كانت حميدة ترفض أن تضع على وجهها البرقع وترفض أن تلف جسدها (بالملاءة اللف)
كان يمكن أن تحتمل أي شئ في حياتها ، إلا البرقع والملاءة اللف
إنها متعلمة ، أو على الأقل تجيد القراءة والكتابه ، وقد عملت منذ طفولتها خادمة في بيوت الطبقة المتحرره كانت تعمل في بيوت كبار الموظفين ، ثم لم تعد خادمة ، إنما أصبحت مربية أطفال ، تربي أطفال الطبقة الارستقراطيه وتتقاضى مرتبا شهريا لا يقل عن ستة جنيهات ، ويرتفع أحيانا الى تسعه
لقد صنعت كل هذا بذكائها وجهادها ، وشربت من البيوت التي خدمت فيها مظاهر المدنية الحديثه ، وتربى لها ذوق نسائي رقيق أصبحت تقرأ تفاصيل آخر المودات على أجساد سيدات البيوت ، وأصبحت تفرق بين العطور ، وعرفت كيف تقص شعرها "شينيو" و "ذيل الحصان" ، وكانت دائما تبدو في ثوب أنيق ، سواء كان ثوبا صنعته لحسابها ، أم ثوبا أهدته لها سيدتها
لقد ابتعدت كثيرا عن البيئة التي نشأت فيها ، والتي تفرض على البنات البرقع والملاءة اللف
إلى أن تزوجت
تزوجت قريبا لها كافح مثل كفاحها حتى أصبح يدير مقهى صغيرا ، يزود موظفي المصلحة الحكومية المجارة ، بالقهوة والشاي وساندويتش الفول
وكان يمكن أن تكون سعيدة بزوجها ، لولا أنه أصر على أن تضع البرقع والملاءة اللف ، كلما خرجت من بيتها في طريقها الى بيت مخدومها ورفضت
ولكنه أصر إنه لا يحتمل أن يرى زوجته تسير في شوارع بولاق مكشوفة الوجه و في ثوب يكشف عن ذراعيها وصدرها
وغـطـت ذراعيها و صدرها
ولكنه لا يزال يـصـر على البرقع ، والملاءة اللف
وأصبحت صباحها صراخ ومساؤها صراخ ، وكان يضربها أحيانا ، وأحيانا تهرب منه إلى بيت أهلها وتبقى فيه الأسابيع إلى أن يتوسط البعض لتعود إليه ، وكانت دائما تشكو للأسطى إبراهيم ، سائق السيارة في بيت مخدومها
الأسطى إبراهيم ، الشاب الأسمر الطويل الأنيق ، الذي يبدو دائما أكثر أناقة من سيده ، والذي تحيطه ربة البيت برعايتها و كرمها
وواساها الأسطى إبراهيم ..
وأصبحت مواساته حنانا
وأصبح حنانه حبا
وفي أحد الأيام ، في فترة بعد الغداء ، وكل من في البيت الكبير نيام ، والجو حار ، والأنفاس ساخنه ، والأجساد ملتهبه ، أصبح الحب خطيئه!
وعادت الى بيتها في يوم خطيئتها وهي لا تدري كيف تقابل زوجها
...
ووجدت نفسها تقابله بابتسامة كبيره وتحتمل صراخه صامتة ، وتنحني تخلع حذاءه من قدميه وتعد له سجادة الصلاة بيديها وتهتم بعشائه كما لم تهتم من قبل ، وتعطه من حنانها و من دلالها ما لم تعطه أبدا
ونام الزوج سعيدا هذه الليله
وفي الصباح ، فتح عينيه ليرى زوجته أمامه وعلى وجهها برقع وحول جسدها الملاءة اللف
وفغر فاه دهشة ، ثم تمالك أعصابه وقال وبين شفتيه ابتسامة واسعه: ما كان من الأول يا حميده !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة