|
Re: كلنا نخطئ فلما لا نتسامح (Re: اساسي)
|
كل منا يواجه مواقف محرجة وصعبة يتوقف خروجه أو خروجها منها بأقل الخسائر على ردود أفعال أطراف أخرى،.. ومن هواياتي "عدم النظر" إلى اللافتات، ونشأ ذلك عن كراهيتي المطلقة للأسواق والتسوق، وعن الغضب الذي ينتابني عندما أرى لافتات كلها غلط في غلط على واجهات المحال التجارية،.. ولكن قراءة أسماء المحلات والشركات قد يكون ممتعا في بعض الأحيان، ويحضرني على الدوام ذلك المتجر الصغير في العاصمة السودانية الذي كان يحمل اسم "ثلاجة البشرية للثلج البارد"، ولم يعمر المتجر طويلا لأن الناس حسبوا أنه مشرحة لحفظ جثث "البشرية"، كما أن محلات بيع الثلج الأخرى احتجت على الاسم من منطلق أنه يوحي بأن الآخرين يبيعون الثلج الساخن، وفي العاصمة السعودية الرياض رأيت لافتة تحمل اسم "البعير لبيع الدواجن"، وتخيلت نفسي أخرج من ذلك المحل أحمل دجاجة طازجة وزنها أربعمئة كيلوجرام على شاحنة! على أن عدم التدقيق في اللافتات هو الذي جعلني أدخل دورة مياه نسائية في مستشفى بمدينة الرياض، ولولا أن الفتاة الوحيدة التي دخلت الحمام ورائي أصيبت بنوبة قلبية وعقلية لكان أبو الجعافر اليوم وعلى أحسن الفروض في العناية الفائقة بنفس المستشفى، ولا شك أن تلك الفتاة كانت نبيلة عندما لم تستنجد بجماعة الأمن في المستشفى لأنها أدركت بعقلها أن دخولي حماما نسائيا نجم عن سهو أو خَرَف مبكر! وأعكف هذه الأيام على قراءة كتابين في نفس الوقت هما "لا تحزن" لعائض القرني و"صور وخواطر" للراحل علي الطنطاوي، ومن فرط استمتاعي بالكتابين فإنني اقرأ من هذا بضع وريقات ثم أقفز إلى الثاني، ذلك أن أجمل ما في الكتابين أنك تستطيع قراءة أي منهما من أي نقطة أو صفحة تختار فتجد نفسك مجذوبا بخواطر وتداعيات فيها الكثير من العفوية المصحوبة باستقراءات واستنتاجات تجعلك تتساءل: كيف فاتت عليَّ كل هذه البدهيات؟.. وزبدة الكتابين أن أمس لا يُرَد، وغدا ليس في اليد.. سامح نفسك وسامح غيرك.. لا تحقد على أحد ولا تحسد أحدا.. بالإنجليزي: تيك إت إيزي!! لا تكن مندفعا وتجنب ردود الأفعال الحمقاء وأنت تحت تأثير الغضب! كنت في حاجة إلى الكتابين لأنني ورغم ميلي عموما إلى عدم تهويل الأمور، أو النظر إلى أشياء بنظارة سوداء ..إلا أنني سريع الانفعال إذا أحسست عن خطأ أو صواب أن شخصا ما تعدى الحدود معي.. ولكنني كثيرا ما أندم على تسرعي في الغضب من آخرين وأعاتب نفسي بعنف، ثم أدرك أن الخلاص من تأنيب الضمير يأتي بـ"الاعتذار"،.. والاعتذار قد يكون أصعب من ارتكاب الخطأ إذا كان الطرف الآخر لئيما.. ولي سوابق في دخول حمامات النساء وكانت أولاها في وي أم سي إيه في لندن وهو بيت للشباب زرت فيه زملاء إيرانيين وأثناء جلوسنا في المقصف سألتهم عن الحمامات فدلُّوني إلى موقعها بإشارات اليد ودخلت أحدها ووجدت عددا من الفتيات أمام المرايا المثبتة أمام أحواض الغسيل فصحت فيهن: قت آوت! أخرجن عليكن اللعنة! كان هذا رد فعل انفعاليا وحمقا صريحا فقد كنت أنا المخطئ لأن الحمام كان نسائيا ولكن الفتيات خرجن، وهن يرتجفن هلعا من ذلك الأسود الذي يريد الحمامات النسائية خالية، وبعد قليل دخل علي مسؤول الواي أم سي أيه وسألني عن سر اقتحامي لحمام نسائي وطردي النساء منه.. تمنيت في تلك اللحظة لو أنني صرت فوطة على أرض الحمام وأدرك الرجل منشأ الالتباس وضحك وخرجت من الحمام لأجد جميع من في الكافتيريا يضحكون علي وخرجت من هناك ولم أعد حتى الآن.
| |
|
|
|
|