كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 نقطة من مطر تأخذني ترجعني الي عيون مدني يا وطني
|
للمطر علاقة تآمرية مع الغربة، يمسح عنها غبار التناسي ،نعم، حين المطر
يتلالاء بريق وحشتها !!
ويعيدني قسراً الي مدني يا وطني . .
يعيدني الي مدني ، رغم انه -اصلاً (المطر) - لا وطــــن له:
لا أصل له :
المطر يقلّم اظافر الانتماء أينما أرتما .
المطر يعيدني الي مدني - رغم انه في مدني لا يتصالح مع مدني - .. جداً يعكر مزاجها ، من شعرها بحي المكي الي اقدامها بحي الاندلس ويصيب ام بارونة ببكتريا التحلل .
ام بارونة اصلاً لا تطيق الماء فهي وادي العطش ..
تدفن برمالها عجرفة النيل الأزرق .
النيل الصبي ..
ام بارونة رمالها حارقة لمن لم يخبرها
لذا لا تراود الا الغرباء عن نفسها .
الغرباء والنيل ..
ما ان تندمج وسط احضانها حتى تشعل عود شهوتها الحارق وتجد من اغوتهم يجرون خلفاً خلفاً نحو الوادي . الوادي طوى احذيتهم .
مدني لا تحب المطر . لكن المطر دائماً ما يعيدني اليها ..
المطر يجبر نادي الجزيرة على ازاحة رجله اليسرى
والتخلي عن جلسته الكبريائية الأثيرة (رجل على رجل).
نادي الجزيرة دوناً عن تفاصيل المدينة يتملق المطر .
ينحني للماء حتى يتساوى معها (يتساوى معها المركب بالمركب) .. الكراسي الخلفية المحكومة مدى الحياة بالاسلاك الشائكة تمسح كتف الماء بمنتهى الرياء ..
السوق الكبير يصاب بالفتور فهو يكره الخوض فيه ..
المجانين يتجمعون على ركن مكتبة الوطنية يجرون في بؤس صمت العقلاء ..
لا أحد يطرز ضحكة - عدا منتصر ديسكو صديقي المختفي خلف السماعة في مطبعة النيل الازرق يروق له تسمية وجع المطر بـ(الطقس) - .
تلاميذ مدرسة الآميرية يشقون السوق وهو يدفعون دراجاتهم باياديهم وينفضون عنها مخلفات المطر كلما سنح الشجر ..
عبد الاي بائع الشاي يقف متكئاً بيده اليسرى بقوسية كراقصة بالية في سهو اصيل ..
(تعبان) الترزي لا يجد مبرراً ميتافيزيقياً لضرورة الآمطار في مدينة يطعنها النيل الي نصفين . ومدينة الأبيض -كما يقول - لا نيل لا ماء . ماجدوى المطر يا اله .
(لا لا) الهندي يغلق دكانه نصف اغماضة موحيا لسماسرة العملة بأنه موجود لولا العدو المطر .
مدني لحظة مطر تشبة ماكندو كما وصفها ماركيز ذات صيف .
فالمطر يتآلف مع الظلام لحتمية انقطاع التيار . .
حلق المطر يشهق الهواء ويزفر العتمة . .
يشتد عهر انثى الانوفلس ..
المطر يفضح الخمر في عقر تمرها تكشف البيوت السرية عورتها ، يصبح امر معرفتها سهلاً لمحي الدين ابوعاقلة .
رغماً عن ذلك قطرة من مطر تعيدني الي مدني ..
يا مدني ..
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نقطة من مطر تأخذني ترجعني الي عيون مدني يا وطني (Re: مصدق مصطفى حسين)
|
مدني ...
نهاراً تمتلئ حد التخمة ، الي حلقها ، بالغرباء :
تتقياءهم مساءً ، ويصفو ذهنا ..
على الاحياء تتساوى السقالة والشهادات العليا (كل الونسات تؤدي الي نكهة المدينة ) بما ان رائحة
الفول والاقاشي تستعمر كتمة ما بعد المطر ..
عثمان حسين ينطلق من شريط مهتري من سينما وطنية كفرض استماعي قبل العرض .
والاطرش قاطع التزاكر يؤدي عمله بمنتهى العسكرية والشك (رغم معرفته لمشاهدي العرض الثاني فردا فردا) ..
تتخد المدينة شكلها المسائي ، تعتدل جلسة المساحيق على وجهها . تعتدل بشكل لا يسمح للمطر بالعبث بمزاج المدينة الليلي..
اماكن الضجة بالسوق الكبير تخلد للسكون الا من صوت صواني المخابز و صراخ كشك الفوال بصوته المستف بحشرجة عدائية للزبائن .
ميدان الاتحاد يتحول مساءً وبأتقاق علني مبرم بسرية الي حمامات يتبول فيها العبور دون شبهة قطع حبل الونسة الممتد من حديقة وقيع الله الي نادي الاتحاد الحالم بتخطي الأهلي .
عدا ذلك فأن السوق الكبير مقبرة لضجة النهار الا من عساكر يتصيدون السكارى والعشاق .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نقطة من مطر تأخذني ترجعني الي عيون مدني يا وطني (Re: مصدق مصطفى حسين)
|
الاخ مصدق ..
لك الشكر يا سيدي .
هذه المدينة تصيبك بالعشق اينما وليت وجهك ..
اشم رائحتها ، لها روائح مختلفة ..
فلو عبرت السوق الكبير - مثلاً - ناحية حسن جاد الله بائع السمك فانك تشم رائحة محددة
تظل عالقة وقد تؤدي بك الي رغبة البكاء احيانا حينما تشم رائحة شارع حسن جاد الله في
نيو يورك . اقول متلاً.
ولمدني روائح مختلفة ومتعددة وبكائية ساعود اليها .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نقطة من مطر تأخذني ترجعني الي عيون مدني يا وطني (Re: mutwakil toum)
|
عزيزي العاشق متوكل..
أولا لك الود والتقدير .. وأنت تكتب عن مدني..
مدني هذه المدينة التي كانت ولا زالت وستظل بمثابة الأم التي أنجبتنا ..
نحبها في كل الأوقات .. وتحت كل الظروف نعشقها ، ونقدسها..
مدني .. مدينتنا التي أحببنا ، بالرغم من أنها لن تنجبنا من رحمها..
ولكنها أنجبتنا من قلبها ، من دمها ، من تاريخها ، من ثقافتها ، من انسانها الجميل ..
مدني .. مدينة ولا كل المدائن ..
طفت معظم مدن السودان شرقا وغربا .. شمالا وجنوبا ..
فلم أجد قلبا رائعا مثل مدني .. ولم أجد روعة مثل مدني ..
صحيح ليست هي مكان ميلادي البيولوجي ..
ولكنها مكان ميلادي الانساني .. ففي مدني تكونت وتشربت معنى الانسانية ومعنى الحب ..
في مدني وبانسان مدني أصبحت استحق أن أكون انسانا..
في مدني تعلمنا، بدءا من حنتوب الثانوية مرورا بجامعة الجزيرة ..
في مدني سكنا (المدنيين، القبة ، الأندلس ، الدباغة ، بانت ، عووضة وأركويت ، حتى دردق حيث أنت سكنت ، بل الآن أنا في دردق حي ناصر ) وقبل كل ذلك سكنت مدني في نبضي وقلبي ..
مدني الآن تغيرت بعض الشئ عزيزي ..
تغيرت مظهرا .. ولكنها لن تتغير جوهرا إلا للأفضل ..
الآن المجمع الثقافي سابقا ، وقصر الثقافة حاليا ، يمور بحركة ثقافية لا تهدأ نهار على ليل .. وحقيقة أصبح قصرا للثقافة ، فهناك المكتبة الشهيرة لو تذكرها .. ومجموعات تدرس الدراما والموسيقى .. هنالك ندوات عن أوضاع السودان عامة والجزيرة خاصة ..
نادي الخريجين .. حركته لا تهدأ كذلك ..
شارع النيل ومنتزهات ( قدر ظروفك ) المجانية .. كشك أخيرا وجد له فتوى لاعداد فوله الشهير في نهار رمضان .. سينما الوطنية يا عزيزي لا زالت تشنف الأذن بأغاني جيمي وسونيل شتي وأنيتا ...الخ
عبدالحق .. فقد سطوته في عالم التنمباك .. وتخلى عن مكانته مكرها لأولاد بوش للعماري الجيد .. وعبد الحق أصبح زبونا فقط لناس (أهل العوض) - نحن يعني - لأن عماريه يمكث يومين وما بعفن ..
الموقف القديم تغير جزيئا .. بعد دخول عربات الأمجاد لعالم المواصلات في مدني ..
جامعة الجزيرة لا زالت تناضل مع انسان مدني من أجل وطن خير ديمقراطي .. ولا زالت تعلم أبناء السودان ما معنى مدني .. وكيف نعشق مدني ..
عفوا عزيزي فتحت لنا نهرا من الحب لهذه المدينة .. وساترك باقي الحديث لاحقا..
لك حبي وحب مدني ..
وعشان خاطرك ح أشرب ليك قهوة اليوم في قهوة الصايم .. المساء طبعا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نقطة من مطر تأخذني ترجعني الي عيون مدني يا وطني (Re: mutwakil toum)
|
المطر فى مدنى لم تكتمل الرؤية
إذ يترك محمد عز الدين والذين معه مكانهم للطين ويقطعون الخور ويجلسون مع بائعات الكسرة
وفى نادى الموردة يشعل عبد الرحيم قِدرة أخرى ..
ويلبس أهالى عووضة تموت تخلى وتسير نساؤها خفايا و(النعال) فى كيس دعاية
ووو ..
متكاة الباب :
سجل البوست فى بوست الأرشفة ..
أو دعنى أفعل ..
| |
|
|
|
|
|
|
| |
حسين يوسف احمد
هشام هباني
معتصم الطاهر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست