[email protected] جاء في الاخبار ان المهندس ابراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية لشئون الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني ) ادلي بتصريح مفاده ان (مقترحات المؤتمر الشع بي المتعلقة بالحريات التي تم الدفع بها الي منضدة المجلس الوطني سيتم نقاشها في اعقاب عودة المجلس في ابريل القادم ). اوساط كثيرة احتفت بهذه الخطوة ، وفي مقدمة المحتفين المؤتمر الشعبي الذي اعتبر ان هذه الخطوة ، مع رمزيتها الاجرائية ، تكاد تلبي مطلوبات القرار الذي استندت عليه امانته العامة في المشاركة فضلا عن كونه يسهم في ازالة ، بعض الحرج المتمثل في مشاطرة الوطني حكم البلاد بعد مفاصلة بائنة استمرت زهاء سبعة عشر عاما وهي حقبة اتسمت بقدر غير قليل من الخيبات والتراجعات في ظل انقسام المؤتمر الوطني الموحد الي مؤتمرين وطني وشعبي، وانشطار السودان الموحد الي قطرين شمالي وجنوبي ، وتازم الحروبات ، واستشراء النزاعات المسلحة بصورة لم يسبق لها مثيل، وتدهور معاش الناس حد الجوع والمسغبة ، وتراجع الحريات وحقوق الانسان الي مستوي غير مسبوق في تاريخ البلاد . ومع جزيل تقديري للبهجة العارمة (Tremendous Joy ) التي سرت في بعض الاوساط والوسائط الاعلامية فيما يلي مشاركة الشعبي في الحكم الامر الذي يؤذن بانتهاء سنوات طوال من القطيعة والمفاصلة مع المؤتمر الوطني من جهة ، علاوة علي الاحتفاء بقرار الحكومة الامريكية القاضي برفع العقوبات حتي يتسني البت في سريانها او الغائها في يوليو القادم من جهة اخري ، فانني لا اكاد اشاطر المبتهجين بهجتهم والمحتفين حبورهم بهذه البشريات المفترضة ، ولا يجئ موقفي الحذر هذا من باب انني مجبول علي التشاؤوم ولكنني دائما ما اكون ميالا الي التزام الحذر والتريث قبل الاندفاع في الانغماس في الاحتفال بالنظر الي النذر والسحائب المتكاثفة التي تلوح غير بعيد في افق البلاد ؟! واقع الامر انني اختبرت حالات مماثلة فقد اتخذت موقفا مناهضا لنيفاشا من محبسي في مدينة المناقل وعبرت عنه صراحة لمن حولي فيما كان غالب الامة يكاد يطير من الفرح والحبور بسلام نيفاشا الذي تباري الاعلام في وصفه بالاستحالة (أن تبت يد المستحيل) ليتكشف للامة السودانية بعد سنوات قلائل حجم الكارثة التي المت بالبلاد تحت مظلة السلام المتوهم. ودعونا نترك أهل البشائر في أهازيجهم وافراحهم المتواصلة باعراس الحوار والوفاق مع الشعبي بعد طول انقطاع علاوة علي رفع العقوبات الامريكية إذ ليس في مقدورنا أن نجعلهم يستفيقوا قريباً من (نشوتهم العظمي) أو نرفدهم بمنطق يعزز بهجتهم العارمة هذه ... دعونا ننتقل من كل هذا المشهد الاحتفالي لنصوب النظر الي بعض اشد النذر خطورة التي يستلزم الموقف أن نقف متحوطين لها باقصي ما نملك من فطنة ومن ثم العمل علي اتخاذ التدابير والتحوطات الملائمة لتفاديها . ويأتي في مقدمة النذر ما شاع من تصريحات صحفية منسوبة للسيد مساعد الرئيس في هذه المرحلة من مسار الحوار الوطني يقول فيها بأن ( مقترحات المؤتمر الشعبي تم ايداعها في منضدة المجلس الوطني وسوف تخضع للنقاش عقب عودة المجلس من عطلته ابريل القادم)؟! ولعله قد فات علي الاستاذ ابراهيم محمود ان ( مقترحات الشعبي) اضحت جزءا اصيلا لا يتجزء عن (مخرجات الحوار الوطني) سيما بعد اجازتها من قبل (الجمعية العمومية للحوار الوطني ) وبهذا اضحت هذه المقترحات ارثاً قومياً لا تكاد تقل عن (الوثيقة الوطنية) ولم تعد تخص الشعبي وحده باي حال من الاحوال ؟!. ثمة اختلاف جوهري بالطبع بين ان تكون المخرجات مجرد مقترح للشعبي مما يجعلها مقترحاً خاضعا للنقاش والرفض او القبول في مسار الحوار الوجني او تؤول الي شأن قومي تم التوصل اليه في سياق الاجماع الكلي علي مخرجات الحوار الوطني مما يجعلها محل قبول من سائر القوي التي شاركت في الحوار الوطني بشقيها الحكومي والمعارض !!... اذا الامر مختلف جدا عندما يطلق السيد ابراهيم مصطلح (مقترحات المؤتمر الشعبي المتعلقة بالحريات ) عوضا عن (مخرجات الحوار الوطني الخاصة بالحريات ) مما يقتضي ضبط المصطلح في هذه المرحلة الحساسة من مسار الحوار الوطني ذلك ان مخرجات الحوار الوطني الماثلة بين ايدينا حاليا تمثل (ارادة الاجماع القومي للقوي التي ارتضت الحوار وشاركت فيه بفاعلية ) علي الاقل في (مرحلته الاولي )، ولا تعد شأنا خاصا بحزب بعينه سوي كان هذا الحزب المؤتمر الشعبي او ما سواه من الاحزاب الحاكمة او المعارضة ... تفاديا لهذا التخليط البائن وسعيا نحو ضبط المصطلح وتجنيبا للرأي العام من الوقوع في لجة عميقة من البلبلة أجد نفسي مضطرا لتقديم تفسير متواضع للفرق بين مصطلحي (مقترح ومخرج) سيما وانه شاع بكثافة استخدام مصطلح مخرج لتوصيف الناتج الذي تمخص عنه مؤتمر الحوار الوطني. يدل مصطلح مقترح ( proposal) علي حزمة الافكار الاولية التي يدفع بها احد المحاورين او اكثر في مستهل عملية الحوار ، وطالما كانت المقترحات هي حزمة من الافكار الاولية فانها تقبل النقاش والاخذ والرد لتبيان مقاصدها وتوضيح جدواها بالنظر الي طبيعة المسائل المتفاوض عليها او المختلف بشأنها ، وهي بذلك تقبل التعديل والاضافة والحذف في محاولة للتوصل للصيغة المثلي للتعبير عن الاراء والافكار محل النقاش. وما أن يتم الافضاء الي رأي نهائي بشأن (حزمة المخرجات) التي تم تقديمها ابتداءا في اعقاب بلورة الفهم واحكام الصياغة فانها تؤول في نهاية مطاف الحوار الي ما يمكن تسميته بالمخرج ( output )،إذا فان المخرج في شكله النهائي يشكل الحصيلة الختامية لحوار المتحاورين ولا يقبل من بعد اي قدر من الاضافة او الحذف او التعديل بعد ان تمت اجازته بصورته النهائية عبر (الجمعية العمومية للحوار الوطني ). اخذا في الحسبان التحليل المشار اليه بعالية فإن اي حديث عن (مقترحات للشعبي للحقوق والحريا ستخضع للنقاش في المجلس الوطني في دورته القادمة مثلما ورد علي لسان السيد ابراهيم محمود يصبح لا معني له ولا محل له من الاعراب . في حقيقة الامر أن هذا (العوار المنهجي) لم يكن قاصرا علي قضايا الحقوق والحريات لوحدها وانما يكاد يكون هو السمة الطاغية علي (مخرجات الحوار الوطني) في طابعها الاعم ، ولذا لم يكن من المستغرب ان تجئ المخرجات علي نحو فضفاض يحمل كثير من الاوجه والاحتمالات الامر الذي اغري العاملين في مطبخ (تكييف مخرجات الحوار) أن يعملوا فيها تارة أخري بمعزل عن شركاء الحوار تحت حجة (عدم قطعية مخرجات الحوار) ليخرجوا علينا في نهاية المطاف بمخرجات لا صلة لها بالمخرجات الحقيقة التي تمخض عنها الحوار في صورته النهائية، ويتجلي هذا المنهج الملتبس بوضوح علي سبيل المثال في مسألة سلطات رئيس الجمهورية ، وفي الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء ؟!. ويمكننا أن نقرر هنا بوضوح أن (اتفاقيات نيفاشا والبروتوكولات المحقة بها) رغم المعايب العديدة التي لازمتها الا انها جاءت مفصلة محكمة الصياغة بحيث انها لم تترك مجالا من بعد لاي (بعبصة محتملة) ، وهكذا تم الدفع (بموكب نيفاشا) الي المجلس الوطني ليجاز (بالمزيكة) حيث لم يكن مسموحا للبرلمان ان يضيف شولة أو يحذف نقطة ، وذلك خلافاً لما يجري العمل عليه حالياً مع (مخرجات الحوار الوطني) التي كادت أن (تخرج روحها من خلال تعديلات غير مشروعة) قبل أن تخطو حتي الي (منضدة المجلس الوطني) ؟!!. وعلي ضوء هذا المنهج الملتبس يمكننا أن نتوقع أن يؤول الجدل الدائر حول التعديلات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات الي أحد ثلاث احتمالات: أولي الاحتمالات: ان تجاز مبادرة التعديلات الدستورية التي خطها المرحوم الشيخ الترابي ودفع بها الي مؤتمر الحوار باعتبارها مقترح الشعبي في المرحلة الاولي لتجاز من قبل الجمعية العمومية في المراحل التالية مما يجعلها وثيقة او مخرج لا يقبل الجدل والخلاف. ثاني الاحتمالات :ان يجري عليها تعديل يبقي علي بعضها ويلغي البعض الاخر مما يعني نقضا جزئياً لما تم التوافق والاجماع عليه عبر مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. ثالث الاحتمالات ان يتم استبعاد مشروع (وثيقة الترابي) باكملها ويستعاض عنها بحزمة جديدة من التوصيات يدفع بها المؤتمر الوطني الي منضدة المجلس الوطني ويعمد الي اجازتها مستنصرا باغلبيته الميكانيكية فضلا عن القوي التي ثبت انها لا تتردد في (ممالأته ) في العديد من المواقف المفصلية إذ غالبا ما تنحاز تلك القوي المشايعة الي صف الوطني متبنية لرؤيته كما شهدنا في مسار الحوار الوطني في الحقبة الماضية، ولو جري الامر بغير ذلك لشهدنا اجازة مخرجات التعديلات الدستورية من الوهلة الاولي اسوة بغيرها من مشروع التعديلات والقوانين التي وجدت اسبقية قصوي في الاجازة . حال سريان المنهج المشار اليه بعاليه فان ذلك لا يمكن ان يعني الا اعادة (مشروع الحوار الوطني) بعد الفراغ منه مجددا امام (منضدة الجلس الوطني) ليعمل فيه اعضاء المجلس الذين يملك فيهم المؤتمر الوطني اغلبية مطلقة مشرطهم علي النحو الذي يريدون غير عابئين تمام بشركاء الحوار ؟!!. وما ينبغي وضعه في الحسبان هنا ان فريق (تفصيل ) التعديلات الدستورية يقف علي اهبة الاستعداد (لتكييف) المخرجات (وتفصيلها) حسب الطلب. ونعيد في هذا السياق الي الاذهان مآل مشروع التعديلات الدستورية التي تم الدفع بها من قبل لتقنين سلطات رئيس الجمهورية وصلاحياته حيث كانت التعديلات المعنية لا تتجاوز في مجملها تعديلين او ثلاث ، فاذا بها تؤول (بقدرة قادر) في نهاية المطاف الي نحو ثمانية عشر تعديلا تصب كلها في إطار تعزيز سلطات السيد رئيس الجمهورية وتمنحه اضعافاً مضاعفه من السلطات والصلاحيات الجديدة متجاهلين في ذلك الغاية الرئيسة للحوار الوطني التي كانت تستهدف امرين اساسيين اولاهما (تقليص صلاحيات الرئيس لمصلحة رئيس الوزراء ) و ثانيهما (احداث التوازن المطلوب بين السلطات الدستورية والتشريعية والتنفيذية ) في بنية السلطة الحاكمة. وهكذا فاذا (العوار الدستوري) الذي كان يرتجي الناس اصلاحه عن طريق الحوار يتسع مداه علي نحو مهول بدلا من أن يتقلص ويبقي في حدود معقولة تكفل تحقيق مقتضي (توازن السلطات في دولة المؤسسات ) ؟!!. وليس ثمة شك في ان المنطق الذي رشح مؤخرا حول ربط اجازة التعديلات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات بالتوصل الي سلام شامل مع الحركات المسلحة ينبغي الوقوف عنده طويلا باعتباره احد اخطر النذر ، ذلك ان بروز منطق كهذا ، وفي هذه اللحظات المفصلية التي يتطلع فيها الشعب السوداني لقطف ثمار الحوار وجني حصيلة الحقوق والحريات يعد (ردة كبري ) عن الاهداف والغايات الاساسية للحوار الوطني، فوق كونه يضع (ميراث الترابي وطموحات الشعبي) فضلا عما سواهم من قوي المعارضة الطامحة ايضا في قيام دولة للحقوق والحريات في مهب الريح. في واقع الامر ان ربط الحقوق والحريات بالتوصل للسلام أو ارجاء تنفيذها الي ان تضع الحرب اوزارها بين الحكومة والفصائل الحاملة لللسلاح يضعنا مجدداً امام فزورة من ياتي اولا (البيضة ام الدجاجة ) كما يعيد الي الاذهان الموقف الذي استندت اليه الانظمة المصرية المتعاقبة في حرمان شعبها من التمتع بالحريات تحت ذريعة (ألا صوت يعلو فوق صوت المعركة) لتبرز الهزيمة المجلجلة من تحت ثنايا القهر والكبت والارتكاس. ما ينبغي التأكيد عليه هنا أن فرضية (انعدام فضاء الحريات والحقوق الاساسية ) انما كان هو الدافع الاساسي (لتصعيد الاحتراب والنزاعات المسلحة بين السلطة الحاكمة ومناوئيها ) من باب الافتراض حول سلامة منطق الرهان علي حوار مع سلطة لا تحسن الاصغاء الا لمن يحمل السلاح ؟! اما من يأتي مسالما لا سلاح له سوي الحجة والمنطق والبرهان فلا محل له من الاعراب ؟! والشواهد الماثلة بايدينا كثيرة ابتداءا بابوجا مرورا بنيفاشا واديس وانتهاءا بالدوحة وهي كلها تعزز المنطق الذي يذهب اليه اصحاب الفرضية التي تنبذ السلام وتجنح للقتال لحسم القضايا المختلف عليها. السلطة الحاكمة عن طريق تمسكها (بجدلية ربط التمتع بالحقوق والحريات) تتجاهل حقيقة بدهية مفادها ان منطق سيادة السلام لا يمكنه ان يعمر ويذدهر الا في ظل الحوار ، كما ان (الحوار نفسه ) لا يمكن ان يستقيم ويثمر سلاما وتوافقا في ظل استشراء القمع و (غياب الحقوق والحريات). واستنادا علي ذلك فان السلطة الحاكمة اذا ارادت حقا تحقيق السلام الشامل المستدام في سائر انحاء السودان فعليها ان تتخلي ببساطة عن منهجها الرامي الي (ربط اشاعة الحقوق الاساسية والحريات بتحقيق السلام ) باعتبار ان هذه الفرضية غير قابلة ابدا للتحقق. ثم ان اصرار المؤتمر الوطني علي امر كهذا انما يعني ببساطة افراغ الحوار الوطني من معناه ومغزاه، كما يعني سوق الحوار والمتحاورين ومن خلفهم الامة السودانية جمعاء الي عدم التوصل الي اس تسوية سلمية مرتقبة الا تحت (اسنة الرماح). ودعونا نعرب صفحا عن هذا كله الي قول اخر منسوب للسيد ابراهيم محمود يحمل في طياته استخفافا لا يليق بورقة الترابي حول الحقوق والحريات حيث يقول ما معناه : ذلكم هو دستور نيفاشا يحوي مقررات اشمل في شان الحريات مما يمكن الاخذ به ؟