حزب المؤتمر السوداني، أصبح تجربة سياسية جديدة واعدة، نتيجة للمواقف المصادمة التي ميزت مناضليه على رأسهم قائده، برغم أمواله وثرواته الكبيرة، الإ أنه ظل في صف الشعب، وكادحيه، فدفع ضريبة الموقف، وصدق الكلمة، هو وأعضاء حزبه، الذين عرفتهم المعتقلات والسجون، لكنها لم تفت في عضدهم، واجهوا التحديات والصعوبات، وعملوا بصبر ومثابرة وصمود، حتى أوصلوا حزبهم عتبة المؤتمر الخامس. وبرغم أهمية الحدث في حد ذاته، إلا أن الأهم هو نتائجه، التي جاءت برئيس جديد، وهو المهندس، عمر الدقير، الذي يعول عليه الكثير، نظراً لماضيه المشرف وسيرته الذاتية الناصعة. التي تقول: أنه الشخص المناسب، في الموقع المناسب، وفي الوقت المناسب. المرحلة بالفعل تتطلب قيادة قوية وصاحبة رؤية مغايرة للمستقبل.
إنعقاد المؤتمر الخامس لحزب المؤتمر السوداني، كان خطوة في الإتجاه الصحيح، في وقت، البلاد في حاجة ماسة لقيادة بمواصفات جديدة، قيادة تراهن على عقل ووعي الشعب، قيادة مؤمنة بالعمل السياسي النضالي الجماهيري، وحتمية الثورة، التي لا يصنعها إلا الشعب السوداني بكل قطاعاته، وليس بطريقة تجار السوق، التي تمارسها بعض اطراف المعارضة، في شكل مجموعات متفرقة، مجموعة هنا وأخرى هناك، تمارس العبث، وتلحق الضرر بالقضية والشعب، أكثر من خدمة قضية الثورة، والشعب الذي تدعي أنها ترفع السلاح بأسمه، وتقود النضال من أجله. لكن الوقائع، تقول ان عيونها مفتحة على السلطة والثروة، أكثر من قضية الشعب، لذا تراها تصدر بيانا اليوم تعلن فيه موافقتها بالقبول بالحوار، وفي اليوم الذي يليه، تكذبه ببيان آخر، مواقفها رمادية، مواقف يفكر اصحابها، كما يفكر التجار الذين يفكرون، بالأرباح والمكاسب، اكثر من المبادئي والقيم. والواقع الماثل يقول كم من الصفقات والإتفاقات الجزئية، وقعتها تلك المجموعات، أهدرت الوقت وضيعت الفرص، بل ضيعت الوطن كله..! أن مسيرة حزب المؤتمر السوداني، التي نتمنى لها النجاح، تقول لكل من تابعها: أنها مسيرة ينتظر منها الكثير، ويعززهذا الكلام والتفاؤل، نتائج مؤتمره الاخير، الذي انفض قبل فترة جيزة من الآن. إذ شكلت خطوة فريدة من نوعها في الساحة السياسية السودانية، تمثلت في مغادرة الإستاذ إبراهيم الشيخ موقع رئاسه حزبه، بكل تواضع ونكران ذات، وإحترام لارادة اعضاء حزبه، وهو في قمة شبابه وعطائه. انها لحظة تاريخية شكلت قطيعة مع الماضي والحاضر، ونموذج للمستقبل، ومثال يحتذى من قبل الشباب الذين يعتبرون نصف الحاضر وكل المستقبل. لذلك نشيد بالحدث، وبجمالية مشهده، وعظمة رسالته، في بلد، خلى من المشاهد الجميلة، والرسائل العظيمة، بلد لا يفارق رؤساء احزابه وطوائفه، مواقع القيادة والرئاسة، إلا إلى المقابر.. حتى اصبحوا في مواقعهم تلك، في عداد الموتى، هم وآحزابهم.. التي فشلت في تحمل مسؤولية الدفاع عن شمس الحرية التي غيبها الظلام، والديمقراطية التي صادرها الظلامين.. فتاهت آحزابهم، وتاهوا معها، بين الغابة والصحراء، وفقدوا البوصلة، تراهم، يوم مع المعارضة، وآخر مع النظام، بل حتى الأسرة الواحدة، تقاسمت الادوار، للحد الذي شعر