|
Re: هرب الحصان ففيم اغلاق الاصطبل؟/ الاستاذ محمد المكي ابراهيم (Re: Deng)
|
أدين بالشكر الجزيل للوطني الشجاع الناظر هشام هباني للشاعر خالد احمد بابكر لاهتمامهما الصادق بكلماتي الباكية حول مستقبل السودان وقيامهما –كلا على حدة –بعرضها على قراء وكتاب المنبر العام للتفاكر والتداول والاطلاع. اشكر ايضاالاستاذ كوفيKofi على كلماته المتفهمة التي وجدت فيها كثيرا من العزاء واشكر صديقي العزيز دينق وهو اسمه القلمي pen name كما يقولون وفد اعرب عن رأي قل ان نجده بين اهل الجنوب الذين يعمدون الى السخرية والتشفي عند الحديث عن احتمالات الانقصال ولكن صديقي العزيز لم يسخر ولم يتشف واعرب عن ان الانفصال خيار اخير ومركب صعب يضطر اليه اهل الجنوب اصطرارا بعد فشل كل الخيارات الاخرى. وانا اشكر له شعوره النبيل وليس ذلك مستغربا من شخص مثله هو النتاج الطليعي للغابة والصحراء بل هو الغابة والصحراء كما كنت اسميه مداعبا. واشكر ايضا الاستاذ ياسر الشريف على منافشته المستفيضة لما ورد في كلمتي من افكار.
حين بدأت المفاوضات لسلام الجنوب كنا نعرف ان الحركة الشعبية تطالب بالديموقراطية والعلمانية والقسمة العادلة للثروة والسلطة.وكانت تلك المطالب صعبة على حكومة المتأسلمين فقد رفضوا العاصمة العلمانية والخيارات الديموقراطية وبدلا عنها قدموا فكرة تقرير المصير. كان القائد قرنق يفول ان شكل العلاقة بين الشمال والجنوب يتحدد بمقدار ما تقدم الحكومة من عروض.وكان يقول ان الوضع شبيه بالعلاقة بين دائرتين متساويتين فاذا استجاب الحكم لمطالب الجنوب ففذلك هو التطابق والوحدة بحيث تجلس كل دائرة فوق الاخرى فلا يكون هنالك زوائد او نتوء.أما اذا اعطى الحكم بعض المطالب وانكر باقيها فذلك يعني ان الدائرتين تباعدتا ولكن ظل بينهما قدر من التطابق بما يعني علاقة فدرالية او كونفدرالية .وحين يرفض الحكم كل مطالب الجنوب قذلك هو الانفصال. قلت في مقالات سابقة ان الحكم يرفض ان يدفع من حسابه ولكنه يدفع من حساب الوطن.لايريد ان يسمح بالديموقراطية وحقوق الانسان والعاصمة العلمانية لان ذلك يضره ويهدد سلطته ولكنه يسمح بتقرير المصير على حساب وحدة الوطن ليظل حاكما متسلطا على وطن مقسم ومجزوء.وذلك بالضبط ما حصل فقد اعطونا حريات شكلية سرعان ما عادوا وصادروها ودفعوا الجنوب دفعا على طريق الانفصال وكل ذلك لكيلا تكون هنالك عاصمة علمانية ولا حقوق دستورية ولا صحافة ولا احزاب ولا اي نوع من التهديد للسلطة الاسلاموية القائمة نعم يا استاذ ياسر نحن نبكي على السودان وعلى الجنوب بكل ما فيه..نبكي على ثروته البترولية وعلى مدنه وحدوده وثماثيله الخشبية وغاباته وناسه الفارعين الفنانين.وليس من سبيل لتجزئة دمعنا لتكون دمعة على البترول واخرى على اصدقائنا وزملائنا من اهل الجنوب.فالجنوب كتلة واحدة – جزء من الوطن كنا نريد ان نتنزه فيه ونتجول في ربوعه ونكتب عنه ونتفرج على حيوانه ورقصاته وابداعاته ونشارك في نهضته..كنا نريد ان نصفق للرياضيين الجنوبيين وان نرقص مع الفرق الجنوبية ونغني مع المنشدين.وبالمثل نتيح لانسان الجنوب ان يفعل كل تلك الاشياء في كردفان ودارفور والشمالية قنحن "بنو وطن واحد .. بل وابناء خال". شخصيا لا اريد من البترول ان يكون مستقبل بلادي فانه ثروة ناضبة تعمل ملايين العقول للاستغناء عنه وايجاد بديل له وسوف يتكلل مسعى تلك العقول بالنجاح. فقط نريد للثروة البترولية ان تسمح لنا ببناء الطرق والجامعات الراقية واستيراد الحواسيب لأبناء الوطن لنكون على صلة مع العالم ونطلع على منجزاته الحضارية وفي ذات يوم نقدم نحن ايضا منجزاتنا الحضارية. وبطبيعة الحال لا نريد لتلك الثروة ان تظل في ايدي المتأسلمين وانما ننقلها لملكية الشعب ونصرفها على تعليمة وصحته ورفاهيته وكل ذلك تحت ضوء الشفافية الذي لا يتوفر الا تحت ديموقراطية حقيقية. لست سعيدا بتمزيق بلادي وصعب جدا ان اكون .وانا اعلم حق العلم ان الجرة اذا انكسرت لا ينفع فيها التجبير وقد تنبأت بحروب قادمة متى انفصل الشطران وهي حروب يتضاءل امامها كل ما اقترفنا من مذابح خلال نصف فرن من القتال فهذه المرة سيكون للجنوب فواه المتقدمة وله مطالبه وثاراته نحو الشمال والشماليين تماما كما جرى بين الهند وباكستان وبين ارتريا واثيوبيا وكما يحدث دائما بين اي بلدين ينفصلان عن بعضهما البعض بعد اجيال من القتال.ويوم تغير الطائرات الجنوبية على الخرطوم او تغير الفاذفات الشمالية على جوبا فسوف ابكي طويلا كثيرا مريرا واذا لم اكن بينكم فانني سأملأ قبري بالدموع. ينبغي ان يكون بيننا رجل رشيد ينقذ السودان من هذا المآل ويحافظ على وحدة البلد بإرضاء كل الاطراق .
|
|
|
|
|
|
|
|
|