ّ والسؤال الحرج الذي يطرح نفسه هنا طالما كانت وثيقة دستور نيفاشا موجودة وشاملة للحقوق والحريات، وطالما كانت كثير من المقررات التي افرزها مشروع الحوار الوطني متاحة ومضمنة في العديد من المواثيق والاتفاقيات والدستور فلم لم نأخذ بها ونعمل علي تطبيقها من قبل ، ولم انفقنا كل هذا الجهد والوقت خلال الثلاث سنوات الماضيات في تحصيل ما هو حاصل أصلا ؟!. اللهم الا اذا كان (المطل والتسويف والارجاء وشراء الوقت) هو الامر المستهدف اصلا بالحوار الوطني ؟!. ثمة امر اخر في سياق استعراض النذر لا يقل اهمية مما يحتم استصحابه والتنبه له جيدا الا وهو مغزي التصريحات المنسوبة لاخانا الاكرم الدكتور (امين حسن عمر ) ، ذلك ان امين يعتبر احد اكبر العقليات في دست السلطة الحاكمة ، سواء اتفقنا معه او اختلفنا، وبالتالي فليس من الحكمة اغفال التصريحات التي تصدر عنه او التعامل معها باعتبارها (تصريحات اعتباطية ). اهمية تصريحات امين تكمن في تأكيدها علي أن (مخرجات الحوار الوطني ليست نصوصا قطعية) الامر الذي يستشف منه ان حصيلة المخرجات يمكنها ان تخضع للنقاش في المجلس الوطني ومن ثم التعديل والاجازة حال حصول اجماع حولها ، اما اذا لم يتيسر الاجماع والتوافق المطلوب، فيمكن للمخرجات حينئذ ان (تخضع للتصويت )... ومعلوم مسبقا من يملك الاغلبية المطلقة في المجلس الوطني التي تؤمن له اجازة اي أمر من الامور المختلف عليها ؟!!. ما يدعنا للحيرة والتساؤل هنا ونحن نستعرض بعض ملامح المحاذير والنذر التي تكتنف مسيرة الحوار الوطني في مرحلته القادمة تبني العديد من قادة المؤتمر الوطني مواقف وتصريحات لا يمكن توصيفها الا (بالايغال والغلو) في الغموض والارجاء والتسويف حيال قضية التعديلات الدستورية يستوي في ذلك ابراهيم محمود وامين حسن وما سواهم من القيادات المتنفذه . وما يدعو للحيرة والشك اكثر من ذلك تجانب (المؤتمر الوطني ورهطه) عن التزام خطة نيفاشا التي قضت باجازة الاتفاقيات والبروتوكولات التي تمخضت عنها اتفاقيات نيفاشا (علي علاتها) عبر المجلس الوطني برمتها بدون أن يجرؤ ذلك المجلس ان يحذف أو يضيف مجرد شولة أو نقطة ؟! ونحن اذ نقول بذلك يحق لنا ان نتساءل مع صديقنا الدكتور امين وصحبه وفيهم من يشار اليه بانه كاتب (خطاب الوثبة الشهير) : أن لماذا تم منح نيفاشا ذلك القدر من الاحترام الذي يكاد يرقي الي درجة القداسة بحيث لا تمس نصوصها وتجاز كما هي بينما يتم النظر الي (مخرجات الحوار الوطني باعتبار انها ليست نصوص قطعية) ؟!. والي حين عودة المجلس الوطني من عطلته شهر ابريل القادم يبقي السباق علي اشده قائما بين النذر والبشائر بين وفاق مأمول يتأسس علي الشوري والكرامة والحقوق والحريات أو انهيار لا يتمناه احد في مشروع الحوار الوطني مما يعني نهاية اليمة للمشهد السياسي القائم علي السلم. والي ذلك الحين يظل مشروع التعديلات الدستورية في شقها المتعلق بالحقوق والحريات ويشمل ذلك بالطبع (اختصاصات جهاز الامن والمخابرات الوطني ومهامه وصلاحياته) رهينا بالاطوار والتعقيدات التي من المقدر ان تشهدها الساحة السياسية بمختلف مستوياتها المحلية والاقليمية والدولية ، ويمكن لنا بالطبع ان نتوقع مدي خطورة البعد الخارجي في معادلة السودان الداخلية مع تعاظم الضغوط والتأثيرات التي يشهدها السودان علي ايامنا هذه اقليميا وخليجيا واوربيا وامريكيا ودوليا. فهل تسبق النذر ليسود كتاب الشقاء والعذاب في أهل السودان ؟! أم يستمر عزم الترابي وارثه في الحوار قائماً علي نحو موصول يحمله المخلصون من ابناء الامة من بعد مماته وفي مقدمتهم صحبه بالمؤتمر الشعبي لكي يثمر سودانا ينعم فيه الناس بالعزة والديموقراطية والكرامة والحريات ؟!!... ويا له من ميراث شديد الوطئة ...فهل تأتي العزائم علي قدر أولي العزم من بني السودان ؟!!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة