|
عدت في كفي اشادة باخر الملوك
|
جمال جمعة **********
الإشادة بآخر الملوك
باسمِ الكلمةْ
أفتتح التمجيدَ الحقّ لآخر تتويجٍ
إذْ أعلن بدء عهود ملوكٍ شعراءٍ
وأدشّن عصر الكلمةْ .
فلتسعفني الكلماتْ
ولتلقِ بمئزرها فوقي
ولتشددْ من أزَريْ
كي أضعَ التاجَ اللائقَ
بجلال التمجيدِ :
تمجيد الكلمةْ .
مـدحُ الكلمة
I
في البدء تكون الكلمةْ
وجدتْ قبل التكوين
وقامت قبل البدءِ
وظلّت باقيةً
بعد البدءِ وبعد التكوينِ
وستبقى الكلمةْ
مادام هنالك فسحة ريحٍ
يتنفّسُ فيها الإنسانُ
ويرمي صوتَهْ .
ستظلّ الكلمةْ
حتى بعد تلاشي راقمِ هذي الكلمات الحرّى
في مدح الكلمةْ .
II
مرّت فوق الأرض سلالات لا تُحصى
واندثرت ألواحُ عهودٍ ومواثيقٍ
وشرائعَ ربّانيةْ
وشعوبٌ عبدتها
وحضارات صدئتْ
وتهرّأت الأبراج الملكيّة
وانمسحت أسوارٌ من حجرٍ صلدٍ وسدودٌ
وتبادلت الأنهارُ مواضعَها ، وتفانى النوعُ ،
وشُذّبت الأجناسُ ،
وفسّخت الشمسُ جلودَ الحيّاتِ .
زهقت آلافُ الأنجمِ ،
واحتضرت أقمارٌ ،
وتغيّرت الأرضُ
وتداولها الأحفادُ عن الأحفادِ ..
.... ومازالت ذات الكلمةْ
تغمر مختلفَ الناس برحمتها
وتدنّسُ من لا يحفظها .
ما فتئت ذات الفاروق الكامن في شفة الأنسانِ
ترفع حضرةَ آمنها
وتزلّ بكاحل من لا يحفظها ،
الكلمةْ .
III
في ذرّات الريح تهبّ الكلمةْ
في ندف الغيم تشبّ الكلمةْ
وبنار كواكبَ لا تُبصَرُ .
في طلَع الشمسِ لقاحُ الكلمةْ
وبأسماء مدائنَ لم تُقبِلْ .
ستضجّ الكلمةْ :
في ضرع الأمّ
وفي إشراق الفكرةِ ،
في رايات شعوبٍ نُشرتْ ،
في قصد النطفاتِ ،
وفي شفة العاقلِ ،
في دأب التأريخِ ،
وفي صمت الحكماءِ ،
وفي خرَس الأحجارِ ،
وفي المدّ وفي الجزرِ
وفي الحبّ وفي البغضِاءِ ،
وفي جرح الصدّيقين الشهداءِ
حيث يصير الدمّ هو الكلمةْ .
IV
من أجل الكلمةْ
تبقى الجدرانُ تكتّم أسرارَ البيتِ
وينضجُ خبزٌ في التنّور.
من أجل الكلمةْ
يكتنز البذرُ الميْتُ بقُوتِ الأحياءِ
ويدبّ النملُ ،
ويسعى الحيوانُ ، وتأتلف الأشباهُ
من أجل الكلمةْ
تنسى الأشجارُ النومَ ،
ولا تخطئ بوصلةُ الربّان .
من أجل الكلمةْ
يتحرّك بندول الكونِ ،
ويضطربُ الحكّامُ ،
ويجترّ المطرُ المتساقطُ ذلّ سقوطهْ
من أجل الكلمةْ
ستسيل سواقي دماءٍ ،
وتجفّ مآقٍ ، ويُغلّ الأبرارُ
في كنف الكلمةْ
يُمتحن الأخيارُ ، وتُفصلُ أعناق الشعراء ..
V
الوجهاءُ الورقيّونَ يودّون الكلمةْ
أن توسَمَ مثل نياشينٍ ومدائحَ في البزّاتِ
وتصنعُ أجيالاً تحترف الهيبةَ والتلويح .
الوجهء الورقيّون يخافون الكلمةْ
إذْ تُنصبُ مثل زنازينٍ ومشانقَ في الطرقاتِ ،
تعبّيء في الجيل جنونَ الرغباتِ ،
وتمسّ الواثقَ في الرعديد ..
الشعراء الأبرار يهابون الكلمةْ
إذْ توشم بالعار خطى الخطباء الزّورِ ،
وحيث يُخارُ الناسُ
وليس سوى نَعَمٍ أو لا
فتكون الفاصل والمعيارَ ،
تنوّر وجهَ الصادقِ
أو تطفيء زيتَ الكذّابِ ..
الكلمةْ .
ختمُ المديح
من أجل العالم كان الشعراءُ
ومن أجل الشعراء تقوم الكلمةْ .
ليس يفضّ بكارتَها
أو يكشف فتنتَها ...
غيرهمُ .
بالشعر سيغتسل العالمُ
وتؤدبّ كلّ غرائزهِ ،
وتُضاء الظلماتُ
وتُهتكُ أستارُ الأرزاءِ ،
ويُكتشفُ الإنسانُ .
يقوم يطهّر كوكبنا من كلّ نجاسةْ
وتُزالُ الأدرانُ .
يندثرُ الوجهاءُ ،
يندثرُ الخطباءُ ،
يندثرُ الحكـامُ ،
والأرض يرثها الشعراءُ
|
|
|
|
|
|