عدت في كفي اشادة باخر الملوك

عدت في كفي اشادة باخر الملوك


04-07-2004, 02:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1081343095&rn=0


Post: #1
Title: عدت في كفي اشادة باخر الملوك
Author: سلفر
Date: 04-07-2004, 02:04 PM


جمال جمعة
**********

الإشادة بآخر الملوك

باسمِ الكلمةْ

أفتتح التمجيدَ الحقّ لآخر تتويجٍ

إذْ أعلن بدء عهود ملوكٍ شعراءٍ

وأدشّن عصر الكلمةْ .

فلتسعفني الكلماتْ

ولتلقِ بمئزرها فوقي

ولتشددْ من أزَريْ

كي أضعَ التاجَ اللائقَ

بجلال التمجيدِ :

تمجيد الكلمةْ .



مـدحُ الكلمة



I



في البدء تكون الكلمةْ

وجدتْ قبل التكوين

وقامت قبل البدءِ

وظلّت باقيةً

بعد البدءِ وبعد التكوينِ

وستبقى الكلمةْ

مادام هنالك فسحة ريحٍ

يتنفّسُ فيها الإنسانُ

ويرمي صوتَهْ .

ستظلّ الكلمةْ

حتى بعد تلاشي راقمِ هذي الكلمات الحرّى

في مدح الكلمةْ .



II



مرّت فوق الأرض سلالات لا تُحصى

واندثرت ألواحُ عهودٍ ومواثيقٍ

وشرائعَ ربّانيةْ

وشعوبٌ عبدتها

وحضارات صدئتْ

وتهرّأت الأبراج الملكيّة

وانمسحت أسوارٌ من حجرٍ صلدٍ وسدودٌ

وتبادلت الأنهارُ مواضعَها ، وتفانى النوعُ ،

وشُذّبت الأجناسُ ،

وفسّخت الشمسُ جلودَ الحيّاتِ .

زهقت آلافُ الأنجمِ ،

واحتضرت أقمارٌ ،

وتغيّرت الأرضُ

وتداولها الأحفادُ عن الأحفادِ ..



.... ومازالت ذات الكلمةْ

تغمر مختلفَ الناس برحمتها

وتدنّسُ من لا يحفظها .

ما فتئت ذات الفاروق الكامن في شفة الأنسانِ

ترفع حضرةَ آمنها

وتزلّ بكاحل من لا يحفظها ،

الكلمةْ .



III



في ذرّات الريح تهبّ الكلمةْ

في ندف الغيم تشبّ الكلمةْ

وبنار كواكبَ لا تُبصَرُ .

في طلَع الشمسِ لقاحُ الكلمةْ

وبأسماء مدائنَ لم تُقبِلْ .



ستضجّ الكلمةْ :

في ضرع الأمّ

وفي إشراق الفكرةِ ،

في رايات شعوبٍ نُشرتْ ،

في قصد النطفاتِ ،

وفي شفة العاقلِ ،

في دأب التأريخِ ،

وفي صمت الحكماءِ ،

وفي خرَس الأحجارِ ،

وفي المدّ وفي الجزرِ

وفي الحبّ وفي البغضِاءِ ،

وفي جرح الصدّيقين الشهداءِ

حيث يصير الدمّ هو الكلمةْ .



IV



من أجل الكلمةْ

تبقى الجدرانُ تكتّم أسرارَ البيتِ

وينضجُ خبزٌ في التنّور.

من أجل الكلمةْ

يكتنز البذرُ الميْتُ بقُوتِ الأحياءِ

ويدبّ النملُ ،

ويسعى الحيوانُ ، وتأتلف الأشباهُ

من أجل الكلمةْ

تنسى الأشجارُ النومَ ،

ولا تخطئ بوصلةُ الربّان .

من أجل الكلمةْ

يتحرّك بندول الكونِ ،

ويضطربُ الحكّامُ ،

ويجترّ المطرُ المتساقطُ ذلّ سقوطهْ

من أجل الكلمةْ

ستسيل سواقي دماءٍ ،

وتجفّ مآقٍ ، ويُغلّ الأبرارُ

في كنف الكلمةْ

يُمتحن الأخيارُ ، وتُفصلُ أعناق الشعراء ..



V



الوجهاءُ الورقيّونَ يودّون الكلمةْ

أن توسَمَ مثل نياشينٍ ومدائحَ في البزّاتِ

وتصنعُ أجيالاً تحترف الهيبةَ والتلويح .

الوجهء الورقيّون يخافون الكلمةْ

إذْ تُنصبُ مثل زنازينٍ ومشانقَ في الطرقاتِ ،

تعبّيء في الجيل جنونَ الرغباتِ ،

وتمسّ الواثقَ في الرعديد ..



الشعراء الأبرار يهابون الكلمةْ

إذْ توشم بالعار خطى الخطباء الزّورِ ،

وحيث يُخارُ الناسُ

وليس سوى نَعَمٍ أو لا

فتكون الفاصل والمعيارَ ،

تنوّر وجهَ الصادقِ

أو تطفيء زيتَ الكذّابِ ..

الكلمةْ .

ختمُ المديح



من أجل العالم كان الشعراءُ

ومن أجل الشعراء تقوم الكلمةْ .

ليس يفضّ بكارتَها

أو يكشف فتنتَها ...

غيرهمُ .

بالشعر سيغتسل العالمُ

وتؤدبّ كلّ غرائزهِ ،

وتُضاء الظلماتُ

وتُهتكُ أستارُ الأرزاءِ ،

ويُكتشفُ الإنسانُ .

يقوم يطهّر كوكبنا من كلّ نجاسةْ

وتُزالُ الأدرانُ .



يندثرُ الوجهاءُ ،

يندثرُ الخطباءُ ،

يندثرُ الحكـامُ ،

والأرض يرثها الشعراءُ