معه البعض باليأس، وراحوا يطالبون بعودة الإستعمار..! وأمام حالة الفشل التي لازمت النظام، والعجز التي طبعت مسيرة المعارضة ، جاءت المبادرة من الأستاذ إبراهيم الشيخ، الذي أراد لحزب وشعبه الحياة، لذا غادر سدة رئاسة حزبه، فاسحا المجال لغيره من الرجال، فكتب لنفسه وحزبه الحياة، مما لفت إنتباهنا، وإنتباه الناس، وفتحوا نوافذ عقولهم ونفوسهم لهذا الحزب الجديد. التسليم والتسلم بين القيادتين، خطوة بعثت الأمل في النفوس، وأعطت مؤشر، ان ثمة ضوء قد إنبثق في لجة العتمة ودياجير الظلام، وأكدت، أن الإنسان قادرعلى النهوض من بين انقاض الركام والحطام، أن هو حاول النهوض، لأن النهوض قبل ان يكون تجربة ماثلة، تراها العين تجربة محققة في الواقع، ممثلة في دولة عصرية قائمة على ركائزالحرية، والقانون، وإحترام حقوق الإنسان، والعدالة، ومراكز العلم من جامعات ومعاهد وحقول ومزارع تسد البصر، ومشافي حديثة، وجسورعملاقة، ومباني شاهقة، التي تقضي على بيوت القش والجالوص. النهوض هو فكرة ورؤية وفلسفة وقيم في نفوس وعقول القيادة التي تنشد التغيير وتبشر الشعب به وتعمل بصدق من اجل بلوغه. فكرة النهوض قد إنطلقت، والإنسان في بلادي، مداركه بدأت بالتفتح على الفكرة، وضميره الإنساني، وحسه الوطني بدءا في الإستيقاظ، وعقله الخامل الذي ظل طوال الماضي، والحاضر يبحث عن حلول حاضره، في مزبال التاريخ، بدأ يصحو من غفوته، ويراح يفهم ان الإنسان بإستطاعته أن يشق طريقه، ويحدد مصيره، ويصنع مستقبله، برغم عقبات حاضره، وتحدياته. إن هو قرر أن يشق طريقاً جديداً في حياته، برفضه شروط الحياة غير الملائمة وقواعدها وتعاليمها وموروثاتها وعاداتها وتقاليدها المعيقة لتطوره والكابحة لتقدمه وتطلعه، والمهددة لحياته، والسارقة لفرصه في الحياة،. إن هو إمتلك تصوراً للتغيير وإرادة للعطاء والتضحية، وتحمل تبعات موقفه، لأن الحياة لا يصنعها إلا اصحاب المواقف،والاردات الكبيرة والطموح الذي لا يعرف المستحيل. أولى الخطوات تبدأ من الذات بتحريرها من قيود الواقع وأغلال المصالح الضيقة، للحد الذي يصبح معه الإنسان حراً في عقله وضميره ووعيه وخياراته، ليحدد وجهته، ويكون قادراً على الإختيار بين ما يريد، وبين ما هو مفروض عليه، ليقرر، ما يريد وما لا يريد، في بلد كل تجاربه السياسية قامت على الفروض، والغش والخداع، لذا إنتهت إلى الفشل والخذلان، لانها تجارب وإن تعددت وجوهها وشعاراتها، إلا أنها ظلت محكومة بنمط واحد، وسلوك واحد، هو سلوك الخديعة والكذب والنفاق، والظلم والإحتواء والتكويش وسرقة فرص الناس، ومع ذلك، قبل البعض، بهذا المصير، بل وسعوا ما وسعتهم الحيلة، للتكيف مع الواقع برغم بؤسه وتعاسته، وإندرجوا تحت ما وجدوه قائماً أمامهم، عملاً بالقول: هكذا وجدنا اباءنا، وراحوا هم يتبعون تلك الرموز، من غير تعقل وتدبر ومن دون وعي أو دراية. أنه إتباع، يعطل حركة العقل ويقف أمام سنة من سنن التاريخ، كما قال: القرآن الكريم، ف( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعلمون) البقرة. فالقرآن من خلال وقوفه بوجه الإتباع الأعمى الذليل، فأنه يؤطر لبناء رصين للعقل وتحريضه، على رفض الظلم والظالمين والفقر وحياة المهانة والتبعية، سواء بسبب الجهل، أو بحافز المصلحة. وحتى الامثال الشعبية عندنا تقول: ان العدو العاقل، خيرمن الصديق الجاهل، ومشاعر الإنسان وأحاسيسه، هي الأخرى، تحى بوجود العقل، وتموت بغيابه. وكما يقال: إن قليل الحب بالعقل، صالح، وإن كثيرالحب بالجهل فاسد. للأسف ان منطق الجهل، هو الذي تغلب، على منطق العقل، في الحياة السياسية السودانية خلال سنوات الستين عاما الماضية، وطبع سلوك الكثير من السياسيين السوادنيين، لذلك عملوا بمنطق المثل الذي يقول: " دار ابوك إن خربت شيل ليك، منها شيلة" لذلك، لذلك شالوا، شيلتهم بلا رحمة ولا ضمير، ويا ليتهم شالوا ما يكيفهم ويسد حاجة يومهم، بل سرقوا كل خيرات البلاد، ووظفوها لأنفسهم وأسرهم وآقاربهم على حساب الأغلبية. الاغلبية التي أعطتها نتائج مؤتمر حزب المؤتمر السوداني الأمل، لانها قالت، لها ان حقوقك ستعود، وإن الإنسان قادر على أن يكون صانعاً حقيقياً لوجوده وأختياره ومحدداً لمصيره. تجربة حزب المؤتمرعبرت عن وعي هذا الحزب وقيادته وقواعده، باللحظة وإدراكها وصناعتها، وإستنطاقها، وبلورتها لتكون أساساً لوعي سياسي يتأسس، وتأسيساً لوعي ديمقراطي جديد، أرادوا له ان يتجذر من خلال التجربة والممارسة العملية، التي أكدت أن الإنسان، أينما وجد في القرية او المدينة، فهو قادر على الخروج من كهوف الماضي وتكسير هياكل الحاضر البالية، والذهاب بعيداً في إتجاه المستقبل، باستثارة ما لديه من اشواق وتطلعات للحرية والعدالة، وأفكار حية ، وتأملات مستقبلية جادة، ورصيد نضالي صادق، وتراكمات معرفية واعدة، يستطيع من خلالها، أن يختبر مستوى علاقته بواقعه ومجتمعه ليعرف بها مدى إنساجمه وتفاعله وإحساسه به، ويقيس من خلال التجربة والمعايشة اليومية والمقارعة العنيدة للشمولية وخدمها وعملائها، ولكل القيود والأغلال التي تقيد حركته وتشل تقدمه. وهنا أستطيع ان أقول: ان التجارب الإنسانية الناجحة في العالم عموماً، والمتقدم منه الذي نعيش فيه، تدعم تجربة حزب المؤتمر السوداني، وتقول: أن الركيزة الأساسية للنجاح، سواء للافراد او الشعوب، هي وضع خطة للحياة، مصارحة الذات والصدق معها، والتعويل عليها، لتشكيل وعيها الذي يمكنها من التكيف مع مراحل الحياة وتحدياتها، لضمان نجاح الخطة، للخروج من المناخات المسمومة، الملوثة بالسرقات والإنتهاكات والجرائم ودماء الأبرياء، وتفادي الوقوع في تجارب الماضي الفالشلة، وتجاوز للأدلجات القامعة، المفككة لاواصر الاخوة الوطنية، والمصير المشترك، والتطلعات المستقبلية المشروعة، لخلق واقع أجمل وحياة أفضل وأرقى، من خلال رؤية وفلسفة جديدة، تحترم الإنسان، وتنتصر لحقوقه الاساسية، من خلال بناء دولة وطنية عصرية حديثة، تتجاوز القبائل والطوائف والاحزاب القديمة، دولة ترسخ مفهوم وثقافة مجتمع الدولة. فهئيناً للوطن بطليعته الجديدة، ممثلة في حزب المؤتمر السوداني، وقيادته،التي يعول عليها الكثير وهي تشق طريقها في وسط حقول الألغام. الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة