتحي حاج حسين واخرين عثمان الغالي وبدر الدين قرين ملود وعوض الله علي مبيوع فتية من الزمن الجميل...واذكر المواصلات من بخت الرضا للدويم اه اه يا البولمانات وكان سعر اجرة البولمان من بخت الرضا للدويم بقرش صاغ وكان السواقون الجميلون ( عثمان ود باصرو وكبشور والطيب علي وموسى ود الكيفي والمساعدية بكري وود القريش وعبد الرؤوف وكان سباق العودة الشهيرالى محظة الوصول بالخور غرب سينما الدويم وكنا نهتف ونحن داخل البولمانات في ذلك السباق الرهيب واخر محطة هي محطة الخور غرب السينماحيث كان ( البنشر) وحيث كان ابو اليكن وود نفاش... وكان حي غرب السينما وهو حينا حيث بجوار منزلنا اي غربنامنزل الخواجة الايطالي ماريو المغترب في الدويم عند ال هباني مثله ومثل الخواجات المغتربين مثل بركليس ويني ومايستروبتاع الجبنة وبجوارناكانت حيشان ناس قطان وناس شيخ الوسيلة السماني وعم محمد الامين وناس حاج عطية وناس حاج العاقب وال ابشر واولاده الصحابة ( الترمزي وزمخشري ومسلم وبخاري ) وحكاويهم الجميلة مع ابو رزقة وايضا حوش ناس ود بلية الرشيدبلية وحوش ناس علي الامين والد صلاح علي الامين ( فندك) وحوش ناس نورالهدي ناس( دريشة) وجبر الدار اهل ازهري عبد القادر بتاع الاكورديون (ود د ريشة) وجوارهم حوش ناس سر الختم الخليفة وناس حسن العاقب واولاد الهدندوة وناس احمد نورالدائم والدالفاتح نور الدائم وحيشان ناس علم الهدى اهل زميلي وصديقي حسام الدين ( طلس) واخرون من الزمن الجميل لم تسعفني الذاكرة لحفظ اسمائهم وكان غرب هذا الحي بيوت ناس نديم وناس ابراهيم برير وحي البوليس اولاد ابراهيم السواري واولاد الصول واولاد الزبال وكانت في العرب معاصر زيوت نديم وهنالك غربها كانت قرية روتو حيث اهلنا الفلاتة وكنا نستمتع بالذهاب الى غرب روتو الى ( جبال الشماشة) ونحن نستمتع باللعب نقلد الكاوبويات والهنود الحمر وعند المرور بسوق روتو نستمتع باكل طعمية اهلنا الفلاتة وقراصة النبق والقونقليس والتبش بالشطة والليمون ومن روتو كان لوري التراب المشهور باسم ( بطل روتو) وجنوب المدينة كان حي الاستبالية وسوق النسوان حيث دق الشمام والبطيخ وكمان العجور بالقروش ( خفاس وكمان ضوق مويتها) وهنالك المستشفى حيث الطبيب احمد هباني و عم الجوخ وبابكر عبادي وعم الفيل وفرح القرعابي والممرضة عاشة علي وعزالدين بتاع الاشعة وكان هنالك شمال المستشفي كشك الليمون بتاع محمد الدنقلاوي وحلاوة (شيكو) وكان هنالك بقرب المستشفي اولاد يبيعون الزجاج الفارغ للدواء زجاج الشيري النص بتعريفة صاغ ويا سلام كان هنالك الحلبة بتاعين القزاز راكبين الحمير واصيحوا المعاهو قزاز) وكانت قزازة البيرة ابوجمل فابريقة النيل الازرق بتعريفة وقزازة الشيري ابو مفتاح ولا ابو تراكتور بقرش صاغ وكان شمال المستشفي المجلس الريفي حيث شجرات الدوم التلاتة وكان الرفاس ( شات) مربوط جنوب المجلس علي شاطي النهر البحر....اما ليالي الدويم فهي الق وحب وصفاء وسيتحفنا بها الكثيرون ممن فطموا بالق الدويم وتفاصيلها الثرة الجميلة ونواصل |
| |
|
|
|
|
|
|
الأستاذ محمد حسن خضر من الثمرات في بوست هباني (Re: ابي عزالدين البشري)
|
من أجمل المقالات في بوست الأخ هشام هباني السابق، مشاركة رائعة للأخ الأستاذ الرائع محمد حسن خضر، أثبتها أدناه. Quote: نص للكاتب محمد حسن خضر /من فداسي (Re: هشام هباني)
في التوأمة بين الدويم وفداسي رحلة إلى الدويم على باصات جعفر الخليفة ( البوسته) ( بقلم محمد حسن خضر )
كلما تذكر الدويم غامت الدنيا في عينيه وطفق ينشج ويشدو مع ذكريات عصفت بها الأيام ، فكل يوم جاء بعدها كان اعتذاراً لها وكل ما كان قبلها فهو توطئة لها .. ما أقسى صروف الدهر وقد أُخذت البقية والسكنية . وما الذي دعا المتنبي أن يقول : ليت الحوادثَ باعتني الذي أخذت بحلم الذي أعطت وتجريبــــي فما الحداثةُ عن حلم بمانــــعة قد يوجد الحلمُ في الشباب والشِيب فالحكمة مع المشيب والتجاريب ضربة لازب ، ولا يمنع الشباب أن يكونوا ذوى حلم ، لكن في الأمر نظراً؛ كما جاء على لسان الدكتور عبد الله الطيب ). فأي حلم بعد الطوال ستورثه الأيام ؟ ولا بأس على أي حال ما دامت الدويم على وجه الخصوص موجودة على الطبيعة ولكنها في خاطره أجل وأعمق أثراً. وكان يسعد بما يصادفه من لغط السوق وأحداث موقف الباصات واللواري، وكانت مدني كثيرة الجلبة والضوضاء وتتزاحم فيها لواري وباصات الصعيد ، سنار ، مكوار ،الرصيرص والدبازين ( الدمازين ) ، بشعاراتها الدينية المحببة للنفس : ( يا بدر ود سلمان ، يا لحاق بعيد ، يا اب قُصة ، يا ود تكتوك ..) والقوم سفرٌ، وفيهم جد وشدة بأس. وبضاعتهم لا تبور وتقف خير شاهد لهم، وهم ويتقاطرون من أماكن وأصقاع بعيدة، وطرقهم وعرة المسالك وجلها غير معبد أو مهيد ، وتحمل لواريهم، الخشب ،الفحم ، القنا والحطب، العناقريب والحبال، الدخن العيوش، الدوم الدليب، والنبق، اللالوب، الدواك، جبان الطين الفخارية، وربما العماري وارد دار فور، ثم قرع ود العباس الشهير. وفي المواسم يحملون بطيخ الروسمان ذا الفرادة والسوق الربيح ولا غرو أن كانت لهم ناصية الملك في غابر السنين، فها هم اليوم يؤكدونها للحاضر بهمة وبضاعة موسومة بالنبل والفخر المكين: "....منظر فيهم وفيهم مستمع". وعلى مقربة منهم يكاد الموقف يغص بباصات ولواري المناقل وما خلت منها تمائم الحرز المعبرة : يا المكاشفي أبو عمر، يا راجل الشكينيبة ، يا لحاق بعيد، ...، ويحملون ما خفّ من منتجات زراعية وحيوانية وأعينهم مصبوبة لسوق المدينة في ابتغاء الحلية والكساء والرداء، والدواء، وشئ من فاكهة المدينة، ومنتجات الطوابين؛ من رغيف عادي أو توستي يلبسونه صفات عديدة محببة وقريبة لأنفسهم وبيئاتهم. ثم هاك لهم من السمسمية والحلوى غير يسير، أو ربطة من نعناع تبتاع من طرف السوق، ولها باعة دائبون لا يسأمون من ترويج ما عندهم بصوت صاخب وجدٍ غير محدود. والسوق آلة عظيم كأنما هي ليست من صنع البشر. ولا تكاد باصات الحصاحيصا تجد موطئاً وساحة لها رغم بهاء منظرها وحداثتها، وحسن تنظيم فريد يقوم عليه رجل ضخم عظيم الخلقة ، يمضي جل وقته على دست أو طاولة و يمده بالخدمة نفر من صغار الكمسنجية، وهو رأسهم يأمر وينهى وقد تصدر منه الكلمة النابية من غير قصد كأنها بقية من تهتك الشباب. ربما خطر للفتى أن اسمه ود الهيلة أو .. ، .....، الله أعلم . ويفيض السوق بالشحاذين والسائلين من كل لون وأكثرهم استعطافاً من ترتفع عقيرته بالمديح النبوي يصوغه بنغم باكٍ حزين:
" يا راهلين إلى منى بغيابي هيجتمو يوم الرهيل فؤادي "
هذا يغبطه بتعريفة وذاك يتابعه بالنظر وهو على عصاه يشق طريقه دون أن يصطدم ، يصدمه أو يضايقه أحد في سبيل رزقه. وتمتد إليه اليد من داخل الباص مردفة: "عليك الله يا ود الشيخ أدعِ لينا معاك" ولا ينفك صاحبنا يردد لحنه الشجي، لإزكاء المشاعر، وتهيج العواطف، قبل أن يقطع مشواره الصبية وهم يحملون الطعمية والتسالي في صواني (الطلس ) يعرضونها على عجل للركاب المسافرين عما قليل : تسالي .. تساليييييييييييييييي ، طاعمية.. طاعمية تسالي.. يا.... . وصاحب الكركدي على جانب البص الآخر يحمل جردلاً مغطى بفوطة أو شاشةٍ بيضاء من فوقها كوز (ألمون) صغير، والقوم قد حان سفرهم، يستعجلهم بالنداء : "بـرّد بـرِّد يا .. تلجو عائم وسيدو حايم ". وكان معظم المسافرين قد فرغ من تناول الفطور عند صاحبة الكسرة، وشرب الشاي المنعنع (المظبوط)، وربما مرّ عليه صاحب الكيف : جبنة.. جنبة يا فصاح به أحدهم: "تعال خت أتنين جبنة" وآخر قد عمد إلى التمباك يطقطق الحقة بخفة وبراعة وحرفة كمن يرفع ستارة مسرح . وقليل منهم قد يتجاوز إلى البرنجي أو الروصمن أو البنسون إن كان ميسور الحال. وقليل منهم يبتاع العلبة الكاملة، ومع السفر ينفرط عقد التقتير؛ فهذا يوم البهجة والحبور، وفيه تتبادل المصالح والمنافع ويُروّح فيه عن النفوسِ والمسرحُ يسع الجميع، ولا تكاد ترى أو تلحظ مبتئساً قط . والموقف على حال حركته الدائبة كمن ينتبه فجأة ليستقبل باصات الدويم ؛ كأنها ضيف ذو أرومة ومحتد ترفضُ إليه مراكب القرى والدساكر، وتسعى بين يديه جيئة وذهاباً كأنها تؤدي فروض الولاء والطاعة في حضرة مبعوث بحر أبيض المنتظر، وبالتحية والمودة يمرع وينعم صنوه المفعوعم الأزرق الصخب. ويذكر صاحبنا تماماً ( كمسنجياً) يلازم بصات الدويم بالموقف المائج الطرب ، لا شك أنه من "مايرنو" أو نواحي ( ُمكوار). وكان عالي الصوت وله قلنسوة مما يصنع الفلاتة، وغالباً ما يكون كامل الهيئة كأنه في موكب عرائسي وإذا نظرت عند قدميه رأيت طاقية( تكة) السربال بلونها الأحمر المميز . كانت به لكنة لا تفقد حسن سمته شيئاً، وكان لا يتوقف من ( عن ) ترديد : ضويم بهر .. ضوديم بهر .. ضويم .. ضويم (أي دويم بحر)، ويعينه عادم الباص مُمَوْسِقَاً النداء في تناغم تام؛ فيخف المسافرون إلى داخل البص بعد أن تجهزوا للرحلة بشيء من متاع وزينة ، ولا يسافر أحدهم إلا وهو مزدان متهيئ للسفر ما وسعه الحال ، وقد رتب نفسه للرحلة خير ترتيب، وودع أهله وحمل عصا السفر والجد والاجتهاد . ولا تكاد اليوم ترى شيئاً من ذلك أبداً ، فقد (باخت) الطباع وأسنت الرحلات وماتت في النفوس متع حقيقة،كان المسافر يشارك فيها الوجود مشاركة عذبة متفاعلاً مع حجرها ومدرها ، رحلها ورحالها، ومع َنفسِ الخلق وأنفاس الطبيعة ودقائقها . وكنت تري أكوام القصب على رؤوس البيوت في حلة عمر فتستعذب روعة المنظر ، وهو نفس المنظر الذي كنت ترى بقريتك قبل سويعات فما الذي أهاج في نفسك الصورة ؟ إنها فيوض الحياة وعطاء الوهاب إذ سرعان ما تجدد لك الصور في تكرار غير رتيب ولا ممجوج، معطرة ببركة النقاء الفطري وسحر الرحلة وكيميائيتها الداخلية. وجميع ذلك أو جله قد انعدم يومئذ من حياتنا كأنه لم يكن قبلاً . ويصاحبك في رحلتك المعلم، والطالب والتاجر والعامل والعائد إلى أهله وغيرهم، وتجدد الصورة بلون آخر في المناقل، وعند معتوق . وكان الصبي يكره رائحة الجازولين وتثير معدته ، ولا ينفك عقله الصغير منشغلاً بأحداث ومشاهدات يومه. وما إن يصل إلى "أبوحُبَيرة" وقد متع بصره ونفسه بالنيل الأبيض الواسع الممتد بجلاء وكبرياءٍ وزهو ثم ّ عظيم .. وهل كان الفتى يحس بروح تحدٍ أم محض تطلع وانفلات وشرود كمن ُبسط أمام ناظريه مرج كوني عظيم ونفسه تختزن اللهو والفرح النبيل، واستنشق ملء رئتيه عبق الرياحين وروح المغامرة من القلب الكائن الجسور الممتد بلا حدود. إنه النيل الأبيض العظيم ، عند شطه والشمس بأشعتها الغاربة، تكاد تصبغ الأفق بصفرة نحاسية تلألأ على صفحة الماء وهي تعلو وتهبط دونما اضطراب كأنها مرقد طفولي أثير. وما إن يترجل من البص إلى البنطون، وتلامس رجلاه التراب يكون قسط كبير من رهق وتعب الرحلة قد ذاب شيئاً فشيئاً مع البيئة المائية الحالمة. وكان البنطون يقطع المسافة ما بين الشاطئ الشرقي والغربي في زمن الفيضان في أقل من 30 دقيقة، على عكس أيام انحسار وظهور الجزيرة إذ تستغرق الرحلة 45 دقيقة أو ربما أكثر، وأنت لا تدري هل كان البنطون هو الآخر مفتوناً يسرح النظر هنا وهناك في تأمل كما كان يفعل صاحبنا وهو يفتش من بين شجيرات الجزيرة وتحتها عن أثر للقرنتية وأولادها؛ إذ طال ما شحذ أولاد "أم جر" من زملائه بالداخلية مخيلته بأحاديث لا تخلو من القرنتية ، وشدة خرابها للجرف والزرع كأنما يشيرون من طرف خفي على تعودهم وإيلافهم للمنظر وفي ذلك نوع من بطولة زائفة . كانت أعشاب المعونة تملأ صفحة النهر وتلتمع فيها أشعة الشمس الغاربة وسحر الدويم ينتظره ولقاء الزملاء زنتان في كفتي ميزان اللحظات جهنمية .. وعما قليل سيخرج من المشرع ورائحة الشمام والبطيخ تفوح من المراكب وسيملأ أنفه بعبقها .. والمشرع يغص بالحركة الدائبة والمدنية هادئة تستقبل زوارها الجدد. وحالما يذهب عنه رهق الرحلة الطويلة التي تقطعها باصات بكري الخليفة ( بوسته الدويم بحر ) من مدني إلى الدويم في ست ساعات بأجرة قدرها 25 قرشاً فقط، وقد آثر الفتى " البوسته" على بقية الباصات توفيراً لمبلغ ال 5 قروش التي كانت ستذهب مع أجرة الباصات الأخرى في رحلة ذات مراحل: مدني - المناقل ، المناقل – معتوق ، ثم معتوق- الدويم، ولا تخلو الرحلة على هذا النحو من مشقة، وزمن أطول حتى يصل الباص أبوحبيرة قبيل الغروب ليلحق البنطون ) . ولابد أنه بعد أن يلقي رحله سيذهب للسينما مع شلته ليكملوا ذكريات الإجازة مع صحبه. وتحية لك أخي الأستاذ علي محمد الخضر وللحديث بقية. محمد حسن خضر الرياض
و إليكم الرابط
|
احــب الــــــدويم (شـــات) والركـــوب عجــــلات؟؟ . و أواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|